الإنسان منبع الحقيقة والمدنية: ديكارت وهوبز نموذجا
فئة : أبحاث محكمة
الإنسان منبع الحقيقة والمدنية:
ديكارت وهوبز نموذجا
المستخلص
يتأسس مشروع العقلانية في العصر الحديث على فحص طبيعة العقل وحل المشكلات التي يطرحها على المستوى النظري والعملي على حد سواء، ومن ثم الإيمان بفاعليته وصلاحية مبادئه في التأسيس والبناء، مما يستلزم معالجة نواقصه وما ترسب فيه من عوائق بغية تأهيله للوثوق في أحكامه نظرا عملا. إن تقويم العقل وكيفية اشتغاله ييسر تقويم الإنسان واختبار طبيعته، سواء بصفته كائنا مفكرا تتحدد قوته في ممارسة التفكير الحر، أو بوصفه جزءا من كل سياسي تتحدد قوته في المعيش السياسي. هذه العودة المقصودة من قبل الفلسفة في العصر الحديث إلى بنية العقل وفي الآن ذاته إلى بنية الفعل السياسي توحي بأصالة هذا المشروع وتميزه عن باقي المشاريع التي أسست الفلسفة في عصور سابقة، وبدوره يسعى هذا البحث إلى تأصيل هذا المشروع والكشف عن مضمونه من خلال استدعاء نموذجين فلسفيين شكلا معا المنظور العقلاني للطبيعة الإنسانية: الأول يمثله روني ديكارت الذي سار بنظرية المعرفة نحو وضع أسس عقلانية للتفكير وضوابط منهجية للمعرفة، والثاني يمثله توماس هوبز الذي توجه بنظرية السياسة نحو ابتكار نموذج عقلاني للممارسة السياسية وقواعد صورية للسلوك السياسي السليم.
تمهيد
يتأسس مشروع العقلانية في العصر الحديث على فحص طبيعة العقل وحل المشكلات التي يطرحها على المستوى النظري والعملي على حد سواء، ومن ثم الإيمان بفاعليته وصلاحية مبادئه في التأسيس والبناء، مما يستلزم معالجة نواقصه وما ترسب فيه من عوائق بغية تأهيله للوثوق في أحكامه نظرا عملا. إن تقويم العقل وكيفية اشتغاله ييسر تقويم الإنسان واختبار طبيعته، سواء بصفته كائنا مفكرا تتحدد قوته في ممارسة التفكير الحر، أو بوصفه جزءا من كل سياسي تتحدد قوته في المعيش السياسي. هذه العودة المقصودة من قبل الفلسفة في العصر الحديث إلى بنية العقل و في الآن ذاته إلى بنية الفعل السياسي توحي بأصالة هذا المشروع وتميزه عن باقي المشاريع التي أسست الفلسفة في عصور سابقة، وبدوره يسعى هذا البحث إلى تأصيل هذا المشروع والكشف عن مضمونه من خلال استدعاء نموذجين فلسفيين شكلا معا المنظور العقلاني للطبيعة الإنسانية: الأول يمثله روني ديكارت الذي سار بنظرية المعرفة نحو وضع أسس عقلانية للتفكير وضوابط منهجية للمعرفة، والثاني يمثله توماس هوبز الذي توجه بنظرية السياسة نحو ابتكار نموذج عقلاني للممارسة السياسية وقواعد صورية للسلوك السياسي السليم. ينكشف اللقاء بين الفيلسوفين في صلاحية الأفكار التي يتأسس عليها هذا المشروع، والتي تتحد أغلبها في ضوء معتقد حديث مبني على أن كل شيء ينبع من الإنسان ويعود إليه بما في ذلك العالم الذي وجد فيه ووجد نفسه مجبرا على فهمه والعيش في ضروراته، ومن ثم اضطر إلى تحويل كل شيء إليه جملة وتفصيلا، فتشكلت أفكاره وأحكامه ونشأت تقاليد عيشه. هذا المعتقد يسري بالضرورة في منظور كل واحد منهما، وإن بطريقين مختلفين، فالأفكار الحقة وكذلك المدنية الحقة تنبع من العقل الإنساني وتحتكم إليه (في قوته وضعفه، في كماله ونقصه). هكذا، فالإنسان بحكم امتلاكه لهذه النعمة، يمتلك فاعلية خاصة تؤهله ليس فقط لاكتشاف الحقيقة، بل أيضا لابتكار الدولة واختيار شكلها وتوجيه مؤسساتها، مما يسنح بالقول إن الحقيقة والمدنية كامنين معا فينا، سواء في طبيعتنا كما هي عليه، أو في التعديل الذي نحدثه فيها.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا