أئمة الزيديَّة كمُجددين للدين الإحياء والتجديد في التراث الزيديّ
فئة : ترجمات
أئمة الزيديَّة كمُجددين للدين
الإحياء والتجديد في التراث الزيديّ
تأليف: د. إيلا لنداو تاسيرون
ترجمة: د. عبد الكريم مُحَمَّد عبد الله الوظّاف
مقدمة المترجم
صدرت هذه المقالة عن مجلة دراسات الشرق الأدنى Journal of Near Eastern Studies، المجلد 49، العدد الثالث، من الصفحة 247-263، والصادرة عام 1990م.
والدكتورة إيلا لنداو تاسيرون هي مؤرخة للإسلام في العصور الوسطى، وهي تابعةٌ لقسم الدراسات الإسلاميَّة والشرق أوسطيَّة في الجامعة العبريَّة في القُدْس، وهي حاصلة على درجة الدكتوراه، ولها بحوث ومؤلفات عدة.
تتناول هذه المقالة مسألة التجديد والإحياء في التراث الزيديّ مِن خِلال الانطلاق من الحديث النبويّ المتعلق بمُجدد الدين الذي يأتي على رأس كل مائة عام (قرن)، فيُعيد إحياء السُّنن المنسيَّة. تدرس الباحثة حديث المُجدد في التراث الزيديّ، وتخرج بنتيجة مُثيرة للدهشة، كما أنها تدرس عقيدة الفترة أو ما يُسمى بالتدهور والانحطاط في الأمة أو المجتمع الإسلاميّ، وما يُقابلها من عقيدة التجديد أو الإحياء؛ فالتدهور أو الفترة تحتاج إلى مُجدد، وهكذا تمضي سُّنة دوريَّة منذ عهد التابعين ومن بعدهم، ومنهم من يحسبها منذ عهد الصحابة حتى الآن.
جديرٌ بالذكر أن لكل مذهب أو فئة قائمتها الخاصة بالمُجددين، وقد حاول ابن الأثير صناعة قائمة بمجددي الأمة، والتي اشتملت على علماء ما يُسمى بأهل السُّنَّة، بالإضافة إلى علماء الشِّيعة الإماميَّة، وتناسى أو لم يأت على ذكر مُجددي الزيديَّة، وهذا هو هدف هذا العمل الذي بين يديّ القارئ.
حاول ابن المؤيد الزيديّ أن يصنع قائمة بمُجدد الزيديَّة حتى عصره، وجاء بعده مُحَمَّد بن مُحَمَّد زبارة، مفتي الديار اليمنيَّة والمؤرخ البارز، في تأريخنا المعاصر بعمل قائمة شملت 23 مُجددًا، ولكنه اختلف عند الإمام الهادي إلى الحق يَحيى بن الحُسين؛ إذ لم يضمه ضمن هذه القائمة.
البحث قيّم، وهو دراسة فريدة في دراسة الحديث النبويّ والتأريخ الإسلاميّ، والتراث الزيديّ.
عملي في هذه الترجمة:
- قمتُ بصناعة كشاف المصادر والمراجع وجعلته على قائمتين: الأولى بالمصادر والمراجع التي باللغة العربيَّة، والأخرى بقائمة بالمراجع التي باللغة الأجنبيَّة، مع ما يستلزم ذلك من إعادة ترتيب المصادر والمراجع حسب الترتيب الألفبائيّ.
- حاولت قدر الإمكان نقل النصوص المقتبسة من الكتب الأصليَّة ما استطعت.
- ما يُوضّع بين معقوفتين [ ] في المتن أو الهامش، فهو من إضافة المؤلفة، وما كان من إضافة أو تعليق مني؛ فقد وضعته بين حاصرتين { }؛ تمييزًا لإضافات أو تعليقاتي. وما كان من تعقيبٍ مني أو توضيح، فقد وضعته في هامش.
مقدمة
كتب المؤرخ اليمنيّ المعاصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَحيى زبارة (المُتوفى1380هـ/1960م) تأريخًا قصيرًا لأئمة الزيديَّة، بدءًا بزيدٍ بن عَلِيّ وانتهاءً بمعاصره المتوكل على الله الذي تولى الإمامة سنة 1322هـ/1904م، ويتكون الكتاب من قصيدةٍ (أرجوزة) وشرحٍ لها، وعنوانه: إتحاف المهتدين بذكر الأئمة المجددين ومن قام باليمن الميمون من قُرناء الكتاب المبين وأبناء سيد الأنبياء والمرسلين [صنعاء، 1343هـ]. ومصطلح "المُجددون" الذي يظهر في العنوان يُذكرنا بالحديث النبويّ "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنةٍ من يُجدد لها أمر دينها". لقد تناولتُ هذا الحديث باستفاضةٍ في مقالةٍ مُنفصلةٍ، ولكن تم تلخيص النقاط الرئيسة أدناه لغرض هذه المقالة([1]).
إن أول ظهورٍ لحديث المُجدد هذا كان في القرن الثالث الهجريّ في سُّنَن أبي داود، وقد اقتبسه العديد من مؤلفي العصور الوسطى مِن خِلال أبي داود، وألحقوا به على الدوام قوائم بالأشخاص الذين يُطلَق عليهم بالمُجددين. ومهما كان المعنى الأصليّ؛ فإنه في مرحلةٍ ما تم تفسير التجديد على أنه إحياءٌ للسُّنَّة. وهذا بدوره قد يعني إحياء ممارساتِ وأفكار النَّبِيّ المنسيَّة الماضيَّة أو الدفاع عن العقيدة التقليديَّة ضد البدع غير المرغوب فيها. بيد أنه وبشكلٍ عامٍ لم يكن مفهوم الإحياء أو التجديد هو ما أثار اهتمام كُتَّاب العصور الوسطى، حيث أنهم لم يولوا اهتمامهم بابتكار آليَّةٍ من شأنها أن تجعل الإحياء مُمكنًا، كما أنهم لم يضعوا معايير لتحديد المُجددين وتسميتهم، باستثناء الشروط العامة التي تنص على ضرورة أن يكونوا علماء كبار و/أو أبطال السُّنَّة ضد البدع. وكان مؤلفو العصور الوسطى مهتمين بهويَّة أولئك الذين تم تصنيفهم كمُجددين؛ مما أدى في كثيرٍ من الأحيان إلى تعزيز هيبة العالِم (أو العلماء) الذي يُفضلونه. وعادةً ما يلتزمون بالمعيار الذي يُقدمه الحديث النبويّ نفسه، أي الحد الزمنيّ. ومِن ثَم، فإن المُجددين هم، كقاعدةٍ عامةٍ، علماء العلوم الدينيَّة الذين ماتوا بعد وقتٍ قصيرٍ من مطلع قرنٍ مُعيَّن. في الغالب ما يتم ذكر العديد من مُجددي كل قرنٍ، وهو ما قد يكون نتيجةً لتنسيق وتوحيد القوائم السابقة المُختلفة. ويتبين من فحص القوائم؛ أنه بدءًا من الشافعيّ (المُتوفى204هـ/819م) وحتى القرن السادس الهجريّ، كان المُجددون السُّنَّة فقهاءً ولاهوتيين سعوا جاهدين إلى جعل الحديث النبويّ مُهيمنًا على الحُكم الشخصي (الرأي)، ودافعوا عن التقليديَّة حتى وهي في طور التبلور ضد الجماعات التي اعتبروها غير تقليديَّةً. وبعبارةٍ أخرى، كان المُجددون السُّنَّة في القرن الثالث إلى القرن السادس الهجريين من العلماء الذين شاركوا في الجدل ضد المسلمين من غير أهل السُّنَّة. كل هؤلاء المُجددين كانوا ينشطون في مراكز العلِم الشرقيَّة في العراق وإيران. وفي الفترة ما بين القرنين السابع والعاشر الهجريين نجد عددًا من المُجددين في القاهرة. وعلى نقيض أسلافهم الشرقيين؛ لم يشتهر هؤلاء المُجددون بنشاطهم الجدليّ بشكلٍ خاص؛ بل حصلوا على لقبهم بسبب علمهم الرائع ونشاطهم العلميّ.
إن معظم المُجددين المذكورين في القوائم المعياريَّة هم من الشافعيَّة، وكذلك رواة الحديث المُجددين المذكورين أعلاه. بيد أن هناك أدلةً تُشير إلى أن استخدام لقب "المُجدد" لم يقتصر على المذهب الشافعيّ. إذ يذكر ابن الأثير وابن كثير أن كل مذهبٍ أطلق اللقب على شيوخه. إلا أن القائمة التي جمعها ابن الأثير ليست مجرد مجموعةٍ من أسماء هؤلاء الشيوخ؛ لأنها مُنظمةٌ للغاية، بل يبدو أن ابن الأثير نفسه، وهو يعمل ضد تعصب أي مذهبٍ أو طائفةٍ مُعيَّنةٍ، جمع قائمةً شاملةً تضم علماء من كثير من المذاهب والأمكنة والعلوم الدينيَّة، فضلًا عن الخلفاء وحتى الشيعة الإماميَّة([2]).
إن قائمة ابن الأثير شاملةً، لكنها لا تشتمل على أئمة الزيديَّة؛ ومع ذلك، وكما ذكرنا أعلاه، فإن المؤرخ اليمني زبارة يُطبق لقب "المُجدد" بشكلٍ منهجيٍّ على الأئمة الزيديَّة. وهذا العمل الذي بين يدي القارئ هو نتيجةُ محاولةٍ لدراسة استخدام هذا اللقب وأهميته في التراث الزيديّ مقارنةً بنظيره السُّنِّيّ. قد يُقدم مثل هذا التحقيق وجهة نظرٍ جديدةٍ فيما يتعلق بطبيعة الزعامة الزيديَّة، بالإضافة إلى نظرةٍ ثاقبةٍ حول استخدام الزيديَّة لحديث المُجدد السُّنِّيّ.
وتجدر الإشارة، بادي ذي بدءٍ، إلى أن زبارة يُفرد ثلاثةً وعشرين إمامًا من أصل مائةٍ وعشرين إمامًا، والذين يذكرهم بوصفهم مُجددين. وقد تم توزيعهم بالتساوي تقريبًا على مدى ثلاثة عشر قرنًا من التأريخ الإسلاميّ، وبالتالي، يُشكلون قائمةً كاملةً من المُجددين الزيديَّة المُستقلين عن المُجددين السُّنَّة. وكما سنرى أدناه، فهذه ليست القائمة الزيديَّة الوحيدة. ومن الملاحظ أن زبارة نفسه غير متسقٍ في حالةٍ واحدةٍ على الأقل، وهي حالة الهادي إلى الحق (المُتوفى290هـ/903م)، الذي يصفه أحيانًا بالمُجدد، ولكنه لم يدرجه في قائمته([3]). إن تطبيق زبارة لهذا اللقب يستدعي عدة تعليقات، وهي مُدرجةٌ أدناه تحت عناوين أربعة. وتُشير هذه التعليقات إلى الاختلافات بين المُجددين الزيديَّة والسُّنَّة.
مفهوم المائة عام
وفقًا لحديث المُجدد، فعلى المُجددين كل مائة عامٍ وعند مطلع كل قرنٍ أن يُعيدوا تجديد ما ورثوه. وبناءً على ذلك، تم النص أن على المُجددين السُّنَّة أن يموتوا بعد وقتٍ قصيرٍ من مطلع القرن، ونادرًا ما تم انتهاك هذه القاعدة. وفي المقابل، يتجاهل زبارة هذه القاعدة. ففي مقدمة كتابه الإتحاف. يقوم باقتباس حديث المُجدد حرفيًا ويُضيف إليه تعليقًا من أسلافه ما يُؤكد ويشرح مفهوم المائة عام؛ كما أنه يُعيِّن مُجدديه حسب قرونهم الخاصة. بيد أن القائمة الطويلة، التي يتطرق إليها بعد ذلك مباشرةً، تشمل العديد من الأئمة الذين لا تتزامن تواريخ وفاتهم مع مطلع القرن. ولو أنه أخذ في الاعتبار تواريخ الأحداث الكبرى في حياتهم، بدلًا من وفاتهم؛ لكان من المتوقع أن يجد المرء تفسيرًا، كما فعل أهل السُّنَّة عندما أطلقوا على الأشعريّ لقب "المُجدد" وما تُوفي إلا عام 323هـ/934م (متأخرًا جدًا بالنسبة لـ "دورة" القرن")([4]). ومع ذلك، هناك أئمةٌ لا ينطبق عليهم شرط المائة عام بأيّ حالٍ من الأحوال. وقد يُشير هذا إلى أن الطريقة الزيديَّة في تسمية المُجددين كانت أقل ميكانيكيَّةً من الطريقة السُّنِّيَّة؛ لأنهم تجاهلوا قاعدة المائة عام التي هي في نهاية المطاف لا مبرر لها: فالأشخاص المؤهلون لحمل لقب "المُجدد" قد ينشطون، أو يموتون، في أيّ وقتٍ خلال القرن.
الجانب الملكيّ للقب
إن المُجددين السُّنَّة هم في الغالب علماء (يُفترض أنهم الأفضل في عصرهم) مع الاستثناءات الآتية: 1) عُمر بن عبد العزيز، بيد أن وضعه كخليفةٍ لم يُكسبه هذا اللقب، بل ما أكسبه هو أنشطته (المزعومة؟) في مجال الحديث النبويّ([5]). 2) المُجدد الخامس في القوائم السُّنِّيَّة المعياريَّة هو الغزّاليّ، ولكن في القائمة التي سجلها ابن عساكر (عن مفتٍ دمشقيٍّ) تم استبدال الخليفة المُسترشد بالله بدلًا عن الغزّاليّ. ويُثير ابن عساكر نفسه اعتراضاتٍ على هذا الاستبدال باعتبار أن الغزّاليّ أحق بهذا اللقب؛ لأنه كان عالمًا دينيًا بارزًا([6]). 3) في قائمة المُجددين الشاملة التي جمعها ابن الأثير، تم تضمين خليفةً في كل قرنٍ، إلى جانب الفقهاء وقُراء القرآن والمُحدثين وغيرهم.
وخلافًا للقائمة السُّنِّيَّة، فإن قائمة زبارة للمُجددين الزيديَّة تتألف بشكلٍ رئيسٍ من الزعماء السياسيين الذين تم إعلانهم رؤساء المجتمع، أي الأئمة. وهذا لا يعني أنهم لم يكونوا علماء أيضًا، بل على النقيض من ذلك، فقد كان من المُفترض أن يكونوا خيرة العلماء، حيث إن زعيم المجتمع الزيديّ هو دائمًا إمامٌ من بيت النَّبِيّ، وعلى هذا النحو، ينبغي أن يُشكل أعلى سُلطةٍ دينيَّةٍ ومصدرًا للمعرفة (معدن العِلم). إنه يقف على قمة التسلسل الهرميّ للتميّز ويحظى بإعجابٍ كبيرٍ وبأعلى درجات التقدير. ولذلك، لا يبدو من المعقول أن يُطلَق لقب "مُجدد الدين" على أيّ شخصٍ غير الإمام. ومن ناحيةٍ أخرى، عند تطبيقه على الأئمة الزيديَّة؛ فإن لقب "المُجدد" يجب أن يُشير إلى أكثر من مجرد الاعتراف بالتميّز العلميّ؛ وهذا في الواقع، كما آمل، سيتم عرضه أدناه. ومن الواضح كذلك لماذا يُمكن أن تختلف قائمة المُجددين السُّنَّة، حيث ضُمنت الخلفاء إلى جانب العلماء، في حين أن القائمة الزيديَّة لا تفعل ذلك. وفي الإسلام السُّنِّيّ، يشترك الخلفاء مع العلماء في مهمة الدفاع عن العقيدة الصحيحة. وقياسًا على ذلك، يمكنهم أيضًا أن يتقاسموا مع العلماء مهمة تجديد الإيمان وإحيائه. وفي الواقع، يسعى الخلفاء والعلماء لتحقيق الغاية ذاتها مِن خِلال وسائل مُختلفةٍ - الخلفاء يستخدمون القوة (فرض الشريعة والجهاد) والعلماء ينشرون المعرفة. أما بالنسبة للزيديَّة، فإن حامل هذه المسؤوليات هو الإمام، الذي يستخدم كلا الطريقتين باعتباره تجسيدًا للسُلطة والعِلم على حدٍ سواء؛ ومِن ثَم، فلا مكان للمُجددين إلى جانب الإمام. وهكذا، فإن الاستخدام الزيديّ للقب "المُجدد" ينطوي على جانبٍ ملكيٍّ يكاد يكون مفقودًا تمامًا في مفهوم التجديد عند أهل السُّنَّة.
أنواع المُجددين
يُميِّز زبارة بين ثلاثة أنواعٍ من المُجددين: 1) المُجدد بسيفه، وهم الأئمة الذين يُعيدون الدين بشن الحرب على من يشوهونه؛ و2) المُجدد بعِلمه، وهم الأئمة الذين يُؤدون المهمة نفسها بنشر العِلم؛ و3) المُجدد بسيفه وعِلمه، وهم الأئمة الذين يستخدمون الطريقتين. وأغلب المُجددين ينتمون إلى النوع الثالث، وهم قادةُ جهادٍ ومؤلفون للكتب الدينيَّة، كما ينبغي أن يكونوا وفقًا لمفهوم الإمام الزيديّ الموصوف أعلاه. فالجهاد ضد من يُعارض حُكمه الشرعيّ واجبٌ عليه، والعِلم هو حقٌ ملازمٌ لمنصبه ووسيلةٌ لإضفاء الشرعيَّة على حقه في مطالبته بهذا المنصب([7]). ولكن، كان هناك أئمةٌ لم يستوفوا كل الشروط؛ ومع ذلك تم الاعتراف بهم كأئمة شرعيين. وبالتالي، كان الإخفاق السياسيّ للقاسم بن إبراهيم (المُتوفى246هـ/860م) لم يمنعه من أن يُعترف به كأحد أكثر الأئمة أهميَّةً بسبب دوره المحوريّ في تنظيم اللاهوت الزيديّ. لقد تعلّم الزيديَّة تقديم التنازلات للواقع، فأولًا وقبل كل شيء، على سبيل المثال، مِن خِلال تجاهل النجاح والإخفاق. فشرعيَّة الأئمة لا تعتمد على انتصاراتهم الفعليَّة، بل على محاولاتهم تحقيقها. وثانيًا، كما أشار رودلف ستروثمان R. Strothmann، لجأ الزيديَّة إلى التمييز بين نوعين من الأئمة، وكلاهما يتمتع بالشرعيَّة، أئمة الحرب وأئمة العِلم([8]). ومن الواضح أن هذا قد تم على وجه التحديد؛ لأن العديد من الأئمة لم يرقوا إلى مستوى المثاليَّة بكلٍ من السيف والقَلم. وقد سجل زبارة هذا التمييز بين أنواع الأئمة وطبقهُ على مُجدديّ الدين. وطبعًا لا يُوجد مِثل هذا التمييز بالنسبة إلى المُجددين السُّنَّة، ولا توجد محاولةٌ أخرى لتقسيمهم إلى أنواعٍ.
ويبذل زبارة جهدًا لتوزيع المُجددين الثلاثة والعشرين بالتساوي من حيث الجغرافيَّة والتصنيف. وفي معظم الحالات، يذكر مجددي الدين في الحقبة نفسها في دولتي زيديَّة اليمن وزيدية بحر قزوين، وعند تسمية "المُجدد بالسيف"، فإنه يُلحقه بنظيره "المُجدد بالعِلم". وأحد الأمثلة على المُجدد بالسيف هو مُحَمَّد بن إبراهيم، الذي قاد ثورةً شيعيَّةً في الكُوفَة عام 199هـ/815م. وكان نظيره ("المُجدد بالعِلم") هو أخوه القاسم بن إبراهيم، المذكور أعلاه، الذي كان في الواقع أول من نظم علمي اللاهوت والفقه الزيديّ([9]). وتتجلى أهميَّة القاسم في تطبيق قول النَّبِيّ عليه: "لو كان بعدي نَّبِيّ؛ لكان هو" (وقد ينطبق هذا الحديث على شخصياتٍ عظيمةٍ أمثال عُمر بن الخطَّاب، وابن حَنبل، والغزّاليّ)([10]). ومن بين المُجددين بسيفه المنصور بالله عَلِيّ بن صلاح الدين (المُتوفى840هـ/1436م)، ونظيره هو أحمَد بن يَحيى بن المُرتضى (والمُتوفى أيضًا عام 840هـ/1436م). وكان هذا الأخير كاتبًا غزير الإنتاج ذا أهميَّةٍ قصوى، حيث كتب أعمالًا أساسيَّةً في مجالي اللاهوت والفقه([11]). فالأول، المنصور بالله، كان مُنخرطًا بشكلٍ مُستمرٍ في الحرب، وبالتالي، يتوافق مع مفهوم الجهاد. وحقيقة أن أعداءه كانوا في الغالب من الزيديَّة أنفسهم الذين ذنبهم الوحيد هو أنهم لم يعترفوا بُحكمه لا يجعل حروب المنصور أقل قداسةً بالنسبة له. بيد أنه وضعه وابن المرتضى كمُجدديْن مُكمليْن يبدو مبتذلًا إلى حدٍ ما؛ لأنه من المفترض أن يُقاتل المُجدد أعداء الدين، وقد تقاتل الإمامان الاثنان على السُلطة والحُكم. وفي سنة 794هـ/1392م، أسر المُجدد بسيفه المنصورُ بالله المُجدد بعِلمه أحمَد بن يَحيى بن المرتضى([12]). وخلاصة القول، فالزيديَّة قد ميَّزت بين أنواع الأئمة مِن أجل حل مشكلتين ملموستين: وجود أئمةٍ يفتقرون إلى أحد الجانبين المؤهلين (القدرة العسكريَّة والمعرفة) ووجود إمامين أو أكثر في الوقت نفسه([13]). وبما أن المُجددين هم على الدوام أئمةً؛ فإن هذا التمييز النمطيّ ينطبق عليهم تلقائيًا. بيد أنه أثناء حل المشكلات المذكورة أعلاه؛ فإن هذا التمييز يخلق مشكلةً جديدةً؛ لأنه يُبرز الواقع المُؤسف المُتمثل في الخلاف والحروب بين أفراد بيت النَّبِيّ الكريم.
عدم وجود أدلة على حدوثٍ سابقٍ للقب
قام زبارة بتأليف الأرجوزة على أساس المواد الموجودة في كتب تأريخ أسلافه. وقد استند في شرحه على الأرجوزة بالضرورة على المصادر نفسها لسببٍ بسيطٍ وهو أنه لم يَخترع التأريخ الذي كتبه. ويستشهد بعدة مصادر، ويَنسب عادةً لكلٍ منها المادة المُحددة التي استقى منها. ولم يَنسب قط إلى مصدرٍ سابقٍ تسمية الإمام بالمُجدد. ولكن كما سنرى، فإن زبارة لم يكن مُبتدعًا في هذا الأمر. فبعض المفاهيم المرتبطة بالمُجدد لها جذورٌ عميقةٌ في التراث الزيديّ، وقد تم تطبيق مُصطلح "المُجدد" نفسه في نهاية المطاف على أئمة الزيديَّة، وإن كان ذلك باعتدال. وسوف نتناول العلاقة بين هذين المفهوميْن: لقب "المُجدد"، و"حديث المُجدد" في الصفحات الآتية.
وظاهريًا، يبدو أن مفهوم التجديد لا يتوافق مع العقيدة الزيديَّة؛ لأنه يفترض فترةٍ من التدهور. والتجديد مطلوبٌ في نهاية كل قرنٍ؛ لأنه، كما يقول السيوطيّ، بحلول ذلك الوقت كان علماء القرن قد ماتوا، ونُسيت سُّنَن النَّبِيّ وأُدخلت البدع([14]). ومن الناحية النظريَّة، فإن مثل هذه الحالة من التدهور لا يمكن أن تحدث عند الزيديَّة بسبب مبدأ التجديد. وكثيرًا ما نجد في التراث الزيديّ الحديث النبويّ الآتي: "مثل أهل بيتي مثل نجوم السماء، كلما غاب نجمٌ؛ طلع نجمٌ"، أي أنه بقضاء الله، لا يزال هناك إمامٌ من أهل بيت النِّبِيّ مُحَمَّدٍ لهداية الأمة([15]). إن مفهوم التجديد يتخذ أشكالًا أخرى: فقد بلغت سلسلة الأنبياء ذروتها بمُحَمَّد، ثم وهب اللهُ نبيه ذريَّةً من ابنته وابن عمه ليكونوا هادين الناسَ من بعده([16]). ولا يخلو الناس في أي وقتٍ من الأوقات من حاكمٍ يحكم بكتاب الله([17])؛ ولا بد في كل وقتٍ من أن يكون من أهل البيت من هو أهلٌ للإمامة([18])؛ "وللعِلم حِفظة في جميع الأعصار ما اختلف ليلٌ ونهارٌ"([19]). ولا سبيل إلى تغيير أو تحريف الشريعة، كما يقول المنصور بالله، بل الأمة قاطبةً ينقلونها نقلًا واحدًا متواترًا لا تحريف فيه([20]). بيد أن المؤلف نفسه يقتبس حديثًا نوبيًا يتعلق بالبدع: "إن عند كل بدعةٍ تكون من بعدي يُكاد بها الإسلام وليًا من أهل بيتي موكلًا؛ يُعلن الحق وينوِّره"([21]). ويَنقل عن زيدٍ بن عَلِيّ قوله: "في كل زمانٍ رجلٌ منّا أهل البيت يَحتج اللّه به على خلقه"([22]). كل هذه العبارات عن مفهوم التجديد يعني الشيء نفسه: هناك على الدوام حُكمٌ عادلٌ للأئمة المهديين من أهل البيت؛ ومِن ثَم، فلا مكان للفترة (فاصل)؛ فلا يجوز أن يحدث أي تدهورٍ، ولا داعٍ للتجديد. بيد أن أفكار الفترة والتدهور والتجديد تظهر في التراث الزيديّ.
يذكر المنصور بالله أن الزيديَّة والإماميَّة والمعتزلة ومعظم أهل السُّنَّة في بداية القرن السابع الهجريّ/الثالث عشر الميلاديّ كانوا يشتركون في عقيدة وجوب الإمامة([23]). ولكن مؤسس اللاهوت الزيديّ، القاسم بن إبراهيم، اعتبر الإماميَّة مثل المُلحدين البراهمة بسبب هذه العقيدة بالذات. ورغم أفكاره بشأن القاسم؛ افترض ستروثمان أن الزيديَّة، كقاعدةٍ، حافظوا على عقيدة الفترة الذي تُعارض مفهوم التجديد([24]). ويبدو أن التأكيد على افتراض ستروثمان موجودٌ في حقيقة أن المنصور بالله القاسم بن مُحَمَّد (المُتوفى1029هـ/1620م) قد ألف كتابًا بعنوان {الإرشاد إلى سبيل الرشاد في طرق أعمال العباد عند فقد الاجتهاد}([25]). إلا أن والفرد مادلونغ W. Madelung أشار إلى أن القاسم بن إبراهيم كان غير ثابتٍ بشأن عقيدة الفترة؛ إذ استخدمها لدحض مذهب الإماميَّة في الوصية (شكلٌ من أشكال مفهوم التجديد). ومن ناحيةٍ أخرى، يذهب القاسم أن الإمام ضروريٌّ على الدوام على أساس أن الله لا يمكن أن يترك الناسَ دون هدى([26]). ويبدو لي أنه على الرغم من وجود أدلةٍ في التراث الزيديّ على كلٍ من عقيدتي الفترة والتجديد، إلا أن عقيدة التجديد هي عقيدة زيديَّة عميقة الجذور. وهذا منطقيٌّ أيضًا من الناحية التأريخيَّة؛ نظرًا للوجود السياسيّ المتواصل للزيديَّة في اليمن([27]). لكن عقيدة الفترة قد تخدم الأغراض الزيديَّة أيضًا. فبالإضافة إلى دحض عقيدة الوصية الإماميَّة؛ فإنها توفر خلفيَّةً لظهور الأنبياء، وتُساعد على سد الفجوة بين الحقيقي والمثاليّ؛ أي بين حقيقة أن الأخلاق والدين دائمًا في حالةٍ غير مرغوبٍ فيها وفكرة أن الله يُوفر الهداية باستمرار. إن عقيدة الفترة تجمع بين هاتين الحقيقتين مِن خِلال إظهار أن الفترات التي يسود فيها الجهل ويحدث فيها الانحطاط؛ يُوقفها بانتظام وكلاء الله المتعاقبون: الأنبياء، والأئمة، والمُجددون. وبطبيعة الحال، يمكن حل التناقض دون استخدام عقيدة الفترة مِن خِلال الحجة القائلة إن الهدى موجودٌ دائمًا، ولكن الناس يُخطئون ويُخفقون في اتباعه. وعلى أي حال، يبدو أن مفهومي التجديد والفترة المتناقضين يتعايشان في الفكر الزيديّ، وكلاهما عنصران عضويان منه. فالمفهوم الزيديّ لآل البيت ومكانتهم وصفاتهم مقرونةً بكون آل البيت كيانٌ نسبيٌّ؛ ينطوي على مفهوم التجديد. ومن ناحيةٍ أخرى، فإن مفهوم الانحطاط والتدهور يتناسب مع الفكر الزيديّ، ليس بسبب ارتباطه بعقيدة الفترة، فحسب، ولكن بسبب التشابه بين شخصيَّة الإمام والمهدي المُنتظر. ونتيجةً لهذا التشابه، انتقلت فترة "أشراط الساعة"، التي تسبق ظهور المهدي، وأصبحت فترة انحطاطٍ تسبق ظهور الإمام أو المُجدد.
إن التشابه بين رأس المجتمع والمهدي المنتظر يتجاوز الخطوط الطائفيَّة، وهو مُشتركٌ بين جميع فئات السُّنَّة والشِّيعَة. ويتم التعبير عنه بأشكالٍ مُختلفةٍ، فبادئ ذي بدءٍ وقبل كل شيء مِن خِلال إطلاق لقب المهدي على الخلفاء والأئمة([28]). فضلًا عن ذلك، يُشار أحيانًا إلى الأئمة والمهدي بالمصطلحات نفسها. فعلى سبيل المثال، فوفقًا للمثال المسيانيّ الذي تم وضعه في شكل حديثٍ؛ فإن المهدي "يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظُلمًا وجورًا"([29]). وتنطبق الكلمات نفسها على العديد من أئمة الزيديَّة؛ إما على هيئة نبوءات عن قدومهم أو كنعوتٍ([30]). لقد تم التنبؤ بقدوم الإمام الهادي إلى الحق في أحاديث نبويَّةٍ مُصاغةٍ بأسلوبٍ أخرويٍّ وباستخدام مصطلحات آخر الزمان، فعلى سبيل المثال، "إذا قَتل أهل مِصر أميرهم وظهر اليمانيّ في اليمن؛ فإنه يملأ الأرض عدلًا..."([31]).
فالمصطلحات قابلةٌ للانتقال ليس من المهدي إلى الإمام، فحسب، بل بالعكس أيضًا. فكما يُشار إلى الخلفاء والأئمة بالمهديين، فالمهدي يُطلق عليه خليفة الله([32]) (وإن كان الزيديَّة لا يَستخدمون هذا المصطلح)([33]). ومن إحدى مهام الإمام الزيديّ هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر([34]). وعلى النقيض من ذلك، فإن تطبيق هذه القاعدة هو بمثابة الدلالة التي يتم مِن خِلالها التعرف على أئمة الزيديَّة([35])، حتى إن الآية القرآنيَّة التي تقوم عليها هذه القاعدة تُستخدم لمحاولة إثبات أن عقيدة الإمامة الزيديَّة هي العقيدة الصحيحة والوحيدة([36]). ومن الواضح أن الأمر بالمعروف ينتمي إلى شؤون هذا العالَم، بيد أنه يجد أيضًا مكانه في علم الأمور الأخرويَّة. ففي مقطع يصف المهدي، نجد أن الزمن الذي يسبق ظهوره سيتسم بفناء سُّنَن النَّبِيّ وإحداث البدع وإهمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يُرسل الله المهدي ليُعالج الوضع([37]). وهكذا، ينتقل الأمر بالمعروف من الإمام إلى المهدي. ومن المُثير للاهتمام أن هذا الأمر بالتحديد هو الذي يُستخدم في محاولة التمييز بين المهدي والإمام: سُئل إبراهيم بن عبد الله: هل كان أخوه النفس الزكيَّة هو المهدي؟ فأجاب بأن المهدي وعدٌ إلهيٌّ لم يُحدَّد بالاسم أو الزمان؛ وحتى لو لم يكن النفس الزكيَّة هو المهدي، إلا أنه قام بالمهمة المُوكلة إليه، وقد أوصاه الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر([38]). ولكن مثل هذه المحاولات يحجبها ميلُ شخصيتي المهدي والإمام إلى الامتزاج. وقد يكون المقطع غامضًا؛ مما يترك للقارئ أن يُقرر ما إذا كان المقصود المهدي أم الإمام. وتصف نبوءةٌ منسوبةٌ إلى عَلِيّ وقتًا مستقبليًا تتكاثر فيه البدع وتنمحي سُّنَن النَّبِيّ؛ فتمتلئ الأرض ظلمًا؛ ثم سيُصلح الله الوضع بإرسال رجلٍ من آل البيت ليملأ الأرض عدلًا([39]). وبما أن كلًا من الإمام والمهدي عضوين من أعضاء البيت النبويّ؛ فقد تُشير النبوة بطريقةٍ مُماثلةٍ لظهور أي إمامٍ وكذلك المهدي المُنتظر. ومِن خِلال المقاطع الأخيرة، يتبيّن أن التوازي بين الإمام والمهدي يمتد إلى الفترة التي سبقت ظهور أيٍّ منهما. إن موضوع التدهور هو انعكاسٌ شاحبٌ لـ "أشراط الساعة" المروعة، تمامًا كما يعكس الإمام المهدي. وبارتباطه بهذه الطريقة بمفهوم المهدي/الإمام؛ فإن موضوع الانحطاط ينتمي إلى الفكر الزيديّ؛ على الرغم من تعارضه مع عقيدة التجديد الأساسيَّة.
وبالإضافة إلى كونها انعكاسًا لمفهوم آخر الزمان؛ يمكن النظر إلى عقيدة التدهور على المستوى العملي كأداةٍ تُستخدم في الدعاية. إن تدهور الأوضاع يُبرر صعود الإمام وادعائه بتأسيس وقيادة نظامٍ جديدٍ. ويتجلى هذا الأمر بوضوحٍ في خطاب الإمام المؤيد بالله (نهاية القرن الرابع الهجريّ، الدولة الزيديَّة الشرقيَّة)، ففي خطابٍ دعائيٍّ يصف دورات الشر والفداء عبر التأريخ الإسلاميّ من الحُسين بن عَلِيّ إلى عصره: لقد ساد الشر مرارًا وتكرارًا ونهض عليه الأئمة الصالحون (أي الزيديَّة) كلٌّ بدوره. ويُقدم المؤيد نفسه باعتباره الحلقة الجديدة في تلك السلسلة، ويحث مستمعيه على مساندته من أجل التغلب على الشر الحالي([40]). وتتجلى الفكرة نفسها في الكلمات المنسوبة لزيدٍ بن عَلِيّ: "... لقد مضى وقتٌ طويل على وفاة النَّبِيّ ولم يبق من الإسلام إلا الاسم..."([41])، والمعنى أنه قد حان الوقت لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في زمن النَّبِيّ. إن مفهوم التجديد أو الإحياء يعتمد في واقع الأمر على مسألة التدهور الذي بدونه لا يُوجد مبررٌ لوجوده.
وفي سياق الدعاية وظهور أئمةٍ جُدد، لا يُستدل على مفهوم التجديد أحيانًا ضمنيًّا فحسب، بل يتم ذكره صراحةً. فقد يصف مؤسس الدولة الزيديَّة في اليمن، الهادي إلى الحق (المُتوفى298هـ/911م)، عصره بأنه شرٌ لدرجةً تستلزم ظهور المهدي([42]). وهنا يبرز التوازي بين المهدي والإمام بوضوحٍ شديدٍ؛ لأن تصرفات الهادي تكشف أنه وضع نفسه مكان المهدي. واستجابةً لنداء اليمنيين؛ ترك مسكنه في الحِجاز ودخل اليمن من أجل "إحياء دين الله وسنة النَّبِيّ وقتال أعداء الله..."([43]). وواجه المرتضى، نجل الهادي، الوضع نفسه الذي واجهه والده. وجاء الناس إليه يتوسلون إليه أن يكون إمامهم ويقبل البيعة ليُقيم الحكم بالقرآن والسُّنَّة "ويُحيي الشريعة التي قتلها المذنبون"([44]). ورفض المرتضى أن يأخذ هذه المهمة على عاتقه، وتفاقم الوضع حتى قَبِلّ أخوه الناصر البيعةَ، وفي مديحٍ ألّفه أحد أتباعه، يُوصف الناصر بأنه الذي قوّى الإسلام بعد أن ضعف([45]).
ويَصف الهادي إلى الحق نفسه، وآل البيت عمومًا، بأنهم مُجددون للقرآن والسُّنَّة التي هجرتها الأمة، وهو يستخدم أقوى تعبيرٍ ممكنٍ، مثل:
بهم نُعِشَ الإسلام {من بعد موته}([46])
أو:
نُعِشَ كتاب الله بعد هلاكه([47])
أو:
أُحيي الكتاب وأُحيي سُّنَّةً رُفضتْ"([48])
والأكثر تحديدًا {هما البيتان المنسوبان}([49]) إلى أحد ابني الهادي:
ولولا نحن ما خروا سجودًا ولا حجوا ولا شرعوا جهادًا
ولا مثلوا إلى نفلٍ قياما ولا زكوا ولا فرضوا صياما([50])
وعلى المنوال نفسه، فالهادي يُسمى "مُحيي الفرائض"([51]). وقد كتب كاتب سِّيرة الهادي (الذي كان أيضًا من أصحابه) {البيتين التاليين}([52])، وهو يعزف على اسم الهادي الأول، يَحيى:
يحيى الذي أحيا لأمته الهدى رفضوا الكتاب وبدلوا أحكامه
من بعد أن أودى به الكفار
فالله أظهره لنا القهار([53])
ويظهر التلاعب بالألفاظ لاحقًا في هيئة حديثٍ قال فيه النَّبِيّ: "سيخرج رجلٌ من ولدي في هذه الجهة [- وأشار إلى اليمن -] اسمه يَحيى الهادي، يُحيي الله به الدين"([54]).
تُظهر الأمثلة المذكورة أعلاه أن مفهوم الإحياء/التجديد موجودةٌ بالفعل في سِّيرة الهادي، وهو مثالٌ مُبكرٌ في التراث الزيديّ. وإن التوازي بين الفكرة الزيديَّة وحديث المُجدد واضحٌ: فكلاهما يفترض فترةً من التدهور (من الناحية الدينيَّة)؛ يُرسل الله بَعدها مَن يُحيي الدين. ولعل التشابه الأكثر وضوحًا هو التوازي القائم بين نسخةٍ هامشيَّةٍ من حديث المُجدد والبيت الشعريّ الذي كتبه كاتب سِّيرة الهادي، وفيه يقول:
وبه أبانَ الدين بعد خموله
وبه يُكشف حالك الإظلام([55])
وهذا البيت مطابقٌ للرواية التالية من حديث المُجدد: "يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنةٍ رجلًا من أهل بيتي، يُجدد لهم أمر دينهم"([56]). وفي ضوء هذا التوازي، يتوقع المرء أن يجد حديث المُجدد في التراث الزيديّ المُبكر. ولكن لا تُوجد حتى إشارةٌ واحدةٌ إليه في سِّيرة الهادي، ولا يُستخدم الجذر "ج-د-د" للدلالة على مفهوم التجديد. والعبارات المُستخدمة لهذا الغرض هي أحيا، نَعَشَ، أظهر بعد الخمول. وينطبق الشيء نفسه على الأعمال التي جاءت بعد سِّيرة الهادي. وفي غالب الأحيان لا يستشهدون بحديث المُجدد عندما يطرحون مفهوم التجديد. فعلى سبيل المثال، كتب الحَسن بن بدر الدين (المُتوفى670هـ/1272م) عن الهادي أنه "نشر المِلة بعد ظهور ظُلمة الإلحاد"([57]). وفي مقدمة كتابه الإفادة، يُسجل الناطق بالحق (المُتوفى424هـ/1033م) السمات المُميِّزة لكل أئمة الزيديَّة. ومن بين أمورٍ أخرى، يصفهم بأنهم "يسعون إلى الاجتهاد في إحياء سُّنَن العدل"([58])؛ ولم ترد فيه أي إشارةٍ إلى حديث المُجدد ولا إلى الجذر "ج-د-د". وفي "الحدائق الورديَّة" الذي ألفه المحلِيّ (المُتوفى652هـ/1254م)، نجد أنه يُشار إلى الإمام المتوكل أحمَد بن سليمان (المُتوفى566هـ/1171م) بأنه الذي "أحيا" دين النَّبّيّ مُحَمَّدٍ([59])، ومِن ثَم، فإن مفهوم الإحياء موثّقٌ بشكلٍ واضحٍ ولكن ليس تحت مصطلحي التجديد والمُجدد. وفي بعض الأحيان، يكون حديث المُجدد ومفهوم التجديد مفقوديْن تمامًا في المواضع التي يَتوقع المرء أن يظهرا فيها. ومثل هذه المواضع أوصافٌ معياريَّةٌ لصفات الأئمة ومؤهلاتهم ومهامهم؛ مجموعةٌ من الأحاديث النبويَّة التي تم الاستشهاد بها لإضفاء شرعيَّة حُكم آل البيت؛ أو تراجم فرديَّةٍ للأئمة الزيديَّة([60]).
وفي ما يلي، قمتُ بتسجيل الإشارات إلى الجذر "ج-د-د-" وحديث المُجدد الذي وجدته في التراث الزيديّ. وربما بعد فحص موادٍ إضافيَّةٍ من المخزون الضخم من التراث الزيديّ؛ يُمكن إضافة العديد من الإشارات الأخرى، ولكن تظل الحقيقة أن حديث المُجدد والجذر "ج-د-د" لا يظهران في العديد من المواضع التي كان من المُمكن أن يكونا فيها أكثر ملاءمةً.
فالجذر "ج-د-د" ينطبق على الإمام المنصور بالله القاسم بن عَلِيّ (المُتوفى393هـ/1003م). والسياق هنا عدواني: استعدادًا لاتخاذ إجراءاتٍ ضد المُنشقين؛ فقد استدعى المنصور قبائل مُعيَّنةً للخدمة العسكريَّة. وفي هذا الصدد، نَظَمَ أحد أتباعه قصيدةً وصف فيها الاستجابة الحثيثة للقبائل وشجع الإمام على المضي في خططه. ومن بين أمورٍ أخرى، خاطب المنصور بالكلمات الآتية:
وقم في الخلق فا بعثهم وجدد دين جدك بعد
وجلِّ الجهل عنهم وأورد من ينازعك الحِماما([61])
وبعد نحو مائتي عام، خَاضَ الإمام المنصور بالله عبد الله بن حَمزة (المُتوفى614هـ/1217م) حربًا ضروسًا ضد المطرفيَّة، وهم جماعة انشقت عن الزيديَّة. وفي رسالةٍ تهدف إلى تبرير معاملته القاسيَّة لهم؛ يستخدم المنصور الجذر "ج-د-د" لنفسه قائلًا: "وإذا لم نُجدد أحكام شرع مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ فمن يُجدده؟([62])"، ومن الملاحظ أن السياق صار عدوانيًا مرةً أخرى.
ولم يستعمل المنصور الجذر "ج-د-د" بشكلٍ مرتجِلٍ؛ لأنه كان على درايةٍ بحديث المُجدد. وفي رسالةٍ أخرى يكتب: "اللهم، لا تُخل الأرض مِن حُجة...، وروينا في آثارٍ كثيرةٍ... أن على رأس كل مائة سَّنةٍ حُجةٍ لا تتم إلا على حُجةٍ لله تعالى قائمةٌ على خلقه. وروينا عن أبي هريرة، عنه صلى الله عليه وآله سلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة من يُجدد لها دينها". وقد ثبت بإجماع علماء الأمة أن صدقة الحبوب والتمر والزبيب يجب صرفها إلى الإمام...."([63]). ومن المُمكن أن نقتبس من المصور بالله أقوالًا كثيرةٍ والتي تُعبِّر عن مفهوم التجديد؛ إلا أنه في هذا المقطع يجمع بين فكرتين مُتعارضتين: التجديد والفترة، ويُعبر عن الأولى بقوله: "اللهم، لا تُخل الأرض مِن حُجة"، وعن الفكرة الأخرى تتجلى في صيغة المُجدد: "على رأس كل مائة". وبتجاهل موضوع التدهور، والتي يرتبط عادةً بمفهوم الفترة، نجح المنصور بالله في جعل الفترة تبدو وكأنها تجديدٌ. ويتجلى هذا بوضوحٍ في الجملة "على رأس كل مائةٍ مَن يُجدد". وهذه الجملة عبارةٌ عن تركيبةٍ يَظهر فيها مفهوم التجديد (أي أن هناك مُجددٌ في كل وقتٍ) على شكل قانونٍ دوريّ (أي حديث المُجدد الذي استُعير منه التوقيت "على رأس كل مائة"). وفي نهاية المقطع "أن صدقة الحبوب والتمر والزبيب يجب صرفها إلى الإمام"، يُصبح من الواضح أن هدف المنصور كان إضفاء الشرعيَّة على حُكمه. ولهذا الغرض، وفق بين الطرفين (التجديد والفترة)؛ مما يعني أنه كان في الوقت نفسه الحُجة ومُجدد الدين الموعود.
إن استخدام حديث المُجدد لإضفاء الشرعيَّة قد تم إثباته بالفعل في القرن الخامس الهجريّ، لكن الأدلة ثانويَّةً. إذ كتب ابن المؤيد في كتابه روضة الألباب الذي سطره في القرن الحادي عشر الهجريّ أن الفقيه عبد الله الخياطيّ الشافعيّ استدل بحديث المُجدد على شرعيَّة الإمام بالله المؤيد أحمَد بن الحُسين (المُتوفى411هـ/1020م). ولم أتمكن من تتبع مصدر ابن المؤيد في هذا الصدد([64]).
ويتعامل ابن المؤيد مع حديث المُجدد بشيءٍ من الاستطراد، وفيما يلي بعض المصادر التي استعان بها:
1) مُحَمَّد بن الحَسن الديلميّ (المُتوفى711هـ/1311م) كمصدرٍ أول. ولمّا كان الفارق الزمنيّ بين الديلمي وابن المؤيد أكثر من ثلاثة قرونٍ؛ فمن الواضح أن الأخير استخدم مصدرًا مكتوبًا، لكنه لم يذكر ه، واكتفى بالنقل عن الديلميّ المقطع التالي، والذي كان قد سبقه في الأصل حديث المُجدد: "نظرنا فيمن على هذه الصفة في رأس كل مائة؛ فوقع في الخاطر أنه كان في رأس المائة الأولى زيدٌ بن عَلِيٍّ وأخوه الباقر. وفي رأس المائتين مُحَمَّدٍ والقاسم ابنا إبراهيم...". وقائمة الديلميّ تصل إلى القرن السابع الهجريّ، ثم ترقى هذه القائمة إلى القرن الحادي عشر، ويبدو أن ابن المؤيد نفسه قد إدراج معاصره الإمام المتوكل باعتباره المُجدد في مطلع الألفيَّة([65]). وأما بشأن الانقطاع الحاصل في القائمة (في القرن الثامن)؛ فيتوافق مع تأريخ وفاة الديلميّ؛ مما قد يُشير إلى أن القائمة حقيقيَّةً من حيث أن الجزء الأول منها يعود إلى الديلميّ، وأما الأخير، فقد جمعه ابن المؤيد. وتجدر الإشارة إلى أن القائمة ليست متطابقةً مع قائمة زبارة، وأن زبارة لم يقتبس الفقرة المذكورة أعلاه، مع أنه نقل مقاطع أخرى عن الديلميّ([66]).
2. والمصدر الثاني، الذي استخدمه ابن المؤيد، هو شمس الدين أحمَد بن داود بن يَحيى بن الحُسين (المُتوفى بعد795هـ/1393م) عن الأمير الحَسن بن بدر الدين (المُتوفى670هـ/1272م). ومن الواضح أن هذا الإسناد ناقصٌ جدًا، ويتألف من جزأين فقط. وبالنظر إلى الفجوة الزمنيَّة؛ فلا بد أن ابن المؤيد قد استقى مصدرًا مكتوبًا وهو غير مذكورٍ. والمقطع المقتبس يتكون من حديث المُجدد وقائمةٍ من المُجددين الزيديَّة. ولا يبدو أن ابن المؤيد جمع القائمة بنفسه وألحق الإسناد بها وذلك لسببين: أولهما: بسبب النقص الشديد في الجزء الأخير، وآخرهما: لأن الانقطاع في القائمة يتوافق مرةً أخرى مع تواريخ وفاة الراويين: أحمَد بن داود والحَسن بن بدر الدين. ويأتي المقطع كما يلي: "شمس الدين أحمَد بن داود بن يَحيى بن الحُسين: قال الأمير الحَسن بن بدر الدين: "روينا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجدد لها دينها"". قال شمس الدين: قال الأمير الحسن: "وأقول: نظرنا في أهل البيت من كان يصلح للإمامة والإفادة.."" ويلي ذلك قائمة المُجددين حتى مطلع القرن السادس الهجريّ (إلى القرن السابع الهجريّ)، ويتابعها شمس الدين حتى القرن الثامن الهجريّ، والتي يُسمي فيها الإمام الهادي عَلِيّ بن المؤيد([67]). وقد كان شمس الدين في واقع الأمر من أتباع الهادي عَلِيّ بن المؤيد في عام 794هـ/1392م أو 796هـ/1394م، وتم تأكيد هذا مِن خِلال مصدرٍ تأريخيٍّ مُستقلٍ تمامًا عن المادة التي نتعامل معها هنا([68]). وهذا الهادي غير مُدرجٍ في قائمة زبارة، وهو أحد ثلاثة مُجددين في قائمة الديلميّ-ابن المؤيد المذكورة آنفًا. وبما أن ظهور الهادي كان مُرتبطًا بالكفاح العسكريّ ضد الأئمة الآخرين؛ فإن تعيينه كمُجددٍ مِن قِبل أحد أتباعه؛ يمكن اعتباره جزءًا من شرعيته.
3. المصدر الأخير الذي استخدمه ابن المؤيد في حديث المُجدد هو كتاب مُعاصره الأكبر سنًا ابن الوزير (المُتوفى985هـ/1577م) والذي حقق كتاب السخاويّ المقاصد الحسنة في الأحاديث المُشتهرة. وقد ضمّن السخاويّ، وهو عالمٌ شيعيٌّ قاهريٌّ من القرن التاسع الهجريّ/الخامس عشر الميلاديّ، حديثَ المُجدد كتابه مع قائمةٍ بالمصادر، وقائمةٍ بالمُجددين السُّنَّة، وبعض التعليقات. ويَظهر المقطع مختصرًا في طبعة ابن الوزير التي استشهد بها ابن المؤيد([69]).
ولم يكتف ابن المؤيد بحديث المُجدد في كتابه "روضة الألباب"، بل كتب كتابًا خاصًا عن المُجددين الزيديَّة تحت عنوان "النفحة العنبريَّة([70]) في المُجددين من أبناء خير البريَّة"، أي: النَّبِيّ. وقد ورد ذكر هذا العمل في بليوغرافيا كتاب الحِبشيّ {حُكماء اليمن المؤلفون المجتهدون}([71]). ويروي الحبشيّ أن مخطوطةً منه كانت في حوزة مفتي صنعاء سَّنة 1979م أو قبل ذلك بقليلٍ. ولسوء الحظ، لم أتمكن من تتبع هذا الكتاب في الأعمال الببليوغرافيَّة. في حين يستشهد أيمن فؤاد سيد بكتابٍ لكاتبٍ مجهول يحمل عنوانًا مُشابهً جدًا، النفحة (أو التُحفة) العنبريَّة في معرفة الأئمة من العترة النبويَّة. ولكن هذا كتابٌ خاصٌ بسردٍ الحروب بين الزيديَّة والأتراك خلال الأعوام 1029-1039هـ/1620-1630م([72]). ونفحة ابن المؤيد، وإن كانت تنتمي إلى الفترة نفسها على وجده التحديد؛ إلا أنها نوعٌ مُختلفٌ من العمل. إذ هي عبارةٌ عن قصيدةٍ تُعدد المُجددين في مطلع القرون، وقد أُضيف إليها شرحٌ: وقد سَجَلَ إسماعيل بن مُحَمَّد (المُتوفى1079هـ/1668م) في سِّيرته لابن المؤيد هذا الوصف للقصيدة([73]). ومِن ثَم، فمن المُحتمل أن يكون ابن المؤيد هو سلف زبارة، الذي استخدم النمط نفسه تمامًا في كتابه الإتحاف. ومن الغريب أن زبارة لا يقتبس عن ابن المؤيد على الإطلاق([74]). ومن السمات الغريبة الأخرى أن إسماعيل بن مُحَمَّد، المذكور أعلاه، وهو مُصنف مختاراتٍ سمط اللآل (الذي يحتوي على شعر العلويين وتراجم الشعراء)، كان يَعرف عن كتاب النفحة ونقل عنه. بيد أنه يُطلق لقب "المُجدد" على إمامين فقط([75]). وقد يُشير هذا إلى أن استخدام اللقب (أو حديث المُجدد) لم يكن متداولًا حتى في مثل هذا التأريخ المُتأخر (القرن الحادي عشر الهجريّ/السابع عشر الميلاديّ)؛ رغم أن مفهوم التجديد كان موجودًا في التراث الزيديّ منذ أقدم العصور. ومن ناحيةٍ أخرى، فمن المُمكن أن الأئمة الذين تم تسميتهم بالمُجددين في النفحة (والذين لا أعرف هويتهم) لم يكتبوا الشعر أو لم يكونوا مُدرجين في كتاب سمط اللآل لسببٍ أو لآخر.
وفي الروايات السُّنِّيَّة، نما مفهوم التجديد (الإحياء) وحديث المُجدد بشكلٍ مُنفصلٍ عن بعضهما بعضًا. فوفقا لغولدتسيهر Goldziher، فإن إحياء السُّنَّة يعني في الأصل "إحياء عادةٍ قديمةٍ اختفت بسبب الظروف المُتغيِّرة" (تُشار في الغالب إلى عادات النَّبِيّ وأصحابه). ولقد بدأت بين الفقهاء والزُهاد بهدف الاقتداء بالنَّبِيّ وأصحابه قدر الإمكان. إن ممارسة إحياء السُّنَّة قد تم تبنيها أو نَسبها إلى "الحكام الذين كان من المرغوب الإشادة بتقواهم"([76]). ومن ناحيةٍ أخرى، من المُحتمل أن يكون "حديث المُجدد" قد تطور في وقتٍ مُبكرٍ من القرن الثالث الهجريّ بالارتباط بالمذهب الشافعيّ، كما جادلتُ في مكانٍ آخر([77]). وكان مصطلح "المُجدد" المُستخدم في الحديث النبويّ، ربما حتى عن قصد، غامضًا؛ إذ يُشير إلى كلا المفهومين: التجديد والإصلاح. وفي مرحلةٍ لاحقةٍ، تم إرساء معنى لا لبس فيه للحديث مِن خِلال إلحاق مفهوم الإحياء به كمصطلح. وكان من المُفترض أن يُفهم التجديد على الدوام أنه تجديد وليس ابتكار أبدًا. وفي التراث الزيديّ، يبدو أن العمليَّة قد تم عكسها. إذ لم يكن مفهوم الإحياء هو الذي أُضيف إلى الحديث، بل إن الحديث هو الذي تم اعتماده، في مرحلةٍ لاحقةٍ، كتعبيرٍ رسميٍّ عن مفهوم الإحياء المُتجذر بالفعل. ويمكن تفسير الوجود المُبكر لهذا المفهوم بين فقهاء السُّنَّة، وفقًا لآراء غولدتسيهر، بأنه نابعٌ من تعظيم النَّبِيّ. ويمكن تقديم تفسيرٍ آخر في ضوء النتائج التي توصلت إليها كرون وهيندز([78]): يمكن اعتبار مفهوم الإحياء جزءًا من نضال العلماء لتأكيد دورهم كحاملين للسُّنَّة النبويَّة في مواجهة ادعاء الخلفاء بالسُلطة الدينيَّة. إن الوجود المُبكر لمفهوم الإحياء بين الزيديَّة يمكن تفسيره مِن خِلال الصراع، وإن كان ذي طبيعةٍ مُختلفةٍ. ومن الضروري أن يستند ادعاء المعارضة باستبدال نظامٍ قائمٍ يرتكز على فرضيَّة أن هذا النظام شرير، من الناحية الإسلاميَّة، وأنه ينحرف عن الطريق الصحيح. وتزعم المعارضة أنها تُصحح الانحراف، وبالتالي، اكتسب الإحياء في التراث الزيديّ معنى مُختلفًا عن مجرد تقليدٍ للنَّبِيّ أو الصراع على الزعامة الدينيَّة. وأصبح شعارًا سياسيًا يستخدمه الأئمة الجُدد مرارًا وتكرارًا. وتم تقديم حديث المُجدد لاحقًا لتعزيز المطالبة بالشرعيَّة التي تم تأسيسها بالفعل مِن خِلال شعار الإحياء([79]).
وخلاصة القول: إنني لا أعلم كيف ومتى دخل حديث المُجدد إلى التراث الزيديّ. إن أقدم شهادةٍ وجدتها تعود إلى مطلع القرن الرابع الهجريّ (إلى القرن الخامس الهجريّ)، عندما طبقها الفقيه عبد الله الخياطيّ الشافعيّ على الإمام المؤيد بالله؛ مما أثبت شرعيَّة حُكمه([80]). ولم أتمكن من العثور على أية معلوماتٍ عن هذا الفقيه سوى أنه كان شافعيًّا، كما تدل على ذلك نسبته. وقد يعني هذا أن حديث المُجدد جاء إلى الزيديَّة من أوساط الشافعيَّة. وهناك تفاصيلٌ أخرى تُشير إلى صلةٍ شافعيَّة. فأحد فقهاء الشافعيَّة هو أول من نشر كرامات الإمام القاسم بن مُحَمَّد بن عَلِيّ (المُتوفى1029هـ/1620م)، الذي لُقب بالمُجدد([81]). وكان العالِم الشافعيّ ابن حَجر (المُتوفى859هـ/1449م)، الذي كان له اهتمامٌ خاص بموضوع التجديد وربما ألف كتابًا عنه، معروفًا في اليمن([82]). وكان للزيديّ، الذي حقق كتاب السخاويّ، ابن الوزير، مُعلمًا شافعيًا واحدًا على الأقل([83]). ومع أن هذا دليلٌ ضئيلٌ؛ إلا أنه قد يُشير إلى احتمال أن يكون الزيديَّة قد تبنوا بالفعل حديث المُجدد من الشافعيَّة الذين كان شائعًا بينهم. ولعل هذا المصدر نفسه للحديث هو الذي يُفسر وجوده النادر في التراث الزيديّ. ولكن على الرغم من ذلك؛ فإن حديث المُجدد ليس عنصرًا دخيلًا غريبًا على الأفكار الزيديَّة، ولم يكن المؤرخ المعاصر زبارة أول من أدخله في التراث الزيديّ. أما بالنسبة للزيديَّة الذين استخدموا هذه الحديث، فقد قاموا بتكييفه لأغراضهم الخاصة، ونتيجةً لذلك، فإن أهميَّة المُجدد في التراث الزيديّ تختلف عن معناها في التراث السُّنِّيّ. فالمُجدد الزيديّ بعلمه هو وحده الذي يُمكن اعتباره موازيًا للمُجدد السُّنِّيّ، حيث يستخدم المعرفة وينشرها من أجل الدفاع عن عقيدته وتعزيزها. ولكن مُعظم المُجددين الزيديَّة لا ينتمون إلى هذا النوع. وباعتبارهم رؤساء مجتمعاتهم ويقودون شعوبهم إلى الحرب؛ فإنهم يُشكلون نوع المُجددين المقاتلين الذي لا وجود له في التراث السُّنِّيّ. وبالتالي، فإن حديث المُجدد هو مثالٌ على الحديث السُّنِّيّ الذي تبناه الزيديَّة وكيّفوه على أفكارهم الخاصة.
شكرٌ وتقدير
أُعرب عن امتناني للدعم المقدم من صندوق زمالة ليدي ديفيس Lady Davis، وأشكر أمين المجموعات الشرقيَّة في جامعة ليدن University of Leiden، جان جاست ويتكام J. J. Witkam، ومساعديْه جيه لينسن J. Linssen والراحل و. فان ويغن W. van Wiggen. كما لا أنسى أن أشكر زملائي إيتان كولبيرغ وفرد دونر على تعليقاتهما القيمة على مسودات هذا العمل. والشكر موصولٌ أيضًا إل بيتر فون سيفرز P. von Sivers والعلماء الذين استشارهم. وكانت بعض تعليقاتهم العديدة مفيدةً.
قائمة المصادر والمراجع
أ- قائمة المصادر والمراجع باللغة العربيَّة:
1- إسماعيل بن مُحَمَّد بن الحَسن، سمط اللآل في شعر الآل، مخطوطة ليدن شرقي. 2612
2- أيمن فؤاد سيد، مصادر تاريخ اليمن في العصر الإسلاميّ (القاهرة، 1974م).
3- الجعديّ، عُمر بن عَلِيّ بن سمرة، طبقات فقهاء اليمن (القاهرة، 1957م).
4- الحجوريّ، روضة الأخبار، اللوحات: 182 ب، 188 أ، 196 ب.
5- الحُسين بن أحمَد بن يعقوب، سِّيرة المنصور بالله، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة شرقي 3816
6- ابن حَجر العسقلانيّ، توالي التأسيس لمعالي ابن إدريس (بولاق، 1301هـ).
7- حُميدان بن الحَسن بن القاسم، كتاب التصريح بالمذهب الصحيح، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3727
8- حُميدان بن يَحيى بن حُميدان، الفرق بين التشيع والاعتزال، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، عربي 3727
9- زبارة، مُحَمَّد بن مُحَمَّد زبارة الحسنيّ، أبناء اليمن ونبلاءه بالإسلام (القاهرة، دون تأريخ نشر).
10- "___"، اتحاف المهتدين بذكر الأئمة الُمجددين: ومن قام باليمن الميمون من قُرناء الكتاب الُمبين وأبناء سيد الانبياء والمرسلين (صنعاء، 1343هـ).
11- "___"، خُلاصة سَّيرة الهادي، ملحق بكتاب للمؤلف نفسه، الأنباء عن دولة بقليس وسبأ (القاهرة، 1376هـ).
12- "___"، مُلحق البدر الطالع (القاهرة، 1348هـ).
13- الزحيف، مُحَمَّد بن عَلِيّ بن يونس، مآثر الأبرار في تفصيل مًجملات جواهر الأخبار، مخطوطة ليدن شرقي 6327، وغيرها؛
14- سبط ابن الجوزيّ، تذكرة خواص الأمة بذكر خصائص الأئمة، مخطوطة ليدن، شرقي 915.
15- السُبكيّ، تاج الدين، طبقات الشافعيَّة الكبرى (القاهرة، دون تأريخ نشر).
16- السخاويّ، مُحَمَّد بن عبد الرحمن، المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المُشتهرة على الألسنة (بيروت، 1979م).
17- السيوطيّ، جلال الدين، التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة، مخطوطة ليدن، شرقي 474.
18- الطبريّ، مُحَمَّد بن جرير، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق: إم. دي خويه (ليدن، 1879-1901م)، السلسلة رقم 2.
19- العَباسي، عَلِيّ بن مُحَمَّد بن عبيد الله، سِّيرة الهادي إلى الحق يَحيى بن الحُسين (بيروت، 1972م).
20- ابن عساكر، عَلِيّ بن الحَسن بن عساكر، تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحَسن الأشعريّ (دمشق، 1347هـ).
21- أبو علامة، مُحَمَّد بن عبد الله بن المؤيد، روضة الألباب وتُحفة الأحباب، مخطوطة برلين أهلو Ahlw. 9402.
22- كحالة، عُمر رضا، معجم المؤلفين (دمشق، 1376- 1381هـ).
23- اللحجيّ، مسلم بن مُحَمَّد، كتاب فيه شيءٌ من أخبار الزيديَّة باليمن، مخطوطة برلين أهلو 9664.
24- ماضي، مُحَمَّد عبد الله، "دولة اليمن الزيديَّة: نشأتها، تطوّرها، علاقتها"، المجلة التاريخيَّة المصريَّة، 1-3 (1950).
25- مجلة الزهراء، 4 (1347هـ): ص97.
26- المحرابيّ، مُحَمَّد بن عبد الله بن الحُسين، الجوابات الهاشميَّة في الرد على بعض الشافعيَّة، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، عربي 3727
27- المحليّ، حُميد بن أحمَد، الحدائق الورديَّة في ذِكر الأئمة الزيديَّة، مخطوطة ليدين، شرقي 2626
28- المحليّ، حُميد بن أحمَد، الحدائق الورديَّة في ذكر أئمة الزيديَّة، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، عربي 3786
29- أبو مُحَمَّد يُوسف بن مُحَمَّد الحجوريّ، روضة الأخبار وكنوز الأسرار ونكت الآثار ومواعظ الأخـبار، مخطوطة المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، رقم عربي 5982
30- المنصور بالله عبد الله بن حَمزة، أجوية مسائل تتضمن ذكر المطرفيَّة، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3976
31- "___"، الجوهرة الشفافة رادعة الطّوافة، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي 3976
32- "___"، الدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبا والغنيمة، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة شرقي 3976
33- "___"، الرسالة الهادية، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي 3976
34- "___"، العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3976
35- "___"، كتاب الشافي، مخطوطة برلين أهلو 10281
36- الناطق بالحق يَحيى بن الحُسين، الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، مخطوطة ليدن شرقي 2616
37- الهادي إلى الحق، أصول الدين، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة شرقي 3798
38- "___"، درر الأحاديث النبويَّة بالأسانيد اليحيويَّة (بيروت، 1982م).
39- الهدويّ، الحَسن بن بدر الدين، أنوار اليقين، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3868
40- يَحيى بن الحُسين، غاية الأماني في أخبار القطر اليمانيّ (القاهرة، 1388هـ/1968م)، مجلدان.
ب- قائمة المراجع باللغة الأجنبية:
41- B. Abrahamov, "The Theological Epistle of al-Ḳāsim b. Ibrāhīm" (Ph.D. diss., Tel Aviv University, 1981) (in Hebrew).
42- C. Van Arendonk, Les Débuts de l’imamat zaidite au Yemen, trans.J. Ryckmans (Leiden, 1960).
43- K C. Brockelmann, Geschichte der arabischen Literatur, Supplement (GAL S) (Leiden, 1937-1942), vol. 2, pp. 244-245
44- P. Crone and M. Hinds, God's Caliph: Religious Authority in the First Centuries of Islam (Cambridge, 1986).
45- The Encyclopaedia of Islam.
46- Y. Frenkel, "Tajdīd and iṣlāḥ as a Political Program: The Rise of the Sa’did Dynasty in Morocco in the Early 16th Century," Hamizraḥ Heḥadash: Special Issue on Renewal (tajdīd) and Reform (iṣlāḥ) 31 (I 986).
47- D. T. Gochenour, "A Revised Bibliography of Medieval Yemeni History in Light of Recent Publications and Discoveries," Der Islam 63 [1986]: 311.
48- "___", "The Penetration of Zaydi Islam into Early Medieval Yemen" (Ph.D. diss., Harvard University, 1984).
49- I. Goldziher, Muslim Studies, trans. C. R. Barber and S. M. Stern (London, 1971).
50- A. M. al-Hibshi, Mu' al lafiit hukkiim al-yaman, ed. E. Niewtlhner-Eberhard (Wiesbaden, 1979).
51- W. Madelung, Der Imam al- Qāsim b. Ibrāhīm und die Glaubenlehre der Zaiditen (Berlin, I 965).
52- "___", "Land Ownership and Land Tax in Northern Yemen and Najran: 3rd-4th/9th- 10th Century," in T. Khalidi, ed., Land Tenure and Social Transformation in the Middle East (Beirut, 1984), pp. 189-207
53- "___", "The Identity of Two Yemenite Historical Manuscripts," JNES 32 [1973]: 175-180
54- "___", "Mahdī," EI2.
55- Ella landau-tasseron, "The Cyclical Reform: A Study of the mujaddid hadith," Studia Islamica 70 (1989): 79-117
56- A. K. Lambton, State and Government in Medieval Islam (Oxford, 1981).
57- R. Strothmann, Das Staatsrecht der Zaiditen (Strasbourg, 1912).
58- "___", "Die Literatur der Zaiditen," Der Islam 1 (1910): 367
59- "___", "Zaydiyya," El1.
60- A. S. Tritton, The Rise of the Imams of Ṣanʿā’ (London, 1925).
61- Yücel, F. (2011). Fıkıh Usulünde Zeydiyye-Mutezile Etkileşimi. İslâmî İlimler Dergisi, VI(1), 255-274
62- M. b. M. Zabara, Yemen- Traditionalism versus Modernity (New York, 1982).
63- Zysow, B. H. (2012). What makes a madhhab a madhhab: Zaydi debates on the structure of legal authority. Arabica (59), 332-371
([1]) انظر: مقالتي "الإصلاح الدوريّ: دراسة في مُجددي الحديث النبويّ"، "The Cyclical Reform: A Study of the mujaddid hadith," Studia Islamica 70 (1989): 79-117.
([2]) جلال الدين السيوطيّ، التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة، مخطوطة ليدن، شرقي 474، اللوحتان: 79 ب – 80 أ.
([3]) القائمة موجودة في مُحَمَّد بن مُحَمَّد زبارة الحسنيّ، اتحاف المهتدين بذكر الأئمة الُمجددين: ومن قام باليمن الميمون من قُرناء الكتاب الُمبين وأبناء سيد الانبياء والمرسلين (صنعاء، 1343هـ) ص4-6؛ وراجع. المؤلف نفسه، أبناء اليمن ونبلاءه بالإسلام (القاهرة، دون تأريخ نشر)، ص39؛ والمؤلف نفسه، خُلاصة سَّيرة الهادي، ملحق بكتاب للمؤلف نفسه، الأنباء عن دولة بقليس وسبأ (القاهرة، 1376هـ)، ص3، حيث يُشير إلى الهادي بالمُجدد. وهذه الخلاصة مأخوذ من عملٍ بعنوان أرجوزة الائمة. ومن الممكن أن يكون الأخير متطابقًا مع كتاب الإتحاف (وهو أيضًا الأرجوزة)؛ لأن المضمون واحد. ولم أتمكن من التحقق منه؛ لأنني لم أتمكن من العثور على أرجوزة الأئمة، كما أن سيرة الهادي، وهي الخلاصة، مفقودةٌ من الطبعة المطبوعة من كتاب الإتحاف. أما الهادي نفسه فلم يُجمَع على أنه مُجدِد، انظر: مُحَمَّد بن عبد الله بن المؤيد (أبو علامة)، روضة الألباب وتُحفة الأحباب، مخطوطة برلين أهلو Ahlw. 9402، اللوحة: 12 ب.
([4]) يُفسِّر أهل السُّنَّة أن الأشعريّ تحول من المعتزلة إلى المذهب السُّنِّيّ في مطلع القرن، في سنة 300هـ. انظر، على سبيل المثال، عَلِيّ بن الحَسن بن عساكر، تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحَسن الأشعريّ (دمشق، 1347هـ)، ص56.
([5]) انظر مقالتي "الإصلاح الدوريّ"، "Cyclical Reform," pp. 112-113. وانظر: باتريشيا كرون ومارتن. هيندز، خليفة الله: السُلطة الدينيَّة في العصور الإسلاميَّة الأولى، P. Crone and M. Hinds, God's Caliph: Religious Authority in the First Centuries of Islam (Cambridge, 1986), p. 80.
([6]) ابن عساكر، تبيين كذب المفتري (ليدن، 1878م)، ص83. والمفتي الدمشقيّ هو أبو الحَسن السُّلميّ (المُتوفى533هـ/1139م).
([7]) فيما يتعلق بالجهاد؛ انظر، على سبيل المثال، عَلِيّ بن مُحَمَّد بن عبيد الله العَباسي، سِّيرة الهادي إلى الحق يَحيى بن الحُسين (بيروت، 1972م)، ص23، 27، وما يليها؛ والمنصور بالله عبد الله بن حَمزة، العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3976، اللوحات: 15 ب، 82 ب، 139 ب - 140 أ، 142 أ؛ وحُميدان بن الحَسن بن القاسم، كتاب التصريح بالمذهب الصحيح، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3727، اللوحة: 109 أ؛ ورودلف ستروثمان، "تراث الزيديَّة"، R. Strothmann, "Die Literatur der Zaiditen," Der Islam 1 (1910): 367؛ والمؤلف نفسه، القانون الدستوريّ للزيديَّة idem, Das Staatsrecht der Zaiditen (Strasbourg, 1912), pp. 43-45, 59؛ وآن لامبتون، الدولة والحكومة في الإسلام في العصور الوسطى، A. K. Lambton, State and Government in Medieval Islam (Oxford, 1981), p. 30. وفي المعرفة: حُميدان، التصريح، اللوحتان: 119 أ، 121 ب؛ والمنصور بالله عبد الله بن حَمزة، أجوية مسائل تتضمن ذكر المطرفيَّة، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3976، اللوحة: 218 أ؛ وحُميد بن أحمَد المحليّ، الحدائق الورديَّة في ذِكر الأئمة الزيديَّة، مخطوطة ليدين، شرقي 2626 اللوحة: 4 ب؛ والحَسن بن بدر الدين الهدويّ، أنوار اليقين، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي: 3868، اللوحات: 41 أ - ب، 74 ب، 77 ب، 86 ب، 16 أ، 126 أ؛ وسِّيرة الهادي، ص342؛ وأبو مُحَمَّد يُوسف بن مُحَمَّد الحجوريّ، روضة الأخبار وكنوز الأسرار ونكت الآثار ومواعظ الأخـبار، مخطوطة المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، رقم عربي 5982، اللوحتان: 82 ب-83 أ (تم نسبة هذه المخطوطة إلى كتاب اللحجيّ، الروضة، وقد حددها والفرد مادلونغ على أنها رواية الحجوريّ؛ انظر: والفرد مادلونغ، "هويَّة مخطوطتين تأريخيتين يمنيتين"، W. Madelung, "The Identity of Two Yemenite Historical Manuscripts," JNES 32 [1973]: 175-180؛ وديفيد توماس غوتشنور، "ببليوغرافيا مُنقحة لتأريخ اليمن في العصور الوسطى في ضوء المنشورات والاكتشافات الحديثة"، D. T. Gochenour, "A Revised Bibliography of Medieval Yemeni History in Light of Recent Publications and Discoveries," Der Islam 63 [1986]: 311؛ ولامبتون، الدولة والحكومة، Lambton, State and Government, p. 29؛ وستروثمان، "تراث الزيديَّة"، Strothmann, "Die Literatur der Zaiditen," Der Islam 2 (1911): 67؛ والمؤلف نفسه، القانون الدستوريّ، idem, Staatsrecht, pp. 68 ff., 104 (المرجع الأخير هو مقطع نقله ستروثمان من الناطق بالحق، حيث ذكر الجهاد والمعرفة، من بين أمور أخرى، على أنهما مطلوبان من الإمام)؛ وسي. فان أريندونك، بدايات الإمامة الزيديَّة في اليمن، C. Van Arendonk, Les Débuts de l’imamat zaidite au Yemen, trans. J. Ryckmans (Leiden, 1960), p. 273؛ ومادلونغ، الامام القاسم بن إبراهيم ومذهب الزيديَّة، Madelung, Der Imam al- Qāsim b. Ibrāhīm und die Glaubenlehre der Zaiditen (Berlin, I 965), p. 144.
([8]) ستروثمان، القانون الدستوريّ، Strothmann, Staatsrecht, pp. 71, 90, 98؛ والمؤلف نفسه، "الزيديَّة"، موسوعة الإسلام، idem, "Zaydiyya," El1. ولا يُعالج ستروثمان بشكلٍ منفصلٍ النوع الثالث والذي يجمع بين التوعين الأولين. وانظر: مادلونغ، الإمام القاسم، Madelung, Der Imam, pp. 141 ff.، وديفيد توماس غوتشنور، "انتشار الإسلام الزيديّ في اليمن في العصور الوسطى المُبكرة"، D. T. Gochenour, "The Penetration of Zaydi Islam into Early Medieval Yemen" (Ph.D. diss., Harvard University, 1984), chap. 5 n. 214.
([9]) ستروثمان، “تراث الزيديَّة”، Strothmann, "Literatur," Der Islam 2 (1911): 49-60؛ ومادلونغ، الإمام القاسم، Madelung, Der Imam..
([10]) انظر مقالتي "الإصلاح الدوريّ"، "Cyclical Reform," p. 82. وكان الفرزدق يُطبق هذا الحديث على الخليفة يزيد الثاني: كرون وهندز، خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph, p. 30, n. 25.. والتطبيق على القاسم موجودٌ لدى الهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحة: 139 ب.
([11]) كارك بروكلمان، تأريخ الأدب العربيّ، K C. Brockelmann, Geschichte der arabischen Literatur, Supplement (GAL S) (Leiden, 1937-1942), vol. 2, pp. 244-245؛ وستروثمان، "تراث الزيدية"، Strothmann, "Literatur," Der Islam 1 (1910): 362,371.
([12]) يَحيى بن الحُسين، غاية الأماني في أخبار القطر اليمانيّ (القاهرة، 1388هـ/1968م)، مجلدان، ص538-540، 544-546، 547. وللاطلاع على وصفٍ للحروب المتواصلة التي شارك فيها المنصور بالله عَلِيّ؛ انظر المصدر السابق، ص538-573
([14]) السيوطيّ، التنبئة، اللوحة: 80 ب.
([15]) أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحات: 192 ب- 193 أ؛ وراجع: 78 أ؛ وابن المؤيد، الروضة، اللوحة: 12 أ؛ ومُحَمَّد بن عبد الله بن الحُسين المحرابيّ، الجوابات الهاشميَّة في الرد على بعض الشافعيَّة، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، عربي 3727، اللوحة: 22 أ؛ وحُميدان بن يَحيى بن حُميدان، الفرق بين التشيع والاعتزال، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، عربي 3727، اللوحة: 48 أ. وفي شأن الاختلافات في موضوع النجم: الهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحة: 66 أ؛ وسبط ابن الجوزيّ، تذكرة خواص الأمة بذكر خصائص الأئمة، مخطوطة ليدن، شرقي 915، اللوحة: 193 ب؛ والهادي إلى الحق، درر الأحاديث النبويَّة بالأسانيد اليحيويَّة (بيروت، 1982م)، ص52
([16]) الحُسين بن أحمَد بن يعقوب، سِّيرة المنصور بالله، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة شرقي 3816، اللوحة: 111 أ-ب.
([17]) حُميدان (نقلًا عن المرتضى لدين الله مُحَمَّد بن يَحيى)، التصريح، اللوحة: 121 ب.
([18]) حُميدان (نقلًا عن المنصور بالله عبد الله بن حَمزة)، الفرق، اللوحة: 50 أ. وبطبيعة الحال، كان هناك تناقضٌ بين المُثل العليا والواقع. انظر، على سبيل المثال، غوتشنور، "الإسلام الزيدي"، ص200.
([19]) المنصور بالله عبد الله بن حَمزة، الجوهرة الشفافة رادعة الطّوافة، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي 3976، اللوحة: 236 أ، حيث تُوجد تعبيراتٌ أخرى للفكرة نفسها.
([20]) المؤلف نفسه، العقد الثمين، اللوحة: 80 أ، 128 ب – 129 أ، 131 ب.
([21]) المصدر السابق، اللوحة: 142 أ؛ والمنصور بالله، الجوهرة، اللوحة: 270 أ؛ والمؤلف نفسه، كتاب الشافي، مخطوطة برلين أهلو 10281، اللوحة: 2 أ. والفكرة نفسها في حديثٍ آخر: الهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحة: 77 أ-ب.
([22]) المنصور بالله، العقد الثمين، اللوحة: 56 أ. راجع: غوتشنور، "الإسلام الزيديّ"، ص46، 79: "لقد رفض الزيديَّة فكرة وجود إمامٍ غائبٍ"، و"شددوا بشكلٍ خاصٍ على الوجود الحالي للإمام". وطبيعة الحال، فالغيبة والفترة هما مسألتان عقائديتان مُختلفتان، لكن في السياق الحالي، فإن فكرة الهداية المستمرة هي التي يتم التأكيد عليها.
([23]) المنصور بالله عبد الله بن حَمزة، الدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبا والغنيمة، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة شرقي 3976، اللوحة: 202 أ.
([24]) ستروثمان، القانون الدستوريّ، ص91، وما يليها؛ وانظر: غوتشنور، "الإسلام الزيديّ"، ص181-182، 200، فيما يتعلق بالحُسينيَّة أو القاسميَّة.
([25]) أ. س. تريتون، صعود أئمة صنعاء، A. S. Tritton, The Rise of the Imams of Ṣanʿā’ (London, 1925), p. 128. وليس هذا هو المنصور نفسه المذكور في الهوامش السابقة. ولا يقدم تريتون أي تفاصيل عن هذا الكتاب، ولم أتمكن من تتبعه. {هو الإمام المنصور بالله أبي القاسم بن محمد بن عَلِيّ. المترجم}
([26]) مادلونغ، الإمام القاسم، Madelung, Der Imam, pp. 146. ولنقد وجهة نظر مادلونغ؛ انظر: بنيامين أبراهاموف، "الرسالة اللاهوتيَّة للقاسم بن إبراهيم"، B. Abrahamov, "The Theological Epistle of al-Ḳāsim b. Ibrāhīm" (Ph.D. diss., Tel Aviv University, 1981) (in Hebrew), 1/126. ورسالة القاسم التي استعمل فيها عقيدة الفترة هي كتاب الرد على الرافضة. والرسالة التي يرتكز فيها على عقيدة التجديد هي كتاب تذهيب الإمامة، وحقق كلاهما أبراهاموف، 2/310-321 و204-223 على التوالي.
([27]) وهذا صحيح على الرغم من وجود فتراتٍ لم يكن للزيديَّة فيها أي سيطرةٍ تقريبًا على اليمن، حيث إن المجتمعات الزيديَّة لا تتوقف عن تشكيل كياناتٍ سياسيَّةٍ، حتى عندما تتغلب عليها (مؤقتًا) قوى أخرى. ومن هنا، يُمكن أن يقول زبارة إن الزيديَّة "حكموا اليمن لأكثر من ألف سنة". مُحَمَّد بن مُحَمَّد زبارة، اليمن-التقليديَّة مقابل الحداثة، M. b. M. Zabara, Yemen- Traditionalism versus Modernity (New York, 1982), p. 5؛ وفي السياق نفسه، مُحَمَّد عبد الله ماضي، "دولة اليمن الزيديَّة: نشأتها، تطوّرها، علاقتها"، المجلة التاريخيَّة المصريَّة، 1-3 (1950): ص15، 33-34. ومن الجدير بالذكر أن قائمة الأئمة التي جمعها زبارة في الاتحاف بالكاد تسمح بفتراتٍ زمنيَّةٍ كبيرة بين إمامٍ وآخر، ولكن هؤلاء الأئمة لا يخلفون بعضهم بعضًا كرؤساء للطائفة نفسها. علاوةً على ذلك، فإنهم غالبًا ما يتقاتلون مع بعضهم بعضًا. وانظر: الهامش 12، أعلاه، وغوتشنور، "الإسلام الزيديّ"، Gochenour, "Zaydi Islam," pp. 169, 208.
([28]) مادلونغ، "المهديّ"، موسوعة الإسلام، Madelung, "Mahdī," EI2؛ وكرون وهيندز, خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph, pp. 36 ff., 75, 102-103, 113-114.
([29]) انظر، على سبيل المثال، المنصور بالله، العقد الثمين، اللوحات: 55 أ، 58 أ، 59 أ-ب. وراجع: ستروثمان، القانون الدستوريّ، Strothmann, Staatsrecht, pp. 46-48، فيما يتعلق بالإمام الثاني عشر الذي سيعود لأجل هذا الغرض.
([30]) على سبيل المثال، سِّيرة الهادي، ص330؛ والهاديّ، درر الأحاديث، ص192، الهامش1؛ والمنصور بالله، العقد الثمين، اللوحة: 53 أ. وراجع رواية الحديث التي تمدح قُريشًا: "لا تسبوا قُريشًا؛ فإن عالِمها يملا الأرض علمًا"، ابن حَجر العسقلانيّ، توالي التأسيس لمعالي ابن إدريس (بولاق، 1301هـ)، ص46-47؛ وتاج الدين السُبكيّ، طبقات الشافعيَّة الكبرى (القاهرة، دون تأريخ نشر)، 1/104؛ وابن عساكر، التبيين (ليدن)، ص82. ويُشير الفرزدق إلى الخليفة هِشام بالمصطلحات نفسها؛ وكرون وهندز، خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph, p. 37، وراجع: المرجع السابق، ص114 (عن الخليفة عُمر بن عبد العزيز).
([31]) سِّيرة الهاديّ، ص29، وانظر النبوات هناك وفي الصفحتين 25-26؛ والهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانية)، اللوحة: 149 ب. ولوصف الهادي بمصطلحاتٍ مسيانيَّة؛ انظر: فان أريندونك، البدايات، Van Arendonk, Les Debuts, pp. 269-270، وراجع: المرجع السابق، ص 132-133 بشأن نبوءةٍ أخرى بأسلوب آخر الزمان.
([32]) كرون وهيندز، خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph, p. 16.
([33]) المرجع السابق، ص18، هامش63
([34]) سِّيرة الهاديّ، ص28، 298، وغيرها؛ والهادي إلى الحق، أصول الدين، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة شرقي 3798، اللوحتان: 68 أ – 69 ب؛ والحجوريّ، روضة الأخبار، اللوحات: 182 ب، 188 أ، 196 ب؛ والمنصور بالله، العقد الثمين، اللوحات: 74 أ، 68 أ، 80 أ، 140 أ؛ والمؤلف نفسه، الدرة اليتيمة، اللوحات: 170 ب، 180 أ؛ والمؤلف نفسه، أجوبة مسائل، اللوحة: 280 أ؛ والهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحات: 74 ب، 150 أ، 176 أ؛ والناطق بالحق يَحيى بن الحُسين، الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، مخطوطة ليدن شرقي 2616، اللوحتان: 49 ب، 45 ب؛ وفان أريندونك، البدايات، Van Arendonk, Les Debuts, pp. 51, 56, n. I, 135, 137, 164, 288؛ وستروثمان، القانون الدستوريّ، Strothmann, Staatsrecht, pp. 42-43, 105.
([35]) الهادي، درر الأحاديث، ص48 (نقلا عن ستروثمان، القانون الدستوريّ، Strothmann, Staatsrecht، وكرون وهيندز، خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph, p. 98, n. 12).
([36]) الهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحة: 102 أ - ب. وسورة آل عمران، الآية 104 {وهي: )وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(. المترجم.}.
([37]) المنصور بالله، العقد الثمين، اللوحة: 60 ب.
([38]) فان أريندونك، البدايات، Van Arendonk, Les Debuts, p. 56, n. I. نقلًا المحليّ، الحدائق الورديَّة.
([39]) الهدويّ، أنوار اليقين، مخطوطة ليدن، شرقي 14.266، اللوحة: 63 ب.
([40]) الحجوريّ، روضة الأخبار، اللوحتان: 235 ب – 237 ب. وراجع فكرةً مُماثلةً في دعوة يزيد الثالث، كرون وهندز، خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph, p. 63. وتجدر الإشارة إلى أنه بطبيعة الحال لجأ كل المطالبين بالعرش إلى الكتاب والسُّنَّة، بحجة أن خصومهم ضلوا، ولكن لم يستخدم كلٌ من هؤلاء المطالبين عقيدة التجديد وما يتعلق بها.
([41]) المصدر السابق، اللوحة:. 77 ب؛ وراجع: 82 ب. {لم أوفق إلى هذا المصدر حتى أنقل النص كما هو. المترجم.}.
([42]) الهاديّ، درر الأحاديث، ص187-189؛ والمنصور بالله، العقد الثمين، اللوحة: 56 ب.
([43]) سِّيرة الهادي كما نقلها الحجوريّ، روضة الأخبار، اللوحة: 182 ب، وبالمثل اللوحة: 188 أ، وانظر اللوحة: 187 ب. إلا أن اليمنيين كان لديهم غرضٌ آخر في ذهنهم: فقد دعوا الهادي كوسيطٍ لتسوية خلافاتهم الداخليَّة بحياديَّة، انظر غوتشنور، "الإسلام الزيديّ"، Gochenour, "Zaydi Islam," p. 130.
([44]) المصدر السابق، اللوحة:. 196ب؛ وراجع: مُحَمَّد بن جرير الطبريّ، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق: إم. دي خويه (ليدن، 1879-1901م)، السلسلة رقم 2، ص240، حيث يتحدث الحُسين عن قتل السُّنَّة النبويَّة؛ نقلًا عن كرون وهيندز، خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph, p. 60, n.5.
([45]) مسلم بن مُحَمَّد اللحجيّ، كتاب فيه شيءٌ من أخبار الزيديَّة باليمن، مخطوطة برلين أهلو 9664، اللوحة: 39 ب – 41 أ.
([47]) المصدر السابق، ص302-303. تُقرأ "نعشتُ كتاب الله"، وأثبت المحقق "بعثتُ كتاب الله"؛ انظر: مخطوطة سِّيرة الهادي، مخطوطة ليدن شرقي 8943، 66 ب.
([48]) المصدر السابق. (مخطوطة ليدن)، اللوحة: 69 ب = مخطوطة المكتبة البريطانيَّة شرقي 3901، اللوحة: 128 ب. وهذا البيت بذاته مفقودٌ من طبعة زكار لـسِّيرة الهادي.
([49]) في الأصل: "هو البيت المنسوب"، والصواب ما أثبته؛ لأن الخطاب جاء في بيتين. المترجم.
([50]) سِّيرة الهادي، ص330. وراجع: سِّيرة المنصور، اللوحة: 14 بـ: "لولا جده [أي المنصور] رسول الله ما علمنا الزكاة ولا الصلاة". راجع غوتشنور، "الإسلام الزيديّ"، Gochenour, "Zaydi Islam," pp. 83, 176, 207-208، عن جهل اليمنيين في المسائل الشرعيَّة الأساسيَّة. وبحسب غوتشنور؛ فإن الزيديَّة هم في الواقع من أدخلوا الإسلام بجديَّةٍ إلى اليمن؛ المرجع السابق، ص35
([51]) سِّيرة الهادي، ص23. وراجع: الهدويّ، أنوار اليقين، (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحة: 112 أ، حيث يُقال لإبراهيم والد القاسم الرسيّ: مُحيي السُّنن.
([52]) في الأصل: "البيت التالي"، والصواب ما أثبته. المترجم.
([54]) الهادي، درر الأحاديث، ص191-192؛ والمحرابيّ، الجوابات، اللوحة: 24 ب؛ والهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحة: 150 أ؛ وراجع: اللوحة: 133 أ. ولا يقتصر استخدام هذا التلاعب بالألفاظ على الزيديَّة. ويُطبق أيضًا على العالِم الشافعيّ (اليمنيّ) يَحيى بن أبي الخير؛ انظر: عُمر بن عَلِيّ بن سمرة الجعديّ، طبقات فقهاء اليمن (القاهرة، 1957م)، ص181
([56]) السيوطيّ، التنبئة، اللوحة: 74 ب، وانظر مقالتي "الإصلاح الدوريّ"، "Cyclical Reform," n. 129.
([57]) وأيضًا لدى الهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحة: 149 ب. ويَستخدم تعبيرًا مُماثلًا عند الإشارة إلى الإمام الحَسن بن عبد الرحمن: "مُحيي السُّنن الميتة"، والمصدر السابق. اللوحة: 177 ب. وللمؤيد يُقال: حُييت به الفرائض، والمصدر السابق، اللوحة: 178 أ. {الذي وجدته في كتاب السيوطيّ: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجدد بها أمر دينها "، ولم يذكر أنه من أهل البيت، في حين أنه ذكر حديثًا آخر يتضمن ذكر المُجدد أنه من أهل البيت، ولكن دون لفظة "يُجدد": "إن الله يمن على أهل دينه في رأس كل مائة سنةٍ برجلٍ من أهل بيتي، يُبين لهم أمر دينهم ". المترجم}.
([58]) الناطق بالحق، الإفادة، اللوحة: 2 ب.
([59]) حُميد بن أحمَد المحليّ، الحدائق الورديَّة في ذكر أئمة الزيديَّة، المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة، عربي 3786، اللوحة: 140 أ.
([60]) انظر، على سبيل المثال، المصدر السابق، اللوحة: 208، وما بعدها. وفي مخطوطة ليدن، اللوحة: 40، وما يليها؛ والصاحب بن عبّاد، نُصرة مذاهب الزيديَّة (بغداد، 1977م)، وغيره، والمحرابيّ، الجوابات، اللوحة: 76 أ، وما بعدها؛ وحُميدان، التصريح، اللوحة: 108 ب، وما يليها؛ والحجوريّ، روضة الأخبار، اللوحتان: 84 أ -85 ب؛ والهدويّ، أنوار اليقين (المكتبة البريطانيَّة)، اللوحتان: 84 أ - ب، 149 ب؛ وسِّيرة المنصور، اللوحة: 11 أ؛ وسِّيرة الهادي، ص23، وغيرها. والهادي إلى الحق، المجموع، مخطوطة ميونخ. رقم عربي 43، اللوحة: 78 أ - ب؛ مُحَمَّد بن عَلِيّ بن يونس الزحيف، مآثر الأبرار في تفصيل مًجملات جواهر الأخبار، مخطوطة ليدن شرقي 6327، وغيرها؛ والمنصور بالله، العقد الثمين، اللوحات: 2 أ، 46 ب، 68 أ، 80 أ، بل راجع: اللوحة: 77 ب، تحديدًا، حيث من الممكن قراءتان: مُجددًا للشريعة أو مُحددًا للشريعة؛ وعلى آية حال، فالنص يتناول الإماميَّة وليس الزيديَّة.
([61]) سِّيرة المنصور، اللوحة: 4 أ. وفيما يتعلق بالمنصور وعهده؛ انظر مادلونغ، "ملكيَّة وضريبة الأراضي في شمال اليمن ونجران: القرن الثالث والرابع الهجريين/التاسع والعاشر الميلاديين"، Madelung, "Land Ownership and Land Tax in Northern Yemen and Najran: 3rd-4th/9th- 10th Century," in T. Khalidi, ed., Land Tenure and Social Transformation in the Middle East (Beirut, 1984), pp. 189-207؛ وغوتشنور، "الإسلام الزيديّ"، Gochenour, "Zaydi Islam," pp. 168, 181, and passim.
([62]) المنصور بالله عبد الله بن حَمزة، الرسالة الهادية، مخطوطة المكتبة البريطانيَّة، شرقي 3976، اللوحة: 164ب. وعن المطرفيَّة؛ انظر: غوتشنور، "الإسلام الزيديّ"، Gochenour, "Zaydi Islam," pp. 186-201
([63]) المنصور بالله، الدرة اليتيمة، اللوحة: 203 أ - ب.
([64]) ابن المؤيد، الروضة، اللوحة: 12ب. وفيما يتعلق بابن المؤيد، المعروف بأبي علامة؛ انظر: أيمن فؤاد سيد، مصادر تاريخ اليمن في العصر الإسلاميّ (القاهرة، 1974م)، ص 226، وبروكلمان، تأريخ الأدب العربيّ، GAL, 1st ed., vol. 2, p. 290، وزبارة، الاتحاف، ص ص77-78
([65]) ابن المؤيد، الروضة، اللوحة: 12 ب. وفي شأن الديلميّ؛ انظر: عُمر رضا كحالة، معجم المؤلفين (دمشق، 1376- 1381هـ)، 9/190، وبروكلمان، تأريخ الأدب العربيّ، GALS, 2/241.
([66]) انظر، على سبيل المثال، الإتحاف. ص20
([67]) ابن المؤيد، الروضة، اللوحة: 12 أ - ب، وفيما يتعلق بالحَسن بن بدر الدين؛ انظر: عبد الله مُحَمَّد الحبشيّ، {حُكماء اليمن المؤلفون المجتهدون}، A. M. al-Hibshi, Mu' al lafiit hukkiim al-yaman, ed. E. Niewtlhner-Eberhard (Wiesbaden, 1979)، pp. 52-53؛ وبروكلمان، تأريخ الأدب العربيّ، GALS, vol. l/703, 12 a - b؛ وزبارة، الإتحاف، ص61
([68]) يَحيى بن الحُسين، غاية الأماني، 2/546
([69]) ابن المؤيد، الروضة، اللوحة: 12 أ - ب؛ ومُحَمَّد بن عبد الرحمن السخاويّ، المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المُشتهرة على الألسنة (بيروت، 1979م)، ص121-122. وكتاب ابن الوزير غير مسجلٍ في المصنفات الببليوغرافيَّة. ولكنه موجودةٌ بالمكتبة الغربيَّة بالجامع الكبير بصنعاء؛ انظر: فهرس مخطوطات المكتبة الغربيَّة بالجامع الكبير بصنعاء، إعداد: أحمَد مُحَمَّد عيسوي ومُحَمَّد سعيد المليح (صنعاء، 1978م)، ص61. وعن ابن الوزير؛ انظر: بروكلمان، تأريخ الأدب العربيّ، GALS, 2/558؛ وسيد، المصادر، ص212
([70]) قد يكون الصواب "التُحفة العنبريَّة". المترجم.
([71]) انظر: الهامش 67، أعلاه.
([72]) سيد، المصادر، ص335؛ وانظر: مجلة الزهراء، 4 (1347هـ): ص97
([73]) إسماعيل بن مُحَمَّد بن الحَسن، سمط اللآل في شعر الآل، مخطوطة ليدن شرقي. 2612، اللوحة: 148 أ. مٌقتبسٌ من النفحة، مصدر سابق، اللوحة: 38 ب.
([74]) يُشير زبارة مرةً وحيدة إلى عملٍ بعنوان نفحات العنبر في الإتحاف، ص87؛ ولكن المادة المذكورة تتعلق بشخص تُوفي عام 1130هـ/1718م؛ وإنما تُوفي ابن المؤيد سنة 1030هـ/1621م.
([75]) سمط اللآل، اللوحة: 128 ب. والإمامان هما: الهادي إلى الحق، والمنصور بالله القاسم بن مُحَمَّد.
([76]) إغناز غولدتسيهر، الدراسات الإسلاميَّة، I. Goldziher, Muslim Studies, trans. C. R. Barber and S. M. Stern (London, 1971), pp. 32-33, 73. وليس من الواضح في أي فترةٍ حدد غولدتسيهر أصل هذه الظاهرة. ويمكن أن يكون في أي وقتٍ بين القرنين الأول والثالث الهجريين.
([78]) انظر: كرون وهيندز، خليفة الله، Crone and Hinds, God's Caliph.
([79]) راجع: ي. فرنكل، "التجديد والإصلاح كبرنامجٍ سياسيٍّ: صعود السلالة السعديَّة في المغرب في أوائل القرن السادس عشر"، Y. Frenkel, "Tajdīd and iṣlāḥ as a Political Program: The Rise of the Sa'did Dynasty in Morocco in the Early 16th Century," Hamizraḥ Heḥadash: Special Issue on Renewal (tajdīd) and Reform (iṣlāḥ) 31 (I 986). وانظر: الهامش40، أعلاه.
([81]) زبارة، الإتحاف، ص ص78-79
([82]) ليس من المؤكد ما إذا كان الكتاب قد كُتب أم لا؛ إلا أن ابن حَجر أعلن عن نيته كتابته. انظر مقالتي "الإصلاح الدوريّ"، "Cyclical Reform," n. 60. وحول ارتباط ابن حَجر باليمن؛ انظر: ستروثمان، "التراث الزيديّ"، Strothmann, "Literatur," p. 71.
([83]) زبارة، مُلحق البدر الطالع (القاهرة، 1348هـ)، ص36؛ وانظر ما ذُكر أعلاه في هذا البحث.