سوسيولوجيا الدين وقضايا التديّن والتطرّف الدّيني
فئة : حوارات
حضور العلوم الاجتماعية والإنسانية في الفضاء العمومي العربي ما زال محدودا، سواء من حيث آثارها وانعكاس نتائجها في الجامعات والمعاهد العليا أو تبيئتها على مستوى السوسيو-سياسي والاقتصادي التنموي الاستراتيجي، مع أنّ الحاجة تبقى ماسة لمقاربة قضايا كثيرة جدا كمادة خام للممارسة العلمية الملتزمة من لدن الجماعات العلمية في هذا الميدان.
ولعل واحدة من هذه القضايا تلك المرتبطة بالظاهرة الدينية، تمثّلاتها وممارساتها واتجاهاتها ومواقف الفرد العربي تجاهها، والتي تشكّل نظرته لذاته ومجموعة الأغيار والعالم.
وتعتبر هذه القضايا أرضية للاشتغال السوسيولوجي منهجيا ونظريا وإبستيمولوجيا، وذلك من أجل بناء معرفة علمية بوصفها تفسيرا للبنيات الذهنية والرواسب الثقافية للفرد العربي / الأمازيغي... من جهة، وفهما عميقا موضوعيا للشروط والعوامل السياقية المتجذرة في المكان والزمان من جهة أخرى. وما يزيد من أهمية الممارسة السوسيولوجية الملتزمة إقليميا في تشابكها مع نظيرتها على الصعيد العالمي هو تصاعد أعمال العنف وأشكال التمييز الديني والطائفي وقضايا الإرهاب في العالم العربي وتصاعد ما يسمى بالإسلاموفوبيا وعودة الديني في الغرب مع ارتفاع معدّلات الهجرة العالمية نتيجة الأوضاع الهشة والنزاعات المحلية وما نتج عنها من أحداث، ما يسمّى، "بالربيع العربي" وباقي دول العالم.
الأمر الذي يجعل الممارسة السوسيولوجية والعلوم الاجتماعية والإنسانية بشكل أعمّ أمام تحديات جديدة؛ مرتبطة بإمكانية استثمار معارفها، بشكل فعّال، في السياسات العمومية والإجابة عن أسئلة الهشاشة والفقر والتنمية البشرية والتغيير الاجتماعي في أفق تحرير البنيات الذهنية وتحريكها تجاه الرقي والنماء ونبذ كل مظاهر العنف والتمييز والإرهاب، فضلا عن أسئلتها المتجددة ومناقشاتها الإبستيمولوجية حول شروط علميّتها (مطمح الموضوعية والمنهج والنمذجة العلمية وغيرها) وبيداغوجيتها وديداكتيكها على مستوى الدرس الجامعي الأكاديمي. هذه القضايا أو بعضها على الأصح سنناقشها مع د. إدريس الصنهاجي، أستاذ علم الاجتماع بكلّية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، المتخصّص في قضايا الدين والتديّن.
رشيد المشهور: الأستاذ إدريس الصنهاجي، أنتم أستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، اشتغلتم أستاذا للفلسفة، وأستاذا عرضيا لعلم الاجتماع بجامعة محمد الأول بوجدة، قبل التحاقكم بجامعة فاس، ما تقييمكم لوضعية العلوم الاجتماعية والإنسانية في الجامعات المغربية؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: يصعب جدّا تقييم وضعية العلوم الاجتماعية بالجامعات المغربية؛ فهذا الأمر، كما تعلم، يحتاج لدراسات ومعطيات إحصائية وغيرها، لكن يمكنني الحديث عن وضعية علم الاجتماع بالمغرب، فأقول: إنّ هذا التخصّص العلمي يعرف تطوّرا ملموسا كمّا ونوعا؛ فشُعَب ومسالك علم الاجتماع تتوسع وتنتشر بالجامعات المغربية في الوقت الذي كانت محصورة في جامعتي فاس والرباط، حيث توجد حاليا بكلّ من مكناس والقنيطرة والدار البيضاء وبني ملال ومراكش وأكادير وتطوان ووجدة، كما أنّ الدراسات والبحوث التي ينجزها السوسيولوجيون المغاربة أصبحت متعددة ومتنوعة ومتقدمة منهجيا تشمل مختلف الديناميات الاجتماعية؛ فلن تجد مجالا من المجالات إلاّ وفيه دراسات سوسيولوجية: الفقر، التنمية، التغير الاجتماعي، المقاولة، الانتخابات، القيم، الصحة، الانحراف، الأسرة، الجريمة، الدين، .... إلخ، بل بدأنا نشهد صعود سوسيولوجيين مغاربة ترتبط أسماؤهم ببعض الموضوعات والقضايا المحددة لما راكموه فيها من دراسات وخبرات ومعارف (لا أريد ذكر أسماء حتى لا يغضب البعض لما في الأمر من صراع على المستوى الرمزي). لكن هذا لا يعني أنّ الأمور بكل خير، فهناك مشاكل مرتبطة بوضعية التعليم في المغرب عموما، وهي بالأساس مشاكل التكوين ومستوى الطلبة وإمكانيات البحث العلمي وسوق الشغل...
رشيد المشهور: وكيف يمكن للعلوم الاجتماعية والإنسانية، أن تساهم في الخروج من هذا المأزق الذي يعيشه تعليمنا؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: العلوم الاجتماعية تدرس المجتمع في كل أبعاده بناء على مناهج ومقاربات وتقنيات تتطور باستمرار، وتهدف إلى فهم حركية المجتمع وتفسير الظواهر موضوع الدراسة والكشف عن قوانينها، وفي بعض الأحيان يمكنها التنبّؤ أو اقتراح حلول. لكن يبقى على السياسي ومن في موقع المسؤولية اتخاذ القرار المناسب وفق نتائج هذه الدراسة أو الدراسات، إن أراد، وبناء على ما لديه من معطيات أو حسب الأولويات وغيرها. ويمكن القول بشيء من التأكيد، وهذا معروف على المستوى الدولي، بأنّ المشاريع التي تقوم على دراسات علمية تكون حظوظها في النجاح أكبر. وأتصور بأننا في المغرب لا زلنا نعاني من هذا الأمر؛ أي ضعف إن لم يكن غياب الدراسات العلمية الرصينة عن بعض المشاريع المهمة... ولعلّ ما نعيشه من مشاكل في التعليم خير مثال على ذلك.
رشيد المشهور: وهل يمكن تقييم المنجز الأكاديمي للسوسيولوجيا في الجامعات المغربية خاصة؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: هذا الأمر أيضا يحتاج إلى دراسة، إن لم تكن دراسات، تشمل مختلف شعب ومسالك علم الاجتماع بالجامعات المغربية؛ حول عدد الأطاريح، ومواضيعها، وجدّتها وأصالتها، عدد الطلبة الذين يتخرّجون من هذه الشعب وفرص انخراطهم في النسيج المجتمعي اقتصاديا وسياسيا وثقافيا ومدنيا، عدد البحوث والدراسات التي ينجزها الأساتذة الباحثون أكانت مقالات أم كتبا أم غيرها، عدد المجلات التي يصدرونها أو يشرفون عليها، عدد الندوات والملتقيات العلمية التي ينظّمونها أو يشاركون فيها، مدى مساهمة الباحثين السوسيولوجيين في النقاشات والقضايا العمومية التي تشغل اهتمام المغاربة، مدى حضور إنتاجاتهم في المنشورات العلمية العالمية، .... إلى غير ذلك من المعطيات التي تمكّن فعلا من إجراء تقييم موضوعي. ولحدّ علمي هناك دراسة حول شُعَب علم الاجتماع في المغرب، لا أعرف طبيعتها بالتحديد، يقوم بها المركز العلمي العربي بالرباط، أتمنى أن تكون شاملة وتقدّم الإجابة، لأننا في حاجة إليها. طبعا، نسجل بأنه كانت هناك بعض المحاولات في هذا الاتجاه لكنها بقيت جزئية ومحدودة، نذكر مثلا العمل الذي قام به أندري أدم Adam André وأصدره منذ بداية السبعينيات (1972) تحت عنوان ببليوغرافيا نقدية للسوسيولوجيا والإثنولوجيا والجغرافيا البشرية للمغرب Bibliographie critique de sociologie, d’ethnologie et de géographie humaine du Maroc أو الدراسة التي قام بها الأستاذ عبد الجليل حليم المعنونة بـ "البحث السوسيولوجي في المغرب" (وهو مقال صدر بمجلّة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس سنة 1979)، أو العمل الببليوغرافي الآخر الذي أنجزه الأستاذان المغربيان أحمد شرّاك وعبد الفتاح الزين تحت "اسم السوسيولوجيا المغربية: ببليوغرافيا" (1996 بالفرنسية والعربية)... أو ما أصدره نورالدين الزاهي تحت عنوان "المدخل لعلم الاجتماع المغربي" (2011 سلسلة وجهة نظر).. وغيرها من المحاولات التي تبقى جزئية كما قلت.
رشيد المشهور: تهتمّون بقضايا سوسيولوجيا الدين وأنماط التديّن، كيف تقيّمون الوضع الحالي للظاهرة الدينية في المغرب؟ وقبل ذلك، إن كان ممكنا، ما التمييز بين الدين والتديّن؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: هذا التمييز ضروري ومهم، لأنّ الدين ليس هو التديّن. فقد ننتمي إلى نفس الدين لكن تديّننا يكون مختلفا؛ وهو ما يجعل البعض مثلا يتحدث، حينما يتعلق الأمر بالدين الإسلامي، عن إسلامات وليس عن إسلام واحد موحّد. ونحن كباحثين في علم الاجتماع نعطي أهمية كبيرة لتحديد المفاهيم والمتغيرات التي نشتغل عليها. فتحديد المفهوم يشكّل منطلقا للدراسة، ويساعد على تنظيم الأفكار وتوجيهنا نحو الهدف، بل "يعطي معنى للعلاقات الملاحظة بين الظواهر" كما يقول بول لازارسفيلد، وحينما نتحدّث عن الدين / الأديان من وجهة نظر السوسيولوجيا، فإننا نقصد بذلك مجموع المعتقدات والرموز والطقوس والممارسات الموجّهة أو المتمركزة حول المقدّس والخاضعة لنظام معين أو تشكّل نسقا. وهذا التعريف هو عمل تركيبي إجرائي يعكس مختلف أبعاد الظاهرة الدينية، لأنّ هناك عددا كبيرا من التعاريف. وأنا هنا أتحدث عن الدين بصيغة الجمع؛ أي عن الأديان وليس عن دين بعينه، أو بشكل أدق عن المشترك بين الأديان. فالدين هو في جانب منه معتقدات وأفكار وتصوّرات وتمثّلات حول مختلف عناصر الوجود، وهو أيضا طقوس وممارسات حافلة بالرموز وخاضعة لروابط معينة وكلّها موجّهة نحو المقدّس. فمعظم التعاريف التي قدّمها علماء الاجتماع والباحثون في العلوم الاجتماعية، على الأقل التي تمكنّا من الاطلاع عليها، تجعل الدين متمحورا حول فكرة المقدّس، بما هو متعارض مع المدنّس. والتعارض مقدّس - مدنّس يترجم على الأغلب كتعارض بين الحقيقي واللاحقيقي بين الكمال والنقص. لذلك تبقى فكرة المقدّس محورية في عالم الأديان، والمتخصّصون يذكرون عبارة لروجيه كايوا Roger Caillois يقول فيها بأنّ المقدس "هو، في الحقيقة، المقولة التي ينبني عليها السلوك الديني". إنّه ما يتماثل مع الإلهي، فيسمو على حياة الأفراد والجماعات الدنيوية، ويتشكّل كعالم مفارق للعالم الدنيوي المدنّس. لكن المقدّس لا يحيل في كل الديانات على فكرة الإله، بل يدل على الكائن المطلق وعلى الحقيقة، وعلى الخلود والفاعلية، فيكون متعارضا مع المدنس. وهذا التعارض الدينامي هو الذي يؤسس الروابط الاجتماعية والممارسات والطقوس. ولكن حتى حينما يبدو عالَمَا المقدّس والمدنّس أو الدنيوي متعارضيْن في الواقع، فهما ليسا مجالين منفصلين بالطبيعة، بل إنّهما متداخلان. وهذه الوضعية، التعارض والتداخل، هي التي تحكم الوجود البشري برمّته حسب بول تليش Tillich Paul. وإذا لاحظت بأني أكثرت الحديث عن المقدس، فلأنه جوهر الدين، ولأنّ المعتقدات الدينية هي، في الحقيقة، تمثلات تعبّر عن طبيعة الأشياء المقدّسة. وهنا نأتي إلى التديّن بما هو ممارسات وتصرّفات تجاه هذه الأشياء المقدّسة. ففي التديّن نكون قد انتقلنا من المعتقد والفكرة والتمثل إلى الممارسة الواقعية لهذه المعتقدات والقناعات الدينية؛ أي إلى الكيفية التي يعيش بها الناس تجربتهم الدينية في السياق الاجتماعي. فطبيعة هذه المعتقدات والأفكار والتمثلات الدينية، وطبيعة عملية الانتقال هذه، هي التي تملي على المتدين كيفية التصرّف وطريقة السلوك. وهنا مصدر الاختلاف في المواقف النظرية والعملية بين من ينتمون لنفس الدين وحتّى نفس المذهب.
رشيد المشهور: بناء على هذه التوضيحات المهمّة، وحتّى نرجع إلى الجزء الثاني من السؤال، كيف تنظرون أستاذ للوضع الديني في المغرب؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: يمكن القول بأنّ الوضع الديني في المغرب، بوجه عام، لا يخرج عن السياق العالمي الذي يشهد حضورا مكثّفا للديني، أو ما أصبح ينعت بـ "عودة الدين". وفي تقديري، لا يمكن الحديث عن عودة الدين حتى في المجتمعات الأشدّ علمانية، والتي تجعل المعتقد الديني شأنا فرديا خاصا، فما بالك بالمغرب الذي يشكّل فيه الدين عنصرا مركزيا في السياسة والثقافة. فالدين لم يختف ولم يغب عن الحياة الخاصة والعامة، بل كان دائما في قلب الصراعات والرهانات على السلطة. وأنا هنا لا أريد تكرار ما قلته في مقال نشر في مجلّة "الأزمنة الحديثة" في أحد أعدادها لسنة 2014. فالجديد في المغرب، وفي بعض الدول الإسلامية التي تشبهنا إلى حد ما، هو تكتّل بعض المتديّنين في أشكال تنظيمية جديدة أتاحها التطور على المستوى التشريعي القانوني، مع توظيف البنيات التقليدية المرتبطة عموما بالتعليم العتيق، فانتظموا في جمعيات أو وداديات أو حركات أو غيرها على أساس مراجع فكرية دينية معيّنة وأهداف مشتركة، منها ما بدأ الاشتغال بعد تصفية الاستعمار السياسي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وحتى قبل ذلك، بهدف القضاء على كل بقاياه المتمظهرة أكثر في المجال الثقافي، وبهدف أعم هو تحقيق الإقلاع الحضاري. هذا هو حال كل الحركات الإسلامية التي تنشد إقامة دولة الخلافة... وما زاد من نموّ هذه الحركات وتقويتها في مختلف البلدان الإسلامية والعربية والمغاربية بالخصوص هو فشل السياسات التنموية في هذه البلدان، فأصبحت الأزمة هيكلية ولا تزيد إلا تعمّقا. وهناك قاعدة سوسيولوجية يجمع عليها معظم الباحثين المختصين في سوسيولوجيا الدين، وهي أنه في لحظات الأزمة يتم الرجوع إلى الدين والتمترس وراء شعاراته الجاهزة. وشعار "الإسلام هو الحل" الذي رُفع من طرف تنظيمات الإسلام السياسي (التي تهدف التغيير السياسي والوصول للسلطة بخلفية إيديولوجية دينية) يجد تفسيره في هذا السياق؛ بمعنى أنّها جاءت كردّ فعل على ما كانت تعيشه هذه البلدان من مشاكل على مختلف الأصعدة. وفي المغرب، فضلا عن ذلك، فقد وجدت هذه التنظيمات دعما متعدّد الأشكال من طرف الدولة لمحاصرة التيارات اليسارية التي كانت تشكل معارضة قوية لنظام الحكم منذ الستينيات إلى تسعينيات القرن الماضي (وهذا لم يعد سرا، فقد اعترف به حتى بعض زعماء الإسلام السياسي، ويمكن هنا الرجوع إلى ما قاله مصطفى المعتصم لإحدى الجرائد الوطنية في حوارات تحت اسم "كرسي الاعتراف"). ولكن الذي أثار الانتباه إليها وجعل الكل يتحدث عن حركات الإسلام السياسي منذ ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، هو حضورها الملفت في الفضاء العمومي، وربما إصرارها على إظهار تدينها للعموم؛ فظهور بعض الطلبة في الجامعات المغربية مدافعين عن الشعار أعلاه ودخولهم في مواجهات دامية مع طلبة يساريين، وإقامة الصلاة بشكل جماعي في الطرقات أو في الشواطئ، أو تنظيم مخيّمات خاصة بجماعة دينية معينة، أو تأطير حفلات زفاف أو عقيقة أو أي شكل احتفالي بأجواق وفرق وخطابات دينية، وارتداء نوعا معينا من اللباس (الأفغاني وغيره) وإطلاق اللحى ... إلى خروج البعض في ما يسمّى بفرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتصيد بعض الضحايا والاعتداء على الناس بدعوى محاربة الخروج عن "أخلاق الإسلام"، في محاولة لإظهار نمط الدولة الدينية التي يبشرون بـ "تطبيق الشريعة" فيها، ثم الانتقال بعد ذلك إلى مرحلة أخطر، وهي تنفيذ الهجمات الإرهابية كما حدث في الدار البيضاء سنة 2003... كل هذا كان نتيجة لسنوات من العمل وبمباركة الدولة التي ارتدوا عليها. وهنا أستحضر مفهوما وظّفه جاك دريدا في تحليله لهجومات الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا، استعاره هو الآخر من البيولوجيا وهو الحصانة الذاتية Auto-immunité. فمن أجل حماية الذات وتحصينها من كل خطر يهددها تفرز هذه الذات دفاعات مناعية، لكنها قد تقوم بدور معاكس، حيث "تنهمك في التدمير الذاتي لمناعتها الطبيعية".
ويمكن القول بأنّ ما نعيشه اليوم على مستوى الحقل الديني هو نتيجة لهذا السياق..
رشيد المشهور: إذن كيف يمكن تشريح الحقل الديني بالمغرب في الوضع الحالي؟؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: ما نعيشه هو امتداد لما تحدّثت عنه، فما نعرفه في المغرب من أزمات على مستويات مختلفة، في التعليم والاقتصاد والتنمية وغيرها، وهو ما يتمظهر بشكل واضح في انتشار الفقر والعطالة والفساد المركّب..، تفسيره بالنسبة إلى أصحاب الإسلام السياسي بسيط جدا، ما دام سببه واضحا ومعلوما، ولا يحتاج إلى دراسات أو منتديات علمية، وحلّه بسيط بالقدر نفسه، ويكمن فقط في الرجوع إلى التطبيق "السليم" لتعاليم الإسلام، واستعادة نموذج الخلافة.
وإذا أردنا أن ننظر ونتفحّص سوسيولوجيا الحالة الدينية في المغرب، يتبين لنا الحضور والتأثير البارز لفاعلين معينين في الحقل الديني دون سواهم. فإلى جانب الدولة، التي تبقى أكبر هؤلاء الفاعلين انطلاقا من إمارة المؤمنين، نجد الزوايا، والأحزاب، والحركات أو الجماعات الإسلامية، وما أصبح يعرف في السنوات الأخيرة بـ "السلفية الجهادية" ثم جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. هؤلاء الأطراف هم الذين يصيغون ـ في نظرنا ـ تديّن المغاربة ويوجّهونه بعد أن يكون المغربي قد تلقى تربية دينية معينة في الأسرة والمدرسة. ونحن لا نغفل دور العلماء والفقهاء والمرشدين والمثقفين الإسلاميين، وإنما نجدهم مندرجين ضمن طرف من الأطراف التي أشرنا إليها أعلاه. وحتى إن كان أحد المصلحين الدينيين أو العلماء غير منتم لأية جهة مما ذكرنا، ويحاول استغلال الإمكانات المتاحة له، ليتحوّل إلى ذات فاعلة بالمعنى الذي حدّده ألان تورين، فلن يستطيع ذلك خارج الوسائط التي حدّدناها سلفا، نظرا لطبيعة الدولة والمجتمع المغربيين. وفضلا عن هؤلاء الفاعلين المحليين يجب أن نسجّل حضور فاعلين خارجيين تجسدهم بالخصوص بعض القنوات التلفزيونية والعديد من المواقع الإلكترونية والجمعيات المدنية؛ التي يلزم استحضار تأثيرها في إعادة صياغة دين وتديّن المغاربة...
كل هؤلاء يتدخلون، بدرجات متفاوتة، في التنشئة الدينية للمغاربة، فيشكّلون تمثلاتهم وتصوراتهم الدينية ونمط تديّنهم. وكل طرف يقدّم عرضه الديني، باعتباره الأصح والمعبّر عن حقيقة الإسلام.
وهكذا يكون المجال الديني في المغرب خاضعا لتدخّل العديد من الأطراف باستراتيجيات وغايات مختلفة، وإن بقيت إمارة المؤمنين هي الطرف الأقوى والأبرز. وهنا يجب أن نسجّل الصراع الموجود بين الدولة (إمارة المؤمنين) وبين أصحاب الإسلام السياسي؛ فهؤلاء يرون بأنّ الدولة ليس من حقّها احتكار التدخّل في شؤون الدين بالمملكة، بل تترك لهم فرصة القيام بذلك أو تشركهم بطريقة ما.....
رشيد المشهور: عذرا، لكن هل يمكن جعل الشؤون الدينية في المغرب مجالا حرّا لتدخّل العديد من الأطراف، وميدانا للتعبئة والاستقطاب؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: في تقديري الخاص، هذا الأمر يكون ممكنا ومطلوبا في دولة حسمت اختياراتها السياسية، وانتقلت بشكل لا رجعة فيه إلى دولة ديمقراطية حديثة؛ حيث الفصل الحقيقي للسلط، والكلمة العليا للقانون العادل والقضاء النزيه، والسيادة النهائية للشعب على كل المؤسسات يمارسها عن طريق انتخابات حرة نزيهة...وحيث لا يمكن أن يكون الدين إلاّ مسألة خاصة، تجعل الأشخاص يرفضون تلقائيا الزجّ بمعتقداتهم في صراعات السياسة ورهانات السلطة... وحيث إنّ هذا الأمر غير متحقّق لدينا، ولازلنا نتلمس طريقه، فالأهون أن تشرف إمارة المؤمنين على الشأن الديني... لكن مع حرص المكلّفين بإدارته، من وزارة الأوقاف ومجالس علمية، على عدم إقحامه في النزاعات السياسية والاجتماعية كما كان الأمر خلال التصويت على الدستور أو الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الحسيمة ومختلف الأقاليم المغربية.....
رشيد المشهور: لكننا نلاحظ أنّ هناك صراعا خفيّا يطفو على السطح بين الفينة والأخرى بين بعض الفاعلين وإمارة المؤمنين.
الدكتور إدريس الصنهاجي: لا شك أنّ الصراع بين أصحاب الإسلام السياسي (أي الذين يريدون الوصول إلى السلطة عن طريق الدين لتطبيق ما يرونه إسلاما صحيحا لتحقيق "دولة الخلافة"، أكانوا جماعة العدل والإحسان أم حزب العدالة والتنمية وما يرتبط به من تنظيمات، أم السلفية الجهادية أم حتّى بعض أعضاء المجالس العلمية...) الصراع فيما بينهم، وبينهم أو بين طرف منهم والملكية في المغرب، إنّما هو صراع حول احتكار القول في الدين والحديث باسم الإسلام؛ أي احتكار الحقيقة من خلال ادعاء امتلاك الفهم الصحيح لمصدريها (القرآن والسُنّة)؛ وهو في العمق صراع من أجل السلطة السياسية. لقد قرأت دراسة لمحمد أركون ترجمها هاشم صالح تحت عنوان "الهوامل والشوامل حول الإسلام المعاصر" أبرز فيها هذه الفكرة بشكل واضح؛ فمن يتمكّن من السيطرة على المشروعية الدينية العليا وبالتالي على السلطة السياسية؛ يسيطر في النهاية على ما يسمّى بالخلافة أو الإمامة.
ولا يبدو أنّ هذا الصراع لا يمكن أن ينتهي إلاّ بتحقيق الدولة الديمقراطية الحديثة كما قلت... فلا حل لتجاوز هذه المعضلة إلا بتحييد الدين عن السياسة. فرغم ما يقال من أنّ الإسلام دين ودولة، عبادات ومعاملات... إلخ، فإنّ استقراء التاريخ وتتبّع حركيته تجعلنا نعتبر بأنّ السياق أصبح مختلفا جذريا، وبأنّ إقحام الدين في شؤون السياسة أضحى مولّدا لمختلف أشكال الاستبداد. فلا يمكن أن نغفل دروس التاريخ، لقد كانت الكنيسة مسيطرة على مختلف مناحي الحياة، وتعتبر بأنّ المسيحية دين ودولة لكن مع حركة الإصلاح الديني التي تزعّمها رجال الدين أمثال مارتن لوثر وجون كالفن وغيرهما، وانتشار أفكار التنوير التي نادى بها المفكّرون والفلاسفة، لم تجد الدول الأوروبية من بدّ لتجاوز الحروب الدينية الطاحنة التي كانت تعيشها إلاّ بإبعاد الدين عن السياسة. وتشبّث الفقهاء وعلماء الدين بسيطرة الدين على السياسة بدعوى أنّ المسيحية ليست هي الإسلام. وهذه الدعوى ما هي إلاّ دفاع عن مواقعهم ومصالحهم وسلطاتهم. وهذا من حقهم من دون شك. لكن استيعاب حركة التاريخ ومنطقه يفرض على الجميع المساهمة لتجاوز وتجنّب المآسي. فما تعيشه دول الشرق الأوسط إلاّ الوجه المتخلّف لما عاشته أوروبا، ما دام الدين يوظّف هناك لتصفية حسابات السياسة والاقتصاد.
رشيد المشهور: لكن ما الذي يدفع هذه الأطراف إلى التنازع والاختلاف، رغم انتمائها إلى دين واحد ومذهب واحد وعقيدة واحدة؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: في تقديري، إنّ سبب تعدّد الفِرق والمذاهب والطوائف الدينية في المجتمعات الإسلامية واختلافها راجع إلى طبيعة قراءة وتأويل النصوص المرجعية من قرآن وحديث بالنظر إلى المرجعية والمصلحة، كما أنّ اختلاف الجماعات والحركات الإسلامية وصراعها، رغم انتمائها لنفس المذهب كما هو الشأن عندنا في المغرب يعود في جزء منه إلى قراءة هذه النصوص. وفي جزء آخر، يمكن أن يفسّر باختلاف التقديرات السياسية. وقد تشكلت لديّ قناعة راسخة، انطلاقا من اشتغالي على هذا الموضوع، بأنّ النص الديني الإسلامي يتضمّن كل شيء؛ فالمسلم الوسطي المعتدل المتسامح المنفتح على التقدم العلمي والمتطلع للمستقبل يجد في هذا النص ضالته وما به يدافع عن اختياره، والذي يبدو متعصّبا متشددا ورفضويا ومتطرفا يجد هو الآخر في النص الديني مرجعه، والسياسي الذي يريد أن يضفي الشرعية الدينية على قرار أو فعل ما لن يعدم الوسيلة لاستخراج حكم من هذا النص.. إلخ. فطبيعة الفهم والتأويل، ومقتضى المصلحة، أكانت عامة أم خاصة، هي ما يحدّد تموقع الأطراف. لذلك، ففي أحايين كثيرة قد يستعمل النص لتبرير سلوك أو قرار أو سلطة معينة. ويمكنك أن تلاحظ وتسجّل بسهولة كيف أنّ كل المنتمين للإسلام السياسي مهما كان اختلافهم وصراعهم وتعارضهم، يأتي أي منهم بحجّته وسنده من النص الديني؛ وهذه المسألة مرتبطة بتنزيل النص الديني المقدّس إلى الواقع.
فمهما كان المذهب الفقهي الذي يتّبعه المسلم والعقيدة التي يتبنّاها والجماعة التي ينتمي إليها، فإنّ مسألة التوفيق بين النص والواقع تبقى مشكلا مطروحا وتسجّل مفارقات عجيبة. فالنص القرآني والحديث هو تجسيد للحقيقة الإلهية المقدسة، تجسيد للوحي. والتجسيد البشري للوحي على مستوى الممارسة هو الذي يثير ويطرح المشاكل، لأنّه غالبا ما يكون هناك فرق بين المثال أو النموذج الأعلى وبين التطبيق العملي، لأنّ التجسيد البشري غالبا ما يكون متحيّزا نظرا لخضوعه للظروف والسياق بالضرورة.
فهناك نص مقدّس (القرآن)، مرجع موحِّد لكل المسلمين، يشكّل المثال والخلفية الفكرية الشمولية لهم، حيث كل الأسئلة تجد إجابة لها ودون تعقيدات، وهناك ممارسة تطبيقية لهذا النص تختلف من مجتمع لآخر ومن جماعة دينية لأخرى ومن شرط اجتماعي لآخر. وهنا يندرج الاختلاف في أنماط التدين بين المجتمعات، لأنّ تاريخ كل مجتمع وموروثه الثقافي وشروطه العامة لها تأثير مهم على المعتقدات والممارسات الدينية. ويمكنني القول هنا بأنّ المجتمعات المسلمة أو البعض من أعضائها تعمل على تطويع النص الديني مع شروط الحياة. لذلك، ترى غالبية المغاربة مثلا يريدون أن يمارسوا كافة شؤون الحياة، ويستفيدوا مما تتيحه من لحظات فرح، مع الالتزام بتعاليم الدين. فهم يريدون التمتع بما تمنحه الحياة من ملذات وخيرات مادية ورمزية، وفي الآن نفسه يرغبون في أن يكونوا أناسا متديّنين زاهدين في الدنيا كي يفوزوا بالآخرة، وهي المعادلة الصعبة التي، في سبيل تحقيقها، ترى العديد منهم يعيش تناقضا دائما أصبح معه متعايشا.
رشيد المشهور: هل يعني هذا أنّ النص الديني ينطبع بثقافة المجتمع؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: من المعروف أنّ المغاربة عموما مسلمون (التقارير والبحوث التي اشتغلت على هذا الموضوع أكّدت أنّ الغالبية العظمى من المغاربة مسلمون، تقارير الخارجية الأمريكية، تقرير الخمسينية، بحوث سوسيولوجية، مثل الإسلام في الحياة اليومية L’islam au quotidien..)، يؤمن غالبيتهم بما تشكل لديهم من تمثلات وتصوّرات دينية إسلامية، بحسب سياقات التنشئة والتربية والتعليم...؛ أي أنّ الإسلام بمعناه العام، أصبح ثقافة وليس مجرّد دين. ويمكنك أن تلاحظ معي أنّهم يطبّقون بعضا من تعاليمه ويتركون البعض الآخر، أو لا يطبقون منها أي شيء. فإذا أخذنا مثلا الصلاة بوصفها ركنا من الأركان الخمسة للإسلام، وباعتبارها عماد الدين الإسلامي، نجد أنّ البحوث التي أجريت حول تديّن المغاربة على المستوى الوطني تبرز عدم التزام عدد من الناس، ليس بأوقاتها أو طابعها الجماعي وإنّما، بممارستها من الأصل. فرغم قيمة الصلاة في الإسلام لدرجة أنّ هناك من الفقهاء من يعتبر تاركها خارج ملّة الإسلام، فإنّ هناك من لا يمارسها نهائيا. وبالنسبة لمن يمارسونها فأثرها على العديد منهم يكون ضعيفا أو منعدما. وكأنّ علاقة المصلّي بالله تنتهي بانتهاء ممارسة الصلاة، ما يجعل السؤال المفارقة يفرض نفسه: كيف ترتفع نسبة التديّن في صفوف المغاربة (حسب كل الدراسات منذ التسعينيات إلى الآن) وفي الوقت نفسه ترتفع معه أشكال من الجريمة كالعنف والسرقة والنصب والغشّ..؟
من دون شك، فهذا الأمر يشكّل مصدر قلق، ويسائل الحركات الإسلامية، التي تفتخر بتنامي درجة التدين في المغرب، معتبرة ذلك دليلا على صحة طروحاتها. هذا القلق أو هذا المشكل كنت قرأته عند أحمد الريسوني (الذي كان يتزعّم إحدى كبريات الحركات الإسلامية المغربية، حركة التوحيد والإصلاح)، في إحدى الجرائد المغربية، وهو يتحدث عن ترقية التديّن.
وما ينطبق على الصلاة قد يسري على الفرائض والأركان الأخرى العبادية. وإذا انتقلنا إلى التعاليم الإسلامية المرتبطة بالمعاملات نلاحظ أنّ المغربي يكذب، ويغشّ، ويرشي، ويرتشي، ويعتدي، ويمارس الجنس خارج مؤسّسة الزواج، ويذهب عند السحرة، ....إلخ. إنّه يخرق القواعد الدينية بشكل يومي ومستمر. والمفارقة العجيبة أنّ المغربي قد يمارس هذه الأنواع من الخرق باعتياد دون أن يشعرك أنّه غير راض أو غير مطمئن أو مجبر على ذلك، أو أنّ تلك الممارسة تنقص شيئا من إسلامه (هذه المظاهر قد نلاحظها بسهولة في الأسواق أو الإدارات أو اللقاءات العائلية أو المناسبات الاجتماعية كالأعراس والجنائز وغيرها، لكنها تحتاج إلى دراسة وإحصائيات تبرز حجمها وتأثيرها ودورها في العلاقات الاجتماعية). فالمغربي لا مشكلة لديه ـ على ما يبدو ـ في أن يؤمن ويعتقد بشيء ويمارس شيء آخر، ويبحث عن تبريرات اجتماعية لسلوكه. إنّها بنية سيكولوجية مركّبة تتطلب تدخل عالم النفس، من دون شك، للكشف عن خباياها أكثر. ليس الهدف إبراز الجوانب التي تبدو سلبية فقط في إسلام المغاربة، بل نريد التأكيد على الملاحظة السوسيولوجية التي تكشف لنا مدى قوة وقيمة وتأثير المعطيات الاجتماعية على المعتقدات والممارسات الدينية. ما يجعلنا نذهب إلى القول بأنّ التدين يضحي ممارسة أو طقسا اجتماعيا لدى العديد من المغاربة أكثر منه ممارسة تعبّدية. وهذه الخلاصة يمكن الوقوف عليها أيضا في شهر رمضان، حيث تدرك بالملموس بأنّ الأمر عند البعض هو مجرّد طقس اجتماعي مغلّف دينيا، وبأنّ الإنسان يعمل جاهدا لتطويع النص الديني وفق مقتضيات حياته، كي يبدو إنسانا "سويّا" اجتماعيا.
رشيد المشهور: لكن، إذا كان المسلم يحاول تطويع النصّ مع مقتضيات عيشه وحياته كي يعيش مطمئنّا، ما الذي يدفع البعض إلى تبنّي خطاب التشدّد والكراهية ويقوم بتفجير نفسه؟
الدكتور إدريس الصنهاجي: تشكّل هذه الأسئلة مشكلا بالنسبة إلى الباحثين في العلوم الاجتماعية عموما؛ فالكتابات والتصريحات التي كانت لديّ فرصة الاطلاع عليها تبرز بأنّ المسألة معقّدة؛ ذلك أنّ النزوع نحو التطرف في الدين لا يمكن أن يكون له إلاّ أسباب متعدّدة ومركّبة. والأمر، في تقديري، لا يرجع فقط لفهم أو تأويل للنص، أو لوضع اجتماعي معين، أو لسياسة ما، أو لحالة نفسية... بل قد تتدخل هذه المتغيرات كلها، لكن يمكن أن يكون واحد منها أو أكثر محدّدا لتفسير هذه الظاهرة، وذلك بحسب كل حالة. ما يعني أنّ الجواب عن هذا السؤال يبقى رهينا بدراسة كلّ حالة بعينها، دراسة علمية رصينة متعددة الأبعاد والمحتذيات. وشخصيا أعتبر بأنّ اللجوء إلى نصوص معينة يتم تأويلها بكيفية تبرز الجانب المتعصّب والمتطرّف في الدين ما هو إلا وسيلة لإضفاء المشروعية والقداسة على فعل ما. وتنظيم داعش الإرهابي خير مثال على هذا الأمر. وعموما، فهذه القضايا وغيرها موجودة في كتابي، "علم الاجتماع الديني بالمغرب"، الذي سيصدر في الأيام المقبلة بعدما حظي بالدعم من وزارة الثقافة.
رشيد المشهور: شكرا لك على هذه التوضيحات والشروحات وهنيئا لك بالإصدار الجديد الذي سيشكّل إضافة نوعية إلى التراكم العلمي حول قضايا الدين والتديّن في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.