نقد المعجـزة في فلسفة سبينوزا
فئة : مقالات
1- تمهيد:
تعد الرموز مكونا أساسيا من مكونات كيان الإنسان، لأنه ينتجها ويبنيها، ثم تنفصل عنه، وتتحول إلى نسق يؤثر في سلوكه، وينظم واقعه. وفي هذا الصدد، يرى بيتر برغر Peter Berger أن المجتمع الإنساني ومؤسساته إنتاج بشري يتم من خلال ثلاث مراحل: التخارج L’extériorisation والتوضيعL’objectivation، والدخلنة L’interiorisation [1](الاستبطان)، وهذا ما يشكل في تفاعله ثقافة الإنسان. "الإنسان إذ يصنع أدواته ووسائل عمله، فإنه يصنع أيضا مؤسساته الثقافية والرمزية"[2]؛ فثقافة الإنسان هي مجموع ما ينتجه من خلال تفاعله مع ذاته والواقع، وعن طريقها يستطيع فهم العالم وتأويله وامتلاكه.
الدين له سلطة كبيرة على إضفاء الشرعية على كل ما ينتجه البشر، بتحويل الأنساق البشرية إلى كليات متعالية إلهية
ويعتبر الدين أهم مكون في البنية الثقافية للإنسان "ويظل الدين الأكثر قدرة على إعطاء أنظمة الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، شرعية".[3]
فالدين له سلطة كبيرة على إضفاء الشرعية على كل ما ينتجه البشر، بتحويل الأنساق البشرية إلى كليات متعالية، إلهية، "تتمثل "الوصفة الأساسية" للشرعنة الدينية في تحويل المنتجات البشرية إلى معطيات فوق بشرية، أو لا بشرية، فيفسر العالم المبني من قبل الناس في صيغ تنفي طابعه، باعتباره إنتاجا بشرياً، فيصبح الناموس البشري كوناً إليها."[4] ولقد انتبهت الدراسات الحديثة مبكراً، في مختلف العلوم الإنسانية، للظاهرة الدينية، بإعادة فهمها من منظور علمي جديد، يتجاوز التصورات التقليدية الكلاسيكية، التي تقلّل من شأن الظاهرة الدينية، وتنظر إليها باعتبارها ظاهرة مرضية، أو مجرد مرحلة من مراحل التطور التاريخي للإنسان، يمكن إلغاؤها وتجاوزها، بالاستناد إلى العلم والمعرفة.
وفي إطار هذا المنظور العلمي، ترى الدراسات الثقافية والأنثروبولوجية: (ميرسيا إلياد، غرتز) أن وظيفة الدين باعتباره نسقاً ثقافياً، تكمن في بنيات رمزية أسطورية، يعمل الإنسان على تقديسها. فالمقدس يتجلى للإنسان دائماً حقيقة مغايرة للحقائق الطبيعية[5]. "لذلك كان لابد للمقدس أن يتجلى عبر وسائط لا تحصى، فيظهر في الحجارة تقدس، وفي عين الماء الجارية، وفي الأماكن تحرم، وفي المعجزات يرفعها الأنبياء وأنصارهم في وجه المحاجين والمجادلين ممن في قلوبهم بعض ريب"[6].
وتعتبر المعجزة من أبرز تجليات المقدس، لأنها تشكل أداة فعالة لإثبات النبوة، وتبيان صدقها؛ إذ يعمد إليها الأنبياء والمرسلون، في مواجهة المعاندين المشككين. يقول تعالى: "وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، أو تأتي بالله والملائكة قبيلا، ويكون لك بيت من زخرف، أو ترقى في السماء، ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل إلينا كتابا نقرؤه، قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا"[7].
فكيف تتحدد المعجزة داخل نمط الوعي الديني؟ وهل يتحقق الإيمان بواسطتها؟ وكيف قاربها الفلاسفة؟ خصوصا سبينوزا؟ وما موقفه منها؟
سنعمل في هذا المقال، على تحليل موضوع المعجزة، ودراستها، من خلال ما ورد في فلسفة سبينوزا أساسا.
2- المعجزة عند سبينوزا:
يخصص سبينوزا الفصل السادس من كتابه "رسالة في اللّاهوت والسياسة" لدراسة موضوع المعجزة، مبتدئا بفحص التمثل العامي الساذج حولها، باعتبارها "عملا إلهيا" كونها تتعدى حدود فهم الإنسان.
فالمعجزة هي الحوادث التي لا تتوافق مع القوانين المنتظمة للطبيعة، وهي بالتالي تتجاوز قوانين العقل البشري، لذلك، فإن الإنسان العامي، إذ يجهل طبيعة هذه الحوادث، ينحو إلى اعتبارها من عمل الإله، وبالتالي فهي الدليل والعلامة على وجوده وعظمته.
