أخْلاَقُ الْإِيِمَانِ
فئة : ترجمات
أخْلاَقُ الْإِيِمَانِ
تأليف: وِلْيَامْ كِنْغدون كْلِيفُورد
تقديم وترجمة: الدكتور أحمد فريحي
تقديم:
تُعدّ هذه المقالة مُؤسِّسة للنِّقاش حول ما يُعرف اليوم بأخلاقيات الإيمان، وقد نشرَها العالمُ الرِّياضي، والفيلسوفُ الإنجليزي وليام كنغدون كليفورد William Kingdon Clifford (1845-1879) سنة 1877، تبنى في مضامينها موقفاً أخلاقياً صارماً في الإيمان، والَّذي أصبح يُعرفُ اليوم بالنَّزعة الدَّليلية Evidentialism، الَّتي توصي بأنْ لا نُؤمن بشيء مهما كان، ومن أيٍّ كان بدون أدلة قاطعة؛ في مقابل النَّزعة اللادليلية Non-evidentialism، الَّتي تسمحُ بالإيمان في بعض الحالات بدون أدلة قاطعة.
في هذه المقالة يُعلنُ كليفورد: أنَّه من الخطأ الفادح والشَّنيع دائما وأبدا الإيمانُ بأيِّ شيءٍّ، وفي كلِّ الأحوال، وبما يقوله أيُّ شخص استنادا إلى أدلة غير كافية؛ كما أنَّه لا يجبُ أنْ نؤمن بما يتجاوزُ قدراتنا وتجربتنا إلاَّ لمَّا نستنتج من تلك التَّجربة أنَّ ما نجهله يشبهُ إلى حد مُطابق ما نعرفه، وأنَّه لا يُمكننا أن نصدِّق ما يقوله شخص آخر إلاَّ إذا كان هناك أساس معقولٌ للافتراض أنَّ ذلك الشَّخص يعرفُ حق المعرفة ذلك الموضوع الَّذي يتحدَّث عنه، وأنَّه يقولُ الحقيقة كما يعرفُها، وكما هي، وأنَّه لمَّا يتساوى الشَّك والتَّحقيق في الافتراض حول أمر، فإنَّ الإيمانَ سيكون في هذه الحال أسوأ من الافتراض.*
قد تُحرك فينا هذه المقالة تمردا على التَّقليد الأعمى، وعلى السَّذاجة، وعلى التَّسرع في الإيمان بأيِّ شيء، وتثير فينا الشُّكوك، وتوقظ فينا أسئلة خطيرة، وتبيِّن لنا فداحة نتائج الأفعال المُترتبة على الإيمان الخاضع للميولات، والنوازع، وللأهواء الشَّخصية على الأفراد، وعلى المجتمعات، وعلى البشرية برُمتها. كما تكشف خطورة الكيد والاتهام بدون أدلة تثبت الفعل. لكنَّ إخضاع كليفورد الإيمانَ، وبالخصوص الإيمان بالغيب وبما يتجاوز تجربتنا، للمعرفة التَّجريبية، وإخضاعِه الأخلاق للمساءلة، والحسم فيها بناء على أدلة خارجية، في غياب حسم المعرفة نفسها في القضايا الأخلاقية، قد يضعُنا في مأزق أخلاقي واجتماعي لا مخرج منه. وبهذا، فهو يُختلف عمَّا وضعه كانط من قبل، لمَّا فصلَ قضايا المعرفة عن قضايا الإيمان: فهذه الأخيرة نُؤمن بها، ولا دليلَ يثبتُها أو ينفيها، بخلاف الأولى الَّتي تخضعُ لمنطق الإثبات والنَّفي. وعليه، فالإيمانُ لا يقومُ على دليل، وبذلك، فهو لا يخضعُ للشك، ولا يُعرضُ للتحقيق، لكنَّه مُقيَّد بضوابط أخلاقية صارمة.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
* أنَبِّهُ القارئ اللَّبيب أنَّ كلَّ ما ورد في هذه المقالة يُعبِّر عمَّا قاله صاحُبها، فلا داعي لتحميل المُترجم مسؤولية المضامين، والخلط بين الاثنين.