الاستخفاف بالمجال العام


فئة :  ترجمات

الاستخفاف بالمجال العام

الاستخفاف[1]* بالمجال العام[2]

ملاحظة أولية شخصية

سأحاول مقاربة الموضوع في شكل "فينومينولوجية الحياة اليومية" - حياة يومية تمتد لأكثر من نصف قرن من التدريس الجامعي. سوف أقارن - وآمل أن يكون ذلك مشروعًا؛ لأن الأمر لا يتعلق فقط بما قرأته من تجربة "الآخرين" - بين ما هو موجود وما كان. وقد يوفر ذلك رؤى جديدة حول التغيير الهيكلي في "تمثلنا الثقافي الذاتي"، فيما يتعلق بآثار التحول التكنولوجي علينا كنوع بشري، كما أشار إلى ذلك مايكل لاندمان Michael Landmann، عالم الأنثروبولوجيا السويسري، (في سياق مختلف) بالإشارة إلى ازدواجية دور الإنسان كصانع للثقافة ومخلوق لها[3].

كان السبب الأصلي وراء تأملاتي هذه- قبل أكثر من عشر سنوات خلت - هو النشوة التي عمَّت حول الدور التحريري المفترض لـ "وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة"، فيما يسمى بالربيع العربي، وطُلب مني من الجانب العربي التوضيح الفلسفي لهذا الأمر. وقد ثبت منذ ذلك الحين، أن رؤية التحرر التي روجت لها "التكنولوجيا الرقمية" كانت مجرد وهم. وفي وقت لاحق، طلب مني الجانب الألماني المساهمة في النقد الفلسفي لمفهوم "الجامعة الرقمية" الجديدة. وهنا أيضًا، أعقبت الرؤية خيبة أمل: فقد تمت التضحية باهتمام السياسة التعليمية الطموحة لصالح المصالح الاقتصادية - أي متطلبات العصر -، وكان لا بد من إفساح المجال لـ "تحديد السلوك الشخصي/الذاتي في العصر الرقمي"، كما أسميه، لـ "الكفاءة الرقمية" بالمعنى الوظيفي البحت، الذي تريده منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأصبح مفهوم البحث والتدريس المستوحى من الناحية الإنسانية الشاملة نوعًا من برامج الخدمات للاقتصاد.

وهذا ما يزيد من أهمية التدقيق في التأثيرات البنيوية للتكنولوجيا الرقمية على فهمنا للعالم ولأنفسنا، وفي نهاية المطاف على الدولة والمجتمع، من خلال الاعتماد على تجربتنا الخاصة وعدم الخضوع للغة المصالح المرتبطة بالتطور التقني المعني بالأمر؛ أي "الاتجاه"، كما يُطلق عليه اليوم. هذا ما أفهمه من خلال "فينومينولوجية الحياة اليومية"، وهو منهج قادر على التدقيق في ما وصفه رولان بارت بـ "أساطير الحياة اليومية"[4] في شكلها الرقمي الجديد، كما ينعكس على سبيل المثال في رؤية ما يسمى بالتفرد. ولفهم لماذا تحولت الأسطورة بسرعة إلى نبوءة في سياق "الثورة" الرقمية، وصولًا إلى فكرة تحرر البشرية من الطبيعة (كما اقترحها علينا راي كورزويل Ray Kurzweil وآخرون، على الأقل في المرحلة التأسيسية لـ "جامعة التفرد Singularity University"، والتي سنناقشها لاحقًا).

للاطلاع على الملف كاملا المرجو  الضغط هنا

*[1] لترجمة الكلمة الألمانية TRIVIALISIERUNG إلى اللغة العربية، توفر هذه الأخيرة مصطلحات متعددة مثل "الابتذال"، "التهوين"، "التبسيط"، "التفاهة"، "الضَحالة" "الاستخفاف" إلخ. واخترنا هذا الأخير لأنه يعبر أكثر عما يريد كوكلر قوله في هذا النص، كما أننا لجأنا إلى مترادفاته في بعض الأحيان أيضا، لكن بشكل ضئيل جدا.

[2] © 2024 by Hans Köchler.

All rights reserved. International Progress Organization Kohlmarkt 4, A-1010 Wien Printed in Austria ISBN 978-3-900704-38-4

قدم هذه المحاضرة بمناسبة أسبوع التكوين البيداغوجي بمدينة سيرناخ بسويسرا يوم 4 أبريل 2024

Pädagogische Schulungswoche Sirnach, Schweiz, 4. April 2024

[3] Michael Landmann, Philosophische Anthropologie: Menschliches Selbstverständnis in Geschichte und Gegenwart. De Gruyter: Berlin, 1955

[4] Mythologies. Paris: Éditions du Seuil, 1957