الجسد في ثقافة الإسلام بين الفقه والبيان
فئة : أبحاث محكمة
الملخّص:
تطمح هذه الدراسة إلى تبيّن واحدة من أهم وظائف الخطاب الفقهي الإسلامي القديم الاجتماعية والسياسية ممثلة في ممارسة الرقابة الذاتية والطوعية للأفراد والجماعات على أنفسهم انطلاقًا من رسم صورة معينة للجسد المنضبط في الوعي والضمير تكون معبرًا لإخضاع السلوك لمعايير أخلاقية واجتماعيّة موحدة، وتيسّر ـ من ثمّ ـ عملية إخضاع الكيان الاجتماعي لكل أنماط السلطة السائدة (دينية، سياسية، أخلاقية، قبليّة..). ولتحقيق هذه الغاية كان من الطبيعي أن يسعى الخطاب الفقهي إلى تأسيس قراءة تأويلية يستثمر فيها دوال مصادره المقدّسة: القرآن والحديث بمنحها مدلولات منسجمة مع طبيعة منوال الثقافة السائد الذي يتغذّى من موارد المخيال الاجتماعي والتمثلات اللاهوتية والفلسفية والميتافزيقية الشائعة في تلك الحقبة التاريخية.
وفي ظل هذا المسار التأويلي الذي شكّل أفق الخطاب الفقهي سعينا إلى تبيّن مختلف مستويات الرقابة الدينية على الجسد انطلاقًا من فعل الدوال اللّغوية الخاصة فيه، وما تمارسه من سلطة معنوية على ضمير المسلم بما اكتسبته من سلطة شرعية متعالية. وحاولنا تتبع مظاهر من استراتيجيا الخطاب الفقهي في ممارسة تلك السلطة لا من آليات التصرف في عموم دوال القرآن فحسب بل وفي تشكيل معرفة عن الجسد أساسها استحضار صورة للجسد النبوي المنزّه في الحديث المدوّن حتى يغدو قاعدة معيارية لعلاقة المسلم بجسده، ومنها أدركنا اتساع مجالات الرقابة الذاتية التي تفرضها سلطة الخطاب الفقهي، فحصرنا أهمّها في أبواب رئيسية ثلاثة: هي الطهارة والجماع والمظهر الخارجي، وتبيّنا من خلالها ومن خلال مقارنة مع الخطاب القرآني جملة من الدلالات المخفية المحتجبة التي لا تتصل ضرورة بالحياة الرّوحية الخالصة بل بوظائفها الإيديولوجية من جهة خدمتها لمنطق السلطة الذي يقتضي الخضوع التام لانضباطها وقيمها، فيكون منتهى الرقابة الذاتية/ الدينية على الجسد مهادًا طبيعيًّا وأساسًا شرعيًّا لتقبل أحكام العقاب في المدينة طوعًا.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا