الدولة كموضوع جوهري للباحثين في علم الاجتماع السياسي
فئة : أبحاث محكمة
الدولة كموضوع جوهري للباحثين في علم الاجتماع السياسي
ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى تبيان وإبراز أهمية الدولة كموضوع أثير في السوسيولوجيا السياسية، وهي أهمية تجد تفسيرها أساسا في كون الدولة هي المجال الخصب والأبرز للممارسة السياسية ولتمظهر السلطة في بعدها المؤسساتي، كما أنها الكيان الذي يحتوي معظم المواضيع الاجتماعية/السياسية التي يتناولها علم الاجتماع السياسي بالدراسة والتحليل، من قبيل الأحزاب السياسية والاحتجاجات والمجتمع المدني وغيرها. لهذا، فالدراسة ستقف على أهم التصورات والنظريات الاجتماعية التي تناولت موضوع الدولة، من حيث دلالتها ونشأتها ووظائفها، منطلقين من الإرهاصات الكلاسيكية الأولى لنظرية الدولة، مع الوصول إلى النظريات المعاصرة المتعلقة بالدولنة والدولة العالمية.
مقدمة:
يمكن القول، ومنذ البداية، إنه إذا كانت أهداف السوسيولوجيا السياسية هي الاستيلاء على التصورات النشيطة سياسيا بهدف توضيح أبعادها واستعمالاتها المتعددة[1]، فإن ما لا مراء فيه أن الدولة هي إحدى أهم هذه التصورات النشيطة، باعتبارها تعبيرا عن تناقضات البنية الاجتماعية وتمثيلا مكثفا لتوازناتها[2]، ما يجعلها، والحال هذه، ضمن مواضيع واشتغالات الدارسين في مجال علم الاجتماع السياسي، بل إن الدولة، ولأنها موضوع اهتمام واشتغال المؤسسين الأوائل لعلم الاجتماع السياسي، لا يمكن إلا أن تكون موضوعا أساسيا من مواضيع علم الاجتماع السياسي الحديث والمعاصر، إن لم يكن من باب الامتداد، فمن باب التحليل والنقد.
لهذا، فمن المستبعد أن يخلو كتاب في علم الاجتماع السياسي، حديثا أو راهنيا، من مناولة موضوع الدولة. فقد شكلت هذه الأخيرة الموضوع الرئيس في حقل السوسيولوجيا السياسية، منذ إرهاصاتها الأولى، بالنظر إلى أن علم الاجتماع السياسي نفسه، ولوقت قريب، كان هو علم الدولة ومؤسساتها، [3] أو علم حكم الدولة؛ أي العلم الذي يهتم بالسياسة، والتي لا تخرج في الغالب عن كونها معرفة ما له علاقة بفن حكم الدولة، وإدارة علاقتها مع الدول الأخرى.[4] كما أنه علم يدرس السلطة والحكومة والولاية والقيادة في كل المجتمعات، وكل هذه المواضيع هي لصيقة وملازمة للدولة. ناهيك على أن الدولة هي الجهاز القائم على تدبير الشأن العام، وحضورها متكرر بشكل دائم في الخطاب اليومي؛ لأنها من المفاهيم الأقرب للحس العام.[5] ولعل كل هذا هو ما جعل البعض يدعو لاستبدال مفهوم علم الاجتماع السياسي بعلم الدولة.[6]
فالدولة إذن كانت ولا زالت تعرف حضورا مكثفا كأهم مواضيع علم الاجتماع السياسي، كما لا زالت تتربع صلب نقاشاته. وقد زاد اهتمام علماء الاجتماع بموضوعها بشكل أكبر في السنوات الأخيرة، وفي هذا الصدد يقول عالم الاجتماع الفرنسي "لابساد": "إن ظل الدولة شبه موجود في البحث السوسيولوجي، فهي على السواء أهم مرجع للطلب الاجتماعي وأكبر زبائن علم الاجتماع، وهي التي تنظم وتدبر معظم الهيئات التي تبيع الطلبات السوسيولوجية أو تلك التي تشتريها. وهكذا نجد مجددا الصورة القديمة عن علم الاجتماع من حيث كونه علم الدولة".[7]
يبقى الجدير بالذكر، وبغض النظر عن الإجماع الملاحظ حول جوهرية الدولة كموضوع للمناولة والدراسة والتحليل لدى مختلف الدارسين في علم الاجتماع السياسي (الكلاسيكيون- الحداثيون- المعاصرون) أن دلالتها ونشأتها بالإضافة إلى وظائفها، لم تحظ بإجماع مماثل، وهو الأمر الذي أفرز جملة من النظريات والتصورات بلغت حد التضارب والتباين، سواء بين الرواد المؤسسين لعلم الاجتماع السياسي، أو بين الذين شكلوا امتدادات لهم للحظة الراهنة. ولعل هذا التضارب/التباين السالف الذكر حول دلالة ونشأة ووظائف الدولة هو ما جعلنا نتطرق بالتحليل لهذه التصورات ولبنائها النظري الذي تقدمه داخل السوسيولوجيا عموما، والسوسيولوجيا السياسية تحديدا؛ وذلك وفق التصميم التالي:
المحور الأول: الإرهاصات الأولى لنظرية الدولة في الفكر السوسيولوجي
المحور الثاني: نظرية الدولة عند الآباء المؤسسين لعلم الاجتماع السياسي
المحور الثالث: امتدادات نظرية الدولة في الفكر السوسيولوجي الحديث
المحور الرابع: نظرية الدولة في السوسيولوجيا السياسية المعاصرة
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
[1] فيليب برو، علم الاجتماع السياسي، ترجمة د. محمد عرب صاصيلا، (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1998)، ص 76
[2] عبد الإله بلقزيز، السلطة والمعارضة المجال السياسي العربي المعاصر: حالة المغرب، المركز الثقافي العربي، 2007، ص 81
[3] جان بيار كوت، جان بيار موني، من أجل علم اجتماع سياسي، ترجمة محمد هناد، (الجزائر: المؤسسة لوطنية للكتاب، 1985)، ص 11
[4] موريس دوفرجيه، علم اجتماع السياسة، ت. سليم حداد، (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1991)، ص 21
[5] موريس دوفرجيه، علم اجتماع السياسة، مرجع سابق، ص 23
[6] جان بيار كوت وجان بيار موني، من أجل علم اجتماع سياسي، مرجع سابق، ص 11.
[7] ورز الدين نوارة، مفهوم الدولة لدى الشباب الجزائري، (مذكرة لنيل شهادة الماجستير، جامعة محمد لمين، دباغين، 2016)، ص 42
