بيداغوجيا حل المشكلات


فئة :  مقالات

بيداغوجيا حل المشكلات

بيداغوجيا حل المشكلات

مــلخـص:

إن الوضعية-المشكل تسمح بعملية بناء الكفايات وتحقيقها، وتشكل نقطة انطلاق العملية التعليمية-التعلمية في التربية الحديثة، كما تمثل أحد مرتكزات مقاربة الكفايات، فإذا كانت الكفاية تستلزم نشاطا لبلوغها، فإن هذا النشاط لن يكون إلا في إطار وضعية المشكل، ما يجعل من علاقة الكفاية والوضعية-المشكل علاقة تلازمية.

مقدمة

يمكن أن نبدأ في التاريخ لهذا الفكر التربوي، ونحدد أصوله منذ بداية تشكل الفكر الفلسفي في اليونان ومتابعة أهم ملامحه، سواء من خلال بعض الأفكار التي نجدها على شكل شذرات أو أقوال متفرقة هنا وهناك، أو عبر تأمل بعض الممارسات التربوية خلال تلك الفترة، خصوصا مع التيار السفسطائي مع أبرز ممثليه في تلك المرحلة، بروتاغوراس Protagoras وجورجياس Gorgias، اللذين استغلا الفراغ الفكري في العصر اليوناني، وكذا الحاجة الملحة لدى "الطبقة الأرستقراطية وتعطشها للحكم في ظل النظام الديمقراطي الصاعد آنذاك، وقدما نفسيهما بصفتهما مالكين للمعرفة، ويمكن أن يعلماها لكل من أراد ذلك، هم المالكون وحدهم لفن القول والخطابة والمنطق (ولو كان مغالطيا) والآخر المتعلم عليه أن يتعلم فقط ويجيد الإنصات.

هذا التصور سيجد امتدادا له كذلك مع أفلاطون Platon، رغم التعارضات البينة بينهما، خلافا لسقراط Socrate صاحب المايوتيك أو فن التوليد la maïeutique، والذي انتبه مبكرا إلى مدى قدرة الإنسان على معرفة نفسه بنفسه من خلال امتلاكه للعقل (الذي هو أعدل قسمة بين الناس كما يذكر ديكارت، والذي ضمن سياق ابستيمولوجي آخر وتاريخ آخر: القرن السابع عشر سيعول عليه وحده في إثبات الذات والعالم الخارجي ومعرفة كل الأشياء بشكل يقيني، شريطة أن تسنّ له قواعد تحدد له طريقة اشتغاله حتى لا يزيغ عن سكة الصواب)، وأنه يكفي استفزاز وإثارة هذا العقل عن طريق السخرية والتهكم لإنتاج المعرفة مشبها تلك العملية بمهنة أمه، حيث يقول: "إذا كانت أمي تولد الأجسام، فإني أولد العقول".

إن فن التوليد هذا أو المايوتيك سيمثل أول إشراقة في تاريخ الفكر البيداغوجي، والذي ستتم إعادة اكتشافه مع بداية القرن العشرين، حيث اكتمال تبلور بيداغوجيا حديثة تراهن على بناء القدرات والكفايات، وحيث المعرفة تمثل مدخلا فقط، وإن كان ضروريا لبناء مثل تلك القدرات[1].

هكذا، فالبدايات الأولى للفكر التربوي بل لعلوم التربية، كما يعتقد البعض، تعود إلى هذه المرحلة (النصف الثاني من القرن الخامس ق. م) للإجابة عن حاجيات ورغبات النظام السياسي الديمقراطي للمدينة la cité. إن الأمر يتعلق أساسا بتكوين مواطنين قادرين على تدبير الأشغال العمومية. ومن أجل تحقيق ذلك، تحقيق هذا الغرض النفعي utilitaire سيظهر تصوران متعارضان: التصور السفسطائي المحترف الذي عرضنا له فوق مثال بروتاغوراس (411-485 ق.م)، والذي يتمثل "الهدف من التعليم بالنسبة إليه ليس في الوصول إلى الحقيقة ولكن في معرفة كيف تصبح أكثر نفعا بأفعالنا وخطابنا"[2]؛ أي اكتساب فن الإقناع عن طريق الخطابة؛ ذلك أن "الإنسان هو مقياس كل الأشياء"، وتصور آخر لأفلاطون الأرستقراطي، والذي بعد تجارب سياسية مؤلمة سيفتح في أثينا حوالي 387 ق.م وفي حديقة أكاديميته مدرسة من نوع خاص داخلها سيولد كتاب الجمهورية، والذي يقدم فيه عرضا متميزا لنظام بيداغوجي يراه صالحا لجمهوريته.

أما التجربة السقراطية، فتحتل مكانة خاصة ومتميزة في تاريخ التربية، أولا لأنه يؤكد أنه لا يعرف أي شيء وهذا الإنكار، وإن كان يمثل مفارقة بالنسبة إلى البيداغوجي؛ لأن البيداغوجي من المفترض بل من اللازم أنه يعرف، له دلالة خاصة. "أنك أنت أكثر الناس علما لأنك تعرف أنك لا تعرف" هكذا خاطبه الكاهن في معبد دلفيس Delphes. ليس لديه إذن أي شيء يمكن أن ينقله أو يمرره للآخرين، فبالنسبة إليه كل فرد يمتلك داخله معرفة (كامنة) شأنه في ذلك شأن المرأة الحامل التي تحمل جنينها في بطنها ووظيفة البيداغوجي مماثلة لوظيفة المرأة القابلة تلك كانت وظيفة أمه (Phénarete) توليد الأفكار وإخراج الحقائق التي يملكها كل واحد منا في ذاته أنه المايوتيك أو فن التوليد، وهذا ما نقرأه في محاورة تييتيت Théétète لأفلاطون "إن فني في التوليد له كل الخاصيات التي توجد لدى النساء القابلات. إن الذين يقصدونني يقدمون الانطباع أنهم جهلاء، وهم لا يتلقون مني أي معرفة لكن من داخلهم ومن عمقهم نصل إلى اكتشافات جميلة وإلى حقائق جديدة؛ وذلك بفضل مجهودهم الخاص".[3]

إن فن التوليد لدى سقراط يتمثل في فعل الحوار dialoguer وطرح أسئلة توجه المتعلم وتقوده وتأخذ بيده حتى يصل إلى اكتشاف الحقيقة، غير أنه وإذا احتفظنا بنفس الاستعمال المجازي السابق (البيداغوجي- المولدة)، فإن العملية قد تنجم عنها ولادة غير صحيحة fausse couche؛ وذلك لأن الأسئلة المطروحة في الأصل من قبل سقراط تقوم على السخرية والاستهزاء، وتخلق الفراغ في ذهن محاوريه الذين سرعان ما يدركون أن ما كانوا يؤمنون به ويعتقدونه ليس سوى أوهام. يتمثل الهدف الوحيد من التعليم السقراطي في النهاية في مساعدة الذات على معرفة نفسها بنفسها تماشيا مع القاعدة التي يستعيرها من كاهن معبد دلف "اعرف نفسك بنفسك، "connais - toi toi même، وهو بهذا يمثل نموذجا لكل بيداغوجيا مستقبلية تريد أن تكون منتجة وفعالة[4].

هكذا، فتاريخ التربية ومنذ المرحلة الإفريقية لا يخلو من أسماء وازنة ساهمت، بهذا القدر أو ذاك، في بلورة فكر بيداغوجي متقدم يراهن على بناء فرد متحرر يبني تعلماته بذاته، ويتحرر من التلقي السلبي للمعارف.

مع عصر الأنوار، سنجد أنفسنا أمام مرحلة مفصلية في هذا الشأن، حيث سيبدأ في التبلور، ولأول مرة، خطاب جديد ومتقدم حول التربية. خطاب يظهر فيه موضوع التربية كموضوع مستقل. وهكذا، فإذا كان الحديث عن التربية والبيداغوجيا يتم دائما في إطار أنساق فلسفية ويظل مرهونا بها، مقيدا ومسيجا بأطروحة هذا الفيلسوف أو ذاك، فإننا مع جان جاك روسو، سنجد أنفسنا أمام مؤلف موضوعه التربية، إنه كتاب "إيميل أو التربية" Emile ou de l'éducation الصادر سنة 1762، والذي سيكون موضوعه "فن تكوين الناس" l'art de former les hommes".

يفصح روسو في هذا المؤلف عن مبدئه الثابت، والذي مفاده أن "الطفل يولد خيرا بطبعه والمجتمع هو الذي يفسده"، ويصف، مرحلة بعد مرحلة، التربية المثالية للطفل الصغير منذ ولادته حتى بلوغه سن الرشد، مؤكدا أنه من الضروري أن تكون لدى هذا الطفل رغبة في التعلم، وأن يعرف حرفة يدوية وهي مسألة كانت نادرة عند نبلاء تلك الفترة. كما يرفض روسو كل تربية تتأسس على مبدأ السلطة، والتي تضع إرادة الطفل تحت رحمة سيده المعلم يفعل به ما يريد. عكس ذلك يؤكد روسو على ضرورة ترك الطفل ينمو ويكون ذاته بذاته من خلال مواجهته للطبيعة والآخرين والمجتمع. إن المربي، من منظور "التربية الطبيعية "أو "التربية السلبية" كما يسميها البعض، يتخذ دور المرافق والمصاحب للطفل الذي يعمل على مساعدته مع احترام كلي لإرادته الحرة؛ تلك هي مهنة المربي الحقيقية حسب روسو، فإن "الطبيعة تندبه قبل كل شيء للحياة الإنسانية. والحياة هي المهنة التي أريد أن ألقنه إياها".[5]

وهكذا يقدم هذا البرنامج البيداغوجي المثالي نظرة متقدمة للطفولة كمجال للخلق والإبداع والتفتح الذاتي، وهو تصور ستكون له امتدادات في المستقبل، خصوصا مع ظهور النظرية التطورية التي ستعطي أهمية كبرى للمجهود الذي يمكن أن يقوم به الفرد في أفق تكيفه مع الطبيعة، وحيث إن الكائن العضوي لا يكفيه فقط امتلاك صفات فطرية لكي يعيش، بل يتعين عليه أن يطورها باستمرار لكي يستطيع مواجهة مستجدات العالم الخارجي، ومن ثم المحافظة على ذاته[6].

وهنا تكمن أهمية التربية حيث إنها، كما يقول سبنسر Spencer، ملزمة بتسليح الفرد ومده بكل الأسلحة الضرورية، والتي يستطيع بواسطتها أن يواجه العالم الخارجي، ويضمن من ثم استمراره في الحياة ويكتسب طباعا وحدة دون أن ننسى، كما يقول: "اللاتكافؤ الطبيعي بين الأفراد".[7]

خلال القرن العشرين ستتغير موضوعة البيداغوجيا la notion de pedagogie وستتحول إلى ممارسة أي مجموعة من الطرائق التعليمية، ومن ثم سيجهد البيداغوجيون أنفسهم لاستعمال وتوظيف بعض المبادئ السيكولوجية، وهنا ستظهر حركة التربية الجديدة l'éducation nouvelle والتي تنظر إلى التربية بوصفها فعلا شموليا لتكوين الشخص، وليس فقط مجرد إعادة نقل للمعارف.

في أوروبا الغربية، سيتم التركيز على الطفل كفرد. أما في الجناح الاشتراكي، أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي، فسيتم التركيز على البعد الاجتماعي.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فستتخذ البيداغوجيا معنى براغماتيا وتجريبيا، وحيث سيمثل جون ديوي John Dewey‏ إلى جانب شارل ساندر بيرس Charles Sander Peirce، منعشا ومطورا للتربية الجديدة l'éducation nouvelle ورائدا مهما من روادها ومدافعا عن طرائق اشتغالها التي يعتبرها ضرورية للديمقراطية. إن المعرفة والفهم، في اعتقاده يولدان ويتأسسان عند المتعلم. من خلال العلاقة التي يبنيها مع العالم الخارجي، وهي عملية تلعب فيها التجربة دورا مركزيا وتقوم مقام المعلم. إن المعرفة لا تتم عبر الولوج المباشر للأفكار والمعارف. إنها قبل كل شيء تمثل جوابا أو حلا لمسألة، وهو حل يتم بناؤه بشكل تدريجي وخطوة خطوة بواسطة منهاج، ومن خلال عملية بحث وتقصي. وهذا هو المسار الذي يتحتم على المدرسة أن تنهجه، وأن تتيح اكتسابه للأطفال.[8]

على هذا المستوى، سيعرف المجال التربوي انتشارا واسعا للسوسيو - بنائية كنظرية تدعو إلى تمكين الفرد من بناء معارفه ذاتيا والقطع مع الممارسات التربوية التقليدية القائمة على النقل والشحن المعرفي، إضافة إلى التطور الذي عرفه التفكير في التعليم وفي التعلم، المتمركز حول المتعلمين "هذا التطور الذي طبعته علامات بارزة تتجلى في التركيز على الطرائق النشيطة والنقاش حول أولوية التحفيز وحول علاقة المعرفة بالطريقة، هذا النقاش القائم على الربط بين أهداف المعرفة ومعرفة- الفعل، مع إعطاء الأولوية أحيانا لمعرفة الفعل"[9]. دفع إلى البحث عن نموذج بيداغوجي يعطى معنى للتعلمات، ويدخل المتعلمين في خطوات تمكنهم من بناء تعلماتهم الخاصة وتوفر لهم فرصة الاكتساب الجيد للمعارف والمهارات المتداولة.

في هذا السياق "أغرقت فكرة المشكل المدرسة والتكوين اليوم"[10]؛ لأن "رغبة تقديم المشكل بالمدرسة وتقديم المتعلمين في وضعيات تسمح لهم بتشغيل تفكيرهم وترسيخ وعيهم يكون تطورهم رهين بمواجهتهم للمشاكل. أصبحت طموحا عاديا للمدرسة وللمدرس نظرا لإسهام الإرث التربوي في الاستئناس بالفكرة"[11]. وهذا ما ستكشف عليه دراسة دو فيشي وكارمونا "التدريس بالوضعية المشكلة يمنح معنى للتعلمات حين يغيب عنها المعنى، ويفسح المجال لنوع آخر من التواصل بين المدرس والمتعلم، كما يوفر للمدرس طاقة جديدة تخلق دينامية لدى المتعلمين وتغير روح العمل تغييرا عميقا. إضافة إلى كونها تمكن المتعلمين من إدماج مجموعة من الكفايات المستعرضة، وتعطي صورة أكثر انفتاحا للمدرسة والعالم، صورة أكثر قابلية لإنتاج مواطنين مسؤولين مستقلين"[12].

إذن فكيف يمكن تصور وضعيات-مشكلات تسمح بإعطاء معنى للتعلمات في تدريس أي مادة تعليمية وتشرك المتعلمين في خطوات منهجية تمكنهم من بناء معارفهم ذاتيا؟

أولا: بيداغوجيا حل المشكلات

يمكن تعريف المشكلة Problème استنادا إلى تعريف أولرون (Oleron) بوصفها "كل موقف لا يقوى فيه سجل الإجابات الجاهزة المتوفر لدى الفرد على إعطاء إجابة ملائمة بشكل مباشر".

ويعرف كتشوبا (Katsuya) المشكلة بوصفها وضعية أو موقفا يدركه الفرد، ويكون فيه هذا الأخير مطالبا بإيجاد حل ملائم.

ويرى فيرنوVergnaud)) أن المعرفة تتكون من خلال حل المشكلات؛ أي بواسطة التحكم في المواقف، فتصورات المتعلمين تتكون عبر المواقف التي واجهوها.

ويقصد بحل المشكلة، ما يقوم به الفرد من إجراءات وسلوكيات مستخدما مجموعة من الإستراتيجيات المعرفية للوصول إلى الحل المناسب. ويمكن أن تعتبر حل المشكلات بمثابة تقنية من تقنيات التعلم والتكوين الذاتي.

ويشير سترنبرغ (Stember) أننا نواجه وضعية مشكلة عندما تكون مجبرين على تخطي حواجز من أجل الإجابة عن سؤال، أو من أجل بلوغ هدف فعندما يستطيع الفرد تذكر الإجابة بسرعة، فلا وجود إذن للمشكلة لكن عندما لا يستطيع تذكر الإجابة بطريقة مباشرة، حينئذ يكون أمام مشكلة تتطلب حلا[13].

1: نشأة مفهوم الوضعية-المشكلة وتطوره

يحتل مفهوم الوضعية- المشكلة اليوم مكانة مركزية في الأبحاث والأدبيات الديداكتيكية، مما جعله شائع الاستعمال خاصة على مستوى الخطاب التربوي.

لقد ناقش ميشيل فابر Michel Fabre حضور مفهوم الوضعية- المشكلة في الفلسفة المعاصرة من خلال أفكار أربعة فلاسفة، باشلر، ديوي، دولوز، مايير. مستقصيا مراحل الظهور الإبستمولوجي لبراديغم المشكل وانعكاساته على الحقل التربوي والبيداغوجي[14]، حيث خلصت دراسته إلى كون المشكل عند ديوي يعني القطيعة داخل الاستمرارية في التجربة، أو انعدام التوازن بين الشخص ووسطه. وأن إعلانه لنظرية التحقيق كمفهوم خاص بطرح المشكل يهدف إلى تحقيق التوازن الضائع، جعل بيداغوجيا المشكل عنده تكتسي طابع بيداغوجيا المشروع، لكنها ستنفتح على أشكال بيداغوجية متنوعة[15].

أما باشلر، فقد استعاد فكرة ديوي بكون التجربة تتحكم في نفسها ذاتيا، لكنه رفض فكرة التكيف؛ إذ إن البيداغوجيا عنده تؤسس لجدلية الاستمرارية والقطيعة. والطرح الإشكالي عنده يعني "العمل دون توقف على ماضي الفكرة" (التمثلات، الأحكام المسبقة، المعارف الميتة)، من خلال تجديد الفكرة وتشبيبها وتخليصها من الأحكام المسبقة ... ومن كل ما قد يشكل عائقا لتطورها[16].

و یرى دولوز أن المشاكل تلقي بظلها المحمول والمشوه على الرأي، ودور الفلسفة هو رفض المشاكل غير الحقيقية، وأيضا نقل المشاكل وبناؤها بشكل جديد. فإعادة البناء هذه تشكل قوة نقدية للمنطق البيداغوجي. لذلك، وضع فلسفة الاكتشاف والإبداع، التي يرى فيها أن الإبداع والاكتشاف والتعلم هو تنفيذ وإعادة تنفيذ عملية خلق الحلول انطلاقا من التحديد المتقدم للمشاكل[17].

بينما تقوم فلسفة ميشيل ما ير على فكرة رئيسة، تكمن في عزل الأجوبة وتفرقتها عن أسئلتها، وعلى نسيان المشاكل التي أسستها، ويسعى منطق حل المشكلات عنده إلى إعادة الحيوية للأجوبة، وبالتالي فهو لا ينخرط بشكل مباشر في ميدان التربية إلا أنه يساعد على فهم كون تجميد المعارف يشكل خطرا دائما، لتمسكه بالتعاليم التقليدية[18].

من خلال الدراسة التي قدمها ميشيل فابر حول المنطق الإشكالي عند فلاسفة المشكل، استخلص خمسة معايير لبناء المشكل اتفق عليها الفلاسفة الأربعة يتعلق الأمر بكون الأشكلة:

vمسار متعدد الأبعاد يشمل الوضعية والبناء وحل المشكل؛

vمسار يعمل على جدلية الأفكار والوقائع؛

vالبحث في المجهول انطلاقا من المعلوم؛

vتفكير مقيد بمعايير (ثقافية جمالية، تقنية براغماتية...)، تساهم تارة في التحديد القبلي وأخرى في بناء هذه المعايير، وتسمح بتشكيل شروط المشكل والتنبؤ بالأشكال التي يجب أن تأخذها الحلول؛

vالتخطيط الوظيفي للوقائع الذي لا يسعى إلى إعادة إنتاج الواقع بل إلى بناء أدوات التفكير والفعل[19]؛

أما فيما يخص نشأة مفهوم الوضعية- المشكلة وتطوره في علم النفس التربوي وعلوم التربية، فيرجع الفضل فيه، إلى بروز البيداغوجيا البنائية التي تتغذى من الحاجات التلقائية والاهتمامات الطبيعية للأفراد، وتدعو إلى حرية التعبير عن الأفكار وتطوير المهارات والاكتشاف الذاتي والمحاولة من خلال جعل المتعلم يبحث عن المعارف ويصنفها بدلا عن تلقيها جاهزة.

وقد أكد رواد علم النفس المعرفي هذا الاتجاه، حيث بين بياجي Piaget أن النمو المعرفي للطفل يتم من خلال عمليتي التوافق Adaptation، والتنظيم Organization، تحدث عملية التوافق كالتالي مع النمو يكتشف الفرد عدم كفاية معارفه لحل مشكلاته مما يؤدي إلى حالة من عدم التوازن Disequilibrium، هذه الحالة تدفع الفرد إلى السعي لاستعادة أو تحقيق التوازن Equilibrium.

وعلى الرغم من أن فيكوتسكي Vigotsky خالف وجهة نظر بياجي، حيث أعطى قيمة أكبر للوسط الاجتماعي، لكونه يرى أن التفاعل مع المواضيع يتم عبر وساطات اجتماعية، وأن العلاقات مع الآخرين والاحتكاك بشركاء أكثر كفاءة لا تحول دون تطور التفكير، بل تسهل الربط بين العمليات والعبارات التي تدل عليها، إلا أن رواد هذه المدرسة اتفقوا في رغبتهم بإعطاء معنى للتعلم، خلافا لما كان الحال عليه في نموذج التدريس التلقيني الذي يصعب فيه تمرير المعنى. وقد أسهمت أبحاثهم في إنتاج مجموعة من المفاهيم وتعبئتها في التكوين، توجد ثلاثة منها هذه المفاهيم في قلب الوضعية- المشكلة هي التمثلات الذهنية les représentations mentale، الصراع المعرفي Conflit cognitif، والصراع السوسيو-معرفي Conflit socio-cognitif، وهكذا من خلال توضيح هذه المفاهيم الأساسية الثلاثة، يمكننا وصف ديناميكية الموقف-مشكلة. تقوم التمثلات الأولية بطرح المتعلم في أزمة (صراع معرفي) من خلال مواجهة موقف مشكلة غالبًا ما يتم توضيحه من خلال عدد قليل من المستندات، ثم مع التفسيرات والمقترحات لحل المشكلة من المتعلمين الآخرين أو حتى من الأستاذ (صراع اجتماعي معرفي). سيؤدي هذا التنفيذ للتمثيلات الأولية إلى إنتاج تمثيلات جديدة أكثر ثراءً وتعقيدًا وأكثر ارتباطًا.[20]

وهذا الأمر سوف يعطينا إمكانية فهم كيفية وضع المشكلة ضمن المثلث التعليمي، الذي نظرته جان هوساي، من أجل إدراك إمكانية تطبيقه على المستوى الأكاديمي. يقدم لنا بروسارد Brossard وفيجالكو Fijalkow مخططا يحدد دور موقف المشكلة، والذي يتم وضعه في وسط المثلث.

Rapport triadique définissant la situation-problème[21]

هذا التطور الذي عرفه علم النفس المعرفي إضافة لدعوة ديوي إلى التعلم بالممارسة أسهما في ظهور تيار المدرسة الجديدة الذي كان له دور كبير في تطور مفهوم الوضعية المشكلة وترسيخ استعماله في التربية.

وعموما الوضعية المشكلة تتمحور بين قطبين قطب ديداكتيكي، وقطب بيداغوجي، من جهة القطب الديداكتيكي يتم تصور الوضعية المشكلة من أجل تجاوز تمثلات خاطئة تشكل عائقا أمام معرفة محددة بشكل واضح، ويرتكز بناؤها بشكل كبير على خدمة المشكل العائق الذي يمنحها مصداقيتها. أما من جهة القطب البيداغوجي الذي يرتكز على العلاقة معلم متعلم، فإن الوضعيات المشكلات تكون مفتوحة بشكل أكبر وتتطلب استدعاء واستنفار التمثلات الأولية من أجل إدخالها في حركية دون محاولة قيادتها نحو تصور محدد مسبقا.

2- خصائص الوضعية المشكلة

يصوغ جان بيير أستوفلي (1993) مجموعة من الخصائص التي تتميز بها الوضعية المشكلة، وهي كالتالي[22]:

1. ينبغي أن تحدد الوضعية عائقا ينبغي حله؛

2. أن تكون الوضعية حقيقية ملموسة وواقعية تفرض على التلميذ صياغة فرضيات وتخمينات؛

3. تشبه هذه الوضعية لغزا حقيقيا ينبغي حله، ومواجهته بالقدرات المكتسبة؛

4. تكون ذات خصوصية تحدد مجال فعل الكفاية؛

5. توصف ضمن لغة واضحة ومفهومة من قبل التلميذ؛

6. تتطلب الوضعية معارف وقدرات ومهارات تسهم في تكوين الكفاية في شتى مستوياتها المعرفية، والوجدانية، والحركية؛

7. تتشابه مع وضعية حقيقية يمكن أن تواجه الفرد خارج المدرسة ضمن الحياة المهنية أو الحياة الخاصة؛

8. ينبغي أن يكون المشكل الذي يعد للتلميذ مشكلا حقيقيا، ألا يكون فيه الحل بديهيا.

9. تشكل الوضعية فرصة يثري فيها التلميذ خبراته؛

10. تحدد الوضعية وفق المستوى المعرفي للتلميذ؛

3- عناصر الوضعية المشكلة ومكوناتها

تتكون الوضعية المشكلة من العناصر التالية[23]:

1.3. السند (أو الحامل، أو الدعامة): Le Support

ويشمل السند العناصر المادية التي تقدم للمتعلم، والتي هي:

  • السياق: ويعني المجال الذي تمارس فيه الكفاءة قد يكون سباقا عائليا، مهنيا، اجتماعيا، سياسيا.
  • المعلومات: تسمى كذلك الموارد وتشمل كل المعطيات التي سينطلق منها المتعلم وسيستثمرها أثناء الانجاز (معلومات معرفية، أنظمة لغوية، قواعد، مفاهيم...)

2.3. المهمة: La Mission

يقصد بها ما هو مطلوب من التلميذ إنجازه، ويستحسن أن تحمل المهمة أسئلة تتيح للمتعلم فرصة إشباع حاجاته كالتعبير عن رأيه واتخاذ المبادرة ويعد مفهوم المهمة مفهوما مركزيا في التعليم بالوضعيات المشكلات إلى حد أن روجرز Xavier ROEGIERS يتحدث عن المهمة المعقدة كمرادف للوضعية- المشكلة.

3.3. التعليمات: Consignes

تتمثل في مجموع التوجيهات التي تقدم للمتعلم من أجل مساعدته على أداء مهمته مثل الاستعانة بمعجم، الالتزام بعدد من الأسطر، توظيف أمثلة...إلخ.

4- أنواع الوضعية المشكلة[24]

1-4- الوضعية - المشكلة الديدكتيكية: تكون في بداية الدرس والهدف منها اكتساب تعلمات جديدة مرتبطة بكفاية محددة، ومن خصائصها أنها:

1. وضعية تعليمية مرتبطة بتعلمات جديدة تسعى من خلالها إلى حفز المتعلم وتشويقه وإثارته؛

2. تشكل عائقا إيجابيا تمثلات وصراع معرفي أمام المتعلم(ة)، مما يجعله يشعر أن مكتسباته السابقة غير كافية لإيجاد الحل، فهي محفزة له على تجاوز العائق وغير تعجيزية ملائمة لمستواه؛

وأهم المراحل التي تميزها:

1. يقدم المدرس (ة) الوضعية المشكلة مصحوبة بالتعليمات الضرورية؛

2. ملاحظتها من قبل المتعلمات والمتعلمين ومحاولة فهمها؛

3. استخراج المعطيات ومعالجتها لاكتساب التعلمات الجديدة؛

4. بناء المعارف واستنتاج القواعد؛

2-4- الوضعية المشكلة الإدماجية: وضعية الإدماج هي وضعية مشكلة تنجز بعد فترة تعلمات سابقة، تم خلالها تحقيق مكتسبات مجزأة، وتستهدف الربط بين هذه المكتسبات السابقة وإعطاءها معنى جديدا، وقد تكون بعد حصة أو بعد مجموعة من الحصص أو الدروس أو بعد مرحلة دراسية، فهي إذن:

1. تمكن من تركيب مكتسبات سابقة في بنية جديدة وليس بإضافة بعضها إلى البعض؛

2. تحيل إلى صنف من وضعيات مشكلة قد تكون خاصة بمادة أو بمجموعة من المواد؛

3. تكون جديدة بالنسبة للمتعلم (ة)؛

3-4- الوضعية المشكلة التقويمية: هي وضعية للتحقق من حصول تعلم معين ومدى قدرة المتعلم على توظيفه في حل وضعية جديدة تنتمي إلى فئة من الوضعيات، وقد تكون الوضعية التقويمية قبل الإدماج أو بعده، أو تقوم الهدف النهائي للإدماج، أو وضعية للتقويم التشخيصي أو التكويني أو الإجمالي.

5- مراحل بناء درس بإستراتيجية حل المشكلات[25]

يمر بناء درس بواسطة حل المشكلات بثلاث مراحل أساسية، تتمثل في:

5-1 مرحلة التهيؤ/ وتتضمن:

1-5-1 تخطيط الأهداف؛ أي تحديد ما سيصل إليه المتعلمون من معارف أو مهارات أو مواقف أو كفاءات.

1-5-2 تنظيم وضعية الفعل التربوي من خلال إجابة المعلم عن الأسئلة التالية:

- ما المشكلة التي ينبغي مساعدة المتعلمين على طرحها وبلورتها؛

- ما هي نقطة الانطلاق المؤدية لطرح هذه المشكلة؛

- كيف سيتوصل المتعلمون إلى اقتراح فرضيات لحل المشكلة؛

- ما هي الوسائل والطرائق والتجارب التي ستمكنهم من اختبار فرضياتهم؛

- ما هي معايير وصفات منتوجهم النهائي؛

1-5-3 اختيار ووضع الأدوات والوسائل لإنجاز المهام والتجارب والبحوث، وكلما كانت متنوعة وساهم المتعلم في تحضيرها وإنجازها، كلما تحققت فعالية الفعل التربوي.

5-2 مرحلة التنفيذ

تتمثل في النشاطات التي يقوم بها المعلم والتلاميذ كل حسب دوره قصد بلوغ ما جاء في عملية التهيؤ، وتتضمن هذه المرحلة ممارسة مجموعة الأدوار التي حددت ب:

- المدرس منشط، مشجع، مساعد.

- المتعلمون هم الفاعلون، يقترحون فرضيات، يختبرونها، يتوصلون إلى الحل أو يغيرون.

5-3 مرحلة التقييم

التقييم في بيداغوجيا المشكلات يستمد مفهومه الأساسي من التقييم التكويني؛ أي أن:

1. عملية التقييم لا تنحصر في الحكم النهائي على النتيجة، بل في تصحيح دائم للثغرات ونقاط الضعف؛

2. عملية التقييم مستمرة من بداية الفعل التعلمي التعليمي إلى نهايته؛

3. التقييم في بيداغوجيا المشكلات يعتمد على التقييم الذاتي والتقييم الجماعي؛

خاتمة

من كل ما تم التطرق إليه في هذه الورقة، تتضح لنا فعالية الوضعية المشكلة في العملية التعليمية التعلمية، فهي تكسب المتعلمين أساليب سليمة في التفكير، وتنمي قدرتهم على التفكير التأملي وتنويع طرائق التفكير وتكامل استخدام المعلومات وإثارة حب الاستطلاع العقلي نحو الاكتشاف، وكذا تنمية القدرة على التفكير العملي، وتفسير البيانات بطريقة منطقية صحيحة، ورسم الخطط للتغلب على الصعوبات، وإعطائهم الثقة في أنفسهم، وتنمية الاتجاه العلمي في مواجهة المواقف المشكلة غير المألوفة التي يتعرضون لها.

 

 

قائمة المراجع المعتمدة

المراجع باللغة العربية

ü محمد شرقي، (2020)، "بيداغوجيا عند ادغار موران أو نحو براديغم جديد للتفكير في العالم"، مركز جيل البحث العلمي، العدد 67

ü جان جاك روسو، (1958)، إيميل أو تربية للطفل من المهد إلى الرشد، ترجمة: نظمي لوقي، المركز العربي للطباعة والنشر، مصر.

