مفهوم سيادة القانون وتحدياته في السياقات الوطنية والدولية

فئة :  مقالات

مفهوم سيادة القانون وتحدياته في السياقات الوطنية والدولية

مفهوم سيادة القانون وتحدياته

في السياقات الوطنية والدولية

الملخص

تتناول هذه الدراسة مفهوم سيادة القانون بوصفه أحد الأعمدة الأساسية في بناء أنظمة عادلة وديمقراطية، متتبعة تطوره التاريخي من الفكر الغربي الكلاسيكي إلى السياقات الحديثة. تناقش الدراسة التحديات النظرية والعملية التي تواجه سيادة القانون، بما في ذلك غموض المفهوم وفرط التعبير القانوني والإساءة في استخدامه. كما تُبرز السياق العربي مشيرة إلى أثر الإرث الاستعماري والفساد والخصوصيات الثقافية على تطبيقه. وتُختتم الدراسة بتسليط الضوء على أهمية الموازنة بين العدالة الإجرائية والشكليات القانونية، ودور المجتمع المدني في ترسيخ سيادة القانون.

المقدمة

يشير مفهوم سيادة القانون إلى نظام يضمن خضوع الجميع، حكامًا ومحكومين، للقانون. تطور هذا المفهوم عبر التاريخ من فكرة بسيطة تتعلق بالمساواة أمام القانون إلى إطار شامل يربط العدالة بالديمقراطية والاستقرار الاجتماعي. وقد وصف جون فينيس (John Finnis) مفهوم سيادة القانون ببساطة بأنه "اسم يُطلق عادةً على الحالة التي يكون فيها النظام القانوني في وضع قانوني جيد"؛ [1] ويقتضي ذلك على الأقل أن تكون القاعدة القانونية استشرافية ليس لها أثر رجعي ومفهومة وواضحة ومستقرة نسبيًا. يتبين إذن، أن "سيادة القانون" تعكس نظاما اجتماعيا سياسيا يرتكز على قواعد واضحة لتنظيم النزاعات بين الفاعلين، سواء كانوا أفرادا أم جماعات، بما في ذلك الحكومة التي تسن هذه القواعد فهي مقيدة بتلك القواعد، مما يرسّخ مبدأ سيادة القوانين على حكم الأفراد.

كما يعتمد هذا النظام على ثقافة قانونية وسياسية تُعرف بـ "النوموس" (Nomos)؛ تعكس ترتيبًا اجتماعيًا قانونيًا معينا.[2] هذا الترتيب ما هو إلا مجموعة من القيود المتبادل التي يجري الاعتراف لاستقرار المجتمع الذي هو ضرورة لرفاه الإنسان؛ فكما حاجج ديفيد هيوم (David Hume): "مهما كانت القيود التي تفرض [...]على شهوات البشر، فهي في الواقع نتاج لتلك الشهوات نفسها، وهي مجرد وسيلة أكثر ذكاءً ورقيًا لإشباعها".[3]

لذلك، تعد سيادة القانون حجر الزاوية في الحكم الديمقراطي؛ إذ يضمن خضوع كل الأفراد والمؤسسات، بما في ذلك الحكومة، للمعايير القانونية نفسها؛ وتشمل هذه المعايير عدة عناصر:

  1. المشروعية: أن تجري أعمال أجهزة الدولة جميعها طبقا للقانون، ما يمثل ضمانة ضد الإجراءات التعسفية.[4]
  2. حقوق الإنسان: تشمل المعاملة العادلة وحماية الحقوق الفردية والحريات الأساسية، واحترام كرامة الإنسان من أي انتهاك.[5]
  3. اليقين القانوني: يعني وضوح واستقرار القوانين لتكون مفهومة ومتاحة للجميع.[6]
  4. المساءلة والرقابة: خضوع السلطات العمومية للقانون لضمان عدم وجود استثناءات، ما يعني خضوعها لإشراف قضائي مستقل.[7]
  5. الأسس الديمقراطية: وجوب أن تسن القوانين بناء على إرادة الشعب وموافقته.[8]

انطلاقًا من هذا الفهم لسيادة القانون بوصفها نظامًا شاملاً يرسخ مبادئ العدالة والمساواة والنصاف، ويدعم مسارات التنمية، يتضح أنها ليست مجرد مفهوم قانوني شكلي، بل هي منظومة جوهرية تعمل على تحقيق التوازن في مختلف المجالات. ففي السياق الدولي، تضطلع بحماية استقلال الدول وصون حقوق الأفراد من التدخل التعسفي. أما في الميدان الاقتصادي، فإنها تضع إطارًا قانونيًا متينًا يشجع النمو ويضمن بيئة استثمارية مستقرة. وعلى المستوى الاجتماعي، يبرز دور المجتمع المدني كركيزة أساسية في تعزيز المساءلة الشعبية، مما يضمن بناء نظم قانونية عادلة وفعالة تتماشى مع تطلعات الشعوب واحتياجاتها.

ووفقًا لـ كلاوس بافل (Claus Pavel) تعد سيادة القانون نهجًا أخلاقيًا وقانونيًا يسعى لحماية القيم القانونية المميزة، مثل الاستقلالية والمساواة أمام القانون وحقوق المحاكمة العادلة.[9] وكما أوضح بافل فإن سيادة القانون ليست مجرد أداة قانونية، بل تعكس التزام الأنظمة السياسية باحترام الحقوق الإنسانية وضمان عدم خضوع الأفراد أو الدول لتدخلات تعسفية.

كما تضطلع سيادة القانون بدور محوري في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة؛ إذ تُهيئ بيئة قانونية مستقرة تكفل حماية حقوق الملكية، وتضبط حدود السلطة الحكومية، فتخلق مناخًا يشجع على الاستثمار، ويُخفِّف من حدة المخاطر الاقتصادية، مما يسهم في تعزيز الازدهار الاقتصادي واستدامة مسارات التنمية؛ وقد أشار ستيفن هاغارد (Stephan Haggard) ولين تيد (Lydia Tiede) إلى أن "وجود سيادة القانون القوية يرتبط إيجابيًا بتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتقليل حالات الفساد، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.[10] غير أن تأثير سيادة القانون ليس موحدًا، كما يوضح الباحثان؛ إذ تتباين النتائج بناءً على مستوى التنمية الاقتصادية في الدول؛ في "الدول النامية"، يساعد تطبيق سيادة القانون في بناء مؤسسات اقتصادية أقوى، بينما في "الدول المتقدمة" يعمل على تحسين الكفاءة وتحقيق العدالة الاقتصادية.

لذلك، تبرز أهمية المجتمع المدني بوصفه أداة فعّالة لدعم سيادة القانون من القاعدة إلى القمة؛ فكما أشار أنطوان بويز (Antoine Buyse) وآخرون، فإن الحركات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني تضطلع بدور جوهري في مراقبة أداء الحكومات وتعزيز المساءلة القانونية من الأسفل. وبواسطة هذا الدور، تُسهم في تمكين الأفراد والجماعات من التأثير في صياغة القرارات القانونية والسياسية، مما يعزز مشاركتهم الفاعلة في بناء نظم قانونية عادلة ومستدامة.[11]

بناء عليه، نستطيع صياغة إشكالية هذه الدراسة كما يلي: كيف يمكن لمفهوم سيادة القانون، الذي تطور عبر التاريخ ليشمل العدالة والاستقرار والديمقراطية، أن يواجه مختلف التحديات العملية سواء في العالم العربي أو عالميًا؟

لمقاربة هذه الإشكالية سنبين كيف أن سيادة القانون تُمثل إطارًا ديناميكيًا يتطلب تكييفًا مستمرًا مع السياقات التاريخية والثقافية والسياسية، مع ضرورة معالجة التحديات المرتبطة بالفساد وغموض المفهوم والاختلافات في الأولويات بين العدالة الإجرائية والشكلية لتحقيق نظام قانوني مستدام وعادل.

لهذه نطرح أربع أسئلة تحليلية تمثل محاور هذه الدراسة كما يلي:

  1. كيف ساهم الفكر الغربي الكلاسيكي والحديث المبكر في تشكيل مفهوم سيادة القانون بوصفه مبدأ يضمن العدالة والمساواة؟
  2. كيف تطورت الدستورانية الغربية لتربط بين سيادة القانون وفصل السلطات كضمانة ضد الاستبداد؟
  3. ما هي أبرز التحديات المرتبطة بغموض مفهوم سيادة القانون وتعدد التفسيرات التي تعرقل تحقيق استقرار النظام القانوني؟
  4. كيف يؤثر الإرث الاستعماري والفساد والسياقات الثقافية على تطبيق سيادة القانون في العالم العربي؟

أولا. التطور التاريخي لمفهوم سيادة القانون

تُعدُّ أصول سيادة القانون في الفكر الغربي الكلاسيكي والحديث المبكر أساسًا لتطور الفلسفة القانونية والنظم السياسية، وترسيخ حكم القانون، في كثير من البلدان بخاصة في أوروبا. وقد أكد ألبرت دايسي (Albert Dicey) أن سيادة القانون تجسد المبدأ الذي يحول دون إساءة استخدام السلطة الحكومية، ويضمن مساواة الجميع أمام القانون، بصرف النظر عن مكانتهم أو مراكزهم. ورأى دايسي أن هذا المبدأ يمثل أساسًا راسخًا لتحقيق العدالة وصون الحقوق الفردية، مشددًا على أن القانون هو أعلى سلطة في الدولة، ويجب أن يُطبَّق بصرامة تامة دون استثناء.[12]

ووفقًا لـ فريدريك ميلر الابن (Frederick Miller Jr) فقد قدم كل من أفلاطون وأرسطو رؤى متباينة ومتكاملة في آن لمفهوم سيادة القانون؛ إذ يرى أفلاطون في القوانين وسيلة لضبط السلطة المطلقة وكبح الطغيان، مؤكداً أن القوانين تشكل حصنًا يحمي المجتمع من تجاوزات الحاكم. أما أرسطو، فنظر إلى القوانين كأساس للعدالة المجتمعية، معتبرًا أنها تجسد العقل الجمعي الذي ينظم العلاقات بين الحاكم والمحكوم، ويوجه سلوكهما بما يحقق التوازن والفضيلة في الحياة السياسية والاجتماعية.[13] كما ترتبط سيادة القانون لدى أرسطو بفضائل الطبقة الوسطى، كما يوضح مارك ليبار (Mark LeBar)، حيث يرى أنها تمثل توازنًا بين الترف والتقشف، مما يجعلها الركيزة الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية؛ ويشدد على أن القضاة لا بد أن يجسدوا الحكمة الأخلاقية لضمان تحقيق العدالة بطريقة عقلانية ومستدام.[14]

وقد تعرضت مفهوم أرسطو عن سيادة القانون للنقد لاستثنائه تطبيقها على العبودية؛ فرغم تأكيده وجوب سيادة القانون على الجميع وأن يكون القانون فوق إرادة الأفراد، إلا أنه برر العبودية بوصفها جزءًا طبيعيًا من النظام الاجتماعي. وقد سلطت جوديث شكلار (Judith Shklar) الضوء على هذا التناقض، منتقدةً محدودية التزام أرسطو بمبدأ المساواة، وأشارت إلى أن قبوله العبودية يعكس رؤية غير مكتملة لسيادة القانون؛ فقد يُستخدم هذا المبدأ لتبرير التمييز الاجتماعي بدلًا من تحقيق العدالة الشاملة. وفقًا لجوديث شكلار (Judith Shklar)، فإن هذا الموقف يبرز كيف أن سيادة القانون قد تتحول أحيانًا من أداة لتحقيق العدالة إلى وسيلة لترسيخ التفاوتات الاجتماعية.[15]

وعلى الرغم من التحيز الاجتماعي الذي تضمره فلسفة أرسطو، فقد استبطن الفكر اليوناني مبكرا مفهوم (Nomos) كأساس لأولوية النظام الجماعي على الرغبات الفردية، مما يُبرز الالتزام بالقواعد العامة التي تنظم المجتمع وتحد من الأهواء الشخصية. وقد تطور هذا المفهوم في القانون الروماني ليُنتج نظامًا ثنائي البنية، يُنظم العلاقات داخل الدولة والعلاقات بين الدول. ففي حين يُركز "القانون المدني" (Ius Civile) على تنظيم العلاقة بين المواطنين داخل الدولة، يعمل "قانون الشعوب" (Ius Gentium) [16]على تنظيم العلاقات الخارجية بين الشعوب المختلفة، مما يعكس إدراك الرومان لأهمية التوفيق بين القواعد المحلية والاحتياجات الدولية.[17]

ونجد كذلك تقابلاً واضحًا بين مفهوم "العدالة" (Ius) الذي يشير إلى المبادئ الكونية التي تمثل الأساس الأخلاقي والقانوني لنظام المجتمع، ومفهوم "القانون" (Lex)، الذي يركز على القواعد واللوائح المحددة التي تُترجم تلك المبادئ إلى تطبيقات عملية ضمن إطار قانوني محدد. ويعكس هذا التمييز العمق الذي بلغه تطور النظم القانونية في سعيها لتحقيق توازن بين المبادئ العامة التي توجه السلوك الإنساني، وبين القوانين الملموسة التي تضبط العلاقات داخل المجتمع وتحقق العدالة في الواقع العملي.[18] لذلك أكد هربرت هارت (Herbert Hart) أن القوانين الوضعية تتيح إمكانية توفير إطار يبتعد عن النَزَعات الفردية ويضمن الحكم المستند إلى مبادئ واضحة، مما يُحقق الاتساق والعدالة في تطبيق القوانين.[19]

وفي الاتجاه نفسه نجد نظريات لون فولر (Lon Fuller) ورونالد دوركين (Ronald Dworkin) القانونية، التي تركز على بناء إطار قضائي شامل يُبرز مبادئ العدالة والمساواة والإنصاف، مع الحرص على تجنب التورط في النزاعات السياسية المرتبطة بعملية تشريع القوانين؛ إذ يرى فولر أن النظام القانوني يجب أن يكون متماسكًا وقائمًا على قواعد واضحة ومستقرة تراعي مبادئ العدالة الإجرائية، بينما يركز دوركين على ضرورة الالتزام بالاتساق القضائي كوسيلة لضمان عدالة الأحكام وتعزيز الثقة في النظام القانوني.[20]

وقد أعادت الدولة الأوروبية الحديثة تشكيل مفهوم سيادة القانون بترسيخ السلطة المركزية، ما أدى إلى إعادة صياغة البنى القانونية لتنسجم مع متطلبات سيادة الدول القومية. وقد أفضى هذا التحول إلى تطوير أنظمة قانونية أكثر تكاملاً وتنظيمًا، إذ أصبحت القوانين تعبر عن إرادة الدولة الموحَّدة، مع مراعاة التوازن بين السلطة المركزية وحقوق الأفراد في ظل الأنظمة الدستورية الحديثة.[21] فصارت الدستورانية الليبرالية تُبرز العلاقة التبادلية الوثيقة بين سيادة القانون وفصل السلطات؛ إذ يؤدي هذا التكامل إلى تعزيز المساءلة داخل هياكل الحوكمة؛ فبواسطة توزيع الصلاحيات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، تضمن الدستورانية توازنًا يمنع الاستبداد ويرسخ الالتزام بالقانون كمرجعية عليا تحكم مختلف جوانب العمل المؤسسي.[22]

وقد كرَّس التقليد القانوني العام في إنجلترا إطارًا قانونيًا مرنًا يقوم على السوابق القضائية، مما جسَّد مبدأ سيادة القانون بوصفه مبدأً دائمًا، وقد أتاح هذا المفهوم تكييف القوانين مع التطورات المجتمعية والاقتصادية، مع الحفاظ على استقرار النظام القانوني واحترام المبادئ الأساسية للعدالة والمساواة.[23] كما ساهمت فرنسا ما بعد الثورة في ترسيخ مبدأ السيادة الشعبية كأساس لشرعية القوانين، مما أعاد تشكيل مفهوم سيادة القانون ليصبح ضمانة مؤسسية ضد تجاوزات السلطة الحكومية. وقد تجلى هذا التحول في تطوير أنظمة قانونية ودستورية تُعبّر عن إرادة الشعب، مع وضع آليات رقابية تضمن الالتزام بالمبادئ الديمقراطية والحد من التعسف في استخدام السلطة.[24]

ثانيا. سيادة القانون والدستورانية الغربية

بدأ مفهوم سيادة القانون بالتبلور مع التطور التدريجي للدستور البريطاني غير المكتوب؛ إذ شكلت الوثيقة الكبرى الماغنا كارتا (Magna Carta) محطة رئيسية في تقليص سلطة الملك ووضع حدود واضحة لها. تلا ذلك إعلان الحقوق (Bill of Rights) الذي رسخ مبدأ الحقوق الفردية، وأكد على سيادة القانون كقاعدة أساسية للحكم. وكما أوضح جون لوك (John Locke): "يعكس الدستور البريطاني بطبيعته غير المكتوبة التطور الدينامي للمبادئ الدستورية، بدءًا من الماغنا كارتا وصولًا إلى إعلان الحقوق".[25]

وفي العصور الوسطى الأوروبية المتأخرة، صارت شرعية الملك مشروطة بالتزامه بالقانون، وهو ما أكده هنري دي براكتونب (Henry de Bracton) قوله: "الملك ليس فوق أحد، بل هو تحت الله والقانون". هذه العبارة تجسد أهمية سيادة القانون في تحديد حدود السلطة الملكية وضمان العدالة. [26] وفي السياق اليوناني القديم، قدمت إصلاحات سولون نموذجًا مبكرًا لدور القانون في معالجة الظلم الطبقي، حيث وضع معايير ملكية للمناصب وإعادة توزيع السلطة، مما ساهم في الحد من التفاوتات الاجتماعية وتعزيز الاستقرار السياسي.[27] أما في العصر الحديث، فقد أسس مونتسكيو (Montesquieu) لفكرة فصل السلطات كآلية أساسية لضمان الحرية ومنع الاستبداد، معتبرا استقلال القضاء أحد أعمدة الدستورانية، حيث قال: "يعكس فصل السلطات التوازن اللازم لمنع الطغيان وضمان الحرية"، وقد أوضح مونتسكيو استقلال القضاء بوصفه حجر الزاوية للدستورانية.[28]

يتماشى ذلك مع ما أكد هنري ماكالوين (Henry McIlwain) أن سيادة القانون لا تُعد مجرد مبدأ قانوني، بل هي ضمانة مؤسسية أساسية تعمل على حماية المجتمع المدني من القرارات التعسفية، وتعزز الحوكمة ضمن إطار قانوني منظم. وكما أوضح: "إن سيادة القانون تنطوي على فرض قيود مؤسسية على أصحاب السلطة، مما يحمي المجتمع المدني من القرارات التعسفية ويعزز الحوكمة ضمن إطار قانوني".[29]

لذلك صار معلوما اليوم، أن الدساتير لا تعكس نظريات قانونية مجرّدة، بل تعمل كأدوات لإدارة المصالح المتضاربة؛ فكما أوضح ستيفن هولمز: "الدساتير ليست مجرد انعكاسات لنظريات قانونية مسبقة، بل هي أدوات لإدارة المصالح السياسية المتنافسة".[30] كما تعمل الدساتير اليوم بوصفها آليات تنسيق بين القوى السياسية؛ إذ تسهم في تحقيق التوازن المؤسسي وسط ديناميات سياسية متغيرة. وكما أشار باري وينغاست (Barry Weingast) "تعمل الدساتير كآليات للتنسيق بين الفاعلين السياسيين، مما يضمن تحقيق التوازن المؤسسي في مواجهة الديناميات المتغيرة للسلطة السياسية".[31]

ولا ينبغي أن يؤدي هذا التطور إلى تناسي تحذير ألكسيس دو توكفيل (Alexis de Tocqueville)، منذ القرن التاسع عشر، من الخطر الكامن في إمكانية تحول سيادة القانون إلى وسيلة لتمرير قوانين غير عادلة، إذا لم تكن الحقوق الفردية محمية من طغيان الأغلبية؛ فكما قال: "قد تتحول سيادة القانون إلى أداة لسن قوانين غير عادلة، مما يفشل في حماية الحقوق من طغيان الأغلبية".[32] وكما أشار خوسيه مارافال (Jose María Maravall) وآدم بريزورسكي (Adam Przeworski) فإن سيادة القانون لا تُمارَس بمعزل عن القوى السياسية المسيطرة، بل غالبًا ما تصبح أداة للتفاوض الاستراتيجي بين تلك القوى؛ حيث أكدا أن أهمية القانون تعتمد على مدى خدمته لمصالح القوى المسيطرة: "القانون يعمل كأداة للتفاوض الاستراتيجي بين أصحاب السلطة، ولا يكتسب أهميته إلا عندما يخدم مصالح المسيطرين".[33]

يُظهر تطور سيادة القانون عبر التاريخ أنها ليست مجرد مبدأ قانوني ثابت، بل هي مفهوم ديناميكي يتفاعل مع السياقات السياسية والاجتماعية المختلفة. ومع ذلك، فإن هذا التطور يكشف عن تناقضات وتحديات، حيث يمكن أن يُساء استخدامه لتبرير مصالح سياسية أو تقويض العدالة، مما يُبرز الحاجة إلى إعادة تقييم مستمرة لضمان نزاهته وفعاليته.

ثالثا. سيادة القانون: مفهوم متنازع عليه

في ضوء هذه التناقضات، يبرز أن سيادة القانون ليست مفهوماً مطلقاً، بل تُحيط به تحديات تتعلق بتعريفه وتطبيقه، ما يجعله محط نزاع دائم بين المبادئ النظرية والواقع العملي. فالقانون في جوهره معطى شكلي يتطلب وضوح القواعد القانونية واتساقها، بالإضافة إلى الالتزام بمبدأ النشر العمومي وعدم رجعية القوانين، كما يعد التماسك الهيكلي للنصوص القانونية وضمان توافق الفروع مع الأصول، ضمن إطار تراتبية القوانين، من المقومات الأساسية لسيادة القانون. هذه الأبعاد الشكلية ذات أهمية بالغة لاستقرار النظام القانوني، إذ تسهم في الحد من التعقيدات المرتبطة بجوهر القانون.

بيد أن هذه الجوانب الشكلية لا تعفي سيادة القانون من التحديات التي تواجهها، وعلى رأسها غموض المفهوم نفسه؛ هذا الغموض يفتح الباب لتعدد التفسيرات والانتقادات، إذ يمكن أن يُعتبر التباين في تفسير القوانين مصدر قوة، إذ يسمح بتكييفها مع ظروف متغيرة، لكنه يمثل أيضاً نقطة ضعف؛ إذ يفتح المجال أمام التأويلات المتباينة التي تهدد وضوح المفهوم واستقراره.[34]

فتعددية التفسيرات هذه تجعل الوصول إلى تعريف شامل لسيادة القانون أمراً معقداً، مما يستدعي فهمًا ديناميكيًا يتجاوز الجمود الذي يكتنف القواعد القانونية. فالجدل واسع بين الباحثين حول كيفية فهم الآثار النظرية والعملية لهذا المفهوم، ففحين يركز البعض على الجوانب الشكلية كالاتساق والوضوح، يركز آخرون على الأهداف الجوهرية مثل تحقيق العدالة والمساواة والنصاف؛ هذا التباين يعكس الطابع المركب والمعقد لسيادة القانون، مما يجعل الاتفاق على تعريف موحد لها أمرًا صعب المنال.[35]

إذا كان الغموض يعكس الطبيعة المزدوجة لمفهوم سيادة القانون، فإن التعريفات المتنازع عليها تضيف مزيدًا من التعقيد، مما يجعل الوصول إلى تعريف دقيق تحديًا مستمرا. فحين تهدف الأبعاد الشكلية لسيادة القانون إلى تحقيق الوضوح والاتساق، فإن ظاهرة فرط التعبير (Hyperlexis) القانوني تبرز بوصفها تحديا عمليا أمام هذه الأهداف؛ إذ يؤدي التوسع في التعبير في الصياغة القواعد واللوائح القانونية إلى إضعاف سيادة القانون، فيخلق الارتباك بالحد من القدرة على التنبؤ.

إلى جانب هذه الإشكاليات، فإن سيادة القانون ليست محصنة ضد الإساءة والاستغلال؛ فرغم الاحتفاء بها كركيزة للعدالة، فإن الآليات القانونية يمكن أن تُستغل لتحقيق أهداف تناقض العدالة والمساواة والنصاف. هذه الحقيقة تستدعي وجود ضمانات قانونية وسياسية صارمة للحد من الانتهاكات وصون نزاهة الأنظمة القانونية؛ [36] لذلك، فإن وجود آليات رقابية فعالة يظل ضروريًا لضمان أن تبقى سيادة القانون أداة لتحقيق العدالة لا وسيلة للاستغلال.

لذلك، فالإفراط في استخدام مفهوم سيادة القانون لأغراض سياسية يثير انتقادات شديدة، كما تشدد جوديث شكار، حين اعتبرت أن سيادة القانون صارت أداة خطابية في خدمة السياسيين؛ هذا الاستغلال الأيديولوجي والدوغمائي يضعف القيمة التحليلية للمفهوم ويحوّله إلى أداة للخطاب السياسي.[37] هذا الانتقاد يسلط الضوء على خطر تسييس مفهوم سيادة القانون، مما يُفقده الجوهر بوصفه آلية لتحقيق العدالة والمساواة والإنصاف.

وعلى الرغم من هذه الانتقادات، فإن التحديات التي تواجه سيادة القانون تتجدد، كما أشار روزكو باوند (Roscoe Pound)، فأزمة مفهوم سيادة القانون شبيهة بأزمة سيادة القانون في القرن السابع عشر الأوربي؛ إذ أدى تراجع الالتزام المؤسسي بالمعايير القانونية إلى خلق بيئة مشجعة للتحكم التعسفي، مما يقوض المبادئ الأساسية للدستورانية؛ [38] هذا التشابه يعكس الطبيعة المستمرة لهذه التحديات، ويؤكد على ضرورة الاستفادة من دروس الماضي لفهم المشكلات المعاصرة. وعليه، يتضح أن سيادة القانون ليست مفهومًا بسيطًا أو ثابتًا، بل إطار متنازع عليه، يتأرجح بين قوته النظرية وتحدياته التطبيقية، ما يتطلب مراجعات متواصلة لضمان تحقيق أهدافه الجوهرية في العدالة والاستقرار.

رابعا. تحديات سيادة القانون في السياق العربي

في سياق البلدان العربية ترك الاستعمار إرثاً عميقاً من الانقسامات، مع ضعف في المساءلة القانونية في ظل رسوخ السلطوية، إذ لا يزال الفساد وعدم استقرار المؤسسات عوائق كبرى أمام تأسيس سيادة القانون.[39] يعكس هذا الإرث التاريخي تأثير الاستعمار والأنظمة السلطوية على بنية النظام القانوني العربي، مما يجعل المساءلة القانونية خطوة محورية لتعزيز سيادة القانون. وفي هذا السياق، يبرز الفساد كعامل رئيسي يعيق إنشاء أنظمة قانونية شفافة وفعالة، حيث يؤدي إلى تآكل الثقة العامة بالنظام القانوني وإضعاف الاستقرار الاقتصادي.[40] وعليه، تصبح محاربة الفساد شرطاً أساسياً لتحقيق سيادة القانون، في ظل تأثير السياقات الثقافية والسياسية على تشكيل هذا المفهوم في العالم العربي؛ إذ تعكس سيادة القانون في الدول العربية تداخلاً معقداً بين الإرث التاريخي والأعراف الثقافية والبنيات السياسية؛ كما تضيف مفاهيم الشريعة الإسلامية بُعداً آخر للنقاش، حيث يتطلب التوفيق بين قوانين الشريعة والمعايير القانونية الحديثة.[41] هذا التداخل يُظهر كيف يمكن للسياقات الثقافية والدينية أن تكون أداة لتعزيز سيادة القانون أو عائقاً أمامها. يتجلى هذا التداخل بوضوح في العدالة الإجرائية، التي تحتل مكانة مركزية في السياقات الإسلامية؛ ففي البلدان الإسلامية، تُعطى الأولوية للعدالة الإجرائية على حساب الالتزام الصارم بمعايير الشكلية، مما يعكس أهمية الإنصاف في حل النزاعات وتضارب المصالح في المجتمع.[42] ويشير ذلك إلى أن محور العدالة في الشريعة الإسلامية هو الإنصاف وليس الشكلية البحتة، مما يعكس خصوصية النهج الإسلامي في تحقيق سيادة القانون. ويتبين من ذلك أن الشريعة الإسلامية تقدم مقاربة فريدة لسيادة القانون، تسعى إلى تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد والمسؤوليات الجماعية، مما يبرز الأهمية التي توليها الشريعة للجوانب الأخلاقية والاجتماعية في إطار سيادة القانون.[43]

وقد أضافت التغيرات التي أحدثها "الربيع العربي" أبعاداً جديدة لهذه التحديات، حيث انصبت الجهود، في عدة بلدان عربية، على تعزيز القضاء المستقل وتطوير قطاعات الأمن وإنشاء هيئات لمكافحة الفساد؛ وعلى الرغم من تعثر هذه الجهود فنجاحها يظل على جدول أعمال الإصلاحات الاستراتيجية الضرورية لتطوير أنظمة قانونية عربية على المدى الطويل. ومع هذه التحديات، يبقى بناء سيادة القانون في المنطقة العربية تحديا كبيرا؛ فالإصلاحات القانونية الناجحة تتطلب انتقالات تدريجية تحترم التقاليد المحلية والسياقات التاريخية، حيث يمثل تحقيق التوازن بين العدالة والمساواة والإنصاف والمعايير الاجتماعية تحدياً مستمراً.[44]

في ضوء هذه السياقات المتنوعة، يتضح أن إشكالية سيادة القانون في العالم العربي ليست مجرد مشكل في المفهوم، بل هب إشكالية ذات أبعاد معقدة تتفاعل مع الإرث التاريخي والثقافة والدين، وهذا التفاعل يجعل تطبيق سيادة القانون في المنطقة تحدياً وفرصة في آن واحد.

الخاتمة

يتبين من دراسة مفهوم سيادة القانون أنه مفهوم غير ثابت، بل تطور عبر التاريخ ليشمل جوانب متعددة من العدالة الاجتماعية والشرعية القانونية، مما يعكس أهميته كركيزة للديمقراطية والاستقرار.

لكنه يواجه تحديات كبيرة مرتبطة بغموض سيادة القانون وفرط التعبير القانوني، ما يتطلب تحقيق توازن بين الشكليات القانونية والأهداف الجوهرية مثل العدالة والمساواة والإنصاف لضمان تحقيق نظام قانوني شامل ومستدام. وفي الجانب التطبيقي يتعرض مفهوم سيادة القانون للاستعمال الإيديولوجي على مستوى الخطابي من قبل السياسيين في العالم الغربي، أما على مستوى العالم العربي فإن الإشكالية تأخذ بعدا أخر من التعقيد يتمثل في صعوبة ترسيخ سيادة القانون في ظل الموروثات الاستعمارية التي تلقي بظلالها على المجال السياسي، فضلا عن استشراء الفساد ورسوخ الاستبداد، مما يستدعي معالجات شاملة تتضمن تعزيز الشفافية والمساءلة وتحقيق الديمقراطية.

لذلك نستطيع القول، إن التداخل بين الثقافة المحلية والقيم القانونية يؤثر على فعالية سيادة القانون، خصوصًا في السياقات الإسلامية التي تعطي الأولوية للإنصاف والعدالة الإجرائية على الشكلانية القانونية. وعليه فالإصلاحات القانونية الناجحة تتوقف على استراتيجيات تراعي الخصوصيات الثقافية والسياقات المحلية، مع تعزيز دور المجتمع المدني لضمان استدامة الجهود التنموية والقانونية.

 

المراجع:

  1. Arendt, H. (1958). The Human Condition. University of Chicago Press, pp. 119–130
  2. Aziz, Z., & Huq. (2024). The Rule of Law: A Very Short Introduction. Oxford University Press.
  3. Berger, A. (1953). Encyclopedic Dictionary of Roman Law. American Philosophical Society.
  4. Buyse, A., Fortin, K., Leyh, B., & Fraser, J. (2021). "The Rule of Law from Below – A Concept Under Development." Utrecht Law Review, 17(2), pp. 15–25
  5. Carothers, T. (2003). Promoting the Rule of Law Abroad: In Search of Knowledge. Carnegie Endowment for International Peace.
  6. Craig, P. (2017). "Formal and Substantive Conceptions of the Rule of Law: An Analytical Framework." In The Rule of Law and the Separation of Powers. Taylor & Francis.
  7. Dicey, A. V. (1915). Introduction to the Study of the Law of the Constitution. Oxford University Press, pp. 189–192
  8. Esmaeili, H. (2014). "The Rule of Law in the Middle East." Hart Publishing.
  9. Finnis, J. (1980). Natural Law and Natural Rights. Oxford: Clarendon Press.
  10. Haggard, S., & Tiede, L. (2011). "The Rule of Law and Economic Growth: Where Are We?" World Development, 39(5), pp. 673–685
  11. Hardin, R. (1999). Liberalism, Constitutionalism, and Democracy. Oxford University Press.
  12. Hart, H. L. A. (1961). The Concept of Law. Oxford: Clarendon Press.
  13. Hasnas, J. (2017). "The Myth of the Rule of Law." In Anarchy and the Law. Taylor & Francis.
  14. Holmes, S. (2003). The Matador’s Cape: America’s Reckless Response to Terror. Cambridge University Press.
  15. Hume, D. (1739). A Treatise of Human Nature. London: John Noon.
  16. Jraid, O., & Alhanaqtah, M. (2017). "Rule of Law and Control of Corruption in the Middle East Arab Countries." Economy & Business Journal.
  17. Laurent, P., & Scheppele, K. L. (2017). "Illiberalism Within: Rule of Law Backsliding in the EU." Cambridge Yearbook of European Legal Studies, 19, pp. 78–82
  18. LeBar, M. (2002). "Justice as a Virtue." In E. N. Zalta (Ed.), Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall 2002 Edition). Stanford University.
  19. Locke, J. (1689). Second Treatise of Government. Oxford University Press.
  20. Maravall, J. M., & Przeworski, A. (2003). Democracy and the Rule of Law. Cambridge University Press.
  21. McIlwain, C. H. (1940). Constitutionalism: Ancient and Modern. Cornell University Press.
  22. McIlwain, C. H. (1947). Constitutionalism: Ancient and Modern. Cornell University Press.
  23. Miller, F. D. Jr. (2012). "The Rule of Reason in Plato's Laws." In Reason, Religion, and Natural Law: From Plato to Spinoza. Oxford University Press.
  24. Montesquieu, C. L. (1748). The Spirit of the Laws. Cambridge University Press.
  25. Palombella, G. (2010). The Rule of Law as an Institutional Ideal. Oxford University Press.
  26. Palombella, G. (2020). "The Abuse of the Rule of Law." Hague Journal on the Rule of Law, 12, pp. 387–397
  27. Pavel, C. (2019). "The International Rule of Law." Critical Review of International Social and Political Philosophy, 23(3), pp. 332–351
  28. Perrin, B. (1989). Plutarch’s Lives. Harvard University Press.
  29. Piana, D. (2016). Judicial Accountabilities in New Europe: From Rule of Law to Quality of Justice. Taylor & Francis.
  30. Poggi, G. (1978). The Development of the Modern State: A Sociological Introduction. Stanford University Press.
  31. Pound, R. (1934). Encyclopedia of the Social Sciences. Vol. VIII
  32. Radin, M. J. (2017). "Reconsidering the Rule of Law." In The Rule of Law and the Separation of Powers. Taylor & Francis.
  33. Rosen, L. (2023). Encounters with Islam: Studies in the Anthropology of Muslim Cultures. Cambridge University Press.
  34. Shklar, J. N. (1964). Legalism: Law, Morals, and Political Trials. Cambridge: Harvard University Press.
  35. Shklar, J. N. (1998). Political Thought and Political Thinkers. Edited by Stanley Hoffmann. Chicago: University of Chicago Press.
  36. Shklar, J. N. (1998). The Faces of Injustice. Yale University Press.
  37. Staton, J. (2012). "Rule-of-Law Concepts and Rule-of-Law Models." Justice System Journal, 33, pp. 235–241
  38. Strauss, L. (1953). Natural Right and History. University of Chicago Press.
  39. Tamanaha, B. Z. (1979). The Authority of Law. Oxford University Press.
  40. Tengku, A. H. (2016). "The Rule of Law in Islam: Between Formalism and Substantivism." Islam and Civilisational Renewal.
  41. Tocqueville, A. de. (1835). Democracy in America. Harvard University Press, pp. 294–296
  42. Weingast, B. (1997). "The Political Foundations of Democracy and the Rule of Law." American Political Science Review, 91(2).

[1] Finnis, J. (1980). Natural Law and Natural Rights. Oxford: Clarendon Press, p. 270

[2] النوموس (Nomos) هو مصطلح ينتمي إلى الفكر اليوناني الكلاسيكي، ويراد به تلك القواعد التي تنظم سلوك الناس تجسيدًا للعدالة والنظام في المجتمع، والتي تعكس ترتيبات قانونية واجتماعية تُوجه سلوك الأفراد تماشيا مع مصلحة المجتمع. يُنظر:

Ostwald, M. (1969). Nomos and the Beginnings of the Athenian Democracy. Oxford University Press, pp. 15-34

Arendt, H. (1958). The Human Condition. University of Chicago Press, pp. 119-130

Strauss, L. (1953). Natural Right and History. University of Chicago Press, pp. 148-160

[3] Hume, D. (1739). A Treatise of Human Nature. London: John Noon, p. 526. Retrieved from https://oll.libertyfund.org/titles/hume-a-treatise-of-human-nature

[4] Piana, D. (2016). Judicial Accountabilities in New Europe: From Rule of Law to Quality of Justice. Taylor & Francis, p. 45. DOI: 10.4324/9781315590745

[5] Hasnas, J. (2017). "The Myth of the Rule of Law." In Anarchy and the Law (pp. 112–115). Taylor & Francis.

[6] Craig, P. (2017). "Formal and Substantive Conceptions of the Rule of Law: An Analytical Framework." In The Rule of Law and the Separation of Powers (pp. 56–60). Taylor & Francis.

[7] Laurent, P., & Scheppele, K. L. (2017). "Illiberalism Within: Rule of Law Backsliding in the EU." Cambridge Yearbook of European Legal Studies, 19, pp. 78–82

[8] Radin, M. J. (2017). Reconsidering the rule of law. In The Rule of Law and the Separation of Powers (pp. 32–35). Taylor & Francis.

[9] Pavel, C. (2019). "The International Rule of Law." Critical Review of International Social and Political Philosophy, 23(3), pp. 332–351, p. 340. DOI: 10.1080/13698230.2019.1565714

[10] Haggard, S., & Tiede, L. (2011). "The Rule of Law and Economic Growth: Where Are We?" World Development, 39(5), pp. 673–685, p. 675. DOI: 10.1016/J.WORLDDEV.2010.10.007

[11] Buyse, A., Fortin, K., Leyh, B., & Fraser, J. (2021). "The Rule of Law from Below – A Concept Under Development." Utrecht Law Review, 17(2), pp. 15–25, p. 18. DOI: 10.36633/ulr.771

[12] Aziz, Z., & Huq. (2024). The Rule of Law: A Very Short Introduction. Oxford University Press, p. 15. DOI: 10.1093/actrade/9780197657423.001.0001

[13] Miller, F. D. Jr. (2012). "The Rule of Reason in Plato's Laws." In Reason, Religion, and Natural Law: From Plato to Spinoza (pp. 31–50). Oxford University Press. DOI: 10.1093/acprof: oso/9780199598168.003.002

[14] LeBar, M. (2002). "Justice as a Virtue." In E. N. Zalta (Ed.), Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall 2002 Edition). Stanford University. Retrieved from https://plato.stanford.edu/entries/justice-virtue/

[15] Shklar, J. N. (1964). Legalism: Law, Morals, and Political Trials. Cambridge: Harvard University Press, pp. 113–120

[16] يشير مصطلح (Ius Civile = القانون المدني) في القانون الروماني إلى القانون المدني الذي كان مخصصًا لتنظيم العلاقات بين المواطنين الرومان داخل الدولة. وقد مثّل هذا النظام القانوني ركيزة أساسية للبنية القانونية الرومانية، حيث ركّز على المواطنية والالتزام بالقواعد المحددة لتنظيم حياة الأفراد والمجتمع بما يضمن استقرار النظام الداخلي. وهو نقيض (Ius Gentium = قانون الشعوب) الذي كان يُطبق لتنظيم العلاقات بين الرومان وغيرهم من الشعوب، معبّرًا عن الطبيعة الثنائية للنظام القانوني الروماني، الذي جمع بين القوانين المحلية الخاصة بالمواطنين والقوانين الدولية التي تنظم التفاعلات مع الشعوب الأخرى. يُنظر:

Berger, A. (1953). Encyclopedic Dictionary of Roman Law. American Philosophical Society, p. 430

[17] McIlwain, C. H. (1940). Constitutionalism: Ancient and Modern. Cornell University Press, p. 29

[18] Op, Cit. Ibid.

[19] Hart, H. L. A. (1961). The Concept of Law. Oxford: Clarendon Press, Chapters 3 & 5

[20] Shklar, J. N. (1998). The Faces of Injustice. Yale University Press, pp. 22, 34

[21] Poggi, G. (1978). The Development of the Modern State: A Sociological Introduction. Stanford University Press, p. 62

[22] Palombella, G. (2010). The Rule of Law as an Institutional Ideal. Oxford University Press, p. 45.

[23] Dicey, A. V. (1915). Introduction to the Study of the Law of the Constitution. Oxford University Press, pp. 189–192

[24] Hardin, R. (1999). Liberalism, Constitutionalism, and Democracy. Oxford University Press, p. 84.

[25] Locke, J. (1689). Second Treatise of Government. Oxford University Press, Chapter XII. DOI: 10.1093/actrade/9780198732440.book.1

[26] Perrin, B. (1989). Plutarch’s Lives. Harvard University Press, p. 453. DOI: 10.4159/harvard.9780674991719

[27] Ibid.

[28] Montesquieu, C. L. (1748). The Spirit of the Laws. Cambridge University Press, Book XI, Chapter 18. DOI: 10.1017/CBO9781139031204

[29] McIlwain, C. H. (1947). Constitutionalism: Ancient and Modern. Cornell University Press. p. 75.DOI: 10.7591/9781501742092

[30] Holmes, S. (2003). The Matador’s Cape: America’s Reckless Response to Terror. Cambridge University Press, p. 261. DOI: 10.1017/CBO9780511616716

[31] Weingast, B. (1997). "The Political Foundations of Democracy and the Rule of Law." American Political Science Review, 91(2), p. 261. DOI: 10.2307/2952354

[32] Tocqueville, A. de. (1835). Democracy in America. Harvard University Press, pp. 294–296. DOI: 10.4159/harvard.9780674034004

[33] Maravall, J. M., & Przeworski, A. (2003). Democracy and the Rule of Law. Cambridge University Press, pp. 1, 3. DOI: 10.1017/CBO9780511617508

[34] Carothers, T. (2003). Promoting the Rule of Law Abroad: In Search of Knowledge. Carnegie Endowment for International Peace, p. 4

Tamanaha, B. Z. (1979). The Authority of Law. Oxford University Press, pp. 210-219

[35] Staton, J. (2012). "Rule-of-Law Concepts and Rule-of-Law Models." Justice System Journal, 33, pp. 235-241. DOI: 10.1080/0098261X.2012.10768013

[36] Palombella, G. (2020). "The Abuse of the Rule of Law." Hague Journal on the Rule of Law, 12, pp. 387-397. DOI: 10.1007/s40803-020-00140-4

[37] Shklar, J. N. (1998). Political Thought and Political Thinkers. Edited by Stanley Hoffmann. Chicago: University of Chicago Press, p. 21

[38] Pound, R. (1934). Encyclopedia of the Social Sciences. Vol. VIII, p. 466

[39] Mednicoff, D. M. (2018). "Authoritarian Legacies and Rule of Law Development in the Arab World." In Law and Society in the Arab World. Routledge, pp. 120-145. DOI: 10.4324/9781315105292-8

[40] Jraid, O., & Alhanaqtah, M. (2017). "Rule of Law and Control of Corruption in the Middle East Arab Countries." Economy & Business Journal. DOI: 10.2139/ssrn.2952743

[41] Mednicoff, D. M. (2019). "Islamic Legitimacy Still Matters: The Rule of Law and Governance in Mednicoff, D. M. (2019). "Islamic Legitimacy Still Matters: The Rule of Law and Governance in Contemporary Arab Muslim-Majority States." DOI: 10.1007/978-3-319-92561-5_4

[42] Rosen, L. (2023). Encounters with Islam: Studies in the Anthropology of Muslim Cultures. Cambridge University Press, pp. 61-78. DOI: 10.1017/9781009389013.007

[43] Tengku, A. H. (2016). "The Rule of Law in Islam: Between Formalism and Substantivism." Islam and Civilisational Renewal. DOI: 10.12816/0027168

[44] Esmaeili, H. (2014). "The Rule of Law in the Middle East." Hart Publishing. pp. 19-25 DOI: 10.1007/978-3-319-05585-5_19