قراءة في كتاب التباسات الحداثة للدكتور خلدون النبواني

فئة :  قراءات في كتب

قراءة في كتاب التباسات الحداثة للدكتور خلدون النبواني

قراءة في كتاب

التباسات الحداثة للدكتور خلدون النبواني

1- دواعي اختيار الكتاب

إن اختيار كتاب التباسات الحداثة له دواع متعددة؛ أولا لأنه يتضمن أطروحة حديثة حول مسألة الحداثة الغربية، حيث لم يمر على نشره في العربية إلا بضع سنوات قليلة (2021). لذلك، فهي فرصة للتعريف به وبمؤلفه السوري خلدون النبواني أستاذ الفلسفة المعاصرة في السوربون، والقارئ النهم للتفكيكية. وثانيا، فالكتاب ليس ترجمة بالمعنى الحرفي، بل هو تأليف ثان بلغة الضاد قام به المؤلف مثلما فعل ديكارت مع تأملاته تماما، بعد أن أصدره أول مرة بالفرنسية، ثم ثالثا، تتمثل أهمية الكتاب في تحقيق، ولو جزئيا، حلم دريدا في كتابة مؤلف يضمن فيه تاريخا مقارنا للتراث الفرنسي والألماني لهيجل وماركس، والمقارنة بين مآسي البلدين وهواجسهما، وثقافتهما. أما ما يتعلق بموضوعنا، فيأتي دور الكتاب في تأويل موقف دريدا من الحداثة، وتصنيفه هل هو حداثي أم ما بعد حداثي، هذا الرجل، الذي يقول عنه ريشارد رورتي إنه الفيلسوف الأكثر قراءة، والأكثر ترجمة في العالم كله، وأنه أروع وأهم عبقري من بين الفلاسفة المعاصرين، ولأنه ينفلت من كل تصنيف، حتى إنك لا تجد لديه مواقف واضحة من هذا الموضوع مثل آخرين كبودريار أو ليوتار اللذين انتسبا لتيار ما بعد الحداثة صراحة، وإن كانت أطروحات هابرماس حول الحداثة معروفة، لكن المستجد هو التركيز على السجال الذي دار بينه وبين دريدا، والذي يزيل النقاب على كثير من أطروحات الفيلسوفين.

2- أحداث 1968 والبنيوية الجديدة

نتذكر هنا أحداث 1968، حيث شهدت فرنسا ثورة على جميع المستويات سياسية واجتماعية وثقافية؛ وذلك حينما خرج الطلاب والعمال وبجانبهم أساتذة الجامعات لشوارع باريس للمطالبة بالإصلاح الشامل، والدعوة إلى إصلاح الجامعة الفرنسية التي وصفوها بالمحافظة والتقليدية، ونحن نتذكر كيف أن الجامعة الفرنسية، على المستوى الفكري خلال النصف الأول من القرن العشرين، قد عرفت تكلسا وتقوقعا حول أقطاب ثلاثة؛ هم برنشفيك وبرغسون وديكارت. أما القرن 19، فقد كان في حالة استقالة كاملة وفراغ فكري مهول حسب غوسدورف في دراسته عن التأويلية؛ فالمؤلف يراها ثورة من الهامش على المركز، الهامش الذي أصبح قوة بنبغي الاعتراف بها. في هذا الجو المليء بالاحتقان، ستخلق جامعة فانسين من أجل استقطاب المثقفين الهامشيين، كما ستدرس فيها الفلسفة لأول مرة بكيفية مختلفة، حيث ستظهر ما بعد البنيوية، أو البنيوية الجديدة، التي يعرفها مانفريد فرانك[1] بالعناصر التالية:

- أولا اعتبار البنيوية الجديدة لنفسها على خطى هيجل ونيتشه، فكرا ما بعد ميتافيزيقي.

- ثم إن هذا الفكر الما بعد ميتافيزيقي هو أيضا فكر لاحق على البنيوية.

وقد اعتبرت بنيوية جديدة؛ لأنها ارتبطت ارتباطا حاسما بالبنيوية[2]، ولا تفهم بلا هذا الأصل[3]؛ فالبنيوية الجديدة هذه تمثل موجة فلسفية ذات هوية فرنسية لن تلبث أن تتعولم وتتمركز، لكن ما علاقة البنيوية الجديدة بالتفكيك؟ وبما بعد الحداثة؟ نسترشد هنا بمانفريد فرانك الذي كرس ثلاثين سنة لدراسة البنيوية الجديدة، وله كتاب مهم يحمل هذا العنوان، حيث يقول: "أنه مع حركة 1968 ظهرت أسماء دريدا ودلوز وليوتار على واجهة المسرح الثقافي الفرنسي، كما تحول بعض البنيويين أمثال لكان وألتوسير وفوكو إلى ما بعد البنيوية"، حيث ظهرت كلمة تفكيك عام 1976 في كتاب دريدا في علم الكتابة، هذا من جهة. أما من جهة ثانية، فإن فرانك يربط ما بعد البنيوية بما بعد الحداثة، ويقول في هذا الصدد: "في سعينا لتقديم تعريف للبنيوية الجديدة وقعنا على مفهوم ما بعد الحداثة الغريب"، ويتابع تحليلاته بالقول إن البنيوية الجديدة تعتبر نفسها تفكيرا مشروطا بإغلاق الحداثة، وإذا ما كانت الحداثة تشير إلى حقبة الثورة الكوبرنيكية، فإن ما بعد الحداثة هي شرط لاحق على موت الميتافيزيقا، هكذا يستنتج النبواني أن الإغلاق الدريدي ينتمي لفترة ما بعد الحداثة التي لا تبدأ إلا عندما تغلق الحداثة مسارها وتعلن نهايتها. لذلك، فالكثير يعدّ دريدا عراب ما بعد الحداثة.

3- مفهوم الحداثة بين الألمان والفرنسيين

يذهب الكتاب إلى أن إشكالية الحداثة وما بعد الحداثة هي إشكالية تخص الفكر الألماني الحديث والمعاصر أكثر من الفكر الفرنسي، حتى إنه ما كان يمكن تصور ما بعد الحداثة لولا مفهوم الحداثة الألماني بامتياز، فرغم إشارة ليوتار المتقدمة من خلال كتابه شرط ما بعد الحداثة، فإن الحداثة وما بعدها ابنة الفلسفة الألمانية، فتاريخيا وجينيالوجيا ولدت الحداثة الفلسفية مع هيجل، وهذا لم يحصل في فرنسا، ففي أحسن الأحوال هي ظهرت كإشكالية فنية وليست فلسفية كما رأينا مع شارل بودلير في القرن التاسع، حينما وصف الحداثة بوصفها مطمح رسام الحياة الحديثة.

إن متأملا يلاحظ الوعي الفريد لدى الألمان بالزمن، حيث كان كانط من السباقين إلى التساؤل عن التنوير وتحديد ماهيته. أما نيتشه، فقد كان من الفلاسفة النادرين الذي انتبه إلى جدل التنوير والمآلات العكسية لأحلام الحداثة. ولذلك، حينما سئل مشيل فوكو في حوار عام 1983 حول البنيوية وما بعدها، قاطع فوكو جيرارد روليه بسؤاله عما بعد الحداثة قائلا: "ما هي تلك التي تدعى ما بعد الحداثة؟ إنني لست على دراية بها". وحتى حينما نشر ليوتار كتابه عام 1979، فإنه لم يحدث ضجة في فرنسا، وربما فوكو لم يطلع عليه، بل أثار ردود فعل لدى الألمان بخاصة، فحتى ذلك الوقت، وباستثناء ليوتار، لم يكن الفرنسيون يتناولون الحداثة كمشكلة فلسفية، ونفس الأمر مع دريدا الذي لا نجد عنده مفهوم الحداثة أو ما بعد الحداثة في كتاباته، ومواقفه من هذه الإشكالية يتم تأويلها واستنتاجها لا غير.

4- دريدا بين الحداثة وما بعد الحداثة

إن دريدا قد امتنع طويلا على إطلاق أي حكم حول الحداثة أو ما بعدها؛ ذلك السجال الألماني الفرنسي الذي أقحم فيه بدون رضاه، فلن تجد لديه أي تصريح حول انتمائه، بل كان يتهرب من كل انتماء، وإن كان قد ظل قريبا من ليوتار الذي أعلن ميلاد ما بعد الحداثة، كما أنه كان من نفس جيل بودريار الذي انضم لما بعد الحداثة في السياق الأمريكي. لكن عددا من النقاد يوسعون من طائفة ما بعد الحداثة، لتشمل كل من سار في نقد تقاليد الأنوار، أو كشف حدود العقل ومآلات العقلانية، أو قدم قراءة جديدة لنصوص تعتبر مؤسسة للحداثة، بالتالي فما بعد الحداثة ترحب بحرارة بدريدا وتفكيكيته، خاصة وأن فلاسفة كبار بحجم هابرماس، خاصة في كتابه الحداثة مشروع لم يكتمل، يحشر دريدا ضمن فكر ما بعد الحداثة، وبتعبيره في فئة المحافظين الشبان بقوله: "وهذا الخط، أي خط ما بعد الحداثة، يمتد في فرنسا من جورج باتاي عبر فوكو ودريدا، وفوق الجميع تحلق روح نيتشه الذي بعث من جديد في السبعينيات".[4]

من جهة أخرى، فتفكيك دريدا لنصوص مؤسسة للحداثة الأوروبية، مثل محاولة في أصل اللغات لروسو وعمل نحو سلام أبدي لكانط ومبادئ فلسفة الحق لهيجل، قد أوقع الشبهة بدريدا بصفته ما بعد حداثي رافض للحداثة، غير أن أعمالا أخرى تؤكد بالواضح أن الحداثة لم تكن هدف تفكيكية دريدا، بل استهدف أساسا الميتافيزيقا الغربية منذ ميلادها مع سقراط وأفلاطون حتى اليوم. بهذا يبدو، كما رأيتهم، أن موقف دريدا من الحداثة وما بعدها ملتبس؛ لأنه لم يعلن ولاءه لا للحداثيين ولا لما بعدهم.

بهذا نصل إلى الاستنتاجات التالية:

الاستنتاج 1: إذا كانت الحداثة مشروعا أو حقبة تاريخية، أو ذاتية وعقلانية، أو مجموع معايير كونية، أو قطيعة نهائية مع الماضي، أو تأليها للإنسان، أو سيطرة على الطبيعة، فإن دريدا الشاب سيكون وفقا لذلك رافضا تماما للحداثة بدون شك. أما إذا كانت، من ناحية أخرى، الحداثة مواصلة لقيم الأنوار، من خلال مراجعتها، ووعيا بالزمن، أو علاقة إشكالية بين الماضي والحاضر والمستقبل، أو شجاعة في التفكير أو تبشير بمستقبل قادم، فإن دريدا الكهل هو فيلسوف حداثي بامتياز.

الاستنتاج 2: مؤداه أنه إذا كانت ما بعد الحداثة تشكيكا بالسرديات الكبرى، ورفضا لأولوية اللوغوس والذكورة وتفكيكا للأنا وللمركزية، ودعوة للاختلاف وانتصار للهامشي، فسيكون آنذاك دريدا في فترة الشباب ما بعد حداثي على وجه التمام. وهكذا، وكما يرى أليكس كالينكوس أن دريدا الشاب ما قبل 1980، قد ساهم في خلق الجو الفكري الذي استطاع فكر ما بعد الحداثة أن يزدهر فيه، فجاك دريدا خلال هذه المرحلة كان يحوم حول ما بعد الحداثة، لكن في مرحلته الثانية، سيخفف من نقده للحداثة الغربية؛ وذلك بأن ينخرط في مواضيع الفلسفة العملية، ربما استجابة للنقد الموجه إليه، خاصة من فيلسوف التواصل، الذي ينظر للتفكيك مثله مثل فلسفة هايدغر، بلا أية منفعة اجتماعية أو سياسية.

6- الحداثة عند دريدا بوصفها وعيا بالزمن.

حول موقف دريدا من الحداثة، فإن النبواني سيتبع نفس محج هابرماس في كشفه موقف فيلسوف التفكيك، خاصة في الخطاب الفلسفي للحداثة. نفتتح موقفه من الحداثة بالقول، إنها في نظره تصور موروث من عقلانية الأنوار، لكنه لا يرفض الحداثة كوعي بالزمن، فما يرفضه هو الحداثة على طريقة هابرماس وماكس فيبر؛ أي تلك الأيديولوجية التي تؤطر الحداثة بتاريخ أوروبا وجغرافيتها.

الحداثة كإيمان بعودة المخلص

إن تفكيكية دريدا تنحدر عن الجينيالوجيا وفلسفة الأصل، فإن النزعة التبشيرية بعودة المخلص التي تظهر أطيافها في أعمال دريدا. إنها منحدرة عن مؤثرات فلسفية سابقة عليها، خاصة مع نيتشه، الذي حمل العقل مسؤولية انحدار الثقافة الأوروبية. لذلك، عمل على استدعاء الروح ما قبل السقراطية الطبيعية لبعث روح زمن جديد ووعي حديث، ومن ثم عول فيلسوف المطرقة مثل باقي الرومانسيين على عودة ديوزينيوس، ليحمل الوعد بالخلاص. وقد استند نيتشه في هذه المهمة على موسيقى فاغنر وفن شوبهاور، من أجل بعث روح التجديد، حيث رأى في فاغنر نفسه ابن لديوزينيوس. فرغم إعلانه موت الإله، فإننا نجد عند نيتشه نفسا تبشيريا شبه ديني، أو حسب تعبير المؤلف مسيحية مقلوبة بوصفها وعيا بالزمن. إنه زمن الخلاص القادم.

كما تظهر ملامح التبشيرية لدى هايدغر، وبما أن التبشير بمخلص سيأتي من الماضي لينقد الحاضر عنصر أساسي في المسيحية، فإننا نعثر على مقابله الفلسفي عند فيلسوف الغابة السوداء في فكرتين أحدهما تحيل على الأخرى، أولا ترقب الوجود المحجوب، ثم مفهوم الحدث، فحسب هابرماس. إن التبشير ينزاح من نيتشه نحو هايدغر، من فلسفة الفن إلى الأنطولوجيا، ومن العلم المرح إلى كآبة الوجود الرصين. هكذا نصل لفالتر بنيامين التأثير القوي الذي مارسه على دريدا، خاصة في قضايا العنف المؤسس للقانون وتراكب الأزمنة.

وفي علاقة بموضوعنا، سنجد بنيامين غير بعيد عن تصور بودلير للحداثة الاستطيقية، لكن الجديد عنده هو كسره لمطلقية الزمن البودليري وأزليته وجعله زمنا تاريخيا؛ ففلسفة بينيامين ترفض الخطية الزمنية من ماض يحيل إلى الحاضر ويؤسس للمستقبل؛ أي ببساطة رؤية ماركس وهيجل، بوصفه تاريخ اكتمال يسير بثقة كاملة بالتقدم التاريخي. وفي كتاب أطروحات حول فلسفة التاريخ 1940، يبتكر بنيامين مفهوم الحاضر-الراهن، الذي يشير إلى زمن صوفي بعيد مهما كان قريب، هو مفهوم جاء ليقدم به تصور جديد لحاضر يتجه نحو الماضي لا نحو المستقبل.[5]

فعكس الزمن هذا ليس ارتدادا أو تقهقرا، بقدر ما هو ذو حمولة صوفية يهودية، توثر الحاضر وتعلقه، لكي يترك فسحة لمرور المسيح المنتظر، هكذا يكون فالتر بنبيامين قد جمع بين الإشراق الصوفي اليهودي والمادية التاريخية، فيتأرجح قلمه بين واقعية تاريخية صارمة ولحظات حدس صوفي عصية على التاريخ وواقعة خارجه، أو كما يسمي بنيامين نفسه تبشيريته بأغنية ثورية في النضال من أجل الماضي المقهور والمضطهد. فيعبر هابرماس عن هذا الوضع بقوله: "وكما يلاحظ أدورنو، فقد تلاقى في ظروف القرن 20 التصوف مع التنوير مرة أخيرة عند بنيامين، وذلك بفضل الأدوات المفاهيمية للمادية التاريخية"[6].

6- دريدا والتبشير بالمستحيل

إن هذه التبشيرات التي تخترق التفكيك ليست وحيا ينتمي إلى أحد الأديان الإبراهيمية، وهو ما سينبه إليه دريدا بقوله إنه تبشير دون تبشيرية؛ أي إنه خلاص من دون مخلص أو مسيح مرتقب. فالمستحيل، يقدمه دريدا كمفهوم تبشيري يبشر به، وهو قريب من أن يكون فكرة ترونسندنتالية.

إن المستحيل عند دريدا هو غير المحدد، واللانهائي غير المتعين، والعصي كذلك على التحقق، واللامشروط، والذي لا يمكن التنبؤ به، وهي فكرة يستعيرها من بنيامين، ليؤكد أن المستحيل هو وعد مطلق. غير أنه سيحدث تحول في تبشيرية دريدا الكهل؛ أي في مرحلته الثانية، بمناسبة توجيه اهتمامه لمسائل الفلسفة العملية، حيث تصبح التفكيكية في هذا الطور تبشيرا ووعدا بالعدالة والديمقراطية القادمة.

فأثر اليهودية على دريدا ووعيه بالزمن أمر لاحظه الكثيرون، حيث قال هابرماس: "وعلى الرغم من كل نفي دريدا للأمر، فإنه يظل قريبا من التصوف اليهودي"، وقد اعترف هو نفسه؛ أي التعبير عن فكرة الزمن والوعي الصوفي، وخاصة في الفصل الخامس من كتابه الصوت والظاهرة، كما يضع دريدا في أكثر من موضع كلمة حقبتنا وتارة زماننا، وهو ليس استعمالا اعتباطيا، بل غرضه التوكيد على الطبيعة الإشكالية للفلسفة مع الحاضر أو الوعي بالزمن الحاضر.

هكذا يلاحظ النبواني كيف أن موقف دريدا من الحاضر سيبدأ بالانكشاف أكثر منذ التسعينيات من القرن الماضي؛ وذلك مع تحوله إلى الفلسفة العملية، وجعل التفكيك فاعلا إيجابيا في الفكر، لكن أيضا في القانون والدين والأخلاق، وبخاصة في السياسة، ونختم هذا بكلمة لجون لوك نانسي شارحا موقف دريدا من الحاضر بقوله: "مرة أخرى إنها الحياة، ليست الحياة المؤجلة للغد، ولكنها تلك التي تنتهي الآن؛ أي مملكة المعنى، وهي حقيقة أكثر من طاقة أي لغة، وأضخم من قدرة الفهم، أو حتى التأمل على ضبط المعنى".

الخاتمة

يعد كتاب التباسات الحداثة مناسبة مهمة لاكتشاف عدد من خبايا تفكيكية دريدا، وخاصة موقفه من الحداثة وما بعد الحداثة، وهي الإشكالية التي خيمت على القرن العشرين، وتستمر بظلالها حتى اليوم، حيث يستنتج مؤلف الكتاب، أن دريدا كان من الرافضين لمعالم الحداثة وشعارات كما ذهب إلى ذلك عدد من مثقفي الألمان وفلاسفتهم، وخاصة هابرماس وماكس فيبر. لذلك، يكون دريدا أقرب إلى ما بعد الحداثة، رغم كل جهوده من الخروج عن كل تصنيف...

[1]- مانفريد فرانك ولد عام 1945، هو فيلسوف جيرماني، تركزت أعماله على المثالية الألمانية والرومانسية، وكذا الفلسفة الفرنسية الحديثة.

[2]- البنيوية حركة فكرية وأدبية أنتروبولوجية وثقافية جديدة، أصبحت تغزو المشهد الثقافي الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية، وتدين لديسوسير.

[3]- ص 69

[4]- النبواني، خلدون، التباسات الحداثة، مؤمنون بلا حدود، المغرب، ص. 172

[5]- ص. 186

[6]- خلدون النبواني، التباسات الحداثة، نفسه، ص.189