التَّخَلُّصُ مِنَ الْمِيتافِيزيقا عَنْ طَريقِ التَّحْلِيلِ الْمَنْطِقِيِّ لِلُّغَةِ (تتمة)

فئة :  ترجمات

التَّخَلُّصُ مِنَ الْمِيتافِيزيقا عَنْ طَريقِ التَّحْلِيلِ الْمَنْطِقِيِّ لِلُّغَةِ (تتمة)

التَّخَلُّصُ مِنَ الْمِيتافِيزيقا عَنْ طَريقِ التَّحْلِيلِ الْمَنْطِقِيِّ لِلُّغَةِ

(تتمة)

مُلَّخَصُ المَقالةِ[1]

(إعادةُ صياغة جُمل المقالة)

افتتح كارناپ مقالته هذه بالحديث عن العداء للميتافيزيقا، وبين بأنه عداء ليس وليد اليوم، فقد بدأ قديما مع الشكاك، واستمر حتى القرن التاسع عشر مع التجريبيين المتأخرين. وقد حصر كارناپ أهم الانتقادات التي وجهت للميتافيزيقا من طرف هؤلاء في: كونها تتناقض مع المعرفة التجريبية، وأنها غير مؤكدة، وأن قضاياها تتجاوز المعرفة البشرية، وأن الاشتغال بقضاياها عقيم، ولا يقود إلى شيء يذكر. ولهذا، فالنقد الذي سيقدمه كارناپ للميتافيزيقا يختلف عن نقد السابقين. فما وسيلة هذا النقد؟ وما طبيعته؟ وما غرضه؟

إن الوسيلة التي يتم من خلالها نقد الميتافيزيقا هي التحليل المنطقي المعاصر ونظرية المعرفة المعاصرة: فنظرية المعرفة تكشف عن المضمون المعرفي في العبارات العلمية، والتحليل المنطقي يبين العلاقات والروابط الصورية القائمة بين مكوناتها. إن هذه الوسيلة مجدية في المجال العلمي، لذلك اعتبر هذا المجال علما إيجابيا، لكن لما يستعمل التحليل المنطقي في مجال العلوم المعيارية، وفي الميتافيزيقا، فإنه يفشل في تحقيق نتائج إيجابية، لذلك اعتبر هذا المجال سلبيا. إن النقد القديم للميتافيزيقا يختلف عن النقد الحديث لها، فالقدماء لم يستطيعوا التخلص منها، كما هو الحال بالنسبة إلى الاسميين الذين أنكروا الكليات والمجردات، وردوها إلى المحسوسات العيانية، لكن من خلال التطور الذي عرفه المنطق الرياضي وفلسفة اللغة مع كل من ݣوتلوب فريݣه، ولودفيغ ڤيدغنشتاين، أصبح بالإمكان التخلص من الميتافيزيقا عبر التحليل المنطقي للعبارات الميتافيزيقية المزعومة والخالية من اللامعنى؛ فما الذي يقصده كارناپ بلامعنى العبارة؟

إن اللامعنى الذي يلازم العبارة، بالنسبة إلى كارناپ، هو لا معنى بالمعنى الضيق، وليس بالمعنى الواسع. وقد بين المعنى الواسع من خلال ثلاث عبارات، قد توهم بأن لها معنى، لكن في الواقع، هي غير ذات معنى، وهذه العبارات كالآتي:

أ‌-          "ما هو متوسط وزن سكان ڤيينا الذين ينتهي رقم هاتفهم بالعدد ثلاثة؟"؛

ب‌-    "كان عدد سكان ڤيينا في سنة 1910 ستة أفراد"؛

ت‌-    "الشخص ل والشخص م يكبر أحدهما الآخر بسنة واحدة".

على الرغم من أن هذه العبارات تتحدث عن أشياء واقعية، لكنها كاذبة، على نحو جلي كما هو الحال بالنسبة إلى العبارة "ب"، وقد لا تكون كاذبة من الناحية الواقعية فقط، بل تكون متناقضة كذلك، وغير صحيحة من الناحية المنطقية، كما هو الحال بالنسبة إلى العبارة "ت". لذلك، إذا كانت هذه من العبارات تبدو مثمرة وهي عقيمة، وتبدو صادقة وهي كاذبة، فإن كارناپ يصطلح عليها عبارات مزيفة. ومن هذا المنطلق يحدد غرضه في هذه المقالة في كونه يسعى إلى التحليل المنطقي للعبارات الميتافيزيقية المزعومة، وإثبات أنها عبارات مزيفة.

يحدد كارناپ بنية اللغة في مكونين: هناك الألفاظ التي تتألف منها العبارات، وهناك تأليف العبارات الذي يخضع لقواعد النحو المنطقي. وعليه، فالعبارات المزيفة نوعان: فهناك العبارات التي تتضمن ألفاظا مزيفة، ولا معنى لها، وهناك العبارات التي تخرق قواعد النحو المنطقي. وبناء على ذلك، فالتزييف يطال العبارات إما من جهة اللفظ، وإما من جهة التركيب. من خلال هذا البيان يوضح كارناپ خطواته المنهجية في هذه المقالة، والتي يمكن ردها إلى خطوتين اثنتين:

أ‌-      إثبات أن العبارات المزيفة واردة في الميتافيزيقا، من خلال مجموعة من الأمثلة؛

ب‌-  البحث في الأسباب التي تجعل الميتافيزيقا كلها تتألف من مثل هذه العبارات المزيفة.

إذا كان للَّفظ معنى داخل لغة محددة، واعتبر أن لهذا اللفظ مفهوما دون أن يكون له معنى واقعي، فإن هذا اللفظ يعتبر بالنسبة إلى كارناپ لفظا مزيفا. لكن ما مصدر هذا التزييف الذي يلحق اللفظ؟ وبمعنى آخر، إذا كان وجود اللفظ من حيث الأساس في اللغة القديمة منذ نشأته يدل على شيء ما، فكيف يفقد هذا اللفظ معناه، ويصبح لفظا مزيفا؟ والجواب بالنسبة إلى كارناب له علاقة بالتطور التاريخي للغة، فمن المعلوم أن اللفظ يتغيَّر معناه باستمرار، وإذا حصل أنْ فقَد معناه، ولم يكتسب معنى جديدا، فإنه يصبح لفظا مزيفا.

من هذا المنطلق، يحدِّد كارناپ معنى اللَّفظ، ويحدِّد الشُّروط التي تجعل له معنى. يعتبر اللَّفظ حاملا لمعنى إذا ورد في جملة أولية، ومعنى الجملة الأولية كالآتي: هب أننا أمام لفظ "حَجَرة"، فالجملة الأولية هي: "س حَجَرة"، ومعنى هذه الجملة أننا نشير إلى الحَجَرة بقولنا: "هذه حَجَرة"، أو نشير إلى التُّفاحة بقولنا: "هذه تُفاحة"، أو نشير إلى الماس بقولنا: "هذا ماس"...

لكي نثبت معنى اللفظ داخل الجملة الأولية، يجب الإجابة عن الأسئلة الآتية: السؤال الأول مركب من سؤالين كالآتي: ما هي الجمل التي تقبل أن تستنبط الجملة الأولية منها؟ وما هي الجمل التي يمكن استنباطها من الجملة الأولية؟ وكذلك الأمر بالنسبة إلى السؤال الثاني: ما هي الشروط التي تجعلنا نفترض أن الجملة الأولية صادقة؟ وما هي الشروط التي تجعلنا نفترض أنها كاذبة؟ والسؤال الثالث، كيف يمكن التحقق من الجملة الأولية؟ والسؤال الرابع، ما معنى الجملة الأولية؟

اعتبر كارناپ السؤال الأول مرتبط بمنطق المنطق، والسؤال الثاني مرتبط بالمنطق، والسؤال الثالث مرتبط بنظرية المعرفة، والسؤال الرابع مرتبط بالفلسفة. يشير كارناب هنا إلى أن ڤيدغنشتاين اعتبر أن السؤال الثاني جوابه يمكن أن يعتبر جوابا عن السؤال الرابع، وهذا يعني أن معنى الجملة أو العبارة يتجلى في شرط صدقها.

بناء على منطق المنطق الذي يندرج فيه السؤال الأول، يمكن تحديد معاني الألفاظ العلمية من خلال ردها إلى ألفاظ أخرى استنادا إلى تعريفها الأساس، فعلى سبيل المثال: هب أننا نريد أن نعرف معنى اللفظ العلمي "مفصلي" بالاستناد إلى "المفصليات" كنوع، فإن هذا اللفظ يحدد معناه من خلال رده إلى ألفاظ أخرى، بناء على التعريف العلمي المكون له. فإذا كانت المفصليات "حيوانات لها أجسام مجزأة، ولها أرجل مفصلية"، فإن الجواب عن معنى "مفصلي" يتحدد من خلال تحديد الجملة الأولية للفظ "مفصلي"، وهي: "الشيء س مفصلي"، والتي يمكن استنباطها من "جمل الملاحظة" أو "الجمل البروتوكولية" الآتية: "س حيوان"، و"س له جسم مجزأ"، و"س له أرجل مفصلية". وقد يحدث العكس بأن تستنبط هذه الجمل الأخيرة من الجملة الأولية. لذلك، إذا كان اللفظ العلمي لا يكتسب معناه إلا على هذا النحو، فهل الألفاظ الميتافيزيقية قابلة للرد بهذه الطريقة؟

إذا كان كارناپ قد ناقش اللفظ من جهة المنطق، وأثبت أنه لا يكتسب معناه إلا إذا تم رده بالكيفية الموضحة أعلاه، فإنه انتقل إلى الحديث عن معنى اللفظ من حيث المضمون المعرفي، مناقشا مسألة القول إن الجملة الأولية المتضمنة للفظ يجب أن تشير إلى شيء "معطى". لكن كارناب يعتبر "المعطى" مختلف حوله: فهناك من ربط المعطى بصفات تنتمي إلى الإحساس والشعور، وهناك من اعتبر الجمل الأولية تشير إلى كل التجارب والتشابهات، وهناك من اعتبرها تتحدث عن أشياء. ومهما يكن، فإن كارناپ أكد على أن تتالي الألفاظ وتسلسلها داخل الجمل لا يجعلها ذات معنى إلا إذا كانت علاقات قابليتها للاستنباط ثابتة. وعليه، فاللفظ لا يكون له معنى إلا إذا كانت الجمل التي يرد فيها قابلة للرد إلى جمل بروتوكولية.

استنادا على ما سبق، فليس لأي فرد الحرية في أضفاء معنى على لفظ بناء على ما يرغب، وإنما ينال اللفظ معناه من خلال حمله على شيء، خارجي، وبذلك يصبح واضحا.

بناء على هذه المقدمات، طبَّق كارناپ نفس المعيار، معيار الحمل، على بعض الألفاظ المزيفة والمبتدعة من خلال المثال الآتي: لنفترض أن شخصا ما ابتدع لفظا لم نسمع به قط، وهو لفظ "بحل"، وحصل أن جعل هذا اللفظ محمولا على الأشياء بالإيجاب والسلب؛ وذلك من خلال قوله: "هناك أشياء تكون بحلا"، و"وهناك أشياء لا تكون بحلا"، لكن لما سألناه عن معنى هذا اللفظ، وسألناه عن معيار حمله على الأشياء، بقولنا: كيف يمكننا التأكد بواسطة الحواس على أن هناك أشياء تكون بحلا، وأخرى لا تكون بحلا؟ فإذا لم نتلق جوابا منه، فهذا يدل على أنه لا يوجد سند مرجعي واقعي لهذا اللفظ. لكن، إذا أصر هذا الشخص أن لفظ "بحل" يعني شيئا ما دون أن يكون له سند واقعي، فهذا يدل على أن المعنى الذي يضفيه عليه نفسي، ويرتبط بالصور والمشاعر لا غير. وعليه، إذا لم يحدد الشخص معيار حمل اللفظ، فإنه لا يمكن إثبات معنى هذا اللفظ وتأكيده من خلال الجمل التي يرد فيها، وبذلك تصبح هذه الجمل مزيفة.

طرح كارناپ مثالا آخر: لنفترض أن شخصا ابتدع لفظ لم نسمع به قط، وليكن هذا اللفظ هو "دحل"، لكنه أجابنا بأن هذا اللفظ يدل على "المربع"، وبهذا يصبح دحل مرادفا للفظ "المربع". وعليه، فاللفظ هنا لا يعني شيئا سوى المربع، فمن خلال لفظ المربع المعلوم عرفنا لفظ دحل المجهول. وعليه، فالترادف على أساس ما هو معلوم يكسب اللفظ معنى.

استنتج كارناپ من خلال هذا التحليل ما يلي: لنرمز إلى اللفظ بالرمز "ل"، ولنرمز للجملة التي يرد فيها هذا اللفظ بالرمز "ج"، ولنرمز إلى الجملة الأولية بالرمز ج(ل)، بمعنى أن اللفظ متضمن في الجملة ووارد فيها. إن اللفظ، والجملة التي تتضمن هذا اللفظ، لا يمكن بتاتا أن يكتسبا معنى إلا من خلال أربعة شروط عرضها كارناپ كالآتي:

الشرط الأول: أن تكون المعايير التجريبية للفظ "ل" معروفة.

الشرط الثاني: أن تكون الجملة الأولية ج(ل) مستنبطة من الجمل البروتوكولية.

الشرط الثالث: أن يكون الشرط الصدقي للجملة الأولية ج(ل) حاصلا.

الشرط الرابع: أن يكون منهج التحقق من الجملة الأولية ج(ل) معروفا.

انطلاقا من تحديد هذه الشروط، التي يجب توفرها لكي يتحقق معنى اللفظ داخل الجملة الأولية، انتقل كارناپ إلى بيان أن كثيرا من الألفاظ المستعملة في الميتافيزيقا لا تتوفر فيها هذه الشروط، مما يجعلها ألفاظا خالية من المعنى.

لقد تناول كارناپ لفظين لبيان ذلك على سبيل المثال؛ وهما: لفظ "المبدأ"، ولفظ "الله". ويمكن بيان أنهما خاليين من المعنى كما يلي:

بالنسبة إلى لفظ "المبدأ"، الذي يضيفه الفلاسفة الميتافيزيقيون إلى كثير من الألفاظ، فيقولون: "مبدأ الوجود"، و"مبدأ الكينونة"، و"مبدأ الحركة"، و"مبدأ الحياة"، و"مبدأ الروح"...فلما نطرح عليهم السؤال الآتي: ما هي الشروط التي تجعل العبارة "س هي مبدأ ب" صادقة؟ وما هي الشروط التي تجعلها كاذبة؟ وذلك بالاستناد إلى مبدأ الحمل، واستنادا إلى تعريف لفظ "مبدأ"، فعادة ما يجيب الميتافيزيقيون على هذا السؤال كما يلي: إن العبارة "س هي مبدأ ب"، تعني أن "ب ناشئة عن س"، وتعني أن "كينونة ب قائمة على كينونة س"، وتعني أن "ب موجودة بسبب س"...لكن ألفاظا مثل "ناشئة عن"، و"قائمة على"، و"موجودة بسبب" هي ألفاظ غامضة ومبهمة. يمكن أن نفهم هذه الألفاظ بمعنى السببي وبمعنى الاطراد، ونقول: إن "ب مترتبة عن س"، أو "ب تلزم عن س" كما يلزم الاحتراق عن التقاء القطن والنار، وبهذا يصبح لها معنى تجريبي. إذا رجعنا إلى المعنى الأصلي للفظ "المبدأ"، فإننا نجده كان يعني "البداية"، وجرِّد عبر التطور التاريخي من هذا المعنى، ولم يعط له معنى جديدا، مما جعله لفظا فارغا، وخاليا من المعنى. لكن الفلاسفة ابتدعوا له معنى من صورهم ومشاعرهم في الاستعمال الجديد. وعليه، فطالما أن لفظ "المبدأ" لا يمكن التحقق منه تجريبيا، فهو لفظ لا معنى له.

أما لفظ "الله"، فقد ورد استعماله في ثلاثة سياقات أو ثلاثة مراحل إن صح التعبير، وقد عرضها كارناپ كالآتي:

الاستعمال في السياق الأسطوري: يرد كارناپ هذا الاستعمال إلى الأساطير المصرية والبابلية واليونانية وما جاورها، التي كانت تعتبر الله يشير إلى كيانات (من منطلق تعدد الآلهة) مادية مكللة بالتيجان على عروشها في جبل أولمب، أو في الجنة، أو في النار، وقد وصفت هذه الكيانات بالقوة، وبالحكمة، وبالخير، وبالسعادة...وردها كذلك إلى الشعوب الشرقية في أقصى آسيا التي كانت تعتبر الله كيانات روحية، ليس لها أبدان بشرية، ولكنها حَالَّة (من الحلول) ومتجلية في الأشياء، وفي كل ما نراه.

الاستعمال في السياق الميتافيزيقي: يشير الله في الاستعمال الميتافيزيقي إلى شيء يتجاوز ويتعالى عن التجربة، لأنه قد جرد من معناه الأسطوري باعتباره كيانات مادية وروحية، ولم يعط له معنى جديد، مما جعله فاقدا للمعنى. صحيح أن لفظ الله له معنى في الاستعمال الميتافيزيقي، لكن الفحص الدقيق لكل التعريفات المقدمة له تبين أنه لفظ مزيف. والسبب في ذلك يرجع إلى أنه مرتبط بألفاظ ميتافيزيقية أخرى من قبيل: "الأساس الأول"، و"المطلق"، و"القائم بلا شرط"، و"المستقل بذاته"، و"القائم بذاته" إلى آخره من الصفات المحمولة عليه. إن لفظ الله لا يمكن صياغته في جملة أولية، ولا توجد جمل بروتوكولية تستنبط منها هذه الجملة، أو تستنبط منها تلك الجمل، كما هو الحال في الألفاظ العلمية التي لها معنى، وهذا يجعلها لا تستوفي الشرط الصدقي، وهو المطلب الأساس المحدد للمعنى، والمحدد لتركيب الجملة الأولية. فإذا أمكننا صياغة جملته الأولية على هذه الصورة: "س هو الله"، فإن الميتافيزيقي لا يقبل هذه الصورة، بدعوى أن الله لا يمكن حمله على الأشياء المادية، ولا يمكن وصفه بخصائص بشرية أو مادية.

الاستعمال في السياق اللاهوتي: يمكن القول إن هذا الاستعمال خليط من الاستعمالين السابقين: الاستعمال الأسطوري، والاستعمال الميتافيزيقي. فتارة يتخذ طابعا أسطوريا، وتارة أخرى يتخذ طابعا ميتافيزيقيا. وإذا كان كثير من اللاهوتيين يضفون تصورا تجريبيا عن الله، فإن كارناپ يعتبره تصورا أسطوريا.

إن معظم الألفاظ الميتافيزيقية، بالنسبة إلى كارناپ، خالية من المعنى، ولا تختلف عن اللفظين "المبدأ"، و"الله"، الذين فحصناهما. ومن بين هذه الألفاظ الميتافيزيقية المتداولة نجد: "الفكرة"، و"المطلق"، و"القائم بلاشرط"، و"اللانهائي"، و"اللاوجود"، و"الوجود في ذاته"، و"الروح المطلقة"، و"الروح الموضوعية"، و"الجوهر"، و"الوجود-في-ذاته"، و"الوجود-في-و-لأجل ذاته"، و"الفيض"، و"التجلي"، و"الأنا"، و"اللاأنا"...إن هذه الألفاظ المزعومة والمحدثة لا تختلف عن اللفظ المزعوم والمحدث "بحل"، الذي أشرنا إليه سابقا. إذا كان الميتافيزيقي يخبرنا بأنه لا يمكن تحديد الشرط التجريبي للألفاظ الميتافيزيقية، ويكتفي بالقول إن هذا اللفظ "يعني" كذا وكذا، فإن ما قصده ليس إلا صورا ومشاعر مرتبطة به، ولا تضفي على اللفظ أي معنى.

لما أثبت كارناپ أن اللفظ المستعمل في الميتافيزيقا لا معنى له على الغالب، انتقل إلى إثبات زيف العبارات الميتافيزيقية المزعومة من حيث التأليف، ووسيلته في ذلك التحليل المنطقي. وهنا يميز بين التركيب المنطقي، والتركيب النحوي المستعمل في اللغة، فقد يحصل أن تكون العبارة المزيفة سليمة من ناحية التركيب النحوي، لكن هذا لا يجعلها سليمة من ناحية التركيب المنطقي. وقد طبق نقده للعبارات الميتافيزيقية على نص للفيلسوف الألماني مارتن هيدغر، لأنه كان من أهم الفلاسفة المؤثرين في أواخر العشرينيات من القرن الماضي. وقد أكد كارناپ على أن نص هيدغر لا يمثل ميتافيزيقا هيدغر وحدها، ولكنه مثال نموذجي لكل نص ميتافيزيقي سواء كان قديما أو حديثا. يمكن تقديم نص هيدغر كما يلي:

"إنَّ ما يجبُ البحثُ فيه هو الوجودُ، ولا شيءَ آخر...

وماذا عنِ العَدَم؟ هل العدمُ موجودٌ، لأنَّ اللاَّ، أيْ النَّفي موجود؟ ...

هل النَّفيُ، واللاَّ، موجودان؛ لأنَّ العدمَ موجودٌ؟ ...

إنَّنا نؤكد أنَّ العدم سابقٌ عن اللاَّ، وسابقٌ عن النَّفي.

أينَ نبحثُ عن العَدَم؟ كيفَ نجدُ العَدَمَ؟

إنَّنا نعْرفُ العَدَمَ...إن القلقُ يكشفُ العَدَمَ...

إن العدم نفسه لا شيء..."

من أجل بيان زيف هذه العبارات، استعان كارناپ بخطاطة عرض فيها ثلاثة أنواع من أصناف الجمل على التوالي: الجمل التي لها معنى في اللغة العادية، والجمل التي تم نقلها من المعنى إلى اللامعنى في اللغة العادية، ثم الجمل السليمة من ناحية التركيب المنطقي. يمكن عرض هذه الخطاطة في جدول من أجل المزيد من الإيضاح كالآتي:

 

 

 

 

 

1 - الجمل التي لها معنى في اللغة العادية

(يرمز لها بالرمز 1 بخط مضغوط)

أ- ماذا يوجد بالخارج؟ (1أ)

الخارج (؟)

المطر يوجد بالخارج

الخارج (مطر)

ب- وماذا عن المطر؟ (يعني، يعني ماذا يعمل المطر؟ أو ما الشيء الأخر الذي يمكن أن يقال حول المطر.) (1ب)

(المطر)؟

1- نحن نعرف المطر (1ب1)

نعرف (المطر)

2- المطر يمطر (1ب2)

يمطر (المطر)

 

 

 

 

 

 

 

2- الانتقال من المعنى إلى اللامعنى في اللغة العادية

(يرمز لها برمز 2 بخط مضغوط)

أ- ماذا يوجد بالخارج؟ (2أ)

الخارج (؟)

العدم يوجد بالخارج

الخارج (العدم)

ب- ماذا عن العدم؟ (2ب)

(العدم)؟

1- "نحن نبحث عن العدم" (2ب1)

"نحن وجدنا العدم"

"نحن نعرف العدم"

نعرف (العدم)

2- "العدم لا شيء" (2ب2)

العدم (لا شيء)

3- العدم يوجد فقط، لأن... (2ب3)

يوجد (العدم)

 

3- اللغة السليمة منطقيا

(يرمز لها بالرمز 3 بخط مضغوط)

أ- لا يوجد هناك شيء (لا يوجد أي شيء) بالخارج (3أ)

لا (يوجد س). الخارج (س)

ب- لا وجود لصور قابلة للبناء فيما يخص هذه الصيغ (3ب)

جدول لكارناپ يوضح فيه الفرق بين استعمال العبارات المزيفة في اللغة العادية واللغة الميتافيزيقية واللغة المنطقية

من خلال الجدول أعلاه، يتبين ما يلي:

  • إن الجمل 1 التي لها معنى في اللغة العادية لا تشوبها شائبة من الناحيتين النحوية والمنطقية، بمعنى أنها ركبت تركيبا سليما نحويا ومنطقيا؛
  • إن الجمل 2 أي الجمل التي تم نقلها من المعنى إلى اللامعنى (باستثناء الجملة ب 3)، فقد قيست على الجمل 1 التي لها معنى في اللغة العادية؛
  • إن الجمل 1 التي لها معنى في اللغة العادية لم تستوف مطالب اللغة السليمة من الناحية المنطقية، ومع ذلك، فهي ذات معنى، لأنها قابلة لأن تنقل إلى لغة سليمة منطقيا؛
  • إن الجملة 2أ لها معنى شأنها شأن الجملة 3أ؛
  • إن الجملة 2أ غير المرغوب فيها، يمكن أن تقودنا إلى صورة للجملة 2ب التي لها معنى (وهي جملة مقتبسة من نص هيدغر
  • إن الجملة 2ب لا يمكن بناؤها في الخانة 3، أي في اللغة السليمة منطقيا؛
  • إن غياب المعنى في هذه الجمل يمكن أن يخدعنا بناء على قياسها على الجمل 1ب التي لها معنى؛
  • بخلاف اللغة السليمة منطقيا، يتجلى الخطأ في لغتنا في أنها تقبل الصيغة النحوية لتسلسل الألفاظ، سواء كان لها معنى أو لم يكن، مما يدل على أن السلامة في التركيب النحوي لا يعني بالضرورة السلامة في التركيب المنطقي؛
  • إن الاستعانة بالصياغة الرمزية للجمل هدفها بيان الإخلال في القياس بين الجملتين 1أ و2أ، وبذلك تصبح هذه الصياغة أصلا لبناء الجملة 2ب، التي لا معنى لها؛
  • من خلال بيان زيف الجملة 2ب، نجد بعض الاختلافات: فبناء الجملة 2ب1 يقوم على خطأ في استعمال لفظ "لا شيء" باعتبارها اسما، لكنه يستعمل في اللغة العادية للدلالة على النفي كما هو الحال في الجملة 2أ "العدم/ لا شيء يوجد بالخارج". لذلك، فالعبارة 2ب2 "إن العدم لا شيء" لا تضيف شيئا جديدا، وتجعل إقحام لفظ "لا شيء" الذي لا معنى له، وتجعله لفظا ملفقا. ولهذا، فالجملة لا معنى لها لسببين: بما أن الألفاظ الميتافيزيقية التي لا معنى لها تدين بذلك إلى أصلها، لذلك، فلفظ "لا شيء"، قد تم تجريده من معناه، واستعمل على سبيل المجاز في الميتافيزيقا، وهذا ما يجعل من النادر إقحام لفظ جديد لم يكن له معنى ننطلق منه. إن الخطأ في استعمال لفظ "لا شيء" يشبه الجملة الملفقة السابقة التي تم ذكرها في بداية المقالة، كما أن الجملة "العدم لا شيء" جملة متناقضة، فحتى لو جاز إقحام لفظ "لا شيء" بوصفه اسما أو صفة لشيء، فإن هذا الاسم أو هذا الشيء سيظل منفيا من حيث التعريف. ورغم ذلك، فالجملة 2ب3 تستمر في إثبات وجود هذا الاسم أو هذا الشيء. ولهذا، فالجملة متناقضة، إنها سخيفة حتى ولو لم يكن لها معنى أصلا؛
  • قد نخمن أن هيدغر ربما يعني بلفظ "لا شيء" معنى مختلفا عما اعتدناه، لكن لما نجده يقول: إن القلق يكشف عن العدم، وإن العدم نفسه حاضر في القلق، فإننا نقر بأن لفظ "لا شيء" يشير إلى بنية عاطفية، قد تكون من النوع الديني، أو من شيء آخر خارج عن هذه المشاعر؛

إن الأسئلة التي يطرحها الميتافيزيقي تتعارض مع العبارات، وتتعارض مع المنطق، كما أن السؤال والجواب حول العدم أمر سخيف، حسب كارناپ؛ لأنه لا يستند إلى أي منطق، كما أن استعمال المنطق في الفلسفة الميتافيزيقية سيكون مصيره معلوما، وهو الفشل. وهذا ما يجعل الميتافيزيقي يصرح بأن أسئلته وأجوبته لا تتوافق مع المنطق، ولا تتوافق مع طريقة التفكير العلمي.

هكذا تبدو أطروحة كارناپ في نقد الميتافيزيقا تختلف عن أطروحة أعدائها القدامى، فهو لا يصفها بأوصاف من قبيل اعتبارها مجرد تكهن، أو حكاية خرافية، كما فعلوا؛ لأن وصفهم لها بهذه النعوت لا يجعلها تتعارض مع المنطق، وإنما يجعلها تتعارض مع التجربة. فبالنسبة إليه الميتافيزيقا ليست خرافة؛ لأنه قد يمكن تصديق القضايا الصادقة مثلما يتم تصديق القضايا الكاذبة، أي الخرافية، لكن لا يمكن مطلقا تصديق تسلسل الألفاظ التي لا معنى لها؛ أي تلك المخالفة للتركيب المنطقي. ولهذا، فالعبارات الميتافيزيقية لا تقبل حتى كفرضيات علمية؛ لأن الفرضية العلمية يجب أن تكون قادرة على الدخول في علاقات استنباطية مع العبارات التجريبية، سواء كانت هذه العبارات صادقة أو كاذبة. وبما أن العبارات الميتافيزيقية عبارات مزيفة، فلا يمكنها القيام بوظيفة الفرضية العلمية.

لكي يثبت كارناپ استحالة قيام معرفة ميتافيزيقية، ولكي يدحض كل الأطروحات التي تسعى إلى إنقاد الميتافيزيقا، استعرض بعض الأطروحات المفترضة: الأطروحة الأولى، إذا افترضنا كائنات تتصف بقدرات هائلة بمقدورها الإجابة عن القضايا الميتافيزيقية، لكن كارناپ يفند هذا الافتراض، الذي يحاول أصحابه إنقاذ الميتافيزيقا، بقوله: إذا كان هناك لفظ مزيف، وارد في جملة مزيفة، ولا يتوافق مع التركيب المنطقي، فلا وجود لسؤال يمكن طرحه، فهل نقبل الأمثلة الآتية كأسئلة: "هل هذه الطاولة بحل؟"، "هل العدد سبعة مقدَّس؟"؛ "أي الأعداد أكثر سوادا، الأعداد الزوجية أم الأعداد الفردية؟"...؟ كلا. فإذا لم يكن هناك سؤال، فليس بمقدور أحد، ولو كان كائنا قدرته تفوق قدرة البشر أن يقدم جوابا. الأطروحة الثانية، قد يقدم هؤلاء اعتراضا آخر بقولهم: إذا كان بإمكان أحد أن يوصل معرفة جديدة إلى شخص أعمى، فإنه ربما يمكن أن يوصل لنا معرفة ميتافيزيقية، وهذا معناه أن الروح الحالة في الأبدان، والمتجلية (من التجلي) في الأشياء يمكن أن تلهمنا بمعرفة جديدة. لقد رد كارناپ عن هذا الافتراض بسخرية من جهة، وعلى نحو جاد من جهة ثانية. فمن حيث التهكم والسخرية، يرى أنه يمكن أن نصادف حيوانات قد تخبرنا عن معنى جديد، ومن جهة الجد، يرى أنه إذا كان بإمكان هذه الكائنات أن تثبت لنا صحة مبرهنة فيرما، أو تبدع لنا أداة فيزيائية جديدة، أو تضع لنا قانونا طبيعيا جديدا، كان مجهولا من قبل، حينئذ تتسع معرفتنا بمساعدة هذه الكائنات، وتكون فائدة مساعدتها جمة. فإذا كنا نتوق إلى أن تخبرنا عن أمور ميتافيزيقية غير مجدية، فلم لا تقدم لنا المساعدة فيما يجدي؟ فلما تفعل ذلك، يصبح بإمكان حتى الأعمى أن يفهمها ويختبرها، وتصبح حتى الفيزياء قادرة على اختبارها. لكن إذا أخبرتنا تلك الكائنات الافتراضية بشيء لا يمكننا التحقق منه، فلا يمكننا فهمه، ولم نتوصل حينئذ سوى بأصوات خالية من المعنى. وعليه، فلا يمكن لمعرفتنا أن تتسع إلا بكائنات أخرى بغض النظر عما إذا كانت تملك معرفة أكثر أو أقل. إن ما لا يمكننا معرفته على وجه اليقين بمساعدة هذه الكائنات الافتراضية، يمكننا معرفته بيقين أعظم بمساعدة كائنات أخرى. وما ليس بمعقول، ولا معنى له، فلا يمكن أن يصير له معنى بمساعدة أي شخص مهما كانت معرفته متسعة. وعليه، فليس بإمكان إله أو شيطان أن يقدم لنا معرفة ميتافيزيقية.

أشار كارناپ إلى أنه على الرغم من أن العبارات التي تم الاستشهاد بها وإخضاعها للتحليل المنطقي تم الاقتصار فيها على مؤلف واحد، ولفيلسوف واحد هو هيدغر، فإن نتائج تطبيق هذا التحليل تنطبق على كل الأنساق الفلسفية الميتافيزيقية المعاصرة التي تدعي معرفة ماهية الأشياء، وتتعالى عن العلم الاستقرائي القائم على أساس تجريبي. ويمكن إدراج كل الفلسفات الميتافيزيقية المعاصرة ضمنها، ويقصد هنا فلسفة كل من فيخته، وشيلينغ، وهيجل، وبرغسون...وقد أشار إلى أن فلسفة هيجل لا تختلف عن فلسفة هيدغر. ولهذا، فالوقوف عند عبارات هيدغر يكفي لتعميم نتائج التحليل على كل الأنساق الميتافيزيقية الأخرى.

انتقل كارناپ إلى الحديث عن مشكلة عميقة وشائعة في اللغة الميتافيزيقية المستعملة، تتعلق بفعل الوجود "يكون". إن هذا الفعل تتخلله عيوب، ويمكن رها إلى عيبين اثنين: العيب الأول، يتجلى في كونه فعلا غامضا؛ لأنه يستعمل كفعل مساعد بين الموضوع (الفاعل) والمحمول (صفة أو مفعول أو حال...)، ثم يستعمل كفعل للوجود بدون ذكر المفعول أو الصفة. والعيب الثاني يتجلى في كونه يستعمل كفعل للوجود مثل قول ديكارت "أنا أوجد"، فهذه الصيغة الفعلية تدعي وجود محمول، وهو غير موجود. إن فعل الوجود "أوجد"، لا يجب أن يحمل على الموضوعات مثل "أنا"، وإنما يجب أن يحمل على المحولات مثل "أنا أوجد جالسا". ولهذا، فالعبارات مثل: "أنا أوجد"، والله يوجد"...غامضة، وغير سليمة من الناحية المنطقية. ولا ننسى أن فريݣه يعتبر أن الرابطة الوجودية لا ترتبط بالموضوع، وإنما ترتبط بالمحمول الذي هو المفهوم (انظر مقالة "الموضوع والمحمول" تأليف ݣوتلوب فريݣه، ترجمة أحمد فريحي، مؤمنون بلا حدود، ص.).

بناء على هذه الإشارة، استحضر كارناپ العبارة الشهيرة للفيلسوف ديكارت "أنا أفكر، إذن أنا أوجد". لقد بين كارناپ أن هذه العبارة تتضمن خطأين اثنين: الخطأ الأول، يتجلى في جملة جواب الشرط المضمر (النتيجة) "أنا أوجد"، فهنا الفعل "أوجد"، يدل على الوجود، ولا يدل على رابطة بين الموضوع والمحمول، ولهذا، فهو يحمل على الموضوع، وهذا خطأ، لأن هذا الفعل يجب أن يحمل على المحمول، كما أن فعل الوجود الرابط (الفعل المساعد) يقتضي وجود محمول، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يقترن بموضوع. والخطأ الثاني، يتجلى في الانتقال من المقدمة "أنا أفكر" إلى النتيجة "أنا أوجد". فهذا ليس بترتب ولا لزوم بالمعنى المنطقي، فالنتيجة "أنا أوجد" ليست مترتبة منطقيا عن المقدمة "أنا أفكر". إذا رمزنا للموضوع بالرمز مو، ورمزنا إلى المحمول بالرمز مح، فإن إدراج الموضوع تحت المحمول يتخذ الصورة الآتي: مح (مو). إذا كانت العبارة الوجودية مستنبطة من العبارة مح (مو)، فإن العبارة الوجودية قد أثبتت الوجود للمحمول مح، وليس للموضوع مو. وعليه، فإن ما يترتب عن العبارة "أنا(موضوع) أوجد (فعل وجود رابط) أوروبيا (محمول)"، ليست العبارة "أنا أوجد"، وإنما العبارة "أوروبي يوجد"، وعليه، فإن عبارة "أنا أفكر"، لا تترتب عنها عبارة "أنا أوجد"، وإنما تترتب عنها عبارة "يوجد شيء ما يفكر".

إن التعبير باللغة من خلال فعل "يوجد" ليس خطأ منطقيا فحسب، وإنما هي حال خطيرة وغير ملائمة، لأن هذا الفعل يخدعنا، ويصور لنا الوجود على أنه محمول. لقد أثر هذا الفعل في تاريخ الميتافيزيقا، وساهم في غموضها. ويرجع هذا الخطأ إلى اللغة اليونانية (المنطق اليوناني على وجه الخصوص)، وقد تسرب منها إلى اللغة اللاتينية، ثم شاع استعماله في اللغات الأوروبية بما في ذلك اللغة الألمانية، وقد كان يعتبر إضافة جيدة، بينما هو عامل مساهم في تدهور اللغة من الناحية المنطقية. لأن إمكانية بنائه من الناحية المنطقية مسألة متعذرة.

بعد نقد كارناپ لفعل الوجود، انتقل إلى الحديث عن انتهاك آخر يتخلل اللغة الميتافيزيقية، يتجلى هذا الانتهاك في الخلط الفئوي، فإذا قلنا: "القيصر عدد أولي"، فإننا نجد في هذه العبارة خلطا فئويا بين الأشخاص والأعداد، بينما هما من فئتين منطقيتين مختلفتين.

إذا كان فعل الوجود "يوجد" كثير الاستعمال في اللغة الفلسفية، فإن الخلط الفئوي، يكثر استعماله في لغة الحوار. غير أنه في لغة الحوار لا يؤدي إلى غياب المعنى؛ لأنه يمكن التخلص منه بسهولة: لنأخذ مثالا على ذلك، إذا قلنا: "هذه الطاولة أوسع من تلك"، وقلنا: "ارتفاع هذه الطاولة أوسع من ارتفاع تلك"، فإننا نجد لفظ "أوسع" في العبارة الأولى يدل على العلاقة بين الطاولتين، بينما لفظ "أوسع" في العبارة الثانية يدل على العلاقة بين عددين. ولهذا، فهما محمولين تركيبيين متمايزين. في هذه الحال، الخلط غير مهم، لأنه يمكن التخلص منه بسهولة عن طريق الإشارة إلى لفظ "أوسع" في العبارة الأولى بالتعبير الآتي: "أوسع 1"، ويمكن الإشارة إلى لفظ "أوسع" في العبارة الثانية بالتعبير الآتي: "أوسع 2".

إذا كان الخلط الفئوي لا يسبب ضررا في لغة الحوار، فإن استعماله في لغة الميتافيزيقا يؤدي إلى عواقب وخيمة، وهذا ناتج عن تسرب اللغة العادية إلى لغة الميتافيزيقا. لقد أكد كارناپ أن الخلط الفئوي وارد في لغة الفلاسفة الميتافيزيقيين، وبالخصوص هيجل، وهيدغر، وقد سار هذا الأخير على خطى الأول في الوقوع في أخطاء منطقية كثيرة.

إذا كانت أغلب العبارات الميتافيزيقية خالية من المعنى، وتم التخلص منها، فهل العبارات المتبقية لها معنى؟

يحذر كارناپ من الوقوع بين مخالب الميتافيزيقا. فالاعتقاد بأن هناك عبارات ميتافيزيقية لها معنى، ما دامت توهم بذلك، اعتقاد خاطئ؛ لأنها تبقى معرفة يتعذر على العلم التجريبي الوصول إليها.

إذا كان معنى العبارة يحصل من خلال منهج التحقق، فإن العبارة لا تؤكد إلا ما يمكن التحقق منه، كما أن الجملة لا يمكن استعمالها إلا إذا كانت تؤكد شيئا ما. أما إذا كان هناك شيء كاذب من حيث المبدأ، ويوجد خارج التجربة الممكنة، فلا يمكن قوله، ولا يمكن التفكير فيه، ولا يمكن التساؤل حوله.

تنقسم العبارات التي لها معنى، حسب كارناپ إلى ثلاثة أنواع، يمكن عرضها كالآتي: النوع الأول: هناك عبارات صادقة بالتعريف، تستمد صدقها من ذاتها، ومن صورتها المنطقية، وهي التي سماها كانط "الأحكام التحليلية"، وسماها فيدغنشتاين "العبارات الصادقة صدقا دائما". إن هذا النوع من العبارات لا يخبرنا عن شيء في الواقع، ومثال هذا النوع من العبارات هو الصياغات الرياضية والصياغات المنطقية. النوع الثاني: هناك عبارات متناقضة، أي تحمل نقيضها في ذاتها، وعليه، فهي عبارات كاذبة من خلال صورتها المنطقية. النوع الثالث: هي العبارات التي تتحدد بناء على تحديد العبارات البروتوكولية، والتي تجعلها عبارات تجريبية، ومرتبطة بالواقع، وهي العبارات المستعملة في العلم التجريبي. وعليه، فإن أي عبارة لا تندرج ضمن النوع الثالث، فهي عبارة لا معنى لها.

إذا كانت الميتافيزيقا غير قادرة على إثبات صدق القضايا التحليلية، لأن صدقها مستمد منها، وإذا كانت غير قادرة على أن تدخلها في العلم التجريبي، فإنها تلجأ إلى استعمال ألفاظ غير خاضعة لمعيار الحمل. وبذلك تصبح بلا معنى، وقد تربط هذه الألفاظ الخالية من المعنى بألفاظ أخرى ذات معنى، وحتى في هذه الحال، لا تنتج إلا عبارات تحليلية أو عبارات متناقضة، ولن يكون بمقدورها إنتاج عبارات تجريبية. ومهما يكن، فالميتافيزيقا لا تنتج إلا عبارات مزيفة.

إذا كانت كل معرفة ميتافيزيقية مزعومة وتدعي بأن ما تصل إليه يكون أسمى من التجربة أو يقبع وراء التجربة، فإن التحليل المنطقي هو الذي يفصل في غياب معناها. ويشمل غياب المعنى المعرفة الخالصة، والمعرفة الحدسية، والمعرفة التي تتظاهر بالقدرة على الاستغناء عن التجربة، وتشمل الميتافيزيقا التي تتجاوز التجربة بواسطة الاستدلالات...وتشمل فلسفة المعايير أو فلسفة القيم، سواء تعلق ذلك بالفلسفة الأخلاقية أو بالفلسفة الجمالية، لأن الصحة الموضوعية للقيم أو للمعايير ليست تجريبية، وغير قابلة للتحقق، ولا يمكن استنباطها من العبارات التجريبية. لذلك، لا يمكن التأكد من صدقها، ومن المستحيل الإدلاء بعبارة تعبر عن حكم قيمي. كما يشمل اللامعنى كذلك التيارات الواقعية، والتي تناقض الواقعية مثل المثالية الذاتية، والأنا-وحدية، والظاهراتية، والوضعية القديمة.

بناء على ما سبق، طرح كارناپ السؤال الآتي: إذا كانت العبارات الصادقة هي العبارات التجريبية، وهي العبارات التي تنتمي إلى العلم التجريبي، وإذا كانت عبارات الميتافيزيقا لا معنى لها، فما ذا سيتبقى للفلسفة؟ إن ما يتبقى للفلسفة، حسب كارناپ، ليس العبارات، وليس النظرية، وليس النسق، وإنما المنهج فقط، إنه منهج التحليل المنطقي.

لقد أكد كارناپ أن تطبيق المنهج التحليلي المنطقي في الميتافيزيقا يعتبر تطبيقا سلبيا؛ لأن الغرض منه هو التخلص من الألفاظ التي لا معنى لها، والتخلص من العبارات المزيفة التي لا معنى لها. أما تطبيق الإيجابي، فيهدف إلى توضيح العبارات التي لها معنى، ويسعى إلى وضع أسس منطقية للعلم في جانبه الواقعي (الفيزياء وكل علوم الطبيعة)، وفي جانبه الصوري (الرياضيات والمنطق)، غير أنه إذا كان ينظر إلى التطبيق السلبي للمنهج التحليلي كضرورة في الظرفية الحالية، فإن تطبيقه الإيجابي في لغة العلم يعتبر مثمرا، وفي غاية الأهمية. وعليه، فمهمة المنهج التحليلي المنطقي، المتجلية في البحث في الأسس المنطقية لا تهم الميتافيزيقا، وإنما تهم الفلسفة العلمية.

يخلص كارناپ إلى أن ما يتعلق به التحليل المنطقي للعبارات يرتبط بمنطق المنطق؛ أي بالدراسة المنطقية التحليلية للعبارات من جهة منطقية، ويقسم هذا المجال إلى قسمين:

-        منطق المنطق الخالص: وهو الذي ينظر في عبارات العبارات، وفي أجزاء العبارات؛ أي إنه يخضع العبارات للدراسة والتحليل، يبحث في المشكلات المنطقية المطروحة داخل هذه العبارات، ويستخلص عبارات، وبذلك تصبح العبارات الخاضعة للتحليل موضوع دراسة منطقية.

-        منطقي المنطق الوصفي: ويكون لما يتم وصف تتالي الألفاظ وتسلسلها في نص من النصوص بأنها لا معنى لها.

