الضعفاء وحقّ الضيافة المستحيل
فئة : مقالات
الضعفاء وحقّ الضيافة المستحيل
فيصل دراج
موضوع «الضيف وحقوق الضيافة» قديم ومألوف، لا يحمل الغرابة في الشروط العاديَّة، والضيف، في الحالة هذه، مؤقت الإقامة، لا يثير سوء الظنّ، ولا يحرّض على أسئلة كثيرة؛ ذلك أنَّه لا ينافس مضيفه في شيء.
غير أنَّ البشر يعرفون ظروفاً صعبة لا يتركون فيها وطنهم رغبةً منهم، كأن يجبروا على الرحيل إجباراً، أو أن يفتقروا إلى أسباب الحياة ويطلبوا «العيش» في بلاد أخرى. وإذا كان في «العمال المهاجرين إلى أوروبا» ما يعطي صورة عن ضيق المعيش الذي يبعث على السفر، فإنَّ في وضع السوريين والعراقيين واليمنيين، اليوم، ما يستدعي «خوفاً» يفرض الهرب؛ ذلك أنَّ عشوائيَّة الحرب المهلكة تلغي الفرق بين المتوقع واللامتوقع، وتقتل أفراداً وجماعات، وتهدم بيوتاً، وقد تقوّض عائلات بكاملها إنْ سقطت عليها «قنبلة فراغيَّة».
يبدو «المهاجر»، في الحالة الأخيرة، ضيفاً طويل الإقامة، لا يظلُّ ضيفاً، ليصبح «لاجئاً» يطالب «بحقوق» ليست له؛ ذلك أنَّه «كيان مضاف» إلى جماعة سقط عليها من غير توقع؛ بل هو «كيان هجين»، غادر وطناً يعرفه ويعرف عاداته وثقافته، والتحق «بأرض غريبة» لا تعرفه ولا يعرف أعراف أهلها، كما لو كان حالة إنسانيَّة مؤقتة تنفتح على الطارئ والموجع واللامنتظر وعلى «الإقامة المؤقتة».
كان في وضع اللاجئين الفلسطينيين بعد «نكبة» عام 1948، وإلى اليوم ربَّما، ما أُطلِق عليه «الإقامة في اللاإقامة»، حيث على الفلسطيني أن يقبل بالمكان الذي وصل إليه، فإن كان فيه نكد كثير، انتقل إلى مكان ثانٍ، يتبعه ثالث، وما يشبهه، في انتظار مكان يتمتَّع بشيء من الرحمة. وواقع الأمر أنَّ الفلسطينيين؛ أي هؤلاء الذين هُجِّروا من وطنهم بالعنف الإسرائيلي، عرفوا أكثر من شكل للـ «الهجرة»، وعرفوا إرادة البقاء حين بحثوا عن عمل في مواقع متاحة أو ممتنعة، وهو ما عبّر عنه غسان كنفاني في روايته (رجال في الشمس)؛ إذ الفلسطيني الذي نجا من رعب «جيش الدفاع الإسرائيلي» لا ينجو من المتاجرين بحياة البشر. ولعلَّ الهروب من أكثر من موت محتمل هو الذي أرسل بفلسطينيين إلى العراق في زمن، ودفعهم إلى الهجرة إلى تشيلي في زمن آخر. فالإقامة في اللاإقامة لم تأتِ من «القتل الإسرائيلي» فحسب، بل جاءت أيضاً من مجازر لحقت بالفلسطينيين في أراضٍ عربيَّة. ولهذا تمكن الإشارة إلى سبعين مجزرة تكفَّل الزمن الظالم بزيادتها من غير انقطاع.
