من القراءة إلى التعليق سوسيو- ميتودولوجي
فئة : قراءات في كتب
من القراءة إلى التعليق سوسيو- ميتودولوجي([1])
قراءة في كتاب "سوسيولوجيا الأديان" لجميل حمداوي
بقلم: ياسين عتنا
تعدّ الظاهرة الدينية من أهم الظواهر الإنسانية التي شغلت الفكر الإنساني على طول وجوده، من فكرة إنشاء الدين والبحث على تلك القوى التي تسير صعابه ويحتكم إليها، إلى التفكير فيه كظاهرة تستوجب التحليل والتفسير، ومن هذا المنطلق الأخير، تولّد فرع علمي جديد تحت لواء السوسيولوجيا، باسم علم الاجتماع الديني/سوسيولوجيا الأديان التي كلّفت نفسها بدراسة هذه الظاهرة الإنسانية الاجتماعية.
وعلى هذا المنوال، سنقدم في مقالنا هذا قراءة في كتاب "سوسيولوجيا الأديان" للكاتب المغربي جميل حمداوي، الصادر عن "دار إفريقيا الشرق للنشر والتوزيع" عام 2017، كمادة معرفية للقارئ، الغاية منه إعطاء الخلاصات العامة لهذا العمل، والتدرج العلمي والمنهجي الذي سلكه، ثم سنعمل في نهاية هذه القراءة على تقديم بعض الملاحظات والتعليقات السوسيولوجية والمنهجية على هذا الكتاب، التي غايتها إغناء النقاش العلمي وإضافة بصمة إبستمولوجية عليه.
في رحاب كتاب "سوسيولوجيا الأديان"
خُصص المبحث الأول من هذا العمل إلى تبيان "مفهوم علم الاجتماع الأديان"، وفق مطلبين أساسين؛ أولهما تعريف مفهوم الدين، باعتباره تفسيرا شاملا للعالم، وإجابة عن مختلف مشاكل الإنسان وهمومه، وما يؤرقه من أسئلة واقعية، وغيبية، وميتافيزيقية، دينية، وعقائدية... كما يوطّد العلاقات البشرية الأخوية والمجتمعية للحياة[2]. بصيغة أخرى، هو جل المعتقدات المتسامية على الزمان والمكان الحسيين، وتأطير السلوك والفعل الإنساني وتبشيره بالعالم الآخر. ويرتكز هذا النوع من التفكير على مبادئ أساسية: الربوبية، بداية الخلق، الوحي والإيمان، العقيدة، بالإضافة إلى أن الدين بناء وعمران وتطور للمجتمع، ويحتمل فكرة الوسطية وليس التطرف، ويستند إلى فكرة التوازن الروحي وخدمة الناس. في حين جاء المطلب الثاني على شكل تعريف علم الاجتماع الأديان، مؤكّدا من خلاله على تعريف إجرائي، يقول فيه: "علم الاجتماع الأديان هو دراسة المعتقدات والممارسات والطقوس وأشكال التنظيم الديني، إما وفق المنهجية الكمية، وإما وفق المنهجية الكيفية".[3]
اعتمد المؤلف في المبحث الثاني: "تاريخ الظاهرة الدينية" على ثلاثة مداخل تاريخية للفهم؛ أولها المجتمعات التقليدية والعبادات الوثنية، التي عرض فيها مرتكزات التفكير الإنساني البدائي، الذي لم يتجاوز حلقة السحر والخرافة والأسطورة، وأن معظم معتقداته كانت تجسيدا للإيمان بقوة خفية غير مرئية كالمانا، علاوة على قانون المشاركة الذي يؤكد على فكرة إيمان الإنسان البدائي بوجود قوة تشاركه حياته وهمومه، ثم ظاهرة الإحيائية التي أوضحها على أنها تشخيص الإنسان للطبيعة، وجعلها مثله؛ لها تصرفات سلبية وإيجابية، ليختم هذا المطلب بظاهرة الطوطم أو الطابو، الذي يعد "حيوانا أو نباتات، فيتبركون به إلى درجة التقديس والعبادة"[4]. أما مطلب الديانات السماوية، فركز فيه على الفرق ما بين كل من الديانة اليهودية التي تقوم على اتباع الرسول موسى، والكتاب المقدس التوراة والإنجيل، ويتخلل هذا الدين جملة من الطوائف من قبيل: اليهودية الأرثوذكسية، الإصلاحية، المحافظة والصهيونية...[5] أما الديانة المسيحية التي تُنتسب إلى المسيح أو المختار والمصطفى، فقد ظهرت في الأراضي الفلسطينية كتبشير، وهذا ما يصطلح عليه بالإنجيل، وتتفرق بدورها إلى عدة طوائف، من أهمها: المسيحية الكاثوليكية، البروتستانتية، الأرثوذكسية...[6]. في حين جسد الديانة الإسلامية، من خلال التركيز على أركانها الخمسة، وأنها جاءت كختام للديانات السماوية مع خاتم الأنبياء محمد (ص).
إضافة إلى ذلك، جادل في المطلب الثالث على ضوء ديانات الشرق الأقصى، الهندوسية، البوذية، الكنفوشيوسية، الطاوية، وقدم الأولى على أساس أنها أقدم ديانة، لكونها تعود إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وأساسها تعدد الآلهة، وتتميز "بإيمانها بتناسخ الأرواح، وانتقال الروح من الإنسان إلى الإنسان الآخر أو الحيوان أو الحشرات، وتحرم هذه الديانة أكل اللحوم، وخاصة البقر"[7]. علاوة على النظام الاجتماعي الصارم الذي تتبناه، ويصطلح عليه نظام لكاست les castes (الطوائف الاجتماعية)، في حين أن الديانات الأخرى ماهي إلا مصادرات أخلاقية، وعقائد غير ربانية، جاءت من أجل تطهير النفس البشرية، وصقل خصائص الوفاء والإخلاص في العالم، مع تأكيدها على فكرة السلام الداخلي.
ركز في المبحث الثالث المعنون بـ "واقع التدين في عالمنا المعاصر"، على عرض إحصائيات ونسب مئوية للديانات في العالم، وأوضح أن كلّا من الديانة المسيحية والإسلامية ثم الهندوسية بشكل متتالي أكثر انتشارا في العالم، وتبقى اليهودية وديانات أخرى في المراتب الأخيرة من حيث عدد معتنقيها، وبعد ذلك أكد أن ظاهرة الإلحاد بدأت تنتشر في صفوف الشباب الفرنسي بدرجة(4.3%) وغير المتدينين بنسبة (16.4%) مبررا ذلك بـ "الرخاء الاقتصادي، واكتساح الماديات للحياة اليومية، والانغماس في الشهوات، وانتشار الإباحية في مختلف مجالات الحياة"[8]. وبناءً عليه، ستعرف المؤسسات الدينية تراجعا، مقابل اتساع منطق العلمانية، عكس ما يعرفه العالم الإسلامي الذي لا يزال يعبر شبابا وشيوخا على تمسكهم بالدين الإسلامي. كما أن العالم اليوم بدأ يشهد جملة من الظواهر الدينية التي بدأت تكتسح النظام العالمي، من قبل التطرف الديني، وصراع الأديان، واضطهاد الأقليات.
تناول الباحث في المبحث الرابع: "التصور النظري" أهم الأطروحات الاجتماعية التي أصّلت للفكر السوسيولوجي عامة، وسوسيولوجيا الأديان خاصة، حيث عرج أولا على العلامة العربي الإسلامي ابن خلدون، الذي أقر بأن أساس العمران البشري يتأتى بالسياسة من جهة، والدين من جهة أخرى؛ لكون هذا الأخير ذا أهمية في إبعاد العدوان والشر في نفوس البشر[9]. في حين أصل أوغست كونت لسوسيولوجيا الأديان بناءً على تقديمه لقانون المراحل الثلاث (la loi des trois états) التي مر بها التفكير الإنساني؛ والتي تبدأ من مرحلة التفكير اللاهوتي أو الديني الذي سيطر فيه الميتوس والخيال، مرورا بمرحلة التفكير الميتافيزيقي القائم على اللوغوس المجرد والتأمل بغية الوصول إلى العلة الأولى، إلى التفكير العقلاني الوضعي المستند إلى الاختبارات التجريبية العلمية. أما بالنسبة إلى الأفكار السوسيولوجية التي أفاد بها إميل دوركهايم لتشييد هذا الحقل العلمي، يمكن رصدها من خلال تحليله للمقدس والمدنس في المجتمعات البدائية وكيفية تطوره، والاعتماد على الطوطم، الذي يعد مجموع القيم والأفكار والقواعد والمعتقدات الاجتماعية لجماعة ما، يتم إسقاطها على حيوان أو نبات، ويكون محطة تقديس وإجلال ووقار، علاوة على ذلك يمثل الروح الجماعية والتضامن الجمعي للأفراد، وفي هذا الصدد يمكن القول، إن "الآلهة هي صورة للمجتمع، وليس المجتمع صورة للآلهة"[10] على حد تعبير دوركهايم.
خلافا لهذا المنوال، يرى كارل ماركس أن فكرة الدين تستحق البحث في مضمونها وتأثيرها، حيث قال إن "الدين أفيون الشعوب"؛ بمعنى أن الدين سيف ذو حدين، أداة للتحرر والانعتاق، كما يمكن أن يكون وسيلة للظلم والاستبداد والقمع، هذا الشق الأخير هو الذي يؤكد عليه ماركس من خلال دراسته للكنيسة في شخصِ رجال الدين، ليخلص إلى كون الدين ينطوي على بعد أيديولوجي قوي، يبرر للأفراد التفاوتات الاجتماعية واللامساواة، وكذلك سلوكيات الطبقة الحاكمة ومصالحها، بناء على القيم والأفكار التي يحتويها[11]. إن إسهامات ماكس فيبر من الدعامات الأساسية لقيام هذا الحقل المعرفي، وركيزة أساسية للفهم السوسيولوجي لظاهرة التدين، من خلال دراسته "الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية"، مؤكدًا أن الطائفة البروتستانتية ساهمت في ظهور النظام الرأسمالي، الذي تعتمد على الادخار والاستثمار، والقطع مع ملذات الحياة، وخاصة المذهب الكلفيني، الذي تبلورت على إثره العقلانية الاقتصادية، والتنظيم والتسيير. ومن هذا، يرى ماكس فيبرأن كلّا من الديانات الأسيوية والإسلام، بمثابة ديانات مثالية طوباوية تؤمن بالخرافة واللاعقلانية، ومعادية للمنطق والعقل. ركز مارسيل موس من جهته لإغناء هذا المبحث على الصلاة كظاهرة اجتماعية، وتعرض إلى التطور التاريخي الذي عرفته، مع أهم النظريات والتصورات التي تناولتها، ليخلص إلى أن الصلاة ظاهرة اجتماعية محضة، لكونها تقوم على مضامين وأشكال تشاركية، تفيد ممارسة سردية كلامية ورمزية وسيميائية، لها دلالات اجتماعية مركبة.[12]
أما من وجهة نظر روبرت بيلا، فنحن اليوم أمام دين مدني، لا يتأسس على ما هو غيبي أو روحي، وإنما أمام أساطير معاصرة تبجل وتقدس الشخصيات والقادة السياسيين، وهذا واضح في مراسيم الاحتفال والعبادات الضمنية لها، حيث يعد الرئيس أو الزعيم أيقونة لجملة من القيم والعادات الاجتماعية التي تفرض عليك الولاء لها. ومنه، فإن الدين انتقل ممّا هو ألوهي وروحي، إلى ما هو مدني يتعلق بنظام سياسي حضاري معين[13]. ويرى الأنثروبولوجي طلال أسد أن الدين ميكانيزم أساسي لفهم وتقعيد السلطة وتقويتها في أي مجتمع، لكونه يمارس الإكراه والقهر على باقي المكونات الاجتماعية الأخرى. وبناء على هذا، فإن "السلطة الدينية هي التي تضفي الشرعية على الزائف والباطل والكاذب، وتمارس الإقصاء والانتقاء، وتمارس قوتها في منع الشعائر المضادة لها"[14]، فالسلطة الدينية تسيطر على باقي الهيئات والمؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإن كان ذلك باسم الوهم والزيف وتغريب الآخرين[15]. أما من منظور مؤلف الكتاب جميل حمداوي، فإنه يميز بين الدين الإسلامي كعقيدة ربانية مثالية، وبين المقاسات البشرية الدنيوية الأيديولوجية لهذه العقيدة، هذا الأخير الذي يلجأ إليه الفرد والجماعة على حد سواء لنسيان خوفهم، الناتج عن الطبيعة أو سلطة الدولة، ومنه يعد الدين تأويلا اجتماعيا للمقدس، وذا غاية سيكو-اجتماعية تتجلى في تحقيق التوازن الداخلي والخارجي، للتعبير عن حالة الخوف والعجز والهروب.
ليختم هذا العمل، بمبحث خامس بعنوان "التصور المنهجي"، مركزا فيه على البعد المنهجي المعتمد في علم الاجتماع الديني، فإن كان المنهاج الكمي يعتمد على الإحصاء الوصفي والاستنتاجي والتحليل الديموغرافي، والقياس... فإن المنهاج الكيفي يستند إلى الملاحظة المباشرة والاستمارة بأسئلتها المغلقة والمفتوحة، والتقارير ودراسة الحالة والمضمون، كما يمكن العمل بتداخل المناهج من أجل فهم أدق وتحليل سليم.
عودة على بدء: التعليق السوسيو- ميتودولوجي
أقر الكاتب جميل حمداوي في إحدى فقرات المبحث الثالث من كتابه، والمعنون بـ "التدين في واقعنا المعاصر" أن ظاهرة الإلحاد (لم يتم تعريفها من طرف الكاتب) بدأت تعرف انتشارا واسعا في صفوف الشباب الغربي، حيث قال إن "الدول الغربية تعاني من الفراغ الروحي بسبب الرخاء الاقتصادي، واكتساح الماديات للحياة اليومية، والانغماس في الشهوات، وانتشار الإباحية في مختلف مجالات الحياة. ومن ثم، فالمسيحية عاجزة عن استقطاب هؤلاء الشباب، وإنقاذهم من مهاوي الرذيلة والإلحاد والكفر. في حين، يعد الإسلام أكثر انتشارا بين الشباب والشيوخ على حد سواء، وإن كان ذلك بنسب متفاوتة من منطقة إلى أخرى".[16]
يمكن التعليق من منظورنا كباحثين في علم الاجتماع، على هذه الاستنتاجات من خلال الإقرار بأن هذا التراجع في الاعتقاد بالمسيحية كدين، راجع إلى انتشار الخطاب العلمي ونسبة التمدرس بهذه المجتمعات، وخروج المرأة للعمل[17]، الذي ساهم في تقديم جملة من الإجابات التي كانت تؤرق التفكير الإنساني، كما كان له دور في دحض ثلة من المعتقدات والدوكسات الجماعية وتبيان مدى زيفها وأنها غير صادقة، هذا إن نظرنا إليها على ضوء الأطروحات الكلاسيكية التي تقوم بالربط الآلي بين المؤشرات. أما من جهة أخرى، فيمكن القول بناءً على التحليل الدوركهايمي، إن الديانات بصيغتها الأولى، ستعرف تحولات في المجتمعات المعاصرة، حيث ستتحول إلى قيم إنسانية كونية من قبيل: الكرامة، الحرية، المساواة... التي هي أكثر تعبيرا عن روح العصر، أو الإقرار وفق السياق العام للدراسات في مجال الأديان بعودة الدين، "ولعل النموذجين اللذين برزا بشكل لافت للنظر: هما الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، حيث إنه رغم قوة التحديث في كلا البلدين، فإن الدين بقي محافظاً وحاضراً - بشكل أو بآخر - في تغذية قيم المجتمعين".[18]
علاوة على هذا، فإن الكاتب لازال في هذه الفقرة التي قدمها، لم يقطع ولو بشكل نسبي مع الأحكام المسبقة التي كونها على الأفراد اللذين لا يؤمنون بآلهة خالقة ومسيرة للكون، حيث أقر بوجوب إنقاذهم من "الرذيلة والإلحاد والكفر" وهذه مصطلحات غير علمية، إنما نابعة عن حس مشترك ديني عامي أو سوسيولوجيا عفوية وليست سوسيولوجيا علمية. وفي هذا الصدد يقول الدرس الدوركهايمي في المنهج، وجوب العمل على الجهل المنهجي الذي يفيد أنه على كل عالم اجتماع أن يجهل المعارف المألوفة في البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها، كحيطة منهجية لا غنى عنها[19]. كما أنه قد بنى فكرة انتشار الإلحاد في الدول الغربية على بيانات الدراسة التي قام بها ريمون بودون*، لكن في إقراره بانتشار الدين الإسلامي في صفوف الشباب والعجزة على حد سواء، لم يقدم أي سندات إحصائية دراسية عن هذا، الأمر الذي يمكن أن يتساءل عنه أي باحث سوسيولوجي: على أي أساس تم التوصل إلى هذا الاستنتاج؟
كما أن ملاحظتنا بخصوص المبحثين الثاني والرابع من هذا العمل، تتركز على الإحالات التي اعتمد عليها الكاتب في هذين المبحثين، حيث تم التركيز بشكل مفرط على كتاب "علم الاجتماع"[20] للسوسيولوجي أنتوني غدنز، رغم وصول لائحة المراجع والمصادر المعتمد عليها إلى تسعة وعشرين مرجعا، ونخص بالضرورة الفصل السابع عشر من هذا الكتاب - علم الاجتماع - الموسوم بــ "الدين"*، ومن أجل توضيح الفكرة سنعرض الجدول التالي:
مباحث الكتاب المدروس
اسم الكتاب المقتبس منه
الفصل المقتبس منه
الصفحة المقبس منها
صفحة الأجرأة في الكتاب المدروس
المبحث الأول: مفهوم علم الاجتماع الديني
علم الاجتماع
(أنتوني غدنز)
الفصل السابع عشر: التدين
ص 569
ص 10
ص 570
ص 13
ص 570
ص 13
المبحث الثاني: تاريخ الظاهر الدينية
علم الاجتماع
(أنتوني غدنز)
الفصل السابع عشر: التدين
ص 594
ص 24
ص 570- 571
ص 28
ص 571
ص 29
ص 594
ص 30
ص 574 -575
ص 39
ص 575
ص 43
ص 575 - 576
ص 46
المبحث الثالث: واقع التدين في واقعنا المعاصر
علم الاجتماع
(أنتوني غدنز)
الفصل السابع عشر: التدين
ص 587
ص 63
المبحث الرابع: التصور النظري
علم الاجتماع
(أنتوني غدنز)
الفصل السابع عشر: التدين
ص 581 – 580
ص 78
ص 581
ص 83
ص 581- 582
ص 84
ص 585- 586
ص 85
ص 579
ص 89
ص 579-580
ص 91
ص 585
ص 92
ص 582
ص 93
ص 583
ص 98
ص 583
ص 99
ص 585
ص 104
المبحث الخامس: التصور المنهجي
علم الاجتماع
(أنتوني غدنز)
الفصل السابع عشر: التدين
-------
-------
من خلال الجدول أعلاه، يمكن القول إن مؤلف هذا العمل قد عمل على إعادة كتابة الفصل السابع عشر من كتاب علم الاجتماع، وخاصة في الفصل الثاني والرابع. وعلاوة على هذا يمكن القول من الناحية المنهجية، إنه "يجب ألا تختفي شخصية الباحث بين ثنايا كثرة الاقتباسات، وألا تكون الرسالة سلسلة اقتباسات متتالية، كما يجب أن تنسق الاقتباسات تنسيقا بديعيا، وألا توضع خالية من التقديم والمقارنة والتعليق على حسب الظروف".[21]
كما نسجل وجوب الرجوع إلى أمهات الكتب في حقل سوسيولوجيا الأديان وعدم الأخذ باقتباس عن اقتباس، ونخص بالذكر هنا، الكتب المؤسسة لهذا الحقل من قبيل الأشكال الأولية للحياة الدينية لإميل دوركهايم والأخلاق البروتستانية والروح الرأسمالية لماكس فيبر هذا من جهة، ومن جهة المنظور العربي توجد جملة من الإسهامات في هذا الحقل العلمي كذلك، من صنف كتاب نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني ليوسف شلحت، بالإضافة إلى جملة من الدراسات والأطروحات الجامعية المغربية الجادة التي يمكن اعتمادها، أذكر فقط على سبيل المثال، كتاب عبد الغني منديب "الدين والمجتمع"، كتاب جماعي للطوزي ورشيق وبورقية "les jeunes et les valeurs religieuses"، أطروحة رشيد الجرموني "الشباب والتدين"، كتاب يونس لوكيلي "في سوسيولوجيا الإسلام المغربي". ومنه، فإن وجوب اختيار المراجع، يستلزم "ضرورة الدقة في اختيار المصادر التي يقتبس منها، بأن تكون أصيلة في الموضوع جهد الطاقة، وأن يكون مؤلفها ممن يعتمد عليهم ويوثق بهم"[22]، بالإضافة إلى عدم التركيز على مرجع واحد، بل يجب الانفتاح على مصادر ومراجع أخرى من أجل تكوين رؤية شاملة عن الموضوع المدروس.
خاتمة
إن قولنا الأخير على هذا العمل الذي قيد التعليق السوسيوميتودولوجي، يدفعنا للإقرار بأنه إنتاج فكري يعمل بمنطق السوق الذي يتأسس على العرض والطلب، والسرعة في الإنتاج، وعلى هكذا منطق نكون بصدد تشييد معارف فكرية مضللة أكثر منها تقريرية أو تحليلية أو نقدية، ومنه نكون على إثر منوال إعادة إنتاج نفس الخطابات التوهيمية بالعلم، ولم ننتج خطابا علميا مصقولا بمناهج ومفاهيم ونظريات محكمة، وهذا ما يجعلنا نعيد طرح إشكالية المثقف وعلاقته بالمعرفة، ذلك الإشكال الذي شغل العقل الإنساني وكان محطة جدال فكري، لنخلص إلى أن المثقف توكل له مهمة تنوير الجماهير من خلال الكتابات العلمية التي يقدمها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ طرح سؤال التأصيل في العلوم الإنسانية عامة وفي العلوم الاجتماعية خاصة، الأمر الذي "يقتضى الحوار والاستيعاب، والفهم والتعقل. وفي باب المعارف الإنسانية بالذات يتطلب الحوار الواعي العام بالخلفيات والمرجعيات وشروط الإنتاج، وذلك من أجل أن يكون فعلا حوارا منتجا"[23]. نؤكد على الرفض المطلق للأعمال التي لا تعتمد في بنائها على الجدل والنقد الإبستمولوجي والتأصيل المعرفي الذي يخدم أجندة العلم لذاته.
[1]- نشر المقال بمجلة ذوات العدد 47
[2] جميل حمداوي، سوسيولوجيا الأديان، أفريقيا الشرق، الطبعة الأولى، 2017، ص 14
[3] المرجع نفسه، ص 20
[4] المرجع نفسه، ص 26
[5] المرجع نفسه، ص 33
[6] المرجع نفسه، ص 34
[7] المرجع نفسه، ص 38
[8] المرجع نفسه، ص 61
[9] المرجع نفسه، ص 70
[10] المرجع نفسه، ص 78
[11] المرجع نفسه، ص 91
[12] المرجع نفسه، ص 106
[13] المرجع نفسه، ص 109
[14] المرجع نفسه، ص 110
[15] المرجع نفسه، ص 111
[16] المرجع نفسه، ص ص 61 - 62
[17] رشيد جرموني، مقترب منهجي لدراسة الظاهرة الدينية: حالة الشباب المغربي، مجلة "إضافات"، العدد 35، 2016. ص 25
[18] المرجع نفسه، ص 25
[19] بيير بورديو و آخرون، حرفة علم الاجتماع، ترجمة نظير جاهل، دار الحقيقة، بيروت، ط1، 1993، ص 115
*Raymond BOUDON: Croire et savior. Penser le politique, le moral et le religieux, PUF, 2012, 324p
[20] أنتوني غدنز، علم الاجتماع، ترجمة فايز الصياغ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2005
* يبدأ الفصل السابع عشر من كتاب علم الاجتماع لانتوني غدنز من الصفحة 569 إلى 596
[21] أحمد شلبي، كيف تكتب بحثا أو رسالة: دراسة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثامنة، ص 92
[22] المرجع نفسه، ص 91
[23] كمال عبد اللطيف، تأصيل العلوم الإنسانية في الفكر العربي المعاصر: الشروط المعرفية والتاريخية، مجلة فكر ونقد، العدد 18، أبريل 1999