في أصول النّظام العلاقات متماثلة أمْ هي متماثلة فقط؟
فئة : ترجمات
في أصول النّظام العلاقات متماثلة أمْ هي متماثلة فقط؟
فريزر ماكبرايد
ترجمة: حاتم الهادي السالمي
مقدّمة:
تتميّز العلاقات غير المتماثلة بالكثرة منظّمة الأشياء حيث يكون بعضها فوق بعضها، ومنظّمة الأحداث بشكل يسبق أحدها الحدث الآخر، وهكذا دواليك؛ ذلك أنّ حضورنا «في الكون» والمتصوّرات العلميّة للعالم والمجالات الخاصّة بها من فكر وقول هي أمور قويّة الاحتكام إلى العلاقات ومواصفاتها مكانيّاً وزمانيّاً وسببيّاً، وميكانيكيّاً، ورياضيّاً، وعرفانيّاً، والقائمة يصعب حصرها. فلقد كان إدراك حقيقة بعض العلاقات هو الذي دشّن عصر الفلسفة التحليليّة. فإدراك أنّ العلاقات موجودة ولا يمكن اختزالها هو ما مكّن راسل من اتّخاذ قرار ضدّ الوحدانيّة والمثاليّة لصالح التّعدديّة والواقعيّة (راسل: 1925-371). وإدراك أنّ العلاقات غير المتماثلة موجودة ولا يمكن اختزالها لا يفسّر كيف تؤثّر العلاقات في إنجاز ترتيب الأشياء والأحداث... إلخ بطريقة معيّنة بدلاً من طريقة أخرى. فقد اقترح راسل أصلاً تصوّراً لمعرفة كيف تتصرّف، إذاً، العلاقات غير المتماثلة عبر حمل سمة «الاتّجاه» صوب تلك الأشياء (راسل 1903: ص218).
وعلى الرغم من التزام راسل بهذه الرّؤية كان مهتزّاً لاحقاً، فسيكون من باب الإنصاف القول إنّ العديد من فلاسفة القرن العشرين، إمّا قد أخذوا بالرّأي القائل إنّ العلاقات غير المتماثلة لديها اتّجاه غير انعكاسيّ كثير أوْ قليل على الشيء، وإمّا أنّهم، ببساطة، اتّخذوا قدرة العلاقات على ترتيب الأشياء بطريقة أوْ بأخرى أمراً مفروغاً منه، وإمّا أنّ آراءهم، في الحقيقة، تتراوح بين هذه البدائل. وعلى خلفيّة هذه الحالة الرّاهنة غير المرضيّة إلى حدّ ما مَنَحنا فاين تصوّراً مختلفاً اختلافاً جذرّياً حول كيف ترتّب العلاقات غير المتماثلة الأشياء بطريقة أوْ بأخرى من جهة العلاقات المتبادَلة التي تحصل بين الحالات المختلفة، والتي يفضي إليها تطبيق العلاقات غير المتماثلة (فاين 2000). ولكن، حقاً، لا توجد حاجة إلى تبنيّ نتائج دعوة راسل إلى التوجّه أوْ إلى الخضوع للمتغيّرات الفكريّة التي يطالبنا بها تصوّر فاين. فكلّ ما نحتاج إلى فعله هو تبنّي ما يمكن أنْ يكون موصوفاً كشكل من أشكال «واقعيّة النعام»؛ أيْ الرّأي القائل كيف أنّ العلاقة غير المتماثلة تنطبق على روابطها -بطريقة أوْ بأخرى- هي علاقة نهائيّة وغير قابلة للاختزال، وأنّ أكثر التصوّرات جوهريّة في خصوص كيفيّة انطباق العلاقات على روابطها لا يؤدّي إلى أيّة مكاسب تفسيريّة حقيقيّة (ماكبريد 2013 أ).
وبطبيعة الحال، إنْ لم تكن هناك علاقات متناظرة في المقام الأوّل فإنّ هذا النّوع من الواقعيّة المنحسرة، إذن، يمرّ بجانب الحقيقة، فمن دون مثل هذه العلاقات لا يمكن وجود أيّ مبرّر لإغناء إيديولوجيا نظريّتنا للكون بالمفردات الأوليّة المطلوبة لوصف تطبيق العلاقات.
ولقد تمّ الاقتراح أو الاحتجاج من قِبل عدد من الفلاسفة المتأخرّين بمنْ في ذلك أرمسترونغ و«دوور» بأنّه لا توجد علاقات غير متماثلة ولا علاقات متماثلة، ولكن توجد فقط علاقات متماثلة.
ويبدو من غير المرجّح أنّهم على حقّ في هذا الشأن؛ إذْ يبدو، أبعد ممّا هو مألوف، انطلاقاً من وجهة نظر منهجيّة عامّة، أنّ هناك خطأ مخفيّاً في مكان من الأمكنة عادة ما يكون متاهة وحججاً مجرّدة ممنوحة من أجل زعم أنّه لا توجد فقط إلا علاقات متناظرة مقارنة بتلك التي يجب على أنظمتنا العرفانيّة والعلميّة والرياضيّة أنْ تصوّر لنا بمقتضاها عالماً غير متماثل العلاقات عندما لا يوجد، بالفعل، شيء (جيمس 1904). ولكن، من المؤكد أنّ الاعتراف بأنّ حجج أرمسترونغ و«دوور» يجب أنْ تكون خاطئة لا يعفينا من المهمّة الفلسفيّة لتحديد المواضع التي توجد فيها الأخطاء. وهنا أنا بصدد التّشمير عن سواعد الجدّ، وأسخّر جهودي للمهمّة المنوطَة بعهدتي. وبعد طرح الدّافع الأساسيّ لتبنّي نوع من الواقعيّة المنحسرة/ الضيّقة، سأجادل بأنَّ لا حجج أرمسترونغ ولا حتّى حجج «دوور» تعطينا أيّ أمر ملموس منطقيّ يسمح لنا بقول أدنى شيء حول موضوع العلاقات.
للاطلاع على تفاصيل الترجمة كاملة المرجو الضغط هنا