الأخلاق والمواطنة في فكر إميل سيوران

فئة :  ترجمات

الأخلاق والمواطنة في فكر إميل سيوران

الأخلاق والمواطنة في فكر إميل سيوران

ملخص

قد يكون فكر إميل سيوران مخالفا للتصورات والأفكار السائدة، هو نوع من التفلسف الذاتي الذي ينفتح على الحياة من زاوية التجارب الذاتية. قلنا مخالف للسائد؛ لأن الرجل لم يقدس الرؤية التقليدية للحياة التي تنظر إليها خارج سياق الموت والعجز. الموت ينهي الحياة ويبين هشاشتها وسهولة اختراقها، بينما العجز يوضح عدم قدرتها على إرضاء مطالب الكائن البشري، فلا أحد سعيد سعادة تامة وكلية على الأرض. الكل يعاني النقص ويتمنى غدا أفضلا خاليا من شوائب الموت والمرض والمعاناة. ومع استمرار الحياة تستمر هذه الأشكال. والغريب في الأمر أن الإنسان يستمر في المحافظة عليها، بسبب نوعية الأخلاق السادة، أخلاق الضعف والخضوع.

حاولنا تناول المسألة الأخلاقية في فكر سيوران من خلال ثلاثة محاور؛ نظرنا في الأول في مدى ارتباط الأخلاق بالشر. أما المحور الثاني، فبسطنا فيه المواطنة الجديدة التي لا تمت بصلة للمواطنة السلالية المرتبطة بجماعة ضيقة. وأخيرا خصصنا المحور الثالث للمرض ودوره في إعادة النظر في الأخلاق بصفة عامة.

تمهيد

يتناول المقال مسألة المسائل في فكر إميل سيوران Emil Cioran[1]، ونقصد رؤيته الأخلاقية للكون والإنسان؛ إذ يمكن الادعاء أنها رؤية حملت مؤشرات الاختلاف والتباين عن زاوية النظر التقليدية التي تربطها بالاكتساب من المجتمع والدين أو ترجعها إلى الفطرة والغريزة. كلاهما تعتبر مقاربة تخارجية أي تعالج الأخلاق بميتا-إتيقا، نقصد أنها تتناول الأخلاق من خارجها وتحصرها في البعد الإنساني، دون أن ترجعها إلى الأصل التيمولوجي الذي يربطها بالحياة ونوعية العيش الذي يقدس الوجود على الأرض، ويحث على الاستمرار عبر فعل الولادة، وفي المقابل يرفض الموت، وكل ما يعرقل استمرار النوع البشري.

إنها أخلاق الحياة، الشر فيها متمركز على كل ما يناقض غريزة البقاء، ويباين التوازن الاجتماعي. المواطنة فيها تفهم داخل هذه الأخلاق بالعيش من أجل المجتمع والالتزام بعاداته وتقاليده وقوانين، بغض النظر عن مدى عدالتها وصحتها. أخلاق ترفض حتى فكرة المرض وتسعى للتخلص منه. والحال أن الأخلاق الجديدة التي يدعو إليها سيوران ترتبط بضرورة امتلاك القوة لتقبل الموت، بما يعني العيش خارج أفق المواطنة الضيقة الملتزمة بنوعية من العيش مطابقة للسائد في المجتمع. فإلى أي حد بإمكان هذه الأخلاق أن تستمر مع ما يشهده العالم من تغيرات؟ هل يستطيع الإنسان العيش خارج الانتماء الضيق لجماعة واحدة؟ لماذا يرحب بالحياة وترفض فكرة الموت؟ ما دور كل من الشر والمرض في الفكر الأخلاقي عند سيوران؟

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

[1]- إميل سيوران (1911 - 1995) Emil Cioran هو فيلسوف وكاتب روماني، نشر أعماله باللغتين الفرنسية والرومانية. ولد في قرية رازيناري، إحدى قرى ترانسيلفانيا الرومانية والتي كانت في تلك الفترة تابعة للإمبراطورية النمساوية المجرية. وقد كان والده قساً أرثوذكسيا بالقرية، وكانت أمه لا تخفي سوء ظنها بكل ما يتعلق بالدين واللاهوت، إلا أنه وبالرغم من عيشه تحت ظل هذا التناقض الغريب، إلا أنه ظل يحمل عن طفولته انطباعاً فردوسيا، فقد عاش تلك الفترة على إيقاع الطبيعة متأملا الخضرة ومنصتا إلى حكايات الرعاة. قام بتأليف 15 كتاباً إلى جانب المخطوطات التي عثر عليها بعد وفاته.

اضطر للرحيل سنة 1921 إلى سيبيو المدينة المجاورة، حيث المعهد الثانوي، وحيث أصبح والده رئيس الكنيسة. اضطر ثانية للرحيل إلى بوخارست لدراسة الفلسفة، وهنالك عرف لأول مرة أول أعراض المرض الذي سيرافقه كثيرا وهو الأرق. وقد عانى من جراء ذلك كثيراً حتى فكر في الانتحار، على أنه سرعان ما حول ليالي الأرق تلك إلى وسيلة للمعرفة. فحينما كان في سن الثانية والعشرين ألف كتابه الأول «على قمم اليأس» الذي نشر عام 1934. لتتوالى كتاباته مثل: رسالة في التحلل، مثالب الولادة، اعترافات ولعنات...استمت فلسفته بالملمح السوداوي والتراجيدي. https://ar.wikipedia.org/wiki.