الثورة الصناعية الأولى ومنعكساتها الاجتماعية والإيديولوجية على الفكر الماركسي

فئة :  مقالات

الثورة الصناعية الأولى ومنعكساتها الاجتماعية والإيديولوجية على الفكر الماركسي

الثورة الصناعية الأولى ومنعكساتها الاجتماعية والإيديولوجية

على الفكر الماركسي

عرفت البشرية اعتباراً من النصف الثاني من القرن الثامن عشر حدثاً جديداً وصف بأنه أهم تحول وأعظم اكتشاف عرفته البشرية، وأطلق على هذا الحدث اسم الثورة الصناعية، "فقد شهدت تقنيات الإنتاج تحولات عميقة مكّنت الإنسان من اكتساب السيطرة على الطبيعة بشكل لا يقارن بما كان عليه قبل ذلك"([1])، حيث تحررت قوى الإنتاج، وتطور النظام الاقتصادي على نحو يسمح بتعدد وتضاعف الخدمات والبضائع بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسانية. من الجدير بالذكر أن العوامل الاقتصادية لعبت دوراً مهمًّا في حدوث الثورة الصناعية. فتراكم رأس المال* لدى الدول الأوروبية كان شرطاً أساسياً لانطلاق الثورة الصناعية فيها، حيث توافرت رؤوس الأموال اللازمة للاستثمار الصناعي، خاصةً في وقت توالت فيه الاختراعات الفنية والصناعية التي كانت بحاجة إلى أموال ضخمة لوضع هذه الاختراعات موضع التنفيذ. بناءً على هذا الحدث، بدأ الإنسان يتحول من القرى إلى المدن الكبرى، ومن العمل اليدوي إلى استخدام الآلات الصناعية، ومن المصانع العائلية إلى المصانع الكبرى، وتوالت هجرة المزارعين من القرى إلى المراكز الصناعية الكبرى، وبدأ الصانع اليدوي يعاني من ممارسات وأسلوب الإنتاج الصناعي، وشيئاً فشيئاً أخذ يتلاشى في خضم طبقة العمال.

ومن الأمور التي ساعدت على نجاح الثورة الصناعية التقاء مجموعتين من العوامل: العوامل الاقتصادية، والعوامل الفكرية والسياسية والاجتماعية، حيث تسهم العوامل الأخيرة في خلق وإيجاد فكر جديد وعقلية جديدة يمكنها استيعاب الأحداث والوقائع الاقتصادية الجديدة، والعمل على تطويرها، وهو ما لم يكن ممكناً إلا إذا حدث تحولٌ في الأفكار وتبدلت العقلية البشرية عما كانت عليه في ظل النظام الإقطاعي. هذه العقلية الجديدة، كان لابد لها من أن تغير نظرتها للثروة واستخدام النقود، وعلى الأخص طرائق استعمالها وقيمتها الاجتماعية. وقد اصطلح على تسميتها بالعقلية الرأسمالية، حيث مكنت من استغلال الأحداث الاقتصادية، في أحداث الثورة الصناعية. ولذلك، يصف البعض النظام الرأسمالي بأنه مجموعة من العوامل الذهنية والفكرية التي تعطي الأولوية، دون جدال للعائد من استخدام رأس المال([2]). وفي هذا الإطار، سنسعى إلى توضيح آثار الناجمة عن هذا الحدث على الصعيديين الاجتماعي، والإيديولوجي، الذي يعد من أهم أحداث السياق الاجتماعي وتفاعلاته:

أ- على الصعيد الاجتماعي: بدأت الثورة الصناعية كما هو معروف تحت شعار الحرية لكن هذه الحرية كان لها معنى خاص في إطار المجتمع البرجوازي الذي انبثق عنها. فترتب على ذلك حدوث فجوة كبيرة في البناء الاجتماعي والاقتصادي، حيث أصبح أصحاب الحرف المنزلية وصغار المزارعين مغمورين، وأعيد تنظيم الصناعات التحويلية والزراعية على الأسس التجارية الجديدة التي بدت أكثر ملائمة لأقصى إنتاج ممكن بأقل تكلفة ممكنة، كما أدت الثورة الصناعية إلى تركز ملكية الأرض والصناعة في أيدي القلة، وزيادة معدلات الإنتاج الواسع النطاق على حساب صغار المنتجين المستقلين، وكما أنها جمعت جماهير غفيرة من المعدومين ليعملوا كأُجراء أو عمال في المصانع والمناجم والحقول. وتتكوّن هذه الجماهير المتباينة من العمال والصناع وأصحاب الحرف المنزلية القادمين من بيئات مختلفة، المتباينين بالعادات والمشاعر. وهكذا نشأت بالتدريج طبقة عاملة مترابطة مكافحة، وتحطم نظام الطبقات الاجتماعي الذي أقامته قرون من التاريخ المثير، وجعل قيام الطبقات الجديدة اختفاء للطبقات الاجتماعية القديمة، وإعادة تقويم القيم المتوارثة في المجتمع، على أن التغير كان ظاهرة جديدة لا عهد لها للناس بها([3]).

لذا يمكن اعتبار أن من أهم نتائج الثورة الصناعية على الصعيد الاجتماعي باتفاق جميع الباحثين، ميلاد الطبقة العاملة، حيث يمكن القول دون تردد، إن الطبقة العاملة هي وليدة الثورة الصناعية، إلا أن هذا لا يعني أن الثورة الصناعية كانت السبب المباشر في تقسيم المجتمع إلى طبقات؛ فوجود الطبقات كان سالفاً على ولادة المجتمع الصناعي، إنما أدت الثورة الصناعية إلى إيجاد تقسيم طبقي جديد، تميز به المجتمع الصناعي وامتدت آثاره حتى وقتنا المعاصر. هذا التقسيم الاجتماعي الجديد يقوم على أساس وجود طبقتين؛ أحدهما تمتلك وسائل الإنتاج (الطبقة البرجوازية)، والثانية الطبقة العاملة (البروليتاريا) التي لا تملك إلا قوة سواعدها. وإلى جانب هاتين الطبقتين، أوجد التطور العلمي والاقتصادي، طبقة ثالثة أفرادها لا هم بالرأسماليين ولا بالعمال، فأُطلق عليهم لتمييزهم أعضاء (الطبقة المتوسطة)([4]). ولكن ما يهمنا نحن في هذا السياق طبقة البروليتاريا.

وعلى الصعيد المادي أظهر الانقلاب الصناعي من خلال إيجاده لهذا التقسيم الطبقي المتطرف أن مردود الإنتاج لا يملكه العامل بل الرأسمالي([5]). بهذا أصبحت القوة المحركة لهذه التغيرات هي الثروة أو رأس المال؛ لأن فيها تكمن السيادة الحقيقية للأمة، ولها السيطرة المطلقة على عمل المعدومين. وهذه القوة التي يملكها الأغنياء لها سلطان ونفوذ ما لأكثر الملوك تحكماً واستبداداً، بل ربما فاقتهم سلطاناً. فالحكم على هذا العدد الضخم من العمال بالعمل في المناجم، وحبس هذه الجماهير من الناس في أشغال كريهة مزعجة مؤذية للصحة مدمرة في المصانع والورش يفوق أي سلطان ملكي على الأرض. وأصحاب الثروة يتحكمون في توزيع ناتج الإنتاج كله، ويظفرون منها بنصيب الأسد. وما يسمونه عقد العمل، إنما هو تزييف؛ لأنه ليس أمام الفقراء إلا أن يختاروا بين الموت جوعاً أو العبودية. ومصالح رأس المال والعمل أي مصالح غير المنتجين والمنتجين، متعارضة تماماً. فتنامي رأس المال معناه سلب العامل ثمرة تعبه وما يملكه المالك لوسائل الإنتاج يحرم منه المعدوم؛ بمعنى آخر يشبه موقف الأغنياء من الفقراء، كموقف الحدين الجبريين الموجب والسالب، موقف فيه تضارب مباشر وتدمير متبادل([6]).

أما عن أوضاع الطبقة العاملة، فقد كتبت مجلة "أدنبره ريفيو" عام 1813 بتعاطف وقلق على "إملاق الطبقة الدنيا، فقالت: "لم يتبين قط، في تاريخ العالم، ظاهرة شبيهة بتقدم انكلترا خلال القرن الماضي. ولم يحدث في أي زمان ومكان، مثل هذا التضاعف في الثراء والترف...، في مقابل تضاعف عدد المعوزين أربع مرات في انكلترا ليبلغ اليوم، عشر عدد السكان الكلي..."([7])؛ لأن إدخال الآلات الصناعية على بلد صناعي قديم ستكون نتيجته دائماً الضيق والبؤس؛ لأنه يسبب تعطل العمال، وحوادث الشغب وإعدام الناس. فالشعب الصناعي متهيئ على الدوام للشغب؛ ذلك أنهم لا يرتبطون بروابط وميول محلية، وهم ينظرون إلى الأشخاص الذين يعتمدون عليهم في معاشهم نظرة أقرب إلى الحسد منها إلى الاحترام؛ لأنهم قوم يثرون من عرقهم، وهم على شيء من العلم بما يدور في دنيا السياسة يكفي أن يحسبوا أنفسهم سياسيين. فالطبقة التي تقيم ثراءها على الصناعات تنام فوق البارود، ولو استمر النظام الصناعي في الانتشار وفي زيادة عدد الفقراء وزيادة بؤسهم وفسادهم، فإننا نعتقد أن الثورة آتية لا ريب فيها، وآتية في أرهب أشكالها، فالنظام البرجوازي الصناعي ينحو إلى تقليل عدد الطبقات الوسطى وزيادة عدد الطبقات الدنيا([8]).

هذا يفضي بنا إلى التساؤل حول طبيعة الظروف التي كانت تعيش بها الطبقة العاملة في تنامي وتقدم منجزات الثورة الصناعية؛ فمن المسلم به أن هذه الطبقة عانت بشكل قاسٍ في بداية الثورة الصناعية، حيث لم يكن التقدم الصناعي – العلمي وسيلة لإصلاح حياة السواد الأعظم من العمال؛ لأن جشع الرأسمالي وتعطشه إلى الربح، ساهما إلى حدٍ كبير، في خلق الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتدنية. عن هذا الموضوع عبّر ماركس بقوله: "أنا ومن بعدي الطوفان"، هذا هو شعار كل رأسمالي وكل نظام رأسمالي فرأس المال لا يكترث أبداً بصحة العمال أو بقسوة حياتهم إلا إذا أجبر على هذا. لذلك، فإن الباحث في ظروف الطبقة العاملة، ابتداءً من حدوث الثورة الصناعية حتى نهاية القرن التاسع عشر، لا يمكنه أن يلاحظ إلا أن العامل كان تحت رحمة صاحب العمل، يتحكم فيه كيفما شاء دون أي نص قانوني يحميه ولا تدخل من جانب الدولة. "بذلك يمكننا القول إن الثورة الصناعية خلقت أقبح عالم عاش فيه الإنسان على مدى التاريخ، كما يتبدى في الشوارع الخلفية المعتمة الموبوءة الغارقة بالضباب في مانشستر؟ وكيف نصور اقتلاعها آلافاً مؤلفة من الرجال والنساء جذورهم وحرمانهم، في عالم التعاسة الذين أصبحوا يعيشون فيه من القناعات التي انحدرت إليهم عبر العصور؟"([9]). أما عن طبيعة الظروف التي كانت الطبقة العاملة تعاني منها في نظام الإنتاج الرأسمالي، نظام عبودية الأجر، فسنأتي على ذكرها بالتفصيل، من خلال ما يلي:

- ساعات العمل: كانت ساعات العمل اليومية قد بلغت من الطول حد لا يطاق، ولم يعد في الإمكان زيادتها وبالأخص في الفترة الواقعة ما بين نهاية القرن 18 عشر وحتى منتصف القرن 19 عشر، حيث كان العمال والعاملات والأطفال دون تميز إلا في الأجر يشتغلون في ليون بفرنسا 18 ساعة يومياً في صناعة الحرير، حيث بلغ المتوسط اليومي لساعات العمل في باريس ومارسيليا 14 ساعة، وبلغ متوسط ساعات العمل اليومي لعمال المناجم أكثر من 12 ساعة، وكان متوسط ساعات العمل اليومي في سائر بلدان القارة الأوروبية يبلغ 15 ساعة يومياً([10]). فمنذ أن تكدس العمال بالمصانع خضعت هذه الساعات الطويلة من العمل إلى تنظيم صارم من جانب رب العمل وملاحظيه، حيث لا يتخللها إلا ساعة أو ساعة ونصف على الأكثر، لتناول وجبتي الغداء والعشاء، وربما كُلف العامل في خلال هذه الأوقات المخصصة للراحة، بتنظيف الآلة أو مكان العمل([11]).

أضف إلى ذلك، أن المصنع اختلف جذرياً عن نظم العمل السابقة عليه، من حيث أيام الإجازات والراحة الأسبوعية: فلأسباب اقتصادية لم يكن بإمكان الرأسمالي أن يسمح بتوقف آلاته أثناء الراحة الأسبوعية أو العطل. لذلك، انتهت مع الثورة الصناعية، تلك العادات القديمة التي كانت تتمثل في كثرة الإجازات (الدينية بالذات) وفي يوم الراحة الأسبوعية. نتيجةً لذلك، وصل عدد ساعات العمل، إلى الحد الأقصى الذي يسلب العامل كل قواه ويجعله في حالة من الإنهاك الجسدي المستمر.

- ظروف العمل: حيث كانت ظروف العمل داخل المصانع والورش بالغة القسوة والخطورة، حيث لا لوائح ولا أنظمة خاصة بأمان العمل أو بمراعاة "أبسط الشروط الصحية الملائمة وهي التهوية الكافية"([12]). وفي هذا الصدد كتب Proudhon يصف المطبعة التي كان يعمل فيها مصححاً "لقد تسممت من الهواء الفاسد، ورائحة العفونة، ورائحة العرق الإنساني". هذا الوصف لم يكن مبالغاً فيه([13]). فالنظام الداخلي للعمل لم يكن يحكمه إلا العقلية الرأسمالية التي ترغب بمزيد من الربح. لذا بلغ الانهيار في صحة الطبقة العاملة الحد الذي لم يعد في الإمكان تجاوزه وإلا أصيبت قوة العمل مصدر الربح بتوقفات تهدد مصالح الطبقة الرأسمالية الأنانية نفسها. بهذا وجد العمال أنفسهم، ورغم التطور الآلي الذي ساعد على زيادة إنتاجية العمل يساقون كعبيد ويرغمون على الهبوط إلى أدنى مستوى معيشي، حيث دُفنت كل القيم الإنسانية في أقبية الاستغلال الرأسمالي البشع([14]).

- الأجور: إن مسألة الأجور تعتبر من المسائل التي يصعب الحكم عليها على وجه دقيق إبان الثورة الصناعية، وخاصة أن الإحصاءات الدقيقة تكاد معدومة في هذا الصدد. لذلك يصعب على المرء أن يبدي رأياً قاطعاً في هذه مسألة، إلا أنه من الثابت لدنيا أن قانون إفقار الجماهير الكادحة قد أدى إلى هبوط الأجور الاسمية والحقيقية*، ففي فرنسا** على سبيل المثال كانت الأجور تتصف في معظمها دون الحد الأدنى اللازم للحياة([15])، حيث كانت يومية البناء 2.30 فرنك، والنساج 75 سنت، والغزال 30 سنت. والعامل الماهر بالمنجم من فرنك إلى فرنك و28 سنتيم. وكانت القدرة الشرائية لمثل هذه الأجور ضعيفة جدّاً. يوضح لنا هذا الضعف أسعار بعض السلع الأساسية في عام 1788، حيث كان سعر الكيلو من اللحم فرنك و10 سنتيم في باريس و65 سنتيم في الريف، وبصفة عامة فإن الأجر اليومي يشتري في المتوسط ستة أرطال من الخبز. وعلى العموم تتسم الأجور في البلدان الرأسمالية الأخرى أيضاً في حالة شديدة من الانحطاط([16]). ومن الجدير بالذكر أن الأجور الاسمية والحقيقية التي "لا تكاد تكفي إشباع الحاجات الضرورية للعامل وأسرته "([17])، كانت أيضاً عرضة للانخفاض خلال الأزمات الدورية التي تصاحب الإنتاج الرأسمالي، مما أدى إلى معاناة الطبقة العاملة ظروف بالغة القسوة وانحطاط لا يطاق في مستوى المعيشة للآدمي الذي وصل إلى مستوى يقل عن المستوى الحيواني. فانتشرت البطالة على نطاق واسع لم يسبق له مثيل وبالأخص في أزمات 1815، 1830، 1837، 1840، مما دفع عشرات الألوف إلى التسول والفقر المدقع، فأصبحوا مصدراً لمزيد من الاستغلال الرأسمالي البشع([18])، كما نجد أيضاً أن الرأسمالي في الأحيان يجبر العمال على أخذ جزء من أجورهم لا على شكل نقود بل في شكل سلع لا يحتاجون إليها من متجر مملوك لصاحب العمل لا يبيع سوى الأنواع الرديئة بطبيعة الحال([19]).

- تشغيل الأطفال والنساء: إن استخدام النساء والأطفال في المصانع يعدّ أسوأ الظواهر الاجتماعية التي نجمت من هذه الثورة([20]). ففي وسط هذه الظروف البالغة القسوة تم استخدام الأطفال والنساء في كافة الأعمال، حيث يعتبرون مصدراً سهلاً لاستخلاص أكبر قدر من الربح – فائض القيمة، فكان عمر الأطفال الذين يتم تشغيلهم يبدأ من عمر 6 سنوات و8 سنوات، حيث يرغمون على العمل في أجواء سامة وقذرة وغير صحية، مما جعلهم يخضعون إلى ظروف عمل تتصف الوحشية والمعاملة السيئة إلى أبعد الحدود. كما تم تشغيل النساء في الصناعة؛ لأن أجورهن تقل بكثير عن أجور الرجال، فحلول الآلة محل الأداة، لم يعد يقتضي قوة عضلية كبيرة، بل أصبح من الممكن الاستعاضة عن القوة العضلية للرجل، بقوة النساء والأطفال، فهؤلاء خاصة ً في نطاق صناعة الغزل والنسيج، تكون نعومة أيديهم أفضل لمعالجة الغزل من يد الرجل، ناهيك عن أنهم أكثر طاعة وانصياعاً، مما أدى إلى وجود تناقض بين القوى العاملة من الرجال والنساء. بمعنى آخر فقد أدى استعباد النساء والأطفال إلى انخفاض في الأجور باستخدام قوى رخيصة، هذا ما سمح للرأسماليين بإضعاف مقاومة العمال بسبب التنافس بين هذه الأيدي العاملة([21]).

- آثار تقسيم العمل: مارس الرأسماليون سلطة مطلقة من خلال تقسيم العمل في العملية الإنتاجية سلطة مطلقة تجاه الطبقة العاملة، التي أصبحت مجرد أجزاء في جهاز اجتماعي كامل يملكه هؤلاء الرأسماليون، حيث أدت عملية تقسيم العمل إلى زيادة الإنتاجية، إلا أنها بالوقت نفسه أدت إلى تشويه شخصية العامل. فالصناعة اليدوية ومن بعدها الصناعة الآلية لم تكن في حاجة إلا إلى عمال على قدر معين ومحدود من التخصص والخبرة، ليكونوا قادرين على إنجاز عمل معين بسرعة وبدقة، وهذا يؤدي بالضرورة إلى شل كل الكفاءات التي يتمتعون بها أو "الحد من كفاءاتهم المهنية... لأنها تسلب العامل كل مشاركة ذكية في الإنتاج"([22]). بالمقابل يؤدي إلى تنشيط نمو زائف لمهارة العمال في العمليات التفصيلية، بذلك تحول أفراد الطبقة العاملة إلى مجرد تروس في العمليات التفصيلية، وفي النظام الإنتاجي أيضاً. ومعنى هذا أن كل حركتهم هي حركة الترس ولا شيء أكثر من ذلك. وهكذا نجد أن هذه الآلية من العمل قد أدت إلى اختفاء كل الجوانب الذهنية من العمل الجزئي المنفذ. على أن تؤدي بنفس الوقت إلى بروز القوى الذهنية في الإنتاج كملكية للآخرين، وكسلطة تسيطر على الطبقة العاملة([23]).

- قهر الدولة وزيف الديمقراطية: واجه العمال في هذه الظروف القاسية الرهيبة التي عاشوها، قهر الدولة الرأسمالية، التي حاولت منذ بداية ظهور المجتمع البرجوازي على أنقاض المجتمع الإقطاعي أن تطلق على نفسها دولة ديمقراطية، هذه الديمقراطية والحرية الزائفة، التي سريعاً ما تم الكشف عن زيفها، عندما تجسدت كديمقراطية وحرية للأقلية البرجوازية فقط "لأن لنضال البرجوازية التاريخي من أجل الحرية محتوى طبقي"([24])؛ بمعنى أنها ديمقراطية وحرية الأقلية القليلة المالكة لوسائل الإنتاج، في حين تسعى تلك الديمقراطية والحرية إلى تقليم أظافر الكادحين لتجريدهم من كل شيء وتحويلهم إلى عبيد مقيدين بقيود الاستغلال الرأسمالي. ولتطلق عليهم النيران إن طالبوا بحقوقهم، وتصادر تنظيماتهم أو تجردهم من كل مضمون ديمقراطي وثوري. فالتشريعات التي كانت الدولة تصدرها كانت كلها لصالح الرأسماليين فصدرت تشريعات تحرم التسول والتشرد والسرقة، فالجموع الفقيرة التي تم تجريدها من ملكية الأرض تحولت إلى جيش من الجوعى والفقراء والمستغَلين، وفي الوقت نفسه أصدرت الدولة تشريعات حافظت على الأجور المنخفضة وساعدت تخفيضها إلى أدنى حد، كما تم إصدار تشريعات تحرم وتمنع العمال المستقلين من حق تنظيم الاتحادات العمالية التي تهدف إلى مقاومة القهر والاستغلال، فالطبقة العاملة بذلك لا تشارك في السلطة فالبرجوازية بما أنها تستحوذ على الملكية التي تعتبر في تلك المرحلة قاعدة كل سلطة وكل اعتبار([25]). فقد فرضت على العمال عقوبات قاسية، حيث يترتب على العامل الذي كان يرفض العمل أحكام قاسية مجردة من كل مفاهيم الإنسانية، منها على سبيل المثال ربط العامل بمؤخرة العربة وجلده بالسياط، أو سجنه، أو قطع نصف أذنه. وهكذا كان العمال الأحرار يعاملون معاملة العبيد ولكن بطرق أكثر تطوراً([26]).

إلا أنه عام 1848 تغير وضع العمال نسبياً، حيث بدأت الحركات النقابية في الظهور. ففي فرنسا جرت هذه الولادة خلال الأحداث الثورية في ذلك العام الذي عم كل أرجاء القارة الأوروبية، فقد صبغت ثورة عام 1848 القطيعة الأولى بين الطبقة العاملة والأمة – والتي سنناقشها في الفقرات التالية -، إلا أن الوعي الطبقي لازال ضعيفاً وغالبية الطبقة العاملة لا تهتم كثيراً بالمعركة النقابية([27]). من خلال استعراض ظروف عمل ومعيشة الطبقة العاملة يتضح لنا التناقض في هذا المجتمع الجديد: فهو مجتمع، يزيد في مجموعه ثراء؛ لأن الإنتاج الصناعي تضاعف تقريباً في أي دولة من الدول التي حدثت فيها الثورة الصناعية في الفترة من 1815 إلى 1851، ولكن الثراء كان لطبقة واحدة هي الطبقة الأقل عدداً. أما السواد الأعظم من الشعب، فكان نصيبه الفقر المدقع. ولكن هذا التردي لم يكن فقط مادياً، بل كان أيضاً معنوياً، ففي ظل المدينة الصناعية، وتحت تأثير المصنع، كان العامل يشعر بالإضافة إلى حاجته المادية، أنه مهمل وشخص لا أهمية له، وعلى الأخص أن هناك حاجزاً رهيباً يفصل بينه وبين صاحب العمل، فكلما كبر المصنع وازداد التركيز الصناعي، كلما تباعدت الصلة أو انقطعت نهائياً بين العمال وأصحاب الأعمال، ليس فقط في داخل المصنع، بل وخارجه، فالرأسماليون الصناعيون حرصوا بعد انتهاء العمل على ألا يخالطوا هذه الطبقة الخطرة، فتركوها لأحيائها، واستقلوا بأحيائهم([28]).

تأسيساً على ما تقدم، نجد أن مستوى معيشة البروليتاريا المتدهور الذي عاصره ماركس قد فرض عليه، وعلى أغلب المفكرين الاشتراكيين التمسك به، حيث بنوا عليه نظرياتهم وانتقاداتهم للنظام الرأسمالي. ولقد عبر ماركس عن افتقار الطبقة العاملة واندحار مستواها باستمرار في العديد من كتاباته وبالأخص "رأس المال"، حيث يرى ماركس أن رأسمال بنزوعه الأعمى غير المحدود وفهمه الذئبي للعمل الزائد، يجتاح ليس فقط الحدود المعنوية ليوم العمل، بل وأيضاً حدوده الجسدية، وإنه أيضاً يغتصب الوقت الضروري لنمو الجسد وتطوره والمحافظة الصحية عليه. إنه يسرق الوقت الضروري للعامل من أجل التمتع بالهواء الطلق وضوء الشمس، إنه يقلص وقت الطعام ويدخله قدر المستطاع في عملية الإنتاج ذاتها([29]).

أما على الصعيد الاقتصادي، فقد فسر ماركس ذلك بنظرية "فائض القيمة"، التي ترى أن العامل لا يحصل على الأجر الذي يتناسب مع عمله، بل أنه ينتج أكثر من الأجر، ولكن صاحب العمل لا يعطيه أجره الحقيقي، وإنما ما يكفيه ليقيم قوته ويستمر في العمل، باعتباره جزءً من الآلة. وفي هذا المعنى يرى ماركس "أن العامل يزداد فقراً كلما زادت الثروة التي ينتجها، وكلما زاد إنتاجه قوةً ودرجةً، والعامل يصبح سلعة أكثر رخصاً كلما زاد عدد السلع التي يخلقها"([30])، وقد أكد ماركس على ذلك عند إصداره للبيان الشيوعي، ليعيد تأكيد نظريته: أن المضاربة المتعاظمة المستمر بين الرأسماليين والأزمات التجارية التي يعرفها النظام الرأسمالي، يؤديان إلى انخفاض مستمر في أجور العمال ومستوى معيشتهم([31]).

وهكذا فإن الإنتاج الرأسمالي، الذي هو في حقيقة الأمر إنتاج للقيمة الزائدة، يؤدي بامتصاصه للعمل الزائد وبواسطة إطالة يوم العمل، ليس فقط إلى انحطاط قوة العمل البشرية التي يسلب منها الشروط العادية والمعنوية والجسدية للتطور والنشاط، بل يؤدي كذلك إلى استنفاذ وفناء قوة العمل نفسها قبل الأوان. فهو يطيل لأمد معين الوقت الإنتاجي لعامل ما، ولكنه يبلغ ذلك عن طريق تقليص طول حياة هذا العامل([32]).

ب- على الصعيد الإيديولوجي: كما هو معروف أن الآراء الاشتراكية (الشيوعية) لم يكتب لها التوفيق والنجاح قبل الثورة الصناعية؛ لأن الشرور الواضحة التي أحس بها أفراد المجتمع في ذلك الوقت كانت تتصل بالسياسة أكثر مما تتصل بالاقتصاد، كما أن الصناعة كانت بدائية وفردية أكثر منها جماعية. وعلى الرغم من أن المساوئ الاقتصادية كانت واضحة جلية، إلا أن الآراء التي عالجتها كانت آراء يتمثل فيها السخط أكثر مما يتمثل فيها المنهج الاجتماعي والتطبيق الاشتراكي([33]).

إلا أنه بقيام الثورة الصناعية وإحلال الآلة محل العمل اليدوي تغيرت مفاهيم الفلسفة الاجتماعية بعد أن حُشر العمال في المصانع حشراً، وانقسم المجتمع إلى سادة وقطيع، وأصبح المجتمع الصناعي أمراً محتوماً. أدى ذلك إلى انبثاق الإيديولوجية الاشتراكية كرد فعل مباشر عن المساوئ الاجتماعية الناشئة عن الثورة الصناعية، ويبدو لنا الارتباط واضحاً بينهما، إذا لاحظنا أن اهتمام المفكرين بهذه الثورة انصب أساساً على اثنين من نتائجها:([34])

(1) الآثار الوخيمة التي انعكست سالباً على الطبقة العاملة، من خلال قسوة الظروف المعيشية التي عاشتها في ظل الثورة الصناعية. مما دعا بعض هؤلاء المفكرين إلى التساؤل عن جدوى مثل هذا النظام الاقتصادي إذا كان ثمن نجاحه هو التضحية بهذه الأرواح البشرية، لذلك انصب نقدهم على فكرة الحافز الفردي والتنافس الحر والملكية الخاصة، أي تلك العناصر التي يقوم عليها النظام الليبرالي([35]).

(2) كثرة الأزمات التي كانت تصيب هذا النظام الجديد، وهذه الأزمات تعتبر ظاهرة اقتصادية أكثر منها اجتماعية، فقد شهد القرن التاسع عشر، وبصفة دورية أزمة كل عشر سنوات تقريباً، تصيب النظام الرأسمالي، فتوقف دوران عجلة الإنتاج أو الحد من سرعتها، يترتب عليها إغلاق المصانع وانتشار البطالة وتبديد الثروة، ومن هذا المنطلق انبثق تساؤل في غاية الأهمية حول صلاحية النظام الرأسمالي؟ وهل هو كما تدعي المدرسة الليبرالية أفضل نظم الإنتاج، أو هل يمكن استبداله بنظام آخر يؤدي إلى تحاشي تلك الأزمات الدورية التي تسبب كل فقرة من الزمن مشاكل طاحنة؟

من هذا المنطلق، يمكن لنا تفهم مضمون الفكر الاشتراكي. فالفكر الاشتراكي على هذا النحو، يمثل اعتراضاً مزدوجاً على النظام الرأسمالي: الأول فهو يتمثل في احتجاج أخلاقي ضد مساوئ النظام الاجتماعية، أما الثاني فهو تفكير موضوعي ضد النظام الرأسمالي وما ينتج عنه من أزمات اقتصادية، تجعله يبدو غير منطقي. بهذا نجد أن اهتمام المفكرين الاشتراكيين قد انحصر في الإجابة على التساؤلات التي يطرحها هذين الاتجاهين. ولكن في محاولتهم لحل تلك المشاكل اتجه نقد جميع المفكرين على "محور النظام الليبرالي" أي على دعوته لإطلاق العنان للحافز الفردي. لذا يمكننا تعريف الفكر الاشتراكي على أنه التيار المضاد للإيديولوجية الفردية الليبرالية، فالفلسفة الاشتراكية تدعو إلى تقييد الحرية الفردية بمقتضيات المصلحة العامة وباحتياجات الجماعة، فتصبح على هذا النحو المصلحة العامة هي محور الاهتمام. من هذا المنطلق، نجد أن الفكر الاشتراكي يدعو إلى بناء نظام اجتماعي جديد، ويركز هذا الفكر في بدايته على الجانب الاجتماعي ويحارب النشاط السياسي، فالفكر الاشتراكي، في بدايته على الأقل وحتى عام 1848 كان يحارب كل الاتجاهات والأحزاب السياسية، ويصب اهتمامه على الجانب الاجتماعي وحده، حيث لم يكن حل المشاكل الناجمة عن الثورة الصناعية -حسب المفكرين الاشتراكيين- متوقفاً على شكل الدولة (ملكية أو جمهورية) أو إحلال الاقتراع العام محل الاقتراع المقيد، فهذه المسائل كانت في نظرهم ثانوية، وتبعد الأنظار عن المشكلة الرئيسة، وهي المشكلة الاجتماعية وضرورة إعادة تنظيم المجتمع الإنتاجي. وخير دليل على ذلك، المفكر الاشتراكي المثالي "سان سيمون 1760-1825"، الذي أقنعته الأحداث الرهيبة التي عاصرها بأن يدير ظهره للسياسة وللساسة، ويعلن في اقتناع تام بأن حل المشاكل التي يعاني منها المجتمع الصناعي وإقامة المجتمع الجديد لأي أمة تريد أن تهدأ وتستريح، هو ذلك حل الذي يقوده المنتجون لا السياسيون. فالسياسة لديه لم تعد تلك البراعة في المناورات، والمهارة الدبلوماسية، بل هي فن الإنتاج. وأعلن أيضاً أن وظيفة الدولة توفير العمل للجميع، وتوفير الرزق، سبيل هذا أن تتحرر قوى الإنتاج وعلاقاته من كل آثار الاستغلال التي ولدها نظام الملكية والاحتكار([36]). وفيما يتعلق بنقده للنظام الرأسمالي يلاحظ سيمون أن الإنتاج ينمو في الرأسمالية بصورة مستبدة خلال نضال مرير من الصناعيين حتى يولد أعظم الآلام للكادحين. وكان يعتقد بأن نمو الصناعة يجلب السعادة للإنسانية، ولهذا وصف فضائل تنظيم الإنتاج تنظيماً عقلانياً على يد رجال تشاركوا لاستغلال الطبيعة معاً، وهكذا يزول استغلال الإنسان للإنسان فننتقل من "حكومة الناس إلى إدارة الأشياء"([37]). أما الاشتراكي الفرنسي "فرانسوا باييف 1760- 1797"، فقد كان ثورياً ويسارياً. أصدر صحيفة "حرية الصحافة" وركز على الدعاية الاشتراكية من خلال المطالبة بالمساواة تحت شعار "لقد أعطت الطبيعة كل إنسان الحق في نصيب متساوٍ في مجمل الملكية"([38])، لذلك لاقت أفكاره الثورية رواجاً في فرنسا خصوصاً إبان الاضطرابات الحاصلة عقب الثورة الفرنسية، مما أدى الحكم عليه بالإعدام. غير أن أفكاره الثورية ساهمت في تحريك الثورتين الفرنسيتين في عامي 1848 و1871 تحت شعارات الاشتراكية.

أما "شارل فورييه 1772- 1837"، مفكر فرنسي اجتماعي، يرتكز علاجه للمشكلة الاجتماعية على فكرة عدالة توزيع العمل والإنتاج، ولا يركز فورييه على العمل الصناعي لأنه رأى أن الصناعة تتقدم على حساب فقر العامل، لذا فضل الاهتمام بالعمل الزراعي على غيرها من النشاطات الاقتصادية، ويحلم بمجتمع يعيش الناس فيه أحراراً متساوين بفضل ما تنتجه الأرض. انتقد التجار الطفيليين؛ لأن التجارة برأيه "إقطاعية ماركانتيلية"، فهي تقوي أصحاب البنوك. لذا طالب بإنشاء تجمعات إنتاجية عمالية مشتركة، ولم يعلق أهمية كبيرة على دور الدولة، فالليبرالية الاقتصادية في رأيه تولد الفوضى والبؤس، ويمكننا الاستنتاج أن أفكار فورييه مهدت لاحقاً لقيام التجمعات التعاونية، هذا على الرغم من أنه أيد وجود الفوارق الاجتماعية بين الغني والفقير، فلم يطالب بالمساواة الاجتماعية التامة بين البشر على الرغم من دعوته إلى تقسيم عائد الصناعة بين العمال والرأسماليين والفنيين. "أما فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة فقد كان نصيراً لها، وقد قام بنقد استغلال النساء على يد البرجوازية، وهو يرى في الدولة المدافع عن مصالح الطبقة الحاكمة، كما دلل كيف أن البرجوازية، بعد أن عادت إلى الدين المسيحي الذي ناهضته في الماضي لتنشر الأفكار الأخلاقية التي تدعو للخضوع والاستسلام وتعمل من أجلها"([39]).

وفي بريطانيا يعتبر "روبرت أوين 1771- 1858"، اشتراكياً خيالياً أثر لاحقاً في إيديولوجية حزب العمال البريطاني والجمعية الفابية. أدار وهو شاب مصانع للغزل والنسيج فحقق أرباحاً منها، ولكنه بالمقابل ساهم في برفع مستوى معيشية عماله واعتنى بأطفالهم. "كان مقتنعاً اقتناع الماديين في القرن الثامن عشر، بأن أخلاق الناس من عيوب وفضائل هي ثمرة للظروف، ولهذا فهو يرى أن الثورة الصناعة التي حدثت في انكلترا توجد فيها الظروف التي تساعد على تحقيق السعادة للجميع([40]).

لذا يعد أوين من أهم المنظرين لهذه التجربة في انكلترا. حيث شهد قيام الانقلاب الصناعي وتطوراته، فشارك في الحركات الاجتماعية وفي كفاح الطبقات العاملة للوصول إلى القوة الاقتصادية والسياسية. في محاولة إلى تحسين الوضع الإنساني لرفع سويته من خلال تبديل وسطه الذي يعيش فيه. بهدف تشييد مملكة السعادة ومملكة الفضيلة في آن واحد([41]). كما أنه حاول أن يضع القوى المنتجة التي أطلقها العلم الحديث من عقالها في خدمة الإنتاج والتوزيع الجماعيين أولاً، ثم لصالح العاطلين عن العمل، وبعد ذلك لصالح المجتمع بأكمله([42]). تنحصر الآراء الاشتراكية لأوين في أن أفراد المجتمع لابد أن يحققوا أكبر قسط من الفائدة من القوى الإنتاجية الهائلة للصناعة، إذا ما تعاونوا في سبيل المصلحة العامة وقضوا على الملكية الخاصة والربح وأقاموا مجتمعات صناعية وزراعية تحكم نفسها بنفسها([43])، إلا أن أوين لم يفته وهو يقول للطبقات العاملة أن العمل مصدر الثروة، وأن العمل الحسن والإدارة الحسنة هما وحدهما مصدر الثروة وأساس القيمة، كما أنه يؤمن بأن الآلة الحديثة وحدها هي التي تجعل منابع الثروة تتدفق بغزارة وكان أول الأمر إذا تحدث عن العمال سماهم "الطبقات الدنيا"، ولكن عندما ظهرت التعاونيات ونقابات العمال ومعاهد الميكانيكيين والحركة العرائضية، سماهم "الطبقات المنتجة". وقد تعلموا منه الاشتراكية، ولكنها كانت أساساً الاشتراكية التعاونية لا الاشتراكية النضالية. والدليل على ذلك أنه كان يعارض بقوة نشوب الاضطرابات العمالية وسياسة الاتحادات العمالية وحرب الطبقات، ولم يكن كفاحه موجهاً أولاً وقبل كل شيء ضد الاستغلال أو التفاوت الطبقي، بل ضد الجهل والخطأ اللذين كان من ضحاياهما الطبقات المالكة والطبقات الفقيرة والكادحة على حد السواء([44]).

وعلى العموم، نجد أن الاشتراكيين المثاليين انتقدوا النظام الرأسمالي وكشفوا عيوبه وهاجموا حرية المنافسة، ودعوا إلى إعادة توزيع الثروات توزيعاً عادلاً. فعملية إعادة التنظيم عند هؤلاء المفكرين لا تتم من خلال إلغاء أو تغيير النظام القائم، أي من خلاله عبر الإلغاء التدريجي البطيء للمفاسد والمظالم، بناءً على تنفيذ تلك الآلية التدريجية تم إرساء دعائم الفكر الاشتراكي المثالي، وهكذا نجد أن دعوتهم للاشتراكية اتسمت بالطابع الإصلاحي لا التغييري. كما رأى الاشتراكيون الأوائل أن عنصر سمو الروح والأخلاق سيحرك في النفس الإنسانية أنبل العواطف وأطيب النوايا فيصبح إنصاف الطبقة العاملة والكادحة من أولويات أهدافها. وهنا نجد أن من رواد الاشتراكية الخيالية (المثالية) عناصر ذات توجهات إيديولوجية فكرية متنوعة منهم الديمقراطي، والراديكالي، الديني. ورغبتهم في الإصلاح والتغيير لم تكن نتيجة دراسة علمية لتطور المجتمع ولبنيانه الاقتصادي السياسي والاجتماعي والفكري، وإنما نتيجة نظرة رحيمة وموقف متسم بالعطف على البؤساء والفقراء([45])؛ بمعنى آخر إن الاشتراكيين الأوائل بناءً على ما تقدم، وجهوا اهتماماتهم إلى الأوضاع التي تعاني منها الطبقة العاملة ككتل تعيش وسط الآلات، في جو المصانع المدخن مكدسة في أكواخ المدن الصناعية الجديدة يسكنها هاجس البطالة والأزمات. وتتوجه وعودهم إلى طبقة عاملة إبان معاناتها، بصورة مشخصة للتجربة التاريخية للرأسمالية. في خضم هذه الأوضاع وقف الاشتراكيون باسم العدالة والمساواة، ليعلنوا عن أخلاقية جديدة، في قلب قلعة الرأسمالية، في محاولة منهم للتأكيد على حقوق العمل غير القابلة للتفاوض، حيث تنبأوا بانتصارهم القريب والمحتوم([46])، ولكن دون السعي إلى وضع آلية لتغيير النظام القائم للقضاء على المشاكل التي تعاني منها الطبقة العاملة. بسبب رفضهم للعمل الثوري القائم على العنف والتدمير، فقد بنوا رأيهم هذا بناءً على معاصرتهم للنتائج التي ترتبت عن قيام الثورة الفرنسية التي أدت إلى اتساع الانقسامات بين الأغنياء والفقراء، لهذا أصبحوا على قناعة تامة أن العمل السياسي ميؤوس منه كوسيلة لتحسين حالة الإنسانية؛ فالنهج السلمي هو الوسيلة المثلى لتحقيق تغيير حقيقي لردم الفجوة بين طموحات الثورة في الحرية والمساواة والإخاء([47]).

إلا أن ماركس في سياق متصل، أشار إلى الأفضال العظيمة التي قدمها الاشتراكيون المثاليون؛ لأنهم لاحظوا قروح الرأسمالية وهي في أوج انطلاقها، ووصفوا هذه القروح ونددوا بها، ثم تنبؤا بزوال الرأسمالية في زمن حسب الناس فيه أنها أبدية. وكانوا يريدون إلغاء استغلال الإنسان للإنسان، وكانوا ينادون ببطولة التربية التقدمية، عن ثقة بالبشرية وعن اقتناع بأن سعادتها يمكن أن تتحقق على هذه الأرض. وبهذا احتلوا مركزاً ذا خطر في تاريخ الاشتراكية، إلا أنهم لم يصلوا إلى تغيير المجتمع...لأن هؤلاء المفكرين ظهروا في أولى مراحل الرأسمالية. وفي هذه المرحلة، كانت تناقضاتها قد بدأت تتطور وتؤدي إلى فوضى الإنتاج وبؤس الجماهير. ولكن الرأسمالية كانت لا تزال أحدث من أن تكشف عن القوة الموجودة موضوعياً في داخل نظامها، القادرة على أن تكافح ضدها وتهزمها لتقيم المجتمع الاشتراكي. وهذه القوة هي الطبقة العاملة التي يخلقها حتماً تطور البرجوازية الرأسمالية، من حيث إن قوتها تكمن كلية في استغلال الطبقة العاملة. فالبروليتاريا في بداية القرن 19 عشر كانت لا تزال ضئيلة العدد ضعيفة يفتتها التنافس. صحيح أن كفاحها الطبقي ضد البرجوازية كان موجوداً، ولكنه كان كفاحاً بدائياً غير منظم. ولم يكن يمكن في هذا المستوى أن تستهدف أكثر من المطالب المباشرة، خصوصاً خفض ساعات العمل. وقد قاست الطبقة العاملة كثيراً قبل أن تتحدد لديها منظورات المستقبل. أما في ميدان السياسة، فقد كانت لا تزال تحت إشراف البرجوازية لهذا ساعدت البروليتاريا البرجوازية عام 1830 على طرد البوربون واستبدالهم بملك برجوازي هو لويس فيليب. ومن الجدير بالذكر أن كبار الاشتراكيين المثاليين كانوا من أصول برجوازية، يحسون بمدى الألم الذي تقاسيه البروليتاريا المستغَلة، إلا أن هذا هو نفسه الذي حال بينهم وبين ملاحظة القوة الهائلة الكامنة في البروليتاريا بوصفها طبقة المستقبل. وقد ترتب عن ذلك أن الطوباويين لم يعثروا في مجتمعهم على الوسائل الموضوعية لإلغائه، ومن ثم لم يعد لديهم من سبيل سوى الخطط المثالية. وبهذا كانوا يستمدون من رؤوسهم وصفاً تاماً للمجتمع الكامل، يضعونه في مقابل الواقع المؤسف، بسبب أنهم يجهلون قانون تطور المجتمع الرأسمالي، فقد عجزوا عن اكتشاف الارتباط الموضوعي بين المجتمع الذي ينتقدونه والمجتمع الذي يحلمون به([48]).

كما أن الطبقة العاملة لم تظهر بصفتها قوة سياسية مهمة ومستقلة في القارة الأوروبية، إلا إبان ثورات عام 1848، باستثناء الطبقة العاملة البريطانية التي أنشأت بالفعل آن ذاك حزبها الشعبي ومنظماتها النقابية وخبرت المشروعات التعاونية وتلقنت أسس الاشتراكية على يد مجموعة من المفكرين الاشتراكيين، وعلى حين كانت بريطانيا تقود العالم في تطوير النظام الصناعي الرأسمالي، كان العمال يجربون الكثير من الطرائق التي أصبحت فيما بعد جزءً من النظرية الاشتراكية الكلاسيكية([49]). من الجدير بالذكر أن الشخصية المحورية للاشتراكية البريطانية لم تكن في النصف الأول من القرن التاسع عشر تتميز بالنظريات الفلسفية الأصيلة ولا بالأعمال الأدبية البارزة، بل بقوة الخلق والنشاط الإصلاحي الذي لا يعرف الكلل([50]).

بناءً على ما تقدم، يمكن لنا القول إن قيام الثورة الصناعية بوصفها من أهم أحداث السياق الاجتماعي، وما ترتب عليها من نتائج وآثار سلبية بالنسبة إلى الطبقة العاملة، أدت إلى بروز تيار اشتراكي بوصفه الإيديولوجية المضادة لإيديولوجية المجتمع البرجوازي الذي احتضن ووظف منجزات الثورة لصالحه، إلا أن هذا التيار الاشتراكي المثالي لم يستطيع أن يحل المشاكل والقضايا التي تعاني الطبقة العاملة لأسباب متعددة، كما أنهم لم يستطيعوا تقديم أو اقتراح وسائل ممكنة لتغيير المجتمع، أو على أقل إيجاد تصور منطقي لطبيعة المجتمع الجديد الذي يمكن أن يحل المشاكل التي تعترض الطبقة العاملة.

وعلى أي حال، نجد أن الاشتراكيين المثاليين يعملون على إقناع البرجوازية بأفكارهم، مراهنين على أنها أقدر على تحقيقها؛ لأنها الطبقة التي تمتلك السلطة، وهذه أحلام طوباوية؛ إذ إن مصالح البرجوازية تتناقض مطلقاً مع النظام الاشتراكي.

هذه الأحداث وما ترتب عليها من نتاج فكري، دفعت بماركس إلى الاختلاف جذرياً مع الاشتراكيين الأوائل، حيث أقام ماركس اشتراكيته على أساس علمي، بدلاً من أن يستخرج من خياله فكرة المجتمع المثالي، فرغم أن الاشتراكيين الأوائل وجهوا نقدهم إلى الرأسمالية - كما ذكرنا سابقاً - إلا أنهم لم يكونوا آنذاك على معرفة بعلم المجتمعات أي المادية التاريخية، ولهذا كانوا يقررون نتائج الاستغلال الرأسمالي، دون أن يصلوا إلى إدراك ترابط عملية الاستغلال التي تتعرض لها الطبقات العاملة في النظام الرأسمالي. بناءً على ذلك، لم يصلوا أيضاً إلى اكتشاف الدور الذي يمكن أن تلعبه الطبقة العاملة حتماً في القضاء على النظام الرأسمالي، ثم كان عجزهم في التطبيق لعجزهم في النظرية.

خلاصة القول، استطاع ماركس من خلال قراءته النقدية لأحداث الثورة الصناعية ومنعكساتها الاجتماعية والإيديولوجية أن يقيم العلم مقام الأحلام الطوباوية، وبفضله أصبحت الاشتراكية واقعاً، بعد أن كانت حلماً يداعب خيال الطوباويين. كما استطاع بعبقرية فكرية أن يحدد موقفه من النظام الرأسمالي، وأن يحدد من هي القوى الاجتماعية (الفاعل الثوري) التي سيوكل إليها عملية تغيير الواقع الاجتماعي، وأن يحدد طبيعة المجتمع الجديد الناتج عن عملية التغيير الاجتماعي. باختصار شديد استطاع ماركس من خلال هذا الحدث الهام في تاريخ البشرية أن يحدد كل معالم الفكر الماركسي في رؤيته للواقع والمستقبل.

([1]) ج/م. البيرتيني: رأسمالية واشتراكية (تاريخ مختصر لمعركة العصر)، ترجمة وتقديم: رجب بودبوس، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، مصراتة، ط1، 1994، ص(19).

* تعد الفتوحات الاستعمارية والاكتشافات البحرية التي حدثت مصدراً من مصادر تراكم رؤوس الأموال، وعلى الأخص في السنوات الأخيرة من القرن 15 عشر والسنوات الأولى من القرن السادس عشر، فقد مكنت هذه الاكتشافات والفتوحات، الدول الاستعمارية من تحقيق مكاسب ضخمة ووفرت رؤوس الأموال اللازمة لانطلاق الحركة الصناعية.

لمزيد من القراءة والاطلاع انظر: أحمد جامع: الرأسمالية الناشئة – بحث اقتصادي في المرحلة الأولى للنظام الرأسمالي (1750-1880)، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1968، ص(44).

([2]) أحمد جامع: الرأسمالية الناشئة، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1968، ص ص(17-18).

([3]) م. بير: تاريخ الاشتراكية البريطانية، ترجمة: فؤاد أندراوس، مراجعة: محمد أمين إبراهيم، من الفكر السياسي والاشتراكي، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، الجزء:1، بدون تاريخ، ص(129).

([4]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1982، ص(191).

([5]) م. بير: تاريخ الاشتراكية البريطانية، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص(132).

([6]) المرجع السابق نفسه، ص ص(161- 162).

([7]) جاك دروز: التاريخ العام للاشتراكية من الأصول إلى 1875، ترجمة: أنطوان حمصي، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، القسم:1، الجزء:1، دراسات فكرية (47)، 1999، ص(349).

([8]) م. بير: تاريخ الاشتراكية البريطانية، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص ص(167- 168).

([9]) Eric Hobsbawm: The Age of Revolution 1789-1848, Vintage Books, New York, 1966, p.(298).

([10]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، مكتب يوليو للنشر والترجمة، القاهرة، الجزء:1، بدون تاريخ، ص(19).

([11]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، مرجع سبق ذكره، ص(309).

([12]) أحمد جامع: الرأسمالية الناشئة، مرجع سبق ذكره، ص(168).

([13]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، مرجع سبق ذكره، ص(283).

([14]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص ص(19- 20).

* الأجر الاسمي: هو كمية النقود المعطاة للعامل كأجر. أما الأجر الحقيقي: هو قدرة النقود المعطاة للعامل على شراء مجموعة من السلع التي يحتاجها العامل.

** حول التركيز على الأجور في فرنسا بسبب أن وضع الأجور في انكلترا كان مختلفاً عنه في فرنسا، فالأجور الاسمية والأجور الفعلية كانت في انكلترا بالعموم أقل سوءً عنها في فرنسا.

([15]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، مرجع سبق ذكره، ص(314- 318).

([16]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، بدون تاريخ، ص(20).

([17]) أحمد جامع: الرأسمالية الناشئة، مرجع سبق ذكره، ص(168).

([18]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص ص(20-21).

([19]) أحمد جامع: الرأسمالية الناشئة، مرجع سبق ذكره، ص ص(168- 169).

([20]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، مرجع سبق ذكره، ص(292).

([21]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص ص(21-22).

([22]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، مرجع سبق ذكره، ص(333).

([23]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص(22).

([24]) جورج بوليتزر وآخرون: أصول الفلسفة الماركسية، الجزء:2، ترجمة: شعبان بركات، منشورات المكتبة العصرية، بيروت، الجزء:2، بدون تاريخ، ص(156).

([25]) ج/م. البيرتيني: رأسمالية واشتراكية (تاريخ مختصر لمعركة العصر)، مرجع سبق ذكره، ص (36).

([26]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص ص(23-24).

([27]) ج/م. البيرتيني: رأسمالية واشتراكية (تاريخ مختصر لمعركة العصر)، مرجع سبق ذكره، ص (37).

([28]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، مرجع سبق ذكره، ص ص(332-333).

([29]) كارل ماركس: رأس المال، الكتاب الأول: عملية إنتاج الرأسمال، دار التقدم، موسكو، 1985، ص(381).

([30]) كارل ماركس: مخطوطات كارل ماركس لعام 1844، ترجمة: محمد مستجير مصطفى، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، بدون تاريخ، ص(68).

([31]) هرمان دونكر: البيان الشيوعي – النص الكامل مع دراسة وتحليل، ترجمة: عصام أمين، الفارابي، بيروت، ط1، 2008، ص(71).

([32]) كارل ماركس: رأس المال، الكتاب الأول: عملية إنتاج الرأسمال، دار التقدم، موسكو، 1985، ص(382).

([33]) هارولد لاسكي: الشيوعية، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، مجموعة اخترنا لك (111)، بدون تاريخ، ص(7).

([34]) أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية - وآثارها الاجتماعية والقانونية، مرجع سبق ذكره، ص(364-365).

([35]) لمزيد من القراءة والاطلاع انظر: الطيب بو عزة: نقد الليبرالية، الفصل الثالث بعنوان: النظرية الاقتصادية الليبرالية، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، ط1، 2009، ص(79- 104).

([36]) خالد محمد خالد: أزمة الحرية في عالمنا، دار المقطم للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006، ص ص(28-29).

([37]) جورج بوليتزر وآخرون: أصول الفلسفة الماركسية، الجزء:1، ترجمة: شعبان بركات، منشورات المكتبة العصرية، بيروت، الجزء:1، بدون تاريخ، ص ص(269- 270).

([38]) عبد الوهاب الكيالي: موسوعة السياسة، الجزء:1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الجزء:1، ط2، 1985، ص(459).

([39]) جورج بوليتزر وآخرون: أصول الفلسفة الماركسية، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص(270).

([40]) جورج بوليتزير: المادية والمثالية، ترجمة: إسماعيل المهدي، نشر الملتقى، تطوان (المغرب)، ط2، 2006، ص(153).

([41]) إيلي هاليفي: تاريخ الاشتراكية الأوروبية، ترجمة: جمال الأتاسي، مراجعة: بديع الكسم، سلسلة الفكر العالمي (1)، وزارة الثقافة والإرشاد القومي – مديرية التأليف والترجمة، مكتبة أطلس، القاهرة، بدون تاريخ، ص ص(29-30).

([42]) م. بير: تاريخ الاشتراكية البريطانية، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص(201).

([43]) نورمان ماكنزي: موجز تاريخ الاشتراكية، ترجمة: أحمد عبد الرحيم مصطفى وآخرون، دار القلم، القاهرة، المكتبة التاريخية، ط1، 1960، ص(37).

([44]) م. بير: تاريخ الاشتراكية البريطانية، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص ص(201-202).

([45]) عبد المنعم الغزالي الجبيلي: تاريخ الحركة العمالية والنقابية في العالم من القرن الثامن عشر حتى 1914، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص(51).

([46]) جاك دروز: التاريخ العام للاشتراكية من الأصول إلى 1875، القسم:1، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص(348).

([47]) Alex Callinicos: The Revolutionary Ideas of KARL Marx, Bookmarks Publications Ltd, London and Sydney, Third reprint, 2004, p.(48).

([48]) جورج بوليتزير: المادية والمثالية، مرجع سبق ذكره، ص ص(154-155).

([49]) نورمان ماكنزي: موجز تاريخ الاشتراكية، مرجع سبق ذكره، ص(30).

([50]) م. بير: تاريخ الاشتراكية البريطانية، الجزء:1، مرجع سبق ذكره، ص(199).