الدولة والأخلاق: مساءلة لمشروع الحداثة
فئة : أبحاث عامة
ملخّص:
تتّجه العلوم الإنسانيّة اليوم إلى إلغاء الحدود القائمة بين مباحثها المختلفة، من دون إهدار لطابع التخصّص العلمي. وضمن هذا الأفق، انتعشت الدراسات البينية وطوّرت نتائج أبحاثها. ومن نماذج هذا الاتجاه، اجتماع مسائل الدولة والدين والأخلاق عند وائل حلاّق ضمن مركّب نظري مخصوص، والذي حمله على جمع عناصر هذا المركّب، تفكيره في مدى معقوليّة مطلب إقامة "الدولة الإسلاميّة" الذي تتمسّك به حركات الإسلام السياسي في المرحلة المعاصرة. وعند مقارنة نموذج الحكم الإسلامي -كما تجسّد في التاريخ- بنموذج الدولة القوميّة الحديثة المهيمن اليوم، لاحظ حلاّق وجود تضادّ كلّي بين هذين النموذجين. وقد توسّع هذا الباحث في تأكيد قوله بامتناع إمكان قيام "دولة إسلاميّة"، استنادا إلى مصادرة -لم يستدلّ عليها- مؤدّاها، أنّ "الدولة" جهاز سياسي حديث، أنتجه سياق التحوّلات الغربيّة المتفاعلة منذ بداية عصر النهضة. وقد حملت الدولة في تكوينها بصمات المنشإ، وكرّست اختياراته الاجتماعيّة والثقافيّة (الهيمنة، النزعة المادّية، العولمة). وفي مقابل ذلك، امتاز نموذج الحكم الإسلامي، بارتكازه على العنصر القيمي منذ تكوينه؛ أي تقديم "ما يجب أن يكون" على "ما هو كائن". وهكذا، فإنّ امتناع إمكان قيام "الدولة الإسلاميّة" عائد بالأساس إلى المأزق الأخلاقي لنموذج الدولة، وهو مأزق منوال الحداثة ذاته. ورغم حدّة هذا النقد وجذريّته، فإنّ حلاّق لم يكن عدميا، فقد فتح أفقا نحو الأمل للمسلمين ولغيرهم. ودعا إلى تعاضد الجهود لجعل الأخلاق النموذج المركزي لمنوال الحكم البديل في المستقبل. ولئن أثار الكاتب بهذا النقد النموذجي التقليد والحداثة حفيظة الإسلاميين والحداثيين على حدّ السواء، فإنّه كان يستأنف بذلك المشروع النقدي لإدوارد سعيد وأضرابه في التأسيس لأفكار ما بعد الكولونياليّة التي تنادي بضرورة تجاوز حالة الانفعال بتجارب الماضي، والدهشة إزاء منجزات الحاضر.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا