إسهام الباجي واللخمي في تطوّر المذهب المالكي


فئة :  قراءات في كتب

إسهام الباجي واللخمي في تطوّر المذهب المالكي

تقديم كتاب "إسهام الباجي واللخمي في تطوّر المذهب المالكي"


هذا الكتاب الموسوم بـ "إسهام الباجي واللخمي في تطوّر المذهب المالكي"، الصادر حديثا بتونس في أواخر سنة 2015 جمع نصوصه وأعدّها للنشر الأستاذ بجامعة الزيتونة نجم الدين الهنتاتي. ويجمع هذا الكتاب أشغال ندوة علمية دولية نظّمتها وحدة البحث "تاريخ حواضر الغرب الإسلامي" تحت عنوان "من أعلام الغرب الإسلامي: أبو الوليد الباجي (ت 474 هـ/1081م) وأبو الحسن اللخمي (ت 478هـ/1085م)" يومي 22 و23 أكتوبر 2014 بجامعة الزيتونة بتونس.

وقد تضمّن الكتاب 431 صفحة امتدّت عليها 15 مداخلة توزّعت على ثلاثة محاور:

- الفقه وبعض القضايا المتصلة به = 4 مداخلات.

- علم الأصول = 6 مداخلات.

- بعض الجوانب الحضارية = 5 مداخلات.

والجليّ أن نقاطا عدّة تساعد على المقارنة بين العلمين المختارين عنوانا للنّدوة، فهما ينتميان إلى مدينتين معروفتين في الغرب الإسلامي، وهما متعاصران، اشتركا في التأليف في العلوم الدينية وخاصّة في الفقه المالكي، واشتركا في شرح بعض أمّهات الفقه المالكي والتعليق عليها، فلئن شرح اللخمي مدوّنة الإمام سحنون في كتابه "التبصرة"، فإنّ الباجي شرح "موطّأ" الإمام مالك في كتابه "المنتقى" إلى جانب محاولته شرح "المدوّنة".

إسهام الباجي

وممّا يدفع إلى الاهتمام بهذين العلمين أن كتاب اللخمي الخاص بالفقه لم ينشر إلا خلال سنة 2012[1].

وقد أثيرت في الندوة تساؤلات مهمّة سعى الأساتذة المشاركون فيها إلى الإجابة عنها من خلال بحوثهم من ذلك: إلى أيّ مدى كان عمق التواصل العلمي بين القيروان وقرطبة؟ وما مدى تأثير عاصمة إفريقية آنذاك في عاصمة الأندلس من الناحية العلمية؟

افتتح الكتاب ببحث بعنوان "عصر الباجي واللخمي" لعمر بن حمادي الأستاذ بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بجامعة منوبة. ويستخلص الباحث من تحليله لبعض خصائص هذا العصر أنّ القرن الخامس الهجري - وهو القرن الذي عاش فيه كل من اللخمي والباجي - هو القرن الذي تغيّرت فيه بوضوح وضعية المسلمين في بلاد المغرب. وكان هذا التغيير نحو الأسوأ فقد أضحوا في موقف دفاعي إزاء تهديدات الدول المسيحية. وقد مسّ هذا التراجع المشرق الإسلامي أيضا فقد بدأت الحروب الصليبية منذ سنة 491 هـ. ونجح الصليبيون في دخول بيت المقدس واحتلالها سنة 492 هـ ممّا مثّل انقلابا حقيقيا في ميزان القوى بين العالمين الإسلامي والمسيحي، وهو ما جعل ذلك القرن منعرجا رئيسيا في تاريخ المسلمين حسب عبارة صاحب البحث (ص 29).

وقد اعتبر الباحث القرن الخامس قرنا مفصليا في تاريخ العالم الإسلامي على الصعيد الفكري والعلمي فهو يؤشّر على غلق باب الاجتهاد. وهذا الغلق يعكس في رأي صاحب البحث عقليّة تريد المحافظة على المكتسبات أمام خطورة التهديدات من ناحية، وعدم الثقة في القدرة على مسايرة التغيرات من ناحية أخرى.

وهذا أمر مؤكّد في نظرنا لكنّه ليس سوى بعد واحد من أبعاد الظّاهرة ذلك أنّه يجوز البحث في العوامل الداخليّة التي فرضتها المنظومة السنيّة التي أغلقت أبوابها ونوافذها أمام كلّ تجديد وتغيير من خلال قواعد وأحكام فقهية وأصولية تؤثر السّلف على الخلف والماضي على الحاضر وتعتبر أنّ كلّ جديد بدعة وكل ما ليس له مثال سابق فهو خروج عن خطّ أهل السنّة والجماعة.

بعد هذا البحث الذي يعتبر بمثابة المقدّمة التأطيريّة لبحوث الندوة توزّعت المداخلات على المحاور الثلاثة التي سبق أن ذكرناها. وقد استهلّ المحور الأوّل ببحث موسوم بـ "اختيارات اللخمي الفقهية وأسسها" للأستاذ عمر بنعمر المدرّس بالمعهد العالي لأصول الدّين بجامعة الزيتونة. ومن أسباب اختيار الباحث هذا الموضوع أنّه يبرز جهود أحد علماء المالكية في مجال نقد الآراء والأقوال داخل المذهب، فقد جاء اللخمي ليواصل المنهج النقدي من خلال نظره في أقوال من سبقه من العلماء ضمن المذهب المالكي وعرضها على مستنداتها واختيار ما ترجم لديه منها، وهو في هذا لا يتحرّج من مخالفة إمامه إن ثبت الدّليل لديه.

ومن أهمّ النتائج التي توصّلت إليها هذه الدّراسة اعتبار "التبصرة" كتابا مهمّا حفظ لنا نقولا كثيرة من الكتب المعتمدة في المذهب وتميّز اللخمي في مجال اختياراته الفقهية بالمنهج العلمي المبني على أسس معتبرة بعيدة عن التشهّي والأهواء (ص 59).

واستطاع اللخمي في اختياراته الفقهية أن يزاوج بين النقل والعقل وبين النصّ وتنزيله في الواقع.

ورصدت الدّراسة جملة من اختيارات اللخمي وتوجّهاته الفقهية التي تنمّ عن سعة اطّلاعه وتحرّره من التعصّب ونبذه للتقليد وقدرته على الاجتهاد. ولئن كانت مواقف اللخمي هذه قد جلبت له كثيرا من النقد والتهميش داخل المذهب المالكي فإنّها في نظر صاحب الدّراسة لا تعدّ انتقاصا من المذهب أو تمزيقا له أو حطّا من مكانته بقدر ما هي تجديد له وإثراء لطرق الاجتهاد في مسائله.

تضمّن المحور الأوّل من هذا الكتاب دراسة ثانية بعنوان "خصائص المدرسة المالكية التونسية، اللخمي نموذجا" للأستاذ عبد اللطيف بوعزيزي، المدرّس بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية بتونس. وقد توقّف الباحث عند أبرز خصائص المدرسة المالكية في إفريقية وهي:

1) الاتجاه النقدي ويقصد بها المراجعات التي تنشد التصحيح والتمحيص، وهو يشمل الأصول والفروع ومناهج التأليف.

2) الاختيارات: وهي ترجيح الشيء وتخصيصه وتقديمه على غيره والاختيارات الفقهية اجتهاد داخل المذهب يرجح الفقيه ما يراه ألصق بالدّليل. وفي هذه الاختيارات قد يخالف الفقيه صاحب المذهب أو كبار تلاميذه.

3) مراعاة الخلاف: اعتبر الباحث أنّ من أصول المالكية في باب مراعاة الخلاف أن المختلف فيه لا يجب فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي قاعدة من أهمّ القواعد التي تحقق التعايش بين المذاهب المختلفة. وقد نقل عن أصبغ بن الفرج (ت 225 هـ/839م) قوله: "ومن الاستحسان مراعاة الخلاف وهو أصل في المذهب"[2].

4) العناية بفقه النوازل: النوازل هي الفتاوى والواقعات، وهي مسائل استنبطها المجتهدون المتأخّرون لمّا سئلوا عن ذلك ولم يجدوا فيها رواية عن أهل المذهب المتقدّمين. والعناية بفقه النوازل قد أدّت إلى تقديم حلول لكثير من المسائل أو المستجدّات الطّارئة على المجتمع بسبب تعقّد المعاملات التي لا يوجد نصّ تشريعي مباشر فيها.

5) التوسّع في تأليف المصنّفات الفقهية وطولها. وقد اعتبر الباحث أن أفضل مثال على هذه الخاصيّة كتاب "المدوّنة" للإمام سحنون (ت. 240 هـ) فقد اشتمل على حوالي ستة وثلاثين ألف مسألة إلى جانب الأحاديث والآثار.

وخلص صاحب الدّراسة في الخاتمة إلى أنّ المدرسة المالكية التونسية –عموما- خلال القرن 5 هـ كانت مجتهدة غير مقلّدة مجدّدة غير جامدة ومتميّزة في جوانب عدّة من اجتهاداتها. وهذا الرأي على وجاهته في نظرنا يحتاج إلى تنسيب لأنّ هذه المدرسة ظلّت مسيّجة بسياج العقيدة السنيّة ومقولات الفكر السنّي الكبرى فقها وأصولا لذلك فتجديدها هو مجرّد محاولة داخل إطار المذهب لا يتجاوز في كثير من الأحيان المسائل الفرعيّة الجزئيّة.

جاء البحث الثالث ضمن المحور الأوّل من محاور هذا الكتاب بعنوان "مكانة المدوّنة وغيرها من أمّهات المذهب المالكي في كتابات أبي الوليد الباجي وابن رشد الجد وابن أبي زيد القيرواني"، وهو للأستاذ بجامعة الزيتونة علي العلوي.وقد اعتبر الباحث أنّ هؤلاء الفقهاء، قدّموا خدمة جليلة للفقه المالكي من خلال عدّة أعمال أنجزوها منها:

1) المنهج الفقهي الأصولي الموحد لهؤلاء الفقهاء.

يتجلّى هذا المنهج الموحّد من خلال اعتماد الأدلّة الأصوليّة النقليّة المتفق عليها داخل المذهب المالكي وهي الأصول الأربعة التقليدية وعمل أهل المدينة. ويضاف إليها الأدلّة العقلية كالقياس والاستحسان وسدّ الذّرائع والمصلحة المرسلة. ويتفق هؤلاء العلماء أيضا في اعتماد التعليل والترجيح وتوجيه الأقوال طرقا للاستنباط.

2) مكانة أمّهات المذهب المالكي عند فقهاء المالكية

يقصد بالأمّهات لدى المالكية أربعة كتب تتبوّأ منزلة الصّدارة هي "مدوّنة" سحنون و"الموازية" لمحمد بن المواز و"العتبية" لمحمد العتبي و"الواضحة" لابن حبيب.

وقد لاحظ صاحب الدراسة أنّ هذه الكتب "الأمّهات" تمثل الاتجاه الفقهي لكلّ فرع من فروع المدرسة الفقهية داخل مذهب مالك، وهي تختلف في مضمونها وتتفاضل فيما بينها[3].

وقد خلص الباحث إلى جملة من النتائج منها تطوّر المذهب المالكي في عصر اللخمي والباجي وابن رشد من دور التدوين والتفريع إلى دور التطبيق، أي الاستنباط بالترجيح والمقارنة والنقد.

ويتوّج المحور الأوّل في هذا الكتاب بمقال الأستاذ بجامعة الزيتونة نجم الدين الهنتاتي. وهذا البحث الموسوم بـ "محاولة في التعريف بتبصرة اللخمي من خلال كتاب المديان" حاول فيه صاحبه أن يفحص إشكالية تكمن في اختلاف الباحثين في تحديد طبيعة محتوى "تبصرة" اللخمي بين من اعتبرها عملا مستقلا ضمن سلسلة المؤلفات الفقهية المالكية، ومن عدّها عملا تابعا للمدوّنة شرحا وتعليقا. وكان معتمد الباحث في دراسة هذه الإشكالية كتاب المديان في "التبصرة" مع مقارنة ذلك بما في المدوّنة. وقد توزّع هذا البحث على مراحل ثلاث:

مرحلة أولى قام فيها بتعريف محتوى كتاب المديان في "التبصرة" ومقارنته بما في "المدوّنة" وتطرّق إلى العلاقة بين مسائل الدّين ومسائل الإيقاف التحفّظي أي السّجن.

مرحلة ثانية حاول فيها تحديد طبيعة كتاب "التبصرة"

مرحلة ثالثة سعى فيها إلى دراسة مدى حضور ظاهرة الاختيار في تلك الموسوعة الفقهية (التبصرة) بغية الجواب عن سؤال يخامر الباحثين هو: هل يمكن اعتبار اللخمي مجتهدا؟ وقد انتهى الباحث إلى جملة من الاستنتاجات منها استبعاد اعتبار "التبصرة" شرحا على "المدوّنة" ذلك أن اللخمي أتاح لنفسه حيزا مهمّا من الحرية إزاء نصّ تلك الموسوعة عند تحرير كتابه. وفي المقابل اعتبر صاحب البحث أنّ كتاب "التبصرة" يعتبر اختصارا لعدّة موسوعات فقهية منها "العتبية" و"الواضحة" و"الموازية" والمجموعة وكتب ابن سحنون. وبالإضافة إلى ذلك فهو كتاب في الفقه المقارن لأنّه يقوم على المقارنة بين الروايات والآراء إن داخل المذهب المالكي أو خارجه.

ومما نستخلص من هذه الدراسة أيضا أن "التبصرة" بقدر ما هي مختصر هي أيضا مرآة تعكس اختيارات صاحبها وجرأته في عدّة أحيان واعتماده البرهان العقلي إلى جانب الحجج النقلية ومنزعه النقدي والبراغماتي والعقلاني في تعامله مع الروايات والأقوال وعدم تعصّبه للمذهب المالكي.

وفي المحور الثاني الخاص بعلم الأصول نجد مقالا بعنوان "نظام الدلالة عند أبي الوليد الباجي" للأستاذ بجامعة الزيتونة محمد الشتيوي. وقد استهلّه ببيان أهمية البحث الدّلالي عند الأصوليين. فهم ينطلقون في مباحثهم الدلالية من المشترك اللغوي الذي يجمع بينهم وبين اللغويين ويزيدون عليهم أنظارا مخصوصة لها تعلّق وثيق بالدّلالات الشرعية.

ويكمن غرض هذا البحث في النظر في نظام الدّلالة عند أبي الوليد الباجي بوصفه أصوليا مالكيا له عناية خاصة بضبط قواعد أصول الفقه في المدرسة المالكية. وممّا استخلصه من دراسته تميّز الباجي في مباحث الدّلالة وقدرته المنهجية على التصنيف والتقسيم وبراعته في الاستدلال والجدل وجرأته في بعض المواطن حيث يدور مع الدليل الذي يراه قويا لا مع أقوال المذهب إن كانت أدلّتها ضعيفة، فالعبرة عنده بحجية الدليل وقوّته لا بأقوال أصحاب المذهب ولو كثروا.

واختار الهادي روشو الأستاذ بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية أن يدرس موضوع "مكانة الحديث النبوي في تبصرة أبي الحسن اللخمي القيرواني ثم الصفاقسي"، وتتمثّل الإشكالية المركزية لهذا البحث في فحص مدى صحة ما شاع عند أهل العلم من أنّ علماء إفريقية شغلهم الفقه عن الحديث النبوي فأهملوه. وما أثار هذه الإشكالية لديه أنّ المطّلع على كتاب "التبصرة" لأبي الحسن اللخمي يفاجأ بالعدد الكبير للأحاديث النبوية فيه وبالمنهج الذي احتذاه اللخمي. وبناء على هذا تساءل الدّارس هل يعتبر اللخمي ظاهرة فريدة في تاريخ إفريقية؟ أم إن هناك انقلابا في المنهج عند مالكية الغرب الإسلامي؟ واختار الباحث في مقاربته لهذه الإشكاليات التعريف باللخمي وبكتابه "التبصرة" ليركّز بعد ذلك على الحديث النبوي في "تبصرة اللخمي". واعتمد في هذا الشأن المنهج الإحصائي الخاص بستة كتب فقهية بالتبصرة هي: الصيد والذبائح والأضاحي والعقيقة والأطعمة والأشربة ومجموع الأحاديث المرفوعة في هذه الكتب دون تكرار 1195 حديثا.

ويستخلص الباحث من مقارنة هذا العدد بعدد أحاديث المدوّنة أنّ تبصرة اللخمي أضافت مسائل فقهية لم تذكرها المدوّنة وأنها أضافت أدلّة تشريعية إلى تلك المسائل. وتضخم عدد الأحاديث التي أضافها اللخمي إلى حدّ أنّ كتاب أضحى شبيها بأحد كتب الحديث.

وتطرق الباحث أيضا إلى منهج اللخمي في التعامل مع الحديث النبوي وموقفه من اختلاف الحديث النبوي وموقفه من الحديث الضعيف. ومن أهمّ النتائج التي توصّل إليها الباحث فسح اللخمي مجال الاجتهاد للعقل البشري إذا تعارضت الأدلّة. وهو ما يبدو أنه فعل فعله في كتاب "بداية المجتهد" لابن رشد فقد سعى إلى أن يأخذ فيه بما يواكب واقعه في تفاعل كامل بين النص والعقل والواقع.

نجد في المحور الثاني من الكتاب دراسة أخرى موسومة بـ "مكانة القرآن الكريم في فكر أبي الوليد الباجي" للأستاذ بالمعهد العالي لأصول الدين محمد صابر الثابت. وقد دار هذا البحث على محورين أوّلهما: مكانة القرآن الكريم عند الباجي بصفته أصوليا، وثانيهما: مكانته بصفته مناظرا وفقيها، وجاءت خاتمة البحث مختزلة تركّز على نتيجة أساسية هي بقاء الدّور المحوري للقرآن في توجيه المذهب عند الباجي، وتفاعل الباجي مع الكتاب باعتباره أصلا ودليلا في الوقت ذاته.

نلفي بعد ذلك بحثا للأستاذ عمر بن حمادي تحت عنوان "تساؤلات حول الأشاعرة بالغرب الإسلامي في القرن الخامس الهجري: علاقتهم بالمرابطين وتواجدهم بالأندلس". وقد بيّن صاحب هذه الدراسة أن البحث في التاريخ المرابطي يدفع بالضرورة إلى التعمق في كثير من القضايا المتعلّقة بالأشعرية ولعل أهمّها حقيقة حضور العقائد الأشعرية عند المرابطين أنفسهم وداخل مجال سيطرتهم.

فالمعلوم أن إسقاط المرابطين بواسطة الموحّدين وقائدهم محمد بن تومرت استخدمت فيه قضيّة التوحيد التي انطلق منها ابن تومرت ليصف أتباعه بالموحّدين. كما اعتمد على التوحيد لوصف خصومه المرابطين بأنّهم من المجسّمين. والإشكال أنّ المصادر التي نقلت إلينا هذا الموقف جلّها موحّدي أو متعاطف مع الموحّدين لذلك كان من الضروري في نظر الباحث التساؤل عن مدى صحة ما نقلته هذه المصادر حول مواقف المرابطين في هذه المواضيع. وقد تجلّى من خلال تحاليل الباحث سعيه إلى مراجعة صورة شائعة من خلال جملة من المؤشرات التاريخية ذكر منها في خاتمة بحثه قولة للقاضي عياض في آخر ترجمته لأبي الوليد الباجي تبرز صلة الأشاعرة بالمرابطين: "توفي أبو الوليد بألمرية سنة أربع وسبعين... وكان جاء إلى ألمرية سفيرا بين رؤساء الأندلس يؤلفهم على نصرة الإسلام، ويروم جمع كلمتهم مع جنود ملوك المغرب المرابطين على ذلك فتوفي قبل تمام غرضه رحمه الله"[4].

ضمّ الكتاب بعد ذلك بحثا بعنوان "دور الباجي في نقل المذهب الأشعري" للأستاذ يان تيال المدرس بجامعة برلين. وهذه المداخلة ألقيت أثناء الندوة بالفرنسية وعرّبها الأستاذ نجم الدين الهنتاتي. وغاية الباحث من هذه الدراسة استثمار كتب الباجي الأصولية لاستخلاص بعض الاستنتاجات الأولية حول تأثير الفكر الأشعري في الباجي.

وقام هذا البحث على جملة من العناصر منها 1) نقل المذهب الأشعري إلى الأندلس 2) ترجمة موجزة للباجي 3) بعض مظاهر حضور العقيدة الأشعرية في فكر الباجي. وفي هذا العنصر الأخير ركّز على مفهوم العلم عند الباجي وهو "معرفة المعلوم على ما هو به" وبيّن أنّه يعود إلى الباقلاني الذي حاول أن يقدّم تعريفا يعوض به التعريف الذي اقترحه المعتزلة البهشميون مثل عبد الجبار. فالعلم في نظر هذا الأخير هو الإيمان أو "اعتقاد الشيء على ما هو به" يرافقه شكل من اليقين يسمّى "سكون النفس" وقد انتقد الباقلاني هذا التعريف لأنّه من جهة لا يمكن تطبيقه على الله لأن الإيمان أو الاعتقاد لا ينطبق عليه، ومن جهة أخرى رفض الباقلاني رفضا كليا للتصور الخاص لسكون النفس (ص 225).

يختتم المحور الثاني في الكتاب ببحث عنوانه "مناظرة أبي الوليد الباجي للراهب الفرنسي والردّ على أسس العقيدة النصرانية من خلال جوابه على "رسالة راهب فرنسا للمسلمين" للأستاذ بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية بتونس محمد العربي بوعزيزي. ركّز صاحب هذا البحث على بعد أساسي من أبعاد شخصية أبي الوليد الباجي هو بعد المجادل والمناظر الكلامي الأشعري، فقد ناظر غيره من علماء الإسلام وخاصة ابن حزم وناظر أيضا علماء النصارى في الأندلس ساعيا إلى دحض آرائهم الاعتقادية. وتجلّى ذلك خاصة في جوابه على رسالة راهب فرنسا للمسلمين. وهي رسالة وجهت إلى المقتدر بالله حاكم سرقسطة وإلى المسلمين من ورائه. وتضمّنت دعوة صريحة إلى ترك الإسلام والارتداد عنه فكان ردّ الباجي ومناظرته له قائمة على نقض أسس العقيدة النصرانية وإبراز محاسن الإسلام. بناء على هذا اشتمل هذا البحث على تعريف برسالة الراهب وجواب الباجي عليها. ثم العناصر التي ناظر فيها الباجي الراهب الفرنسي وردّ فيها على أسس العقيدة النصرانية، ونذكر على سبيل المثال ردّه على ألوهية عيسى وعلى خلق عيسى للمعجزات وعلى معتقد النصارى في التثليث وعلى معتقد الصلب والفداء، وعلى إنكار النصارى لنبوّة محمد (ص).

وقد استهلّ المحور الثالث من هذا الكتاب الدائر على بعض الجوانب الحضارية ببحث موسوم بـ "العلاقات العلمية بين القيروان وقرطبة إلى منتصف القرن 5 هـ/11 م للأستاذ بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية وفاق الثابت. وقد حاول الباحث من خلال هذه الدراسة البحث في العوامل التي ساهمت في التواصل الثقافي بين قرطبة والقيروان، وسعى في مرحلة ثانية إلى تقديم صور من هذا الترابط الفكري بين الحاضرتين، فمن عوامل التواصل العلمي الرحلات العلمية المتبادلة بين علماء القيروان وقرطبة. ومن أهمّ الكتب التي سردت رحلات طالبي العلم كتاب "تاريخ العلماء ورواة العلم بالأندلس" لابن الفرضي ت. 403 هـ/ 1012م).

ومن عوامل التواصل أيضا الإجازات، وهي بمثابة الشهادة التي يستحق بموجبها الطالب المجاز لقب الشيخ أو الأستاذ. وهي لا تمنح إلاّ بعد ملازمة الشيخ المجيز شهورا وقد تطول الملازمة أعواما في بعض الأحيان. ومن عوامل التواصل أيضا المراسلات بين العلماء ومن ذلك إشارة القاضي عياض إلى مراسلة بين قاضي القيروان سحنون وقاضي قرطبة. وكان ازدهار صناعة الوراقة من عوامل التواصل الثقافي بين القيروان وقرطبة.

تضمن المحور الثالث أيضا بحثا بعنوان "التواصل العلمي بين القيروان وقرطبة إلى حدود القرن 5 هـ /11م: علم الحديث أنموذجا" للأستاذ مراد بوقصي المدرس بالمعهد العالي للإنساني بالكاف، وقد كان مدار هذا البحث علم الحديث باعتباره حلقة مهمة من حلقات التواصل العلمي بين مدينتي القيروان وقرطبة، وهما من أبرز النماذج المخبرة عن متانة العلاقة العلمية بين المغرب والأندلس إلى حدود منتصف القرن 5هـ.

وقد خصص الباحث عنصرا أول لإلقاء الأضواء على منزلة علم الحديث في القيروان وقرطبة المتعلق بعلم الحديث، وركّز في هذا السياق على الرحلة العلمية التي أصبحت عرفا علميا إسلاميا، وتكشف المصادر أن تبادل الرحلات بين المغاربة والأندلسيين لم يتجسم إلاّ خلال القرن 3هـ/ 9م لمّا بدأت تتضح معالم الثقافتين المغربية والأندلسية وبدأت مظاهر الاستقلال عن المشرق تظهر تدريجيا.

وقد أحصى أحد الباحثين عدد الأندلسيين الذين كانت لهم عناية بالحديث ورحلوا إلى القيروان فبلغ عددهم 115 رجلا. وساهمت هذه الرحلات إلى جانب المجالس العلمية في كثرة المؤلفات في علم الحديث وفي ظهور معالم مدرسة حديثية متكاملة العناصر والأركان في القيروان وقرطبة.

نلفي بعد ذلك مقالا بعنوان "تحقيق الكتب المخطوطة في أصول الفقه: المعطيات الكوديكولوجية وأهميتها في التحقيق" للأستاذ خالد زهري الباحث بالخزانة الحسنية الملكية بالرباط. الباحث وقد حاول في بحثه هذا الكشف عن أهمية المعطيات الكوديكولوجية في التحقيق العلمي. وتعني الكوديكولوجيا في مفهومها الحديث دراسة المخطوط باعتباره قطعة مادية، أي من جهة نوع الورق والتسفير والخط والحبر والعلامة المائية واسم الناسخ وتاريخ النسخ والطرر ... وهي تسمى خوارج النص. وانتهى الباحث إلى عدد من النتائج منها:

-   تأكيد التداخل بين الكوديكولوجيا والفيلولوجيا في التعامل مع كتب علم أصول الفقه

-  التنبيه على أن تحقيق الكتب الأصولية المخطوطة لا يتوقف على المقابلة بين نسخها المخطوطة فحسب بل يجب أن يكون مسبوقا أيضا بالتحقيق في نسبة تلك الكتب إلى أصحابها وبالتحقيق في عناوينها

-   الكشف عن أهمية إنجاز فهارس متخصصة في علم أصول الفقه تتولى استقصاء كل النسخ المخطوطة في هذا العلم.

-  ضرورة تكوين متخصصين في علم المخطوط، وتحقيق هذا المقصد رهين بتأسيس معاهد تقوم بأربع مهمات على الأقل:

-   أ- تدريس هذا العلم لأهميته في خدمة الباحثين المهتمين بالتحقيق العلمي.

-  ب- عرض التجارب الغربية التي حققت تطورا كبيرا في الدراسات الكوديكولوجية المتعلقة بالتراثين الإغريقي واللاتيني قصد الاستفادة منها في خدمة التراث العربي والإسلامي عامة والتراث الأصولي خاصة.

-   ج- مناقشة القضايا المتعلقة بالتحقيق العلمي في ضوء الكوديكولوجيا

-  د- تدارك الأخطاء المضمنة في الكثير من كتب أصول الفقه التي تأتت غالبا من الغفلة عن المعطيات الكوديكولوجية التي تزخر بها النسخ المخطوطة.

ويختتم القسم العربي من الكتاب ببحث موسوم بـ "أبو الحسن اللخمي في الذاكرة، محطات معمارية في مدينة صفاقس: بين الجامع والمقام" للباحثة نهاد بن شعبان حرم التاجوري، وهي مهندسة داخلية وأستاذة مساعدة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل.

لهذا البحث أهداف ذات بعدين، البعد الأول توثيقي. أمّا البُعد الثاني فهو تحليلي فكري يتمحور حول العمارة وعلاقتها بنشر المعارف الفقهية. وقد سلطت الباحثة في هذا البحث الضوء على بعض المعالم التاريخية والمعاصرة لمدينة صفاقس من خلال دراستها معماريا وزخرفيا. وحاولت بيان أهمية هذا التمشي وما قد يوفره من إفادة، فإنه لا يمثل سوى الجزء الظاهر. هو جزء يخفي خلفه تساؤلات ومواضيع متداخلة ومتعددة الاختصاصات. هي إشكاليات ذات صلة بالإعمار وبالتعمير، وبالقرارات السياسية في عصر معين وبتداعياتها، وبعلاقة السلطة بالعالم وبالمعالم. وفيها أيضا جوانب اجتماعية وعقدية أغلبها يُتَجاهل الآن لما يتضمنه من الإحراج فيفضل الكثيرون السكوت عنه...

كما حاولت الدارسة في هذا البحث التمعن في علاقة العالم بالمكان عبر الزمن، وفي علاقة العالم بالآخر من خلال المكان. من هنا تتبلور إشكالية خاصة تهم العمارة ذلك أنها ليست مبنى متكونا من عناصر معمارية وزخرفية في تناغم مع عصرها ومع وظيفتها فحسب، بل هي أيضا ذاكرة لا يتداخل فيها المكان بالزمان فحسب بل يتداخل فيها العلم أيضا.

وقد حاولت من خلال اختيارها أحد أهم الفقهاء وهو أبو الحسن اللخمي، التعرف على أشكال نقل المعارف من خلال العمارة. وبالتحديد من خلال المباني التي ارتبطت باسمه أثناء حياته وبعد وفاته.

من هذا المنطلق اختارت أن تبني منهجية بحثها على شخصية تاريخية مهمة ذائعة الصيت، وحاضرة في الذاكرة الجماعية لجهة معينة[5]. إن اختيار علم بارز يوفر مادة ثرية للتحليل كما أنه يمثل مدونة بحث قادرة على احتواء عدة تساؤلات وتوفر فرص الإجابة عنها.

للتطرق إلى هذا الموضوع الشائك اختارت أحد أهم أعلام الفقه في تونس الذي يتميز بشهرته في عصره، وبطول عمره، وبغزارة فتاويه، وباستقراره داخل محيط حضري مهم... ولكنه يتميز أيضا بندرة مؤلفاته، وجهل العامة لتاريخه الحقيقي... من هو أبو الحسن اللخمي؟ هل هو أحد أهم الشخصيات التاريخية التي طبعت تاريخ مدينة صفاقس. هل هو علم من أعلامها؟ قد نجد في الكتب ما يستوفي الجواب عن هذا السؤال: اسمه، سيرته، توجهاته الفقهية، تلاميذه، تاريخه، مؤلفه القديم الجديد "التبصرة"... غير أن هذه الإجابات تتوقف عند حدود ارتأت الباحثة تجاوزها.

أما الإطار الجغرافي لبحثها فهو مدينة صفاقس وبصفة أدق المدينة العتيقة وعتبة أسوارها الشمالية. وقد أدرجت اختيار محيط حضري للقيام بدراسة معمارية ضمن البحث لأنه إطار زاخر بالمعمار ومتضمن للكثير من متغيراتها. حيث أن الخصائص المعمارية في المحيط الحضري تكون قابلة للتأثر المباشر بعدة مظاهر. منها ما يهم مسألة التأقلم مع ضيق المساحة المتاحة داخل الأسوار والبناء بطرق وتقنيات المنطقة والعصر على خلاف المحيط الريفي الذي تكون للعمارة به مقومات أخرى.

أما الإطار الزمني للبحث فهو ممتد بين القرنين 11 م و20 م أي فترة زمنية تقارب العشرة قرون. وسيكون هذا الخط الزمني ممثلا بأربعة محطات معمارية. وهي عبارة عن معالم أنشئت في حقبات مختلفة حاولت استقصاء ملامحها.

هذا البحث يقوم على دراسة ميدانية حاولت من خلالها السير على خطى أبي الحسن اللخمي في حياته وعلى وقع ذكراه بعد وفاته. هي جولة في مدينة لها تاريخ. في هذه الرحلة، ستتوقف عند محطات معمارية ارتبط بها الشيخ العالم الفقيه المدرس أبو الحسن اللخمي في حياته من جهة، ومحطات معمارية ارتبطت بذكراه بعد مماته وجعلت منه "سيدي" اللخمي فحسب في ذهن الكثيرين.

وقد حاولت أن تفهم أسباب جهل الكثيرين لهذا العالم. أيعود ذلك إلى عدم وجود مدرسة لخمية فقهية قائمة الذات، أم لأن الأطر المعمارية التي اقترنت باسمه كانت مبهمة أو غير واضحة مما ولد خلطا وتشويشا؟ ولفهم هذا الأمر يتوجب البحث في مفردات العمارة والبحث في مدى ديمومتها وثباتها وتوزيعها وخصوصياتها...

إن البحوث السابقة قد اهتمت ببعض هذه المسائل ولكن من زاوية مختلفة. فسيرة أبي الحسن اللخمي قد دونت هنا وهناك. أمّا مؤلفه فقد كتب له أخيرا أن يرى النور في نسخة منشورة. كما أن بعض الباحثين قد حاولوا تسليط الضوء على مقام هذا العالم أو على الجامع الكبير[6] أو الجامع الجديد الموجود خارج الأسوار، ولكن كل على حدة دون الربط بينها. أما الدراسات المعمارية والزخرفية لمقام اللخمي فهي شبه منعدمة. وبعض المنشورات بخصوصها غير معمقة. في حين أن الكثير من الدراسات قد تناولت بإطناب الجامع الكبير لصفاقس وتجاهلت تماما جامع اللخمي القديم.

في الختام هذا الكتاب يتضمن عدة إضافات معرفية مفيدة للباحثين لكنه مع ذلك لم يأت على كل المسائل المتعلقة بالعلمين المالكيين من قبيل التعريج على استعادة أصول الفقه المالكيّة حيويّتها في الأندلس على يد القاضي أبي الوليد الباجي[7] فقد وصلنا كتابه "إحكام الفصول في أحكام الأصول". وهذا الكتاب اختار صاحبه أن يكون متوسط الحجم شاملا لأقوال المالكيّة ومواقفهم في المسائل الأصولية. ولعلّه أراد بذلك أن يردّ على نقد ابن حزم للمالكية ذلك أنّه اتهمهم بجهل علم الأصول[8]. ويعدّ هذا الكتاب ذا أهميّة خاصّة لأنّه أول كتاب أندلسي في أصول الفقه وأوّل مصدر أصولي مالكي يطبع في العصر الحديث ويجد الانتشار. إلا أنّه ليس إبداعا أندلسيّا خالصا، فالمؤثّرات المشرقيّة طبعته بعمق نتيجة تتلمذ صاحبه فترة طويلة في المشرق تبلغ زهاء ثلاث عشرة سنة من عام 426 هـ إلى عام 439 هـ. ويبدو أنّ الباجي فكّر في تأليف كتابه هذا عقب المجالس والمناظرات التي جمعت بينه وبين ابن حزم بجزيرة ميورقة في نفس السنة التي عاد فيها من رحلته المشرقيّة. ويخبر مضمون الكتاب عن تقارب المذهبين المالكي والشافعي بفضل الفكر الأشعري على وجه الخصوص.


[1] أبو الحسن اللخمي، التبصرة، تحقيق أحمد عبد الكريم نجيب، بيروت، دار ابن حزم، 2012، 1/22

[2] ابن رشد، البيان والتحصيل، ط2، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1408/1988، 4/157

[3] مصطفى الهروس، المدرسة المالكية الأندلسية إلى نهاية ق 3 هـ، المغرب، وزارة الأوقاف، 1997، ص 368

[4] عياض، ترتيب المدارك، ج3 – 4، ص 808

[5] واغير المهددة بالنسيان إلى حد ما.

[6] انظر دراسات:

MAHFOUDH Faouzi,La ville de Sfax – Recherche d’archéologie monumentale et évolution urbaine, thèse de doctorat sous la direction de Janine SOURDEL-THOMINE, Université Paris-Sorbonne, Paris IV, U.E.R. d’Art et d’Archéologie Islamiques, Mars 1988 ; voir aussi Georges MARÇAIS et Lucien GOLVIN, La Grande Mosquée de Sfax, préf. H. H. Abdul-Wahab, La Rapide, Tunis, 1960 ; Lucien Golvin, Essai sur l’architecture religieuse musulmane, éd. Klincksieck, 4 volumes, Paris, 1970-1971, 1974-1979…

[7] انظر ترجمته في د.م.إ. ط2 (بالفرنسية) لـ دونلوب 1/889

[8] Urvoy: La vie intellectuelle et spirituelle dans les Baléares musulmanes, Andalus, n° 37, 1972, p. 103