في الايمانِ تتحدثُ الأديانُ لغةً واحدةً
فئة : مقالات
في الايمانِ تتحدثُ الأديانُ لغةً واحدةً([1])
منذ عدة سنوات تنامى عددُ المؤتمرات والندوات والمحاضرات، التي تهتم بالتسامح والتعايش وقبول الآخَر والحوار بين الأديان، وهي ظاهرة صحية في فضاء تتفاقم فيه أزماتُ التدين، واحتلالُ الجماعات المتوحشة صدارةَ الصورة في الإعلام، غير أننا قلما نسمتع إلى حديث واقعي في مثل هذه الملتقيات، فمعظم من يتحدثون يكرّرون عبارات أضحت أقربَ إلى لافتات المجاملات في العلاقات العامة، عبارات لا تخلو من تمجيد وثناء. كلّ العبارات تشترك في القول بأن الأديانَ منزهةٌ من كلّ هذا العنف المتوحش المتفشي اليوم، وكلُّ متحدث ينزع إلى تبرئة ديانته ومذهبه من كلّ ما يمكن أن يسيء إلى الإنسان المختلف، على الرغم من أن الممارساتِ المتشدّدةَ تصدر عن أفراد متدينين ينتمون إلى جماعات دينية معروفة، وترفدها مدونات كلامية وفقهية معروفة.
لم تعد تبرئةُ الدين مفيدةً اليوم، المفيد هو قدرتنا على الاعتراف الصريح الذي لا يتجاهل الحضورَ الإعلامي المكثّف لنمط تديّن متشدّد يستقي منابعَه من التراث الديني، وتغذيه المؤسساتُ ووسائلُ الاتصال والماكينةُ الإعلامية التي تنتخب التراثَ المتشدّدَ المغلقَ، لتوظّفه في التربية والتعليم والتثقيف والإعلام.
الواقع الذي نعيشه اليوم يفرض علينا الاهتمامَ بدراسة الدين في سياق مكاسب العقل والعلم والمعرفة وتراكم الخبرة البشرية، ودراسةَ كيفيةِ نشأته وأنماطِ حضوره وصيروتِه عبر التاريخ، والانتقالَ في الدراسات الدينية من الرؤية التقليدية، التي كانت ترى الدينَ ونصوصَه المقدّسة مرجعيةً نهائيةً في تفسير وفهم كلّ شيء، إلى رؤية تُخضِع تعبيراتِ الدين وتجلياتِه في الحياة للفهم والتفسير، بوصفها تمثلاتٍ بشرية، وكلّ ما هو بشري يقع في مدارات عقل وعلوم ومعارف وخبرات الإنسان.
وإن كانت نصوصُ الدين مقدّسةً فإنّ تفسيرَها وتأويلَها وفهمَها كل ذلك يتجلى فيه الأفقُ التاريخي الذي يتموضع فيه الكائنُ البشري، ولا يمكن أن يكون ذلك الفهمُ عابراً للإطار المعرفي والثقافي لذلك الكائن.
وهذا يعني أن ليس هناك ديانةٌ أو نصٌّ ديني خارجَ طرائق عيش الإنسان وطبائع العمران، فالإنسانُ يخضع لمشروطيات تفرض عليه نمطَ حياته، وتؤثر في سلوكه، وهي: الجسد، العقل، اللغة، المشاعر، الغرائز، التربية، التعليم، الثقافة، الاقتصاد، السلطة، التاريخ، المكان. ولا يتجسد الدينُ في حياة الإنسان إلّا تبعاً لهذه المشروطيات؛ أي إن فهمَ الدين وتفسيرَ نصوصِه المقدّسة يتنوع بتنوع أنماط حياة الناس وطرائق عيشهم.
يمكن تطبيقُ المناهج العلمية في دراسة كلّ الأديان وفرقها ومذاهبها، فهي دائماً تولد نواتَها الجنينية في عصر مؤسسيها، لكنها تظلّ تتخلّق وتنمو في صيرورة لا تتصرم عبر الزمان والمكان، في سياق شبكات العلاقة العضوية بين السلطة والمعرفة، فكلّ سلطة تنتج معرفةً من جنسها، وهكذا كلّ معرفة تنتج سلطةً من جنسها. السلطة الروحية تنتج معرفتَها، وهذه المعرفة تنتج سلطتَها، وهكذا هو نسيجُ العلاقة بين المعرفة والسلطة السياسية.
الدين كائن حي ينمو ويتطور ويمرض، وربما يصاب بسرطان مميت. فربّ ديانة منفتحة انغلقت، وربّ ديانة منغلقة انفتحت. من هنا تأتي الحاجةُ إلى تتابع النبوات، والضرورات الأبدية لإصلاح الأديان وتجديدها. فليس هناك ديانةٌ تحتكر المحبةَ والحرياتِ والحقوقَ واحترامَ كرامة الكائن البشري، وليس هناك تاريخُ ديانةٍ منزّهٌ من التعصب والعنف وانتهاك كرامة الإنسان. في ميراث الأديان الإبراهيمية مثلاً لا يصحّ نسيانُ مظالم الفتوحات الإسلامية، مثلما لا يصحّ نسيانُ مآسي الحروب الصليبة، وجرائم الصهيونية في فلسطين.
وكما تؤثر الأديانُ في المجتمعات، تؤثر المجتمعاتُ في الأديان، فما فعلته روما بالمسيحية لا يقلّ عن فعل المسيحية بروما. وما فعله الأندلسُ بالإسلام لا يقلّ عن فعل الإسلام بالأندلس. لذلك لا يكفي الحكمُ على أخلاقية وإنسانية الديانة بما تشتمل عليه مدونتُها، وليس بشهاداتِ أتباعِها عنها، مهما ادعوا من انحصار الأخلاق والإنسانية فيها، وانما يتم ذلك بمقارنتها بالديانات الأخرى، مضافاً إلى اكتشاف مقدار تجلّي القيم الإنسانية لهذه الديانة وأخلاقياتها في سلوك معتنقيها أفراداً وجماعاتٍ في الماضي والحاضر.
الموقفُ الأخلاقي يفرض على أتباع كلّ دين الكشفَ عن أرشيفات الماضي، وإعلانَ كلّ ما يختبئ فيها، وفضحَ منابع التعصب والكراهية في تراثه مثلما يفضحها لدى غيره، والاعترافَ بأخطائه كما يتحدث عن أخطاء غيره.
إن دراسةَ الأديان ومقارنتها هي المعيارُ الحقيقي لاختبار وعود الأديان وادعاءات أتباعها. ولا يتحقق ذلك إلّا بالعودة إلى نصوصِها المقدسة، ومدوناتِها الخاصة الحافّة بهذه النصوص، فدراسةُ اليهودية تصحّ بالعودة إلى التوراة والتلمود، ودراسةُ المسيحية تصحّ بالعودة إلى الكتابِ المقدس "العهدين القديم والجديد"، ومقرّراتِ المجامع المسكونية، ودراسةِ الإسلام تصحّ بالعودة إلى القرآن وما هو ثابت من الحديث.
مالم يتسع حقلُ دراسة الأديان ومقارنتها لدى الباحثين في الدراسات الدينية، لا يمكن تصويبُ سوء الفهم والأحكام المسبقة، وحذفُ الكثير من الأخطاء المتراكمة في فهم أتباع ديانةٍ لمقولات ومعتقدات أتباع ديانةٍ أخرى، إذ تتوالد من سوءِ الفهم والأحكام المسبقة دائماً أحكامٌ إقصائية حيالَ الآخَر المختلف.
تؤهل دراسةُ الأديان ومقارنتُها الدارسَ لغربلةِ فهمه للدين وتمحيصِ تفسيراته لنصوصه المقدّسة، واكتشافِ الروافد العميقة المغذّية لمنابع المعنى فيه، والقيم الأخلاقية الكونية التي تسقي شبكات مقولاته ومفاهيمه المركزية.
تتكفل دراسةُ الأديان ومقارنتها ببيان مكانةِ كلّ دين، والأثرِ والتأثيرِ المتبادل بينه وبين الأديان الأخرى المنتميةِ إلى الجغرافيا الروحية ذاتها، واكتشافِ ديناميكية حضوره في حياة الشعوب المنتمية اليه. وأخيراً يمكننا عبر مقارنة كلّ دين بالأديان الأخرى أن نتعرّف إلى ذلك الدين من جديد. وبذلك يصح أن نقول: "من يعرف ديناً واحداً لا يعرف أي دين". كما قال الشاعر غوته من قبل: "من يعرف لغة واحدة لا يعرف أي لغة".
كذلك تعمل دراسةُ الأديان ومقارنتُها على الحدّ كثيراً من حالات الكراهية والتعصّب والتحجّر التي تصيب من ينغلقون على تراث المذهب الذي ينتمون إليه في ديانتهم، ولا يقبلون إلا فهماً واحداً لذلك التراث.
لا يولد السلام بين الأديان في فضاء الاعتقاد، وإنما يولد السلام بين الأديان في فضاء الإيمان، لأن المؤمنين في كلّ الأديان يستقون إيمانَهم من منبع مشترَك هو الحق، وإن تجلى لكل منهم في صور تتنوع بتنوع دياناتهم، وبصمة بيئاتهم، فيعيشون التجارب الروحية الملهمة للطمأنينة والسكينة والسلام ذاتها. الإيمان حقيقة يتجلى فيها جوهرُ الأديان والأرضية المشتركة التي تتوحد في فضائها، والشلال الملهم للحياة الروحية والأخلاقية فيها.
لا يتخلص الإنسان من نزاعات الأديان وحروبها إلا في فضاء الإيمان. في الإيمان تلتقي الأديان وتتعايش وتأتلف، بعد أن تكتشف شفرة اللغة الروحية الواحدة المشتركة التي يتحدث بها إيمانها، لكنها تتفرق وتختلف في الاعتقاد؛ لأنها تتحدث لغات شتى لا تفقه كل منها الأخرى.
الأديان تتصارع وتحترب لحماية خرائطها وتوسيعها، كما تتصارع وتحترب الدول لحماية خرائطها وتوسيعها. ففي الأديان تباين وتضادّ بين مختلفِ الصور الذهنية والمفاهيم والمقولات الاعتقادية، التي ينفي الكثيرُ منها الآخرَ. وكلُّ ديانة مسكونةٌ بتكريس مفاهيمها ومقولاتها الاعتقادية على أتباعها، وتعميمها على غيرهم.
الاعتقاد يرسم جغرافيا الأديان، ويضع الحدودَ الصارمة لها، والحدود بطبيعتها تنفي ما وراءها، ولا تقبل كلّ ما هو خارج فضائها. وذلك ما يبرّر الأفعالَ المتوحشة، مثل العمليات الانتحارية ضد الآخر المختلف. من هنا تأتي الحاجة إلى تحديث التفكير الديني، وتشتدّ الضرورة إليه في كل عصر يحتجب فيه الله عن العالم، من أجل تحرير الدين من الاغتصاب، وبعث الإيمان، وحماية الاعتقاد من الاستغلال في ما يدمر الحياة[2].
وتشتدّ الحاجةُ إلى دراسة الأديان ومقارنتها في الحوزات وكليات ومعاهد الدراسات الدينية، لأنها المؤسساتُ المسؤولةُ عن التكوينِ العلمي والتربيةِ الدينية لتلامذتها، وتأهيلِهم لممارسة تدريس الدين وتبليغه والكتابة فيه، وإدارةِ الشأن الديني، وهي مهمات ذات أثر هائل في بناء الحياة الروحية والأخلاقية في المجتمعات، وكلّ تعصّبٍ أعمى في فهمِ الدين، وتفسيرٍ عنيف لنصوصه المقدسة، من شأنه أن يبدّد الحياةَ الروحيَة ويهدر الحياةَ الأخلاقية.
وكانت حوزةُ النجف سباقةً في العصر الحديث في التعرّف إلى الأديان الإبراهيمية، فقد كرّس الشيخُ محمد جواد البلاغي (1282 - 1352هـ) جهودَه لنقد اليهودية والمسيحية، بالعودة إلى التوراة والأناجيل والتنقيب عن التحريفات الغريبة عن الروح الوحيانية فيها. وعلى الرغمِ من ريادةِ البلاغي في تدشينِ هذا الحقل البالغ الأهمية في الدراسات الدينية، هيمنَ المنهجُ الكلامي على كتاباتِه، ففرض عليها أن تتحدث لغةَ المتكلمين، وتحاكي استدلالاتِهم ومحاججاتِهم على إبطالِ دعوى الخصم، لذلك لم تتحرر مقارناتُه للأديان الإبراهيمية من منهج المتكلمين الدفاعي النقدي، فكان يُنقّب في نصوصِ الديانتين اليهودية والمسيحية عن المنحولِ والمحرّفِ واللامعقولِ.
لكن المسارَ الذي دشنه البلاغي توقف ولم يتواصل في الفترة اللاحقة، إثر عدة عوامل، لعل أبرزَها تغلبُ دراسة الفقه وأصوله على الدراسة والتدريس في الحوزة، والافتقارُ إلى التكوين في اللغات الأخرى، وما تعرض له رجالُ الدين والحوزة من تهجير وقمع وحصار جائر من نظام الحكم في العراق.
وفي حوزة قم استطاع صديقُنا السيد أبو الحسن نواب أن يؤسّس جامعةً للأديان والمذاهب تتسع لدراسةِ وتدريسِ ومقارنةِ الأديان الإبراهيمية وغير الإبراهيمية، باعتماد كتبها المقدّسة ومدونات أتباعها؛ بل اهتم السيد نواب بالبحث عن متخصصين من رجال هذه الأديان خاصة، لتعليم كتبها ومدوناتها، فدعا مثلاً للتدريس يهودّياً إيرانياً متخصصاً في التلمود لتفسيره للتلامذة الذين يدرسون الأديانَ الإبراهيمية في جامعته.
وهنا تأتي أهميةُ كتاب السيد وليد البعاج، وهو رجل دين ينبغي أن نحتفي بشجاعته؛ إذ يحاول أن يمضي وحده في مغامرة قد تقلّص فرصَه مستقبلاً؛ لأن ما يؤثر في مصائر الدارسين ويفرض مكانتَهم الدينية في الحوزة هو تكثيفُ دراستهم في مجال الفقه وأصوله، وعدمُ تبذير أوقاتهم في أي مجال آخر.
ربما ينزعج من مبادرة البعاج بعضُ زملائه من رجال الدين، وهم يرونه يمضي عدة سنوات متفرغاً لدراسةِ عزرا، والتعريفِ بأهمية دوره مؤسّساً بعد النبي موسى للديانة اليهودية. غير أن السيد وليد كان يدرك أن مثلَ هذه الدراسة لم تعد اليوم هامشيةً أو ثانويةً، يضيعُ فيها عمرُ التلميذ كما قد يتوهمُ بعضُهم، ذلك أن كلَّ من يتخصص في دراسة الفقه وأصوله عليه أن يتعرّف إلى فقه وأصول المذاهب الأخرى داخل ديانته، ويتعرّف إلى شرائع الأديان الأخرى، والإبراهيمية منها خاصة، وكيف أن اتساعَ حقل هذه الدراسات في الحوزة وكليات الدراسات الدينية من شأنه أن يضيء للدارسين المعانيَ الروحية والقيمَ الأخلاقية الكونية المشترَكة بين الأديان، ويبين أثرَ ذلك في وعي رسالة الأديان في العالم، وفتحِ قنوات التواصل والتفاهم بينها، بالشكل الذي يمكّنها من العيش معاً في فضاء التنوع والاختلاف.
لم ينصرف الباحثُ في هذا الكتاب لنقد معتقدات اليهودية، أو الردّ على مقولاتها المركزية، كما هو الحال في الكثير من كتابات دارسي الأديان من رجال الدين؛ بل كان مسكوناً بالتعرّفِ إليها من كتبها المقدسة ومدوناتها، والكشفِ عمّا هو وحياني فيها، بوصف الأديان الإبراهيمية تنتمي إلى عائلة إيمانية واحدة، لأنها تؤمن معاً بالله، وتتوحد في رسالة كونية مشتركة، وتقوم على قيم أخلاقية إنسانية كلّية، وتستقي من منبع إلهي واحد، وإن وحدتَها تتّسع للتنوع، وتنوعها لا يتنكّر للوحدة.
الجميلُ في الكتاب أن المؤلفَ ظلّ يحاول، في موارد متعددة، التفتيشَ عن محطات اللقاء بين الأديان الإبراهيمية (أو "الدين الإبراهيمي" وفق المصطلح الذي يفضله في تسميتها) ليكشفَ عن الجسور المشتركة بينها، ويُذكّر بالأبعاد الإيمانية والمعاني الروحية والقيم الأخلاقية الكونية لهذه الأديان. ولم يهتم المؤلفُ بما ينبش ذاكرةَ حروب هذه الأديان، وما يختبئ في أرشيفاتها من كراهياتها. وكأنه في كلّ ذلك ينشد الكفَّ عن ثنائية أنا/ أنت، والانتقال إلى الـ "نحن"، وفق رؤية البابا فرنسيس في ترسيخ معنى "الـعائلة البشرية"، بوصفها مقصداً إنسانياً أسمى يكشف عن الغاية العظمى لكل الأديان.
وشدّد الباحثُ على ضرورة الارتقاء بالحوار بين الأديان، والانتقال به من الكلام المكرّر إلى اعتماد القيم الأخلاقية والإنسانية، واعتمادها أسساً للبحث العلمي في دراسة الأديان والحوار بين أتباعها. وفي ضوء موقفه هذا رفض مواقفَ كلّ من يستخفّ بمعتقدات دين آخر أو يسفهها، وسوغ ذلك بأن التفكيرَ في كلّ ديانة يمتلك حججَه وأدلتَه وقناعاتِه داخل تلك الديانة، ولا تصحّ مناقشةُ هذه الحجج والأدلة والقناعات من دون أن ينخرطَ المناقشُ في أفق تفكير الديانة، ويستوعبَ نصوصَها وتراثَها.
وفي محاولة منه إلى تطبيق منهجه الذي أوضح فيه أن كلَّ الآراء محتملةٌ، بحسب منطق البحث العلمي، تنبه الباحث إلى أهمية إعادة المناقشة فيما اشتُهر بين مفسري القرآن في قضية رفع النبي عيسى إلى السماء حيّاً، فأشار إلى بعض الآيات التي يمكن أن يُستفاد منها احتمالُ موت عيسى، ثم رفعه إلى السماء بعد فترة.
وأود أن أشهد للكاتب بأنه بذل جهداً يستحق الثناءَ في أن يكون أكثرَ حياداً وأقلَّ تحيزاً، ما أمكنه ذلك، مع ضرورة التنبيه إلى أنه يصعب أن يظلّ الباحثُ محايداً في كل معالجاته، فكيف إن كان ذلك الباحثُ رجلَ دين، تشبّع بمناخات ديانته ونذر كلَّ حياتِه لها.
ولا أريد أن استقرئ المواردَ التي أصاب تفكيرَه فيها شيءٌ من الوهن أحياناً، وأكتفي بالإشارة هنا إلى مثال واحد كان فيه الكاتبُ وفياً لمخيلته أكثرَ من وفائه لمنهج البحث العلمي، عندما قام بمقارنة بين السبي البابلي لليهود والسبي الكربلائي؛ وهي مقارنةٌ متكلفة تفشل حقائقُ التنقيبات الأثرية ومعطياتُ الجغرافيا التاريخية في التدليل عليها.
بغداد في 10/10/2017
[1] تقديم لكتاب (عزرا في الديانات الإبراهيمية)، تأليف وليد البعاج. الكتاب قيد الطبع.
[2] راجع مقالتنا: "الإيمانُ والاعتقادُ أينَ يلتقيان؟".