الافتراضي والشعبوية
فئة : مقالات
الافتراضي والشعبوية
دور الملتيميديا في تصاعد الخطاب الشعبوي[1]
بقلم: الطاهر بكني[2]
تزايدت جاذبية الشعبويين مع تزايد غضب الناس من الأوضاع الراهنة المتأزمة، حين همش الانتقال إلى الاقتصاد الليبرالي العديد من الفئات وتركهم نهبا للبؤس الاجتماعي، في ظل استمرار طبقة سياسية لم تستطع إيجاد حلول للمشاكل المطروحة. في حين يبحث الشعبويون عن دعم شعبي بتبسيطهم للقضايا المجتمعية المعقدة، وبتحدّيهم للمؤسسات التقليدية، فيتلاعبون بعواطف الناس وأفكارهم لغايات سياسية، ويعتبرون أنفسهم هم الصوت الوطني الأصيل وممثلي المواطنين العاديين أو من يسمونهم "الطبقات المنسية".
وفي ما وراء الجدل الإعلامي حول هذه الأفكار الرائجة حاليا، يتعين إبراز الخلفيات الفكرية العميقة لهذه النزعات الشعبوية التي لم تعد مجرد تيارات هامشية في الحياة السياسية، بل أصبحت من محددات وثوابت الحركية السياسية في كبريات الديمقراطيات الغربية، وقد وصل بعضها عمليا إلى السلطة، وللبعض الآخر وزن انتخابي متزايد.
أصبحت الشعبوية أسلوبا مميزا للخطاب السياسي، وقد استأثر هذا الأسلوب باهتمام العديد من الفلاسفة والساسة وعلماء الاجتماع ورجال الإعلام خاصة مع صعود العديد من الشعبويين الذين يعود نجاحهم السياسي إلى مقارباتهم الشعبوية. ويبدو أن هذه الأخيرة بدأت بتغيير وجه الأحزاب السياسية، حيث اعتمدت هذا النهج للاستمرار.
وقد ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي التي شكل ظهورها فتحا ثوريا في هذا التغيير الذي عرفته الساحة السياسية بشكل عام، حيث نقلت الإعلام إلى آفاق غير مسبوقة، وأعطت مستخدميها فرصا كبرى للتأثير والتأثر والانتقال عبر الحدود بلا قيود ولا رقابة إلا بشكل نسبي محدود.
ففي ظل الهيمنة على المشهد الإعلامي، الذي تحولت معظم وسائله إلى أدوات لخدمة أجندة ملاكها، وتعمل في إطار سياساتهم الإعلامية، ظهرت أهمية المواقع الاجتماعية، التي باتت وسيلة تواصل أساسية، تتيح التعبير عن الآراء وتبادل المعلومات والمشاركة في توجيه الأحداث، ولم يقتصر استخدامها وتوظيفها على فئات الجماهير المختلفة؛ بل امتد إلى مختلف القوى والمؤسسات السياسية والفكرية، الرسمية والأهلية، لتصبح أحد أهم محركات التفاعل مع الأحداث الجارية والقضايا العامة وإنتاج محتوى إعلامي بديل يعبر عن خطاب الجماهير إلى جانب خطاب المؤسسات المختلفة.
وقد شهدت الساحة السياسية العالمية والمحلية تدفق الخطاب الشعبوي وشراسته، بل واستمراره حتى هذه اللحظة، وكأنه يبحث له عن محضن ينشأ من خلاله ليترعرع فيه، ليصبح وكأنه هو الحقيقة وما عداه هو الباطل. ووفقا لهذا ينطلق البحث من التساؤلات التالية: هل وصل الخطاب الشعبوي في المغرب إلى درجة وصفه بالظاهرة؟ وهل أصبحت الشعبوية أيديولوجيا سياسية، أم فقط نعيش خطابا شعبويا عابرا؟ وكيف ساهمت وسائل الملتيميديا في صعود هذا الخطاب وانتشاره بهذه الحدة؟
الدراسات السابقة
ارتبط ظهور خطاب الشعبوية بالفوضوية والعفوية التنظيمية والتجريبية القاتلة في التفكير، التي صاحبت تطور الديمقراطية في الغرب، وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. (د. عبد الإله بلقزيز- الشعبوية وميتافيزيقا الشعب). ومن هذا المنطلق، يتبنى تيار الشعبوية خطابا سياسيا يقوم على معاداة مؤسسات النظام السياسي ونخبه المجتمعية، وبالتالي فهو خطاب مضاد للمؤسسة، مضاد للنخب التقليدية، مضاد للتعددية. (أ. يوسف الديني - ماذا تعني الشعبوية؟). كما يمكن إضافة العداء للعولمة والتجارة الحرة بوصف الوطن هو الخاسر منها، ومخاطبة خوف الناس من الهجرة الوافدة وموجات اللاجئين، إلى جانب ظاهرة "الإسلاموفوبيا" وربط الإسلام بالإرهاب. (عزمي بشارة - صعود اليمين واستيراد صراع الحضارات إلى الداخل: حينما تنجب الديمقراطية نقائض الليبرالية، مجلة سياسات عربية، العدد 23).
أما "روبرت ريش"[3] فتناول في مقال له "صعود الشعبوية" أسباب ومظاهر الغضب الشعبي ضد النخبة السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتطرق إلى "الفجوة" بين النخبة والطبقة المتوسطة بسبب تواطؤ بين النخب السياسية والاقتصادية، وهو ما دفع الأمريكيين إلى الخروج إلى الشارع العمومي للتعبير عن سخطهم العارم وللبحث عن التغيير. فيما ذهبت الباحثة "كريستا ديويكس" في دراسة بعنوان "الشعبوية" إلى أن ميزة هذه الأخيرة هي إيمانها بمحورية دور الشعب في العملية السياسية، التي يجب أن تعكس بشكل مباشر الإرادة الشعبية خاصة لما تتنازل المؤسسات الدستورية عن لعب أدوارها الأساسية في مراقبة بعضها، ومحاسبة النخب السياسية والاقتصادية التي تتلاعب بمقدرات الشعب. (الحسن معتصم، (29 دجنبر 2012)، الشعبوية بين الاستحقاق والنفاق)
وعلى الرغم من أنه من الصعب تحديد المراد بتعبير "الشعبوية"، لأنه لفظ محمل بمدلولات مختلفة بل ومتناقضة أحيانا؛ حيث كتب مدير مجلة "Critique" فيليب روجيه عام 2012 أن هذه "الكلمة في كل مكان، لكن من دون تعريف لها. ولا يزال من الصعب اليوم أيضا، تحديد هذا المصطلح، لأنه يثير جدلا ويعني ظواهر في غاية الاختلاف. أما أوليفييه ايهل[4]، فيعتبر أن صعوبة تحديد معنى الكلمة تكمن في أنها "ليست مفهوما"، حيث إنها لا تستخدم للتوضيح بقدر ما تستخدم للتنديد. (ماذا يعني مصطلح "الشعبوية"؟ (03/12/2016) فرانس 24)؛ إلا أن الكثيرين يرون أن المفهوم يشمل كل خطاب سياسي موجه إلى الطبقات الشعبية في بلد ما، وقائم على انتقاد نظامه السياسي ومؤسساته القائمة ونخبه المجتمعية ووسائل إعلامه؛ بمعنى أنها "خطاب سياسي موجه إلى الطبقات الشعبية، قائم على انتقاد النظام ومسؤوليه والنخب". (قاموس le petit Robert طبعة عام 2013).
ومن هذا المنطلق، يقترح جون ميلر Jan-Werner Muller نظرية حول الشعبوية في كتابه Qu'est-ce que le populisme? Définir enfin la menace (2016)، ويعطينا مفاتيح للإجابة عن التهديد الذي تشكله، حين أضحت هذه التهمة أي الشعبوية تستخدم اليوم دون تمييز، تتمثل في خطاب الديماغوجية والعنف اللفظي، لكن في بعض الأحيان لمجرد تشويه سمعة الخصم.
ولا شك أن اعتبار المعلومات والوصول إليها من الحقوق الأساسية للأفراد والشعوب، الشيء الذي أدى إلى ارتفاع التفاعلات بين الشبكات وحقوق الناس، وتطور في الممارسة السياسية وانكماش دور الأحزاب التي بدأت تتراجع لفائدة بروز فاعلين سياسيين جدد، يعتمدون وسائط الاتصال الحديثة في تحركاتهم، ويؤثثون فضاءات جديدة لا مكانية ولا زمانية أساسها التموقع عالميا عبر شبكات الاتصال، والتواصل مع الفاعل السياسي والاجتماعي الآخر، أيّا كانت اختياراته وتوجهاته، وأينما كان تموقعه الجغرافي (جوهر الجموسي، (مارس 2016) الافتراضي والثورة مكانة الإنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي).
ومما ساهم في انتشار الشعبوية تحاشي معظم مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي استخدام الأسلوب العقلاني في تحليل الأحداث السياسية والقضايا الاجتماعية ومناقشة الأفكار بعقلانية، (الشعبوية تهزم العقلانية في العالم الافتراضي، (24/12/2016) منتديات الجزيرة). إلى جانب عامل التحصيل الثقافي المتدني في أغلب المجتمعات، الذي يتمثل في انخفاض نسبة المطالعة، مما يصعب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تبني العقلانية في منشوراتهم، حيث لا يحتاج الشعبوي إلى منصات التواصل الاجتماعي للتثقيف أو التعلم، فجل ما يقوم به هو تقديم فكرة تتماشى مع أكثرية المجتمع ولا تتعارض مع أذواقهم ورغباتهم حتى لو كانت الفكرة تافهة فهو خيار سهل، يتكلم كما يتكلم الناس وينتقص من قيمة الحقيقة والمنطق. (شوقي بن حسن (1/10/2015) "المجتمع الشبكي": توزيع أوراق متجدد، العربي الجديد).
أولا: الشعبوية... سلطة الخطاب السياسي
طغت على السطح السياسي خلال السنوات الأخيرة عبارة "شعبوية" وهو مفهوم متصل ومشتق من مفهوم "الشعب" الذي يعتبر من المفاهيم الأكثر استقطابا للدراسات والأبحاث، وكذا من المواضيع الحساسة والمثيرة للجدل والاهتمام، وقد حظي الشعب باهتمام العديد من الفلاسفة والمؤرخين والساسة انطلاقا من النظرية التي تقول إن الشعب مصدر السلطة، وتبجيل فكرة "الشعب" صاحب الإرادة الحرة كمرجع حاسم في المنافسة السياسية.[5]
تتجلى الشعبوية في الخطاب الذي يستهدف تعاطف الشعب والجماهير، وهذا التعريف قديم يرجع إلى الفترة الإغريقية مع صعود الديماغوجيين وانتكاس ديمقراطية أثينا[6]، مما جعل العديد من الفلاسفة ينظرون للتفاعل الأفقي للسياسيين مع الشعب واعتبارها بعدا في الثقافة السياسية.[7] لكن ليس كل خطاب بسيط في طرحه، ويسهل فهمه بالضرورة شعبوي، حيث إن الشعبوية أعقد من تبسيط خطاب سياسي معين.
وتعني الشعبوية، حسب إدوارد شيلز، نمطا محددا من الحركات السياسية، وقد تظهر في كل المجتمعات باختلاف أوضاعها، ويلخصها في "أيديولوجيا الاستياء الموجهة ضد نظام اجتماعي مفروض من قبل طبقة مضى على وجودها في وضع الهيمنة فترة زمنية طويلة، ويفترض أنها تحتكر السلطة والثروة والامتيازات والثقافة".[8]
أما الباحث الفرنسي بيير أندريه تاغييف[9]، فيذهب إلى أنه من الخطأ مساواة الشعبوية مع الديماغوجية[10]، فالديماغوجي يهدف إلى تضليل الآخرين بينما الشعبوي يبدأ بتضليل نفسه، بزعمه أن السياسة شيء سهل يمكن إدراكها بالنسبة إلى الجميع، وأن اعتبارها معقدة يعود إلى مكيدة وضعها النخبويون لإبقاء المواطنين العاديين خارج عملية صنع القرار.
وتتراوح معاني الشعبوية بين الرومانسية الثورية والدونية السياسية، ولا تعتمد الأفكار والرؤى في تنظيم العامة أو الجمهور أكثر مما تعتمد على اللحمة الاجتماعية والسياسية، كما أشار إلى ذلك فرويد فيما يصطلح عليه بمفهوم "التماهي"؛ أي وجود رابط عاطفي بين الأفراد يعززها التأكيد والتكرار والشيوع؛ فتكرار فكرة ما يجعلها تسكن في لا شعور الجمهور وتنتشر في شكل شحنة عاطفية بين الأفراد، ويصبح تبعا لذلك الاعتقاد الإيماني هو أساس الترابط واللحمة، وليس التحليل العقلاني. فالجمهور عظيم التأثر بالقوة السحرية للكلمات، القادرة تارة على إثارة أعنف العواصف في النفس الجماعية، وطورا على تهدئتها وتسكينها.[11]
وتستفيد الشعبوية من الأزمات السياسية والاقتصادية لضمان هيمنتها على المشهد السياسي والوصول إلى الحكم. كما أنها تبني دفاعاتها على الشعور بالظلم والتهميش[12]، حيث لا یمكن تصورھا في غیاب رابطة قویة مباشرة بین زعیم مناھض للمؤسسة ومواطنین یشعرون بالإھمال من جانب الأحزاب السیاسیة المسیطرة، مع الإحالة إلى التاريخ الذي يتم استحضاره واستخدامه كوسيلة ايديولوجية ذات بعد انفعالي.
وتتميز الشعبوية عن الخطاب السياسي البسيط بمجموعة من العوامل إن ظهرت في أي خطاب يمكن وصفه بالشعبوي، منها سطحية التحليل وتقديم حلول بسيطة لمشاكل معقدة؛ والتوجه إلى العاطفة باستعمال لغة لا تخاطب العقل بما أن الشعبوية نقيض العقلنة السياسية، والحلول المعقدة. من دون أن تفيد، من ناحية أخرى، في التعامل الجدّي والمسؤول مع المشاكل الواقعية.
بالإضافة إلى ذلك، نجد أن الشعبوية تقسم المجتمع إلى فئتين: فئة الشعب أو الجمهور النقي، وفئة النخبة الفاسدة التي هي أصل المشاكل والاختلالات. وبذلك، فهي تستعدي المؤسسة والنخب التقليدية والتعددية بحكم أنها تمثل ثورة ضد النخبة. ويقدم الشعبويون أنفسهم بكونهم الممثلين الحقيقيين والوحيدين للجماهير. ونتيجة لذلك، تخترق الشعبوية المشهد السياسي بتبني مطالب شعبية، لكنها تكون عاجزة عن الاستمرار نظرا لسطحية الحلول التي تقترحها وأحيانا لا واقعيتها.
وهناك من يذهب إلى وجود شعبويات وليس شعبوية واحدة، كونها ظاهرة متعددة الأوجه، حيث نجد اختلافات بين الشعبوية اليسارية عن الشعبوية اليمينية؛ فالأولى مبنية على الشمول ولا تقصي أية شريحة اجتماعية، في حين أن الثانية مبنية على إقصاء جزء من المجتمع وخصوصا الأقليات والمهاجرين؛ أي أن الشعبوية باتت تعني مجموعة الظواهر المبتعدة، كل على طريقتها الخاصة، عن الديمقراطية الليبرالية.
ثانيا: النزعة الشعبوية وسلطة الملتيميديا
تحظى وسائل الملتيميديا[13] بالكثير من الاهتمام، ليس فقط لأنها تتيح التعرف على سلوك أو موقف المتواصل، وإنما أيضا لأن قياس التأثير أصبح يعتمد على عدد ما تحظى به (المشاركات) وأصحابها من إعجاب، حيث أصبحت هذه الأخيرة بمختلف صورها وسيلة رائجة ومؤثرة، يلجأ إليها من يتصدرون المشهد السياسي في كثير من البلدان للتعبير عن مواقفهم مما يجرى حولهم من أحداث، فأصبحت الشعبوية بذلك، تصل إلى متصفحي العالم الافتراضي بشكل أسرع دون تعب، وهي الآن تجتاح هذا العالم بعد أن اجتاحت عالمنا الواقعي، خاصة عندما تتبنى مناهضة قضايا من قبيل العولمة، والهجرة، واللجوء، وسياسات التقشف المالي التي تضعف الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية، إضافة إلى النزعة القومية والدفاع عن الهوية الوطنية، والسخرية من حقوق الإنسان.
وفي ظل صعود الشعبوية وانتشارها المتزايد كنوع من الأيديولوجيات المعاصرة تزايد الاعتماد في الوقت نفسه على الملتيميديا التي أضحت مفتوحة بلا قيود، وتعدّ بديلا للتعبير عن الآراء والمواقف خارج نطاق المؤسسات التمثيلية. كما ساعدت هذه الوسائل على سهولة نشر الشائعات بدلا من المعلومات، والجهل بدلا من المعرفة، وانتشار المفهوم الزائف للتعددية التي تقوم على المساواة بمفهومها الفظ والفج غير الناضج، بين الصحيح والخطأ، الصدق والكذب، الشائعة والمعلومة، وغياب أية هرمية تنظم المعلومة، مع عدم الاعتراف بأية مرجعيات وقادة ونخب قادرة على عقلنة الخطاب السياسي وتنظيمه وتوجيهه.[14]
"فالشبكة"[15] قضت على مفهوم الزعامة في السياسة والمجتمع، وحولت المجتمع نفسه إلى فضاء شبكي. مما جعل النظم المسيطرة تحاول أن تجعل "الافتراضي" مجرد "تكنولوجيا السلطة" كي لا يتحول إلى "سلطة التكنولوجيا" التي ستنتج بدورها، القوة والنفوذ والسلطة التشاركية الجديدة، وهو ما تناوله ميشيل فوكو في تطرقه للترابط الوثيق بين السلطة والخطاب في معرض تحليله للعلاقة التي تجمع اللغة وأنماط الهيمنة الاجتماعية.[16] خاصة مع تطور الاقتصاد في اتجاه الاعتماد على الخدمات أكثر من الصناعة، وفي هذا الوضع، لم تعد السيطرة تعني وضع اليد على وسائل الإنتاج، وإنما تتمثل في وضع اليد على حركة سيلان المعلومات.
وقد وجد الشعبويون الفرصة في وسائل التواصل بما تتيحه من حرية للحركة وقوة تأثير في الرأي العام[17]، وهو ما ذهب إليه ديك وروث ووداك وفير كلاو من أن ممارسة القوة في المجتمعات الديمقراطية الحديثة لم تعد تعتمد على الإكراه بالدرجة الأولى، بل على الإقناع الذي بات أحد العناصر الحاسمة للوصول بالخطاب لمختلف الفئات الاجتماعية.[18] ولا شك أن الاتفاق على فكرة الهيمنة عبر الإقناع وتحقيق إجماع وتعدد شكلي داخل المجتمع، أو ما يعرف بالهيمنة الناعمة، هو ما دفع مدارس التحليل النقدي للخطاب نحو الاهتمام بتحليل الخطاب الإعلامي، الذي يعكس عملية الصراع والهيمنة عبر الإقناع وتزييف وعي الجماهير. ولعل مفهوم "السيادة" أبرز المفاهيم التي يلحقها التغيير، فالدولة وكذا الطبقات التي اعتادت على الهيمنة، ستجد بأن أدواتها التقليدية في التحكم باتت مهترئة. وبالتالي تلاقت قوة تأثير الملتيميديا مع غايات أنصار الشعبوية؛ فكلاهما يستند إلى العمل من خلال فضاء مفتوح حيث لا قيود، أضف إلى ذلك ممارسة الدور البديل للمؤسسات، إلى جانب الحرص على الوصول مباشرة وبصورة مؤثرة إلى الجماهير أو الشعب دون أي وسيط.[19] ومن جانب آخر الاعتماد على لغة الحشد والتأثير في العواطف وترسيخ التصورات والمواقف.
وفي هذا السياق، وبتحليلنا لموقع الإعلام من الحملات الشعبوية، نجد أن الإعلام بات مفصولا عن الإنسان وتوجهاته، علاوة على تخلفه عن تقديم صورة حقيقية لما يحدث من حولنا، فكافة التحليلات والتوقعات التي أتت بفعل هذه الآلة العملاقة جاءت قلقة ومضطربة، بغض النظر عن التموضع الجغرافي وسياقات وجودها. ولعل هذا ما يدفعنا إلى التأمل في الهوة التي باتت تفصل بين الإنسان والإعلام، فالأخير لم يعد يرى في الأول إلا مستهلكا، أو عقلا غبيا يمكن أن يخدع بسهولة.
وإذا كان ثمة الكثير من الملاحظات السلبية حول أداء الإعلام التقليدي الذي اتهم لسنوات بتكريس هيمنة السلطات، إلا أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أحدث شكلا من التفاؤل قوامه أن ثمة قناة أخرى يمكن من خلالها التعبير عن الذات بمعزل عن اشتراطات الإعلام الرسمي، بل العكس من ذلك، فقد باتت هذه الأداة سلاحا بأيدي الجمهور للتأثير على السلطات، وإثارة الكثير من الجدل، ولذا فهي تعدّ أنموذجا متحللا من الرقابة.
لكن ثمة ملاحظة أخرى تتجلى في كون الإعلام عامة، ووسائل الملتيميديا خاصة أمست أنماطا خطابية مراوغة لا تنطوي على أية مصداقية، إلى درجة أنه يمكن أن تقدم صورة مضللة عن عقل جمعي، لا يتوافق ظاهره مع باطنه، وبهذا تتحول هذه الوسائل إلى مسالك من التقنّع والتمثيل المغلوط. وقد تطرق الباحث الأمريكي لورنس ليسنغ لهذا الأمر بقوله: "إن هندسة الإنترنت هي نوع من القانون"، باعتبارها تقوم بما يقوم به القانون، وهو تحديد ما يسمح بالقيام به وما لا يسمح، انطلاقا من النظرية التي تقول إن وسائل الإعلام ليس بإمكانها أن تحدد لك "كيف تفكر" في موضوع ما، ولكنها تستطيع أن تحدد الموضوع الذي "يجب أن تفكر فيه".[20]
ولعل صعود الخطاب الشعبوي كشف عن هشاشة الإعلام، سواء أكان إعلاما كلاسيكيا أو رقميا؛ فالأول لم يتمكن من التأثير على الرأي العام، في حين أن الثاني لم يقدم صورة واضحة أو حقيقية للشعوب، وبالتالي لم تعد وسائل الملتيميديا منصة للتعبير العفوي عما نؤمن به، ونفكر فيه. وبهذا نستنتج أن الإعلام التقليدي لم يعدّ عاملا مفصليا في تكريس التمثيل السياسي، أو الثقافي، وهذا يعني أن ثمة قطيعة مع النماذج التقليدية، مما أتاح بروز مواقع الملتيميديا بوصفها تنتمي إلى فضاء حرّ، وأكثر شفافية، ولكن في عالم اليوم المضطرب لم يعد ذلك قائما، فمع تصاعد الإرهاب، وتداعيات الأزمات الاقتصادية المتكررة تكشف عن الخوف بوصفه مسلكا طاغيا على المسلك الجمعي للشعوب، هذا الخوف قوامه «الآخر»، ولاسيما في الجزء الغربي من الكرة الأرضية، وهذا تعزز مع الهجرات، وموجات اللجوء والنزوح، ما أوقع تيار اليمين المعتدل كما اليسار في أزمة من حيث كيفية التعامل مع ملفات بهذا التعقيد، لكونها تحتفي بالتناقض مع القيم الغربية والواقع القائم على الأرض.[21]
ثالثا: تحولات الخطاب السياسي بين الشعبوية وأزمة الانتقال الديمقراطي
لا شك أن الشعبوية ظاهرة غربية بالدرجة الأولى، تطورت نتيجة الأعطاب التي عانت وما زالت تعاني منها الديمقراطيات الغربية، مما يصعب أحيانا التفريق بين الديمقراطية والشعبوية، خاصة إذا وظفت هذه الأخيرة في العملية السياسية.[22] وبالتالي، فهي خطاب يهدد الديمقراطية برفضه احتمال وجود معارضة مشروعة، ويحارب أيضا تنوع المجتمعات المعاصرة، ويميز بين النخب وباقي فئات الشعب. كما عبر نوربرت هوفر الذي أدار حملة الانتخابات الرئاسية للنمسا عام 2016 حين قال لخصمه "المجتمع الراقي يقف خلفك، ولكن الناس العاديين معي".[23] وفي فنلندا، كمثال آخر، كان ادعاء التمثیل الأصیل المتفرد، ولیس انتقاد الاتحاد الأوروبي، ھو الذي جعل من حزب "الفنلندیون الأصلیون"[24] حزبا شعبویا.
وفور تسلمه السلطة، كتب دونالد ترامب الرئيس الأمريكي على تويتر "نحن اليوم لا ننقل السلطة من إدارة إلى أخرى أو من طرف إلى آخر فحسب، ولكننا ننقل السلطة من واشنطن العاصمة ونعطيها لكم أيها الشعب".[25] وعندما رفع البرلمان الأوروبي بالأغلبية الحصانة من "مارين لوبان" زعيمة الجبهة الوطنية في فرنسا، كتبت: "هذا يوضح فقط للمواطنين الفرنسيين ما هو الاتحاد الأوروبي، وما هو البرلمان الأوروبي الذي يعتبر جزءا من النظام الذي يريد وقف مرشح الشعب الفرنسي الذي هو أنا".[26]
في حين قدم "بوديموس"[27] في إسبانيا مطالب راديكالية تمس جوهر الحكم في إسبانيا، كرفضها لدستور 1976 والاتفاقيات التي مهدت للانتقال نحو الديمقراطية بعد حكم فرانكو، إلا أن مقترحاتها لحل الأزمة الاقتصادية لم تحظ بدعم كبير. وفي السياق نفسه، لم يستطع "سريزا"[28] الوفاء بالوعود التي قدمها إلى الشعب اليوناني أثناء حملاته الانتخابية، والتي نذكر منها محاربة النيو ليبرالية ووضع حد للإجراءات التقشفية، بل إن هذا الحزب رضخ للشروط الأوروبية ويطبق حاليا الإجراءات التقشفية، مع بعض التعديلات الطفيفة.
أما في السياق المغربي، فقد ظلت الحملات الانتخابية الحزبية خلال عقود، خاضعة إلى منطق مخاطبة النخبة مستعملة جميع الوسائل الدعائية بلغة عربية سلسة ومفهومة لدى الطبقات الوسطى، وببرامج تكاد تكون موحدة، وغياب شبه تام للأيديولوجيا، حيث تقاربت البرامج وأساليب تجميع الأصوات، وزاد الاعتماد على تمويلات الدولة، وفي نهاية الأمر ابتعدت هذه الأحزاب عن أعضائها وناخبيها لدرجة أن أصبحت بمثابة "وكالات" للدولة[29]، مما ردعها من الإعلان عن هوية إيديولوجية، وفي المقابل ازداد الامتناع عن المشاركة السياسية من طرف المواطنين.
وقد هيمنت الحركة الوطنية والأحزاب اليسارية على المشهد السياسي طيلة عقود، مستفيدة من الأطر والنخب التي كانت تؤطرها وتناضل من داخلها، وأسست لبرامج ومشاريع مدروسة بعناية وذات أبعاد استراتيجية وسوسيواقتصادية لوعيها المبكر أن شعبا واعيا ومتعلما قادرا على الانخراط الواعي في بلورة بديل سياسي ومجتمعي للاستعمار وبناء مجتمع جديد يتجاوز التخلف، إلا أن هذه القوى لم تستطع بلورة خطاب سياسي شعبي قادر على أن يشكل بديلا سياسيا ملموسا مقنعا للرأي العام الشعبي. لكن مع ذلك، استطاعت هذه القوى التفاوض مع النظام السياسي جعله يسلمها مفاتيح المشاركة في الحكم خاصة بعد إعلان السكتة القلبية والانفتاح على العهد الجديد من خلال حكومة التناوب.
ومع بداية الألفية الجديدة، دخل المغرب مرحلة استعان فيها النظام بالتكنوقراط كخيار بديل للأحزاب في السياسة والإدارة، حيث تم التراجع عن المنهجية الديمقراطية تحت ذريعة تمثيل "الأغلبية الصامتة" وملْء "الفراغ السياسي" وحشد الفاعلين الأكثر "كفاءة". ونتيجة لذلك، هيمنت النخب التقليدية والتكنوقراط على المشهد السياسي إلى حدود 2011. وقد عرف المغرب في هذه الفترة مجموعة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي لم تواكبها النخب التقليدية في سرعة تحولاتها، مما أدى إلى مجموعة من الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية خاصة مع حركة عشرين فبراير.[30] احتجاجات طالبت بالتغيير ومحاربة الفساد، مما سلط الضوء على الحاجة إلى طبقة سياسية جديدة قادرة على امتصاص الغضب الشعبي وأقرب إلى الشعب تطرح همومه وتخاطبه بلغته. خصوصا وأن جزءا من تلك الأحداث والتحولات شكلت استمرارا لسياسة الدولة ومقاربتها لعدد من الملفات (الانتخابات، الإصلاح السياسي، التعامل مع الأحزاب..) وبعضها الآخر يرجع لتراكم إشكالات اجتماعية واقتصادية (الحراك الاجتماعي، ارتفاع البطالة، توزيع الثروة..).
وكان نتيجة ذلك، أن سمحت الدولة للشعبويين بالصعود إلى الساحة السياسية، آملة في هدنة تكتيكية إلى حين مرور العاصفة، خصوصا وأن أغلب النخب منبوذة من طرف الشارع، والأحزاب غير قادرة على لعب دور الوساطة بين الدولة والمجتمع لضعف تجذرها في البنى الاجتماعية، وتعاني من البلقنة بسبب النظام الانتخابي وغياب الديمقراطية الداخلية.
وقد رافق صعود الشعبوية إلى الحكم مدّا شعبويا غير مسبوق، حيث مارست أحزاب ذات توجهات مختلفة في تواصلها مع الفئات الشعبية الخطاب الشعبوي، معتمدة على لغة عامية لصيقة بالثقافة الشعبية وبمحتوى عاطفي وديماغوجي، ويحمل شعارات رنانة فضفاضة بدون تصور واضح وعميق لتنزيلها على شكل برامج ومخططات، بل إن هذا الخطاب لا يقدم بديلا سياسيا للمشاكل المطروحة، إنما يقوم على انتقاد البرامج السابقة أو المنافسة. وقد أدى لجوء نخب وقيادات حزبية إلى خطابات وسلوكيات شعبوية بهدف توسيع نفوذها الحزبي داخل فئات اجتماعية شعبية بالنظر لثقافتها اللاعقلانية ولوعيها المزيف بمصالحها.
وقد كان لظهور مفهوم "التحكم"[31] الأثر الكبير على الخطاب السياسي بشكل عام، حيث كان المتهم الرئيس في أغلب الأحيان بالعمل على إفشال التجربة عن طريق التحكم في قرارات بعض الأحزاب، وتعطيل بعضها الآخر من خلال الإتيان بزعماء على المقاس، وكذا دعم أحزاب مقابل التضييق على أخرى. فيم استعمل الشعبويون مفهوم التحكم مع كل فشل لبرنامج أو خطة حكومية أو تراجع للمكتسبات.[32] وبالتالي، بدلا من الدفع نحو الديمقراطية، مالت هذه الأحزاب نحو دعم السلطوية.
لكن في مقابل ذلك، هل الشعبوية التي يعيشها المغرب هي نفس المفهوم الذي يعادي المؤسسة والنخب والتعددية؟ أم إنه تم تنزيل المفهوم على السياق المغربي دون الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية المحلية؟ يمكن أن نقول إن المغرب يعرف بعض مظاهر الشعبوية، لكن ليس هناك تيار شعبوي بمعنى الكلمة، فليس هناك خطاب في المغرب يناهض المؤسسة أو التعددية، بل على العكس من ذلك، شجعت الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر صعود الشعبويين[33]، لأهداف متعددة منها زيادة المشاركة السياسية، والتي تتضح من خلال ارتفاع نسب المشاركة في الانتخابات من 37% عام 2007، إلى 45% سنة 2011 من أصل 13,6 مليون مسجل، و43% سنة 2016 من أصل 15,7 مليون مسجل.
كما أن الخطاب الشعبوي في المغرب، لا يناهض الثوابت الرئيسة للبلاد، ويعتبر أن الهوية المغربية الوطنية موحدة بانصهار مكوناتها الأساسية العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية.[34] أضف إلى ذلك أن الهندسة الانتخابية تمنع الأحزاب من السيطرة على المشهد السياسي بشكل متفرد، حيث يكرس النظام الانتخابي البلقنة بإفراز تمثيلية حزبية هشة في المشهد السياسي يمنع ظهور حزب واحد مهيمن، وبه تحدث الدولة التوازن، وتتحكم في الخريطة السياسية، خاصة مع آليات الضبط الأمني الذي تحتكره الدولة لنفسها، والتوزيع الريعي. مما يجعل الأحزاب تعمل بمنطق التنازلات حفاظا على مسار الإصلاح والوطن، وبالتالي يصبح رئيس الحكومة منسق للقطاعات الوزارية أكثر منه قائد سياسي لحكومة متجانسة، خصوصا في الانتخابات الأخيرة التي نتج عنها تحالف حكومي ضم اليميني واليساري والمحافظ، وفق برنامج حكومي لا علاقة له ببرامج هذا التحالف، مما يؤكد أن التحالفات السياسية تبنى على أساس النتائج البرلمانية وليس على الإيديولوجيا.[35]
ومن العوامل التي تجعل الخطاب الشعبوي خافتا في تأثيره على التوجهات العامة للبلاد، الحضور الدائم لوزراء السيادة والتكنوقراط في المشهد الحكومي. أضف إلى ذلك، أن "القصر" منح لنفسه حق إنتاج "التوجهات الكبرى" والإشراف على كل القطاعات الاستراتيجية. وكان من نتائج ذلك أن استمرت السياسة النيوليبرالية التي نهجها المغرب منذ عقود، ولم يستطع الشعبويون بالرغم من تضخيم انتظارات الناخبين إلا أن يدعموها بخطاب شعبوي يلطف من آثارها معتمدين على التماهي العاطفي الذي يمنع أي انتقاد أو تحليل عقلاني لمجريات الأمور. وكان للفساد الذي جاؤوا لمحاربته المصير نفسه، إذ أضحى "الفساد" مفهوما إشكاليا بعد تصريح "عفا الله عما سلف"، وبالتالي أصبح مفهوما محصورا في الفساد الانتخابي.[36]
ونتيجة لذلك، يمكن تلخيص الخطاب الشعبوي في أن له صبغة قدحية في الغرب، لأنه تترتب عليه آثار خطيرة على البناء الديمقراطي، خاصة فيما يتعلق بالهجوم على المؤسسات التي تسهر على تسيير وتدبير الشأن العام. في حين تبقى الشعبوية في المغرب جزءا من الصراع أحيانا نحو البناء الديمقراطي، دون أن ننسى الشعبوية التي تتغذى من هموم الشعب ومشاكله لتحقق أغراضها السياسية والاقتصادية.
خلاصة
لقد تمكنت الشعبوية من تقديم خطاب مغاير للمتوقع نتيجة عوامل متشابكة ومعقدة أهمها الوضوح والصراحة الصادمتين، وهي سمات لا يفضلها الساسة، ولكن الأهم من ذلك الخطاب المباشر الذي جاء نتيجة تمرس الشعبويين بالإعلام الحديث، حيث أدركوا أن البشر لم يعودوا يصدقون الإعلام التقليدي، كما أنهم لم يعودوا يرغبون بالمزيد من الخطابات الدبلوماسية لكونها تكوينات زائفة لذوات مأزومة، ملت من الادعاء. وبهذا، فإن وسائل الملتيميديا ما هي إلا أنساق من الوعي المنتقى بعناية، حيث يمكن أن تظهر عكس ما تبطن، فالتقنية وقيم العولمة لم تجلب المزيد من قيم الحرية والعدالة، كما أنها لم تحقق ثورة قيمية، بل على العكس من ذلك أسهمت في المزيد من سوء الفهم، علاوة على كونها أطلقت المكنون اللاواعي في الأمم.
وإذا كانت الشعبوية في الغرب تعني اختيار المواطنين طوعا أن يستبدلوا السبيل الديمقراطي العقلاني، وأدواته القانونية والدستورية، بحالة من الهياج الجماهيري العاطفي المعادي للنخب السائدة. فإنه قد تم استيراد المفهوم في الحالة المغربية وأزماته معه، وتوظيفه داخل الحقل السياسي، على الرغم من اختلاف البنية والقواعد، وتم إسقاطه في ظرفية سياسية معينة ضد الخصوم. وبالتالي، فمفهوم الشعبوية ليس المصطلح الذي من خلاله يمكن أن نفهم التحولات السياسية في المغرب، خاصة وأنه في بعض الأحيان، لا يؤدي منح الأشياء والتوجهات أسماء محددة، إلا إلى مزيد من الاختلاط والفوضى.
المراجع:
- أ. يوسف الديني، ماذا تعني الشعبوية؟ مجلة اتجاهات الأحداث، عدد 19، يناير-فبراير 2017
- إيثيكييل آدموفسكي، عن معاني «الشعبوية» واستخداماتها، ترجمة ياسين السويحة، مجلة الديمقراطية مؤسسة الأهرام، 14 نونبر 2016، الرابط: https://goo.gl/iFJsDV
- إيمان القويفلي، تعريب الشعبوية، 2 فبراير 2017، موقع العربي الجديد، الرابط: https://goo.gl/36RdY6
- السيد يسين، نهاية الأيديولوجية وبداية الشعبوية! 29 يناير 2017، المركز العربي للبحوث والدراسات، الرابط: http://www.acrseg.org/40436
- السيد ولد أباه، الشعبوية وأزمات الليبرالية، 03 أبريل 2017، الاتحاد الاماراتية، الرابط: https://goo.gl/6gzjRS
- دومينيك شنابر، الشعبوية نهاية السياسة؟ عن «لوفيغارو» الفرنسية، إعداد منال نحاس، 11 مايو 2016، المركز العربي للبحوث والدراسات، الرابط: http://www.acrseg.org/40173
- جوهر الجموسي، الافتراضي والثورة مكانة الانترنت في نشأة مجتمع مدني عربي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مارس 2016
- الحسن حما، التحولات السياسية والاجتماعية بالمغرب خلال 2016-2017 في ضوء الحراك الاحتجاجي، مركز برق للأبحاث والدراسات، غشت 2017، الرابط: https://goo.gl/ANa9n7
- الحسن معتصم، الشعبوية بين الاستحقاق والنفاق، 29 دجنبر 2012، موقع هيسبريس، الرابط: http://www.hespress.com/opinions/69115.html
- حسن أوريد، المغاربة بين هاجس الخوف وضبابية الغد، موقع القدس العربي، 5 غشت 2017، الرابط: http://www.alquds.co.uk/?p=765992
- هلال رميتي، الشعبوية تهزم العقلانية في العالم الافتراضي، 24 دجنبر 2016، مدونات الجزيرة، الرابط: https://goo.gl/jph4Hj
- شوقي بن حسن، "المجتمع الشبكي": توزيع أوراق متجدد، العربي الجديد، 01 أكتوبر 2015، موقع العربي الجديد، الرابط: https://goo.gl/kcsXYb
- عبد العاطي محمد، "الشعبوية" و"تويتر"... لماذا العلاقة وإلى أين النتائج؟ موقع مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، الرابط: http://omandaily.om/?p=451804
- عبد العاطي محمد، "الشعبوية" و"تويتر" .. لماذا العلاقة؟ 18 مارس 2017، صحيفة الوطن القطرية، الرابط: https://goo.gl/vDXKda
- عبد الإله بلقزيز، شعبوية إيديولوجيا صناديق الاقتراع، موقع إكسير، 21 غشت 2017، الرابط: https://goo.gl/U9uGJu
- عبد الإله بلقزيز، الشعبوية وميتافيزيقا الشعب، 18 فبراير 2009، infobelkziz الرابط: https://goo.gl/ux1jth
- عبد الجبار أحمد عبد الله وفراس كوركيس عزيز، دور شبكات التواصل الاجتماعي في ثورات الربيع العربي، مجلة العلوم السياسية، العدد 44، بغداد-العراق، 2011
- عزمي بشارة، صعود اليمين واستيراد صراع الحضارات إلى الداخل: حينما تنجب الديمقراطية نقائض الليبرالية، مجلة سياسات عربية، العدد 23، نونبر 2016
- عزمي بشارة، مقالة في الحرية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، بيروت، يونيو 2016
- علي الزبيدي، استغباء الجماهير.. سلطة الخطاب السياسي، 19 مايو 2017، منتديات الجزيرة، الرابط: https://goo.gl/vmTjeg
- رامي أبو شهاب، ترامب والإعلام الجديد .. وهم الخطاب وحقيقة التضليل، 26 نونبر 2016، القدس العربي، الرابط:http://www.alquds.co.uk/?p=636034
- محمد سالم، الشعبويات... انتشار أم انحسار؟ منتديات الجزيرة، 22 يونيو 2017، الرابط: https://goo.gl/822i98
- محمد سالم، ، الشعبوية.. انتحار سياسي أم محاولة للنجاة؟ منتديات الجزيرة، 30 ماي 2017، الرابط: https://goo.gl/LxMUuk
- ماذا يعني مصطلح "الشعبوية"؟ فرانس 24، 03 دجنبر 2016، الرابط: https://goo.gl/eryc2n
- محمد مفضل، باحث مغربي يفكك ميكانيزمات الخطاب الشعبوي .. بنكيران نموذجا، 23 يناير 2017 http://www.hespress.com/orbites/336630.html
- محمد الأشهب، التغيير الهادئ في المغرب، صحيفة الحياة، 20 فبراير 2013، الرابط: http://www.alhayat.com/Details/485101
- محمد جليد، صعود الشعبويين في السياسة المغربية، مؤسسة كارينيغي، 29 نوفمبر 2012، الرابط: http://carnegieendowment.org/sada/50184
- ندوة هسبريس حول موضوع "تصاعد الشعبوية.. ضرورة واقعية أم تهور سياسي" بمشاركة الدكتور سعيد الصديقي والدكتور محمد جبرون والدكتور محمد الهاشمي. أدار الندوة الأستاذ أشرف طريبق. الجمعة 14 يوليوز 2017، الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=d3LQX1YdmOc
- فيليب هوارد، التأثير المستدام لوسائل الإعلام الرقمية على المجتمع المدني، 3 فبراير 2010، موقع صحفي sahafi.jo الرابط: https://goo.gl/7qrvKV
- فيليب هوارد، الديمقراطية المولودة من رحم الرقمية، 18 مايو 2011، موقع صحفي sahafi.jo الرابط: https://goo.gl/BD56Kz
[1] مجلة ذوات العدد 47
[2] باحث مغربي في العلوم الإنسانية والاجتماعية
[3] وزير العمل الأمريكي السابق.
[4] خبير الأفكار السياسية في معهد العلوم السياسية في غرونوبل.
[5] عبد الإله بلقزيز، شعبوية إيديولوجيا صناديق الاقتراع، موقع إكسير، 21 غشت 2017، الرابط: https://goo.gl/U9uGJu
[6] تعريف الشعبوية، ويكيبيديا، https://goo.gl/ii3ScY
[7] محمد مفضل، 23 يناير 2017، باحث مغربي يفكك ميكانيزمات الخطاب الشعبوي .. بنكيران نموذجا، موقع هسبريس، الرابط: http://www.hespress.com/orbites/336630.html
[8] إيثيكييل آدموفسكي، عن معاني «الشعبوية» واستخداماتها، ترجمة ياسين السويحة، مجلة الديمقراطية مؤسسة الأهرام، 14 نونبر 2016، الرابط: https://goo.gl/iFJsDV
[9] فيلسوف وباحث سياسي فرنسي، مؤرخ للأفكار، كتب على نطاق واسع حول الأشكال الكلاسيكية من العنصرية ومعاداة السامية وتحولاتها المعاصرة، وكذلك في القومية والشعوبية، واليمين المتطرف، والنسوية ويوتوبيا التقدم.
[10] مجموعة الأساليب والخطابات والمناورات والحيل السياسية التي يلجأ إليها السياسيون في مواسم الانتخابات لإغراء الشعب أو الجماهير بوعود كاذبة أو خادعة وذلك ظاهريا من أجل مصلحة الشعب، وعمليا من أجل الوصول إلى الحكم.
[11] سيغموند فرويد، (1921) علم نفس الجماهير وتحليل الأنا، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت.
[12] الحسن معتصم، 29 دجنبر 2012، الشعبوية بين الاستحقاق والنفاق، موقع هسبريس، الرابط: http://www.hespress.com/opinions/69115.html
[13] الوسائط المتعددة، (Multimedia)، وهو مصطلح واسع الانتشار في عالم الحاسوب يرمز إلى استعمال عدة أجهزة إعلام مختلفة لحمل المعلومات مثل (النص، الصوت، الرسومات، الصور المتحركة، الفيديو، والتطبيقات التفاعلية). وعلى هذا، يتضح أن الوسائط المتعددة هي عبارة عن دمج بين الحاسوب والوسائل التعليمية لإنتاج بيئة تشعبية تفاعلية تحتوي على برمجيات الصوت والصورة والفيديو ترتبط فيما بينها بشكل تشعبي من خلال الرسوميات المستخدمة في البرامج.
[14] عزمي بشارة، (يونيو 2016) مقالة في الحرية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، بيروت، ص 129
[15] الشبكة في تعريفها البسيط "حالة ترابط بنيوي بين نقاط متباينة".
[16] علي الزبيدي، استغباء الجماهير.. سلطة الخطاب السياسي، 19 مايو 2017، منتديات الجزيرة، الرابط: https://goo.gl/vmTjeg
[17] عبد العاطي محمد، "الشعبوية" و"تويتر" .. لماذا العلاقة؟ 18 مارس 2017، صحيفة الوطن القطرية، الرابط: https://goo.gl/vDXKda
[18] علي الزبيدي، استغباء الجماهير.. سلطة الخطاب السياسي، 19 مايو 2017، منتديات الجزيرة، الرابط: https://goo.gl/vmTjeg
[19] رامي أبو شهاب، ترامب والإعلام الجديد .. وهم الخطاب وحقيقة التضليل، 26 نونبر 2016، القدس العربي، الرابط: http://www.alquds.co.uk/?p=636034
[20] شوقي بن حسن، "المجتمع الشبكي": توزيع أوراق متجدد، العربي الجديد، 01 أكتوبر 2015، موقع العربي الجديد، الرابط: https://goo.gl/kcsXYb
[21] رامي أبو شهاب، ترامب والإعلام الجديد .. وهم الخطاب وحقيقة التضليل، مصدر سابق.
[22] ندوة هسبريس حول موضوع "تصاعد الشعبوية.. ضرورة واقعية أم تهور سياسي" بمشاركة الدكتور سعيد الصديقي والدكتور محمد جبرون والدكتور محمد الهاشمي. أدار الندوة الأستاذ أشرف طريبق. الجمعة 14 يوليوز 2017، الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=d3LQX1YdmOc
[23] أ. يوسف الديني، (يناير-فبراير 2017) ماذا تعني الشعبوية؟ مجلة اتجاهات الأحداث، العدد 19
[24] الاسم في حد ذاته ينبئنا بالكثير.
[25] عبد العاطي محمد، "الشعبوية" و"تويتر".. لماذا العلاقة وإلى أين النتائج؟ موقع مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، الرابط: http://omandaily.om/?p=451804
[26] عبد العاطي محمد، "الشعبوية" و"تويتر".. لماذا العلاقة وإلى أين النتائج؟ مصدر سابق.
[27] تنسيقية تعمل ببرنامج اليسار الاجتماعي ضد الفساد السياسي والاقتصادي في إسبانيا، وأصبحت حزبا سياسيا في يناير 2014. نجح أعضاء الحركة وأغلبهم من الشباب في اكتساح الرأي العام عبر شبكات التواصل الاجتماعي وجرائد رقمية بديلة عن وسائل الإعلام الكلاسيكية التي حاربت الحزب بشكل ملفت.
[28] ائتلاف بين عدد من الأحزاب اليسارية في اليونان، ويعتبر الحزب الأكثر تمثيلا في البرلمان، من أفكاره مناهضة الرأسمالية وعولمة بديلة.
[29] ندوة هسبريس: تصاعد الشعبوية... ضرورة واقعية أم تهور سياسي، (14 يوليو 2017) مصدر سابق.
[30] محمد جليد، صعود الشعبويين في السياسة المغربية، مؤسسة كارينيغي، 29 نوفمبر 2012، الرابط: http://carnegieendowment.org/sada/50184
[31] يحمل مفهوم "التحكم" معنى العرقلة والتضييق والتشويش من لدن "قوى" معروفة ضمنيا وغير مشار إليها تصريحا.
[32] محمد مفضل، 23 يناير 2017، باحث مغربي يفكك ميكانيزمات الخطاب الشعبوي ... بنكيران نموذجا، مصدر سابق.
[33] محمد جليد، 29 نوفمبر 2012، صعود الشعبويين في السياسة المغربية، مؤسسة كارينيغي، مصدر سابق.
[34] ندوة هسبريس: تصاعد الشعبوية.. ضرورة واقعية أم تهور سياسي، (14 يوليو 2017) مصدر سابق.
[35] حسن أوريد، 5 غشت 2017، المغاربة بين هاجس الخوف وضبابية الغد، http://www.alquds.co.uk/?p=765992
[36] محمد مفضل، 23 يناير 2017، باحث مغربي يفكك ميكانيزمات الخطاب الشعبوي .. بنكيران نموذجا، مصدر سابق.