أبو حيان التوحيدي
فئة : أعلام
هو أبو حيّان علي بن محمّد بن العبّاس التوحيدي. اختلف المؤرّخون في تفسير نسبة التوحيدي إليه فردّها أغلبهم إلى مهنة والده الذي كان يبيع نوعيّة من التمر العراقي يسمّى "التوحيد". لا تتوفر معلومات دقيقة عن ولادته ونشأته ولا حتّى تاريخ وفاته رغم شهرته. والأرجح أنّه ولد نحو سنة 310هـ (923م) ببغداد.
أفادته مهنة الوراقة في اكتساب ثقافة واسعة ثريّة إذ تمكّن من الاطّلاع على رصيد هام من الكتب المؤلّفة والمترجمة. دعّمها بتتلمذه على أقطاب العلم في عصره ومنهم أبو سعيد السيرافي وعلي بن عيسى الرمّاني في النحو، وأبو بكر الشافعي وأبو الفرج النهرواني في الفقه والحديث، ويحيى بن عديّ وأبو سليمان السجستاني المنطقي في الفلسفة. وكان شديد التأثّر بكتابات الجاحظ وفكره وهو ما عبّر عنه في "رسالة في تقريظ الجاحظ".
وقد أثمرت هذه الثقافة الموسوعيّة كتابات مختلفة المشارب والمواضيع، فقد ألّف التوحيدي في النّفس والأخلاق والفنّ والعقل والجمال والسياسة والصداقة والأدب.. وعدّه ياقوت الحموي: "فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة" لكونه لم يدّخر جهدا في الإدلاء بدلوه في مختلف المسائل الفلسفيّة التي أثيرت في عصره مناقشا تارة ومستحسنا أو رافضا مستنكرا أخرى.. ودلّ ذلك على إيمانه بفضل المحاورة ونسبيّة الحقيقة وقيمة العقل وموقفه الرافض للتقليد..
حظيت مؤلّفاته عامة بثناء دارسيها عربا ومستشرقين لتنوّعها وبليغ كتابتها. مع أنّ القدامى اختلفوا في تصنيفه بين من اتهمه بالكفر والزندقة وبين من دافع عنه ونفى الاتهامات الموجّهة إليه. واشتهر خبر كونه أحرق جميع كتبه قبل وفاته ليأس أصابه. ومع ذلك بقي نزر من هذه الكتابات شاهدا على تميّز فكره وشخصيّته وأسلوبه وشكّل وثيقة هامة للتّعرّف على خصائص الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة والروحيّة والفكريّة عامة في عصره، ومن هذه الكتابات نذكر "الإشارات الإلهيّة" و"الإمتاع والمؤانسة" و"مثالب الوزيرين" و"الصداقة والصديق" و"البصائر والذخائر" و"المقابسات" و"الحج العقلي إذا ضاق الفضاء عن الحج الشرعي"..
توفّي سنة 399 هـ (1009م).