الإمام الحسُيَنُ في الفضاء الافتراضي: موقع العَتَبَة الحُسينيّة المقدّسة نموذجا

فئة :  أبحاث محكمة

الإمام الحسُيَنُ في الفضاء الافتراضي:  موقع العَتَبَة الحُسينيّة المقدّسة نموذجا

الإمام الحسُيَنُ في الفضاء الافتراضي: موقع العَتَبَة الحُسينيّة المقدّسة نموذجا

الملخّص:

يندرجُ البحث ضمن دراسات الدّين الرّقميّ Digital Religion. ويهتمّ بالحفر في صورة الإمام الحُسيْن بن علي بن أبي طالب كما تبدو في فضاء السّيبر الشّيعي الإماميّ من خلال موقع "العتبة الحُسينيّة المقدّسة" https://imamhussain.org/arabic≠hajj. ويتأسّسُ على افتراض يدّعي أنّ تجربة الدّين السّيبرانيّ في السّياق العربيّ والإسلاميّ ليست مجرّد حركة انتقال من الفضاءات التّقليديّة الواقعيّة للدّينيّ off-line إلى فضاء افتراضيّ online، وإنّما هي حركة انتقال من ثقافة كتابيّة وعقل كتابيّ إلى ثقافة رقميّة وعقلانيّة رقميّة، فهي حركة منخرطة في سياق ثقافة تحفر عميقا في أنظمة الاعتقاد وأبنية الفكر وأنساق المعرفة، فتغيّر مشهد الدّينيّ رموزا ومصادرَ وطقوسا وممارسات شعائريّة.

لكنّ المؤسّسات الدّينيّة بوصفها أجهزة مشكّلة تشكيلا دينيّا وسياسيّا واجتماعيّا صارما يضمن توازن الأنساق العقديّة والمعرفيّة ويحفظ حياتها، ويُديمُ أثرَها في نفوس الأتباع، ويضمن لُحْمَة المجموعة المؤمنة، هي مؤسّسات تُحْذقُ جيّدا لعبةَ التّكيّف مع متغيّرات البيئة حذقها لأساليب الاستفادة من رصيدها التّراثيّ ورأسمالها الرّوحيّ والرّمزيّ. ولذلك، يلحظ الباحثُ في المواقع الإلكترونيّة الدّينيّة في الفضاء العامّ الجديد أنّها تلوذُ، دائما، بمرتكزاتها العقديّة ومصادرها الثّقيلة، سواء كانت نصوصا أو خطابات أو شخوصا أو أماكن مقدّسة أو طقوسا، تركزها في قلب البيئة التّكنولوجيّة لتكون نواة مُشعّة فيها، وآليّة سحريّة لصناعة المعنى المقدّس وإعادة ربط الأتباع بما يُعَدّ من ثوابت هُويّتهم الدّينيّة في فضاء يُخْشى فيه من ذوبان الهُويّة وانهيار السّرديّات الكبرى وتضاؤل جاذبيّة الرّموز القديمة.

ولذلك، فإنّ الرّموز الدّينيّة في فضاء السّيبر العربيّ لا تفْقِدُ طينَها القديم الذّي منه قًدَّتْ، ولكنّها تلْبسُ من حُلّة الرّقميّ القشيب ما به تتجدّدُ صُوَرًا وقيمة لتنهض بأدوار جديدة في الفضاءيْن الافتراضيّ والواقعيّ معا.

مقدّمة:

يتمتّع الحُسيْنُ بمكانة رمزيّة راسخة في ضمائر المسلمين على اختلاف فكرهم الدّينيّ قديما وحديثا، ولكنّه في التّأويليّة الشّيعيّة ليس مجرّد سِبْطٍ للنّبيّ وواحدٍ من وَلَد عليّ من فاطمة الزّهراء، وليس مجرّد صحابيّ ورجل من أهل بيت النّبوّة، ولا حتّى واحدا من أصحاب الكِساء الخمسة الذّين شملهم التّطهيرُ والأئمّة الاثنيْ عشر المعصومين الّذين عليهم يدور المعتقد الشّيعيّ كلّه، وإنّما هو، خاصّة، الرّمز الرّوحيّ الذّي حوله أعادت الفرقةُ الإماميّة تشكيل هُويّتها الدّينيّة في مرحلة تاريخيّة حاسمة كادت تعْصِفُ بوجودها، ذلك أنّ أحداث كربلاء (61 هـ/ 680 م) تحوّلت عبر سيرورةُ التّاريخ الشّيعيّ من حدث سياسيّ نازع فيه الحُسيْن وأهلُه مُلْك يزيد بن معاوية الخليفة ألأمويّ، إلى حدَثٍ دينيّ بامتياز، حيث وقع تنزيله ضمن الصّراع الأزليّ بين الحقّ والباطل والعدل والظّلم والإيمان والكفر لينخرط في تاريخ الأديان والنّبوّات. وتدرّجا أصبحت حادثة الطّفِّ رمزا من رموز التّشيّع ومرتكزا عقديّا صُلْبًا ومناسبة دينيّة مقدّسة لا تقلّ أهمّية عن موسم الحجّ والعِيدَيْن وأضحت شعارا يختزلُ "ثورة المظلوم على الظّالم وانتصار الدّم على السّيف". أصبحت شخصيّة الحُسيْن جِماعًا لقِيم الحقّ والحرّية والتّضحية ورمزا مُفْعَما بالمعاني يُسخّرهُ الفاعلون الدّينيّون والسّياسيّون لتحريك الأتباع وتوجهيهم وضمان لحمتهم من جهة، ولاستقطاب مزيد من الأنصار وإدارة الأحداث الدّينيّة والسّياسيّة من جهة أخرى، حتى إنّ شعار "يا لَثارات الحُسيْن" أصبح أمضى سلاح بيد الشّيعة به يخوضون معاركهم السّياسيّة والعَقَديّة.

ولذلك، بدت لنا شخصيّةُ الحُسيْن كنْزًا سَرِيّا بيد الفاعلين الدّينيّين الجًدد في الفضاء الافتراضيّ يعقدون حوْلَه نظامهم السّيبرانيّ ويُولّدون من رمزيّاته المختلفة تفاعلات جديدة مع المتديّنين لإعادة إحياء التّعاقدات القديمة إحياء رقميّا. ولكنّ فضاء السّيبر، ليس فضاء دينيّا أسْراريّا، وإنّما هو فضاء عَلْمانيّ؛ وذلك يطرحُ السّؤال عن الكيفيّة الّتي تُعيدُ بها المؤسّسةُ الدّينيّة بعْثَ رموزها؟ وعن مدى قدرتها على إدامة توهّجها الرّوحيّ؟

ويعتمد بحثُنا على حفر تاريخيّ نقديّ في شخصيّة الحُسيْن في المظانّ الورقيّة أوّلا، ثمّ على دراسة تسْترْشِدُ بمناهج تحليل الخطاب السّيبرانيّ ونظريّة التّشكيل الاجتماعيّ للتّكنولوجيا الرّقميّة ثانيا لمقاربة صورة مرجع من أثقل مراجع الشّيعة في موقع اختار أن يكون "عتبة حُسينيّة مقدّسة".

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا


مقالات ذات صلة

المزيد