حسب كارناپ، إذا كانت الميتافيزيقا في مجملها لا معنى لها، ولا تؤكد شيئا، فكيف يمكن أن تشد العقول إليها على مر العصور؟ وكيف يمكن تفسير الـتأثير الذي مارسه الميتافيزيقيون على القراء منذ القدم إلى يومنا هذا؟ يجيب كارناپ أن الميتافيزيقا لها في الحقيقة مضمون، لكنه مضمون نظري، كما أن عباراتها المزيفة لا تعبر عن شيء سوى عن الموقف العام للميتافيزيقي اتجاه الحياة.

لقد رد كارناپ الميتافيزيقا إلى اللاهوت، الذي يرجع بدوره إلى الشعر، وهذا الأخير يرجع إلى الأسطورة، وعليه، فالميتافيزيقا جذورها التاريخية أسطورية، بل وحتى صبيانية: فإذا كان الطفل يصب جام غضبه على المائدة التي اصطدم بها، ويصفها بالمائدة الشريرة، فإن الإنسان البدائي كان يسترضي شيطان الزلزال المهدد، ويعبد إله الخصوبة والمطر. فالنظرة إلى الأشياء من هذا النوع تسمى شخصنة للطبيعة، وتعبر عن نوع من العاطفية شبه الشعرية بين الإنسان وبيئته. وهكذا انتقل الإرث الأسطوري إلى الشعر، الذي كثف آثار الأسطورة في الحياة، ثم انتقلت هذه الأثار إلى اللاهوت، الذي صاغها داخل نسق. حينئذ نشأت الميتافيزيقا كبديل عن اللاهوت على المستويين النسقي والتصوري.

ولتوضيح التأصيل التاريخي لنشأة الميتافيزيقا حسب كارناپ نقترح الخطاطة الآتية:

الأسطورة

شخصنة الظواهر الطبيعية

افتراض كيانات مجردة

ß

الشعر

علاقة عاطفية ووجدانية مع

البيئة المحيطة والحياة

ß

اللاهوت

صياغة العلاقات الوجدانية

والعاطفية، وترسيخ الكيانات

المجردة داخل نسق

ß

الميتافيزيقا

ظهرت كبديل عن اللاهوت

على المستويين النسقي والتصوري.

ألفاظها مزيفة لا معنى لها؛

عباراتها مزيفة لا معنى لها؛

ألفاظها جوفاء لا تشير إلى شيء؛

عباراتها غير منتظمة وفق تركيب منطقي.

رسم توضيحي يبين تصور كارناپ للنشأة التاريخية للميتافيزيقا

ولهذا، فقد نشأت الميتافيزيقا، حسب كارناپ، بدافع الحاجة إلى التعبير عن موقف الإنسان من الحياة، وعن رد فعله الوجداني والإرادي اتجاه البيئة، واتجاه المجتمع، واتجاه المهام التي يكرس نفسه للقيام بها، واتجاه المصائب والنكبات التي تحل به، ويؤثر هذا الموقف في كل ما يفعله، وفي كل ما يقوله، وهنا يبالغ كارناپ في تأثيره، ليجعله يؤثر حتى في سلوكه من قبيل تعبيرات وجهه، وطريقة مشيه.

بما أن كثيرا من الناس يرغبون في التعبير عن آرائهم الخاصة بواسطة الفن أو بواسطة الموهبة، وإذا كانت لهم موهبة فنية، فإنهم قادرون على التعبير عن أنفسهم من خلال إنتاج عمل فني. يكمن الفرق بين الميتافيزيقا والفن في أن الفن وسيلة كافية للتعبير عن الموقف، بينما الميتافيزيقا ليست وسيلة كافية للتعبير عنه.

إن كارناپ لا يعترض على أن يستعمل شخص ما أي وسيلة من الوسائل ليعبر بها عما يرغب فيه ويحبه، ولكن، بالنسبة إليه، الأمر مختلف في الميتافيزيقا: لأنها من خلال ما تنتجه من معرفة مزيفة ولا معنى لها، تتظاهر بأن شيئا ما ليس هو كذلك، بمعنى أنها تصدر أحكاما، وتصوغ عباراتها وفق نسق ينطلق من مقدمات إلى نتائج، وهو ما سماه بالخيال النظري الخالي من المضمون المعرفي.

إن الميتافيزيقا لا تجعل القارئ وحده يعاني من وهمها، بل تجعل الميتافيزيقي نفسه يعاني من هذا الوهم. إن الميتافيزيقي يظن نفسه مسافرا إلى منطقية حيث يوجد الصدق والكذب، فهو لا يؤكد شيئا، وإنما يعبر فقط عن شيء، شأنه في ذلك شأن الفنان. ومن هنا، فالميتافيزيقا تعبير، وليست جزما بشيء ولا توكيدا لشيء.

إذا كان الميتافيزيقي لا يظن نفسه منخدعا باختيار اللغة التي يعبر بها، وباختيار صيغ الجمل التي يعبر بها كما يفعل الشاعر، الذي يجعل نفسه يتلاعب بلغته الشعرية والفنية، فإن الميتافيزيقي على النقيض من ذلك، إنه يدعم عباراته بحجج، ويدعي أن هذه العبارات متطابقة مع مضامينها، ويجادل الميتافيزيقيين المختلفين معه، ويدحض أطروحاتهم. لكن الشاعر لا يفعل ذلك، فلا تكاد تعتر على شاعر يضمن قصيدته بعبارات تهدف إلى دحض عبارات شاعر آخر، لأنه يعتبر نفسه في مجال الفن، وليس في مجال النظر.

إذا كانت الميتافيزيقا هي أقرب إلى الشعر دون أن تصرح بذلك، وتقحم نفسها في مجال النظر والعلم افتراء دون أن تحقق شيئا في هذا المجال، فهل تقترب من شكل آخر من أشكال التعبير الذي هو الموسيقى؟

ربما تكون الموسيقى هي الوسيلة الصافية للتعبير عن الموقف؛ لأنها متحررة مطلقا من الإشارة إلى الموضوعات الخارجية. وربما تكون الميتافيزيقا أشبه بالعمل الموسيقي: إذا كان الموقف الأحادي (رد الوجود إلى الواحد) ينسجم مع موسيقى موزار، فهل ينسجم الموقف الثنائي (رد الوجود إلى حقيقتين أو مكونين) ينسجم مع موسيقى بيتهوڤن؟ ولهذا، فالميتافيزيقي موسيقي بدون قدرة موسيقية. إنه بدلا من أن يكرس جهوده في العلم، وبدلا من أن يشبع حاجاته في الفن، فإنه خلط بين الاثنين، فلا هو حقق للعلم شيئا، ولا هو عبر عن موقف فني على نحو كاف.

إذا كانت الميتافيزيقيا ليست بديلا كافيا عن الفن، فإن الميتافيزيقي، مع ذلك، يتمتع بموهبة فنية عالية، ولا يوجد خير من موهبة الفيلسوف نيتشه الفنية، فهو لم يقع في الخلط الذي وقع فيه الميتافيزيقيون، أي الخلط بين الفن والعلم دون تحقيق نتيجة في أحديهما، فهو على الرغم من ذلك، قدم تحليلات عميقة للتطور الفني والأخلاقي بعبارات تجريبية، لكنه لم يختر لغة التضليل التي اختارها الميتافيزيقيون، وإنما اختار لغة الفن، ولغة الشعر على نحو صريح، وذلك بين من خلال مؤلفه "هكذا تكلم زرادشت".

التسلسل الزمني لأعمال رودولف كارناب (المترجمة إلى الإنجليزية)

  1. 1922: كتاب "المكان: مساهمة في نظرية العلم"، وهو رسالة دكتوراه في الأصل. نشرت ترجمته الإنجليزية ضمن أعماله المختارة سنة 2019
  2. 1926: كتاب "تكون المفهوم الفيزيائي"، نشر بالإنجليزية كذلك ضمن أعماله المختارة سنة 2019، ص ص. 339-440
  3. 1928: كتاب "المشكلات المزيفة في الفلسفة"، نشر هذا الكتاب ببرلين.
  4. 1928: كتاب "البناء المنطقي للعالم: المشكلات المزيفة في الفلسفة"، في الأصل، هذا الكتاب هو أطروحة نال بها كارناب شهادة الأهلية والمهارة الجامعية، ترجم إلى الإنجليزية من قبل رولف إ. جورج، ونشر من قبل منشورات جامعة كاليفورنيا سنة 1967. ترجمه إلى العربية الأستاذ يوسف تيبس.
  5. 1929: كتاب "مدخل إلى المنطق الرمزي"، نشر بالإنجليزية سنة 1958
  6. 1931: مقالة "التخلص من الميتافيزيقا عن طريق التحليل المنطقي للغة"، نشرت بالإنجليزية في كتاب "الوضعية المنطقية" لآير سنة 1965
  7. 1934: كتاب "التركيب المنطقي للغة" نشرته بالإنجليزية دار النشر كيغان باول.
  8. 1935: كتاب "الفلسفة والتركيب المنطقي"، نشر بالإنجليزية عن دار پريستول في المملكة المتحدة.
  9. 1939: كتاب "أسس المنطق والرياضيات"، نشر بالإنجليزية في الموسوعة الدولية للعلم الموحد، الجزء الأول.
  10. 1942: كتاب "مدخل إلى الدلاليات"، نشر بالإنجليزية ضمن منشورات جامعة هارفارد
  11. 1943: كتاب "الصياغة الصورية للمنطق"، نشر بالإنجليزية ضمن منشورات جامعة هارفارد.
  12. 1945: مقالة "حول المنطق الاستقرائي"، نشرت بالإنجليزية بمجلة المنطق والعلم، العدد 12، ص.72-97
  13. 1945: مقالة "مفهومان للاحتمال"، نشرت بالإنجليزية بمجلة الفلسفة والبحث الظاهراتي، العدد الخامس، ص.513-532
  14. 1947: مقالة "حول تطبيق المنطق الاستقرائي" نشرت بالإنجليزية بمجلة الفلسفة والبحث الظاهراتي، العدد الثامن، ص.133-148
  15. 1947: كتاب "المعنى والضرورة: دراسة في الدلاليات ومنطق الجهات" نشر بالإنجليزية ضمن منشورات جامعة شيكاغو سنة 1956
  16. 1950: مقالة "الأسس المنطقية للفلسفة"، نشرت بمجلة جامعة شيكاغو، ص.3-15
  17. 1950: مقالة "التجريبية، والدلاليات، والأنطولوجيا"، نشرت بالإنجليزية بالمجلة الدولية للفلسفة، العدد الرابع، ص.20-40
  18. 1952: كتاب "سلسلة المناهج الاستقرائية" نشر بالإنجليزية من قبل منشورات جامعة شيكاغو.
  19. 1958: كتاب "مدخل إلى المنطق الرمزي وتطبيقاته"، صدر الأصل بالألمانية سنة 1929، وترجم إلى الإنجليزية من طرف و. هـ. ماير، و ج. كينكستون عن منشورات دوڤر بنيويورك.
  20. 1962: مقالة "الغرض من المنطق الاستقرائي"، نشرت بالإنجليزية ضمن المؤلف الجماعي لكل من نيجل، وسابيس، وتارسكي، تحت عنوان: المنطق، والمنهج، وفلسفة العلم سنة عن جامعة ستانفورد، ص.303-318
  21. 1963: مقالة حول "السيرة الفكرية"، نشرت في الكتاب الجماعي لباول شيلب، تحت عنوان: فلسفة رودولف كارناب، ص.3-83
  22. 1966: كتاب "مدخل إلى فلسفة العلم"، نشر بالإنجليزية عن دار بيزك بوكس.
  23. 1966: كتاب "الأسس الفلسفية للفيزياء"، نشر بالإنجليزية من طرف مارتن غاردنر عن دار بيزك بوكس. ترجمه الأستاذ السيد نفادي إلى العربية.
  24. 1977: مقالتان حول الأنتروبيا، نشرتا بالإنجليزية ضمن منشورات جامعة شيكاغو.
  25. 1980: مقالة "النسق الأساسي للمنطق الاستقرائي"، نشره ر. س. جيفيري ضمن كتاب "دراسات في المنطق الاستقرائي والاحتمالات"، صدر عن منشورات جامعة كاليفورنيا.

مجموع أعمال كارناب بالألمانية والإنجليزية (نقلا عن موقع جامعة ستانفورد)

  1. 1918a [2019], “Völkerbund—Staatenbund”, Politische Rundbriefe, 1: 4 and 4: 15–16. Translated into English in Carnap 2019: 3–10
  2. 1918b, “Deutschlands Niederlage: Sinnloses Schicksal oder Schuld?” (typed), 29 October 1918, Archives of Scientific Philosophy, Hillman Library, University of Pittsburgh, Carnap Papers [089-72-04].
  3. 1919, Politischer Rundbrief of 1 April 1919. Recommendation of G. Landauer’s book Revolution und Sozialismus, p.124. Archives of Scientific Philosophy, Hillman Library, University of Pittsburgh, Carnap Papers [110-01-28].
  4. 1922a [2019], Der Raum: Ein Beitrag zur Wissenschaftslehre, Kant-Studien Ergänzungshefte, Nr. 56, Berlin: Reuther & Reichard. Translated into English in Carnap 2019: 21–208
  5. 1922b, Three positions papers on: (a) Beziehungslehre und Strukturlehre; (b) Ansätze zur Charakterisierung von Strukturen (with Bernhard Merten); (c) Aufbau der Wirklichkeit (Strukturtheorie des Erkenntnisgegenstandes) (carbons); late 1922. Archives of Scientific Philosophy, Hillman Library, University of Pittsburgh, Carnap Papers [091-17-12].
  6. 1923 [2019], “Über die Aufgabe der Physik und die Anwendung des Grundsatzes der Einfachstheit”, Kant-Studien, 28: 90–107. Translated into English in Carnap 2019: 209–46
  7. 1924 [2019], “Dreidimensionalität des Raumes und Kausalität: Eine Untersuchung über den logischen Zusammenhang zweier Fiktionen”, Annalen der Philosophie und philosophischen Kritik, 4: 105–30. Translated into English in Carnap 2019: 247–298
  8. 1925a, “Gedanken zum Kategorienproblem. Prolegomena zu einer Konstitution-stheorie (Vortrag Wien)” (shorthand), 21 January 1925. Archives of Scientific Philosophy, Hillman Library, University of Pittsburgh, Carnap Papers [081-05-03].
  9. 1925b, “Entwurf einer Konstitutionstheorie der Erkenntnisgegenstände” (typed), first sketch, 17 December 1924; this version typed, 28 January 1925. Archives of Scientific Philosophy, Hillman Library, University of Pittsburgh, Carnap Papers [081-05-02].
  10. 1926 [2019], Physikalische Begriffsbildung, Karlsruhe: Braun. Translated into English as Physical Concept Formation in Carnap 2019: 339–440
  11. 1927, “Eigentliche und uneigentliche Begriffe”, Symposion, 1: 355–374
  12. [Aufbau] 1928a [1967], Der logische Aufbau der Welt, Berlin: Weltkreis. Second edition, Hamburg: Meiner, 1961. Translated into English as The Logical Structure of the World, Rolf A. George (trans.), Berkeley, CA: University of California Press, 1967
  13. 1928b, Scheinprobleme in der Philosophie, Berlin: Weltkreis.
  14. 1929, Abriß der Logistik, mit besonderer Berücksichtigung der Relationstheorie und ihrer Anwendungen, Vienna: Springer.
  15. 1930a, “Die alte und die neue Logik”, Erkenntnis, 1: 12–26.doi:10.1007/BF00208606
  16. 1930b, “[Review of] Felix Kaufmann, Das Unendliche in der Mathematik und seine Ausschaltung”, Deutsche Literaturzeitung, 51: cols. 1674–1678
  17. 1930c, “Bericht über Untersuchungen zur allgemeinen Axiomatik”, Erkenntnis, 1: 303–307. doi:10.1007/BF00208622
  18. 1930d, “Review: Der logistische Neupositivismus: E. Kaila (1930)”, Erkenntnis, 2: 75–77. doi:10.1007/BF02028134
  19. 1930e, “Plan für Kaila-Aufsatz: Über die Erkenntnis des sog. ‘Nicht-Gegebenen’” (shorthand), 2 November 1930; also an outline headed ‘Kaila-Aufsatz’ on a separate sheet dated 29 October 1930, Young Research Library, University of California at Los Angeles, Special Collections, Carnap Papers (Collection 1029) [UCLA Box4, CM13, item1].
  20. 1931, “Die logizistische Grundlegung der Mathematik” (The Logicist Foundations of Mathematics), Erkenntnis, 2: 91–105. doi:10.1007/BF02028142
  21. 1932a, “Überwindung der Metaphysik durch logische Analyse der Sprache-", Erkenntnis, 2: 219–241. doi:10.1007/BF02028153
  22. 1932b [1934], “Die physikalische Sprache als Universalsprache der Wissensch-aft”, Erkenntnis, 2: 432–465. Translated into English as Unity of Science, Max Black (trans.), London: Kegan Paul, Trench & Co., 1934. doi:10.1007/BF02028172
  23. 1932c, “Psychologie in physikalischer Sprache”, Erkenntnis, 3: 107–142. doi:10.1007/BF01886414
  24. 1932d, “Erwiderung auf die vorstehenden Aufsätze von E. Zilsel und K. Dun-cker”, Erkenntnis, 3: 177–188. doi:10.1007/BF01886417
  25. 1932e [1987], “Über Protokollsätze”, Erkenntnis, 3: 215–228. Translated in 1987 as “On Protocol Sentences”, Richard Creath and Richard Nollan (trans.), Noûs, 21(4): 457–470. doi:10.2307/2215667 (en) doi:10.1007/BF01886421 (de)
  26. [LSS] 1934a [1937], Logische Syntax der Sprache, Vienna: Springer. Translated by Amethe Smeaton as The Logical Syntax of Language, London: Routledge, 1937.
  27. 1934b, “Theoretische Fragen und praktische Entscheidungen”, Natur und Geist, 2: 257–260
  28. 1934c [1987], Die Aufgabe der Wissenschaftslogik, Vienna: Gerold. Translated as “The Task of the Logic of Science”, Hans Kaal (trans.), in Unified Science, Rainer Hegselmann and Brian McGuinness (eds.), Dordrecht: Reidel, 1987, 46–66. doi:10.1007/978-94-009-3865-6_3
  29. 1934d [2004], “On the Character of Philosophic Problems”, W. M. Malisoff (trans.), Philosophy of Science, 1(1): 5–19. German original “Über den Charakter philosophischer Probleme” published in R. Carnap Scheinprobleme in der Philosophie und andere metaphysikkritische Schriften, T. Mormann (ed.), Hamburg: Meiner, 2004, 111–127. doi:10.1086/286302 (en)
  30. 1935a, Philosophy and Logical Syntax, London: Routledge.
  31. 1935b, “Review: Logik der Forschung. Zur Erkenntnistheorie der modernen Naturwi-ssenschaft: Popper, Karl (1935)”, Erkenntnis, 5: 290–294. doi:10.1007/BF00172319
  32. 1936 [1949], “Wahrheit und Bewährung”, in Actes du Congrès international de philosophie scientifique, Sorbonne, Paris 1935, fasc. 4. Unité de la science, Paris: Hermann, pp. 18–23. A modified version is translated as “Truth and Confirmation”, in Feigl and Sellars 1949: 119–127
  33. [TM] 1936–37, “Testability and Meaning”, Philosophy of Science,

o     [TM1] 3(4): 419–471 (sections 1–16). doi:10.1086/286432,

o     [TM2] 4(1): 1–40 (sections 17–28). doi:10.1086/286443

  1. 1939, Foundations of Logic and Mathematics, Chicago: University of Chicago Press.
  2. 1942, Introduction to Semantics, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  3. 1943, Formalization of Logic, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  4. 1945a, “The Two Concepts of Probability: The Problem of Probability”, Philosophy and Phenomenological Research, 5(4): 513–532. doi:10.2307/2102817
  5. 1945b, “On Inductive Logic”, Philosophy of Science, 12(2): 72–97. doi: 10.1086/286851
  6. 1946, “Modalities and Quantification”, Journal of Symbolic Logic, 11(2): 33–64. doi:10.2307/2268610
  7. 1947, Meaning and Necessity, Chicago: The University of Chicago Press; second edition: 1956
  8. 1949, “A Reply to Leonard Linsky”, Philosophy of Science, 16(4): 347–350. doi:10.1086/287056
  9. [ESO] 1950a [1956], “Empiricism, Semantics, and Ontology”, Revue Internationale de Philosophie, 4(11): 20–40. Reprinted in Carnap 1956b: 205–221.
  10. [LFP] 1950b, Logical Foundations of Probability, first edition, Chicago: University of Chicago Press.
  11. 1952a [1956], “Meaning Postulates”, Philosophical Studies, 3(5): 65–73 Reprinted in Carnap 1956b: 222–229. doi:10.1007/BF02350366
  12. 1952b, The Continuum of Inductive Methods, Chicago: University of Chicago Press.
  13. 1954a [1968], Einführung in die symbolische Logik, mit besonderer Berücksichtigung ihrer Anwendungen, first edition, Vienna: Springer; second edition, 1968.
  14. 1954b [1956], “On Belief Sentences: Reply to Alonzo Church”, in Philosophy and Analysis, Margaret MacDonald (ed.), Oxford: Blackwell, pp. 128–131. Reprinted in Carnap 1956b: 230–232.
  15. 1955a [1956], “On Some Concepts of Pragmatics”, Philosophical Studies, 6(6): 89–91. Reprinted in Carnap 1956b: 249–251 doi:10.1007/BF02341065
  16. 1955b [1956], “Meaning and Synonymy in Natural Languages”, Philosophical Studies, 6(3): 33–47. Reprinted in Carnap 1956b: 222–229. doi:10.1007/BF02330951
  17. 1956a, “The Methodological Character of Theoretical Concepts”, in The Foundations of Science and the Concepts of Psychology and Psychoanalysis, Herbert Feigl and Michael Scriven (eds.), Minneapolis: University of Minnesota Press, pp. 38–76
  18. 1956b [1947], Meaning and Necessity: A Study in Semantics and Modal Logic, second edition, Chicago: University of Chicago Press. (This is an enlarged version of 1947.)
  19. 1957, “How Can Induction Be Justified?” Unpublished Manuscript from the Carnap Papers at the Archives of Scientific Philosophy, Hillman Library, University of Pittsburgh, catalogue number 082-01-01
  20. 1958 [1975], “Beobachtungssprache und Theoretische Sprache”, Dialectica, 12(3–4): 236–248. Translated as “Observational Language and Theoretical Language”, in Hintikka 1975: 75–85. doi:10.1111/j.1746-8361. 1958.tb01461.x
  21. 1959a [2000], “Theoretical Concepts in Science”, unpublished lecture. Published in Stathis Psillos, 2000, “Rudolf Carnap’s ‘Theoretical Concepts in Science’”, Studies in History and Philosophy of Science Part A, 31(1): 151–172. doi:10.1016/S0039-3681(99)00031-X
  22. 1959b, Induktive Logik und Wahrscheinlichkeit (coauthor: Wolfgang Stegmüller), Vienna: Springer. doi:10.1007/978-3-7091-3142-8
  23. 1961a, “Vorwort zur zweiten Auflage” (introduction to second edition), in Aufbau, second edition, Hamburg: Meiner, pp. X–XV
  24. 1961b, “On the Use of Hilbert’s ε-Operator in Scientific Theories”, in Essays on the Foundations of Mathematics, Y. Bar-Hillel et al. (eds.), Jerusalem: Magnes Press, pp. 154–64
  25. 1962, Logical Foundations of Probability, second edition, Chicago: University of Chicago Press.
  26. 1963a, “Carnap’s Intellectual Autobiography”, in Schilpp 1963: 3–84
  27. 1963b, “The Philosopher Replies”, in Schilpp 1963: 859–1013
  28. 1964, “Interview mit Rudolf Carnap”, in Mein Weg in die Philosophie, Rudolf Carnap, interview with Willy Hochkeppel, Stuttgart: Reclam, pp. 134–148
  29. 1966, Philosophical Foundations of Physics: An Introduction to the Philosophy of Science, New York: Basic Books.
  30. 1968a “Inductive Logic and Inductive Intuition”, in The Problem of Inductive Logic, Imre Lakatos (ed.), Amsterdam: North-Holland, pp. 258–314
  31. 1968b, “On Rules of Acceptance”, in The Problem of Inductive Logic, Imre Lakatos (ed.), Amsterdam: North-Holland, pp. 146–50
  32. 1971a, “A Basic System of Inductive Logic, Part I”, in Carnap (and Jeffrey) 1971c: 33–165
  33. 1971b, “Inductive Logic and Rational Decisions”, in Carnap (and Jeffrey) 1971c: 5–31
  34. 1971c, Studies in Inductive Logic and Probability, volume 1, with Richard C. Jeffrey, Berkeley: University of California Press. See Jeffrey 1980 for volume 2
  35. 1974, An Introduction to the Philosophy of Science, New York, Basic Books; second edition of Carnap 1966
  36. 1980, “A Basic System of Inductive Logic, Part II”, in Jeffrey 1980: 7–155
  37. 2000, Untersuchungen zur allgemeinen Axiomatik, Thomas Bonk and Jesús Mosterin (eds.), Darmstadt: Wissenschaftliche Buchgesellschaft.
  38. 2017, “Value Concepts (1958)”, Synthese, 194(1): 185–194. doi:10.1007/s11229-015-0793-2
  39. 2019, Rudolf Carnap: Early Writings, A.W. Carus, Michael Friedman, Wolfgang Kienzler, Alan Richardson, and Sven Schlotter (eds.), (The Collected Works of Rudolf Carnap, 1), New York: Oxford University Press.

 

مراجع مستعملة في التقديم

1-      الحاج صالح، رشيد، النظرية المنطقية عند كارناب: دراسة فلسفية لجدل الغلاقة بين المنطق والفلسفة، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة، دمشق، سوريا، 2008.

2-      هيدغر، مارتن، ما الفلسفة؟ ما الميتافيزيقا؟ هلدرلين وماهية الشعر؟ ترجمة فؤاد كامل عبد العزيز، وحمود رجب السيد، راجعه عن الأصل عبد الرحمان بدوي، دار النهضة العربية، مصر، 1964

3-      المسكيني، فتحي، "أطروحة كارناب عن المعنى: مجاوزة الميتافيزيقا بواسطة التحليل المنطقي للغة"، مجلة معنى الإليكترونية، تاريخ النشر 18 يونيو 2023. https://mana.net:carnap

4-      زكي نجيب محمود، نحو فلسفة علمية، 1958

5-      زكي نجيب محمود، موقف من الميتافيزيقا، مؤسسة هنداوي، 2019

6-      ديوي، جون، المنطق نظرية البحث، ترجمة زكي نجيب محمود، المركز القومي للترجمة، القاهرة، مصر، 2010

7-      هيدغر، مارتن، مدخل إلى الميتافيزيقا، ترجمة عماد نبيل، دار الفارابي، بيروت، لبنان، 2015

8-      كارناب، رودولف، الأسس الفلسفية للفيزياء، ترجمة السيد نفادي،

9-      كارناب، رودولف، البناء المنطقي للعالم، ترجمة يوسف تيبس.

[1] - مصدر المقالة:

Carnap, Rudolf., “The Elimination of Metaphysics Through Logical Analysis of Language“, Translated by Arthur Pap, in A. J. Ayer, ed. Logical Positivism, The Free Press, New York, Third Printing September 1960, pp.60-81