تقرير عن الندوة الحوارية العاشرة حول كتاب: التأويليات وتاريخها: نحو بدايات أخرى

فئة :  حوارات

تقرير عن الندوة الحوارية العاشرة حول كتاب:  التأويليات وتاريخها: نحو بدايات أخرى

تقرير عن الندوة الحوارية العاشرة حول كتاب:

التأويليات وتاريخها: نحو بدايات أخرى

عقدت مؤسسة مؤمنون بلا حدود ندوتها الحوارية العاشرة في تونس الخضراء؛ وذلك يوم الخميس 24 أكتوبر 2024عند الساعة الثالثة بعد الزوال بتوقيت تونس. شارك في هذا اللقاء مجموعة من الأساتذة الأجلّاء، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور محمد أبو هاشم محجوب، بصفته محتفى به في هذه الندوة، والدكتورة ميادة كيالي بصفتها المشرفة الرئيسة على الندوة، والدكتور حسام الدين درويش بصفته مديرًا ورئيساً لهذا اللقاء العلمي المتميز، وقد شارك إلى جانب من سبق ذكرهم، كل من الدكتور فتحي إنقزو، والدكتور عبد الله السيد ولد أباه، والدكتور عماد عماري، فيما تخلف عن اللقاء الدكتور سعيد توفيق.

في البداية رحب مدير اللقاء ورئيس الجلسة د. حسام الدين درويش بالحاضرين، وأعطى الكلمة للدكتورة ميادة، التي تكلمت عن الجهود التي تبذلها مؤسسة مؤمنون بلا حدود في سبيل نشر المعرفة، وأشارت إلى أن مشروع التأويليات كان قد تقرر انعقاده في نطاق الأنشطة العلمية لمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث عام 2020م، لكن ظروف الكورونا، حالت دون ذلك، فتم تجميع كل المساهمات العلمية، وضمّها بين دفتي هذا الكتاب المهدى إلى الأستاذ الدكتور محمد أبو هاشم محجوب، وهي مساهمات قام بتنسيقها الدكتور فتحي إنقزو، ليصدر الكتاب عن دار مؤمنون بلا حدود، عام 2023م. وأضافت الدكتورة ميادة، أن هذا الكتاب يمثل استمرارًا لمشروع مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" في تقديم الإنتاج الفكري الذي يساهم في تجديد الفكر العربي والإسلامي، كما أكدت على ترحيبها بالتعاون مع المؤسسات الفكرية والجامعات والمعاهد الرائدة، في تونس والعالم العربي لتبادل الإنتاج المعرفي وكل ما من شأنه دعم البحث والباحثين.

وفي إطار تسيير الجلسة وإدارة الحوار عرّف د. حسام الدين درويش بالأكاديمي دكتور فتحي إنقزو من تونس، ثم أعطاه الكلمة للمساهمة بمداخلته في هذا اللقاء، والتي جاء فيها أن الحديث عن هذا الكتاب هو من إنتاج مؤسسة مؤمنون بلا حدود؛ وذلك للاحتفاء بالعمل الفلسفي للدكتور محمد محجوب، وهو كتاب شارك فيه ثلة من الباحثين والمفكرين من تونس وخارجها، وبالتالي هو ذكرى جميلة؛ لأن فيه تكريم واحتفاء، وهذا لا يعني أن عمل محمد محجوب هو كله مخصص للتأويلية، حتى لا يقع في ظن القارئ غير المتخصص أو القارئ الذي يعرف جزئيا المنشورات والمعطيات في الفلسفة أن التخصص الذي ينسب إلى محمد محجوب أو إلى بعض الباحثين الآخرين من الأساتذة، هو نسبي إلى حد كبير؛ لأن التفكير يمكن أن يأخذ أسلوباً تأويلياً، ولكن التأويلية في نهاية المطاف ليست بالضبط جزءًا كلاسيكياً من أجزاء الفلسفة، فهي أوسع من ذلك؛ لأنها تتصل بمعارف وعلوم أخرى، وتحاول أن تفتك لها موقعاً بمحاذاة التخصصات الأخرى. والذي غير معروف عند الجمهور، أن اشتغال محمد محجوب الأساسي هو في تاريخ الفلسفة أولا، ثم انطبعت فكرة التأويلية في مرحلة معينة، وصارت هذه الفكرة هي المنظمة لمختلف الاهتمامات الفلسفية، سواء عند محمد محجوب أو عند العاملين معه من الذين يشتغلون على الرسائل وأبحاث الدكتوراه، ثم الباحثين المتقدمين الذين استطاعوا أن يعملوا في ترجمة النصوص أو التأليف. ومن ثم صارت مع بداية الألفينيات تأسيس تكريس تخصص التأويلية في الجامعة التونسية، والذي لم يكن موجودًا في معظم الجامعات العربية. وأشارد. فتحي إنقزو إلى أن الانشغال بالتأويلية تسبقها دائما مادة أخرى، ويعني بذلك فلسفة هايدغر أو الفلسفة الحديثة أو فلسفة أفلاطون أو أرسطو؛ فالتأويلية ليس لها أهمية إلا بالمادة الفلسفية التي تشتغل عليها؛ فهي تحمل معها هذه المادة، ولكنها لا تُرى، فما يُرى للقراء هو الصيغة النهائية التي تخرج بها. أما المادة التي تحملها معها، والتي يسميها محمد محجوب الاشتباك مع النصوص، فهذا لا يظهر إلا قليلا؛ لأن المادة الأساسية للعمل التأويلي هي مادة فلسفية سابقة، وتقتضي معرفة ثابتة بتاريخ الفلسفة وبالتراث الفلسفي الغربي القديم والعربي الإسلامي والحديث. وذكر المتدخل أن الأولية التي تتمتع بها التأويلية، يمكن تفسيرها بثلاثة أصناف من الأسباب:

-        السبب الأول، أن التأويلية لها القدرة على توفير لغة مشتركة بين الباحثين، وهذه اللغة المشتركة هي سياق جامع نشأ بالتدريج، ثم صار عنواناً لمجامع فلسفية.

-        السبب الثاني، أن التأويلية عابرة للتخصصات وللفلسفات؛ فهي فكر يحتمل الآخر، وفكر متسامح يحتمل جزءًا من الآخرين، ويستمد مادته الأساسية من المناظرة والجدل والحوار الذي يقيمه مع المحاورين أو المخاطبين له. وهنا نوّه د. إنقزو بالشرط الأخلاقي للتأويلية.

-        السبب الثالث، أن التأويلية تسمح للباحثين بالدربة والمثابرة، بوصفها تتعلق بنوعية صعبة من النصوص، بما في ذلك النصوص الدينية والنصوص العلمية غيرها من النصوص التي تتشابك معها باستمرار. لذلك، يصعب الوقوف في التأويلية على نوع من التخصص الفلسفي الخالص، وإنما هو تخصص مختلط بغيره بالضرورة.

بعد ذلك، ذكر المتدخل أن الداعي لاختيار عنوان هذا الكتاب، لم يكن دافعا تقنياً صناعياً؛ فالمقصود ليس تقديم جملة من البحوث في تاريخ التأويل من طرف متخصصين؛ لأنه لم يتشكل بعد في العالم العربي هذا النوع من التخصصات المادية الدقيقة التي تستأثر بمجموعة من المناهج والتطبيقات على نصوص بعينها، وإنما المقصود بالعنوان هو إثارة الانتباه إلى راهنية المسألة التأويلية بشكل عام، وعلاقتها بتاريخها وكيفية كتابة هذا التاريخ، ثم قدم أهم المحاور والموضوعات التي شملها الكتاب، وأهم الخطوط الرئيسة فيها. وأنهى كلمته بتجديد التكريم الذي ساهم فيه كل باحث بقدر استطاعته للأستاذ محمد محجوب على ما بذله من جهود في تأسيس هذا السياق، ودفع الكفاءات الشابة للاشتغال عليه.

وبعد تعقيب د. حسام الدين درويش على مداخلة د. فتحي إنقزو، أعطى الكلمة للدكتور عبد السيد ولد أباه الباحث والأكاديمي الموريتاني. استهل د. عبد الله كلمته بالشكر للدكتور حسام الدين درويش وللدكتور محمد محجوب والدكتورة ميادة كيالي، وللدكتور فتحي إنقزو. وبعد أن تحدث عن اتجاهين كبيرين، مثلت الأول الكلاسيكيات الفلسفية، فيما كان الاتجاه الثاني إبستمولوجياً نقدياً، والذي برز بقوة في المدرسة الفلسفية التونسية، وكان محجوب تقريبا الوحيد الذي بدأ مبكرا هذا التبشير بالفلسفة التأويلية، حيث كان اهتمامه المبكر بفلسفة هيدغر وبالمنحى التأويلي. تساءل المتدخل د. عبد الله السيد ولد أباه عن حضور المنحى التأويلي وتأثيره في الفكر الفلسفي العربي؟ ثم أجاب إن أحد جوانب الخلل في الخطاب الفلسفي العربي، هو إهماله لهذا المنحى التأويلي، رغم أن هذا الخطاب منذ البداية تركز على مسألة الهوية والذاتية، أو ما سمي في الأدبيات الرائجة بالتراث والحداثة إلى آخره، بداية من الثمانينيات مع كتابات طيب تيزيني والجابري وحسن حنفي إلى آخره. ورغم أن حسن حنفي كان على اطلاع جيد ببعض جوانب الفلسفة التأويلية، إلا أنه لم يستخدم هذه الأدوات النظرية في إعادة بناء الإشكالية التأويلية للنص. وفي إطار حديثه عن التأويليات التشككية عند ريكور، عرض د. عبد الله لتأويليات أخرى منها: التأويلية الإبداعية، التأويلية الشعرية الإنشائية، تأويلية التقليد والانتماء التي كرسها غدامير، ثم التأويلية الأنطولوجية الواسعة التي كرسها هيدغر، وهي مناحي تأويلية -يقول المتحدث- ظلت ضعيفة وهشة وغائبة في الفكر الفلسفي العربي.

وفي هذا الإطار، نوّه د. عبد الله بأهمية هذا الكتاب الذي أصدرته مؤسسة مؤمنون بلا حدود؛ لأنه سد فراغاً كبيرًا، بالإضافة إلى مجلة التأويليات، وكذلك الترجمات التي نشرتها المؤسسة. ومن ثم أكد أن ثمة منحيين ضروريين، يجب الاهتمام بهما داخل الفلسفة العربية، هما: المنحى الأول الذي يجب التركيز عليه، هو وضع مادة أو عدة تأويلية جديدة للنص، ويرتبط المنحى الثاني بالفعل الأخلاقي وضرورة إعادة بناء المنظور القيمي والأخلاقي في التقليد الإسلامي؛ فالأمر لا يتعلق فقط بإعادة فهم النص، وإنما بإعادة نمط العيش ونمط الوجود المترتب على علاقته بهذا النص؛ أي إعادة إنتاج لذاتيتنا وإعادة إنتاج شروط عيشنا، وإعادة إنتاج لشروط وجودنا التاريخي. وأشار د. عبد الله إلى أن هذين المنحيين من التأويلية لا زالا غائبين وضعيفين في سياقنا الفلسفي العربي المعاصر.

شكر مسير الجلسة د. حسام د عبد الله السيد ولد أباه على مداخلته القيمة، وبعد أن عقب على بعض ما جاء فيها. نقل الكلمة إلى الباحث التونسي د. عماد العماري، والذي استهل كلمته بالشكر للدكتور حسام والدكتورة ميادة، وقد أتيحت له الفرصة للحديث عن التأويلية وعن محمد محجوب. منذ البداية أشار المتدخل أنه لن يتحدث عن الشخصي والودّي، وإنما سيتحدث عما سماه بالصداقة الفلسفية التي جمعته بالأستاذ محمد محجوب، ثم تساءل كيف السبيل إلى التأويل وإلى محمد محجوب؟ فكلاهما أمر شائك. وقد وجد ذلك من خلال خصلتين أساسيتين من خصال محمد محجوب هما: محمد محجوب المترجم الفذ، ومحمد محجوب المؤول الفذ كذلك. وأشار إلى أنه وجد للخصلتين خيطاً ناظماً، من خلال هيدغر، فمحمد محجوب يمكن الإتيان إليه من خلال أبواب عدة؛ من خلال الفارابي، ومن خلال أفلاطون، ومن خلال قامة من القامات الفرنسية، وهو بول ريكور الذي ترجم له الأستاذ محمد محجوب محاضرات على درجة عالية.

من جهة أخرى، تحدث المتدخل عن هيدغر، والذي وصفه بكبير التأويلية؛ لأنه يوفر مدخلاً جميلاً لمقاربات محمد محجوب مترجماً ومؤولاً. والتأويلية التي أصبحت تظهر ثمارها يقول د. عماد، في تونس في الآونة الأخيرة في ما يشبه تشكل مدرسة عتيدة لها مسار طويل؛ ذلك أن الهرمينوطيقا تدور حول معطى أساسي هو الفهم، ولأن الفهم خارج ألمانيا هو بضاعة تهريب، سيكون محمد محجوب مهرباً كبيرًا، خاصة في ترجمته لهيدغر، وهو الذي يستعمل هذه العبارة حين يتحدث عن وظيفة المترجم؛ أي ينبغي على المترجم أن يكون مهرباً كبيرًا، خاصة وأن التهريب ثقيل؛ لأنه تهريب ثقافي وتهريب إرث غربي كامل، يريد محمد محجوب أن نستفيد منه، وفي نفس الوقت يجعله في خدمة السياقات.

وفي حديثه عن هيدغر والترسيخ لهذا التقليد في الجامعة التونسية من خلال الأستاذ محمد محجوب، عرض د. عماد لجهود محمد محجوب بدءًا من قراءته الهيدغرية لأفلاطون، بل تعود أولى خطواته -يضيف المتدخل- إلى أول بحوثه حول مشكلة العلاقة بين شطري المنظومة البرمنيدية؛ الحقيقة والظن، ثم صدر كتابه، هيدغر ومشكل الميتافيزقا، وهو من أول الكتابات العربية الجادة حول هيدغر، والذي تحدث عن هيدغر في بداية الثمانينيات في تونس، وهو ما أثمر لاحقا اهتمامات تأويلية وفينومنولوجية، سواء تعلقت بهيدغر، وكان من ذلك، كتاب الأستاذ فتحي المسكيني؛ نقد العقل التأويلي أو فلسفة الإله الأخير، أو تعلقت بغير هيدغر من الفلاسفة شأن هوسرل، ومن ذلك كتاب فتحي إنقزو؛ هوسرل ومعاصروه من فينومنولجيا اللغة إلى تأويلية الفهم. ولم يتوقف الشغف بهيدغر عند هذه الأعمال، بل ازداد تنوعاً مع من جاء بعدهم من طلبة الأستاذ محمد محجوب الذي أشرف على أغلب الأطروحات التي دارت حول هيدغر، سواء من حيث العلاقة بين المنطق والفينومينولوجيا، أو من جهة نقد التراث الغربي ومعضلاته الميتافيزقية، أو من خلال الصياغة النقدية الهيدغرية لعلاقة اللغة بالميتافيزيقا عند هيجل، أو من خلال القراءة الهيدغرية لنيتشه أو من خلال مفهوم الزمان من خلال دروس الشباب الهيدغريين، أو تأويل القلق في فلسفة هيدغر الأول.

وفي ما يتعلق بالجمع بين الترجمة والتأويل، أو ما سماه محمد محجوب، إنطاق العربية بهيدغر، كيف للعربية أن تتكلم هيدغر، هل يمكن إنطاق هيدغر بالعربية؟

