تحوّلات الإسلام السياسي في سورية: بين تسييس الدين وعسكرة السياسة
فئة : أبحاث عامة
الملخّص:
تجادل هذه الدراسة في أن عودة التاريخ والجغرافية بالتزامن مع خروج "اللّوفياتان السلفي" من قمقم التاريخ، إثر تداعيات ما سُمّي "الربيع العربي" هو نتيجة فشل الحداثة، والذي أدّى بدوره إلى استعصاء إعادة إحياء السياسة من أجل بناء الحداثة السياسية، وأعاد استنهاض "العقيدة والقبيلة والغنيمة" كمحدّدات للفعل وللعقل السياسي للتيارات الإسلامية. فعادت الأسبقية للسيف وللتنافس بين الأشخاص والعصبيات على السياسة لا على الاقتصاد أو بناء الدولة وتنظيم علاقتها بالمجتمع. أمّا إشكاليات الدين والدولة والعلمانية والخصوصية الثقافية وجدلية الأصالة والمعاصرة أو السلفية والحداثة فلم تُحلّ، وإنما لا تزال تتحلّل وتتغيّر صور مقاربتها بين حقبة وأخرى. ففي الراهن السوري، لا تؤمن تيارات الإسلام السياسي المتنافسة بالدولة الوطنية الحديثة، ولا بحدودها الراهنة ولا تعترف بشرعيّتها مقابل تصوّر دولة/خلافة إسلامية متخيّلة حدودها العالم بالاستناد إلى مفهوم وحشي للهويّة، ولكلّ تيّار منها تعريفه للإسلام المقيّد برؤاه السياسية، وللمفارقة فإنّ هذه التيارات تغلّف السياسة بالدين ممّا يبعدها عن منطق ومسلكيات السياسة الواقعية-العقلانية البنّاءة لصالح هيمنة الجانب المثالي والمتخيّل الافتراضي. بذات الوقت، هي تقوم بتطويع قراءة النص الديني بما يتوافق مع العنف التي ترغب بممارسته. هذا التزييف لمقاصد الشريعة عبر العنف "المقدّس" يجمع بين التخلّف والانغلاق وفكرة الاستئصال، ولا يسوّغ إلاّ لفكرة الموت والقتل، وهو في النهاية ليس إلاّ ابتغاءً للسيطرة على السلطة، وسعياً لاكتساب الغنائم، وبالتالي إنّ الصراع في حقيقته سياسيّ، بالرغم من محاولة تغليفه بالخصوصية الدينية/الأصولية/السلفية. لذلك، تناقش هذه الدراسة أنّ أهّم شروط اندماج وتوطين التيّارات الإسلامية في الحياة السياسية الوطنية هو نزع العقائدية والإيديولوجيا المتطرّفة والتحوّل إلى مرحلة ما بعد الإسلاموية.
يتمفصل البحث حول ثلاثة محاور: ينطلق أولاً، من إشكالية الدين والدولة في الفكر السياسي العربي، ويناقش جدليات السلطة والشرعية والحداثة. ثانياً، يعالج تحوّلات الخطاب السياسي للتيارات الإسلامية على ضوء صعود الأصولية السلفية. أخيراً، نلقي الضوء على عودة النمط الحربي للإنتاج، وتحوّل المجتمع إلى مجتمع هيدرو- عسكرتاري في مناطق سيطرة الأصوليات السلفية، حيث هيمن السيف على السياسة والاقتصاد عبر إيجاد تسويغ ديني للعنف والتوحّش. وتخلص الدراسة إلى أنّ آفاق الحداثة السياسية والاستقرار في سورية ترتبط بشكل أو بآخر بتحوّل تيارات الإسلام السياسي إلى مرحلة الإسلام ما بعد السياسي الذي ينبذ العنف ويؤمن بالدولة المدنية، ويقبل بالآخر على سبيل المساواة لا على سبيل التسامح الديني، بالمقابل على السلطة استكمال إصلاحاتها الحداثية ما بعد البعثية إعادة بناء العقد الاجتماعي السوري بين المواطنين أوّلاً، وبين المجتمع والدولة ثانياً.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا