استـدلالات زينـون إيضـاح ونقـد
فئة : أبحاث محكمة
الملخص:
قصدي من هذا البحث إيضاح حجج زينون، ونقد بعض الأخطاء التي اعتورت شرحه عند بعض الفلاسفة. والداعي إلى ذلك هو أنَّني لاحظت أنَّ أكثر المقالات العربيّة التي تكتب عن هذا الفيلسوف تعتمد على شرح د. عبد الرحمن بدوي، الذي قدّمه في كتابه "ربيع الفكر اليوناني". وهو الشرح الذي أزعم أنَّه وقع في التباسات وأخطاء وجب تصويبها. حيث لم يكن د. بدوي موفقاً في إيضاحه للحجّة الثالثة، رغم استدخاله مقول الزمن؛ إذ ظنَّ أنَّ مستندها هو لا تناهي قسمة الزمان، بينما منطوق الحجّة ونظامها لا يحتاجان إلى التصريح بالانقسام اللّانهائي للزمان.
وليس هذا هو الخطأ الوحيد، بل إنَّ قول الأستاذ بدوي إنَّ الحجّة الرابعة تشترك مع الثالثة في الانقسام اللّانهائي للزمان خطأ أيضاً؛ لأنَّ الحجّة الرابعة تقوم على فرض التناهي وليس اللّاتناهي، كما سأبيِّن.
لكن لا بدَّ من التنويه أيضاً إلى أنَّ التباس استدلالات زينون لم يقع في الكتابة العربيّة فقط، بل نراه موجوداً في الأبحاث الفلسفيّة الأوروبيّة أيضاً. ومن الشواهد على ذلك تشكيك مؤرّخ الفلسفة الفرنسي شارل رونوفيي في بعض ألفاظ "حجّة السهم"، حيث زعم أنَّ بعض الوارد في مقول الحجّة، أي إنَّ وحدات الزمن مجزأة، هو مجرَّد مقول منحول، استُدخل خطأً "من قِبَلِ نَسَّاخٍ مفتقر إلى الفهم"، على حدّ تعبيره.
وفرضيتي في هذا البحث هي على النقيض تماماً من أطروحة رونوفيي، إذ أراه هو الذي افتقر إلى الفهم وليس النسَّاخ، حيث أقول بأصالة مقول الزمن في الحجّة الثالثة (حجّة السهم). وسيكون من بين مرتكزات توكيدي للفرضيّة، وكذا في إيضاح بقيّة الحجج، الاستعانة بالترجمة العربيّة القديمة لمتن "السماع"، أي ترجمة إسحاق بن حنين، والشروح التي حَشَّى بها فلاسفتنا القدماء على ذلك المتن، وأخصّ بالذكر هنا شرح أبي الفرج بن الطيب. لكنَّ استحضار شرح أبي الفرج في هذه الحجّة لا يعني أيضاً أنّي سأحتذيه في جميع فُهُومِهِ، بل أراه في مقام آخر لم يوفق في إيضاح مستند أوّل حجّة من حجج إبطال الحركة، أعني حجّة "القسمة الثنائيّة"، حيث ظنَّ أنَّ مرتكزها هو قسمة الزمان، بينما الصواب هو أنَّ مرتكزها هو قسمة المكان.
وكلّ هذا وذاك يؤكّد ما ألمحنا إليه سابقاً، وهو أنَّ حجج زينون وما أنتج عليها من تأويلات وشروح في مسيس الحاجة إلى المراجعة.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا