سؤال الفردانية والغيرية في الفلسفة الفرنسية: مارسيل غوشيه أنموذجا
فئة : مقالات
سؤال الفردانية والغيرية في الفلسفة الفرنسية:
مارسيل غوشيه أنموذجا
ملخص البحث
تتناول هذه الورقة مساهمة الفيلسوف مارسيل غوشيه في الفرد في الديمقراطية الغربية المعاصرة. فعل ذلك من خلال إظهار، من ناحية، تماثل مفهوم توكفيل حول مساواة الشروط مع مفهوم اختزال الغيرية الخاصة بغوشيه؛ ومن ناحية أخرى، من خلال الإشارة إلى أن هذه السيرورة الأخيرة، بعيدا عن الدلالة على التغلب على الغيرية، يتوجب بالأحرى أن تُفهم على أنها استيعابها، وبالتالي، كعلامة على تجريد الذات بشكل لا يمكن التخلص منه.
مقدمة
لم يتوقف مارسيل غوشيه، منذ كتاباته الأولى عن التفكير في تحولات أشكال التنظيم الجماعي[1] خاصة تلك المرتبطة بأشكال التجربة الذاتية[2]. إن التفكير فيهما معا، أي في الحركية المستمرة من الأولى إلى الثانية والعكس صحيح، يوضح كيف تنعكس التطورات في التنظيم الجماعي على التجربة الذاتية للأفراد وكيف، في المقابل، تنفتح هاته التجربة الذاتية على التحولات الجديدة في التمثلات وفي التصور لوضع اللمسات على التجربة الجماعية داخل الجماعة. لذلك، يتم تقديم جميع أعمال غوشيه على أنها "أنثروبولوجيا سياسية". فالأنثروبولوجيا السياسية، ليس فقط بذلك المعنى الضيق، القريب من أرسطو الذي كان يشير إلى أن الإنسان حيوان سياسي مهمته المشاركة في الحياة المدنية، ولكن بمعنى أكثر جوهرية: حتى في التجربة الخاصة بنفسه وحتى في علاقته مع ذاته، صيغ الفرد وتشكل من خلال أسلوب الكائن-الجماعة الذي جعله يتأنسن. ومن ثم، فإن الفكرة التوجيهية هنا هي أنه «يوجد، على مستوى عميق لا علاقة له بالتجهيزات الخارجية/الظاهرية [...]، تمفصل بين الكائن-الذات والكائن-الجماعة الذي يمنع انفصالهما وارتدادهما على حد سواء بشكل تناظري على بعضهم البعض[3]». وبالتالي ما يقترحه هذا الافتراض هو أنه لا يمكن التفكير في هذا التمفصل لا باعتبار تلك العلاقة بين الأمرين اللذين سيكونان مستقلين عن بعضهما البعض؛ ولا كمحاكاة بسيطة لوجود واحد، بطريقة ما، ناسخ للآخر أو العكس. ليست علاقتهما علاقة خارجانية ولا علاقة هوياتية، بل علاقة داخلية جدلية: شكل الكائن-الجماعة مكونا جوهريا في العلاقة مع الذات، والعكس صحيح. تكمن الصعوبة برمتها في تحديد ملامح وطرائق هذا الانتماء للمجالين الجماعي والفردي.
إن النتيجة الطبيعية لهذه الأطروحة الأساس هي أنه يقابل كل شكل من أشكال الكائن-الجماعة، وكل نظام نوع من الإنسانية ونوع أنثروبولوجي خالص. «هناك منطق اجتماعي وسياسي للعالم الديمقراطي، ولكن هناك أيضا أنثروبولوجيا ديمقراطية[4]». لرسم صورة عامة، وبطريقة أكثر دقة مما فعله غوشيه طوال أعماله، فإن "الأنثروبولوجيا الديمقراطية"، هذه هي الغاية المتواضعة لهذه المساهمة التي لا تُفهم في حد ذاتها بديلا لخطاب صاحب كتاب نزع السحر عن العالم، تاريخ سياسي للدين[5]، الذي يدعونا إلى قراءته على نطاق أوسع.
يتشابك الحديث أدناه بين خيطين لا يمكن فصلهما بوضوح تام. من ناحية، ذاك الأكثر منهجية لنمط هذا "التمفصل بين الكائن- الذات والكائن- الجماعة" ومن ناحية أخرى، فالأهم من ذلك، توضيح الأنثروبولوجيا الديمقراطية. ولكن، في بادرة الأنساب، يبدأ عبر الاستناد إلى التحول لعمل الشخص الذي، لسبب وجيه، يمكن للمرء أن يرى فيه أحد أهم المصادر الفكرية لفكر غوشيه، ألا وهو أليكسيس دو طوكڤيل. هناك دليلان كافيان لتبرير هذا الانعطاف/التحول، حيث تشهد على ذلك الدراسة المهمة التي نشرها غوشيه في سنة 1980 في مجلة حر Libre على الأهمية الجوهرية لفكر صاحب كتاب "الديمقراطية في أمريكا"[6]. بالإضافة إلى ذلك، فإن القارئ الذي يتردد على كتابات هذين المفكرين لا يمكنه إلا أن يفاجأ بالتشابه الموجود بين الموضوع الطوكوڨيلي المتمثل في "المساواة في الشروط"، حيث يرى طوكڤيل أنه «[...] كلما تقدمت بي دراسة المجتمع الأمريكي ازددت ثقة بأن هذه المساواة في الأحوال الاجتماعية هي الحقيقة الأساسية التي يبدو فعلا أن سائر الحقائق الجزئية مستمدة منها[7]»، وهذا ما نجده عند غوشيه في مفهوم "اختزال الغيرية". لذلك، إذا كان "نزع السحر عن العالم"، وفقا للنوايا الصريحة التي ذكرها المؤلف، بمثابة إحياء وتوسع هائل للفكرة التي طرحها ماكس ڨيبر، فيمكن أيضا قراءته على أنه امتداد وإعادة تخصيص الفكرة الطوكڤيلية للمساواة في الشروط.
1-الإنسان الديمقراطي حسب طوكڤيل
يرى طوكڤيل أن المساواة في الشروط هي الحدث المنتج للديمقراطية. منذ البداية، أكد في مقدمة كتابه أن نطاق هذا الحدث التوليدي «[و] سرعان ما اتضح [لي] أن التأثير البالغ لهذه الحقيقة ذاتها قد امتد إلى نزعة الدولة في السياسة، كما امتد إلى قوانينها، وتجاوزها إلى غيرها. ولم يكن تأثيرها في المجتمع المدني بأقل منه في الحكومة، فقد خلقت هذه الحقيقة آراء جديدة، وولدت في الماس عواطف شتى، واستخدمت عادات، وعدلت ما لم تجده وبدلت فيه[8]». بعبارة أخرى، هذا هو الهدف الأسمى للديمقراطية في أمريكا، حيث يتعلق الأمر بالنسبة لطوكفيل أن يستكشف، في جميع أبعاد الحياة السياسية والاجتماعية، حتى الحياة النفسية والعاطفية (المعتقدات والمواقف ومشاعر الرجال الديمقراطيين) التحولات التي أحدثتها المساواة في الشروط كحقيقة منتجة، أي كحقيقة توليد كاملة. فيما يتعلق بإسهام طوكڤيل، نستحضر بشكل أساس النص التالي: «ففي الأمم الديمقراطية تظهر أسرات (أسر) جدد باستمرار، وتختفي أخرى وكل ما تبقى من الأمم القديمة تتغير أحواله ومظاهره، فخيوط الزمن تتقصف كل لحظة، وتنمحي آثار الأجيال. [...]. لقد صاغت الارستقراطية سلسلة من جميع أعضاء المجتمع، تبدأ من الفلاح وتنتهي بالملك، فجاءت الديمقراطية وحطمت هذه السلسلة وفصلت كل حلقة فيها عن الأخرى[9]». هذا النص يدفعنا إلى الملاحظات التالية:
الملاحظة الأولى: على المستوى المنهجي: يتم تمييز الديمقراطية من خلال انعطاف مُقَارَن. بعبارة أخرى، لا يمكن النجاح في عملية استيعاب ما هو خاص بنظام ما، لشكل من أشكال المجتمع إلا عندما يتمكن السياسي من وضع أصبعه على ما يعارضه، أو على الأقل يميزه عن نظام آخر. إن ما تعنيه المساواة في الشروط باعتبارها حدثا توليديا إلا بالقدر الذي لا يمكن إثبات نظام سياسي يتميز بحدث توليدي ذي طبيعة أخرى.
الملاحظة الثانية: نلاحظ أن المعارضة التي أبرزها طوكڤيل هنا بين الديمقراطية والأرستقراطية تخص شكل الرابط الاجتماعي. في المرحلة الثانية، يتم تقديم الصلة بين الناس على أنها "سلسلة" تربط جميع الأفراد "من الفلاح إلى الملك". تتيح العبارة التالية، التي تقدم مصطلحا للمقارنة بالديمقراطية فَهْما بشكل أفضل لطبيعة هذه السلسلة: يخبر طوكڤيل في الواقع أن "الديمقراطية تكسر السلسلة وتفصل كل حلقة عن بعضها البعض". هذا ما يوحي به المجاز بشدة أن الرابطة التي، في ظل الأرستقراطية، تجمع الناس معا في رابطة ضيقة للغاية وعمودية على حد سواء. ضيقة: لأنه لا يوجد استقلال للإنسان عن المجتمع الأرستقراطي؛ فهو وعائلته مسجلون على أرض ولا يحق لهم بموجب القانون مغادرتها. بل أكثر من ذلك، كما هو الحال على أرض الزعيم، فهو في حد ذاته مِلْكا للزعيم تقريبا. لذا، فإن رفض هويته أو انحداره، بالنسبة لإنسان المجتمع الأرستقراطي، لا يعني ذكر اسمه بقدر ما يعني التقليل من نسبه وتعلقه بالسيد.
لكن هذه الرابطة ليست ضيقة فحسب، بل لا تزال عمودية. كما يشير طوكڤيل بوضوح، فإن هذه السلسلة "ترتقي" من الفلاح إلى الملك. إن استعارة "الترقي" تشير بوضوح إلى عدم المساواة في الحالات المختلفة - أو "الشروط" الأفضل - التي تميز المجتمع الأرستقراطي. فعدم المساواة في الشروط، أي ليس بحكم الواقع فقط – يمتلك زيد سلطة أكبر وأكثر حظا من عمرو - ولكن عدم المساواة في القانون: بحكم ولادته، يتمتع زيد بحقوق وامتيازات لا يتمتع بها عمرو أكثر لأنه لا يستطيع الوصول وذلك بحكم دونية رتبته.
لقد حاولنا الوقوف قليلا عند هذا التحليل المعروف جيدا عند طوكڤيل لأنه يبدو لنا أنه يقدم لنا نقطة تثبيت ممتازة لنشر فكرة المساواة في الشروط التي يدعي أنها في قلب الثورة الديمقراطية. لقد أشار في الديمقراطية إلى أن السلسلة مكسورة والحلقات متفرقة. فالنقطة الأولى إذن: يتم تخفيف الروابط الاجتماعية. بمعنى آخر، يتم إدخال مجموعة من القواعد في العلاقات الاجتماعية. لم يعد الفرد تابع لشخص آخر أو يعتمد عليه بشكل دقيق وحازم. هذا لا يعني بالطبع أن الناس يعيشون بعد الآن في استقلال تام عن بعضهم البعض. بل يدل ذلك على أن روابط التبعية تميل منذ اللحظة الأولى، وبشكل عارض، إلى أن تصبح متعددة، وقابلة للتفاوض، وقابلة للاستبدال، إلخ. وبالتالي، يتم إلغاؤها بطريقة ما باعتبارها تبعية. يدفع ذلك إلى القول إن الناس يتمتعون منذ الآن باستقلالهم: لم يعودوا خاضعين للسيد الذي يعتمدون عليه في كل شيء، بل يتمتع كل منهم بحرية التصرف، وبمجال الاستقلالية الذي على أساسها يمارس، كحق، سلطة تقديرية في حدود احترام هذا الحق نفسه مع الآخرين المشابهين له. لكن فك الارتباط والفصل بين كل واحد إلى جانب الآخر له نتيجة طبيعية للمساواة في الشروط. إذن، مماذا يتألف عدم المساواة في الشروط في المجتمع الأرستقراطي؟ ولا يجوز بأي حال من الأحوال غير هذا، أي حق للمرء في التصرف في الآخر دون الاضطرار إلى أن يكون مسؤولا أمامه، وبالطبع وجود تلك السمة غير المتكافئة لهذه العلاقة.
ولهذا، يمكن القول إن الاستقلال الديمقراطي لا ينفصل بالتحديد عن المساواة في الشروط، وذلك أن التمتع بالحق في التصرف بالذات يعني، في نهاية المطاف، أن كل شخص، ضمن الإطار الذي تحدده القوانين، يتمتع بحق متساوٍ؛ وذلك باتخاذ القرارات المتعلقة بوجودهم (سواء الالتزام بالعقد أو عدمه، واختيار المهنة، واختيار الزوج، وما إلى ذلك)؛ حيث لا يستطيع أي شخص أن يقرر أهم الشروط في حياة الآخرين؛ وأن كل منهما محمي في استقلاليته وحريته على قدم المساواة بمجموعة من القوانين المتساوية بين الجميع. ما تقترحه هذا المقاربة هو وجود صلة وثيقة جدا بين الحرية/الاستقلال والمساواة في مجتمع ديمقراطي، وعلى العكس من ذلك، نلاحظ وجود صلة وثيقة بنفس القدر بين المبدأ التراتبي والاعتماد المتبادل. من حيث الجوهر، فإن المساواة، في مقاربة طوػڤيل، تعني أيضا أن تكون حرا ومستقلا، أو أن يتم استخدام اللغة اللوكية (نسبة إلى جون لوك)، وأن تكون مالكا لنفسك: هناك مجال خاص بك ولا يحق لأحد التعدي عليه.
2- مارسيل غوشيه: من الشروط المتساوية إلى إخضاع الغيرية
ينضم مارسيل غوشيه إلى الخط التأويلي الطوڭيڨيلي، وهذا ما يُشار إليه، في "الشرط الديمقراطي" بشكل لا لبس فيه في الطريقة التي يلخص بها الغرض من موضوع كتاب "نزع السحر عن العالم": «لقد سلطت [ثمة] الضوء[...] على الظاهرة المزدوجة التي ميزت الخروج الحديث من الدين: من ناحية، اختزال الغيرية في الفضاء الإنساني-الاجتماعي الذي شكل الأساس لديناميكية المساواة ومن ناحية أخرى استدخال/استيعاب internalisation لنفس هذه الغيرية التي شكلت النابع الرئيس للاضطراب المعاصر للأشكال الذاتية[10]». بيد أن مارسيل غوشيه ذهب، في الآن ذاته، إلى أبعد من ذلك. في الواقع، بينما رأى طوكڤيل في السير نحو المساواة العامل المنتج للديمقراطية، وبعبارة أخرى العامل المنتج وراء الإطاحة بالمجتمع الأرستقراطي، فإن فيلسوفنا، من جانبه، يربط ديناميكية المساواة بما يدعو إلى اختزال الغيرية، هذا الاختزال أدى إلى استيعابها. يعني أن اختزال الغيرية يتمثل في إعادة التملك التدريجي من قبل الناس لمصدر نظامهم وشكل الكائن ـــــــ الجماعة. في حين يتم في المجتمع الديني طرح هذه الأمور في مكان آخر لا يملك الناس السلطة عليه، وبالتالي يقع الاغتصاب الجذري للناس بناء على نظامهم - وبالنسبة إلى غوشيه، فإن نوع المجتمع الذي ينشأ بامتياز في هذا الاغتصاب الراديكالي هو مجتمع بدائي[11]- في العصر الحديث، على العكس من ذلك، لم يعد هناك أي نوع آخر متعالٍ من المناسب ربط نظام التعايش والتمسك بالعالم. وإذا كان ذلك بفضل الدولة - هذه الدولة التي أخبرنا غوشيه أنها كانت المحول المقدس الأول وأن نشأتها على هذا النحو يشكل «الحدث الرئيس في تاريخ البشرية[12]» للامساواة في الشروط - تم إنشاء شكل من أشكال المجتمع التراتبي، وهو مجتمع يتميز بالتبعية والتسلسل التراتبي -، ذلك لأن إنشاءه كان مرتبطا بتشييد طبقة من المتخصصين في المقدس، بطريقة مرتبطة بالأساس المفارق (الآلهة، الله) وأنهم وضعوا أنفسهم على أنهم وسطاء بين "الغيرية المفارقة والعالم البشري"؛ أو بشكل أدق؛ لأن مهمتهم كانت لجعل هذا العالم البشري متماسكا، وأن هذا التماسك لا يمكن أن يكون فعالا إلا من خلال تحديد وجود غيرية أخرى مؤسسة في قلب المجتمع، ويتمتع مستأجروها بالهيبة والسلطة الممنوحة لهم من قبل "قربهم" من الأصل. حيث نجد أن الاستعارة الطوڭيڨيلية المزدوجة للسلسلة والترقي من القاعدة إلى القمة، يحتل فيه الوسطاء بين الناس ومصدرهم المؤسس هذه القمة. وبالتالي، فإن قوة واهتمام مقاربة غوشيه تكمن في إعادة إدخال المجتمع الأرستقراطي لطوڭڨيل في تاريخ أطول بكثير وتقديم تأويل يسمح بإعادة وضعه في التاريخ السياسي للإنسانية، والذي يُفْهم مرة أخرى، بالنسبة لـغوشيه، مثل الاختزال التدريجي للغيرية، أو ربما الأفضل، مثل إعادة التملك وإعادة إدماج الغيرية في العالم الإنساني والاجتماعي.
تتقارب استنتاجات هذين المفكرين من نواح عديدة: في الواقع، فإن نتيجة هذا التطور، بالنسبة لكليهما، تتمثل في إنتاج المساواة في الشروط مع الخصائص المطروحة في كتاب "الديمقراطية في أمريكا": المساواة والاستقلال وتمتع الأفراد بمجال من السيادة التي لا يشرف عليها أحد، إلخ. ومع ذلك، فإن تحليل غوشيه لا يقف عند هذا الحد. والسبب، بالنسبة له، هو أن بُعد الغيرية غير مؤهل. هذه الإشارة إلى الغيرية/ الآخرية، وإلى الخارج الذي يُحدَّد الإنسان منه ذاته، تبدو له كمتعالٍ، وكخاصية أساسية للعقل الإنساني. والنتيجة هي أنه، بعيدا عن كونه خروجا من تدبير الغيرية، ينبغي بالأحرى فهم الخروج من الدين على أنه «انكفاء وتحول لتدبير عام للآخرية/الغيرية في تدبير آخر[13]». عموما، فالحداثة الديمقراطية، المتميزة بإعادة التملك من قبل الناس لمبادئ نظامهم، من خلال وضع المجتمع الخاضع لذاته، لا تشكل إلى حد كبير نهاية نظام الغيرية مثل إنشاء شكل جديد للغيرية، أو بشكل أدق مثل الانتقال من نظام إلى آخر عن طريق إعادة تنظيم العناصر التي شكلت المجتمع الأرستقراطي.
3- الحداثة بوصفها استيعاباً للغيرية
ولكن مماذا تتكون هذه الغيرية، إذا كانت الإنسانية لا تنقذف أكثر في الغيرية المتعالية، وإذا لم تدرك أكثر بوصفها خاضعة لمصدر متعالٍ؟ كان رد غوشيه أنه في الوقت الراهن يتم استيعاب هذا الغيرية؛ وأضحت داخلية في الإنسان نفسه: تقيم هذه الغيرية حاليا بين الناس والأفراد على حدٍ سواء. أنا لم أطل في مقاربة الأول، فاكتفيت فقط بالإشارة إلى الانقسام والمواجهة السياسية، وهذا الانقسام الذي يشير إلى حدوث انكسار داخل الذات الاجتماعية، ليس في واقع الأمر، إلا ذلك الانكسار الذي لا يمكن بسببه للذات الاجتماعية أن تتحد بأي شكل من الأشكال مع ذات جماعية حاضرة بذاتها على الفور. أحاول هنا الاهتمام بمقاربة سؤال الفرد الديمقراطي ووظيفة الغيرية فيه. لكن في الواقع، فإن الغيرية داخل الفرد تشبه انكسار الغيرية داخل المجتمع: كما أن الانقسام الداخلي داخل المجتمع هو الذي يجعل الآخرين بالنسبة لذواتهم بصفتها ذات جماعية، كذلك فإن الانقسام الداخلي داخل الذات هو الذي يجعل الفرد فردا آخر لذاته. يعمل هذا البعد للغيرية، لدى الفرد، عبر إزالة الشكل الكلاسيكي للذاتية التي تتميز بالوعي والشفافية للذات (كوجيتو ديكارت، أعتقد لكانط، والأنا الڨيتشية)، هذا العزل الذي يحدث اعترافا بفضل الاستعراف باللاوعي. هذا ما يشير إليه مارسيل غوشيه في النص التالي: "إن "تغيير المسار في تمثيل الذاتية [حوالي عام 1900] والذي لا ينفصل انبثاق العلامات اللاواعي عن تغيير الحجم نفسه في تمثل النظام السياسي والاجتماعي [...]، وهو تغيير يتوافق مع إقامة نمط آخر من الذات الجماعية، متماثل رسميا مع النمط الجديد للذاتية الشخصية»[14].
سنتوقف عند هذه النقطة؛ لأنها تبدو ضرورية للغاية. في التخييل التنويري، كان من الضروري والكافي السماح للإنسان باستعادة سلطته الكاملة على ذاته، لتحرير نفسه من القوى التي سيطرت عليه وكذلك من الخرافات التي كانت تكبله. كان يعني، من ناحية، الإطاحة بالسلاسل البشرية التي يمثلها المستبد، ومن ناحية أخرى الحصول على الحرية الكاملة في التفكير والفهم. شكل كل من "العقد الاجتماعي" لجون جاك روسو وكتب إيمانويل كانط أشكالا رمزية لهذه الرؤية لإنسان يستعيد استقلاليته الكاملة في ظل الشكل المزدوج للمواطن وموضوع المعرفة والتفكير. أُنْجزت هذه الاستعادة، وسوف تتحقق الإنسانية في ذاتها في كل مكان حيث إن الغيرية، الغرابة عن ذاتها، سيتم تجاوزها، إن لم يتم إلغاؤها. ومع ذلك، فإن ما يقترحه غوشيه هو أن هذه الرؤية لم تتحقق: بعيدا عن الظهور بوصفه التملك الكامل للذات، يبدو أن المجتمع الديمقراطي عاجز إلى حد كبير عن السيطرة على ذاته، وذلك بسبب هذا الانقسام الذي لا يتوقف عن التمزق وبصرف النظر عنه وجعله آخر لذاته. على الجانب الفردي، تبدو الأشياء متجانسة: انقسام في حد ذاته عبر اللاوعي، ولا يتوقف الفرد أن يطارده باستمرار من قبل فرد آخر لا يراقب ولا يستطيع التحكم فيه.
لكن التماثل يذهب أبعد من ذلك؛ فبناء على هذه الغيرية الداخلية، لا يمكن للمجتمع، بوصفه موضوعا جماعيا، أن يستغرق في تمثل ذاته. في المعجم الغوشوي، يتضح أن المجتمع "غير قابل للتغير أو التمثل أو التخييل"، والذي يجب أن يُفهم من خلاله أنه لا يمكن أن يعرض نفسه في أي شكل محدد يمكنه أن يبرز ذاته فيه، ويشير إلى هدف يمكن السير نحوه، وهذا، في الوقت ذاته، ما يصر عليه غوشيه مطولا في كتابه "نزع السحر عن العالم" على أن الطابع الزمني الخاص والمناسب للديمقراطية هو المستقبل. ومن أجل صياغة الأمور على نحو فضفاض، يمكن القول بالتالي إن الديمقراطية يحددها المستقبل، لكن مستقبل لا يمكن أن يعطي لنفسه أي تمثيل له. بهذا المعنى، يمكن مقاربة تميُّزها بتوصيف كلود ليفورت عندما جادل هذا الأخير في أن ما يحدد الديمقراطية الحديثة هو الغموض[15]، وباختصار، يستحيل قيام المجتمع الديمقراطي عبر إعطاء لنفسه مجموعة من المبادئ المحددة والحازمة التي يجب إلى ما لا نهاية أن يكون النقاش حول العادل والظالم والخير والشر بالضرورة بلا حدود.
على الجانب الفردي، يُلاحظ أن الوضع مرة أخرى متماثل. ومن أجل إظهار ذلك بوضوح، يجدر العودة إلى الحالة السائدة في المجتمع ما قبل الحداثة. في الواقع، ما يشير إليه بقوة تحليل ومقاربة طوكڤيل الذي ذكرناه أعلاه - ولكن الملاحظة نفسها صالحة أيضا بل تنطبق على قدم المساواة على المجتمع البدائي أكثر - هو أنه بحكم السلسلة المنسوجة بين الناس، كل واحد، في هذا المجتمع، يحتل مكانا تحدده ولادته. إذا كانت حياة الأفراد تتسم بالتبعية المتبادلة، فإنها تتميز أيضا بغياب جذري لعدم اليقين، ليس بالطبع على مستوى الشرط المادي، ولكن على مستوى المكان والدور الذي يتعين القيام أو الوفاء به داخل المجتمع ككل: أُسنِدت إليهم منذ ولادتهم. في المجتمع الديمقراطي، ينقلب الوضع: يكتسب الفرد استقلالا هائلا فيما يتعلق بالجماعة، ولكن من ناحية أخرى، لم يعط أي مكان مخصص له، ولم يقدم أي توجيه له بشأن ما سيمنح معنى لوجوده، ولا لكيفية الإجابة على سؤال "من أنا؟". لذلك ينبغي القول إن الفردانية في الديمقراطية، لم تعد مجرد هدف - على النقيض من عرضها المتميز من قبل فلاسفة التنوير العظماء - بقدر ما هي التزام بحكم الأمر الواقع.
لا خيار للفرد الديمقراطي: ينبغي أن يكون مستقلا، ويتوجب أن يتحمل المسؤولية عن ذاته، كما ينبغي أن يكون فاعلا في حياته الخاصة وفي مساره وحياته المهنية. بينما كانت حياة الفرد في المجتمع الأرستقراطي، في الغالب، محددة من الخارج من خلال التشكيل العام والمكان الخاص الذي يشغله الفرد. على العكس من ذلك، لم يعد الخارج في المجتمع الديمقراطي يعطي أي إجابة -على أي حال لا يوجد جواب محدد- على سؤال "ماذا يتوجب أن أفعل؟"، فأصبح الفرد منذ اللحظة وحيدا مع هذا السؤال، وينبغي أن يجيب عليه بنفسه وانطلاقا من نفسه وحده.
في عقود ما بعد الحرب، تلك التي تسمى الثلاثين المجيدة، كان الوضع أقل إشكالية بسبب التوسع الاقتصادي القوي الذي ميز هذه الفترة وكذا العمالة الكاملة التي كانت نتيجة طبيعية لها. ومع ذلك، حتى لو كان الحراك الاجتماعي حساسا تجاهها، فإن ثقافة التراث السوسيو-مهني كانت لا تزال حية إلى حد كبير هناك. فالطبقة العاملة ليست مجرد شرط مهني، بل إنها بيئة كاملة من الانتماء والتقليد والاتصال وكذا التضامن. بهذا المعنى، يمكن القول إن الغموض وعدم التمثيل أو التخييل تجعل آثارهما محسوسة هناك بقوة أقل. أن تكون عاملا هو هوية اجتماعية قوية تسمح للفرد بالتمركز والتموضع بوضوح تام داخل المجتمع. فمع أزمة الثمانينيات، وأزمة العمالة، ثم أزمة دخول الشباب إلى سوق الشغل، والأزمة السياسية والاقتصادية، ومع الانخفاض النسبي في توظيف العمال، بدأ نموذج إعادة الإنتاج الاجتماعي يضيق ويتعثر. من الواضح أن مسار الابن والابنة لا يمكن أن يكون متطابقا مع مسار والديهما، وهذا لا يعني أن هذا المسار يعني بالضرورة ارتفاعا في الحركية. فالنقطة الحاسمة هي أن مسار الآباء، بشكل أقل، لا يقدم أي معايير لمساعدة أبنائهم على الظهور في صورة تعكس ذواتهم ويمكن أن تدعمهم في بناء أنفسهم.
في قلب الحياة الجماعية وكذلك الحياة الفردية، تقيم هناك حالة من عدم اليقين هائلة. وبالطريقة نفسها التي لا تستطيع الذات الجماعية أن توقف هوية من شأنها أن توضحها بشكل مناسب، حيث لا يمكن للفرد أن يعطي إجابة عن السؤال "ماذا يفعل؟" الذي يمكن أن يملأ حاجته للمعنى. وبالفعل، لا شيء يمكن أن يسد فجوة البحث عن المعنى، كما يتضح من رواج العصر الجديد؛ رواج متجه بلا شك إلى أن تظل أمامه أيام مزدهرة. ولكن ما يشهد عليه هذا الرواج بالتحديد هو عدم الأمان الأكيد الذي هو مصدر هذا الطلب على المعنى، وهو مطلب لم يعد النظام الجماعي يملأه لأن، كما يوضح غوشيه بشدة، السياسة المعاصرة، التي تميزت بنهاية العلمانية المقدسة - من تلك العلمانية التي كان لا بد من إخضاعها وضمانها ضد القوى الظلامية للـ "كاثوس" cathos الانتقامية والرجعية - أو حتى بواسطة علمنة العلمانية، وبالتالي لم تعد السياسة المعاصرة تحمل أي وعد بالخلاص الأرضي. وللسبب نفسه، فإن الحياة المهنية، مهما كانت ناجحة، لا تكاد تلبي حاجة الفرد إلى المعنى؛ لأنه بالنسبة إلى معظم الناس من الصعب الرؤية في الخدمة التي يتم تقديمها للمواطنين نشاطا له معنى. يتضح هذا أيضا، على الطرف الآخر من الحياة الاجتماعية، من خلال ظاهرة المعاناة النفسية - التي ذكرها على نطاق واسع آلان إهرينبرغ في كتابه التعب من أن تكون ذات[16] - والتي يمنحها غوشيه مكانا مهما للغاية في قراءته للحداثة الديمقراطية.
في نظره، ما يشير إليه علم النفس المرضي قبل كل شيء هو هروب الفرد نحو الذات، ووجود غيرية متعذرة وغامضة في قلب الموضوع نفسه؛ هذه القوة الموجودة في قلب الأنا هي التي تجعلها تتصرف أكثر مما لا تفعل، بحيث يكتشف الفرد نفسه كلعبة قوى ثابتة حتى وإن كان موضوعا، وذاتية رئيسة في ذاتها. وهذا ما يؤكد غوشيه عليه في النص التال: «الفرد المتحرر هو كائن نذر ذاته لاكتشاف العبودية الداخلية وللصراع مع نفسه[17]». من الواضح أن التحليل المقترح هنا، الذي يتابع في معظمه ملاحظات غوشيه، لا يبرز بطبيعة الحال صورة شاملة للفرد الديمقراطي. ومع ذلك، فإن هذه الصورة كافية لهدف ما. يكفي، على وجه الخصوص، إبراز الحاجة إلى تحليل يرتبط بعكس الخطاب الأيديولوجي الذي يسود، أي بخطاب الرعاية والمسؤولية والاستقلالية وتنمية قدرات الفرد، إلخ، كل خطاب يقتصر على مصاحبة الفردانية المفروضة اجتماعيا للمرحلة المعاصرة.
ينبغي، على وجه الخصوص، الاحتفاظ بالحاجة، من أجل فهم المجتمع، وألا يتم نسيان التشكيك في الخلفية، وقبل كل شيء الأمراض النفسية. من البيان أن العمل الذي بدأه فوكو حول عالم الجنون والأمراض العقلية حول الطريقة التي يعتني بها المجتمع بهذه الأخيرة، والعمل الذي يواصله اليوم على وجه الخصوص آلان إهرينبرغ، ينبغي أن يستمر ويؤخذ في الاعتبار. من قبل أولئك الذين يريدون الإمساك بالإنسان الديمقراطي حتى في العلاقة الخاصة التي يقيمها مع نفسه. ومن لا يفهم هذا الإنسان من الداخل، والذي لا يفهم تجربته في النفس، وبالتالي ما الذي يحركه وكذلك ما الذي يعذبه، فلا يستطيع لهذا الفرد، في نهاية المطاف، أن يفهم تماما ما يحدث في الديمقراطيات المعاصرة.
عموما، فإن المعلومات المذكورة أعلاه تبدو كافية لإثبات هذه النقطة، ربما متواضعة ولكنها مع ذلك حيوية وأساسية. فالإنسان الديموقراطي المعاصر، المنفصل والمستقل الذي يتمتع بحقوق تضمن مجاله الخاص، لذلك فإن هذا الإنسان ليس فخورا بالبحث عن استقلاله بقدر ما يرى نفسه مدعوا إلى جعل نفسه مستقلا، وحرا من أجل تجنب أن يكون عبئا - لذلك، كما يلاحظ غوشيه، تبدو الفردانية المعاصرة «مفروضة أكثر مما هي مطلوبة»، وهي «تتماشى مع عملية نقل لطاقة مفروضة من الخارج أكثر مما هي ناجمة عن تضاعف مفاجئ وغامض للطاقة الداخلية للأفراد. [...]. إنها تصدر عن تراجع الآمال المعقودة على الجماعي وما نتج عن ذلك من إعادة تشريع بنيوي لمنزلة الفرد[18]».
الخاتمة
تؤكد الخلاصة بكل وضوح ملحوظ الحاجة إلى تماسك قطبي الكائن-الذات والكائن- الجماعة. إن الأزمة الحالية التي تمر بها أوروبا هي تتويج لسيرورة استمرت قرونا من الزمن. لقد حاول مارسيل غوشيه تبيان مدى التحول الذي حصل في التاريخ الأوروبي في القرون الخمسة الماضية وحتى اللحظة الراهنة خاصة على مستوى الفردانية والغيرية. كما عمل على مقاربة موقف أليكسيس دو طوكڤيل للشروط الإنسانية. كما حاول الوقوف عند الفرد الديمقراطي ومدى السيرورة التي مر بها لكي يكون مستقلا بذاته ولذاته.
الببليوغرافيا
*- المراجع بالعربية
- أليكسيس طوكڤيل، الديمقراطية في أمريكا: الجزء الأول والثاني، ترجمة وتعليق أمين مرسي قنديل، تصدير محسن مهدي، منشورات عالم اكتب، القاهرة، دون تاريخ.
- مارسيل غوشيه، الدين في الديمقراطية. مسار العلمنة، ترجمة وتقديم د. شفيق محسن، مراجعة، د. بسام بركة، المنظمة العربية للنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2007
*- المراجع بالفرنسية
- Marcel Gauchet, « Freud: une psychanalyse ontologique » Textures (4-5 et 6-7): 115-156 et 69-112; 1972
- _____________ « Politique et société: La leçon des sauvages », 1975, in Textures (10-11 & 12-13): 57-86 & 67-105 ; 1977
- _____________ « La Dette du sens et les origines de l'État. Politique de la religion primitive » Libre (2): 5-43; 1981
- _____________ « Des deux corps du roi au pouvoir sans corps. Christianisme et politique » Le Débat 15 & 16: 133-157 & 148-168; 1985
- _____________ « Le mal démocratique », Esprit (octobre), 1993.
- Marcel Gauchet, & SWAIN, G. La pratique de l'esprit humain. L'institution asilaire et la révolution démocratique, Paris, Gallimard, 1980
- Marcel Gauchet, L'Inconscient cérébral. Paris, Seuil, 1992
- Le Désenchantement du monde. Paris, Gallimard; 1998
- La Religion dans la démocratie. Paris, Gallimard (Le débat), 1998
- Claude Lefort, L’invention démocratique, Paris, Fayard, Paris, 1981
- _____________ , Essais sur le politique. XIXe-XXe siècles, Paris, Seuil, Paris, 1986
- Ehrenberg Alain, La fatigue d’être soi, Dépression et société, éds. Odile Jacob, 1998
[1]- Gauchet, Marcel, « Politique et société: La leçon des sauvages », 1975, Textures (10-11 & 12-13): 57-86 & 67-105 ; 1977, « La Dette du sens et les origines de l'État. Politique de la religion primitive » Libre (2): 5-43; 1981, « Des deux corps du roi au pouvoir sans corps. Christianisme et politique » Le Débat 15 & 16: 133-157 & 148-168; 1985, Le Désenchantement du monde. Paris, Gallimard; 1998. La Religion dans la démocratie. Paris, Gallimard (Le débat), 1998
[2]- Gauchet, M. « Freud: une psychanalyse ontologique » Textures (4-5 et 6-7): 115-156 et 69-112; 1972, Gauchet, M. & SWAIN, G. La pratique de l'esprit humain. L'institution asilaire et la révolution démocratique, Paris, Gallimard, 1980; GAUCHET, M. L'Inconscient cérébral. Paris, Seuil, 1992
[3]- Gauchet, M. « Le mal démocratique », Esprit (octobre), 1993, p. 72
[4]- Ibid., p. 68
[5]- Gauchet, Marcel, Désenchantement du monde une histoire politique de la religion, éds. Gallimard, Paris, 1985
[6]- Gauchet, M. (1980), « Tocqueville, l'Amérique et nous. Sur la genèse des sociétés démocratiques » Libre (7), 43-120/
[7]- طوكڤيل، أليكسيس، الديمقراطية في أمريكا: الجزء الأول، (مقدمة المؤلف) ترجمة وتعليق أمين مرسي قنديل، تصدير محسن مهدي، منشورات عالم اكتب، القاهرة، دون تاريخ، ص. 15
[8] - المرجع نفسه، ص. 15
[9] - طوكڤيل، أليكسيس، الديمقراطية في أمريكا: الجزء الثاني، الباب 2، الفصل 2، ترجمة وتعليق أمين مرسي قنديل، مرجع سابق، ص. 473
[10]- Gauchet, M., « Le mal démocratique », op.cit., p. 69
[11]- Sur ce point, voir surtout Gauchet, M., « La Dette du sens et les origines de l'État. Politique de la religion primitive », Libre (2),1977, pp. 5-43
[12]- Gauchet, M., Le Désenchantement du monde. Eds. Gallimard, Paris, 1985, p. x.
[13]- Gauchet, M., « Le mal démocratique », 1993, op.cit., p. 70
[14]- Ibid., p. 71
[15]- Voir notamment Lefort, Claude, L’invention démocratique, Paris, Fayard, Paris, 1981, et Essais sur le politique. XIXe-XXe siècles, Paris, Seuil, Paris, 1986
[16]- Voir Alain Ehrenberg, La fatigue d’être soi, Dépression et société, éds. Odile Jacob, 1998.
[17]- Gauchet, M., « Le mal démocratique », op.cit., p. 75
[18]- غوشيه، مارسيل، الدين في الديمقراطية. مسار العلمنة، ترجمة وتقديم د. شفيق محسن، مراجعة، د. بسام بركة، المنظمة العربية للنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2007، ص. 99