ü الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، (2021)، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة-الرباط، المغرب.

ü علوم التربية، (2022-2023)، الوحدة المركزية للتكوين الأطر، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة-الرباط، المغرب.

المراجع باللغة الأجنبية

ü  Georges Minois, (2016), Platon-Premier théoricien de l'éducation, Les grands dossiers des sciences humaines, n°45, décembre.

ü  Jacques Ducommun, (2015), Analyse d’une activité pédagogique à l’aune de critères définissant la «situation-problème», CORE.

ü  A. Dalangeville et M. Huber, (2000), former par les situations-problèmes des déstabilisations constructives, Chronique Sociale, Lyon.

ü  Matthieu Hitchon, (2022), La situation-problème dans l’enseignement de l’histoire et de la géographie au CM1 et au CM2, Mémoire présenté en vue de l’obtention du grade de master, le mans univrsté-HAL open-science.

ü  Michel Fabre. (2009), «Qu’est-ce que problématiser? Genèses d’un paradigme», Recherches en Education - n° 6 Janvier.

ü  Spencer,(1861), De l'éducation intellectuelle, morale et physique.

ü  Anne Le Roux, (2004), Enseigner l’histoire-géographie par le problème? L’harmattan.

ü  Vincent Hubert,(2009), «La part du problème à l’école». Recherche en Education n°6

الروابط الإلكترونية

ü      ستر الرحمان نعيمة، (2009)، بيداغوجيا حل المشكلات، الأيام الجزائرية، على الرابط التالي:

https://www.djazairess.com/elayem/39378

[1] محمد شرقي، (2020)، "بيداغوجيا عند إدغار موران أو نحو براديغم جديد للتفكير في العالم"، مركز جيل البحث العلمي، العدد 67، ص 102

[2] Georges Minois,) 2016(, Platon-Premier théoricien de l'éducation, Les grands dossiers des sciences humaines, n°45, p.7

[3] Georges Minois, Platon-Premier..., op.cité, p.7

[4] محمد شرقي، "بيداغوجيا عند إدغار موران أو نحو براديغم جديد للتفكير في العالم"، مرجع سابق، ص 104

[5] جان جاك روسو (1958)، إيميل أو تربية للطفل من المهد إلى الرشد، ترجمة: نظمي لوقي، المركز العربي للطباعة والنشر، مصر، ص 32

[6] محمد شرقي، "بيداغوجيا عند إدغار موران أو نحو براديغم جديد للتفكير في العالم"، مرجع سابق، ص 105

[7] Spencer,)1861(, De l'éducation intellectuelle, morale et physique, p.26

[8] محمد شرقي، "بيداغوجيا عند إدغار موران أو نحو براديغم جديد للتفكير في العالم"، مرجع سابق، ص 106

[9] Anne Le Roux,) 2004(, Enseigner l’ histoire-géographie par le problème? L’harmattan , p 13

[10] Michel Fabre, (2009), «Qu’est-ce problématiser? Genèse d’un paradigme». Recherche en Education n°6 Janvier, p9

[11] Vincent Hubert, (2009), «La part du problème à l’école». Recherche en Education n°6Janvier, p7

[12] Gérard De Vecchi, Nicole Carmona-Magnaldi, (2002), Faire vivre de véritables situations-problèmes, Hachette, p247

[13] انظر، "علوم التربية، (2022-2023)، الوحدة المركزية للتكوين الأطر، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة-الرباط، المغرب، ص 84

[14] Michel Fabre.(2009) «Qu’est-ce que problématiser ? Genèses d’un paradigme», Recherches en Education - n° 6. P22/32

[15] Ibid, pp23

[16] Ibid, pp23-24

[17] Ibid, pp.25

[18] Ibid, pp25-26

[19] Ibid, p28

[20] A. Dalangeville et M. Huber, (2000), "former par les situations-problèmes des déstabilisations constructives", Chronique Sociale, Lyon, p.34-35

[21] Matthieu Hitchon, (2022), La situation-problème dans l’enseignement de l’histoire et de la géographie au CM1 et au CM2, Mémoire présenté en vue de l’obtention du grade de master, le mans univrsté-HAL open-science, P12

[22] Jacques Ducommun,(2015), Analyse d’une activité pédagogique à l’aune de critères définissant la «situation-problème», CORE , P171

[23] انظر، "علوم التربية"، (2022-2023)، الوحدة المركزية للتكوين الأطر، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة-الرباط، المغرب، ص ص 85-86

[24] الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، (2021)، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة-الرباط، المغرب، ص 23

[25] ستر الرحمان نعيمة، (2009)، بيداغوجيا حل المشكلات، الأيام الجزائرية، على الرابط التالي:

https://www.djazairess.com/elayem/39378

تمت المشاهدة في 25/02/2024