جدل تاريخ العلوم وعلم اجتماعها حول مفهوم "الواقعة العلمية" لدى لوفيك فليك
فئة : أبحاث محكمة
جدل تاريخ العلوم وعلم اجتماعها
حول مفهوم "الواقعة العلمية" لدى لوفيك فليك
ملخّص
يعد لودفينك فليك من أبرز مُفكّري علم اجتماع العلوم لفترة ما بين الحربين. وبعد فترة عدم اعتراف علمي امتدّت أكثر من أربعين سنة تمّ إحياء هذا المُفكّر من خلال أهمّ مؤلّفاته نشأة وتطوّر واقعة علمية الذي نشره سنة 1935، إذ تمت ترجمته إلى الإنجليزية عام 1979 ثمّ إلى الإيطالية والإسبانية والروسية وأخيرا إلى الفرنسية سنة 2005. ويوجد من بين مؤرّخي العلوم من يتحدّث على "موجة فليك" أو "نمط فليك"، وقد اقترن اسم فليك بتوماس كون الذي اعتبر أنّ فليك مدين له بالاعتراف العلمي، وبسبب التشابه بين فكرة "العقل الجمعي" التي استخدمها فليك لتفسير نشأة وتطوّر "الواقعة العلمية" ومفهوم "الباراديغم" الذي طوّره توماس كون يتحدّث البعض عن "نظرية فليك كون" التي تمثّل أساس البنائية في علم اجتماع العلوم. غير أنّ برونو لاتور عالم اجتماع العلوم البنائي، في مقدّمة الترجمة الفرنسية لكتاب فليك أثار بعض النقاط المثيرة للجدل حول علاقة كون بفليك، واعتبر أنّ كون قلّل من قيمة فليك ليستحوذ على الأسبقية في التفسير الاجتماعي للعلوم. نسعى في هذه الورقة رصد أهمّ المجادلات التي أثارها كلّ من كون ولاتور في تقديمهما لكتاب فليك، وهي محاولة لوضع تلك المجادلات في سياقها التخصّصي والتاريخي والأكاديمي الذي ظهر ضمنه فليك.
غرضنا إذن، في هذه الورقة تسليط بعض الضوء على هذا العالم الذي بقي مغمورا لمدة لا تقلّ عن أربعين عاما، ولم يحظ بالاعتراف العلمي كما معاصريه من فلاسفة العلوم ومؤرّخيها، وحين توفّر ذاك الاعتراف ازداد الأمر تعقيداً بجعله موضوعا سجاليا بين تخصّصات معرفية متنافسة على الاعتراف بالأسبقية في بلورة نظرية علم اجتماع العلم.
تقديم:
يُصنّف لودفيك فليك (Ludwik Fleck) (1896-1961) ضمن فلاسفة العلوم الكلاسيكيين ذوي التوجّهات السوسيولوجية، وهو طبيب الجرثوميات ومدير لمختبرات التحاليل الجرثومية في مستشفى مدينة لفوف (Lwow) البولونية. وعُرف فليك من خلال كتابه المُعنون نشأة الواقعة العلمية وتطوّرها Entstehung und Entwicklung einer wissenschaftlichen Tatsache (Bâle, 1935). والمفارقة أنّ رغم أهمية هذا الكتاب، فإنه لم يحْظ "بالاعتراف" إلا مُتأخّرا (سنة 1962)، على يدَيْ توماس كون (Thomas Khun) الذي أشاد به في كتابه الشهير بنية الثورات العلمية. ويقول كون مُوضّحاً سياقات اكتشافه لكتاب فليك أنه: "لولا هذا الاستكشاف [يقصد إقامته الاستكشافية التي دامت ثلاث سنوات في جمعية زملاء هارفارد] لما استطعت أن ألتقي على غير توقّع بتلك الدراسة التي تكاد تكون مجهولة، والتي كتبها لودفيك فليك وعنوانها نشأة الواقعة العلمية وتطوّرها (بازل 1935)، وهي دراسة تستبق الكثير من أفكاري. جعلتني دراسة فليك وكذا ملاحظة أبداها زميل آخر (...) أدرك أنّ تلك الأفكار ربما كانت بحاجة إلى أن تعرض في إطار سوسيولوجيا الجماعة العلمية. (...) وإذا كان القارئ لن يجد فيما يلي سوى إشارات قليلة إلى أي من هذه المؤلّفات، فإنني مدين لها بأكثر ما أستطيع الآن أن أقدّمه أو أقيمه".[1] وبعد عشرين سنة تقريبا من صدور بنية الثورات العلمية تُرجم كتاب فليك سنة 1979 إلى الإنجليزية بإشراف روبرت كينغ مرتون (R.K.Merton) وتوطئة كتبها توماس كون؛ [2] أي برعاية اثنين من أبرز مؤرّخي العلوم وعلماء اجتماعه الأنجلو- سكسوني (الأمريكي) المُعاصر. وقد تمّت إعادة نشر الكتاب بالألمانية سنة 1980، ليُترجم بعد ذلك إلى الروسية والإيطالية والإسبانية. ولم يُترجم إلى الفرنسية إلاّ سنة 2005 بتوطئة كتبها برونو لاتور (Bruno Latour) عنوانها* "انتقال السفلس (الزهري) - تقاسم الموضوعية".[3]
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
[1]- توماس كون، بنية الثورات العلمية، ترجمة، شوقي جلال. عالم المعرفة سلسلة كتب ثقافية، 1992. ص. 21
[2]- Ludwik Fleck, Genesis and Development of a Scientific Fact, Edited by Thaddeus J. Trenn and Robert. K. Merton: (trans.) Fred Bradley and Thaddeus J. Trenn ; Foreword By Thomas Khun, Chicago: University of Chicago Press, 1979
* جميع ما هو بين ظفرين من كلام كون ولاتور وفليك ترجمتها من عندنا. وقد اعتمدنا الترجمة الإنجليزية بالنسبة إلى مقدّمة توماس كون وسيكون الإحالة في الهامش إلى Foreword، والترجمة الفرنسية بالنسبة إلى مقدمة برونو لاتور وستكون الإحالة إلى Preface à Fleck
[3]- B. Latour, « Transmettre la syphilis, partager l’objectivité », préface à L. Fleck, Genèse et développement d’un fait scientifique, (trads.) Nathalie Jas -préface de Ilana Löwy, postface de Bruno Latour. Paris: Les Belles Lettres, 2005 http://www.bruno-latour.fr/sites/default/files/P-99%20Fleck-postface.pdf
