الفلسفة الدّيكارتيّة بعُيون عربيّة: لماذا لم تنجحِ التّبيِئة؟

فئة :  مقالات

الفلسفة الدّيكارتيّة بعُيون عربيّة: لماذا لم تنجحِ التّبيِئة؟

الفلسفة الدّيكارتيّة بعُيون عربيّة: لماذا لم تنجحِ التّبيِئة؟

مقدّمة

لاقى فِكر ديكارت اهتمامًا كبيرًا، من قِبل الثّقافة العربيّة الحديثة؛ إذ اقترن اسمه بألقاب مميَّزة، كـ "أبو الفلسفة الحديثة" وصاحب "الكوجيطو"، حيث تمّ اعتباره في الوسط الثّقافيّ المصريّ، أوائل القرن العشرين، مفتاح الفكر الحديث بلا منازع، كما أنّ الاطّلاع على فكره آنذاك، ضرورة تقتضيها متطلّبات روح الصّحوة، التي أطّرت فكر النّخبة المصريّة النّاهضة.

ولعلّ ما يَسَّر حُسن استقبال ديكارت، معرفة النّخبة الثّقافيّة العربيّة بآرائه، في البرهنة على وجود الله؛ إذ يشير عثمان أمين، إلى أنّ محمد عبده كان قد أشار واعتمد عليها، في السّنوات الأولى من القرن العشرين.

ويعود ظهور اسم ديكارت في الصّحافة العربيّة، إلى السّنوات الأخيرة من القرن التّاسع عشر؛ فقد نشرت مجلّة "الهلال" في مصر، سنة 1897م، جوابًا عن سؤال لأحد قرّائها، يسأل فيه عمّن هم الكارتازيّون؟ وفي أيّ عصر كانوا؟ ومن هو المؤسِّس الحقيقيّ لمذهبهم؟ وعلى أيّ أساس بُنِيَ؟ تقول فيه المجلّة إنّ الكرتازينيّين أو الكارتازيّين: هم أتباع فلسفة ريناتوس كارتاسوس، وهو فيلسوف فرنسيّ يُعرف باسم ديكارت. أمّا الكتب العربيّة الأولى التي ظهر فيها اسم ديكارت، وتحدّثت عن فلسفته، فتعود بدورها إلى السّنوات الأخيرة من القرن التّاسع عشر، من بينها كتاب "الفلسفة" للقسّ "بوتيير"، ترجمة "جرجس صعب" سنة 1883م ببيروت، وكتاب "الفلسفة" للأب جرجس فرح الصّغير سنة 1893م بالإسكندرية، وغيرهما.

والفترة الثّانية، في التّعرف على فكر ديكارت، هي المرحلة الأكاديميّة المرتبطة بالجامعة المصريّة، حيث خصّص "لويس ماسينيون"(1) ضمن محاضراته (1912-1913م) عن "تاريخ المصطلحات الفلسفيّة" حيّزًا لفلسفة ديكارت. كما خصّص "الكونت دي جلارزا"(2) في دروسه، بالجامعة المصريّة حول "الفلسفة العامّة وتاريخها وعِلم الأخلاق" ما بين سنة (1918-1919م)، ثلثي محاضراته للتّعريف بحياة ديكارت، ومؤلّفاته متوقّفًا بالخصوص، عند "مقال عن المنهج" و"تأمّلات ميتافيزيقيّة".

وبعد ذلك، بدأت أفكار ديكارت تخرج من رحاب الجامعة عن طريق كتابات طلّابها وخرّيجيها، كـ: طه حسين في كتاب "الأدب الجاهليّ"، وزكي مبارك "الأخلاق عند الغزالي" سنة 1924م، وغيرهما.

لذا، يمكن القول، إنّ هذه المرحلة بمفاصلها الثّلاثة، في الصّحافة، ولدى الأساتذة الأجانب في الجامعة المصريّة، ثمّ لدى خرّيجي الجامعة؛ إنّما كانت مرحلة تمهيديّة لمهرجان ديكارتيّ عربيّ واسع، عبر التّرجمة والتّأليف، استمرّت من حوالي 1930م، إلى حوالي 1980م. كان من أبرزها، أوّل كتاب مترجم لديكارت "مقال عن المنهج" لمحمود الخضيري سنة 1930م، ثمّ ثاني كتاب، وهو "التّأمّلات" ترجمة عثمان أمين 1935م، ثمّ "مبادئ الفلسفة" ترجمة عثمان أمين أيضًا، سنة 1962م(3).

وفي هذا الإطار ذاته، اشتغلتُ على هذه النّماذج الأربعة التّالية، البارزة من المدرسة المصريّة في هذا الشّأن، وكان هدفي تتبّع ملامح الاستدعاء الدّيكارتيّ، لدى العالَم العربيّ، وهي على التّوالي، حسب تاريخ الإنتاج الفكريّ حول رونيه ديكارت، مستعينًا بهذه الأسئلة: كيف كانت طريقة استقبال ديكارت من قِبل العالَم العربيّ؟ ما أهمّ مفاصلها؟ ما هي دواعي الاستدعاء الدّيكارتي من طرف النّخبة العربيّة؟ والسّؤال الأهمّ لماذا لم تنجح إلى حدّ كبير تبيِئة(4) ديكارت عربيًّا؟

النّموذج الأوّل: طه حسين

طه حسين (1889-1973م) كاتب وأديب مصريّ لُقّب بـ "عميد الأدب العربيّ"، من رواد حركة الأدب الحديث في مصر والعالَم العربي، تخرّج من جامعة القاهرة، إذ حصل على الدّكتوراه سنة 1914م، في أطروحة عن الشّاعر الكبير أبي العلاء المعريّ، ثمّ أُرسل في بعثة إلى فرنسا لاستكمال دراسته، فنال الأطروحة الثّانية في موضوع الفلسفة الاجتماعيّة عند ابن خلدون، كما نال دبلوم في الفلسفة الاجتماعيّة من جامعة السّوربون سنة 1917م.

عاد إلى مصر أستاذًا في الجامعة، منذ سنة 1919م، كما تقلّد مناصب أخرى أبرزها "وزير المعارف". من مؤلّفاته: "الأيّام"، "في الشّعر الجاهليّ"، "تجديد ذكرى أبي العلاء"، "قادة الفكر"، وغيرها.

استهلّ طه حسين كتابه "في الشّعر الجاهليّ" بإهداء إلى رئيس الوزراء المصريّ آنذاك، عبد الخالق ثروت باشا في عهد الملِك فاروق، علّه يتجنّب بهذا التّشريف، مآلات لا يرغب فيها؛ لأنّه يعرف مُسبقًا تداعيّات كتابه المثيرة للجدل(5).

ثمّ بدأ تمهيده، وهو يعلَم بأنّ أفكار كتابه حول تاريخ الشّعر العربيّ، لن تنال الرّضى والقبول، فيقول: "هذا نحو من البحث عن تاريخ الشّعر العربيّ جديد، لم يألفه النّاس عندنا من قبل، وأكاد أثق أنّ فريقًا منهم سيلقونه ساخطين عليه، وأنّ فريقًا آخر سيزوّرون عنه ازورارًا، ولكنّي على سخط أولئك وازورار هؤلاء، أريد أن أذيع هذا البحث، أو بعبارة أصحّ، أريد أن أقيّده، فقد أذعته قبل اليوم، حين تحدثّت به إلى طلّابي في الجامعة، وليس سرًّا ما تتحدّث به إلى أكثر من مائتين"(6).

وبالتّالي، فهو متشبِّع ومقتنع بنتائج بحثه اقتناعًا تامًّا، في تاريخ الأدب العربي، حيث يشير بوضوح قائلًا: "وهذا الاقتناع القويّ، هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول، غير حافل بسخط السّاخط، ولا مكترث بازورار المزوّر، وأنا مطمئنّ إلى أنّ هذا البحث، وإن أسخط قومًا وشقّ على آخرين، فسيرضي هذه الطّائفة القليلة من المستنيرين، الذين هم في حقيقة الأمر عُدّة المستقبل، وقوام النّهضة الحديثة وذخر الأدب الجديد"(7).

جدير بالذّكر، أنّ طه حسين طبّق مناهج البحث العِلميّ على الأدب وتاريخ فنونه، بدل الاهتمام بمسألة القديم والجديد بين العاطفة ونتائج العقل. وعليه، فالأدب القديم ليس له، حسب طه حسين، إلّا أمرين اثنين هما: "إمّا أن نتقبّل في الأدب وتاريخه ما قاله القدماء، لا نتناول ذلك من النّقد إلّا بهذا المقدار اليسير الذي لا يخلو من كلّ بحث، والذي يتيح لنا أن نقول: أخطأ الأصمعيّ أو أصاب، ووفّق أبو عبيدة أو لم يوفّق، واهتدى الكسائي أو ضلّ الطّريق، وإمّا أن نضع عِلم المتقدّمين كلّه موضع البحث؛ لقد أُنسيت، فلست أريد أن أقول البحث، وإنّما أريد أن أقول الشّكّ، أريد ألّا نقبل شيئًا ممّا قاله القدماء في الأدب وتاريخه، إلّا بعد بحث وتثبّت، إن لم ينتهيا إلى اليقين فقد ينتهيان إلى الرّجحان"(8)، والفرق بين المذهبين في البحث كبير، يضيف طه حسين قائلًا: "فهو الفرق بين الإيمان الذي يبعث على الاطمئنان والرّضى، والشّكّ الذي يبعث على القلق والاضطراب، وينتهي في كثير من الأحيان إلى الإنكار والجحود"(9).

فأصحاب مذهب البحث الأوّل "الرّضائيّ"، يدَع كلّ شيء مكانه، ولا يستطيع إلّا أن يحوم حوله تحليقًا يسيرًا. وأمّا الثّاني، فيقلِبه رأسًا على عقب؛ هنا بالضّبط، يمهّد لمشروعه في مسألة الشّعر الجاهليّ، مُقدِّمًا للموضوع بأسئلة مُتعارَف عليها، وشبه مُسلّمة، من كون طائفة كبيرة من الشّعراء عاشت قبل الإسلام، ومن كون أيضًا أسماءهم معروفة ومضبوطة، ومن كون كذلك بقيت أشعارهم محفوظة عن طريق الرّواة، حتّى جاء عصر التّدوين، وبقيت في الكتب إلى يومنا هذا، فلا يبقى مجالًا للحُكم، فيقول في هذا الخصوص: "لنذهب في الأدب وفنونه، مذهب الفقهاء في الفقه، بعد أن أُغلق باب الاجتهاد: هذا مذهب أنصار القديم، وهو المذهب الذّائع"(10). وأمّا أصحاب مذهب البحث الثّاني "الشّكّي"، فهو مذهب لا يقبل ما سبق كلّه، عن المذهب الآخر، ويأتي بعكس ما تعارف عليه النّاس؛ لهم عقبات كثيرة أمامهم، يقول طه حسين: "فقد خلق الله لهم عقولًا تجد من الشّكّ لذّة، وفي القلب والاضطراب رضى، وهُم لا يريدون أن يخطوا في تاريخ الأدب خطوة، حتّى يتبيّنوا موضعها"(11).

وارتباطًا بالموضوع، وكما قلنا سابقًا، فمعرفة طه حسين بالمآل الذي ينتظره، نجده يصرِّح عن أنصار المذهب الجديد في الشّكّ، قائلًا: "وهم بين اثنين: إمّا أن يجحدوا أنفسهم، ويجحدوا العِلم وحقوقه ويستريحوا، وإمّا أن يعرفوا لأنفسهم حقّها، ويؤدّوا للعِلم واجبه، فيتعرّضوا لما ينبغي أن يتعرّض له العلماء من الأذى، ويتحمّلوا ما ينبغي أن يتحمّله العلماء من سخط السّاخطين"(12)، فلا غرابة أن يتبنّى طه حسين الموقف الجديد، بشكل واضح وصريح، كيف لا؟ وهو من أعدّه ودرسه وقدّمه، واسترساله في الكلام عنه، ما هو إلّا دليل على هذا الموقف الصّريح منه، يقول: "وأوّل شيء أفجؤك به في هذا الحديث، هو أنّي شككت في قيمة الشّعر الجاهليّ، وألححت في الشّكّ، أو قل ألحّ عليّ الشّكّ، فأخذت أبحث وأفكّر وأقرأ وأتدبّر (...) ذلك إنّ الكثرة المُطلقة، ممّا نسمّيه شعرًا جاهليًّا، ليست من الجاهليّة في شيء، وإنّما هي منتحلة مختلقة بعد ظهور الإسلام، فهي إسلاميّة تمثّل حياة المسلمين، وميولهم وأهواءهم، أكثر ممّا تمثّل حياة الجاهلين"(13).

وكانت من نتائج بحثه الغريبة، كما سمّاها، وهي: لا ينبغي أن يُستشهد بهذا الشّعر الجاهليّ على تفسير القرآن، وتأويل الحديث، وإنّما ينبغي أن يُستشهَد بالقرآن والحديث، على تفسير هذا الشّعر وتأويله، فهذه الأشعار: "إنّما تُكلّفت واختُرعت اختراعًا ليستشهد بها العلماء، على ما كانوا يريدون أن يستشهدوا عليه"(14)، معوِّلًا -في هذا- على ديكارت طبعًا في منهجه الشّكّي(15)؛ إذ يقول: "أريد أن أصطنع في الأدب هذا المنهج الفلسفي، الذي استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الأشياء، في أوّل هذا العصر الحديث، والنّاس جميعًا يعلمون أنّ القاعدة الأساسيّة لهذا المنهج، هي أن يتجرّد الباحث من كلّ شيء كان يعلمه من قبل"(16)، مع دعوته إلى نسيان القوميّة والدّين، وما يتّصل بهما كلّه؛ إذ يجب -بحسبه- ألّا نتقيّد بشيء ولا نذعن لشيء، إلّا لمناهج البحث العِلميّ الصّحيح، "فلندع لوم القدماء على ما تأثّروا به في حياتهم العِلميّة ممّا أفسد عليهم العِلم، ولنجتهد في ألّا نتأثّر كما تأثّروا، وفي ألّا نفسد العِلم كما أفسدوه"(17)، ناهيك عن أنّه أنهى مقدّمته، جازمًا بفاعليّة منهج ديكارت الشّكّي، ليس في العِلم والفلسفة والأدب، بل في العلوم الإنسانيّة كذلك؛ وبالتّالي يدعو من لا يستطيع التّحرّر من القديم، ألّا يقرأ كتابه فلن يُفيده في شيء.

ثمّ يبدأ طه حسين، بعد سرد أفكاره التي تضمّنتها مقدّمته هاته، الحديث عن باقي المحاور، بوصفها تطبيقًا عمليًّا يوضِّح بها فرضيّات دراسته، ومنها إنّ مرآة الحياة الجاهليّة، يجب أن تلتمس في القرآن لا في الشّعر الجاهليّ، وأيضاً ارتباط الشّعر الجاهلي واللّغة، وكذلك العلاقة بين الشّعر الجاهليّ واللّهجات وغيرها... وأيضًا بعض التّطبيقات على أبيات من هذا الشّعر الجاهليّ، وهكذا إلى نهاية الكتاب كلّه.

وفي خاتمته يُعدِّد ملاحظتين: الأولى اعتبار دراسته تاريخيّة صحيحة، وإلّا فهي بداية لمزيد اجتهاد وتمحيص. أمّا الثّانية، فهي الأثر القويّ الذي ستحدثه عند الفئة المُحافظة على علومها الأدبيّة، وأيضًا على القرآن الكريم المتّصل –عندها- بهذه العلوم كلّها.

النّموذج الثّاني: عثمان أمين

عثمان أمين (1905–1987م) كاتب مصريّ، معروف بالاتّجاه نحو الرّوحيّة أو الذّاتيّة، وأحد رواد المدرسة الفلسفيّة الحديثة، التي أنشأها مصطفى عبد الرّازق. وُلد عثمان أمين في محافظة الجيزة، ونشأ في أسرة ريفيّة تعمل في الزّراعة. سافر إلى باريس، بعدما نال الإجازة من جامعة القاهرة سنة 1930م، في بعثة دراسيّة أرسلتها كلّية الآداب لدراسة الدّكتوراه بجامعة السّوربون، حصل منها على شهادة الدّكتوراه، بأطروحة عن الإمام محمد عبده؛ وبعد عودته إلى مصر، اشتغل مدرّسًا بكلّية الآداب، فأستاذًا للفلسفة الحديثة ورئيسًا لقِسمها، وقد لُقِّب بـ "شيخ الدّيكارتيّين". من مؤلّفاته: "رائد الفكر المصريّ محمد عبده"، و"ديكارت"، و"الفلسفة الرّواقيّة"، و"رواد المثاليّة في الفلسفة الغربيّة"، كما تَرجم كتبًا هامّة منها: "تأمّلات في الفلسفة الأولى" و"مبادئ الفلسفة" كلاهما لديكارت.

يصنِّف عثمان أمين، ديكارت، في كتابه بعنوان: "رواد المثاليّة في الفلسفة الغربيّة"(18)، من رواد المذهب المثاليّ في شقّه الثّاني(19)، باسم "الكوجيطو" الذي يعتمد على أنّ الشّيء الوحيد الذي نعرفه عن العالَم الخارجيّ، إنّما، ما يوجد عنه في ذهننا من أفكار وصور. إنّ المثاليّة "قائمة على حاجة حقيقيّة في النّفس، وعلى قانون طبيعيّ من قوانين الذّهن، وبغير مثاليّة لا يكون عِلم صحيح، ولا معرفة واضحة، ولا نبالغ إذا قلنا إنّ كلّ مذهب يعارض المثاليّة، إنّما مآله إنكار المعرفة"(20). كما عدّه أيضًا، في السّياق نفسه، الأب الرّوحيّ للثّورة الفرنسيّة، وله الفضل الأكبر في بناء صرح الاتّجاه العقليّ الحديث، اعتمادًا على مبدأ الوضوح والبداهة، عندما رفض السّلط جميعها على الفكر، إلّا سُلطة العقل.

على اعتبار أنّ حياة ديكارت تُعضّد هذا المعنى، من حيث هي حياة كلّها تفكير، وعودة إلى الذّات في المقام الأوّل، منذ طفولته وحداثة سنّه، ومن حيث هي دالّة على أمرين جلِيلين: الأوّل منهما ضرورة التّفكير المنهجيّ، والابتعاد ما أمكن، عن الدّراسات والبحوث التي لا تعطي سوى آراء احتماليّة، وثانيهما ضرورة البدء من الشّكّ بُغية الوصول لليقين، بتعليق الأفكار السّابقة جميعها، حتّى الحُكم عليها بقبضة العقل، وهذا الشّكّ يُفضي لكون الإنسان كائن يفكّر، بمعنى مبدأ "الكوجيطو" المشهور عند ديكارت، يقول عثمان أمين: "من هذا اليقين الأوّل، اليقين بوجود الذّات المفكّرة –أو بثبوتها بعبارة أدقّ- استخلص ديكارت جميع الحقائق الأخرى: استخلص أوّلًا التّمييز الحاسم بين النّفس والجسم (...) واستخلص ديكارت أيضًا، أنّ جوهر النّفس هو الفكر، وأنّ جوهر الله هو الكمال، وأنّ جوهر الجسم هو الامتداد"(21).

فتظهر، بعد هذا التّفكير المنهجيّ، الطّريق إلى الله بغير واسطة، من النّفس إلى الله مباشرة؛ إذ يقول عثمان أيضًا: "لم يُرد [أي ديكارت] أن تكون معرفتنا لوجود الله عن طريق العالَم (...) بل رأى على العكس من ذلك، إنّ المعرفة لوجود العالَم، هي التي تفتقر إلى وجود الله سندًا لها"(22)، وبعد معرفة الله عن طريق النّفس، يتعرّف الإنسان مباشرة إلى العالَم، وكمال الله تعالى يضمن صدق الأفكار عن ثبات العالَم الخارجيّ، الذي شكّ فيه ديكارت من قبل. وبما إنّ الحرّيّة لا متناهية، فإنّ الإنسان بالتّالي هو المسؤول عن أخطائه، فيجب الاعتماد على هذه المنحة الرّبانيّة من الحرّيّة، واستعمالها استعمالًا حسنًا، بِعدم العجلة في الحُكم على الأشياء الغامضة.

يحسب عثمان أمين، ديكارت، فيلسوف ثورة وتغيير، وهذا ما كان يحلم به عثمان أيضًا، أن يتحقّق في الجانب العربيّ الإسلاميّ، اندفاع وثورة وتغيير(23)، فنجده يقول: "والفلسفة الدّيكارتيّة -وهي ثوريّة- ما كانت لتقنع بالوقوف عند التّأمّل والنّظر المجرّد، كما كان شأن الفلسفات السّابقة عليها، وإنّما أرادت أن تمضي إلى العمل والتّطبيق، رامية إلى التّغيير الجذريّ والتّأثير الحاسم"(24)، وعلى هذا النّهج، يدعو عثمان أمين، إلى إنجاز حُلم فلاسفة القرن السّابع عشر، الذي تجلّى في الاستفادة من الفلسفة، برسم جديد للحياة اعتمادًا على التّفكير الحرّ، ثمّ الهيمنة على الطّبيعة، عن طريق إخضاعها للمُحاكمة، يقول عثمان أمين في هذا السّياق: "وكأنّ فيلسوف القرن السّابع عشر، جاء إلى العالَم الحديث مؤكّدًا شعارنا الإسلاميّ، في الآية الكريمة: {إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم}"(25).

على اعتبار، إنّ "الفهم فرض عين لا فرض كفاية"، وهو عنوان جزئيّ لعثمان أمين في معرض حديثه عن ديكارت، بمعنى من واجب الإنسان العينيّ، أن يُفكِّر في التّغيير لا أن يُفكَّر له؛ أي يجب أن يساهم من موقعه، لا أن يكون متفرِّجًا على الدّنيا، يقول عثمان أمين أيضًا: "فالفهم إذن فرض عين لا فرض كفاية، إذا جاز لنا هنا أن نستعير اصطلاح علماء المسلمين"(26).

على ألّا يتوكّل هذا الفكر الثّوريّ التّغييريّ على الواقع فقط، من غير غيب أو ميتافيزيقا، وهو مبدأ سطّره ديكارت -وإن كان وسيلة للهروب من قهر الكنيسة- فهو لم يُعلِن أبدًا غير إيمانه التّامّ حياته كلّها؛ فالإنسان النّاقص في هذا الوجود الشّاسع، يحتاج مَن هو أكمل منه، إنّه الله، وبالتّالي يكون الإنسان مطمئنًّا للحياة الأخرويّة ما بعد الموت.

فرسالة الفلسفة، تكمن في فهم المثل الأعلى للوجود الإنسانيّ، وهو تحقيق وعيه بذاته، ولمكانته في هذا العالَم: "بحيث يَرُدّ جميع آرائه إلى أفكار واضحة متميّزة، ويمتنع عن أن يقرّر أو أن يعمل، ما لم يكن معتمدًا على أسباب صحيحة مقبولة لديه، ولدى النّاس جميعًا (...) حتّى يتيسّر للفلسفة أن تؤدّي في المجتمع رسالتها الجليلة"(27).

وأخيرًا، سعى عثمان أمين في مشروعه الدّيكارتيّ، إلى الاستفادة من فلسفة ديكارت، بشيئين مهمّين هما: الثّقة بالله الكريم، وبالعقل المستنير، حيث نلاحظ أنّه ألغى ما سواهما، ومن هنا كان النّقد موجَّهًا إليه بشدّة؛ في كون نسبة إشعاع فلسفة ديكارت، هي العصب المُحرّك للثّورات الغربيّة جميعها، التي نادت بالعقلانيّة ورفع الظّلم عن الشّعوب، وأمّا في الجانب الشّرقيّ، فكانت إلهامًا استفاد منه، بشكل بسيط، إلى حدّ ما، "الأفغاني ومحمد عبده ومحمد إقبال"(28).

النّموذج الثّالث: نجيب بلدي

نجيب بلدي، هو من أساتذة الفلسفة في الجامعات بمصر، انتقل أستاذًا في إحدى الجامعات الفرنسيّة، ليلتحق بعد ذلك بجامعة محمد الخامس بالرّباط في المغرب؛ هو فيلسوف مغمور، من مؤلّفاته: "ديكارت" 1967م، و"مراحل الفكر الأخلاقيّ" 1962م، و"تمهيد لتاريخ مدرسة الإسكندريّة وفلسفتها" 1962م.

قارَب نجيب بلدي الفكر الدّيكارتيّ، من خلال كتاب كامل، ألّفه حول ديكارت وفلسفته وآرائه، بعنوان "ديكارت"، وهي محاولة أخرى من محاولات الجهود المصريّة الحثيثة، التي كان لها السّبق في هذا الاتّجاه، إذ في تصديره المركَّز للكتاب، أعطى مبرّرات العودة من جديد لدراسة ديكارت، بعد فترة مَلَل تصيب المُطالِع عمومًا لفِكر الرّجل، وهي، كما يقول نجيب بلدي: "عودة وفي نفس القارئ شعور جديد، شعور بعظمة الفيلسوف وعبقريّته، إنّما في معنى جديد، غير الذي تَصوّره في البداية، وغير الذي عرفه عند الدّعاة لديكارت والمروّجين لمنهجه. يصبح ديكارت عنده لا بطل العجائب والغرائب، لا مثير الدّهشة والذّهول، إنّما بطل البسائط والأفكار الواضحة، والحقائق المألوفة، إن صحّ أنّ هناك بطولة في الميدان الفلسفيّ"(29).

ووصف نجيب بلدي العودة من جديد لديكارت، كعودة من غريب عجيب إلى بسيط مألوف، ومن شعور بالدّهشة إلى شعور بخيبة أمل، ثمّ إلى فهم الحقائق وإِلفتها، حيث يقول: "إنّ هذا هو المعنى الحقيقيّ للفلسفة عند ديكارت، وهو الذي قرّره الفيلسوف عن نفسه، وعن فلسفته في قرّائها"(30)، وتبيِئة نجيب بلدي لديكارت، تظهر في تجاوز حالة الدّهشة، إلى بداية الفهم الهائل للفلسفة الدّيكارتيّة، بمعنى القفز على مرحلة الإعجاب الأولى، وسبر المفاهيم الكبرى، واستجلاء روح الفكر الدّيكارتي، لعلّنا نقطف منها ثمارًا أخرى غير الأولى التي لم تكن قد أينعت بعد، فنجده يقول عن هذا الأمر: "ولعلّ واجبنا في الوقت الحاضر، ونحو بلادنا، التي لم تعد تعرف للزّينة الكاذبة معنى، أن نتجاوز في دراستنا لديكارت، مرحلة الدّهشة والذّهول التي يمرّ بها قرّاء ديكارت، في بداية اتّصالهم بهذا الفيلسوف العظيم، وأن نحاول تفهّم الحقائق البسيطة الأولى التي أرجَع إليها فلسفته، وخاصّة فلسفته فيما بعد الطّبيعة، وأن نتمشّى معه، حين يشرح منهجه وحين يمارسه، لا أن نُكَوِّن فكرة عامّة عن هذا المنهج ونحاول تطبيقها"(31).

هي عودة، لم تتجاوز متابعة حياة الرّجل، وأوقاته الفكريّة التي سخّرها في التّأمّل الفلسفيّ، وعدم فصل الفلسفة عنهما، كما لو كانت من الخوارق، يؤكّد نجيب بلدي هذا، قائلًا: "ولعلّنا، في محاولتنا هذه لفهم المعاني البسيطة، وحقائق العقل السّليم، التي نادى بها ديكارت، نُوَفَّق في فهم معنى الفلسفة، ومعنى العظمة الفلسفيّة، وأنّ تلك العظمة لا تحتمل الدّعاية أو التّقليد"(32).

كانت هذه عمومًا، محاولة نجيب بلدي في العودة من جديد لدراسة ديكارت، وهي دارسة فكريّة فلسفيّة من جديد، أكثر عمقًا من سابقتها، والتّركيز دائمًا على ركائز الفلسفة، دون الاعتماد على جذورها، وسياقاتها العامّة في البيئة الدّيكارتيّة، عصر القرن السّابع عشر، وبدايات الحداثة الغربيّة.

فكان كتاب نجيب بلدي، بشكلّ كلّي، يتكلّم -بعد التّصدير الذي أبان فيه عن نواياه الجديدة- عن شخصيّة ديكارت، ومشروعه العِلميّ، والفلسفة الأولى، وخصائص الوجود لديه، وختَم(33) بترجمة قام بها، هو نفسه، لبعض النّصوص المُختارة من كتابات ديكارت كلّها، التي تخدم رؤيته الجديدة -الرّؤية التّغييريّة عوض الوقوف عند عتبة الاندهاش- بإيراد النّص الأصليّ الفرنسيّ، ومعه التّرجمة العربيّة. وإن أشار هو الآخر، كما أشار عثمان أمين، إلى التّطبيق عوض الفكر النّظري فقط، بمعنى الانطلاق إلى تطبيق الأفكار الحداثيّة على الواقع العربي، أملًا في تغيير الأوضاع المزريّة في أغلب المجالات، والخروج من حالة التّأخّر التي يشهدها، إذ العالَم الغربيّ فكّر كثيرًا، وأنتج كثيرًا، بينما توقّفت الأطروحات الكبرى في العالَم العربيّ، في القرنين الماضيّين.

النّموذج الرّابع: محمود حمدي زقزوق

محمود حمدي زقزوق (1933-2020م) كاتب ومفكّر، وزير الأوقاف المصري الأسبق، نال الإجازة العالَميّة من كليّة اللّغة العربيّة بالأزهر سنة 1959م، ودكتوراه الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا سنة 1968م، عُيّن مدرِّسًا للفلسفة الإسلاميّة بكلّية أصول الدّين، بجامعة الأزهر منذ 1969م، ووزيرًا للأوقاف سنة 1996م. له عدّة مؤلّفات منها: "الإسلام في تصوّرات الغرب" سنة 1987م، و"مقدّمة في عِلم الأخلاق" سنة 1993م، و"الدّين والحضارة" سنة 1996م.

خصّص محمود حمدي زقزوق كتابه بعنوان: "المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت"، للحديث أوّلًا عن الغزالي(34) وخطواته الشّكّيّة؛ التي يبدؤها بالشّكّ في قِيم المعارف الحسّية والعقليّة، وصولًا إلى حقيقة العقل في الجسم، ثمّ التّصوّف باعتباره الخطوة الثّالثة والأخيرة، وهو منهجه [أي الغزالي] في البحث: من الشّكّ إلى الإيمان بالله، ومن العقل الإنسانيّ إلى الزّهد، وهو منهج إصلاحيّ.

وفي مقدّمة الطّبعة الرّابعة، يقول زقزوق مباشرة ما يلي: "الموضوع الذي يتناوله هذا الكتاب، تمّت دراسته في رسالة عِلميّة باللّغة الألمانيّة، تقدّمنا بها إلى جامعة ميونخ بألمانيا عام 1968م. وقد أثبت هذا المنهج بالنّصوص القاطعة التّطابق الواضح بين المنهج الفلسفيّ، لدى كلّ من الغزالي وديكارت، وهو المنهج المعروف بالشّكّ المنهجيّ"(35)، إذ كان هدف زقزوق محاولة تغيير فكرة خاطئة عن الغزالي، وهي: كونه قضى على الفلسفة في الشّرق قضاء نهائيًّا، لم تتعافى بعده إلى الآن.

فكان اجتهاده، عمل أُطلق عليه "عِلم المقارنات الفلسفيّة"، فهو لم يذهب أكثر من هذا المدى، في مقارنة النّصوص بعضها ببعض، دون مقارنة السّياق والبيئة العامّة، التي ظهر فيها المنهج الفكريّ أو الشّكّيّ، لكلا الرّجلين، وهو ما نلاحظه عند زقزوق، في قوله: "في هذا الكتاب، نريد أن نقوم بعقد مقارنة شاملة، بين منهج الشّكّ عند الغزالي وديكارت، وسيتّضح للقارئ من خلال هذه الدّارسة، أنّ ما بين الغزالي وديكارت من وجه شبه، لا يقتصر فقط على منهج الشّكّ، بل يتعدّاه إلى نطاق أوسع وأعمق، وهو أهمّيّة الشّكّ المنهجيّ في تأسيس فلسفتيهما. وهذا موضوع لم يلتفت إليه أحد من الباحثين حتّى الآن، وسيكون تركيزنا أساسًا –في هذه المقارنة- على النّاحيّة الفلسفيّة البحتة، بمعنى الاتّفاق في فكر الفيلسوفين، من وجهة النّظر الفلسفيّة الخالصة"(36).

بينما، يشدّد زقزوق إنّ فكرة استفادة ديكارت لا تهمّه الآن، ولا يناقشها وربّما لا تُطرح كثيرًا عنده، ولكنّه يقول مناقضًا نفسه: "ولسنا نبالغ إذا قلنا، إنّ الغزالي بمنهجه الفلسفيّ قد تقدّم عصره بعدّة قرون، ولم يلحقه في أفكاره إلّا ديكارت أبو الفلسفة الحديثة"(37)، فكون ديكارت لحِق بالغزالي، فهو اعتراف ضمنيّ على الاستفادة من أفكاره على الأقلّ، إذا لم نقل منهجه؛ ولكن تبقى النّظرة الفلسفيّة والمنهجيّة بين الفيلسوفين مختلفة تمامًا، فشكّ هذا وسياقه، غير شكّ ذاك وسياقه.

ضمّ الكتاب أربعة أبواب: الأوّل بعنوان: دور الإسلام في تطوّر الفكر الفلسفيّ الذي أضيف منذ الطّبعة الثّالثة، ثمّ الثّاني: مدخل تاريخيّ للغزالي عصره، حياته، مؤلّفاته، ثمّ الثّالث، وهو الرّئيسيّ في الكتاب، ويشمل مقارنة أفكار الغزالي وديكارت بالتّفصيل(38)، ثمّ الرّابع، الذي يتضمّن نتائج البحث، خصوصًا عند الغزالي وفكره، بعنوان: علاقة العقل بالتّصوّف والنّبوّة؛ مع الإشارة إلى أوجه الشّبه بينه وبين ديكارت.

وأخيرًا، كان الشّغل الشّاغل لزقزوق، هو توضيح كيف بنى الغزالي آراءه الفلسفيّة على مبدئه الفلسفيّ التّأسيسيّ؟ وتوضيح كذلك، إنّ آراء الغزالي لم تكن مُجرَّد آراء صوفيّة دينيّة، بل كانت ذات مبدأ فلسفيّ؛ الشّيء الذي يسمح لنا بالقول: إنّ ديكارت في هاته الدّراسة الزّقزوقيّة كان طُعمًا مساعدًا –إن صحّ التّعبير- في الدّفاع عن فكر الغزالي، وتنقيّته من الشّوائب التي عَلِقت به منذ قرون.

خاتمة

نرى من هذه النّماذج الأربعة، بوضوح، أوّلًا، إنّها نماذج درست في أوروبا، حيث تعرّفت على الفكر الدّيكارتي، وما فَعَلَه في الفكر الأوروبي، فأرادت بدورها نقل هذه التّجربة، من حقل إلى حقل آخر مغاير تمامًا، وثانيًّا، إنّها نماذج دعت إلى الثّورة في العالَم العربي، اعتمادًا على تطبيق الفكر الدّيكارتي في الواقع العربي، لا الوقوف فقط، عند معرفة أفكاره المجرَّدة ودراستها، في مستوى لا يتجاوز منطق النّظر، وكان ثالثها، إنّها نماذج تعاملت مع الفكر الدّيكارتي، حسب تخصّصها الأكاديميّ، فكان استدعاء ديكارت لديها، من زاوية واحدة وأهملت باقي الزّوايا، وكان هذا من بين عيوب الاستدعاء، الذي لم ينجح في مجتمعات، لا تنطلق من الجذور نفسها.

فكان الاستدعاء من طرف طه حسين من أجْل مُبَرِّر أدبيّ تاريخيّ، وكان الاستدعاء عند عثمان أمين من أجل مبرّر ثوريّ نهضويّ حِراكيّ، وكان الاستدعاء من طرف نجيب بلدي، من أجل تكثيف الدّارسة والبحث في المنهج الدّيكارتي، وتجاوز مرحلة الانبهار الأولى، وكان الاستدعاء من طرف محمود حمدي زقزوق أزهريًّا صوفيًّا، من أجل الدّفاع عن فكر الغزالي، أكثر منه الحديث عن ديكارت نفسه.

والنّتيجة، من بين أسباب فشل التّجربة الدّيكارتيّة في العالَم العربي، أنّ الاستدعاء كان جزئيًّا، على حساب الاستدعاء الشّمولي الكلّي، استدعاء غابت عنه الجذور العِلميّة الدّيكارتيّة(39)، والتي هي نفسها نقطة انطلاق الحداثة الغربيّة.

 

الإحالات والهوامش

(1) لويس ماسينيون (1883-1962م) مستشرق فرنسيّ عشق الشّرق، وسافر إليه في معظم بلاده، وهو من أساتذة طه حسين في جامعة الأزهر. أحدث ماسينيون ثورة في الفكر، بعد أن شكّك في رسالة فرنسا وبريطانيا اللتين لم تفيا بوعودهما للعرب بالاستقلال، فبدأ يجاهد في سبيل الحقّ من أجل السّلام.

(2) الكونت دي جلارزا مستشرق إسبانيّ، وأستاذ فلسفة في عدد من الجامعات الغربيّة والعربيّة خاصة في مصر.

(3) لهاته المعلومات القيّمة وغيرها في السّياق نفسه، يُنظر كتاب: الديكارتية في الفكر العربي المعاصر، أحمد عبد الحليم عطية، دار الثقافة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1990م.

(4) كانت تبيِئة الحداثة، هي الفكرة التي شغلت مُفكّري العالَم العربي، منذ ظهور الفكر الدّيكارتيّ، وقد أشرتُ لهذه المسألة في ذكرى وفاة محمد سبيلا، في مقالة لي منشورة بمنصة معنى الثقافية على الأنترنت، حول مشروع المفكّر المغربي، بعنوان: "المفكّر سبيلا مات تاركًا سؤال الحداثة عالقًا"، بحيث أفنى الرّجل حياته في هذه النّقطة بالذّات، دون أن يكون الجواب نهائيًّا، عن السّؤال، لماذا لم تنجح التّبيِئة؟ تنظر المقالة على الرّابط: https://mana.net/16623

(5) ذاك الذي لم يحصل، إذ تمّت محاكمته على أرائه.

(6) في الشعر الجاهلي، طه حسين، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، ط1/1926م، ص:1.

(7) المرجع نفسه، والصّفحة.

(8) المرجع نفسه، ص:2

(9) المرجع نفسه، والصّفحة.

(10) المرجع نفسه، ص:4

(11) المرجع نفسه، ص:5

(12) المرجع نفسه، ص:6

(13) المرجع نفسه، ص:7

(14) المرجع نفسه، ص:10

(15) وإن مع فارق، كما سنلاحظ.

(16) في الشعر الجاهلي، مرجع سابق، ص:11

(17) المرجع نفسه، ص:13

(18) لِعثمان أمين كتاب بعنوان "ديكارت" سنة 1950م، ولكنّي اشتغلت على كتابه الآخر، بعنوان "رواد المثاليّة في الفلسفة الغربيّة"، الذي نُشر سنة 1967م، وخصّص فيه حيّزًا مهمًّا لفلسفة ديكارت؛ فكان ما يهمّني، معرفة رأي الرّجل، عن ديكارت الحداثيّ.

(19) الشّقّ الأوّل: المذهب القديم الأفلاطونيّ الذي اعتمد فيه على أستاذه سقراط، في كون الأفكار موجودة وجودًا أسمى من الوجود المحسوس، لأنّها الأصل.

(20) رواد المثالية في الفلسفة الغربية، عثمان أمين، دار المعارف، الإسكندرية، ط1/1967م، ص:14.

(21) المرجع نفسه، ص:23                    

(22) المرجع نفسه، والصّفحة.

(23) لكن في رأيي، باستعمال أدوات ومنهجيّة لا تمت بِصلة إلى واقعنا العربي.

(24) رواد المثالية في الفلسفة الغربية، عثمان أمين، ص:25

(25) المرجع نفسه، ص:26. والآية في الاقتباس، من سورة الرّعد، الآية 11

(26) المرجع نفسه، ص:27

(27) المرجع نفسه، ص:28

(28) المرجع نفسه، ص:30

(29) ديكارت، نجيب بلدي، دار المعارف، مصر، الإسكندرية، ط2/1968م، ص ص:9-10

(30) المرجع نفسه، ص:10

(31) المرجع نفسه، والصّفحة.

(32) المرجع نفسه، ص:11

(33) تجدر الإشارة، أنّ نجيب بلدي لم يضع خاتمة لكتابه.

(34) ثمّ أتى زقزوق، بعد ذلك، للحديث عن رونيه ديكارت.

(35) المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت، محمود حمدي زقزوق، دار المعارف، ط4/1998م، ص:11

(36) المرجع نفسه، ص:15

(37) المرجع نفسه، ص:18

(38) الفصل الأوّل، تناول فيه موضوع الشّك الفلسفيّ، وضمّنه مباحث كالآتي: المنطلق التّاريخيّ، الشّكّ الفلسفيّ والارتيابيّة، الاستقلال العقليّ، العقيدة والشّكّ الفلسفيّ، شروط التّفلسف، الشّكّ المنهجيّ. والفصل الثّاني، حول المطلق العقليّ، يضمّ مبحثين: الحلّ عند الغزالي، الحلّ الدّيكارتيّ.

(39) جمع رونيه ديكارت بين شيئين مهمّين، من جهة بين الرّياضيات والبصريّات والفيزياء وعِلم الفَلك، قبل أن يتّجه للفكر والنّظر والفلسفة من جهة ثانية.


مقالات ذات صلة

المزيد