ذكر د. عماد العماري أن التجربة التي لا يزال يشتغل عليها محمد محجوب، ويريد أن يوسع مداها في إطار العالم العربي من أجل نيل رهان العالمية، هي أنه يحمل الترجمة في مفهوم معين، وهو ما يحلو له أن يسميه ترجمة مفكرة، فلا يمكن التعامل مع نصوص ثقيلة مثل هيدغر إلا بترجمة تفكر في نفس الوقت مع هيدغر وأحيانا ضده. ولما كانت الترجمة هي أحد المواضيع الرئيسة للتفكر الفينومينولوجي فضلا عن كونها ترجمة مفكرة من حيث هي ممارسة أصيلة للتأويل، ومن حيث هي عشرة للنصوص لا حيلة لصاحبها إزاءها إلا حدثه، فإن إنطاق العربية بهيدغر لا بد أن يصدر عن عزم مترجم جوهر عمله في إنطاق النفس بأقصى إمكاناتها فيها، وأخفى مواردها عنها؛ ذلك أن شأنه لم يكن وراثة معجمية الفيلسوف بل وراثة ممكنها؛ أي إنطاقها بما يجعل إصغاء آخر إليها ممكنا، وهذا هو بعض فضل هيدغر. ومن ثمة فأمانة الترجمة لا تقاس بمدى حرفيتها، بل تقاس بمدى ما تنطق عن الشيء الذي في النص، لا عن الكلمة الصماء عن الشيء. وعلى هذا النحو، صار الأفق التأويلي الجديد، وهذا نهج جديد في الترجمة التونسية للأثر الهيدغري من حيث إن التفكير اقتفاء لأثره؛ إذ لم يعد غرض المترجم العثور على المقابل اللغوي كما دأبت على ذلك الترجمات الكلاسيكية، بل المترجم يبحث عن التحصيل المضاهي، وهنا تجرأ محمد محجوب على ترجمة دزاين بالموجد التي أصبحت تقليدًا، رغم أن هناك محاولة سابقة مع عبد الرحمن بدوي، عندما استعمل مفهوم الآنية، ولكن لم يكن لها رواج كبير. وإن كان هيدغر قد طلب الإبقاء على كلمة دزاين كما هي.

علق مسير الجلسة د. حسام على مداخلة د. عماد عماري، من خلال مسألتين؛ الأولى أبرز فيها أن الهيرمينوطيقا هي الفلسفة، والمسألة الثانية هي أن محمد محجوب بوصفه المترجم والمؤول، سعى لأن تنطق العربية هيدغر، وهذا له شأن عظيم، ثم أعطى الكلمة للدكتور محمد محجوب.

شكر د. محمد محجوب حسام الدين على هذه الفرصة الجميلة التي أتيحت له بمناسبة صدور هذا الكتاب الذي مضت عليه الآن أكثر من سنة، كما شكر كل الأصدقاء الذين أهدوا له أعمالهم في نطاق ندوة كانت ستحمل العنوان نفسه، وكانت مبرمجة للانعقاد وحالت دون ذلك لظروف الكوفيد. ذكر المتدخل أصدقاءه واحدًا واحدا؛ الأساتذة الدكاترة جون غرايش من فرنسا واللكسمبورغ، الأستاذ عماد العماري من تونس، الأستاذ فتحي التريكي من تونس، الأستاذ محمد الحيرش من جامعة تطوان بالمغرب، الأستاذ عبد العزيز بومسهولي من المغرب، الأستاذ سعيد توفيق من مصر، الأستاذ محمد البوبكري من تونس، الأستاذ فتحي إنقزو من تونس، الأستاذ رسول محمد رسول – رحمه الله- من العراق، الأستاذ فيصل الشطي من تونس، الأستاذ صابر مولاي أحمد من المغرب، والأستاذ المنجي الأسود من تونس. وخص بالشكر د. فتحي إنقزو أستاذ الفلسفة في جامعة سوسة، والآن في جامعة محمد بن زايد في أبو ظبي، الذي حرص بعد التداول في الفكرة مع د. مولاي أحمد صابر على تجميع المقالات وتنظيمها، وأشرف على تحريرها وتقديمها التقديم اللائق، وعلى التصدير لها، وترجم مقالة الفيلسوف الصديق جون غرايش التي وردت في بداية الكتاب، وقدمت صورة تأليفية ذكية حول وضعية التأويليات اليوم. كما توجه بالشكر للأصدقاء المساهمين في هذه الندوة، وهم: د. عماد العماري، ود. عبد الله السيد ولد أباه، ود. سعيد توفيق، ود. فتحي التريكي. كما خص بالشكر مؤسسة مؤمنون بلا حدود ورئيسها السابق الصديق محمد العاني، وهو الذي رعى مشروع التأويليات منذ عام 2014، كما شكر دار نشر مؤمنون بلاحدود، ومديرتها دة. ميادة مصطفى كيالي التي استقبلت الكتاب وسهرت على إخراجه ونشره وتوزيعه في هذه الصورة الأنيقة، ثم توجه بالشكر للدكتور حسام الدين درويش الذي أدار اللقاء بحنكته المعروفة. كما شكر بيت الحكمة وقسم العلوم الإنسانية والاجتماعية على قبول إيواء هذا اللقاء، حيث شكر ذ. محمود بن رمضان رئيس المجمع، و ذ. عبد الحميد هنية رئيس القسم على هذا الكرم.

وفي إطار حديثه في هذا اللقاء، عرض شهادة ذاتية تتعلق بمراحل اهتمامه بالتأويليات وبسياقات هذا الاهتمام، وما قد يرتبط به من الأخبار، حيث حاول أن يقدم شهادة عن الوجوه التي من خلالها أن التأويليات قد تمثل بداية أخرى للتفكير، لا في السياق العربي المعاصر فقط، وإنما في السياق العالمي كذلك. واختصر د. محجوب قوله في ثلاث ملاحظات هي:

-        الأولى: الكل يتحدث عن كونية التأويليات، وعن طابعها الكلي، وهذا أمر من شأنه ان يطرح أسئلة عديدة؛ لأن هذا الطابع الكلي قد يفرض على فن التأويل نوعا من هيمنة الأنموذج التي سرعان ما تلتحق بمنطق الحقيقة الملزم ضد منطق المعنى.

-        الثانية: تتعلق بما سماه محمد محجوب بالفرصة التأويلية، وهي الفرصة التي يجد الفكر العربي اليوم نفسه أمامها، بعد كل تجارب الفشل في قراءة نفسه أو إعادة قراءة نفسه ضمن مشاريع القراءة المختلفة، والتي تلتقي كلها في موقف التطبيق للمناهج.

-        الثالثة: وهي ملاحظة تتعلق بالتطبيق اليومي للتأويليات ضمن الترجمة، والتي ينظر إليها د. محمد محجوب بأننا ما نزال اليوم نستخدم ونعول على ترجمات عربية وسيطة للنصوص الإغريقية القديمة، ورغم ظهور بعض الترجمات الجديدة، فإننا لا ننفك، يقول محجوب، نلاحظ تجدد الترجمات بشكل يومي لنفس تلك النصوص في اللغات الأوروبية؛ فما الذي يعبر عنه تجدد تلك الترجمات من جهة، وعدم تجددها في ثقافتنا من جهة ثانية. مع نشأة الجامعات العربية وخاصة الجامعة المصرية والجامعة اللبنانية، ظهرت فجأة ومنذ نهاية القرن التاسع عشر، وخاصة في بدايات القرن العشرين، ترجمات نصوص فلسفية حديثة طرحت علينا أسئلة نظرية شاقة جدًّا. ومن ثم شخص تلك الأسئلة في أن النظر في الترجمة الفلسفية في السياق العربي يستدعي معاينة اختلاف الحال في لغة لم يواكب فيها التطور النظري نفس الاستشكال الفلسفي الذي تريد ترجمته، مما يضطرها إلى محاورة نفسها أولا، توسيعاً لإمكانات تلقّ يتيح لها تمثل مفاهيم فلسفية لا مقابل لها، ولا جوار معها. ودعا بعد ذلك إلى ضرورة الرفع من راهنية أنفسنا التي هي وحدها القادرة على قراءة ما يفد عليها.

شكر مسير الجلسة د. حسام د. محمد محجوب، ثم توجه إليه بالإشارة إلى مسألتين؛ أولهما أنه يتفق مع محمد محجوب في اختلافه معه، وثانيهما هي ما تعلق بالفرصة التأويلية والاستئناف، حيث استعادة غدامير في نقده للمنهج.

في نهاية اللقاء تدخل بعض الحاضرين، وأثروا بأسئلتهم ومداخلاتهم ما ورد في هذا اللقاء العلمي المتميز.

الرابط على اليوتيوب:

https: //www.youtube.com/watch?v=Cex9xSpc3Nc