الرؤيا
فئة : مفاهيم
يطابق التّعريف اللّغويّ في لسان العرب لابن منظور بين الرّؤيا والحلم إذ نجد في مادّة (ح.ل.م) ما يلي: "حلم: الحلْم والحُلُم: الرّؤيا. يقال حلم يحلم إذا رأى في المنام" (ابن منظور، د.ت، ج 12، ص 145). مع إضافة تمييز درج في استعمال المفردتين: "والحلم عبارة عمّا يراه النائم في نومه من الأشياء، ولكن غلبت الرّؤيا على ما يراه من الخير والشّيء الحسن وغلب الحلم على ما يراه من الشّرّ والشّيء القبيح" (ابن منظور، د.ت، ج 12، ص 145).. وينتفي هذا التّمييز في مادّة «رأى» إذ يرد فيها: "الرّؤيا ما رأيته في منامك، ورأيت عنك رؤى حسنة: حلمتها" (ابن منظور، د.ت، ج 3، ص ص 1540-1541). وهذا التّداخل في دلالة الكلمتين كما نرى خاضع بالدّرجة الأولى للاستعمال. والرؤيا وثيقة الارتباط بالمنام، دون أن ينفي ذلك إمكان وقوعها في اليقظة إذ يقول ابن منظور في «لسان العرب»: "قال ابن بري: وقد جاءت الرّؤيا في اليقظة" (ابن منظور، د.ت، ج 3، ص 1541).
ولكن متى تعلّقت المسألة بالاصطلاح، اختلف الأمر وأضحت الرّؤيا قرينة المنام ملازمة له، وباينت في دلالتها الحلم لِتَعْلَق بدلالة الإخبار والإنباء بما سيكون. يقول أرطميدورس الإفسي: "إنّ الرّؤيا تخالف الأضغاث بأنّ الرّؤيا تدلّ على ما سيكون. وأمّا الأضغاث فإنّما تدلّ على الشّيء الحاضر. وتحدث المنامات ممّا يتراءى للنّفس ويتعلّق بها ويؤثّر فيها" (الإفسي، 1991، ص 15). ويقول أيضًا: "الرّؤيا.. حركة للنّفس.. فهي شيء يرى وينبئ بشيء" (الإفسي، 1991، ص ص 17-18).
ومن هذا المنطلق تتنوّع الرّؤى وتنقسم إلى ظاهر صريح وخفيّ مضمر يحتاج إلى تأويل، يقول أرطميدورس: "الرّؤيا قد تكون ظاهرة ومنها ما يحتاج للتأويل، والظّاهرة هي التي تكون مثل الشّيء الذي تدلّ عليه. وأمّا الرّؤيا ذات التّأويل فهي التي يرى الإنسان فيها في منامه شيئًا فيدلّ ذلك على شيء آخر بمشاركة ما طبيعيّة فيما بينهما" (الإفسي، 1991، ص ص 16-17).
ويقول ابن خلدون: "الرّؤيا الصّالحة وأضغاث الأحلام الكاذبة فإنّها كلّها صور في الخيال حالة النّوم. ولكن إن كانت تلك الصّور متنزّلة من الرّوح العقليّ المدرك فهو رؤيا. وإن كانت مأخوذة من الصّور التي في الحافظة التي كان الخيال أودعها إيّاها منذ اليقظة فهي أضغاث أحلام" (ابن خلدون، د.ت، ص 477).
انظر:
- ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمّد. (د.ت). مقدّمة ابن خلدون. بيروت – لبنان: دار العلم للجميع.
- ابن منظور. (د. ت.). لسان العرب. (ط.1). بيروت: دار صادر.
- الإفسي، أرطميدورس. (1991). كتاب تعبير الرّؤيا. (حنين بن إسحاق، مترجم). (عبد المنعم الحفني، محقّق). (ط.1). القاهرة: دار الرّشاد للطّبع والنّشر والتّوزيع.