يدل التصور العامي للمعجزة على أنها من أقوى المظاهر والدلائل على حقيقة الوجود الإلهي، ذلك أن القدرة الإلهية تتمظهر أكثر في المعجزة من حيث هي خروج عن نظام الطبيعة؛ فهي بمثابة فعل على نحو مطرد وتلقائي، ولما كان ذلك يوحي بانتفاء الفعل الإلهي فقد دلت الحوادث الخارقة على القدرة الإلهية. وبالفعل دأب التصور العامي، مستنداً في ذلك على مسلمات التراث اللاهوتي على فهم انتظام الطبيعة على أنها إلغاء للإرادة الإلهية ونفي لفاعلية الذات الذي اعتاد النظام والحتمية. يقول سبينوزا: "اعتاد الناس تسمية العمل الذي يجهل العامة سببه عملاً إلهياً؛ أي عمل الله"[8].
يعرف سبينوزا المعجزة بأنها كل عمل يجهل العقل البشري سببه، وبالتالي فهي أبرز مظاهر حضور الفعل الإلهي، "إنها عمل الله"، كما يقول سبينوزا بأن المعجزة هي "حادثة لا نستطيع أن نبين علتها اعتمادا على مبادئ الأشياء الطبيعية كما ندركها بالنور الفطري"[9]، فالمعجزة إذن هي عمل خارق يتجاوز فهم الإنسان، وهي كذلك أمر خارق مناف لنظام الطبيعة.
بناء على ذلك، "يظن العامة أن قدرة الله وعنايته تظهران بأوضح صورة ممكنة، إذا حدث في الطبيعة على ما يبدو شيء خارق للعادة، مناقض لما اعتاد العامة أن يتصوروه، خاصة إذا كان هذا الحادث بالنسبة لهم فرصة كسب أو مغنم، وهم يعتقدون أن أوضح برهان على وجود الله هو الخروج الظاهر على نظام الطبيعة"[10].
يتضمن هذا التعريف للمعجزة بوصفها "فعل الله"، فكرة وجود قوتين اثنتين: قوة الله والقوة الطبيعية: "يتخيل العامة قدرتين متمايزتين كل واحدة عن الأخرى، من حيث العدد: قوة الله، وقوة الأشياء الطبيعية"[11]. فالله والطبيعة، هما بمثابة فاعلين اثنين من حيث العدد، منفصلين من حيث التأثير والقوة. يتجه التمثل العامي في الغالب إلى تصورهما كقوتين متمايزتين ومتناقضتين، فوجود إحدى القوتين طارد للأخرى؛ أي إن فعالية القوة الإلهية، كما لو أنها نفي وإلغاء للقوة الطبيعية، وبالتالي إظهار لخضوعها للقوة "فالعامي يعتبر أن قدرة الله مماثلة لقدرة ملكية (...) كما أنه يتصور الله خارج الطبيعة، والطبيعة خارج الله"[12]، فالتصور العامي للمعجزة إذن، يقوم بالفصل بين قدرة الله من جهة، وقدرة الطبيعة من جهة أخرى، ولا تبدو قدرة الله واضحة إلا إذا تخيل الله على صورة ملك عظيم جبار، والطبيعة بمثابة قوة لا يحكمها أي نظام، وهذا بالضبط ما يعطي للمعجزة المكانة الكبيرة في المعتقد الإيماني العامي، كونها تبرز العناية والقدرة الإلهية. وبالمقابل من ذلك، فإن التأكيد على فعالية القوة الطبيعية يؤدي رأسا إلى إلغاء القوة الإلهية[13].
لهذا السبب، يرى العامة أن "كل من يفسر الأشياء والمعجزات بالعلل الطبيعية أو من يبذل جهده من أجل معرفتها بوضوح يبدو كأنه قد ألغى الله، أو على الأقل قد أسقط العناية الإلهية"[14].
إن دور المعجزة تبعاً لهذا التحليل هو إبطال قوة الطبيعة وتوسيع لمجال الجهل بالعلل الطبيعية، ومن ثمة إبطال قدرة العقل البشري على الفهم، مما يؤدي إلى إثارة المجال الوجداني الانفعالي لمشاعر العظمة والتعجب، وبالتالي فهي منبع أساسي لتقوية العبادة. يوضح سبينوزا ذلك بالقول: "وهم (أي العامة) يفضلون أن يجهلوا العلل الطبيعية للأشياء، ولا يودون إلا الحديث عما يعجبون به أشد الإعجاب، وذلك إما بدافع الخشوع، وإما رغبة في الاحتجاج على من يعكفون على علوم الطبيعة"[15] إن فكرة العبادة مبعثها، وفق هذا التصور العامي، إلغاء العلل الطبيعة وتصور وجود أشياء تعلو على نظام الطبيعة، وبقدر ما تبدو الطبيعة مقهورة، خاضعة بقدر ما تتجلى القدرة الإلهية، ويتعاظم الشعور بالإعجاب بها.
وبحسّه التاريخي النقدي، يبرز سبينوزا أن أصل هذا الرأي يعود إلى التراث اليهودي القديم، ليثبت أن المعجزة هي فكرة بشرية من نتاج الخيال البشري، ظهرت في سياق الحجاج الديني القديم لدى علماء اليهود حول طبيعة الألوهية، وذلك في مسعى إلى إبطال كل إله منظور مقتبس من مكونات الطبيعة (الشمس، النار، ...)، "إن أول من قال بالمعجزة بالمعنى العامي هم اليهود القدامى، وكان هدفهم من وراء ذلك هو إقناع من عاصرهم من الشعوب بأن ما يعبدونه من ظواهر طبيعية، كالشمس والقمر إلخ... لا حول لها ولا قوة أمام قدرة إله غير مرئي يحكم هذه الظواهر، ويقدر أن يفعل بها ما يشاء، وبهذا استطاعوا أن يؤكدوا تفوقهم على الآخرين، وهو ما مكنهم من تدعيم اللحمة بين أفراد مجموعتهم"[16] فعمد علماء اليهود إلى تأسيس فكرة أن الطبيعة مخلوق إلهي، خاضع للأوامر الإلهية، ويفوق في قوته وقدرته كل الآلهة المتطورة التي يطرأ عليها التغير، وهكذا فالمعجزة لا تشكل وفق التحليل التاريخي إلا فكرة مصطنعة لتعزيز فكرة الاصطفاء؛ فالخيال البشري يصطنع معجزات لحمل الإنسان على الاعتقاد بمركزيته البشرية، وإنه بالتالي مدار الأشياء الطبيعية وغايتها النهائية.
وفي هذا الصدد، تقدم الباحثة الفرنسية جاكلين لاغري Jacqueline Lagrée قراءة سياسية للمعجزة، من خلال كتاب "رسالة في اللاهوت والسياسة" لسبينوزا، حيث تبين أن اليهود القدامى ما فتئوا يزعمون ويدعون بدافع سياسي قيام وحصول المعجزات، وذلك ليظن الناس بأنهم شعب الله المختار[17]. وهذا كله في مسعى منهم لإضفاء الشرعية على ممارساتهم ولتبرير سلوكياتهم، وكذا لاكتساب الشرعية السياسية انطلاقا مما هو ديني، ولذلك نجد تفسيراتهم للكتاب المقدس تعجّ بالأحكام المسبقة والآراء المنحازة، والتي تعمل على لَيِّ أعناق النصوص لجعلها تتوافق مع أهدافهم وطموحاتهم، وهذا ما عمل سبينوزا على مواجهته والتصدي له بأسلوب علمي دقيق.
بعد هذا الفحص التاريخي النقدي للتمثل العامي لفكرة المعجزة، يعالج سبينوزا مسألة المعجزة وفق المنهجية التي اتبعها في كتاب "الرسالة في اللاهوت والسياسة". وهكذا يشرع سبينوزا في تحديد الموضوعات والمبادئ الأساسية لبحثه.
يقسم سبينوزا معالجته لموضوع المعجزة إلى أربع نقط، يضعها وفق ترتيب منطقي نسقي كما يلي:
1- الطبيعة نظام أزلي ثابت، واستحالة وقوع التناقض الذاتي في نظامها.
2- لا يمكن معرفة الله عن طريق المعجزة، بل عن طريق قانون الطبيعة الثابت.
3- الكتاب المقدس لا يعنى بأمر الله ومشيئته وعنايته، ووحدة نظام الطبيعة الذاتي الناتج عن الضرورة الطبيعية الأزلية.
4- نقد الروايات التاريخية وتفسير معجزات الكتاب.
بالنسبة إلى المهمة الأولى يضع سبينوزا ظاهرة المعجزة وفق فهم لا يؤدي إلى التناقض مع القوانين الإلهية والقوانين العقلية البشرية على حد سواء. والقانون الإلهي يتضمن ضرورة وحقيقة أزليتين.
ومعنى ذلك، أن عقل الله وإرادته هي عملية واحدة متماهية العناصر؛ فقولنا إن الله يريد شيئاً على ما هو عليه، ويتصوره على ما هو عليه هما شيء واحد، ونتيجة لذلك، فإن القوانين العامة للطبيعة هي أوامر إلهية نابعة من الطبيعة الإلهية وقوانين العقل الإلهي. وبالتالي، فمن المستحيل أن يحدث شيء من الطبيعة يتنافى أو يخالف قوانينه؛ لأن هذا تناقض بين الله وذاته، بين تصوره وإرادته.
فالمعجزة إذن على خلاف ما يتصوره العامة من أنها أفعال الله الدالة على وجوده وعظمته وإرادته، هي بالمقابل عن ذلك تعبير عن ممارسة الله لفعل ضد ذاته وطبيعته؛ أي إن الله يناقض ذاته وطبيعته وعقله وهذا مستحيل، لذلك يؤكد سبينوزا على وحدة الله والطبيعة، وعلى تناغم وانسجام الأوامر والأفعال الإلهية والقوانين الطبيعية. "إن قدرة الطبيعة هي نفسها قدرة الله وصنعته المميزة، وإن قدرة الله هي ذاتها ماهيته"[18] وعليه فالطبيعة كذلك تسير وفقا لقوانين وقواعد تنطوي على ضرورة وحقيقة أزليتين، متبعة في ذلك نظاما ثابتا لا يتغير، وتنطبق قوانينها على سائر الأشياء، لأنه ليس ثمة سبب يدعو لأن نستثني أشياء عن قوانينها، على الرغم من أنه لا يمكن للعقل البشري إدراكها كلها، فبما أن "قوانين الطبيعة وقواعدها هي أوامر الله ذاتها، فمن الواجب أن نعتقد بلا تردد بأن قدرة الطبيعة لا نهائية، وأن قوانينها من الاتساع، حيث تسري على كل ما يتصوره العقل الإلهي"[19].
إن استثناء بعض الأشياء المفتقرة إلى التدخل الإلهي والقوى والظواهر من نظام القوانين الطبيعية، يقودنا إلى فكرة الطبيعة العاجزة والعقيمة. وعلى خلاف التصور العامي الذي يرى في ذلك خضوعها لإرادة الله وإظهاراً لقوته مقابل ضعفها، فإن سبينوزا يبيّن أن ذلك يؤدي إلى التناقض مع العقل، لأن ضعف الطبيعة وعقم قوانينها لا يمكن درؤه إلا بتصور اضطرار الله دائماً إلى مساعدتها وتدخله الخارجي لكي تظل باقية.
وهكذا يستنتج سبينوزا مرة أخرى، مؤكداً أن "لا شيء يحدث في الطبيعة إلا واتبع قوانينها، وأن هذه القوانين تسري على كل ما يتصوره العقل الإلهي وأن للطبيعة نظاماً ثابتاً لا يتغير"[20]
إذن، إذا كان الفهم العامي ينحو إلى الفصل بين القوتين الفاعلتين: قوّة الله وقوة الطبيعة، فإن سبينوزا يقوم بعملية قلب جذري للعلاقة بينهما، معتبراً أن كلا من الفاعلية الطبيعية والفاعلية الإلهية تنظمها قوانين واحدة وثابتة، وعليه يتصورا مكان استثناء أشياء خارج القوانين الثابتة، لأن ذلك يقود إلى محظورين اثنين:
- تناقض القوانين الإلهية مع ذاتها.
- تناقض القوانين الطبيعية مع ذاتها ومع العقل.
ومن هنا، يحدد سبينوزا المعجزة، باعتبارها نتاج عمل المخيلة العامية، ويعني "مجرد عمل لا نستطيع أن يبين علته قياسا إلى شيء آخر معروف"[21]؛ فالمعجزة هي حدث غير قابل للتفسير، انطلاقاً من قوانين العقل بما هو نور فطري. إنها حدث يجهل العقل علله ومبادئه، ولا تستطيع وسائل التفسير الاعتيادية استيعابه. يحقق هذا التعريف توافقاً بين كل من الأوامر الإلهية والقوانين الطبيعية من جهة، وبين القوانين الإلهية وقوانين النور الفطري من جهة ثانية.
كما أن من نتائجه المهمة على المستوى التاريخي، أنه يتيح إمكانية فحص الروايات التي أدخلت من قبل القدماء في باب المعجزات، موضحاً حجم التضخم الذي وقع في هذا الإطار فطالما جهل العامة مبادئ الأشياء الطبيعية، فإنه يتم التعامل معها كأحداث إلهية مفارقة لقوانين الطبيعة. يقول سبينوزا: "لا نشك في أن الكتب المقدسة قد روت كثيراً من الوقائع التي يقال عنها معجزات، ويمكن دون عناء تعيين علتها بالمبادئ المعروفة للأشياء الطبيعية"[22].
إذا كانت المعجزة هي مجرد أحداث طبيعية يجهل العقل البشري عللها ومبادئها وفق قوانين الأشياء الطبيعية على نحو ما تبين فيما سبق، فإنها بالتالي ليست طريقاً لمعرفة ماهية الله وإدراك وجوده أو عنايته.
يرى سبينوزا منتقلا في فحصه لمشكلة المعجزة إلى القضية الثانية أن الطبيعـة ـ بما هي نظام ثابت لا يتغيرـ هي أفضل طريق لمعرفة الله. فالمعجزة غير قادرة على إمداد العقل البشري بمعرفة الطبيعة الإلهية "لذلك لا تقدم المعجزات ـ وهي وسيلة الدين القائمة على العلامات ـ معرفة واضحة عن الله وطبيعته، بل تزيد من غموض هذه الطبيعة، وتفسح المجال لنشوء اعتقادات مشينة ومناقضة للاعتقاد الواجب"[23]، فهي ليست متحققة بشرطي اليقين؛ أي الوضوح والتميز.
ذلك أن فكرة الله هي من قبيل الأفكار غير البسيطة التي تنتج عن طريق منهج الاستنباط اليقيني، الذي ينطلق من مقدمات أولية، وكما كان من اللازم أن تكون مقدمات الاستنباط يقينية وراسخة، فإن فكرة المعجزة لا يمكن أن تدخل كدليل عقلي على وجود الله وطبيعته، بمعنى أنها فكرة غير يقينية تقبل التشكيك في صحتها، وبالتالي فكل استنتاج يلزم عنها فهو يفتقر إلى اليقين، وبالتالي فالمعجزات ورغم كثرتها، فهي لا تساعد الناس على معرفة الله معرفة واضحة جلية، يقول سبينوزا: "لما كان وجود الله غير معروف بذاته، فمن الواجب استنتاجه من أفكار تبلغ من الرسوخ والثبات حدّاً لا يمكن معه وجود أو تصور قوة قادرة على تغييرها"[24].
فما يجب أن نتحرّاه بحسب سبينوزا هو أن تكون طرائق معرفتنا مؤدية إلى استنتاجات يقينية لاشك فيها، خصوصاً في قضية من حجم قضية وجود الله ومعرفة طبيعته، "يجب على أقل تقدير، منذ اللحظة التي نستنتج فيها وجود الله من هذه الأفكار، أن تظهر لنا على هذا النحو من الثبات والرسوخ لو أردنا ألا يتطرق أي شك في استنتاجاتنا"[25].
يهتم سبينوزا إذن بالبحث عن قاعدة صلبة لبناء الرهان العقلي على وجود الله ووفق المنهج الذي يحدده سابقا لذلك، فأن يستبعد المعجزة لكونها تفتقر إلى الصلابة والرسوخ الضروريين، كونها مناقضة للثبات الطبيعي، فالمعجزات على كثرتها لا تساعد الناس على معرفة الله معرفة واضحة، ومن ثمة فإنه "يستحيل أن تكون وسيلة لإثبات وجود الله، بل إنها على العكس من ذلك تجعلنا نشك في وجوده"[26].
إذن فبمقدور العقل البشري الاهتداء إلى معرفة الماهية الإلهية وعنايتها وقدرتها معرفة يقينية من دون المعجزة، بل إن اعتماد هذا العنصر يقود العقل البشري إلى استحالات وتناقضات في مسعاه إلى إدراك وجود الله.
فإذا كانت المعجزة هي، ـــ كما تقرر سابقاـــ كل ما لا يمكن تفسيره بالعلل الطبيعية، فإن ذلك يترتب عليه تناقضان اثنان: إما أن لكل شيء عللاً وأسباباً طبيعية، وإما بالمقابل من ذلك أن كل شيء ليس له سوى العلة الإلهية كعلة وحيدة، وهذا تناقض ممتنع. فضلاً عن ذلك، فهي تتحدد كعمل يتجاوز حدود الفهم البشري وبالتالي، فإن معرفة الله عن طريق المعجزة هي معرفة مستحيلة، لأنها تتعلق بما يتجاوز قدرات العقل البشري، إضافة إلى كونها شيئاً غير معروف بذاته، غير واضح ولا متميز، يلخص سبينوزا ذلك بقوله: "الحق أن كل ما نعرفه بوضوح وتميز يجب أن نعرفه إما بذاته وإما بشيء آخر يعرف بذاته وبوضوح وتميز"[27]، وهذا ما يرى سبينوزا أنه ينتفي بالنسبة إلى المعجزة كونها تتجاوز حدود فهمنا الإنساني، وبالتالي "لا نستطيع عن طريق المعجزة؛ أي عن طريق عمل يتجاوز حدود فهمنا معرفة ماهية الله أو وجوده، أو أي شيء يتعلق بالله والطبيعة"[28].
إذا تبين إذن قصور طريق المعجزة عن معرفة الله، فإن سبينوزا يؤكد بالمقابل من ذلك أن القاعدة الصلبة والقاعدة الراسخة التي يمكن أن نستمد منها ذلك، هي نظام الطبيعة وثباتها.
بالنسبة إلى العقل البشري وقوانين الفهم، تكون الأشياء التي نعرفها بوضوح وتميز هي وحدها التي تعطينا عن الله معرفة أكمل، وتكشف عن إرادته وأوامره بوضوح تام.
وليس من طريق أفضل لذلك سوى معرفة الأشياء الطبيعية وفهمها مرتبطة بعللها وقوانينها الطبيعية الثابتة، وبالتالي وعلى عكس المعجزة التي تدل على ما يجهله الفهم البشري، «عندما نعلم أن الله قد حدد كل شيء ونظمه، وأن العمليات التي تتم في الطبيعة هي نتائج لماهية الله، وأن قوانين الطبيعة أوامر إلهية أزلية وإرادات إلهية»[29]؛ ويعني ذلك، بعبارة أخرى، أن إرادة الله وأوامره لا تتنافى وقوانين الفهم البشري، فإرادة الله ليست مبررا للجهل، وعدم إعمال قوانين العقل التي تتماهى مع قوانين الطبيعة. فهذه الأخيرة هي أفضل الطرق بالنسبة للعقل البشري، لمعرفة الله وإرادته، بل إن سبينوزا يمضى بعيدا في استنتاج ما يترتب عن هذه الطريقة من اكتشاف لا نهائية الله وأزليته وثباته.
ونتيجة لذلك كله، فسواء كانت المعجزة عملا مناقضا للطبيعة أو عملاً خارقاً لها، فإن إمكانية المعرفة مستحيلة هنا، إذ يستحيل تبعاً لكونها مناقضاً للطبيعة بلوغ أية معرفة لله، وبالمثل، فإن اعتبارها عملاً خارقاً للطبيعة يجعل أية معرفة بشرية فطرية أمراً مستحيلاً ولا يؤدي إلى أي يقين[30].
وخلاصة القول، يؤدي التصور السابق للتحليل السبينوزي عن المعجزة إلى قلب المسلمات التاريخية التي انبنى عليها التصور اللاهوتي، حيث تتحول المعجزة من حيث هي عمل يناقض نظام الطبيعة إلى مصدر للشك في المعرفة الشاملة بالله، وبتعبير سبينوزا: "إن التصديق بالمعجزة يجعلنا نشك في كل شيء، ويؤدي بنا إلى الإلحاد"[31]، بل إن ذلك التراث لا يتعارض مع الفهم البشري الفطري فحسب، بل أيضا مع الشواهد التي يتضمنها الكتاب المقدس. كما في وصية موسى نموذجاً عندما حكم بالإعدام على متنبئ، بالرغم مما يجريه من معجزات[32]. وغيرها من الشواهد والتجارب التي تؤكد ضعف المعجزة في تكوين فكرة الله لدى اليهود، وهكذا يخلص سبينوزا إلى أنه: "ثبت من الكتاب نفسه أن المعجزات لا تعطي معرفة صحيحة عن الله، ولا تدل بوضوح كاف على العناية الإلهية"[33] وقصارى ما يمكن أن تقدمه المعجزة هو أنها: "تجعل الناس يسلمون بوجود إله أعظم قدرة عن أي شيء آخر معروف"[34].
لم يكتف سبينوزا في دراسته لمسألة المعجزة بمنهج العقل الفطري، وفي ضوء قاعدتي الوضوح والتمييز، بل إنه عمد إلى استثمار منهج النص معتمداً في ذلك على الكتاب المقدس.
ينطلق سبينوزا من نقطة أساسية، وهي أن مضامين الكتاب عن تعاليم وأوامر ووصايا هي تعبير عن نظام الطبيعة؛ فكل شيء خاضع لنظام الطبيعة الثابت الذي لا يتغير.
وما يخبرنا عنه الكتاب من حوادث وقعت بالفعل، إنما يُخبرنا بها بما هي حادثة بالضرورة طبقا لقوانين الطبيعة، وهكذا ففي حين يعتقد العامة أن الحوادث المذكورة في الكتاب المقدس تحيل على توقف الطبيعة بالفعل لبعض الوقت، أو أنها خرجت عن نظامها لمجرد أن عللها مجهولة، أو تبدو مناقضة لذلك النظام، يرهن سبينوزا على لأن: "ما يرويه الكتاب على أنه حدث بالفعل، قد حدث بالفعل، قد حدث وفق القوانين والعلل الطبيعية الضرورية، شأنه في ذلك شأن ما يحدث"[35].
يتصل هذا البرهان لدى سبينوزا بمنهجيته في النقد التاريخي، وذلك عندما يذهب إلى إعادة مراجعة نمط قراءة تلك الحوادث والروايات وتفسيرها، باعتبارها حوادث عادية، وهنا عنصر الجدة لدى سبينوزا؛ فكل الروايات المتضمنة في الكتاب عن الحوادث التي تناقض قوانين الطبيعة أو التي لم تصدر عنها، حيث يبرر سبينوزا أن تلك الروايات لا تمت بصلة إلى نص الكتاب، بل هي إضافات "أقحمها العابثون بالمقدسات"[36] على حد تعبيره؛ ذلك لأن "كل ما يناقض الطبيعة يناقض العقل، وكل ما يناقض العقل ممتنع، ومن ثم وجب رفضه"[37].
ونتيجة لذلك، ينبغي تجديد منهج تفسير المعجزات في الاتجاه الذي يزيل ما يبدو تعارضا بين مضامين الكتاب المقدس وأفكار النور الفطري للعقل، إذ يقوم هذا المنهج على ضرورة التمييز بين نص الرواية، وبين أفكار الراوي ومعتقداته المسبقة، "فنادرا ما يروي الناس شيئاً حدث بسهولة دون إقحام رأيهم الخاص"[38]، زيادة على ذلك، فإنه يتم تلقي تلك الحوادث الممزوجة بالرأي المسبق، بما يؤدي إلى تحريف مضمون الحادث أو الرواية أو فهمه في سياق مخالف.
يعبّر سبينوزا عن تداعيات هذه الآفة المنهجية بقوله: "يروي الناس في أخبارهم وقصصهم آراءهم الخاصة أكثر مما يروون الحوادث التي وقعت بالفعل"[39]، وهو ما يتضح على مستوى التضارب والاختلاف، على الأقل الموجود بين روايتين بحادثة واحدة على يد شخصين اثنين مختلفي الرأي، مما يمكن أن يعطي انطباعا بأن الأمر يتعلق بحادثين اثنين.
يعرف سبينوزا المعجزة بأنها كل عمل يجهل العقل البشري سببه، وبالتالي فهي أبرز مظاهر حضور الفعل الإلهي
لذلك، فإن ثمة شروط منهجية التي يجب التحقق بها من أجل معرفة الرواية الصحيحة للحوادث بشكل فعلي، وأولها "أن نعرف آراء الرواة الأوائل، وأول من دون الرواية".[40]
ثانيا إقامة "التمييز الواضح بين الأفكار وبين التصور الحي الذي كان يمكن أن يتكون لدى الواقعة موضوع الرواية"[41]، ومن ذلك أيضا "أن نعرف أفكار الراوي"[42].
وأخيرا "أن نتعرف على الأساليب الخطابية والصور البلاغية التي يستعملها العبرانيون"[43]، تمكن هذه الإجراءات من تجنب الخلط بين المعجزة نفسها كما حدثت بالفعل، وبين أفكار الرواة وأحكامهم. كما تفيد في تجنب الخلط بين الأشياء الخيالية والأشياء كما حدثت بالفعل.
ويعدد سبينوزا الكثير من الأمثلة والنماذج للحوادث التي اتخذت كمعجزات، طالما لم يعرضها على مقاييس الفحص النقدي والتاريخي للروايات، وفق الشروط المنهجية السابقة الذكر*؛ فإعمال هذه الأدوات سيبين بكل وضوح أن كل تلك الحوادث "لا تعدو أن تكون رؤى تتناسب مع آراء أولئك الذين قصوا علينا رؤاهم كما تصوروها، أعني كأنها وقائع"[44]، فالعديد من الأخبار والقصص التي ينعدم تمحيصها وفق منهجية علمية نقدية، تستند إلى أحكام العقل الخالص، وتفسح المجال لتنشيط المخيلة لتشكيل انطباعات حسية عن حوادث يتم التسليم بها كأنها وقائع فعلية.
وحده النقد التاريخي والفحص الصارم والتحقيق العلمي لنصوص وروايات وقصص الحوادث وملابسات تدوينها، هو ما سيمكن الفهم البشري من التحرر من سلطة المعجزة، وبهذا "فإننا لن نكاد نجد في الكتاب شيئا يمكن البرهنة على أنه مناقض للنور الفطري"[45].
وصفوة القول إن "كل ذلك، يدل بوضوح تام على أن الطبيعة تسير وفقاً لنظام ثابت لا يتغير، وعلى أن الله ظل كما هو في جميع العصور التي نعرفها والتي لا نعرفها، وأن قوانين الطبيعة كاملة وخصبة إلى حد لا يمكن معه إضافة شيء إليها أو إنقاص شيء منها، وأخيراً فالمعجزات لا تبدو شيئا جديداً إلا لجهل الناس بأن الكتاب يعلمنا ذلك صراحة، ولكنه لا يقول في أيّ من نصوصه أن شيئا ما يحدث في الطبيعة مناقضا لقوانينها، أو يستحيل استنباطه منها. فلا ينبغي إذن أن تدخل في الكتاب هذه الخرافة".[46]
فالمعجزات إذن، كأحداث خارقة لنظام وقوانين الطبيعة لا يمكن الوثوق بها، ما دام قانون الطبيعة ثابتاً لا يتغير، وما يعتقده الناس أنه خارق، فإنما يعتقدون ذلك نظرا لجهلهم بعلله وأسبابه الحقيقية، وبالتالي فلا يمكن أن نعتقد أن المعجزات تمنح أو تقدم للأنبياء معرفة واضحة عن الطبيعة أو عن الله، كما لا يمكن الاستناد إليها في بناء أي أحكام أو آراء عن ذلك. بخلاف الفلسفة التي تحاول معرفة الأشياء بناء على النور الفطري بالاستناد إلى الأفكار الواضحة والمتميزة.
لائحة المصادر والمراجع:
مؤلفات سبينوزا:
- الإتيقا، ترجمة وتقديم وتعليق أحمد العلمي، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء المغرب، الطبعة الأولى، 2010
- رسالة في اللاهوت والسياسة، ترجمة حسن حنفي، دار التنوير، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 2008
مصادر ومراجع أخرى:
- بيتر برغر، القرص المقدس عناصر سوسيولوجية في الدين، تعريب مجموعة من الأساتذة تحت إشراف عبد المجيد الشرفي، مركز النشر الجامعي تونس، الطبعة الأولى، 2003
- رضا الزواري، المخيلة والدين عند ابن رشد، دار صامد، تونس، الطبعة الأولى 2005
مراجع بالفرنسية:
- Henri Laux, Imagination et religion chez Spinoza, librairie philosophique, Vrin, Paris, 1993
- Jacqueline Lagrée, Spinoza et le débat religieux lectures du traité théologiquo-politique, Presse universitaires de Rennes 2004
- Mircea Eliade, Le sacré et le profane, éd. Gallimard, 1965
[1]- انظر بيتر برغر، القرص المقدس عناصر سوسيولوجية في الدين، تعريب مجموعة من الأساتذة تحت إشراف عبد المجيد الشرفي، مركز النشر الجامعي تونس، الطبعة 1، 2003، ص ص 19-20
[2]- باسم المكي، المعجزة في المتخيل الإسلامي، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2013، ص ص 9 - 10
[3]- بيتر برغر، مرجع مذكور، ص 66
[4]- نفسه، ص 164 - 165
[5] -Mircea Eliade, Le sacré et le profane, éd. Gallimard, 1965, page16
[6]- باسم المكي، المعجزة في المتخيل الإسلامي، مرجع مذكور، ص 10
[7]- سورة الإسراء، من الآية: 90 إلى 93
[8]- رسالة في اللاهوت والسياسة، ترجمة حسن حنفي، دار التنوير، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 2008، ص 213
[9]- المرجع نفسه، ص 216
[10]- نفسه، ص 213
[11]- نفسه
[12]- Henri Laux, Imagination et religion chez Spinoza, librairie philosophique, Vrin, Paris, 1993, page 55
[13]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 213
[14]- نفسه، ص 214
[15]- نفسه.
[16]- رضا الزواري، المعجزة عند سبينوزا وابن رشد، مرجع مذكور، ص ص 38 - 39
[17]- Jacqueline Lagrée, Spinoza et le débat religieux lectures du traité théologiquo-politique, Presse universitaires de Rennes 2004, page 165
[18]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 215
[19]- نفسه.
[20]- نفسه، ص 216
[21]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 216
[22]- نفسه.
[23]- الإتيقا، ترجمة وتقديم وتعليق أحمد العلمي، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء المغرب، الطبعة الأولى، 2010، ص ص 190- 191
[24]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 217
[25]- نفسه، ص 217
[26]- نفسه، ص 218
[27]- نفسه.
[28]- نفسه.
[29]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 218
[30]- نفسه، ص 219
[31]- نفسه.
[32] - نفسه، ص 220
[33]- نفسه، ص 221
[34]- نفسه، ص 225
[35]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 225
[36]- نفسه.
[37]- نفسه.
[38]- نفسه، ص 226
[39]- نفسه.
[40]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 226
[41]- نفسه.
[42]- نفسه.
[43]- المرجع نفسه ص 227
*- تصاعد الدخان من جبل سيناء، صعود إلياس من السماء في عربة نار وعلى خيول من نار...فتح نوافذ السماء، تفجير المياه وشق الصخر، هدم بابل...
[44]- سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، مرجع مذكور، ص 224
[45]- المرجع نفسه، ص 229
[46] - نفسه، ص 230