النبوة بين المخيال الدّيني والتأويل العقلاني
فئة : أبحاث عامة
ملخص:
يحتل "النبي" مكانة كبيرة في المخيال الديني، باعتباره "ماهية مقدسة" تتعالى على العادي والبشري. لذا، فالنبي يمثل الوسيط الضروري الذي يلتقي فيه المقدس بالعادي، وحامل الوحي. والنبي كذلك كائن مفارق للكائنات الطبيعية، يتمتع بملكات ومؤهلات حسية وعقلية خارقة لقوانين الطبيعة وقوانين الفهم البشري على السواء، كما تمتع نتيجة لذلك بصفات التنزيه والمطلق: "الأنبياء هم الذين يمارسون عملية المعرفة بالاعتماد على العلامات وعلى الخيال".
يقع هذا التصور عن النبوة في قلب المخيال الديني، ومركز اللاهوت التقليدي والفلسفي الميتافيزيقي. لذلك، لم تكن هذه الأخيرة موضع بحث وفحص ومساءلة نقدية، بقدر ما كانت محط إعلاء وتكريس لميتافيزيقا دينية تضرب صفحا على الإشكالات والمفارقات التي تنطوي عليها ظاهرة النبوة.
غير أن تقليدا جديدا بدأ في التبلور مع مطلع الأنوار على يد رجال الدين والفلسفة على حد سواء، وخاصة منهم رواد منهج النقد التاريخي، عندما عمدوا في سياق نقد السلطة البابوية وتفكيك دور الوساطة الروحية، إلى تناول قضية النبوة وإخضاعها لمنطق الفحص التاريخي، والتحقيق العلمي، بعيداً عن التصورات الميتافيزيقية والدينية التي تكرست عن شخصية النبي ضمن مبحث الإلهيات. وهذا كله في إطار نقد الفكر الديني الذي يقوم أساسا على الوحي والآيات والخيال.
فما طبيعة النبوة؟ وكيف عالج سبينوزا مسألة النبوة؟ وما موقع النبوة في حقل المعرفة؟ هل يمكن الاعتماد على معطيات النبوة وأفكار الأنبياء لبناء معرفة متينة وحقيقية؟ وكيف ينبغي تفسيرها على ضوء منهج النقد التاريخي كما يمارسه سبينوزا؟
سنعمل في هذا الفصل، على تبيان أسس النقد السبينوزي لموضوع النبوة، واستجلاء موقفه من المعرفة النبوية، وعلاقتها بمختلف أنماط المعرفة الأخرى. لكن قبل ذلك، سنبين أولا التصور الديني للنبوة، ثم كيف تطرق الفلاسفة المسلمون لموضوع النبوة، كما سنفصل القول في مقاربتهم للموضوع، وذلك من أجل مقارنتها بما ورد عند سبينوزا.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا