استئناف النظر الفلسفي عند محمد عزيز الحبابي
فئة : قراءات في كتب
استئناف النظر الفلسفي عند محمد عزيز الحبابي
قراءة في كتاب: "محمد عزيز الحبابي وتأسيس الفلسفة الشخصانيَّة الواقعيَّة"
ليوسف بن عدي
صدر كتاب يوسف بن عدي الموسوم بعنوان محمد عزيز الحبابي وتأسيس الفلسفة الشخصانيَّة الواقعيَّة عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث في طبعته الأولى سنة 2016، وهو كتاب يمتدُّعلى 200 صفحة، ويتضمن خمسة فصول: أفرد الكاتب الفصل الأول للسيرة الفكريَّة لمحمد عزيز الحبابي، إيماناً منه بأنَّها تحظى "بقيمة اعتبارية كبيرة"[1]، بل إنَّ الجانب المنهجي والسوسيو- معرفي لا يستوي، في نظر الكاتب، "دون تقريب الشروط المجتمعية، والسياسية، والأدبية، والبيئية"[2]، وخصَّ الكاتب الفصل الثاني لبيان منزلة الشخصانيَّة بصفة عامة، وشخصانيَّة محمد عزيز الحبابي على وجه الخصوص في الفكر العربي، مستحضراً في ذلك النقاشات التي أثيرت بشأنها من طرف جملة من المفكرين، سواء من ينتمي منهم إلى شمال أفريقيا أو إلى الشرق الأوسط[3]، وبيَّن الكاتب في الفصل الثالث كيف ساهم محمد عزيز الحبابي في استئناف النظر الفلسفي، ولاسيَّما أنَّ الرجل لم ينصرف اهتمامه للتأريخ للفلسفة، بل انصرف أساساً للتفكير في القضايا الفلسفيَّة، مستحضراً مجاله التداولي، وشرطه التاريخي، عسى أن يساهم من موقعه بصفته مفكراً للانخراط في الكونية انخراطاً واعياً بالخصوصية الحضارية والإشكالات التداولية[4]، وأبرز الكاتب في الفصل الرابع كيف عمل محمد عزيز الحبابي على تأسيس نظرية نقدية فلسفية قوامها التحاور، والاتصال والانفصال، والاستمرارية والتجاوز، والخصوصية والكونية، دون التحيز للوثوقيات الإيديولوجية والنزعات المذهبية، وتوَّج الكاتب هذه الفصول بفصل خامس بيَّن فيه أسس المشروع الشخصاني الغدوي الجديد لمحمد عزيز الحبابي، وهو مشروع تمخض عن الشخصانية الواقعية التي شخصت الأزمات التي يتخبط فيها العصر، وكشفت عن أسباب التخلف، وانتقدت المسؤولين عنه، لتأتي في نهاية الأمر الفلسفة الغدوية كبشرى للانعتاق والخلاص والتحرر[5]. فما الذي حمل الكاتب على الاهتمام بفكر محمد عزيز الحبابي؟ وما قيمة هذا المفكر في الفكر العربي من جهة، والعالمي من جهة أخرى؟ هل كان له من الفَرادة والجدَّة ما يستحق التقدير أم أنَّه كان مجرد ناقل وناسخ ومقلد ومقرب؟ وهل مازال لشخصانية محمد عزيز الحبابي ذي الاتجاهين: الواقعي والغدوي مكانة في فكرنا العربي والعالمي المعاصرين أم أنَّها صارت في خبر كان؟
يأتي كتاب محمد عزيز الحبابي وتأسيس الفلسفة الشخصانيَّة الواقعية في سياق اهتمام المُؤَلِّفُ بالفكر العربي، بعدما ألف كتاب مساءلة النص الفلسفي المغربي المعاصر، وكتاب أسئلة التنوير والعقلانية في الفكر العربي المعاصر، وكتاب قراءة في التجارب الفكرية العربية المعاصرة: رهانات وآفاق. ويرجع سبب اهتمام المؤلف بفكر محمد عزيز الحبابي إلى اقتناعه بأنَّ شخصانيَّة الرجل ذي الاتجاهين اللذين يشدان بعضهما بعضاً: الواقعية من جهة، والغدوية من جهة أخرى، تُعدُّ بحق "من أكبر المشاريع الفكرية العربية المعاصرة التي تستحق منا الكثير من العناية والرعاية الأكاديمية والعلمية"[6]، ولاسيما أنَّه مشروع لم يحظَ "باهتمام فكري ونقدي يوازي قيمة المشروع الفكري ومنزلته المعرفية والأنطولوجية، في دائرة الفكر العربي المعاصر، وتاريخ الأفكار"[7]، حتى أنَّ ندوة دولية نظمتها الجمعية الفلسفية المصرية للتداول في موضوع "الفلسفة في الوطن العربي في مئة عام" لم تسلط الضوء الذي تستحقه إسهامات محمد عزيز الحبابي، مع سابق العلم أنَّه عَلَمٌ يعود له عظيم الفضل في استئناف الفكر الفلسفي المغربي، وإغناء الفكر العربي[8]، والواقع أنَّ هذا الإقصاء هو إقصاء إيديولوجي ما أنزل به الفكر النقدي من سلطان، فضلاً عن اعتقاد المُؤَلِّفِ أنَّ محمد عزيز الحبابي صاحب "بناء تركيبي رصين بين فلسفات إسلامية أصيلة، وبين مذاهب غربية فريدة"[9]، واقتناعه بأنَّ "هذا التركيب الفلسفي ليس من قبيل الخلط بين الأزمنة الثقافية، أو النظم الإبستيمية، بقدر ما هو تركيب مبدع يشتغل على المفاهيم والمصطلحات، من أجل بلورة فكر فلسفي عربي غير انتقائي وتوفيقي"[10]، وأخيراً إيمانه بأنَّ "تقديم مشروع الحبابي الشخصاني إلى القراء (...) هو تقريب لمرجعية رئيسة في الفكر الفلسفي العربي والمغربي"[11].
لم يكن هَمُّ محمد عزيز الحبابي هو التأصيل النظري لإشكالية الأصالة والمعاصرة التي استغرقت اهتمام الفكر العربي، بل كان همُّه الأكبر "تفكيك المشاكل، ومواجهة الأزمات والبحث عن الحلول"[12]، ولاسيما أنَّ محمد عزيز الحبابي كان نموذجاً للمثقف العضوي الملتزم بقضايا الشعوب التواقة للتحرر، وليس على شاكلة المثقفين الذين لا يبرحون أبراجهم العاجيَّة، والمستقيلين، رغبة منهم أو رهبة، من الحراك التاريخي المشهود[13]، وهو الذي أعلن على لسان أحد شخوص روايته جيل الظمأ: "أريد أن أنحني على جروح إخوتي البشر فأضمدها وأبلسمها، خالقاً منها الرفاهية والازدهار"[14]؛ فالالتزام عند محمد عزيز الحبابي بمثابة فرض عين على كل مثقف، معتبراً أنَّ "الثقافة إمَّا كفاح، وإمَّا مجرد لعب ولهو وتفاخر بالألقاب المزيفة"[15]؛ لذلك حمل محمد عزيز الحبابي المفكرين على النهوض بمهمة جليلة بالقول: "إنَّ مهمة المفكرين إذا أرادوا خدمة الإنسانية هي أن ينقطعوا عن اجترار الأفكار، في عالم من الأحلام والعواطف الجميلة، ليواجهوا العالم بوضوح، وأن يجسّدوا الواقع بموضوعية"[16]، وعياً منه أنَّ "كلَّ مدينة يتهرب مثقفوها من تحمل المسؤوليات؛ لا بدَّ أن يسود فيها الظلم، ويسيطر الإفك: المجرمون يجدون من يبرر أفعالهم، والأبرياء لا يأبه لهم أحد"[17]؛ وعليه فإنَّ الإسهامات الفكرية لمحمد عزيز الحبابي أملاها أساساً التخلف التاريخي الذي يعيشه العرب المسلمون، والذي كان من أسبابه الاستعمار والاستغلال الإمبرياليَّان اللذان مزَّقا أوصال الأمم، بما فيها الأمَّة المغربية، وأتوا على الأخضر واليابس من ثرواتها[18].
يتبين إذاً أنَّ الشخصانيَّة الواقعيَّة والغدويَّة لمحمد عزيز الحبابي هي حصيلة تفكير في سبل انعتاق الإنسان عامَّة، والإنسان المغربي على وجه الخصوص من واقع العبودية والاستعمار إلى واقع التحرُّر والاستقلال؛ وهي شخصانية واقعية، لأنَّها متجاوزة لفلسفة الذات، حيث الذات منغلقة على ذاتها، في حين أنَّ الشخصانيَّة الواقعيَّة هي تفكير بالمعيَّة، وتجاوز للأنا تجاه الآخر، ومدّ جسور التواصل والاندماج معه، لما من شأنه أن يؤسس لفكر النحن، فضلاً على أخذها بأسباب المجال التداولي، وليست متعالية عليه، وغاضَّة الطرف عن مستلزماته؛ وهي غدويَّة، لأنَّها تطمح إلى ردّ الاعتبار للإنسان كذات فاعلة، ومتحررة من مختلف أشكال الوصاية والعبودية، سواء كانت باسم المعاصرة أو باسم الأصالة، ويشهد على ذلك قول محمد عزيز الحبابي: "الغديَّة، كما نريدها، وسيلة لتأجيج الشعور بالأخطار المحدقة، ودعوة للتفكير الفردي والجماعي في تهيئة طرق النجدة، وشروط قوتها، ومناعتها في المستقبل...، وهذه لعمري هي مهام الفلسفة الحق"[19]. وتجدر الإشارة إلى عدم الخلط بين الفلسفة الغديَّة والمستقبليَّة؛ فإذا كانت هذه تعتمد على مجرد الإحصاءات في أفق بناء احتمالات للمستقبل، فإنَّ الفلسفة الغديَّة "تتطلع إلى تحقيق التضامن العالمي، واستدعاء التجارب الإنسانية التي حصلت في الماضي من أجل فهم وتعقل صيرورة تطور الفكر الإنساني"[20]، علاوة على أنَّ من مهام الفلسفة الغديَّة الكشف عن أخطاء الأنظمة السياسية المعاصرة، سواء كانت ليبيرالية أو اشتراكية، لأنَّ مقصدها في نهاية الأمر هو تحقيق السعادة للإنسانية جمعاء[21].
لا ريب إذاً أنَّ محمد عزيز الحبابي شخصاني الهوى، وهو الذي يعلن عن اتجاهه قائلاً: "إنّي شخصاني، والشخصانيَّة، كما تعلمون، تجعل من تواصل الأنا بالآخرين بُعداً عميقاً بدونه لا يتشخصن الكائن البشري"[22]، لكنَّه اجترح لنفسه شرعة في الشخصانيَّة؛ بحيث سلك اتجاهاً مزدوجاً: فهو واقعي من جهة، وغدوي من جهة ثانية، وهو اتجاه أصيل لا عهد به للسابقين عليه، حتى أنَّ الرجل لم يعد يجد حرجاً في نقد إسهامات المتقدمين والمتأخرين على حد سواء، إيماناً منه بأنَّ النقد هو شرط التجديد[23]، والجدير بالذكر أنَّ أمر التجديد لا يتمُّ بالإعلان عن الانتماء إلى أحد المذاهب الفلسفية المشهورة، بل إنَّ التجديد يتمُّ على الحقيقة "عندما يوجّه المتفلسف انتباهه، بالدرجة الأولى، إلى مشاكل مجتمعه وعصره، غير متغافل عمَّا يفصل عصره عن عصور أخرى"[24]؛ لذلك لم يفنِ محمد عزيز الحبابي حياته في تمجيد التاريخانية شأن عبد الله العروي أو صرف جلَّ اهتماماته لنقد العقل العربي شأن محمد عابد الجابري أو الانهمام بتشييد مشروع التراث والتجديد شأن حسن حنفي، بل كان محمد عزيز الحبابي ينصت إلى نبض الواقع، ويتفاعل مع حَراكه، ويفكر في إمكانات المستقبل التي تضمن للإنسان سبل الانعتاق والتحرُّر[25]؛ ويترتب على ذلك أنَّ محمد عزيز الحبابي لم يكن مفكراً نسقياً، مهووساً بتشييد صرح فكري متماسك البنيان، ومتَّسق لا يأتيه التناقض من قريب أو بعيد، بل كانت غاية سعيه الانخراط في البحث عن حلول لمشكلات العصر تعين الإنسان على النهوض بمهمة التحرُّر، متوسِّلاً في ذلك بالمتون الفكرية تارة، والأعمال الأدبية، قصة كانت أو رواية أو شعراً تارة أخرى، وكأنّي به يستدعي ويجند ما وسعه من إمكانات للنهوض بمهمة التحرير، والكشف عن سبل الانعتاق.
يتحصَّل إذاً أنَّ المشروع الفلسفي لمحمد عزيز الحبابي كان موجَّهاً بوعي مزدوج: فهو من جهة وعي نقدي يروم النهوض بمراجعة نقدية للمذاهب الفكرية، والمقولات الفلسفية؛ ومن جهة ثانية وعي تاريخي يضع الشرط التاريخي في الحسبان، مستحضراً الانتماء إلى مجال تداولي عربي مسلم يعاني من التأخر التاريخي، والغزو الإمبريالي، والانحصار الحضاري[26]؛ ويتجلّى هذا الوعي ذو الطابع المزدوج في السجالات الفكرية، والمحاورات الفلسفية التي قام بها محمد عزيز الحبابي، سواء مع فكرنا العربي الإسلامي أو مع الفكر الغربي، وهدفه في ذلك مزدوج: فهو يتغيَّا من جهة تعصير الأصالة، ومن جهة ثانية تأصيل المعاصرة[27]. فأمَّا من الجهة الأولى، فيعتبر محمد عزيز الحبابي أنَّ فلسفة الفارابي معاصرة لنا من جهتين: أولاً: فقد كان قلقه هو قلقنا ذاته؛ ثانياً: تمتاز فلسفة الفارابي بطابع الكونية، بحجة أنَّها تمنح الأولوية "للموضوعي على الذاتي، والعام على الخاص، والأنطولوجي على الأنثروبولوجي"[28]، كما يعتبر محمد عزيز الحبابي أنَّ أبا حامد الغزالي "يسكننا، لا يسمح لنا بالحياد، فنحن دائماً معه، ومخالفون له. وتلك إشكاليتنا نحن بالنسبة إلى الغزالي"[29]، بل ليس هناك ما يدعونا للعجب إذا ما ألفينا صاحب الشخصانيَّة الواقعيَّة الغدويَّة يؤلف كتاباً موسوماً بعنوان ابن خلدون معاصراً[30]. غير أنَّه يؤخذ على محمد عزيز الحبابي انصرافه الكبير للاهتمام بفلسفة أبي نصر الفارابي والغزالي وابن طفيل، في مقابل غضِّه الطرف عن فلسفة أبي الوليد بن رشد، ولعلَّ مردَّ هذا التقصير إلى سعي فيلسوفنا لإعادة الاعتبار للذوق والحدس اللذين يكتسيان منزلة عظيمة في الشخصانيَّة على حساب العقل والاستدلال اللذين تستنكف منهما[31].
يرجع نقد محمد عزيز الحبابي لإشكالية الأصالة والمعاصرة في الفكر العربي إلى كونها إشكالية عادة ما قوربت بمفهوم "الإمِّية (إمَّا...وإمَّا...)"[32]، وهو، في الواقع، منطق صوري لا يتلاءم مع طبيعة هذه الإشكالية الحضارية التي تهمُّ مصير الأمم والشعوب؛ لذلك استعاض محمد عزيز الحبابي عن هذا المنطق بمنطق آخر، يهدف إلى "التركيب، والاندماج، والتفاعل"[33]؛ ذلك أنَّ "القطع مع التراث باسم الحداثة، أو الارتماء في دهاليز الماضي باسم الأصالة والمحافظة، من القضايا التي طرحت بصور مغلوطة في الفكر العربي المعاصر"[34]؛ ومن هذا المنطلق انبرى محمد عزيز الحبابي لنقد الدعوات التي تعتبر أنَّ الثقافة العربية الإسلامية، شعراً ونثراً، ثقافة جامدة، يهيمن عليها الثابت، في حين أنَّ الثقافة الغربية ثقافة متحولة، وهي الدعوة التي تجلّت لدى أدونيس، والحال أنَّ التفكير النقدي فيها يهدينا إلى أنَّها من صميم الأحكام الجاهزة، المهووسة بمركزية الحضارة الغربية، في مقابل الحط من شأن باقي الحضارات.[35] وفي السياق ذاته اعترض محمد عزيز الحبابي على تبخيس إسهامات فلاسفتنا العرب واجتهاداتهم، مثلما فعل عبد الله العروي الذي يعتبر أنَّ "الفلاسفة العرب المعاصرين هم جميعاً إمَّا انتقائيون، وإمَّا أصحاب معلومات تاريخية واسعة"[36]، وهي دعوة مغرضة ينبغي مراجعتها، وإعادة النظر في مسلماتها، متى علمنا أنَّ فلاسفتنا العرب طالما فكروا في حاضر الأمَّة، وفي إشكالاتها، وسبل انعتاقها، بما تتيحه إمكاناتهم التاريخية والفكرية والمعرفية التي ينبغي تقديرها، لا تبخيسها والحط من قيمتها، وفي ذلك يقول محمد عزيز الحبابي: "التنكُّر للذات مسخٌ للشخصية، والإعراض عن أوضاع العصر تدمير للشخصية أيضاً"[37]. كما أعاد محمد عزيز الحبابي النظر في أمر القطيعة الإبستيمولوجيَّة مع التراث، وهي الدعوة التي ما فتئ يدعو إليها كلٌّ من محمد عابد الجابري وعلي أومليل، ولاسيَّما أنَّ الداعين إليها كانوا يقصدون فقط التراث المكتوب، أي التراث العالِم، فغضُّوا الطرف بذلك عن التراث الشفوي الذي لا يقلُّ قيمة عنه؛ ذلك أنَّ هذا يمثل مجالاً حيَّاً للتفكير والسلوك، أو قلْ بلغة محمد عزيز الحبابي: مجالاً للتشخصن، ولمَّا كان الأمر كذلك، فقد حظي التراث الشفهي في الدراسات الأنتروبولوجيَّة المعاصرة بمنزلة عظيمة، ولاسيما أنَّه يفعل فعله في الحياة الإنسانية عامَّة، بما فيها الأثر المكتوب[38]؛ ومن النتائج التي ترتبت على محاورة محمد عزيز الحبابي للفكر العربي الإسلامي، تطويره لشخصانيَّة إسلاميَّة لا عهد للسابقين بها، ومن أهم القضايا التي حظيت بالاهتمام في الشخصانيَّة الإسلاميَّة قضية الشهادة، التي كانت ثورة على الكوجيطو الديكارتي أو قلْ إنَّها كوجيطو معكوس؛ ذلك أنَّه إذا كان الكوجيطو الديكارتي ينطلق من الذات المفكّرة المتشكّكة للوصول إلى العالَم، فإنَّ الشهادة، أي الكوجيطو المعكوس، ينطلق من الله وصولاً إلى الذات، أي الأنا الشاهد[39]. يقول محمد عزيز الحبابي في كتاب الشخصانيَّة الإسلاميَّة: "الاعتراف بـ (أن لا إله إلا الله) يجعل الناطق (المعترف) يضع نفسه كشخص يؤكد (حضوره) في عالم العلاقات، ويعي نفسه كـ (شاهد) يقرُّ بما يعي: إنَّنا أشخاص لأنَّ الله خلقنا كذلك. ألم يجعل ذاتاً وشخصاً، على شكل يليق به، ثم خلقنا على صورته"[40].
ليست إذاً شخصانية محمد عزيز الحبابي شخصانيَّة مقلدة لشخصانيَّة شارل رونوفي أو إيمانويل مونييه أو جان لاكروا أو هنري برغسون، بل هي شخصانيَّة مبدعة، اختارت الواقعية كمنطلق للتفكير في إشكالات الحاضر، وكمنهج في التعامل معها، وفي ذلك ينبّهنا يوسف بن عدي قائلاً: "من لم يقتنص فكرة الحبابي في أنَّه بعيد كلّ البعد عن منهجية تاريخ الأفكار، وعرض المنظومات والأنساق الفلسفية الغربية، يسقط في فخ القول: إنَّ فلسفة الحبابي ليست إلا نسخاً لمقولات رونوفي ومونييه"[41]؛ فقد انتقد محمد عزيز الحبابي، على سبيل الذكر لا الحصر، شخصانيَّة شارل رونوفي، لأنَّها لا تقرُّ بمحوريَّة الزمن، مع سابق العلم "أنَّ الزمان بُعد أساسي من أبعاد الشخص"[42]، لأنَّه هو الذي يجعل من عملية التشخصن أمراً ممكناً، ومن ثمَّة فإنَّ تغييبه يحول دون تحقق التشخصن أو على الأقل اتزانه[43]؛ فالزمن، باختصار، محدّد رئيس من محدّدات الشخص، يحيل على صيرورة الإنسان وهو في غمرة التشخصن، [44] هذا إلى أنَّ شارل رونوفي لا يتصوَّر الفرد إلا باعتباره عالماً مغلقاً أو قلْ بلغة ليبنز Leibniz (مونادة)؛ ويترتب على ذلك أنَّ "التبادل بين الذوات الشاغرة الذي يخصب الأنا، مفقود في هذه الشخصيات؛ إذ كل شخص عالم مغلق"[45].
غير أنَّ اللافت للانتباه أنَّ محمد عزيز الحبابي انصرف اهتمامه بشكل كبير لنقد هنري بركسون أكثر من غيره، ولعلَّ مردَّ هذا الاهتمام إلى التأثير الكبير لهذا الفيلسوف في الفكر الغربي المعاصر[46]، والقضية الأساس التي حظيت بالنقد، هاهنا، هي قضة الحريَّة، وعياً من محمد عزيز الحبابي أنَّ فلسفة هنري بركسون هي نظرية في الحريَّة، واعتقاده أنَّ الإشكالات التي تطرحها قضية الحريَّة هي "نقطة البداية في الفلسفة"[47]، سواء في العصور القديمة أو الحديثة، وبالتحديد في الشخصانيَّة، بل إنَّ التفكير في الحريَّة يطرح آفاقاً عميقة وشاسعة، نظراً لكون الموضوع يستدعي مشارب معرفية متعددة ومختلفة ومتداخلة، من قبيل الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم التاريخ وعلم السياسة والجماليات وهلمَّ جراً[48]. يرجع نقد محمد عزيز الحبابي لنظرية بركسون في الحرية إلى كون هذا يميز لدى الشخص بين أنا عميق وآخر سطحي[49]، مع منحه الأوليَّة للأول على حساب الثاني؛ ومن ثمَّة يربط الحريَّة بالأنا العميق، معتبراً أنَّ الشعور بالحريَّة شعور ذاتي محض، ولا صلة له بالأنا السطحي ذي الطابع الجمعي المشارك للآخرين[50]، والحال أنَّه، من منظور محمد عزيز الحبابي، لا يكفي الشعور الذاتي المحض بالحريَّة لكي نكون أحراراً، "بل ينبغي أن نصير كذلك سادة لذواتنا وقادرين على التكيف مع الوقائع العينيَّة للوضعيات المجتمعيَّة والتاريخيَّة التي نحياها"[51]؛ وباختصار، فالحريَّة عند محمد عزيز الحبابي ليست مفهوماً مجرَّداً، بل تتعلق بحريَّات ملموسة، سياسية واقتصادية وشخصية وغيرها، كما أنَّها لا تتعلق بتجربة خالصة، بقدر ما هي عملية اجتماعية، وما يتغياه محمد عزيز الحبابي ليس إثبات أنَّ الكائن البشري حر، بل همُّه الأكبر هو العمل على إظهار كيف يمكنه أن يتحرَّر أكثر؛ إنَّ الحريَّة بهذا المعنى هي "صيرورة دائمة نحو التحرُّر، وليست معطى قاراً أو حالة ثابتة"[52]. تقوم نظرية هنري بركسون في الحريَّة على تصوُّر مخصوص للواقع؛ وهو مرادف في شخصانيَّة هنري بركسون للأنا العميق والديمومة والعفوية، في حين أنَّ الأصل في الواقع أن يكون واقعاً لذات مندمجة "اندماجاً كاملاً في العالم بمجموع كينونتها وشخصها"[53]؛ بالجملة، فالعالم الداخلي ليس هو حقيقة كينونة الشخص، مثلما أنَّ العالم الخارجي ليس هو الذي يحقق هذه الكينونة، بل إنَّ العالمين معاً "يشكّلان عالم الذات البشريَّة وقوة شخصها"[54]، ولعلَّ مردَّ هذا الطرح يعود أساساً إلى كون محمد عزيز الحبابي كان يراهن على الانتقال من التفكير بالمفرد، كما كان سائداً لدى ديكارت، وامتدَّ لدى الشخصانيين الأوائل، إلى التفكير بالمعيَّة، كما تحقق ذلك في الشخصانيَّة الواقعيَّة؛ بصيغة أخرى، كان مقصد محمد عزيز الحبابي هو الخروج من الذات في اتجاه الآخر، وانخراط الأنا في دوامة النحن، أو ما يسميه فيلسوفنا بعملية التشخصن[55]، وهو ما يؤكده مبيناً أنَّ المعيَّة قاعدة رئيسة للتشخصن، على اعتبار أنَّ "الفرد لا يتجاوز فرديته نحو الشخص إلا مع الآخرين، فهو بطبيعته ألفة وتواصل"[56]، وفي هذا الصدد يمثل محمد المصباحي لعملية التشخصن بنهر هراقليطس الذي لا يمكن أن نستحم فيه مرَّتين، نظراً لكونه سيالاً وبدالاً ودائم الجريان، وليس كسهم زينون المفترض فيه لكي يقطع مسافة، أن يقطع نصفها، ولكي يقطع هذا النصف، ينبغي أن يقطع نصفه، وهكذا دواليك، بحيث يتحرك ولا يتحرك في الآن ذاته؛ وعلى هذا الأساس يصير الشخص مصدراً للاختلاف والتمايز والفَرادة، وتصير الشخصانيَّة فلسفة للاتصال والانفصال، للوحدة والتعدُّد، وتصير عملية التشخصن صيرورة لا نهائية، تسمح للذات بمجاوزة ذاتها باستمرار[57]؛ ومن ثمَّ يحق لنا اعتبار الشخصانيَّة الواقعية لمحمد عزيز الحبابي صورة من صور رفض الميتافيزيقا[58]، التي تشكّل فلسفة الذات تجلياً من تجلياتها، ومحاولة تجاوزها في اتجاه التأسيس للعيش المشترك الذي يقوم على قاعدة المسؤولية المشتركة والالتزام الجماعي؛ إذ ما معنى الحريَّة دون التزام؟ الواقع أنَّ تصوُّر الحريَّة في غياب الالتزام لا يعدو أن يكون ضرباً من ضروب الفوضى والتسيُّب[59]، وهو الأمر الذي فطن إليه أرسطو في كتابه السياسيات، معتبراً أنَّ إطلاقيَّة الحريَّة تصرف سيِّئ، ومن ثمَّ يقرُّ بأنَّ "التقيد بالدستور في الحياة، ينبغي ألا يعتبر عبودية، بل هو نجاة وخلاص"[60].
تَعَرَّضَ نقد محمد عزيز الحبابي للشخصانيين المتقدمين، ولهنري برغسون على وجه الخصوص، نظراً للمنزلة العظيمة التي لهذا الرجل في الفكر الغربي المعاصر، ولتأثيره البالغ في تياراته ورجالاته، لانتقادات من طرف بعض الباحثين، كما هو الحال لنقد سالم يفوت الذي يعتبر أنَّ محمد عزيز الحبابي ينتقد الغرب وكأنَّه صاحب هويَّة منسجمة، والحال أنَّ الهويَّة الغربية متعدّدة، ولاسيَّما عندما نستحضر الاتجاهات الفكريَّة الغربيَّة التي تتراوح بين الوجوديَّة والماركسيَّة والفينومينولوجيَّة والبنيويَّة وغيرها، بل يأخذ الباحث على محمد عزيز الحبابي استسلامه لنقده هذا وهو يفكّر بمنطق "الصيرورة، والتشخصن، والديناميَّة"[61]، والحق أنَّ نقد سالم يفوت نقد نبيه، ولا يسعنا إلا أن نسلّم بقيمته النقدية، لكن ينبغي التمييز في نقد إسهامات محمد عزيز الحبابي بين ضربين: الأول، يمليه الحماس الإيديولوجي؛ والثاني، يمليه أساس فكري، وينحاز، في هذا الصدد، يوسف بن عدي إلى الضرب الثاني، لأنَّه هو المعوَّل عليه لتأسيس تاريخ فلسفة في الفكر العربي، وهو تاريخ يقوم على التحاور والاختلاف، في حين أنَّ الضرب الأول لن يؤسس إلا لتاريخ إيديولوجيات تقوم على النزعات الوثوقيَّة.[62]
نستخلص ممَّا تقدَّم أنَّ نقد محمد عزيز الحبابي سواء للفكر العربي أو الفكر الغربي لم يكن ضرباً من المزايدة الفكرية، وإنَّما هو نقد يمليه تصوُّر فيلسوفنا للنظر الفلسفي؛ ذلك أنَّ الفلسفة في نظره ليست "مجرَّد تصنيف للعلوم والآثار"[63]، بل إنَّ ماهيتها على الحقيقة هي ذلك المجهود الذي يبذله الفيلسوف عندما يتأمَّل، والتأمُّل، هاهنا، يحيل على معنيين: الأول، يفيد النقد؛ والثاني، يفيد البناء، وعياً من محمد عزيز الحبابي أنَّ المجهود النقدي السليم "إن لم يساهم في البناء، فإنَّه على الأقل يفسح المجال للترميم"[64]. إنَّ إسهامات محمد عزيز الحبابي إذاً ليست إسهامات في تاريخ الفلسفة، بل هي إسهامات في الفلسفة على الحقيقة، بحيث كان الرجل لا يتبرَّم من التعبير عن أفكاره الفلسفيَّة، وتعقيباته النقديَّة بضمير المتكلم، ومن موقع العارف بما يقتضيه المقام[65]؛ إذ لم يكن محمد عزيز الحبابي ناسخاً للشخصانيَّة كما تمَّ تشييد صرحها في الفكر الغربي، بل قام بمراجعة نقديَّة لها، ولم يكن ماسخاً لها، بل سعى غاية السعي إلى إعادة النظر فيها، وفق منطق تركيبي تكاملي، يصون للذات حقها، وللآخر حقه، في جوٍّ من التحاور والتواصل والتكامل الخلاق، فضلاً عن أنَّه لم يكن منسلخاً عن هويَّته وحضارته، وهو الذي يضع شرطه التاريخي بالحسبان، ومجاله التداولي في الاعتبار، دون أن يعني ذلك غضَّ الطرف والتنكُّر لمستجدات الفكر الحديث، وما حققه للإنسانيَّة جمعاء من مكتسبات مشهودة؛ وهو الأمر الذي ترتَّب عنه إبداع شخصانيَّة واقعيَّة غدويَّة تتطلع للتحرُّر من الاستبداد، سواء كان استبداداً ماديَّاً أو استبداداً روحيَّاً؛ لذلك حَدَّ محمد عزيز الحبابي التحرُّر بالقول: "هو مناهضة الفلسفات السلبيَّة، التي تعطي الأولويَّة لهذا البُعد على بُعد آخر"[66]، ولمَّا كان الأمر كذلك، فقد أعاد محمد عزيز الحبابي الاعتبار للقيم الإيجابيَّة، من قبيل التعاون والتضامن والغيريَّة، التي من شأنها أن تحمل الناس على النهوض بواجب التشخصن، والذي يضمن للشخص كرامته واستقلاليَّته، ويخلّصه من واقع الذلِّ والعبوديَّة، وفي مقابل ذلك اعترض على القيم السلبيَّة، من قبيل الكذب والمكر والأنانيَّة، التي تذكي الضغينة بين الناس، وتؤجِّج نار الحروب التي لا تبقي ولا تذر.[67]
المصادر والمراجع
المصادر
- أرسطو، السياسيات، نقله من الأصل اليوناني إلى العربية الأب أغسطينس بربارة البولسي، اللجنة الدولية لترجمة الروائع الإنسانية (الأونيسكو)، بيروت، 1957.
- الحبابي محمد عزيز، جيل الظمأ (رواية)، المكتبة المصرية، بيروت - لبنان، 1967.
- الحبابي محمد عزيز، من الحريات إلى التحرر، دار المعارف، مصر (بدون تاريخ).
- الحبابي محمد عزيز، من الكائن إلى الشخص، دراسات في الشخصانية الواقعية، الجزء الأول، دار المعارف، مصر، 1962.
المراجع
- بن عدي يوسف، محمد عزيز الحبابي وتأسيس الفلسفة الشخصانية الواقعية، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، المملكة المغربية - الرباط، أكدال، الطبعة الأولى، 2016.
- سبيلا محمد، فكرة الحريَّة في الفكر المغربي الحديث، ضمن كتاب: الفكر الفلسفي بالمغرب المعاصر، منشورات كليَّة الآداب والعلوم الإنسانية - الرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 23، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء، 1993.
- مدخل إلى أعمال محمد عزيز الحبابي الأدبية والفلسفية، عمل جماعي، الرباط ـ المغرب، ط 1، 1986.
- المصباحي محمد، من تعدُّد الشخص إلى وحدة الكائن في شخصانيَّة محمد عزيز الحبابي، ضمن: مجلة مدارات فلسفية، العدد الثالث ـ فبراير، 2000.
- وعزيز الطاهر، من الحب إلى التشخصن في الشخصانيَّة الواقعية، ضمن: دراسات مغربية مهداة إلى المفكر المغربي محمد عزيز الحبابي، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء ـ المغرب، ط 2، (مزيدة ومنقحة)، 1987.
- الوقيدي محمد، جرأة الموقف الفلسفي، أفريقيا الشرق، بيروت ـ لبنان، 1999.
[1] - يوسف بن عدي، محمد عزيز الحبابي وتأسيس الفلسفة الشخصانية الواقعية، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، المملكة المغربية ـ الرباط ـ أكدال، الطبعة الأولى، 2016، ص 17
[2] ـ المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[3] ـ استحضر الكاتب مناقشات ثلة من المفكرين المغاربة، أمثال محمد عابد الجابري وعبد الله العروي وبن سالم حميش وسالم يفوت ومحمد الوقيدي وإبراهيم مشروح وطه عبد الرحمن ومحمد المرسلي ومحمد المصباحي وعز الدين الخطابي وإدريس كثير والسيد ولد أباه ومحمد سبيلا، فضلاً عن مفكرين مشارقة شأن فهمي جدعان وحسن حنفي.
[4] ـ يوسف بن عدي، المرجع نفسه، ص ص 73-74
[5] ـ تؤكد فاطمة الجامعي الحبابي، وهي زوجة محمد عزيز الحبابي، أنَّ الفلسفة الغدوية تمثل "منعطفاً جديداً وخصباً في الفيلسوف الحبابي؛ أسفر عن مذهب فلسفي جديد تتجذر أصوله في الشخصانية الواقعية، التي حملت حقاً في رحمها بذرة الفلسفة (الغدوية) الإنسانية الشاملة"، المرجع نفسه، ص 156
[6] ـ المرجع نفسه، ص 135
[7] ـ المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[8] ـ المرجع نفسه، ص ص 135-136
[9] ـ المرجع نفسه، ص 23
[10] ـ المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[11] ـ المرجع نفسه، ص 33
[12] ـ المرجع نفسه، ص 39
[13] ـ المرجع نفسه، ص 54
[14] ـ محمد عزيز الحبابي، جيل الظمأ (رواية)، المكتبة المصرية، بيروت ـ لبنان، 1967، ص 113
[15] ـ مدخل إلى أعمال محمد عزيز الحبابي الأدبية والفلسفية، عمل جماعي، الرباط ـ المغرب، ط 1، 1986، ص 124
[16] ـ محمد الوقيدي، جرأة الموقف الفلسفي، أفريقيا الشرق، بيروت ـ لبنان، 1999، 173
[17] ـ يوسف ين عدي، مرجع سابق، ص 164
[18] ـ يوسف بن عدي، محمد عزيز الحبابي وتأسيس الفلسفة الشخصانية الواقعية، ص ص 11-12
[19] ـ المرجع نفسه، ص 101
[20] ـ المرجع نفسه، ص 159
[21] ـ المرجع نفسه والصفحة.
[22] ـ الطاهر وعزيز، من الحب إلى التشخصن في الشخصانية الواقعية، ضمن: دراسات مغربية مهداة إلى المفكر المغربي محمد عزيز الحبابي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- المغرب، ط 2، (مزيدة ومنقحة)، 1987، ص 14
[23] ـ يوسف بن عدي، مرجع سابق، ص ص 5-15
[24] ـ المرجع نفسه، ص 72
[25] ـ المرجع نفسه، ص 25
[26] ـ المرجع نفسه، ص 102
[27] ـ المرجع نفسه، ص 15
[28] ـ المرجع نفسه، ص 83
[29] ـ المرجع نفسه، ص 92
[30] ـ المرجع نفسه، ص 94
[31] ـ المرجع نفسه، ص ص 97-98
[32] ـ المرجع نفسه، ص 106. يقول محمد عزيز الحبابي: "لا ترغب الثقافة المغربية المتجددة في التحرر من الماضي، بل على العكس تريد أن تستمد منه ما يستسيغه الحاضر للانتصار في مجابهة التخلف. فالحاضر، مهما بلغ من تطور، امتداد للماضي، لكن التعبد بتمجيد الأجداد لا يحييهم، كما أن تناسي فضلهم لا يعطينا المعاصرة، فلا ثقافة دون فهم مجريات الحاضر، ولا معاصرة دون جذور تاريخية". المرجع نفسه، ص 105.
[33] - المرجع نفسه والصفحة نفسها. يقول محمد عزيز الحبابي: "تتخبط الثقافة المغربية في إشكالية (إما الأصالة وإما المعاصرة) منذ ما يسمى (النهضة)، ولم تصل إلى حل موضوعي؛ لأن الإشكالية مغلوطة، فالإمية (Alternative) لا توجد في الواقع؛ لأن الثقافة العربية حالياً، لا تقوم على الأصالة (أو) المعاصرة، بل على الأصالة (و) المعاصرة، كلتاهما تؤدي، في الوقت نفسه، دور القطب، ودور المحور، وتتكامل مع الأخرى". المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[34] ـ المرجع نفسه، ص 105
[35] ـ المرجع نفسه، ص 107
[36] ـ المرجع نفسه، ص ص 109-110
[37] ـ المرجع نفسه، ص 168
[38] ـ المرجع نفسه، ص 117-118-133
[39] ـ المرجع نفسه، ص 150
[40] ـ المرجع نفسه، ص 152
[41] ـ المرجع نفسه، ص 121
[42] ـ المرجع نفسه، ص 122
[43] ـ المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[44] ـ المرجع نفسه، ص 140
[45] ـ المرجع نفسه، ص 122
[46] ـ المرجع نفسه، ص 128
[47] ـ محمد عزيز الحبابي، من الحريَّات إلى التحرُّر، دار المعارف، مصر، ص 10
[48] ـ المرجع نفسه، ص 36
[49] ـ يوسف بن عدي، مرجع سابق، ص 130
[50] ـ محمد عزيز الحبابي، من الكائن إلى الشخص، دراسات في الشخصانية الواقعية، الجزء الأول، دار المعارف، مصر، 1962، ص 5
[51] ـ محمد الوقيدي، مرجع سابق، ص 158
[52] ـ محمد سبيلا، فكرة الحريَّة في الفكر المغربي الحديث، ضمن كتاب: الفكر الفلسفي بالمغرب المعاصر، منشورات كليَّة الآداب والعلوم الإنسانية - الرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 23، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء، 1993، ص 92
[53] ـ يوسف بن عدي، مرجع سابق، ص 147
[54] ـ المرجع نفسه، ص 134
[55] ـ المرجع نفسه، ص 141
[56] ـ المرجع نفسه، ص 148
[57] - محمد المصباحي، من تعدد الشخص إلى وحدة الكائن في شخصانية محمد عزيز الحبابي، ضمن: مجلة مدارات فلسفية، العدد الثالث_فبراير، 2000، ص 140
[58] ـ يوسف بن عدي، مرجع سابق، ص 54
[59] ـ محمد عزيز الحبابي، من الحريَّات إلى التحرر، مرجع سابق، ص 103
[60] ـ أرسطو، السياسيات، نقله من الأصل اليوناني إلى العربية الأب أغسطينس بربارة البولسي، اللجنة الدوليَّة لترجمة الروائع الإنسانيَّة (الأونيسكو)، بيروت، 1957، ص 285
[61] ـ يوسف بن عدي، مرجع سابق، ص 57
[62] ـ المرجع نفسه، ص 70
[63] ـ محمد عزيز الحبابي، من الكائن إلى الشخص، دراسات في الشخصانية الواقعية، مرجع سابق، ص 6
[64] ـ المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[65] ـ يقول محمد الوقيدي في حق محمد عزيز الحبابي: "كان المتكلم (...) هو محمد عزيز الحبابي ذاته، وكان الفكر الذي تبلور (...) هو فكره بالذات". محمد الوقيدي، جرأة الموقف الفلسفي، مرجع سابق، ص 145
[66] ـ يوسف ين عدي، مرجع سابق، ص 147
[67] ـ المرجع نفسه، ص 144-145