حفريّات في الاستبداد والمقدّس
فئة : أبحاث محكمة
حفريّات في الاستبداد والمقدّس(*)
ملخّص:
نسعى في هذه الدراسة إلى مقاربة مفهوم الاستبداد وعلاقته بالمقدّس الدّيني من خلال الحفر في طبقاته اعتماداً على المنهج الفوكولتيّ، وقد آثرنا الانطلاق من الفترة النبويّة باعتبارها فترة تأسيسيّة، ونتيجة الارتباط الوثيق بين نشأة المقدّس الإسلامي وبداية الدّعوة النبويّة، فأمّا طبقات الحفر فإنّها تتّجه نحو مجالات معرفيّة مختلفة وعيّنات متنوّعة اعتبرناها الأسس التي قام عليها مفهوم الاستبداد المقدّس. وقد اختلفت أنماط الخطاب المقدّس التي أسّست لشرعيّة الاستبداد، وأمّا مقاصدنا من وراء ذلك فهي نقاش فرضيّة مفادها أنّ الاستبداد لا يمكن أن يقف عند حدود الممارسات السياسيّة، وإنّما هو مفهوم يتجسّد في كثير من المجالات المعرفيّة. فلئن بدا الاستبداد في عصرنا حمّالاً لشحنة سلبيّة، فإنّه قد كان في الفترة التي ننوي مقاربتها أمراً طبيعيّاً، تفرضه طبيعة العقل الإنسانيّ، وتؤيّده المنظومات الفكريّة على اختلافها، ولذلك فليس من قبيل الإساءة إلى المقدّس اعتبار الخطاب الدّيني منتجاً للاستبداد، فما يزال خطاب الإمام الذي يتّخذ مكاناً مُنْتَبِراً[1] يهيمن على المصلّين الذين حرموا حقّ نقاشه وتعديل آرائه، ويتعالى بالحقائق التي يقدّمها عن مواقف السّامعين، وما يزال رجل الدّين يعتقد أنّ قوله هو الفصل بحكم منزلته المقدّسة، وما يزال الناطقون باسم السماء يعتقدون في قدرتهم على التدخّل في كلّ صغيرة وكبيرة، من خلوة الرجل بزوجته وأبسط قواعد طهارته إلى قرارات الحرب بين الدّول. وهو ما يكشف أنّ الخطاب الدّيني مسكون بروح الاستبداد واحتكار الحقيقة، وأنّ النّاطقين باسمه يستبدّون بآرائهم على غيرهم باحتكارهم فهم الشريعة وتشريع القوانين.
إنّ هذا الوضع هو ما يدفعنا إلى الحفر في طبقات الاستبداد وعلاقته بالمقدّس الدينيّ في الممارسات السياسيّة ومباحث التاريخ والفقه وعلم الكلام. وهي مجرّد عيّنات لاستبداد تشعّبت مسالكه وخفيت أساليبه، لا ندّعي بها الإحاطة بجميع تجلّياته وخفاياه.
وقد اعتمدنا التخطيط التالي:
المقدّمة:
1- الفترة النبويّة: سلطة القرار المقدّس وحدود الطّاعة.
2- كيف نشأ الاستبداد السياسيّ بعد وفاة النبيّ؟
3- كيف أنتج علم الكلام الاستبداد؟
4- كيف ساهم الفقه في ترسيخ الاستبداد؟
5- كيف ساهم التاريخ في صنع الاستبداد؟
6- على سبيل الخاتمة: كيف نفكّ الاشتباك بين المقدّس والاستبداد؟
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
* نشرت هذه الدراسة في مجلة يتفكرون، العدد الثامن، 2016، إصدارات مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.
[1]ـ أي مرتفعاً.