البحث الاجتماعي في التطرف الديني العنيف
فئة : مقالات
البحث الاجتماعي في التطرف الديني العنيف(1)
مقدمة:
بقدر ما استأثر التطرف العنيف المنطلق من مرجعيات دينية بالاهتمام الدولي، أنتج طلباً اجتماعياً لفهم هذه الظاهرة ومسبباتها أجابت عنه مجهودات أكاديمية رامية إلى إشباعه من خلال اشتغال علمي يحرص على حدود مقبولة في الموضوعية، ويقع تحت رقابة الجماعة العلمية (أطروحات دكتوراه، مقالات وكتب معتمدة، مقالات محكمة)، بالتوازي مع تواتر إنتاج أبحاث من طبيعة مختلفة (الخبرة-التقارير الاستخباراتية-الاستقصاءات الصحفية...).
وفي المغرب، أُنتج كمٌّ كبير من مختلف هذه الألوان من الإنتاجات، ومنها ما اشتغلنا عليه، ولا نزال، من التنظيمات التي ما زالت قابلة للملاحظة والرصد، وخصوصاً بعد أن أتمّ أتباعها مدة مسجونيتهم، أو تم العفو عنهم بعد إدانتهم تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب. وفي هذا السياق، تواجه الأبحاث الاجتماعية الأكاديمية الجديدة في التطرف الديني العنيف صعوبة التعبير عن نفسها في) مواجهة عيانية visibilité)) أكبر مما هو متاحٌ لها تتمتع بها الإنتاجات المقابلة صحافة، خبرة، تخابر)، ما يطرح تحدي المنافسة في سوق شديدة التجاذب تتيح الرواج الأوسع للإنتاج السهل والمعاد إخراجه لأغراض الدعاية للسياسات العامة المغربية ذات الصلة.
سيجتهد هذا البحث في معالجة هذه التحديات من خلال الأسئلة الآتية:
إلى أي مدى يمكن اعتبار الاهتمام الدولي والإقليمي والوطني (في المغرب)، الذي حظيت به الإنتاجات حول التطرف الديني العنيف، مؤشراً كافياً إلى أهمية الظاهرة؟ وإن صح ذلك، فكيف نفهم أن التقارير المستأنس بها لوضع سياسات مواجهة الظاهرة تخضع للمراجعة السريعة مع كل حادث دراماتيكي يخلفه التطرف الديني العنيف؟ أَويمكن أن يكون المنتج غير الأكاديمي عن الظاهرة ذا شأن من الناحية السوسيولوجية، أم أنه لا مناص له من النزول إلى الحالات الميدانية، وتتبع أساليب البحث الجزئية صعبة المسار حتى يتمّ فهم الظاهرة فهماً مَرْضيّاً؟
ننطلق في هذا البحث من المداخل الافتراضية الآتية:
- على خلاف ما ساد منذ الثورة الإيرانية من قصر اهتمام الدراسات المتعلقة بالتطرف على الحركات الإسلامية التقليدية، وسّعت الدراسات الجديدة حول التطرف الديني العنيف مجال نظرها بشكل يركز على الحركات الإسلامية ذات المساندة والدعم الشعبيين المعروفة بالسلفية.
- ليس التطرف الديني عنيفاً في كلّ الأحوال، حيث يمكن أن يكون تطرفاً من طبيعة الاجتماع الإنساني لا يتعدى سقف القانون. والحال أن محاربة التطرف الديني العنيف تُستهلّ، في أحوال كثيرة، بالمساس العنيف بالحقوق والحريات الأساسية (اعتراف ملك المغرب بتجاوزات عدة في حق المدانين في أحداث 16 مايو في الدار البيضاء).
- بإمكان البحث العلمي أن يقدم، على ضوء خلاصاته، نقاط ارتكاز لسياسات محاربة التطرف الديني العنيف شرط احترام الموضوعية والاستقلالية عمّا يملأ النقاشات العمومية في الغرض، وقابلية مخرجاته للاستغلال في وضع سياسات عمومية توازن بين الفهم والمعالجة متعددة المستويات... وتلك مهمة السياسي وليس شأن رجل العلم.
إن الفكرة الأساسية في هذا البحث هي أنّ هناك وجوداً حقيقياً لمجهودات علمية جريئة في فهم ظاهرة التطرف الديني العنيف، ولكن قلة منها فحسب كانت/تكون موضوع استثمار إيجابي، مقابل انخراط عدد من مؤسسات العلم الاجتماعي ذات العلاقة في الإسهام في رسم سياسات عمومية بعينها أو الدعاية لها. ونحن نرى أن ذلك مدعاة لوضع ميثاق ديونتولوجي إيتيقي يعيد رسم الحدود بين العلمي والسياسي في موضوع التطرف العنيف.
أولاً: حالة البحث في التطرف الراهنة:
1- تحولات حاسمة:
مباشرة بعد أحداث نيويورك (11 أيلول/سبتمبر 2001م)، فرضت ظاهرة «السلفية الجديدة» نفسها على أجندة البحث على المستوى الدولي والمستويات الوطنية المختلفة والمتقاطعة[2]. قبل ذلك، ومنذ الثورة الإيرانية، ظلت الدراسات المتعلقة بالإسلام الحركي تهتم بالحركات الإسلامية ذات الهيكلية المؤسسية والمطالبة، بطرق الضغط السياسية التقليدية، باعتبار أنّ «الإسلام هو الحل»، وتقديمه أساساً شرطياً للإقرار بشرعية النظام السياسي. وكان ما دلت عليه أحداث (11/9/2001م) خارج هذا البرادايم، حيث كان على البرامج البحثية الجديدة في الإسلامولوجيا أن تركز على اتجاهات حركية نشطة غير واضحة البنية لا على حركات مؤسسية، وعلى السلفية لا على صيغ الإسلام الإخواني، وعلى حركات تتمتع بمساندة ودعم شعبيين غير محدّدَي المعالم لا على قواعد مناصرة معروفة المواقع. وكان ذلك تغيراً حاسماً في الخلفية التي يمكن من خلالها فهم الأطروحات السياسية ذات العمق العقائدي الديني.
فرضت ظاهرة «السلفية الجديدة» نفسها على أجندة البحث على المستوى الدولي والمستويات الوطنية المختلفة والمتقاطعة
وفي المغرب، وخلال ظروف ميدانية صعبة، أُنجزت دراسات أكاديمية في موضوع الحركات السلفية في المغرب[3]، وتعمقت القراءة في التراث النظري المتعلق بالحركات الاجتماعية ذات الطابع الديني من قبيل منشورات أرشيف العلوم الاجتماعية الدينية التي يصدرها المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي. وأصدرت مراكز أبحاث مختلفة دراسات متنوعة في الغرض. كما أمكن لهذه المراكز أن تتبادل التجارب، وأن تنمي الخبرات العاملة حول الموضوع، بينما كان السياق السياسي ينطبع أكثر فأكثر بوقع السياسات العمومية الدينية المعتمدة في مواجهة السلفية التي وُسِمت بأنّها من ظواهر «التطرف الديني العنيف»[4].
وعلى قاعدة هذا التوازي بين منجزات البحث وتوجهات السياسة، يمكن التفكير في مدى توافر المعرفة السوسيولوجية الكافية بهذه الجماعات الدينية-السياسية الجديدة، واحتواء تلك المعرفة على ما يكفي من المؤشرات التي تسمح باعتمادها في فهم التحول الذي طال تشكل تجارب الإسلام السياسي. ففي مستوى الخطاب السياسي الرسمي ظلّ بروز الجماعات السياسية الدينية الجديدة على الساحة المغربية ظاهرة شاذة وتافهة من حيث الأثر، وإن لم يستهن بنتائجها كما قال وزير الأوقاف المغربي مراراً[5]. أما في مستوى الخطاب العلمي فقد تركز السؤال على إمكانية اعتبار تلك الجماعات مؤشراً إلى وجود حركات اجتماعية تروم إحداث تغيير في العلاقات الاجتماعية، وإلى حركية ما فتئ يعرفها حقل التدين الإسلامي.
2- بين الطلبين السياسي والاجتماعي:
من منظور معرفي، يمكن القول إنه عوضاً عن أن تبرز جهود إشباع الطلب على فهم ظاهرة الجماعات السياسية الدينية الجديدة وفعلها وأثرها من خلال الاشتغال العلمي الهادئ، تمّ «ملء» الساحة بالعديد من التقارير الاستخباراتية والطروحات الإخبارية-السياسية والصحفية المحلية والدولية، التي -وإن كان لها نصيب من الإسهام في إلقاء بعض الضوء على الظاهرة- زادت من حدة الجدل الاجتماعي والفكري السياسي حولها. وبالفعل تركز جانب كبير من المناقشة على الأطروحات المذهبية التي تعتنقها هذه الحركات وعلى السلوكيات المرتبطة بها، في معيارية غالبة على حساب القراءة العلمية[6]. ولم تُعطَ مختلف التقارير الاستخباراتية والسياسية والإعلامية المتداخلة والمؤثرة بعضها في بعض، بل المؤثرة حتى في بعض المعالجات «الفكرية» للظاهرة، مساحةً كافية لضبط المعطيات الأولية (المكونات، الرموز، تواريخ التأسيس، الخلفية الاجتماعية). وسادت الأطروحة القائلة بكون السلفية مصدر التطرف الديني العنيف = الإرهاب، وفُصلت فيها الدراسات على مقاس الاستجابة لرأي عام موجود فعلياً، ولكنه عرف بعد ذلك تحولات عدة جعلت «النتائج المتوصل إليها» متجاوزة[7].
3- الاحتضان الأكاديمي:
أكاديمياً، تمت الاستجابة للطلب الاجتماعي الكثيف على دراسة التطرف الديني العنيف من خلال جهود بحثية أو تنظيمية أو تمويلية تولاها المركز المغربي للعلوم الاجتماعية (الدار البيضاء)[8]، والمجلس العربي للعلوم الاجتماعية (بيروت)[9]، ومعهد كارنيجي (فرع الشرق الاوسط)[10]، وشاتوم هاوس (لندن)[11]، في سياق ما عُرف عنها من رسوخ تقاليد البحث في الظواهر الدينية-السياسية، ومن الاهتمام بالبحوث الميدانية ذات الصلة بالمجتمعات العربية.
فقد أنجز المركز المغربي في العلوم الاجتماعية أبحاثاً عديدة بتكوين دولي ووطني، كما شارك في إنجاز تقارير تقويمية للتحولات القيمية التي عرفها المغرب (أنجز على هامش مرور 50 سنة على استقلال المغرب)[12]، ولم يكن مخبروه الميدانيون سوى الطلبة الذين يهيئون رسائلهم في الدكتوراه، أو الذين أصبحت لهم ارتباطات بحثية أخرى ساهمت في امتداد شبكة علاقات المركز[13]. أما مركز جاك بيرك في العلوم الإنسانية والاجتماعية في الرباط، وهو فرع من المركز الوطني للبحث الفرنسي cnrs)[14])، فقد وفر منحاً بحثية هدفها تقوية التكوين وتشبيك الاهتمامات في الموضوعات الدينية-السياسية بالخصوص، عن طريق العمل مع المخابر الفرنسية المهتمة، وكان التعاقد يوجب على المنـتسبين بـيان مدى تـقدمهم في أبحاثهم دورياً في دورات يحضرها الباحثون المشتـغلون على موضوعات قريبة أو ذات صلة في نطاق عمل ورشات تنـتـظم في العالم العربي وفي فرنسا بالتـناوب[15].
عربياً، يمكّن الانتساب إلى المجلس العربي في العلوم الاجتماعية (بيروت) من الحصول على منح للمشاركة في مؤتمرات محكمة تعرض فيها النتائج التي يتوصل إليها الباحثون بعد مدة من المكوث في الميدان، كما يوفر المركز منحاً لمتابعة دورات التكوين والزمالة البحثية، ويشجع على البحث الجماعي بوساطة برامج خاصة[16].
تطرح هذه المعطيات أسئلة مهمة، منها: إلى أيّ حد يستطيع الباحث ضمان استقلالية اشتغاله على موضوعه، في الوقت نفسه الذي يجب عليه استحضار لا السياق البحثي الأكاديمي فحسب، بل كذلك السياق السياسي في مكونيه الرسمي والإسلامي الحركي الاحتجاجي، انتهاءً إلى السياق الديني؟ وكيف يمكن ضمان علمية العمل في خضم تكاثر الإسهامات الصحفية والسياسية في الموضوع؟
4- خلفيات المعالجة:
توفر الحركية البحثية، التي أطلقتها المراكز السابق ذكرها وغيرها، إمكانية التجوال عبر المكتبات الجامعية الدولية فضلاً عن إمكانية جمع المعطيات الميدانية ومقابلة ذوي الشأن خاصة. ومن أسس الأنموذج التفسيري لمثل هذه الظواهر الوعي بإمكانية أن «يحصل برود وفتور في الإيديولوجيا الدينية بين حين وآخر، وذلك بسبب اصطدام النظرية بقسوة الواقع، ولهذا السبب يجد القادة والكوادر والكثيرون من أفراد القواعد أنفسهم مدعوين إلى إحداث نوع من 'المراجعة المستمرة'، التي يخفونها تحت ستار الإصلاح، وعندما يصبح التفاوت كبيراً جداً بين هذا التعديل أو المراجعة وبين المنطلقات الأولية للدين، فإنه يوجد دائماً بعض المؤمنين الذين ينهضون ضد هذه الخيانة»[17].
تقوم الخلفية الأكاديمية، التي ضمنها تمت وتتمّ تلك الحركية البحثية، على النظر إلى السلفية على أنها حركة «ترشيد» على مستوى العقائد والسلوكات، وخاصة أنه قد ظهر مصلحون متعددون يدعون إلى مثل هذا الترشيد على مدى حقب التاريخ الفكري-السياسي-الإسلامي الحديث. كما برزت حركات عديدة حاولت إحداث تغيرات في الفكر والسلوك وفي العلاقات الاجتماعية بناء على تلك الدعوات (محمد عبده، الأفغاني، علال الفاسي، حسن البنا...). كما أن مجموعة من التنظيمات الدينية المعاصرة تستغرق هذه الدعوات على أنها من صلب مشاريعها، ما يؤكد أن السقف الإيديولوجي والأفق الميداني عند أولئك الدعاة وتلك التنظيمات لا يتوقفان بالضرورة عند ما رسم لهما من الأهداف أولاً، بل تتعداهما بكثير لتمتد إلى اهتمامات أخرى ذات جرعات مختلفة من الراديكالية.
ففي الحالة المغربية ما فتئت الحركات الإصلاحية الترشيدية السلفية تشهد، مند تسعينيات القرن العشرين، موجات انشطارية متوالية أفضت إلى توزع المعسكر السلفي إلى العديد من الاتجاهات يصل الاختلاف بينها إلى حد التناقض. وبالفعل لم يعد معطف السلفية قادراً على أن يجمع سلفية «جهادية» تدعو إلى الانقلاب على أنظمة الحكم العربية والإسلامية القائمة وزلزلة عروشها، وسلفية «تقليدية» و«علمية» تكتفي بالدعوة إلى طهارة المعتقد، وعدم منازعة الأمر أهله، حيث لا يجوز لديها مناكفة السلطان، سواء أكان ذلك بالوسائل العنيفة أم بالدعوات السلمية.
في الحالة المغربية ما فتئت الحركات الإصلاحية الترشيدية السلفية تشهد، مند تسعينيات القرن العشرين، موجات انشطارية متوالية أفضت إلى توزع المعسكر السلفي إلى العديد من الاتجاهات يصل الاختلاف بينها إلى حد التناقض
وفي هذا الإطار لا بد من التذكير بأن الجهادية السلفية لم تكن لدى الدعاة مؤسسي التيار الأوائل نزعة تتعاكس مع المنطوق السلفي الداعي إلى طاعة أولي الأمر، وعدم شق عصا الجماعة. وعليه كان لا بد من الانتباه إلى الحركات السلفية على الميدان على وقع اختلاف السياقات الاجتماعية والسياسية وتحولات النقد والمراجعة والإغناء على مستوى تنزيل «الأطروحة السلفية العامة» إلى تطبيقات عملية عليها بالضرورة أن تراعي الظروف العينية القائمة. ومن آثار تلك الظروف أن تختلف طبيعة التنظيمات وأنماط الدعاية وأساليب التعبئة واستراتيجيات جلب الموارد وتدبر الإكراهات... ولا بد في معاينة كل ذلك من الانتباه إلى المسارات الفعلية والتفصيلية للنخب السلفية، ورصد اختلاف القيادات في مسالكها الدعوية ومناهجها الحركية وعلاقاتها مع حواضنها الشعبية وقواعدها الاجتماعية، حيث يتيسر التمييز بين التيارات التي تتجاذب السلفية من مدخل أساسي للتصنيف يكون على أساس سوسيولوجي راسخ.
5- الارتباطات الشبكية: التنظيمي والبحثي:
مكن الغطاء المؤسسي الذي كنا بصدده من تشبيك علاقات متينة إلى هذا الحد أو ذاك بين مراكز بحثية ووقفيات ومجموعات تمويل ومجموعات تفكير متخصصة إلى هذا الحد أو ذاك في الموضوعات ذات الصلة بالحركات الدينية الجديدة[18]. وفي الميدان كان ذلك مناسبة مثلى لتقارع تقاليد بحثية متنوعة ذات فاعلية متفاوتة التباعد مع المدرسة الفرنسية والتقليد الفرانكفوني، وما يبرز منه مثلاً في أعمال أنجزت داخل مدرسة العلوم الاجتماعية بباريس[19].
كان يعاد تركيب التقاليد البحثية حيث يتم التركيز رأساً، وبصفة غالبة، على السلفية المتشددة ضمن إشكالية حدود الظاهرة الدينية في المجتمعات الغربية. ويمكن القول إن ثمة اتجاهين مهمين، يرى الأول أن الحركات الدينية الجديدة بمقام العامل المعبر عن إعادة تركيب للحقل الديني في المجتمعات العربية والإسلامية، بما يجعلها مؤشراً كاشفاً عن ظهور أشكال من التدين جديدة (لوكمان)[20]، بينما سعى الاتجاه الثاني يهدف إلى «إنقاذ» أطروحة دنيوية الدين، بعد أن طرح بروز هذه الحركات السياسية الدينية المتشددة استفهامات كثيرة على نظريات علماء الاجتماع القائلة بوجود سيرورة علمنة يتجه نحوها العالم (بريان ويلسون)[21].
ظهرت بعض نقاط ارتكاز البحوث الجديدة في الأبحاث السوسيولوجية الأمريكية أولاً، ثم الأوربية بشكل متأخر نسبياً، من خلال النقاش حول أهمية ما أصبح يطلق عليه الحركات الدينية الجديدة. وتبين أن التسمية الجامعة تدل على ظواهر غاية في التنوع، لا تعدو الحركات السياسية الدينية العنيفة أن تكون سوى أحد مظاهرها، إذ فيها العبادات الجديدة، أو الطرق التعبدية الجديدة المنافسة للديانات القديمة-المعروفة، وجماعات اعتقادية غير دينية بالضرورة أو هي جامعة بين التدين والإلهام الشرقي، وحركات تتجه ممارساتها الطقوسية إلى الرفع من الطاقة الإنسانية على المستوى الفردي والسيكولوجي...[22].
وفي هذا السياق بدا أن البحث في التشدد السلفي الإسلامي العنيف لم يكن سوى توسيع للبحث حول الإسلام وفهمه من خلال فهم بعض مظاهر التدين العام، العالم منه والحركي والشعبي، في ما يعبر به عن نفسه وفي مناسباته ومن خلال أتباعه وبرصد طقوسه وبتحديد طبيعة نخبه... وتمت عمليات الرصد والمتابعة والتسجيل تلك بطرق متنوعة ومتعددة غنية، ربطت بين مجال اهتمامها والسياسات الدينية الرسمية والمدنية المبتكرة التي تروم «تحديث الحقول الدينية» سواء صدرت عن الحركات الإسلامية أم عن غيرها. وقد كان ذلك في إطار تعميق المعرفة الميدانية بمختلف تمظهرات الحياة الدينية للمسلمين خطابات كانت أم ممارسات، والقرب من الواقع الاجتماعي.
ثانياً: التطرف الديني العنيف والمداخل البحثية الممكنة في السياق المغربي:
1- مداخل جديدة:
أظهر السلفيون المغاربة، في أعقاب حركة (20 شباط/فبراير2011م)، مواقف عديدة مضت في اتجاه تجاوز الطابع الطائفي لتنظيماتهم ومراجعة مكونات من خطابهم المتشدد في مواجهة الاتجاهات الدينية الأخرى. وبقدر الانتباه إلى هذه التحولات صار واضحاً من واقع السلفيين الجديد، المعتدلين والجهاديين سواء بسواء، أنه ينبغي الكف عن استخدام المقولات التقليدية التي تركز على التوتر الماهوي-الجوهراني بين «التعاليم الدينية» و«الحركية التعبدية»، حيث يختزل «الترشيد الديني السلفي» في اعتباره ردة فعل جماعية على ما يشعر به الأفراد المعنيون من ألوان الحرمان (اقتصادي- نفسي- سياسي...). وعليه صار واضحاً أنه ينبغي التخلص من صرامة التنميط الثنائي بين أطراف ثنائيات متعارضة من قبيل امتثالية/معارضة، تجميع/تفريق، قبول العالم/رفض العالم، لأنها تستمد تشريعها المرجعي، من دون تمحيص ولا تخصيص، مما قاله «الآباء» المؤسسون لعلم اجتماع الدين، مثل ماكس فيبر وإرنست ترولتش، في تحليلاتهم للطوائف الدينية كما ظهرت في البلدان الغربية[23].
إن المدخل الأكثر أماناً في ذلك هو الانتباه إلى الديناميكية التي أظهرتها الحركات السلفية الجديدة، وخصوصاً ما يتصل بمعتقداتها وأنماط عملها وطرق تنظيمها. فمن شأن انتباه البحث الميداني إلى آثار حركة (20 فبراير)، واندراج السلفيين في صفوفها، أن تقرّبنا من تحاليل تخفّف من إطلاقية التصنيفات الجامدة، التي شكّلت إجابات جاهزة على تفسير الظاهرة. فمثلاً تجب إعادة النظر في التحليل الذي يعتمد السلوك الانعزالي معياراً لتمييز السلفيين عن غيرهم ممّن ينضوون في الحركات الدينية الأخرى، على خلفيّة أنّ هذا السلوك -وإن كان خاصية للطوائف السلفية في ما مضى- صار مع المناخ السياسي-الاجتماعي السائد بعد حركة (20 فبراير) مُتجاوَزاً، على الأخص بمناسبة توسيع مختلف الحركات الإسلامية لمجال تحالفاتها الممكنة بمناسبة مختلف الانتخابات التي خيضت منذ ذلك التاريخ، وإمكانية الوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه. وفي اتجاه الانتباه إلى معطيات الواقع الديناميكي ذاته، ينبغي التعويل على رصد دقيق ما أمكن لتكوّن-تكوين الجمعيات المدنية والسياسية الفاعلة في اتجاه نسج علاقات فريدة وجديدة مع قواعد اجتماعية متنوعة، ما يدل على وجود قراءات متغايرة للواقع الجديد.
وفي المحصلة فتح مبحث «التحولات الاجتماعية»، في علاقة بالظواهر ذات الصلة بالتطرف الديني العنيف، الباب لاعتماد تصنيفات جديدة لبعض التعبيرات السلفية. فقد تحولت سلفيات من الطائفية الدينية إلى الحركية الاجتماعية بحسب المواصفات السوسيولوجية المعروفة (خط سياسي و/أو إيديولوجي، تنظيم، قيادة، قاعدة اجتماعية، تمويل، دعاية، ممارسات ميدانية، ...) يمتدّ تأثيرها من العمل على إحداث تغييرات في العلاقات الاجتماعية إلى العمل على التأثير في التوازنات السياسية، سواء أكان ذلك عن طريق القوة أم عن طريق ممارسة ترشيد التدين فكراً وسلوكاً عبر العمل المؤسّساتي القانوني.
2- الأكاديمي في سياق «معالجة» التطرف الديني العنيف:
مكّنت أحداث (16 أيار/مايو) الإرهابية في الدار البيضاء، وما تلاها من اعتقالات ومحاكمات ومراجعات من مختلف الأطراف (الدولة من خلال سياسة العفو والمراجعات الفكرية من طرف المعتقلين)، من معطيات غزيرة تسمح بالتركيز على محيط السلفية المتشدّدة تحديداً، في خضم مشاريع جارية، وإن لم يفصح عنها إلا بعد وقت متأخر، من إدماجهم في المؤسسات الدينية الرسمية[24]، أو انخراطهم في الأحزاب السياسية[25]، أو تأسيسهم تنسيقيات لإطلاق سراح باقي المعتقلين[26]، أو مبادرات رسمية لإنجاز مصالحة من داخل السجون[27]. ولم تكن تلك المشاريع منفصلة عن النقاش الأكاديمي والإعلامي الذي اندرج هو ذاته في إطار مقدّمات سياسية تسعى إلى تفاعل الجامعة مع محيطها.
فمن بين الوقائع الجديدة، التي تبرر المنحى الجديد، نزوح السلفيين إلى العمل والاندماج السياسيين على وقع استفادة السلفيين من مآلات حركة (2011م) أو استثمارها. فعلى مستوى العمل الميداني مكّن الانخراط في العمل السياسي الرسمي[28]، وعضوية بعض رموز التيار للمجلس العلمي الأعلى، وتصريف الأتباع في الوظائف الدينية المختلفة، والانخراط في العمل المدني الجمعوي، عدداً من السلفيين من إنتاج مشروعية تعوّض/تغني عن تلك التي كانوا راكموها على صعيد الدعوة الدينية منذ سبعينيات القرن الماضي[29]، وهو إنتاج/إعادة إنتاج من ضمن سياق ترشيد العقائد والأخلاق والسلوك على مقاس السلفية[30]. ومن جهة ثانية، يعني هذا الحد من الولاءات القديمة وقيام ولاءات جديدة موجّهة نحو شخصيات كاريزمية عصامية أزعجت كثيراً القيادات القديمة، ما جعل الفاعلين الجدد يختارون آفاقاً جديدة غير العمل الديني المباشر.
على المستوى العلمي، وبخلاف الأذرع الدعوية للإسلام السياسي والتنظيمات الخيرية والوقفية...، أعيد ترتيب الهياكل وفقاً للقوانين ذات الصلة، حيث بدت الهياكل الجديدة للسلفية وكأنّها تعمل تحت غطاء حزبي وبتأشير من السلطة، وبطاقم يتحدّد في العدد المطلوب قانوناً[31]. كما توافرت لها شروط العمل الأساسية مثل المقر والوسائل اللوجستية الحديثة، في حين ظلّ الدخول في اتحادات أو كونفدراليات جمعوية محلية تقودها «جمعيات وسيطة» تيسّر تبادل المصالح بين جميع الأطراف مؤجلاً بسبب الصراعات الشخصية بين الزعماء، التي صارت محط استثمار من طرف وسائل التواصل الاجتماعي[32].
في هذا السياق، اعتمد المشروع البحثي الجديد، الذي انخرطنا فيه، منهج «القراءة التأويلية للتراجم والسير»، متوخياً أساليب الملاحظة-المراقبة والاستمارة من أجل الوصول إلى تفسيرات الفاعلين وتأويلاتهم لأهم القضايا الاجتماعية والسياسية ولتجاربهم الذاتية في السجون وكيفيات بناء من تمّ العفو عنهم أو انقضت مدة مسجونيتهم حياتَهم من جديد[33]. وعلى ذلك يكون منهج الدراسة قريباً من التوجه العام للأنثروبولوجيين المنتميين إلى المدرسة التأويلية من خلال استعمال السيرة الذاتية والترجمة لتفكيك العالم السلفي برموزه ومعانيه وظواهره وتفسير تحولاته.
تكون هذه المعطيات، التي نستقيها من العمل الميداني، ما يمكن أن نسميه «سرديات» ينتجها السلفيون عن أنفسهم تشمل محاوراتهم التي تهيمن في وسائل الإعلام، وحضورهم المهم في النقاش العمومي، بما فيه ما يكون على منصات التواصل الاجتماعي والمقابلات المجراة معهم مع الانفراج الذي تحقق في قضيتهم ابتداء من (2012م)، وكذا البحث الاستقصائي في عوالم محيطهم الاجتماعي بعد سنوات طويلة من الاعتقال[34]. وبقدر اقتراب هذه المعطيات من المسارات كما تمّت فعلاً وواقعاً، اجتماعياً وتاريخياً، يكون الاقتناع بلا جدوى الاعتقاد بــ «نصوصية المتن السلفي» و«بداهة إيديولوجيته»، لأنّ سلفيته مَعِيشَةً قابلة للتأويل الذي يرمي إلى اكتشاف دلالاتها ورمزيتها وكيفيات ارتباطها الخاص والمتفرد في كل حالة بالحقل الدلالي الذي تنفتح عليه المفاهيم السلفية المركزية (التوحيد- البدعة- الفرقة الناجية...) والموقف الأصولي في الاعتقاد (الاعتقاد بالله كما أخبر به نفسه بصريح النص). وتمتد مادة التحليل التأويلي إلى كيفيات الفهم الخاص لضوابط الممارسة الدينية، حيث إن انتقال الخطاب من عالم المعتقد إلى مجال الممارسة يجعل الباحث مدعواً إلى التحقق من كون السلفية ليست فقط رؤية عقدية بالمعنى الحصري للكلمة كما يقدمها الحالمون لتعاليها، بل هي حاصل تجربة معيشة لأصحاب مواقف وردود على واقع الممارسة التعبدية التي شهدتها عصورهم (معتقد- طقس- سمت...). فإذا أخذنا في الاعتبار المعنى الاجتماعي للممارسة التعبدية، الذي لا يحصرها في مجرد الطريقة التي يعبر بها الأفراد والجماعات عن علاقتهم بما يَعدّونه مقدساً، ولكن في الأساس إظهاراً للمشاعر وتعبيراً عن الموقف من الكون والحياة والعلاقات الاجتماعية، صارت وحدة الدين تطلب من بعض أجنحة السلفية عملاً ميدانياً دؤوباً يبدأ من توحيد الشعائر إلى توحيد الأمة واسترجاع رسالتها في الاحتكام إلى الشرع ومحاربة الكفار، وهو العمل الذي تم التعبير عن واحدة لا غير من صيغه بأفعال إرهابية.
يتعلق الأمر، في المقاربة الجديدة، بعمل تأويلي مضاعف يروم تفهماً أعمق لحياة «الإنسان السلفي»، تلك الحياة التي تعدت أسوار النصوصية، على الرغم من ادعائها الوفاء لحرفية الإسلام، ما سيمكن من بناء معرفة معمقة حول هذا التيار العقائدي والاجتماعي، والاقتراب من فهم واقع الفاعل السلفي وعمله على إعادة صياغته.
الخاتمة:
بمختلف الصيغ تستمرّ حركات التطرف الديني العنيف في التوسع والانتشار، ويُعدُّ الاستثمار فيها على المستوى الأكاديمي أمراً واعداً؛ لأنه الصعيد الأكثر إهمالاً في التعامل معها في مقابل تضخم الإعلامي والسياسي والأمني والاستخباراتي... إلخ. إنّ تأسيس سياسة العديد من الدول معالجتها لمختلف مكونات ظاهرة التطرف الديني العنيف على التصدّي الأمني، ورصد الإمكانات العسكرية من جهة، وعلى تسويق ذلك إعلامياً في الداخل والخارج، أمر قاصر. وليس من أفق لتجاوز ذلك التقصير إلا تأسيس وكالات وطنية، تُخصَّصُ أقسامٌ منها لمراكز أكاديمية متخصّصة، قد يسهم في انبثاق وعي مؤسساتي بضرورة وجود مثل هذه البنيات. وفي انتظار ذلك يُعدّ تشبيك العلاقات بين البنى البحثية الموجودة في مجال دراسات التطرف الديني العنيف أحد الحلول التي يمكن اعتمادها لجذب اهتمام الباحثين الذين سيكون على عاتقهم حلّ ما يطرحه المجال من إشكالات إيتيقية وديونتولوجية لا نظرية ومفهومية ومنهجية فحسب.
[1] مقال منشور ضمن الكتاب الإلكتروني التعصب والتطرف والعنف، إشراف منير السعيداني
[2]- تتبنى الأمم المتحدة القضية من خلال مكتب مكافحة الإرهاب الذي يضم قسماً خاصاً يسمى «فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب»:
https://www.un.org/counterterrorism/ctitf/ar
[3]- على الرغم من مرور أكثر من 14 سنة على أحداث 16 أيار/مايو، لم تنتج الجامعة المغربية سوى أطروحتين في الحركات والتيارات السلفية:
- أبو اللوز، عبد الحكيم، الحركات السلفية في المغرب، بحث سوسيولوجي أنثروبولوجي، (جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء 2008م).
- مصباح، محمد، التيارات السلفية بالمغرب: دراسة لمسارات التحول نحو الراديكالية والاعتدال، (جامعة محمد الخامس بالرباط 2016م).
في حين ظل الموضوع مجال اشتغال أساسياً في الجامعات الفرنسية، حيث أُنجزت فيه، منذ 2005م، 38 أطروحة منها ما أنجزه مغاربة، ومن أمثلتها:
- samir amghar, salafis et ahbâsh, réseaux, organisation, et socialisation d'un nouvel islam militant européen (france, belgique et suisse) sous la direction de olivier roy - paris, ehess, 2007.
- mohamed-ali adraoui, par-delà le discours. le salafisme en france, socialisation ou rupture d'un groupe social? analyse de l'émergence d'un nouveau visage de l'islam en france. sous la direction de gilles kepel et de catherine wihtol de wenden - paris, institut d'études politiques, 2010.
[4]- أُعلِن عن السياسة العمومية الدينية الجديدة في خطاب الملك في 30 نيسان/أبريل 2004م، وفصلها وزير الأوقاف في الدرس الافتتاحي للدروس الحسنية الرمضانية لعام 2005م، ورفعت شعار الدفاع عن التوجهات المذهبية للدولة المغربية (العقيدة الأشعرية، المذهب المالكي، التصوف): www.habous.gov.ma
[5]- أحمد التوفيق، «حوار»، في الصحيفة، العدد 112، 9-15 أيار/مايو 2003م.
[6]- باستثناء الصحافة المستقلة التي حاولت أن تقدم الرواية انطلاقاً من تحري مسارات الانتحاريين وممارسة دور نقدي تجاه سلوك الدولة والأحزاب، ظلت الصحافة المغربية وعلى الأخص منها الحزبية في عمومها مرتبطة بالرواية الرسمية من خلال استعمالها لغة إقصائية وشمولية كنعت المتابعين بالمتطرفين أو الإرهابيين قبل أن تقول المحاكم كلمتها فيهم.
[7]- نشرت مؤسسة «راند» البحثية الأمريكية تقريراً عام 2004م، عرضت فيه وجهة النظر الأمريكية الرسمية في التعامل مع الجماعات الإسلامية النشطة في العالم العربي. ومن بين التوصيات التي تضمنها التقرير «دفع الصحفيين للتنقيب والبحث في جميع القضايا المهنية التي يمكن أن تشوه الأصوليين وتنال منهم مثل الفساد والنفاق وسوء الأدب». انظر النص الكامل في موقع المؤسسة: www.rand.org
[8]- تأسس هذا المركز في 2005م في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بن مسيك، الدار البيضاء، وقد احتضننا طيلة فترة عملنا على أطروحتنا.
[9]- موقع المجلس العربي للعلوم الاجتماعية: www.theacss.org
[10]- موقع المركز: www.carnegie-mec.org
[11]- موقع المركز: www.chathamhouse.org
[12]- كان معهد العلوم السياسية بباريس يضم فريقاً بحثياً متخصصاً في متابعة الظاهرة في بعض البلدان العربية تحت مسمى «السلفية للجميع».
[13]- تقرير الخمسينية: المغرب الممكن، إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك. الدار البيضاء، دار النشر المغربية، 2006م.
[14]- مختبر البحث في الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا المقارنة في جامعة نانتير، باريس، الرابط: www.mae.u-paris10.fr/lesc
[15]- موقع المركز: www.cjb.ma
[16]- ومنها مصالح التعاون الدولي وهي مكاتب توجد عادة ضمن السفارات الأجنبية، وترتبط بوزارات خارجية الدول المستقبلة للباحثين.
[17]- من المراجع المؤسسة لسوسيولوجيا الحركات الدينية مؤلف ماكس فيبر:
max weber, l'éthique protestante et l'esprit du capitalisme. traduction inédite et présentation d'isabelle kalinowski. paris: flammarion. 3éme edition. 2002.
[18] -the center for studies on new religions (cesnur) www.berkleycenter. georgetown.edu.
information network focus on religious movements (inform) www.beta.companieshouse.gov.uk/company/02346855
[19] -champoin (f) et cohen (m), «les sociologues et les problèmes des dites sectes», in, archives des sciences sociales des religions, ndécembre), 1996, p.5.
[20] -luckman (t), the invisible religion. the problem of religion in modern society. new york: macmillan, 1967.
[21] -wilson (b), the contemporary transformation of religion. london: oxford university press, 1976.
[22] -vernette (j), dictionnaire des groupes religieux. paris, collection politique d'aujourd'hui, puf, 2éme édition, 1996.
[23]- انظر مراجعة شاملة للأدبيات الكلاسيكية حول الموضوع في:
بكفورد، جيمس أ.، تأويل الحركات الدينية، ضمن المؤلف الجماعي: أبعاد الدين الاجتماعية، تعريب صالح البكاري، إشراف عبد الوهاب بوحديبة، الدار العربية للكتاب، بيروت، 1985م.
[24]- احتضن «المجلس العلمي الإسلامي الأعلى»، وهو مؤسسة دستورية يترأسها الملك بصفته أميراً للمؤمنين (الفصل 41 من الدستور) شخصيات عُرفت باتباعها السلفية، كما تمّ إدماج العديد من السلفيين في مختلف المراتب في قطاع الشؤون الإسلامية (المجالس العلمية الجهوية والمحلية، مرشدون، أئمة ...إلخ).
[25]- احتضن حزب «الحركة الديمقراطية الاجتماعية» المقرّب من السلطة مجموعة كبيرة من المفرج عنهم من السلفيين بعد 2012م بتأطير من عبد الكريم الشاذلي، وهو من المعتقلين على ذمّة أحداث 16 أيار/مايو 2003م.
[26]- أسس أهالي معتقلي السلفية، على هامش قضايا قانون الإرهاب، «التنسيقية الوطنية للدفاع عن معتقلي الرأي والعقيدة»، وذلك على إثر التطورات التي عرفتها السجون فجر يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر 2010م، والتداعيات التي خلفها «الترحيل التعسفي للمعتقلين من بعض السجون البعيدة عن مقر سكن عائلاتهم».
[27]- في يوم 27 من الشهر 11 من سنة 2012م، عرض عبد العالي حامي الدين، رئيس «منتدى الكرامة لحقوق الإنسان»، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، على شيوخ السلفية الجهادية مشروعاً لما أسماه حلاً شاملاً لملفّ المعتقلين الإسلاميين، من شأنه إغلاق ملف المعتقلين الإسلاميين والإفراج عن جميع معتقلي السلفية الجهادية، مقترحاً عليهم الانضمام إليه وهو ما لم يتحقّق.
[28]- احتضن عدد من الأحزاب أعداداً من السلفيين، ومن أهمها «الحزب الديموقراطي الاجتماعي» المقرب من السلطة، وحزب «الاستقلال»، وحزب «العدالة والتنمية». وكان حماد القباج أحد قياديي السلفية مرشحاً لترؤس لائحة حزب «العدالة والتنمية» في إحدى الدوائر الانتخابية المضمونة، لكن السلطة منعته من الترشح بعد أن شنت بعض الجمعيات المدنية حملة ضد ترشحه.
[29]- ظهر أول تنظيم سلفي في مدينة مراكش عام 1971م إثر تأسيس جمعية دار القرآن الكريم.
[30]- كان العمل السلفي وقتئذٍ يتم عبر «دور القرآن»، وهي مقرات تعليم ديني غير خاضعة للرقابة المؤسساتية ومنتشرة في جميع أنحاء المغرب. انظر خريطة انتشار هذه الدور في: أبو اللوز، عبد الحكيم، الحركات السلفية في المغرب، بحث سوسيولوجي أنثروبولوجي، مرجع سابق.
[31]- لم تعقد بعض الجمعيات السلفية أيّ جموع عامة مند تأسيسها في السبعينيات، ولم يثر ذلك تحفّظ السلطة إلا بعد أحداث 16 أيار/مايو 2003م. وهذه حالات لها رديفاتها العربية للاستزادة:
الزبير عروس، التنظيمات الجمعوية في المغرب الواقع والآفاق: محاولة في المفهوم والوظيفة، في دفاتر المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، ملف الحركة الجمعوية في الجزائر الواقع والآفاق، رقم 13، 2005م، ص12.
[32]- كثيراً ما ينتقد الشيخ الفيزازي على زيجاته المتكررة، في حين لم يتوقف الشيخ في المقابل عن الزجّ بتفاصيل حياته الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي. وكان أبو حفص (عبد الوهاب رفيقي) كثير الظهور الإعلامي، ونشرت له صور في أوضاع غريبة عن الوسط السلفي عادة، وهو يستثمر في مشروع يسميه بــــ «السلفية الوطنية الجديدة» يسوقه عبر موقع أنشئ لهذه الغاية: www.almizane.net
[33]- لم تتح مندوبية السجون للباحثين الفرصة للولوج إلى المعتقلين السلفيين، ولا إلقاء محاضرات حول تجارب مقارنة. وفي المقابل خصصت، ابتداء من 2016م، دورات صيفية وخريفية للمعتقلين ألقيت فيها محاضرات حول موضوعات فهم النص الديني، والمصاحبة النفسية، والإدماج الاجتماعي، ووضعت برنامج «مصالحة» بشراكة مع «الرابطة المحمدية للعلماء».
[34]- في 2012م بدأت سياسة العفو، والإفراج المرحلي عن كبار الشيوخ والمحكومين بــــ 30 عاماً سجناً، وهم: محمد الفيزازي، وأبو حفص (رفيقي)، والحدوشي... بعد 8 سنوات من الاعتقال.