الحسين بن منصور الحلاّج
فئة : أعلام
أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاّج البيضاوي، صوفي فارسي، ولد حوالي سنة 244هـ. ينتسب إلى البيضاء إحدى مدن فارس. ويذكر ابن النديم في الفهرست أنّه "قد اختلف في بلده ومنشئه، فقيل إنّه من خراسان من نيسابور، وقيل من مرو، وقيل من الطالقان، وقال بعض أصحابه إنّه من الريّ، وقال آخرون من الجبال، وليس يصحّ في أمره وأمر بلده شيء بتّة" (النديم، 2009، ص675). نشأ بواسط وقيل بتستر، قدم بغداد فخالط الصوفية وصحب الجنيد والنوري وكان من تلامذة عمرو المكي. ظهر أمره "وانتشر ذكره في سنة تسع وتسعين ومائتين" (النديم، 2009، ص677). يقول ابن الأثير "وكان ابتداء حاله أنّه كان يظهر الزهد والتصوّف، ويظهر الكرامات، ويخرج للناس فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، ويمدّ يده إلى الهواء، فيعيدها مملوءة دراهم عليها مكتوب قل هو الله أحد، ويسمّيها دراهم القدرة، ويخبروا الناس بما أكلوه وما صنعوا في بيوتهم، ويتكلّم بما في ضمائرهم، فافتتن به خلق كثير". (ابن الأثير، 1987، ج7، ص4). وبسبب كلامه على أسرار الناس يفسّر بعضهم تسميته بالحلاج أو حلاج الأسرار وإن كان ثمة من يربط التسمية بحرفة والده (حلاج قطن) وتختلف الأخبار في هذا الباب. نسب إليه القول بالاتحاد والحلول واتّهم بالزندقة، وتعدّدت المواقف إزاء تصوّفه بين رافض وقابل ومتوقف في أمره. يقول ابن الأثير: "والجملة فإنّ الناس اختلفوا فيه اختلافهم في المسيح عليه السلام. فمن قائل: إنّه حلّ فيه جزء إلهي، ويدّعي فيه الربوبيّة. ومن قائل: إنّه وليّ الله تعالى.. ومن قائل: إنّه مشعبذ وممخرق وساحر كذاب ومتكهّن.." (ابن الأثير، 1987، ج7، ص4). ويؤكدّ البغدادي هذا الاختلاف بقوله: "وقد اختلف فيه المتكلمون والفقهاء والصوفيّة.." (البغدادي، 1995، ص261). تنسب إليه عديد الشطحات وأبرزها "أنا الحق". وقد جمع قاسم محمد عباس عددا من مؤلفات الحلاج واعتنى بتحقيقها ونشرها ضمن كتاب "الحلاّج، الأعمال الكاملة" وفيه تفسيره لعدد من الآيات القرآنيّة وديوان شعر فضلا عن "الطواسين" و"بستان المعرفة".. واستنادًا إلى ابن النديم من كتبه "كتاب "طاسين الأزل والجوهر الأكبر والشجرة الزيتونة النوريّة". كتاب "الأحرف المحدثة والأزليّة والأسماء الكلّيّة". كتاب "الظلّ الممدود والماء المسكوب والحياة الباقية". كتاب "حمل النور والحياة والأرواح". كتاب "الصيهون". كتاب "تفسير قل هو الله أحد". كتاب "الأبد والمأبود". كتاب "قران القرآن والفرقان".. كتاب "العدل والتوحيد". كتاب "السياسة والخلفاء والأمراء". كتاب "علم البقاء والفناء"..". (النديم، 2009، ص678). يميّز الهجويري بينه وبين الحسن بن منصور الحلاّج "ذلك الملحد البغدادي...رفيق سعيد القرمطي" ويبرّئه ممّا نسب إليه (الهجويري، 1980، ج1، ص362). رحل إلى خراسان وسجستان والصين وكان أهل الهند يكاتبونه بالمغيث. ويروي ابن النديم أنّه "كان رجلا محتالا مشعبذا، يتعاطى مذاهب الصوفيّة ويتحلّى ألفاظهم ويدّعي كلّ علم، وكان صفرًا من ذلك. وكان يعرف شيئًا من صناعة الكيمياء، وكان جاهلا مقداما متدهورا جسورا على السلاطين مرتكبا للعظائم، يروم إقلاب الدّول، ويدّعي عند أصحابه الإلهيّة، ويقول بالحلول، ويظهر مذاهب الشيعة للملوك ومذاهب الصوفيّة للعامة" (النديم، 2009، ص676).
ويذكر البغدادي أنّه "استمال ببغداد جماعة من حاشية الخليفة ومن حرمه حتى خاف الخليفة ـ وهو جعفر المقتدر بالله ـ معرّة فتنته فحبسه واستفتى الفقهاء في دمه" وعجّل بجلده وقطع يديه ورجليه وصلبه ببغداد سنة309هـ. (البغدادي، 1995، ص263).
انظر:
- ابن الأثير. (1987). الكامل في التاريخ. (محمد يوسف الدقاق، مراجعة وتصحيح). (ط.1). بيروت-لبنان: دار الكتب العلميّة.
- البغدادي، عبد القاهر. (1995). الفرق بين الفرق. (محمد محي الدين عبد الحميد، تحقيق). صيدا-بيروت: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر.
- النديم، أبو الفرج محمّد بن إسحاق. (2009). كتاب الفهرست. لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي.
- الهجويري، أبو الحسن. (1980). كشف المحجوب. (إسعاد عبد الهادي قنديل، دراسة وترجمة وتعليق). بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر