الدين والتنمية: أي دور للقيم والممارسات الدينية في دعم التنمية بالعالم الإسلامي؟
فئة : أبحاث محكمة
الدين والتنمية: أي دور للقيم والممارسات الدينية في دعم التنمية بالعالم الإسلامي؟
مقدمة:
يشكل العالم الإسلامي الجزء الأكبر من العالم الثالث، ويتزايد عدد المسلمين بسرعة كنسبة من سكان العالم، لكن التنمية ظلت في هذه الرقعة الجغرافية المهمة راكدة أو بطيئة، حيث يعيش غالبية المسلمين في مناطق بحاجة إلى التنمية، ويشكلون مجتمعات أكثر حرمانا اجتماعيا واقتصاديا على المستوى العالمي.
بخلاف ذلك، خلف الإسلام ثلاثة عشر قرناً من التأثير المستمر والفعال على حياة المجتمع... ومبادئه تنظم ليس فقط القواعد الأخلاقية والمعنوية لسلوك الفرد في الأسرة والمجتمع، بل وحياته الشخصية والاقتصادية والاجتماعية. في نظر المؤمنين، الإسلام ليس مجرد نظام ديني، بل هو 'أسلوب حياة'[1]. كما أن المفهوم الإسلامي للسعي في الدنيا يجعل اهتمام الإنسان بترقية مجتمعه واهتمامه ببيئته أمرا مهما[2]، وهو ما يحيلنا إلى التساؤل حول آفاق اللقاءات الملموسة بين التطورات الاجتماعية والاقتصادية والتقاليد الدينية الراسخة في العالم الإسلامي؛ إذ إن أهمية الدين في العالم الإسلامي، تفرض دراسة علاقته بالتنمية بشكل منهجي. وفي هذا السياق، يبين موضوع هذا البحث أهمية الدين في المجال العام، ويسعى من الناحية النظرية إلى اكتشاف 'إدخال الدين' في مناقشات سياسات التنمية، ومن الناحية العملية إلى تسليط الضوء على التفاعل والتقاطع بين الدين والتنمية بوصفه أحد الشواغل الإنمائية المهمة. وهكذا تسعى الدراسة إلى التفكير في كيفية التوفيق بين الإسلام والتنمية، وكيفية تحويل القيم والممارسات الإسلامية، باعتبار الدين خبرة إنسانية، إلى ممارسات تنموية.
لأجل ذلك تجادل الدراسة بأن القيم والممارسات الدينية يمكن أن تساعد على التنمية في دول العالم الإسلامي، وليست بالضرورة عقبات أمام تحقيق مجتمع واقتصاد حديث وعقلاني، حيث إن الأساس المنطقي الرئيس للتعامل مع الدين يكمن في النتائج المخيبة للآمال للإستراتيجيات التنموية العلمانية المجربة في دول العالم الإسلامي والشعور بأن الدين يمكن أن يكون له دور إيجابي في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأن الدين قد يعمل على إصلاح هذه الفجوة والمساعدة في التغلب على بعض العجز المسجل في هذه البلدان في أعقاب تحولها النيوليبرالي.
وتكثف هذه الإشكالية مجموعة أسئلة من قبيل: كيف يمكن أن يشكل الدين موردا خارجيا قادرا على معالجة الخصاص التنموي في البعدين الاجتماعي والاقتصادي؟ وهل يمكن استنباط أسس دينية ذات طابع فيبري لرأسمالية مستقلة تكون كنموذج تنموي في دول العالم الإسلامي؟ ثم ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية الإسلامية، من قبيل مؤسستي الزكاة والوقف في تقديم الخدمات الاجتماعية؟ وكيف يمكن النظر إلى هذه المؤسسات بوصفها "عمليات إنتاجية"؟ ثم كيف يمكن إعادة تشكيل العمل كشكل من أشكال العبادة الدينية في إطار نهج "الإقتصاد الروحي" بوصفه أسلمة لليبرالية الجديدة؟
من الناحية المنهجية، تنطلق الدراسة في محور أول من مراجعة نقدية للأدبيات التي تبني التنمية باعتبارها تقع ضمن المجال العلماني، بعيدًا عن الدين، ثم تبين كيف صارت دراسات وممارسات التنمية في العقود الأخيرة تكتشف الدين وتؤكد على التداخل والتقارب بينهما. وفي إطار نهج للتنمية المتكاملة سيتم الوقوف على الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه الممارسات والقيم الدينية الإسلامية في توليد التدخلات التنموية على المستوى الاجتماعي (في محور ثان) وعلى المستوى الاقتصادي (في محور ثالث).
للاطلاع على تفاصيل البحث كــامــلا
[1] E. M. Primakov, "Islam and Processes of Social Development of Foreign Countries in the East", Soviet Review, Vol 22, Num3, 1981, p 5
[2] إبراهيم أحمد عمر، فلسفة التنمية: رؤية إسلامية، (هيرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1992)، ص 36