الاستعارة التصورية ومراجعة الفرضيات الفلسفية واللسانية


فئة :  أبحاث محكمة

الاستعارة التصورية ومراجعة الفرضيات الفلسفية واللسانية

الاستعارة التصورية ومراجعة الفرضيات الفلسفية واللسانية

الملخص

تعالج هذه الورقة كيف تشكل الاستعارة التصورية آلية لتفنيد الفرضيات التي تتبناها التصورات التقليدية في الفلسفة واللسانيات، وكيف أن هذه الأخيرة تتأسس على افتراضات التوجه الموضوعي، في حين تقوم الاستعارة التصورية على افتراضات التوجه التجريبي التفاعلي الذي يتبنى مواقف مغايرة بصدد التصورات الدلالية، من قبيل: اللغة، والصدق، والفهم، والمعنى. ولرصد هذا الاختلاف بدقة، قدم ليكوف تحليلا مفصلا يُبيّن مدى تمايز الطرح الذي تدافع عنه نظريات المعيار المرتكزة على أسطورة النزعة الموضوعية؛ وذلك من خلال الوقوف على الافتراضات التي انطلقت منها والمبررات التي اعتمدتها، واقتضاءاتها على مستوى اللغة، والمعنى والصدق. والهدف الذي نسعى إلى بلوغه هنا، لا ينحصر فقط في تمييز آراء الموقف التجريبي في الاستعارة عن الآراء التي تبناها التقليد الموضوعي، بل بيان مدى تأثيره على الثقافة الغربية منذ عقود، وكيف تجذرت نظريات المعيار حول المعنى في التقليد الموضوعي.

تمهيد

يبدو أن للاستعارة التصورية تأثير قوي في الدراسات الدلالية، ويتجلى هذا التأثير في قدرتها على إبراز حدود نظريات المعنى والصدق التي كانت سائدة في التقليد الغربي. فقد استند ليكوف إلى الاستعارة التصورية كآلية لمراجعة الفرضيات التي انطلقت منها النظريات الدلالية، سواء في الفلسفة أو اللسانيات، كما أن الاستعارة التصورية تشكل وسيلة للتقريب بين الدلاليات الموضوية التي تقر بوجود صدق مطلق وموضوعي، وتسعى إلى ربط المعنى بنظرية المطابقة مع الواقع، والدلاليات الذاتية التي تقر بأسبقية الخيال والتجربة الذاتية في بناء المعاني، والتعبير عن الحقيقة. فقد كشفت نظرية الاستعارة التصورية عن قصور النزعتين معا. وما دامت الاستعارة عند ليكوف آلية للفهم، فقد ذهب ليكوف إلى ربط نظريتي الصدق والمعنى بنظرية الفهم. وهنا أصبح للصدق عند ليكوف مفهوما يختلف عن نظريات الصدق الموضوعي، حيث تم النظر إلى الصدق بناء على الفهم التجريبي بدل التطابق مع الواقع.

يشير ليكوف وجونسون إلى مدى تأثير النزعة الموضوعية في الفكر الغربي منذ ألفي عام، والتي تجسدت عبر التاريخ الغربي في التوجه العقلاني، والتوجه التجريبي (الكلاسيكي)، وكلاهما يسلمان بإمكان بلوغ الصدق المطلق وغير المشروط، بالرغم من الاختلاف القائم بينهما فيما يتعلق بطريقة الوصول إلى الصدق المطلق؛ ففي الوقت الذي يقر فيه التوجه الأول بالقدرات الفطرية كأساس للصدق، يذهب التوجه الثاني إلى اعتماد القدرات الحسية لولوج الصدق المطلق، وبلوغ المعرفة الصحيحة والكلية. وتجدر الإشارة إلى أن النزعة الموضوعية قد تجسدت في عدد من التوجهات الفلسفية، من أهمها الفلسفة التحليلية، كما تجسدت في بعض النظريات اللسانية شأن نظرية النحو التوليدي مع تشومسكي. وبهذا، فالتصور الذي قدمه ليكوف وجونسون للصدق والمعنى يقوم على ما هو استعاري، وهو ما يخالف الدعاوى التي تدافع عنها النزعة الموضوعية. فإذا كانت هذه الأخيرة تنظر إلى الاستعارة كعامل ذاتي وعامل هدام للصدق، فإن ليكوف يقر بأن الاستعارة إحدى الشروط الأساسية للصدق، وآلية للفهم وخلق دلالات جديدة.

يعود سبب اختلاف التصور الذي قدمه ليكوف وجونسون عن باقي التصورات الفلسفية واللسانية السائدة، إلى أن هذه الأخيرة تتأسس على افتراضات التوجه الموضوعي، في حين يقوم تصور ليكوف وجونسون على افتراضات التوجه التجريبي التفاعلي. الأمر الذي دفعهما إلى تبني مواقف مغايرة بصدد التصورات الدلالية، من قبيل: اللغة، والصدق، والفهم، والمعنى. ولرصد هذا الاختلاف بدقة قدم ليكوف وجونسون تحليلا مفصلا يُبيّن مدى تمايز الطرح الذي تدافع عنه نظريات المعيار المرتكزة على أسطورة النزعة الموضوعية، وذلك من خلال الوقوف على الافتراضات التي انطلقت منها والمبررات التي اعتمدتها، واقتضاءاتها على مستوى اللغة، والمعنى والصدق. والهدف الذي يسعى ليكوف وجونسون إلى بلوغه لا ينحصر فقط في تمييز آرائهما عن الآراء التي تبناها التقليد الموضوعي، بل بيان مدى تأثيره على الثقافة الغربية منذ عقود، وكيف تجذرت نظريات المعيار حول المعنى في التقليد الموضوعي. يمكن أن نتناول هذه الورقة من خلال عنصرين أساسيين: يتحدد العنصر في مراجعة الفرضيات التي ارتكز عليها التصور الدلالي الموضوعي في الفلسفة واللسانيات، لكونها لا تأخذ بعنصر الفهم في تحديد شروط الصدق، وبناء المعاني. ويتمثل العنصر الثاني في الكيفية التي يساهم بها الفهم الاستعاري في تحديد التصورات الدلالية عبر تجاوز الفهم الموضوعي لها. ويتحدد العنصر الرابع في بيان الطريقة التي تشتغل بها الاستعارة التصورية في التقريب بين الدلاليات الموضوعية والدلاليات الذاتية.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا