ترجمة طه عبد الرحمن للكوجيطو الديكارتي بين النقد ونقد النقد
فئة : أبحاث محكمة
ترجمة طه عبد الرحمن للكوجيطو الديكارتي
بين النقد ونقد النقد
الملخص:
إن ترجمة طه عبد الرحمن للكوجيطو الديكارتي، والتي وسمها بالترجمة التأصيلية، هي ترجمة تندرج ضمن مشروع فكري عام، يحاول من خلاله صاحبه الاجتهاد في تجديد القول الفلسفي العربي. وترتكز اجتهادات طه على جملة من المبادئ التي يستقيها أساسا من الدين الإسلامي الحنيف، ومن القرآن تحديدا، وهذا هو المقوم العقدي الذي هو أحد مقومات المجال التداولي الإسلامي العربي، ومن ينابيع البيان العربي ومسلماته المعرفية المشتركة، ويتعلق الأمر هنا بالمقوم اللغوي والمقوم المعرفي المحددين للمجال التداولي المذكور. كما تندرج ترجمة طه للكوجيطو ضمن الرغبة في تأصيل التفكير الفلسفي العربي؛ أي جعله يرتكز على أصول قومية إسلامية عربية، وإقدار الفيلسوف العربي على إنتاج قول فلسفي مختلف ومتميز. كما ترتكز اجتهادات طه عبد الرحمن على ما اكتسبه من أدوات معرفية ومنطقية وفلسفية، راكمها خلال تكوينه العلمي والأكاديمي. وتندرج ترجمة الأستاذ طه للكوجيطو الديكارتي ضمن مشروع عام يتعلق بمبحث علمي ابتكره وسماه "فقه الفلسفة"، والذي يتخذ الظاهرة الفلسفية كموضوع له من أجل دراستها دراسة علمية من الخارج، وغايته هي جعل المتفلسف العربي يتمكن من "أسرار" الصنعة الفلسفية وآلياتها التفكيرية.
وإذا كان الأستاذ طه قد نعت ترجمته بالتأصيلية واعتبرها ترجمة إبداعية، مميزا لها عن الترجمتين التحصيلية والتوصيلية، فإن الرغبة التأصيلية هاته جعلتها تحمل من الجرأة والتجديد، مما دفع العديد من الباحثين والمفكرين العرب إلى الاعتراض عليها وانتقادها. وقد اخترنا في هذه الدراسة تقديم النقد الذي وجهه مفكرين عربيين للترجمة الطهائية للكوجيطو الديكارتي، هما محمد سبيلا وعلي حرب، لاعتبار يتعلق بأن طه عبد الرحمن خص نقدهما بردود تندرج ضمن ما يمكن تسميته بنقد النقد، حيث بيّن عيوب وتهافت النقد الذي وجه له، وأبان بالمقابل عن وجهة نظره الترجمية، منافحا عنها ومبرزا مبررات وغايات تبنيه لها.
لهذا، فإن هذه الدراسة تروم وضع القارئ أمام طبيعة ومبررات النقد الذي وجه للترجمة الطهائية، وبالمثل وضعه أمام طبيعة الردود التي صدرت عن طه ضد منتقديه، لكي يكون بإمكان القارئ المقارنة بين الموقفين والخروج بحكم خاص به، يخص ليس فقط ترجمة الكوجيطو الديكارتي بل يخص الترجمة العربية الفلسفية بوجه عام؛ لأن النزاع الحاصل بين طه ومنتقديه، كحرب وسبيلا، لا يتعلق في الحقيقة بكيفية ترجمة الكوجيطو الديكارتي فحسب، بل يتعلق باختلاف التصورات والرؤى المتعلقة بأساليب الترجمة الفلسفية العربية عموما. ويعود هذا الاختلاف بين الطرفين إلى اختلاف حاصل حول الموقف من التراث العربي الإسلامي والحداثة الغربية، وعلاقة الأنا بالآخر، ومسألة الأصالة والمعاصرة، والاختلاف حول الكيفية التي يمكن من خلالها الفيلسوف العربي إبداع قوله الفلسفي الخاص. ولهذا، ففي الوقت الذي يرى منتقدو طه، هنا، أن ما أنتجه الغرب هو مشترك إنساني علينا الانخراط فيه والاجتهاد من داخله لتطوير الفكر الفلسفي العربي، فإن طه يرى خلافا لذلك أن المنتوج الفلسفي الغربي هو منتوج محلي وقومي، علينا أن نتعامل معه بحذر وبحس نقدي، ونعرضه على معايير ومقومات المجال التداولي الإسلامي، لكي نقوم اعوجاجه من جهة، ولكي نبدع فكرا فلسفيا مضاهيا له من جهة أخرى.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا