أَوَّلِيَّة القيم... والعدل
فئة : أبحاث محكمة
أَوَّلِيَّة القيم... والعدل
فهمي جدعان*
ملخص:
لم أكفَّ، ولن أكفَّ، عن تكرار الزعم أنَّ المشكل الأعظم الذي يحكم تلابيب الاجتماع العربي المعاصر ومفاصله يقع على وجه التحديد في شبكة القيم. ولقد نهضت مرَّات عدة في وجه الأطروحة التي زعم أصحابها من الضاربين في «العقلانيَّة المسرفة» أنَّ المسألة كلّها تكمن في «العقل العربي»، وأنَّ حلها يتمثل في تفرُّد العقل وفي تنصيبه إماماً في كلّ شيء، وأنَّ ذلك، بالطبع، لن يتحقَّق إلا بعد المرور بـ «نقد» هذا العقل، الذي أطبق نقادُّه على أنَّه عقل خرافي، أو بياني، أو «سابق للمنطق»، أو ضارب في «الهرمسيَّة»... إلى آخر ذلك من السمات المرذولة التي تهبط بطبيعة هذا العقل وبقيمته في أداء دور إيجابي في النهضة العربيَّة. وقد كان موقفي وما زال أنَّ هذه الرؤية، على الرغم من الأساس الواقعي السديد لها، تظلُّ قاصرة عن الإحاطة بمجمل المشكل؛ لأنَّ ثمَّة وجهاً آخر، بنيوياً، لهذا المشكل يكمن في الخلل العميق الذي يتلبَّس «الفعل»، أي القيم، أي منظومة القيم الفاعلة السائدة وهيكليَّة «السلَّم» الذي يحكم هذه القيم ويضبطها. فذلك وجه شاهد في جملة الأفعال التي تصدر عنا في حياتنا اليوميَّة. الظاهرة ليست جديدة بكلّ تأكيد. ومن يُلقِ النظر إلى وقائع الحياة الأخلاقيَّة العربيَّة أمس واليوم يشهد بجلاء الخلل الأخلاقي في هذه الحياة. لاحظ ذلك الفلاسفة العرب قديماً؛ وضع أبو بكر الرازي كتابه (الطبّ الروحاني) لإصلاح الأخلاق والنفوس. وتنبَّه يحيى بن عدي إلى المشكل نفسه في (تهذيب الأخلاق)، وتابعهما مسكويه في (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق). لقد تمَّ في أعمال هؤلاء، وغيرهم، فضح أخلاق: العُجْب، والكذب، والحسد، والنفاق، والظلم، وطلب الجاه والمناصب الدنيويَّة...، فضلاً عن «أمراض النفس» وآلامها، كالحزن، والخوف من الموت، والغم، وغيرها. لم تنقلب الأمور في الأزمنة الحديثة، إذ هي تسوء وتسوء، وتتَّجه بـ «فضل» ظفر الرأسماليَّة والنفعيَّة والفردانيَّة والعولمة، إلى مزيد من فساد القيم وانتشار مضادات «الفضيلة» وفق المصطلح القديم، مصطلح أفلاطون وأرسطو ومن تابعهما من فلاسفة العرب والإسلام..
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا