آلية الجدل في تدريس الفلسفة
فئة : مقالات
آلية الجدل في تدريس الفلسفة
اشريف مزور[1]
تقديم:
من البين بذاته أن تدريس الفلسفة وتعلم التفلسف يقتضي اعتماد مقومات منهجية من أجل تسهيل تملك آليات النقد والنسبية في الحكم وتنمية الحس الإشكالي...؛ ومن بين هذه الآليات المعروفة والمشهورة هناك الجدل، باعتباره ممارسة منهجية رافقت الفكر الفلسفي-المنطقي في تاريخية نشوئه وتطوره. وإيمانا منا بأن ديداكتيك الفلسفة لا يمكن إلا أن يكون فلسفيا (لما للفلسفة من خصوصيات مفاهيمية وحجاجية وإشكالية)؛ أي مما اجترحه الفلاسفة من مناهج ونظريات، فإننا نحاول في هذه الورقة البحث عن بعض الامتدادات البيداغوجية والديداكتيكية للجدل (من المنظور الفلسفي الإسلامي) في درس الفلسفة، ولاسيما في باب المناقشة أثناء الإنجاز الفعلي للدرس (كفاية المناقشة الفلسفية) وليس في مجال المناقشة المتعلقة بالكتابة الإنشائية الفلسفية. فكيف ذلك؟
الجدل فلسفيا وبيداغوجيا /ديداكتيكيا
قبل أن نباشر ذلك، ينبهنا بعض المتخصصين في هذا المجال إلى أن الحديث عن الجدل من المنظور الفلسفي العربي الإسلامي يستند إلى الفهم الإسلامي للجدل الأرسطي، وهو فهم يبعد أحيانا عما خطه يراع أرسطو في مصنفيه الطوبيقا والريطوريقا لدافعين:
- التأثير الذي مارسته النظرية القياسية التحليلية في فكر فلاسفة الإسلام، حينما أرادوا تفسير ما كتبه أرسطو عن الجدل([2]).
- الحضور القوي للمتكلمين كخصوم لهم "فهؤلاء......هم في نظر الفلاسفة مثلهم مثل غيرهم من اليونان [قبل سقراط] الذين لم يرق فكرهم إلى مستوى الحكمة الحقة، والذين ظلوا مأسورين بالمظنون وبالشبيه، بالصادق ولكنه غلط، وبالمموه والمغلط"([3]).
بالإضافة إلى ما سبق، لا يخفى أن حد "جدل" حمال دلالات متنوعة (جدل زينون الإيلي وجدل السوفسطائيين، الجدل السقراطي والأفلاطوني، الجدل الهيغلي، الجدل الماركسي، الجدل عند أهل الممارسة المناظرتية...)، وتعزى نشأته في مجال الإفصاح الإنساني عن الأفكار إلى اختلاف مدارك الناس وطبائعهم من جهة، ووحدة الحقيقة من جهة ثانية، إذ لا جدل إلا حيث التباين في إدراك حقيقة من الحقائق. صحيح أن الجدل عند أرسطو كان مرتبة وسطى بين المعارف العادية والحكمة، حيث كان كمختبر تخلق فيه الإشكالات والمفارقات التي تعالج في ميدان العلوم (وهو تقريبا نفس مسعى الفارابي كما سنرى)، إلا أنه صار تمرينا مدرسيا مع آباء الكنيسة في القرون الوسطى في إخراج شبه مسرحي، عندما يتبنى طرف ما أطروحة وآخر نقيضها، وغالبا ما كان هذا التدافع يحصل في مجال العقيدة (لم تعد له أهمية فلسفية كما كان في المرحلة الهيلينية).
يمكن أن تنفع الصناعة الجدلية كما حددها الفارابي فلسفيا ومنطقيا في مسائل بيداغوجية-ديداكتيكية داخل الفصل في درس الفلسفة كما يلي:
*الترويض([4]): ينفع الجدل (المفاعلة الجدلية) في إعداد ذهن الإنسان نحو العلوم اليقينية من خلال معرفة كيفية الفحص وترتيب الأشياء وتنظيم الأقاويل، وعدم الاقتناع ببادئ الرأي. ولا غرابة في البدء في المعرفة الفلسفية بالجدل، حيث كان دأب المعلم الأول في جل أقاويله الطبيعية، الإلهية والمدنية أن يبدأ بالأقاويل الجدلية حتى إذا استوفاها، صار بعد ذلك إلى بسط البراهين في ذلك المطلوب. من الناحية البيداغوجية-الديداكتيكية، تسعفنا الممارسة الجدلية مع المتعلم في تدبير حصة الدرس الفلسفي؛ وذلك في بناء المفهوم الفلسفي، فبالجدل (جدل القسم سنخصصه للمفاهيم، وما تطرحه من قضايا إشكالية) نروض التلميذ ونهيئه لبناء معرفة فلسفية، انطلاقا من تمثلاته (جدل الاستيعاب والتلاؤم) التي لا يجب أن يبقى حبيسا لسطوتها، فيعدلها ويتجاوزها نحو تصورات تمتلك قسطا وافرا من المصداقية العلمية. يرتبط الأمر بتدريب المتعلم لمناقشة الآراء ومواجهة الجاهز والتخلص من الدوغمائية والسلبية. إجمالا، الجدل ينفع هنا في تبادل الأفكار ونقدها وصولا إلى لحظة بناء الأطروحات والمواقف الفلسفية. عبر الجدل إذن، ندرب المتعلم على الحوار والنقاش بصدد المعيش في أفق تحليله منطقيا واستعادته في ضوء تاريخ الفلسفة، حيث يرتقي إلى الحركة في مستوى المفاهيم الفلسفية (تصور C.Collin).
إذا كان جدل الفارابي الفلسفي ينطلق من المشهورات، ومهمته الترويض، وغايته إعداد الذهن لمسائل البرهان. فإن الجدل الديداكتيكي ينطلق من تمثلات وآراء التلاميذ بصدد قضية أو موضوع معين. ومهمته أو وظيفته إشراك التلميذ في الوصول إلى توافق بصدد قضية معينة، بغاية محاربة سلطة الرأي الواحد وقبول النسبية وترسيخ البينذاتية والتفاعل...
*تبسيط الأقاويل البرهانية: بما أن المعارف لا تنفصل عن محيطها الاجتماعي، يعمل الجدل على تبصرة الجمهور وتنويره بما أصابه الفلاسفة من الحق في الآراء والسنن، ولا يتم هذا التنوير باعتماد البراهين اليقينية؛ لأنها تدق عن مداركه لعواصتها وغرابتها عنده، بل بالمشهورات، ويسمي الفيلسوف تعليم اليقين بالأمور المشهورة للجمهور بالفلسفة الخارجة (البرانية أو الرابعة)، وبهذا يشارك الفيلسوف الجمهور، لكنه أيضا يصون نفسه من استثقالهم واستنكارهم كل ما كان صعبا عن إدراكهم([5]).
جرت العادة في مدارسنا أن تنعت الفلسفة كمادة دراسية بأقبح الأوصاف (فكر صعب، لا علاقة له بالواقع...) لأسباب قد يتحمل فيها المدرس نصيبا من المسؤولية (بجانب أسباب أخرى)؛ إذ المعارف الفلسفية لا يجب أن تقدم هكذا بالإلقاء ودون شرح مبسط. في هذه النقطة، يلعب الجدل دور تبسيط المفاهيم الفلسفية وتقريبها لأذهان المتعلمين عبر الحوار الفصلي واستخدام الأمثلة ذات الصلة بواقعهم السوسيوثقافي. إن الفكرة الفلسفية أو المفهوم الفلسفي تصبح قابلة للإدراك في أوساط المتعلمين عندما تناقش فصليا بالشرح والحجاج والتفاعل. لا ننسى أن جل فلاسفة الإسلام، رغم ادعائهم البرهانية وهم يعالجون القضايا الميتافيزيقية والسياسية... فكروا تمثيليا (يشبه الفارابي مثلا الرئيس الأول للمدينة بالله في تدبيره ...) بإجمال، الجدل يسهم هنا في تبسيط المعرفة الفلسفية ونقلها من الطابع الأكاديمي الرصين إلى التناول المدرسي. ومن المعلوم أن هدف تدريس الفلسفة هو تعميق فهم التلاميذ لما يحيطون بهم من أشياء وظواهر، مما يفرض على المدرس اعتماد لغة واضحة وصارمة، ويكون المثال هنا والمتخيل عموما، هو الضامن لوضوح وصرامة هذا القول.
*صيانة الفلسفة عن السوفسطائيين ومدافعتهم عنها بكل تشكيكاتهم، وتزييف صناعتهم وتهوين شأنها، ولا يقدر على ذلك إلا صاحب الجدل فقط([6]).
أعطى الفارابي للجدل دورا مهما في مشروعه الفلسفي السياسي، فقد أناط به مهمة تصحيح آراء المدنيين في الملة ونصرتها، إذا ورد من يروم مغالطة أهلها بالقول وتضليلهم ومعاندتها (دور سياسي/اجتماعي/ديني). من الناحية البيداغوجية والديداكتيكية يسعفنا الجدل الفلسفي في الدفاع عن وجهة نظر معينة داخل الفصل بأدلة وحجاج منظم ضد كل التشكيكات والمغالطات. بهذه الطريقة تنأى الفلسفة (كما هي عند بادئ الرأي) عن أن تكون هرطقة ومضيعة للوقت، حيث يتعلم التلميذ متى وكيف يدافع عن فكرته مدللا عليها بحجج العقل الواضحة وشواهد الواقع الساطعة. وهنا يفتح الجدل متعلمينا على المفارقات ويتيح الخروج من الدوغمائية.
*انتهاء المقام الجدلي إلى تبكيت([7]) وعناد([8]): لابد وأن ينتهي التفاعل الجدلي كمخاطبة بين سائل ومجيب إلى أحد وضعين: إما الوضع وقد تم حفظه (العناد)، أو الوضع وقد تم إبطاله (التبكيت)، فنحن لا نتجادل إلى ما لا نهاية له من الوقت. بيداغوجيا، الأسلوب الجدلي لا يجب أن يستوفي الحصة بأكملها؛ فالأستاذ يوظف تقنية الجدل/الحوار في مقاطع معينة من الدرس ولغرض محدد: استثمار الجدل مثلا في مناقشة أطروحة معينة بهدف تركيب محور من المحاور في الدرس. صحيح أن الجدل عملية فكرية تقصد الهدم أكثر من البناء، إلا أنه يتحرك في مساحة الشك، ومن ثم لا علاقة له بالبرهان. تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الجدل في الممارسة الفصلية فعل بيداغوجي-ديداكتيكي يخضع لإكراهات الفصل والمؤسسة، وبالتالي يظل مشروطا بضوابط تربوية، إذ لا يتعلق الأمر بتحويل الدرس الفلسفي إلى ساحة للعراك والاستهزاء، بل المهم هو حث المتعلم على الاجتهاد في مناقشة الآراء، ليس للغلبة، وإنما للوصول إلى توافق أي بناء تصور فلسفي بصدد قضية معينة، فكم من حق ضاع لضعف حجته، وكم من باطل ذاع لقوة حجته. ولا يستوي النظر من جانب واحد، مع النظر من جانبين أو أكثر، بهذه الطريقة نهيئ المتعلم لمناقشة أي شيء يعرض أمامه خارج وداخل أسوار المدرسة. أو لم تحارب الفلسفة عبر تاريخها مختلف الدوغمائيات؟
ارتباطا بما سبق، نعلم بأن مسألة الحوار وما يتعلق به من جدل وغيره، قيل فيها وحولها الكثير في درس الفلسفة، ولاسيما عندما يتم ربطها آليا بسقراط/أفلاطون في منهجه التهكمي-التوليدي. فهل كان سقراط/أفلاطون عبر الحوار يبسط فلسفة موجودة عنده سلفا أم كان يبنيها مع محاوريه وخصومه؟ بخصوص الطرح الأول، فقد انتصر له الكثير عبر مقالات ومؤلفات عدة. في مقابل ذلك وانطلاقا من بعض الاعتبارات، يمكن إغناء ذلك الطرح بوجهة نظر أخرى مؤداها أن سقراط كما تقدمه لنا المحاورات الأفلاطونية لم يكن يملك فلسفة، حتى يبسطها بالحوار (الحوار كان ممارسة شائعة في زمن سقراط وأفلاطون خاصة في الأغورا وفي فن المسرح خصوصا)، بل يبنيها مع محاوريه بالأسئلة والأمثلة والأمثلة المضادة وصولا إلى الماهيات والمعقولات (الفلسفة)، وكأنه هنا يمارس سياسة الحقيقة بلغة فوكو. في هذا الصدد، يرى V.Golschmidt أن مفهوم البراديغم يلعب دورا كبيرا في الأفلاطونية خاصة في نظرية المعرفة؛ فالأشياء الحسية هي براديغمات عندما تؤول بشكل صحيح، تقودنا نحو الصور (les formes)، بدورها الصور هي براديغمات في الطريق الهابط تمكننا من معرفة العالم المحسوس والتصرف إزاءه (فوق الصور أو الأسباب البراديغماتية Les causes paradigmatiques، هناك صورة الخير أو النموذج الأسمى). يرتبط استعمال النموذج (مثال، مقارنة) في محاورات أفلاطون بإجراء جدلي. النموذج تمرين يتعلق بجلب المتعدد إلى الوحدة والوصول إلى النظرة الكلية التي يمنحها التعريف([9]). أكثر من ذلك فالبراديغمات لا تقول لنا كيف نمر من المتعدد إلى الواحد، لكنها تمارس هذا الفعل وترينا كيف نفعل ذلك([10]). بصيغة أخرى، البراديغم لا يوضح illustrer فقط زوايا الكلي، وإنما يجسد الطريق المؤدي إليه([11]). المسألة الثانية التي يحققها البراديغم هو اكتشاف التشابهات([12])؛ فعن طريق التشابه يسهم البراديغم في اكتشاف الجنس بين النموذج وموضوع البحث الجدلي([13]). إننا إذن في هذا النموذج الحواري مع سقراط نبني المفاهيم الفلسفية عبر الأمثلة وما يوجد في محيطنا، وهذا درس بليغ يعلمنا إياه سقراط؛ إذ إن التفلسف يقتضي في طور أول الاشتغال على اللغة الطبيعية (استعمال فلسفي للغة الطبيعية أو اشتغال سيمانطيقي على اللغة الطبيعية). بحيث يتم الانتقال من الدلالات العفوية للغتنا اليومية فنصل إلى التحديد المفهومي (détérmination) conceptualisante) للملفوظات الذي يتجاوز بعضا من سوء الفهم الذي ينتج أحيانا بسبب الخلط بين بعض الدلالات اليومية كالخلط بين العدالة والمساواة أو خلط الحرية بالإمكانية البسيطة لفعل ما نريده. في هذا المستوى يطرح مشكل كيفية توليد المفاهيم في الفلسفة، في هذا الصدد أشار F.Cossutta إلى أن الفيلسوف لا يبني وحدات المعنى من الفراغ، بل انطلاقا من اللغة الطبيعية عن طريق عمليتين: عملية الإعناء Idéalisation وتنصب على تصورات شائعة داخل اللغة الطبيعية، فكلمة عقل مثلا ذات دلالة شائعة، لكن استخدام هيغل لها يظل فلسفيا حولها إلى مفهوم مجرد، ثم عملية الإسماء Substantivation وتنصب على الأفعال (Devoir) وعلى الظروف واسم الفاعل والمفعول (le sacré...)([14]). سقراط إذن تحاور مع خصومه بلغتهم لكن بهدف كشف التناقض فيها والانتقال إلى مستوى أعلى هو الماهيات والمعقولات. وفي ممارستنا الفصلية ننتقل من تمثلات المتعلمين المتسمة بالهلامية السيمانطيقية إلى المفاهيم الفلسفية الكلية.
وغير بعيد عن ذلك، وفي حديثه عن استراتيجية سقراط في استخدامه الأمثلة المضادة مع محاوريه (يندرج المثال المعاكس السقراطي في إطار عملية دحض التعريف الذي أدلى به محاوره السوفسطائي)، يقول روني شيش: "ألا يبدو أن المثال هنا تجاوز بكثير دوره التجسيدي لفكرة ليتحول إلى نموذج حقيقي؟ وهنا بالضبط يكمن كل الفرق بين المثال كما يوظفه هيبياس (حيث تختلط الفكرة بالواقعة)، والمثال كما يستخدمه سقراط (حيث تقود الواقعة إلى الفكرة؛ لأنها عاجزة عن الإلمام بشموليتها وكليتها)، وهنا كل الفرق كذلك بين السوفسطائية والفلسفة"([15]). هذه الاعتبارات وغيرها تجعلنا نميل إلى كون سقراط/ أفلاطون استخدم الحوار وما يرتبط به من أسئلة وأمثلة وأمثلة مضادة لبناء المفاهيم الفلسفية، وليس لشرحها وتبسيطها. أفلا يجدر بنا أن نحذو حذوه في فصولنا الدراسية؟ لكن مع ضرورة الاسترشاد بما قاله سقراط نفسه من أن كل ما يعرفه هو أنه لا يعرف شيئا. وعبارته هذه يمكن تناولها من زاويتين: الأولى أخلاقية أي التواضع، والثانية أنطولوجية، فما أعرفه يمكنني فقط من أن أمحو جهلي (الجهل هو الأصل)، الذي ينبغي أن أمجده (الجهل الذي يكون خاتمة وليس منطلقا).
قائمة المراجع:
- حمو النقاري، منطق الكلام، من المنطق الجدلي الفلسفي إلى المنطق الحجاجي الأصولي، منشورات الاختلاف، طبعة الدار العربية للعلوم ناشرون، الأولى، 1431هـ، 2010م.
- V. Goldschmidt, le paradigme dans la dialectique platonicienne, vrin, 2003.
- F.Cossutta, Eléments pour la lecture des textes philosophiques, Bordas, Paris, 1989.
- revue, l’enseignement philosophique, n 492. 1996.
[1]- باحث في الفلسفة- المغرب
[2]- حمو النقاري، منطق الكلام، من المنطق الجدلي الفلسفي إلى المنطق الحجاجي الأصولي، منشورات الاختلاف، طبعة الدار العربية للعلوم ناشرون، الأولى، 1431هـ، 2010م، ص189
[3]- المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[4]- حمو النقاري، منطق الكلام، مرجع سابق، ص 325
[5]- المرجع نفسه، ص 334
[6]- المرجع نفسه، ص 334
[7]- المرجع نفسه، ص 317
[8]- المرجع نفسه، ص 318
[9]- V. Goldschmidt, le paradigme dans la dialectique platonicienne, vrin, 2003. p.15
[10]- Ibid. p.8
[11]- Ibid. p.19
[12]- Ibid. p.22
[13]- Ibid. p.23
[14]- F.Cossutta, Eléments pour la lecture des textes philosophiques, Bordas, Paris, 1989, p.57
[15]- Chiche René, l’exemple dans le cours de philosophie ; in, "l’enseignement philosophique", n 492, 1996, p. 26 à 41