المصالحة
فئة : مفاهيم
تحمل المصالحة في اللغة دلالات المسالمة والمصافاة والموافقة؛ فهي عبارة عن جعل طرفين متنازعين يقبلان حلاّ فيه رضى كليهما، يتفقان عليه بمحض إرادتهما. أمّا اصطلاحا، فقد اتخذت العبارة أبعادًا سياسيّة بالأساس، واعتبر المنطلق فيها ما سمّي بالمصالحة الوطنيّة، وكانت تجربة دولة جنوب إفريقيا رائدة في هذا السياق، بتشكيلها لجان الحقيقة والمصالحة بموجب قانون رقم 34 لسنة 1995، وكان الهدف فيها الكشف عن حقيقة عمليّات التعذيب والإبادة التي ارتكبت أثناء حكم الميز العنصري (Apartheid) بين 1960 و 1993، وأسهم ذلك في تفادي إراقة الدماء بين البيض والسود. ولا يعني هذا تفرّد دولة جنوب إفريقيا بمثل هذه التجربة، فقد سبقتها تجارب أخرى لم يكتب لها النصيب نفسه من النجاح والتوفيق والشهرة. ففي أوغندا تشكلت لجنة الحقيقة والمصالحة سنة 1974 نتيجة لضغوط مجموعات حقوق الإنسان، ولكنّ الرئيس الأوغندي آنذاك، وهو عيدي أمين، رفض نشر تقريرها للرأي العام، وامتنع عن تنفيذ توصياتها، فكان ذلك إيذانا بفشلها في تحقيق أهدافها. و كذلك عرفت عديد الدول الأخرى تجارب مشابهة في تشكيل لجان مصالحة تفاوتت نتائجها، مثل الأرجنتين بين 1983 و 1985 والشيلي عامي 1990 و 1991 وغواتيمالا عامي 1997 و 1999..
فالمصالحة، تسعى إلى تجاوز النزاع والاعتراف بالحقوق، بالتعاطي الذكيّ مع الماضي، تمهيدا لعيش الحاضر وبناء المستقبل، على أساس التعاون والمشاركة والتحاور.