جاء الفلسطينيون المبعدون عن وطنهم بصفة اللاجئ الفارّ من اللاأمان إلى أمان محتمل. وأنتجت «مجاعات أفريقيا» بأشكالها المختلفة صفة العامل المهاجر، وأنتجت الظروف العربيَّة الأخيرة صفة المهجّر، الذي هاجر رغماً عنه، لا بحثاً عن رغد العيش، وإنَّما الهرب من الموت ومن شروط مميتة. اجتمعت في هؤلاء جميعاً صفتان: الإنسان الغريب البعيد عن وطن يعرفه، والذاهب إلى أرض لا يعرفها، لا هي بالمنفى كالحالة الفلسطينيَّة، ولا هي بالوطن الأخير حال العمّال الأفارقة المهاجرين الذين «لا أوراق لهم»، ويفتقرون إلى أوراق تعرّف بهم، وتعترف بوجودهم.
1. عن الغريب والوطن الأم:
يمثّل الغريب، في وجوهه المختلفة، حالةً مأساويَّة، فنظرته إلى نفسه مشوبة «بالنقص»، لا يمكنه أن يساوي ذاته بغيره، ونظر الآخرين إليه يتَّسم بالحذر والحيطة، فهو المجهول الصفات، وهو المغترب عن ماضيه؛ لأنَّ في الغربة ما يزيحه عن عاداته المكتسبة ويجعله كياناً «مؤقتاً». ولهذا، إنَّ في الجملة الهجائيَّة المشهورة «هؤلاء الغرباء» ما يفرض عليه أن يعيد تقييم ذاته وتقييم الآخرين. كان الروائي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا، في حوارٍ معه، اشتكى بحزنٍ من تعبير: «فعله الفلسطينيون كالعادة»، أو «قام به بالتأكيد إنسان فلسطيني»، سواء ارتبط الأمر بشجار في حي قريب، أم بشظايا زجاج ملقاة في الطريق، أو بشقي هارب من رجل الأمن. أنهى جبرا شكواه بكلمة محتجّة: «فليعلموا أنَّ هذا الفلسطيني إنسان كريم».
كان جبرا في شكواه يحاور صورة الغريب المنتشرة غالباً بين الناس، حيث الغريب، تعريفاً، لا تاريخ له، وليس له ماضٍ يستشهد به. ولأنَّ الغريب جاء من زمن آخر مجهول الصفات، يتحوّل إلى فراغ حزين يمكن أن تلقى فيه جميع الصفات المحتملة التي ينفر منها غيره؛ ذلك أنَّ الغريب هو المُضاف إلى مجهول، وهو النافل غير المرحَّب به أحياناً، وهو نكرة متنقلة في بعض الحالات غير جديرة بالاسم، ولا بالمكان الذي يتَّسع للآخرين.
يذكر الراحل الفلسطيني حسين البرغوثي، في العمل الروائي البديع (الضوء الأزرق)، أنَّه زار بيروت قبل مصرع غسان كنفاني بسنوات، وحين سأل عن منزله في منطقة «الرَّوشة»، جاء الجواب: «في تلك البناية يقولون إنَّه يعيش واحد فلسطيني». تأخذ صفة «فلسطيني» موقع الاسم، وتعرّف صاحب الاسم سلباً، فهو ليس كالآخرين، لا ماضي له، بل من الغريب ربَّما أنَّه يعيش في منطقة الآخرين، لا في «المخيمات القائمة على هامش المدينة»، التي لا تريح النظر، ويتكفّل «البعض»، على أيَّة حال، بإزاحتها عن وجه الأرض، حتى تبقى المدينة جميلة «بلا غرباء».
للإنسان النافل؛ أي الغريب، مكان خاص به يبعده عن الآخرين ويبعد الآخرين عنه، حال منطقة «بل ﭬيل» في باريس، التي يعيش فيها «المهاجرون المغاربة»، بعد أن هجرها الباريسيون الذين لا يرتاحون لصفات المهاجرين. كان عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو، في كتابه الضخم (بؤس العالم)، قد أشار إلى منطقة «بل ﭬيل»، وهو يتحدَّث عن آثار عنصريَّة المجتمع الباريسي في عدم «اندماج» الغرباء في المجتمع الذي يعيشون فيه. كما تحدَّث المؤرخ إيمانويل تود مؤخراً، في كتابه (من هو تشارلي؟)، عن ظاهرة «الإرهاب» التي لا تنبثق من «روح المهاجرين»، كما لو كانوا أشراراً بالسليقة، بقدر ما تتأتَّى من عنصريَّة المجتمع الفرنسي وتعامله المتعصّب مع المهاجرين، منتهياً إلى نتيجة منطقيَّة تقول: الإرهاب ليس قضيَّة بوليسيَّة، ولا يصدر عن «عنصر» بشري غريب، إنَّما هو محصلة لبنية المجتمع الفرنسي في سنواته العشرين الأخيرة وما تبعها، المترجمة بتراجع الديمقراطيَّة والأزمة الاقتصاديَّة وصعود النزوعات العنصريَّة والدينيَّة المتعصّبة.
لا ينسى تود أن يشير إلى «المآل الحزين» للثورة الفرنسيَّة، التي تحدَّثت عن المساوة والعدالة والتآخي واستقبال الغرباء وحسن معاملتهم، قبل أن يأتي زمن «الإرهاب»، الذي هو فعلياً زمن انحطاط القيم الكونيَّة، تلك القيم التي أعلت من شأنها الثورة الفرنسيَّة وعصر التنوير الأوربي عامَّة. فقد كان في تعاليم الثورة، ذات مرَّة، حديث عن الضيافة وحقوق الإنسان، وحقّ «اللجوء السياسي»، الذي كان يُعطى لـ «غرباء» طُرِدوا من أوطانهم. وعلى هذا، إنَّ في اعتبار الغريب لا تاريخَ له ما يثير الأسى، وفي حرمانه من «حقوق الضيافة» ما يوطّد الأسى ويزيده، وصولاً إلى «عنف منتظر» من غرباء ضاقت بهم الحياة، وضيّق عليهم «أصحاب البلاد» الخناق. ولعلّ هذا الأسى المتوالد، المستهلّ بعيشٍ لا يمكن تحمُّله، هو الذي يضع الغريب في حالة حوار مستمرَّة مع «وطنه الأم»، ذلك الوطن الذي عليه أن يؤمّن حقوقه ويمدّه بالسعادة والكرامة، وهما أمران واهنان في كثير من البلاد العربيَّة، التي تطرد أبناءها إلى العراء.
البلد الأم هو المكان الذي رأى الإنسان فيه النور، والموقع الذي يحنّ إليه الغريب بعد مغادرته، وهو تلك البقعة من الأرض التي يريد الغريب العودةَ إليها، بعد أن «تتحسَّن الأمور». إنَّه تلك الجغرافيا العجيبة التي تحدّد المنطلق والمرحلة الأخيرة. ولهذا يُقال «اللغة الأم» التي يستقبلها الإنسان حين يرى النور، و«نمط الحياة ـ الأم» الذي يعلّم الإنسان ما يجب فعله، وما ينبغي عدم القيام به، وهو في النهاية ما يساوي بين وطن البداية و«الأم»، كما لو كان الإنسان قد ولد، طبيعياً، مرَّتين؛ مرَّة بالمعنى البيولوجي، فله أبٌ وأمٌّ ينتسب إليهما، ومرةً بالمعنى الرمزي الذي يجعل من «أرضه» أمَّاً أخرى. يطرح موضوع «الآخر»، المختلف ثقافةً وقيماً وعاداتٍ وديناً، معنى «الضيافة» التي هي واجب إنساني أخلاقي، وقد تكون شكلاً من العذاب، لا يقبل «بالضيف» بقدر، دون أن يقنع هذا الضيف بأنَّ له «أماً» أخرى، ذلك أنَّ الأم، بالمعنى الرمزي، تعطي مرَّة واحدة.
ولعلَّ الحرمان من الأم، مهما كان شكله، هو الذي يعيّن «حقوق الضيافة» فعلاً إنسانياً سامياً ومساهمة أخلاقيَّة ومعياراً يحدّد إنسانيَّة الإنسان أو «الإنسانيَّة»، الأمر الذي يربط بين فعل الضيافة والمحبَّة والخير والاعتراف «بالجوهر الإنساني» (المفترض) الموزع على البشر جميعاً؛ بل إنَّ في القبول بحقوق الضيافة ما يعلن عن الارتقاء الرُّوحي والجمالي للإنسان، فمن يحبّ ذاته يحبّ غيره، ومن يحبّ ذاته وغيره يحبّ البشريَّة جمعاء، ما يعيّن الكراهيَّة فعلاً موحشاً ووحشياً، يقترب من الزندقة والكفر، وترفضه الأديان السماويَّة جميعاً.
2. العمَّال المهاجرون والشعبويَّة الصاعدة:
من المتعارف عليه في مأثور العرب إكرام الضيف، على اعتبار أنَّ الكرم شهامة وأصالة وإعلان عن خُلق حميد، وهو الأمر الذي أسبغ على السموأل الكريم، قديماً، شهرة طاغية. كان ذلك في زمن بسيط يضع إنساناً أمام آخر، بعيداً عن «زمن الإيديولوجيات» الذي يقرّر الموقف من الإنسان قبل رؤيته. ولذلك تنطوي مقارنة «زمن السموأل» بزمن العمال العرب أو غيرهم، في أوربا نهاية القرن العشرين، على سذاجة طاغية وعلى أشياء من الضحك الأسود. الواقع أنَّ «العامل الأفريقي المسلم»، أو ما يشبهه، ضحيَّة لطبقات متعدّدة من الظلم والقهر: عاش في بلدٍ كانت له خيراته، قبل «النهب الإمبريالي»، الذي ترك جزءاً من أفريقيا على حافة الموت جوعاً. وبعد رحيل الاستعمار، جاءت أنظمة من صنعه استأنفت النهب القديم بشكل آخر. وحين يصل هذا الإنسان المقهور إلى أوروبا، لا فرق إن دخلها تسللاً أو بشكل شرعي، يُدفع مباشرةً إلى «سوق العمل الأسود»، وفقاً لعنصريَّة وطيدة تُمايِز بين العامل المحلي والعامل الأجنبي، وبين الأسود والأبيض، والمسلم وغير المسلم، والذي يتكلم اللغة المحليَّة وذاك الذي لا يحسنها...، والمحصلة أنَّ المهاجر، في بلد عنصري، يبيع جهده بثمن فقير، ويتمُّ التعامل معه بفقر أخلاقي شديد، أو بلا أخلاق على الإطلاق أحياناً. ينطوي مساره على مقولات الحرمان والاغتراب وعدم الاعتراف بمعنى مزدوج؛ عدم الاعتراف بحقوقه إنساناً، وعدم الاعتراف بعمله الذي يقوم به نيابة عن غيره؛ ذلك أنَّ على المهاجرين أن يقوموا بعمل «شاق»، أو «شاذ»، يرفض المواطن غالباً القيام به.
يقول الفيلسوف الفرنسي إيتين باليبار في مقالة عنوانها: «ما نحن مدينون به إلى الذين (لا أوراق لهم)»: «نحن -المواطنين الفرنسيين- ذكوراً وإناثاً، يجب أن نعترف بأنَّنا مدينون كثيراً إلى هؤلاء الذين (لا أوراق لهم)، الذين رفضوا (السريَّة) المفروضة عليهم، وطرحوا تالياً بقوَّة سؤال حق الإقامة». يحيل ما كتبه الفيلسوف على سطوة العنصريَّة القائمة في الحياة اليوميَّة، التي تختصر «الغريب» إلى جملة من الأفعال السلبيَّة، وعلى «الإعلام» الذي لا يقول الحقيقة، وعلى نفاق الحكومات الفرنسيَّة المتتالية، التي تقول بمساواة البشر وتمارس نقيضها، وتعيد عمليَّاً إنتاج التمييز العنصري؛ بل إنَّ في ممارسات هذه الحكومات ما أنتج «عنصريَّة مؤسَّساتيَّة» تطرد العمَّال المهاجرين إلى خارج حقوق الإنسان، وتطردهم إلى خارج «المطرودين الفرنسيين»، الذين يعانون من الاستغلال والاضطهاد.
فالعامل المهاجر، إذاً، هو «المطرود من بين المواطنين المطرودين»، أو هو «اللا مواطن المطرود من بين المطرودين». ويكتمل هذا الطرد المزدوج، أو لا يكتمل، بنزعة شعبويَّة متصاعدة في بلدان أوربيَّة متعدّدة، تتضمَّن الجهل والعنصريَّة معاً، فهي «تفسّر الأزمة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة» بآثار «الحضور الأجنبي في البلاد»، كما لو كان دور العامل الأجنبي الضعيف مصادرة حقوق الغير من «العمال المواطنين»، وإضافة إلى منظور شعبوي قاصر، سياسياً واقتصادياً، هناك «التفسير المريض لتراجع الحضارة الغربيَّة»، الذي يرى في «العنصر الأجنبي» إساءة إلى المعايير الحضاريَّة الموروثة، «على اعتبار» أنَّ الطفل الأوروبي قد يحاكي سلوك الطفل المسلم الذي «لا يعرف النظافة والنظام».
هكذا يصبح «طرد الأجانب»؛ بل قتلهم أحياناً، حلاً لمشكلات المجتمع الغربي المأزوم، كما لو كانت أزمة «الأجانب» صادرة عن وضعهم الدّيني والجغرافي، ولا علاقة لها بآليَّات الرأسماليَّة العالميَّة، القديمة والحديثة، التي تتحكَّم في المركز والهامش العالميين. بهذا المعنى، تُقتلع «حقوق الضيافة» اقتلاعاً، ويُقبل بالغريب على مضض، بمبرّرات إيديولوجيَّة تتّكئ على ثنائيَّة الأبيض/الأسود، المسيحي/ المسلم، المتحضر/ الهمجي، الأوروبي/ غير الأوروبي، الأمريكي/المهاجر. والمحصلة أنَّ مقولة «جوهر الإنسان»، التي تقول بها الأديان، ومقولة «الإنسان الشامل»، التي قال بها عصر التنوير الأوروبي الكلاسيكي، ترتدُّ إلى نقيضها، بقدر ما أنَّ مقولة «التقدُّم الإنساني» الشهيرة تصير، شيئاً فشيئاً، إلى أثر من آثار الماضي.
والسؤال: هل «المأزوم» هو «الإنسان المهاجر» فحسب، أم هل الأزمةُ تخترق «المجتمع الإنساني» في مستوياته كلها؟ وواقع الأمر أنَّ الأوَّل مأزوم بسبب أنظمة تابعة أدمنت الاستبداد والفساد، وأنَّ الثاني مأزوم بسبب نظام رأسمالي يريد أن يجمع، زوراً، بين الاستقرار وعدم العدالة؛ فلو كان «عادلاً» لما نهب «دول المحيط»، ولما استغلّ «العمَّال بشكل عام»، ولما أسبغ القبول والرضا على «سوق العمل الأسود»، وعلى «العنصريَّة المؤسساتيَّة»، ناهيك عن ثنائيَّة: العنصريَّة والديمقراطيَّة المزعومة؛ إذ لا اعترافَ بالضيافة في مجتمع عنصري، حتى لو تحدَّث عن الديمقراطيَّة والحضارة.
يُقال: «يعترف البرجوازيون بجرائمهم بعد أن يبتعد زمنها»، والمشكلة أنَّ «مأساة فقراء عالم الأطراف» لم تبتعد كثيراً، بل تراكمت منذ زمن نهب الثروات الطبيعيَّة غير المعترف به، إلى زمن «نهب القوى الجسديَّة للعمال الأجانب» غير المعترف به أيضاً.
ترتبط حقوق الضيافة بعالمٍ سليم السلوك معافى القيم، بعيداً عن حاضر معيش يسير بخُطا ثابتة إلى «انحطاط كوني».
إشارات:
1. Alfred SchÜtz, étranger, Editions Allia, Paris, 2003, p. p 44 - 54
2. Étienne Balibar, droit de cité, l’aube, Paris, 1998, P 23 - 25