الزعيم
فئة : مفاهيم
يطلق لفظ الزعيم في المعنى الأنثروبولوجي على "قائد في تنظيم اجتماعي على مستوى ثقافي منخفض كالعشيرة أو القبيلة" (بدوي، 1982، ص 57). والزعامة في المجتمعات البدائيّة كانت تقوم على مبدإ الوراثة أساسا، حفاظا على تواصل الروابط الاجتماعيّة ومتانتها وحمايتها من التفكّك جرّاء إمكانيّة غياب السلطة بغياب من يعوّض الزعيم. وقد يتمّ في عدد من المجتمعات اختيار الزعيم اعتمادا على جملة من الخصال والصفات التي يتمتّع بها وتميّزه عن غيره، فتؤهّله لشغل هذا الموقع وتمنحه ثقة من حوله ومن هذه الخصال، نجد مثلا المهارة الحربيّة والقدرة على الخطابة والعدالة والحكمة...
وقد ذهبت الدراسات الحديثة لفكرة الزعامة إلى إثبات أهمّيتها في فهم نشأة السلطة السياسيّة وبروزها، انطلاقا من "ملوك الدول البدائيّة الذين يحافظون على قدرات سحريّة دينيّة إلى حدّ كبير" (مولر، 2006، ص529). ويميّز ماكس فيبر بين أشكال ثلاثة للسلطة : سلطة "الأمس الأزلي" المتمثّلة بالأعراف، والسلطة الكاريزميّة، والسلطة القائمة على قوّة "الشرعيّة"، والمبنيّة على قواعد عقلانيّة. ويجعل فكرة الزعامة أساسا للشكل الثاني للسلطة (السلطة الكاريزميّة)؛ فهي تعتمد على "ما يتمتّع به الفرد من نعمة شخصيّة وغير عاديّة (كاريزما)، ما يؤمّن الولاء الشخصي والثقة الشخصيّة بفرد ما"(فيبر، 2011، ص 264) ومن هنا يميّز بين صور شتّى لهذه الزعامة، إذ يقول: "كنّا نقع في الماضي على صورتين أساسيّتين من الزعامة، صورة الساحر والنبيّ من جهة، وصورة القائد العسكري، وقائد المرتزقة من جهة أخرى، إذ أنّ الزعامة كانت معروفة في كلّ المناطق وعلى مرّ الحقبات التاريخيّة. أمّا ما يتعلّق بالغرب... فإنّ ما نجده هو نمط الزعامة السياسيّة المتمثّلة قبل أيّ شيء آخر بصورة "السياسي الديماغوجي" الحرّ الذي لم يبرز إلاّ على أرض الغرب وسط "الدول المدن" المستقلّة في البلدان التي عرفت الحضارة المتوسّطيّة. ثمّ إنّنا نجد بعد ذلك النمط المتمثّل "بزعيم الحزب" البرلماني الذي لا نصادفه كذلك إلاّ في الغرب الذي شهد ولادة الدول الدستوريّة". (فيبر، 2011، ص ص 266-267)
انظر:
-بدوي، أحمد زكي. (1982). معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيّة. (ط.2). بيروت: مكتبة لبنان. ص 57
-فيبر، م. (2011). العلم والسياسة بوصفهما حرفة. (جورج كتورة، مترجم). (ط.1). بيروت-لبنان: المنظّمة العربيّة للترجمة.
-مولر، ج.ك. (2006). زعامة. ضمن معجم الأثنولوجيا والأنتروبولوجيا. (مصباح الصمد، مترجم). (ط.1). بيروت- لبنان: المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع "مجد". ص ص 529-530