تقرير حول اللقاء الحواري الخامس مع د. مولاي أحمد صابر في كتابه: "القرآن ومطلب القراءة الداخلية؛ سورة التوبة نموذجا"


فئة :  حوارات

تقرير حول اللقاء الحواري الخامس مع د. مولاي أحمد صابر في كتابه: "القرآن ومطلب القراءة الداخلية؛ سورة التوبة نموذجا"

تقرير حول اللقاء الحواري الخامس

مع د. مولاي أحمد صابر في كتابه:

"القرآن ومطلب القراءة الداخلية؛ سورة التوبة نموذجا"

 

استضافت مؤسسة مؤمنون بلاحدود على منصة زوم، يومه الجمعة 23-08-2024، د. مولاي أحمد صابر، لمناقشة كتابه " القرآن ومطلب القراءة الداخلية؛ سورة التوبة أنموذجا" الصادر عن دار مؤمنون بلاحدود للنشر والتوزيع خلال هذا العام 2024.

في مفتتح اللقاء، رحبت الدكتورة ميادة كيالي بالضيف، وعرفت بجهوده ودوره في مؤسسة مؤمنون بلاحدود منذ بداياتها الأولى، ثم تناولت بالتوضيح ما تناوله الكتاب من أفكار في مقدمته وفصوله الأربعة وخاتمته، حيث أشارت إلى أن د. مولاي أحمد صابر قدّم نموذجًا مميزًا في قراءته لسورة التوبة؛ وذلك بكيفية استنباط الدروس والعبر للآيات من خلال فهم السياقات التاريخية والاجتماعية التي نزلت فيها؛ فسورة "التوبة" أو سورة "براءة" هي من السور التي تطرح مواضيع معقدة، والتي فتحت شهية النقاش بين المتابعين، تقول دة. ميادة كيالي، بما تضمنته من إشكاليات، قبل انطلاق النقاش. ولم تفت دة. ميادة الإشارة إلى المقدمة التي قدم بها الدكتور رضوان السيد لهذا الإصدار، والتي ذكّر فيها بأهمية هذا العمل الذي يجمع بين التحليل والتأويل والأبعاد الأخلاقية والإنسانية، واعتبر، تقول دة. ميادة، أن دراسة د. صابر هي محاولة أكثر شمولية وإقناعا مما تناوله المعاصرون في هذا الموضوع، وأن الجديد فيها يتجاوز كثيرا ما قام به الإصلاحيون المسلمون، وأن منهجه الشمولي في مسألة فهم القرآن يضع قضية التعامل مع الآخر في أفق جديد.

شكر د. حسام الدين درويش دة. ميادة على كلمتها، وهو يوجه تحيته المسائية للجميع، مع شكره لضيفه الذي لبّى الدعوة. وقبل طرح أسئلته، ذكّر د. حسام أن الكتاب موضوع النقاش هو امتداد لكتب سابقة، مثل كتاب "التصديق والهيمنة في القرآن، سورة البقرة نموذجا"، وكتاب "الوحي دراسة في المفردة القرآنية"، وكذلك كتاب "التداول اللغوي للمفردة بين الشعر والقرآن". وعزز د. حسام قول دة. ميادة، بخصوص ما قدمه د. رضوان السيد عن هذا الكتاب، والذي أشاد فيه أن هذا الكتاب يحقق تقدّمًا ملحوظًا مقارنة بالكتب السابقة. وعلى ضوء ذلك، طلب المحاور من ضيفه الحديث عن كتابه، وما الجديد الذي تضمنه ويختلف بها عن الكتب السابقة، ثم سأله عن مفهوم القراءة الداخلية وأسسها، وما هي أهم الأفكار الأساسية التي تضمنتها فصول الكتاب، وما هو الخيط الناظم لها.

أعرب الضيف د. صابر عن سعادته بتواجده في هذا اللقاء العلمي، وشكر مؤسسة مؤمنون بلاحدود على جهودها، كما شكر د. رضوان السيد على تقديمه للكتاب. وفي حديثه عن الكتاب موضوع النقاش، قال إن هذا الكتاب هو امتداد لما سبقه من أعمال صدرت له عن مؤسسة مؤمنون بلاحدود، وهي أعمال اشتغل فيها على الوحي، مبرزًا أن الاشتغال على القرآن ينبغي أن يتم من رؤيته الداخلية للعالم وللوجود وللإنسان، كما تحدث عن التمييز بين التفسير والتأويل على اعتبار أن التأويل ارتبط بالإنسان وقد ورد ذكر الكلمة سبع مرات في القرآن، وهي مقترنة بالفعل الإنساني وتجربته، فيما وردت كلمة واحدة للتفسير. ومن ثم، فالقرآن يلفت النظر، يقول د. صابر، إلى أن كثيرًا من الآيات متصلة بالوجود وبكينونة الإنسان وحياته، والتي من الواجب إرجاعها إلى سياقها المكاني؛ وذلك لفهم حركة الوجود والحياة، وما هي السنن المرتبطة بالنفس، وقد عزز الضيف كلامه بالعديد من الآيات القرآنية. ومن ثم، فالتأويل في نظره، يفتح الأعين على قراءات متعددة ومتنوعة ومتواصلة في ما بينها؛ فما يهمّ التأويل هو المعنى والدلالة، واجتراح مفاهيم ثقافية، بينما ينحو التفسير نحو الحقيقة والفهم الواحد. وفي هذا دعوة يقول د. صابر، إلى الباحث للحفر جيّدًا في موضوع التأويل وفي مفردة التفسير. فالانفتاح على التأويل سيساعد على فهم القرآن على أنه أم للكتاب كله؛ أم للعهدين القديم والجديد، وبالتالي يخرج الباحث من تلك القراءات الخارجية.

بعد ذلك، تدخل د. رضوان السيد الذي أغنى اللقاء بتعليق مميز، أثنى فيه على الكتاب، ورأى أن فكرته هي فكرة عظيمة، وأن ثمة مداخل عدة لفهم القرآن؛ منها الجانب الأخلاقي لأنه يتعلق بالعقل العملي أو التصرف الإنساني، والذي يتم عن طريق التأويل. أما التفسير، فهو العرض الإلهي لهذه التجربة الكونية والتجربة الإنسانية. والقرآن يذكر التوجهات، فالتأويل هو الذي يمارسه الإنسان وعلى أساسه يتصرف للفهم، ومن ثم قد يكون التأويل صحيحًا وقد يكون خاطئًا. ومن الأشياء الجيدة التي يقيم عليها د. صابر، هذا الجانب الأخلاقي، يقول د. رضوان، هو أن المجتمع الإنساني، ومجتمع مكة في سورة التوبة، يقوم على العقود والعهود، وهذا الفهم ليس فهم القرآن فقط، وإنما هو فهم قديم للفلاسفة؛ فالإنسان لا يستقل بنفسه إلا بمعاهدة ومعاقدة تجري مع آخرين من بني جنسه. فالمجتمع الإنساني هو مجتمع عقود وعهود، حيث يعطي الإنسان ويتصرف على هذا العطاء بناء على الفهم التأويلي الذي يتم باستمرار. ولم تخل كلمة د. رضوان من بعض الملاحظات القيمة التي وجهها لضيف اللقاء، وهو يؤكد على أهمية الكتاب؛ لأنه طرح مشكلة كبرى تتعلق بالقيم الأخلاقية في القرآن الكريم، ومن ذلك العقد والعهد كما هو واضح في سورة التوبة.

تميز اللقاء بحضور عدد كبير من المتابعين من مهتمين ومتخصصين، أسهم العديد منهم بمداخلات وأسئلة أغنت اللقاء بالنقاش والحوار الجادين. ومنهم: د. رضوان السيد – د. محاميد صبيح – دة. عفراء جلبي – رحاب منى – د. محمد حبش – د. صابر سويسي - د. أنس طريقي – د. عبد السلام شرماط.... وآخرون.

انتهى اللقاء بتوجيه الشكر للجميع على اهتمامهم ومتابعتهم لهذه الفعاليات الثقافية، ثم أعلنت دة. ميادة عن اللقاء القادم، وهو ندوة حول مشروع المفكر عبد الجواد ياسين، والتي سيشارك فيها عدد من الأساتذة الأجلاء؛ وذلك يوم الجمعة 06 شتنبر2024 عند الساعة الخامسة بتوقيت المغرب.