"الدّينيّ" و "المدنيّ": ثُغُرات لا تُسدّ
فئة : أبحاث عامة
الإصلاح الديني:
مثل الإصلاح الدّينيّ، كما هو معروف، الإشكاليّة المحوريّة للفكر العربي الإسلامي المنتمي إلى عصر النهضة. ويتماهى جوهر مضمون هذا الإصلاح مع تنقية الدّين الإسلامي وتحديثه باستعمال مبادئ العقل والنقد والاجتهاد مع الأخذ عن الحداثة الغربيّة ممّا يتّفق مع قواعد هذا الدّين. وتمّت الدّعوة إلى هذا الإصلاح، بصفته مقدّمة إلى إصلاح أعمّ يشمل مجالات المجتمع الأخرى، لعلّ أبرزها المجالين السياسي والاجتماعي. وقاد هذه الدّعوة إصلاحيّون مسلمون أغلبهم عرب، كانوا مؤمنين بضرورة التغيير ومتأثّرين بالفكر الغربي الحديث. يضاف إلى هذا امتلاكهم للثقافة العربيّة الإسلاميّة بطبيعة الحال. وترأس هذه الحركة الإصلاحيّة كلّ من جمال الدّين الأفغاني (ت.1897) ومحمد عبده (ت.1905)، ثم التحق بهما رشيد رضا (ت.1935) وعبد الرحمان الكواكبي (ت.1902). وتمثّلت غايتها في الخروج من حالة التخلّف التي كانت عليها الأمّة العربيّة الإسلاميّة وإدراك مرحلة النهوض والارتقاء. فقد كانت حينها تمرّ بظروف عصيبة، انتقلت أثناءها من التبعيّة العثمانيّة إلى الاستعمار الأوروبي. فالدّعوة، إذن، إلى إصلاح ديني داخل العالم العربي الإسلامي دعوة مطروحة من قبل. بيد أنّ طرحها أضحى، على ما يبدو، أكثر إلحاحاً في هذه اللّحظة التاريخيّة الرّاهنة، ويعود هذا، وفق ما نرى، إلى أمرين رئيسيين:
- الأمر الأوّل: هو تزايد حضور الظاهرة المعروفة بالإسلام السياسي في البلدان العربيّة، إذ من الجليّ أنّ الأمور تجاوزت عندنا نحن العرب ما اصطُلح على تسميته، في فترة معيّنة، بعودة المقدّس، ووصلت إلى حدود خطير بعضها، قد لا يكون أبعدها انهيار المجتمعات والدّخول في صراعات دمويّة.
- الأمر الثاني: فهو ترافق هذا التفاقم مع تدهور عامّ في كلّ المجالات تعرفه على وجه التحديد، الدّول التي باتت تُعرف بدول ثورات الرّبيع العربي. وهو تدهور سياسي وأمني في أساسه، بحسب ما نرجّح، ثمّ سرعان ما صار شاملاً للمجالات الأخرى "الاجتماعي والاقتصادي والمالي.
وحصل بُعيد إزاحة الرّؤساء الحاكمين إزاحة مسّت من هيبة الدّولة وزعزعت أجهزتها، فساد الانفلات والفوضى وانعدم الانضباط، وظهرت كل الاحتجاجات والمطالب دفعة واحدة، وأصبح جليّاً أنّ الحكومات الجديدة تجد عسراً كبيراً في إدارة كلّ الشؤون، لا سيما الشأن المالي. كما صارت الشّعوب داخل الأقطار المعنيّة تواجه الصعوبات المتزايدة لتوفير مستلزماتها الأكثر إلحاحاً، واتّضح هكذا، أنّ الأمور تسير باتّجاه الأسوأ.
التنمية والتقدم:
ولعلّنا في غير حاجة إلى أن نستخلص أنّ هذا الترافق، ترافق تفاقم ظاهرة الإسلام السياسي مع تدهور الأوضاع جميعها ينذر بمخاطر كبيرة ووشيكة، فقد تستفحل الأمور وتعجز الدّول عن البقاء. وعندئذ لن تستحيل التنمية والتقدّم باعتبارهما المطمح الأبعد، بل إنّ ما سيكون متحقّقاً فعلاً لحظتها، هو مزيد من التأخّر. ولهذا السّبب رجّحنا، متفهّمين، أن تكون الدّعوة إلى إصلاح دينيّ أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى. إلاّ أنّنا لا نرى سبيل إلى تحقيق التّنمية والتقدّم إن ظللنا قابعين داخل دائرة المنظومة الدّينيّة، التي أشرنا إليها في العنوان بلفظة "دينيّ" وهذا لاعتقادنا بأنّها لا تتواءم مع منظومة أخرى اخترنا تسميتها بـ "المدني"، ونزعم أنّها هي الحاضنة لفكرة التّقدّم. وقد عبّرنا عن انتفاء التّلاقي بينهما بالثُّغُرات التي لا تسدّ. والثُغرة "ج ثُغَرٌ وثُغُرات: شقّ وخرق من جانب إلى آخر، فُتحة، فُرجة، ثَقب (...) "سَدَّ ثُغْرَة".." (المنجد في اللّغة العربيّة المعاصرة، ص 164). وهذه الفرضيّة : "فرضيّة انعدام التواؤم بين المنظومتين" هي التي سنحاول إثباتها في هذه المداخلة. ونودّ، هنا، تقديم التوضيح التالي المتعلّق بأحد منطلقاتنا في التعامل مع المعرفة والفكر: استعملنا مصطلح الفرضيّة لنبقى، رغم صرامة الالتزام الفكري، محافظين، عن يقين ودون مواربة، على روح المعرفة والعلم، حيث تشكّل النسبيّة أحد مكوّنات هذه الرّوح.
المقصود بالديني والمدني:
سننطلق في تحديد مقصودنا بكلمتي "الدّيني" و"المدنيّ" من تعاريف موجودة في بعض المعاجم:
1. يعرّف معجم في العلوم الإنسانيّة الدّين بإيراد عدّة نقاط سنأخذ منها ما يعنينا ممّا يتّصل بأغراضنا في هذا العمل. وهذا الذّي يعنينا هو أنّ هناك تصوّراً أوّل للدّين "يقول بوحدة الظاهرة الدّينيّة الأساسيّة. ففيما يتجاوز التاريخ وتنوّع التمظهرات العينيّة نجد ماهية واحدة للدّين. هذه هي على سبيل المثال أطروحة الإنسان الدّينيّ الذّي يدافع عنها التيار الظاهراتي (...) وتعبّر وحدة الظاهرة الدّينيّة عن نفسها من خلال الإيمان بوجود عالم غير مرئيّ، مفارق ومقدّس، مأهول بالأرواح أو بالآلهة وإليه يتقدّم الناس باستمرار بالنمط نفسه من العبادة، من الشّامنيّة إلى المسيحيّة، من العبادات الشيطانيّة إلى الكونفوشيوسيّة. إذ لا تعتبر كلّ العقائد أكثر من تمظهرات مختلفة لوضعيّة عقليّة واحدة تعبّر عن نفسها من خلال رسيمة تمثّل واحدة (...) يعتبر الدّين، وعلى الإجمال، نظام عقائد مع هرم آلهته، وقصّة الخلق وأساطير الأوّلين والأخلاق بما فيها من ممنوعات وفرائض، القيم والمحرّمات، الطقوس والاحتفالات، الصلوات ومواضيع العبادة والأشخاص الذين يختصّون بالتوّسط مع الأرواح".(معجم العلوم الإنسانيّة، 2009، ص.ص 412-413)
2. ويحدّد معجم فرنسيّ، المعاني المرتبطة بلفظة مدني التي تقابلها، بالفرنسيّة، لفظتا "civil" و"civique" اللّتان سنستفيد من كلتاهما بالإشارة إلى دلالات سنأخذ أبرزها:
Ø تدلّ مدنيّ "civil" إلى:
· على ما يتعلّق بمجموع المواطنين: الحياة والمجتمع المدني والحرب الأهليّة الحاصلة بين مواطنين ينتمون إلى نفس الدّولة.
· على ما يتعلّق بالعلاقات بين الأفراد: مثلما تعني ما هو غير عسكري (...) وما هو غير دينيّ.
· على مراعاة أصول التعامل الجيّد داخل المجتمع. وهي اللّطف، الودّ، المجاملة، الكياسة، التهذيب.
Ø أمّا المدني بمعنى "civique" فمضمونها ذو صلة بــ:
· بالمواطن وبالحقوق والواجبات المدنيّة
· بالمواطن الصالح وبالشجاعة والفضائل المدنيّة
· كذلك بالحسّ المدني والرّوح المدنيّة ( Le nouveau petit robert , 2009, pp 441-442).
وتأليفاً بين كلّ هذه المعاني وتطويعاً لها، خدمة لفرضيّتنا، نحدّد ما نقصده بكلّ من "الدّينيّ" و "المدنيّ".
نعني بالدّينيّ منظومة النّظر ذات الأساس السماوي المفارق وذات الصّلة بمستويات الظاهرة الوجوديّة جميعها.
ونعني بالمدني منظومة النّظر ذات الأساس الأرضي المحايث والمرتبطة، بدورها، بالمستويات عينها للظاهرة الوجوديّة.
توضيح... ونرغب، هنا، في تقديم هذا التوضيح: آثرنا استخدام مفردة "المدني" لأنّها بدت لنا الأنسب لحمل الدّلالة الواسعة التي رمنا تحميلها إيّاها. ولكونها تقابل، في الأصل المعجمي، كلمة الدّيني كما لاحظنا. فنحن، لم نفضّل، مثلاً لفظة "الدّنيويّ" لكونها ذات معنى عام خال، على ما يظهر، من أيّة رؤية أو موقف موضوعيين. وكذلك فعلنا مع مصطلح "العلمي". فنحن لم نفضّل استخدامه، على دقّة معناه، نظراً لانحصار دلالته في تلك الحصيلة التّي ينتجها المنهج الوضعي التجريبيّ. سنصّنف ما عبّرنا عنه بمستويات الظاهرة الوجوديّة إلى خمسة مستويات. وسندرس ضمن كلّ مستوى ثُغرة من الثُّغر الموجودة بين منظومة "الدّينيّ" ومنظومة "المدنيّ". وهكذا تصبح لنا ثُغرات خمس أعطيناها التسميات التّالية: الثُغرة الكونيّة والثّغرة الحياتيّة والثغرة الإنسانيّة والثغرة المنهجيّة والثغرة الفنيّة. وستُقدّم كلّ ثغرة، من الناحية المنهجيّة، من خلال ذكر مكوّنات رؤية "الدّينيّ" ثمّ بيان تضّادها مع رؤية "المدنيّ". ويشكّل عرضُ هذه الثُّغر صُلب المداخلة. وسيقع أثناء عرضها الاعتماد على النص الأول المؤسّس للمنظومة الدّينيّة التي تعنينا ويستدعيها الشاغل المحوريّ لهذه النّدوة. ونقصد، طبعاً، القرآن. وسيلي ذلك، حصيلة تأليفيّة استخلاصيّة تطرح البديل الممكن.
(1). الثّغرة الكونيّة:
تتشكّل الرّؤية الدّينيّة للكون، على الأرجح، من مكوّنات رئيسيّة أربعة:
أولاً: يتماهى المكوّن الأوّل منها مع الاعتقاد بوجود إلاه خالق لهذا الكون، يتّسم باللاّمرئيّة والتّعالي، وينبغي الإيمان به وإطاعته. إذ تقول آية من سورة يونس: "إنّ ربّكم الله الذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش يدّبر الأمر ما من شفيع إلاّ من بعد إذنه ذلكم الله ربّكم فاعبدوه أفلا تذّكرون". (سورة يونس، الآية 3)
ثانياً: ويتماهى المكوّن الثاني مع القول بالمصدر السّماوي للإنسان، فقد أنزله الإلاه على الأرض بعد أن كان في مكان آخر هو الجنّة، وذلك لمخالفته ما أمر به حين أغواه امتداده الأنثوي حوّاء بذلك. تقول الآيتان الخامسة والثلاثون والسّادسة والثلاثون من سورة البقرة: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلّهما الشيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ ولكم في الأرض مستقرّ ومتاع إلى حين" (سورة البقرة، الآيتان 35-36) فكان أن أضحى الإنسان على الأرض مكلّفاً و منذراً. يقول اللّه تعالى: "وما نرسل المرسلين إلاّ مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (سورة الأنعام، الآية 48)، فإن آمن وفعل خيراً فسوف يثاب وإن كفر و فعل شرّاً فسوف يعاقب. وإضافة إلى هذين الكائنين المرئيين المنزلين من السماء و بالارتباط بهما نجد كائنات أخرى غير مرئيّة هي الشيطان و الملائكة. و دور الأوّل هو ممارسة الغواية ضدّ الإنسان، فنحن نقرأ في سورة "الحجر": "قال ربّ بما أغويتني لأزيّننّ لهم في الأرض و لأغوينّهم أجمعين إلاّ عبادك منهم المخلصين".( سورة الحِجر، الآيتان 39-40) أمّا دور الثانية فتسجيل ما يصدر عن الإنسان من أعمال خيرها وشرّها. إذ نجد في سورة فاطر: "الحمد للّه فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاثا ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ الله على كلّ شيء قدير".( سورة فاطر، الآية 1)
ثالثاً: ويتجسّد المكوّن الثالث من مكوّنات الرّؤية الدّينيّة للكون في الإيمان بوجود يوم للحساب، وهو يوم يبعث فيه خالق الكون كلّ البشر الذين عاشوا على هذه الأرض ليحاسبهم على أعمالهم. يقول تعالى: "أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون * أمّا الذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى نزلاً بما كانوا يعملون * و أمّا الذين فسقوا فمأواهم النّار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الذّي كنتم به تكذّبون". (سورة السّجدة، الآيات18-19-20)
رابعاً: فيما يتجسّد المكوّن الرّابع والأخير في الاعتقاد بثنائيّة الحياة، إذ توجد الحياة الدّنيا التي يحياها البشر على وجه الأرض. وهي حياة فانية. وتوجد الحياة الآخرة، وهي حياة خالدة. فـ "الذين آمنوا و كانوا يتّقون لهم البشرى في الحياة الدّنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم" ( سورة يونس، الآية 64)
تتضارب الرؤى الدينية مع الرؤى العلمية:
تتضارب هذه الرّؤية الدّينيّة للكون مع الرّؤية العلميّة المقدّمة عنه تضارباً كليّاً، وسندرسها من زاويتين، نعبّر عن الأولى بزاوية الضبط المنهجي العلميّ، ونعبّر عن الثانية بزاوية المؤثّثات التي تشغلها.
1. زاوية الضبط المنهجي العلمي:
نعرف أنّ العلم لا يُدخل ضمن دائرة اهتمامه ما لا يخضع للتجربة الحسيّة، ومن هنا يتباين مع رواية الدّين لأنّ خالق الكون المتعالي لا يشكّل مجالاً من مجالات بحثه، والأمر نفسه حاصل مع الأمكنة السّماويّة غير المرئيّة و المآل الغيبيّ الأبديّ، وأيضاً، الكائنات غير المتعيّنة ماديّاً. فلا السّماوات بمعناها الدّينيّ ولا الجنّة والنّار ولا الشّيطان والملائكة بمواضيع قابلة لأن يدرسها العلم، هذا ما يخصّ زاوية الضبط المنهجيّ العلميّ.
2. مؤثثات الرؤية العلمية للكون:
أمّا ما يخصّ زاوية مؤثّثات الرّؤية العلميّة للكون فيمكننا إيراد مؤثثين محوريين:
- المؤثث الأوّل هو الفهم العلمي لأصل الكون: وجوهر هذا الفهم قول بأنّ وراء وجوده انفجاراً هائلاً حصل منذ مـا يقـارب أربعة عشر مليـاراً من السّنين (Big bang CNRS) وهو الذّي أدّى إلى كلّ هذه المجرّات والكواكب. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الفهم ظلّ لعقود عديدة خلت وبشهادة العلماء أنفسهم، مجرّد فرضيّة، بيد أنّ الاكتشافات المتلاحقة ذات الصّلة بالفضاء والكون عامّة أضحت تؤيّد باستمرار هذه الفرضيّة، وصارت في الفترة الأخيرة على قدر كبير من الوجاهة والموثوقيّة، وهو الأمر الذي تمّ جرّاء التطوّرات التقنيّة المذهلة التي حصلت في كلّ الأجهزة المخصصة لاستكشاف الكون، ولعلّ أحسن دليل على هذا الذي نقول ما جاء في مقال ورد في أحد أحدث أعداد مجلّة "علوم وحياة" "sciences et vie" من أنّ ما بقّي على الفلكيّين معرفته فيما يرتبط بأصل الكون يمثّل نسبة 5% فحسب. يقول هذا المقال: "ما نلاحظه أنّ الفلكييّن يتحدّثون اليوم بحذر عن 600 و700 مليون التي تفصلهم عن البيغ بانغ. إنّهم رجعوا بعد إلى حوالي 95% من تاريخ الكون لكن 5% المتبقيّة ستشكّل صعوبة بالنسبة إليهم" (Sciences et Vie, 2012,p103)
- أمّا المؤثّث الثاني فهو الأصل الأرضيّ، لا السّماويّ للإنسان: فالرّواية العلميّة للكون ترى أنّ وجود اّلإنسان على الأرض تمّ في فترة لاحقة من وجودها، إذ يقدّر عصر الأرض مثلما هو متداول بحوالي 4.5 أو 5 مليارات من السنين. بينما لم يظهر الإنسان على هيأة قريبة من هيأته الحاليّة إلاّ منذ آلاف السّنين. والأرجح أنّه سليل الثدييّات التي استطاعت العيش والتكاثر إثر انقراض الدّينصورات منذ 65 مليون سنة (Wikipédia). وتجدر الإشارة إلى أنّه يوجد علم بأكمله مهتمّ بتطوّر الإنسان من هذه النّاحية هو علم اّلإناسة الإحاثيّ « La paléoanthropologie » كما ترى الرّواية ذاتها أنّ الإنسان عرف مساراً طويلاً ومعقّداً ومراحل عدّة على هذا الكوكب قبل أن يصل إلى الحالة التي هو عليها الآن. شأنه في هذا شأن بقيّة الكائنات الحيّة، وهكذا تتضارب هذه الرّواية مع رواية "الدّينيّ" القائلة بالوجود المنزل والمكتمل للإنسان.
(2). الثّغرة الحياتيّة:
يتشكلّ المعنى الذي يمنحه "الدّيني" لحياة الإنسان ممّا يمكن ضبطه في أربعة أركان:
أوّلاً: يرى "الدّينيّ" أنّ حياة الإنسان على وجه الأرض ليست سوى حياة فانية ستعقبها حياة أخرى خالدة. فهي إذن، مجرّد معبر لما يأتي بعدها، ولهذا على الإنسان أن يعيش وهو على وعي دائم بهذه الحقيقة. ورد في سورة الأنعام: "وما الحياة الدنيا إلاّ لعب ولهو وللدّار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون" .( سورة الأنعام، الآية 32)
ثانياً: يرى "الدّيني" أنّ على الإنسان أن يحيى وهو مؤمن بالله وبتدخّله في شؤون الأرض، فهو "يدبّر الأمر من السّماء إلى الأرض ثمّ يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة ممّا تعدّون" ( سورة السجدة، الآية 5) ويعتبر أنّ من لا يكون كذلك فهو كافر تجب معاقبته في الدّنيا والآخرة. فقد يقتل في الدّنيا ثمّ يحرق في الآخرة. جاء في القرآن ما يلي : "(...) ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم" (سورة النحل، الآية 106)
ثالثاً: تفرض الرّؤية الدّينيّة لحياة الإنسان أن يكون مشدوداً بصفة دائمة إلى ما هو منزّل ومقدّس. ذلك أنّه على المؤمن أن يلتزم بتعاليم دينه كاملة، سواء ما تعلّق منها بالمعتقدات أو بالشعائر والمعاملات. يقول الله تعالى: "واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذّي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتّقوا الله إنّ الله عليم بذات الصّدور" ( سورة المائدة، الآية 7) وهكذا تكون حياته على نمط حياة الإنسان المتديّن. فلا سبيل إلى الاجتهاد الشخصي أو التحرّر الذّاتي، إنّما الممكن هو الامتثاليّة والجماعيّة.
رابعاً: يتلوّن التعامل مع الآخر، المختلف أو غير المختلف داخل نفس الرّؤية الدّينيّة بلون الدّين. فتعاش الحياة حينها، من جهة كونها حيّزاً مشتركاً، عيشاً توقفه عديد الحدود، وهذا لأنّها ليست حياة بين أفراد من البشر بل حياة بين مؤمنين وكافرين. فـ "هو الذّي خلق منكم كافرٌ ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير" ( سورة التغابن، الآية 2) ولا تتّفق كلّ هذه الرّؤى الدّينيّة الجزئيّة لحياة الإنسان مع الرّؤى الجزئيّة المدنيّة للموضوع نفسه. وسنصّنف هذه أيضاً، إلى أربع تكاد تقابل كلّ واحدة منها رؤية بعينها من رؤى "الدّينيّ".
(أ). نزعم أنّ "المدنيّ" لا يعترف إلاّ بحياة واحدة، هي الحياة التي يعيشها الإنسان على هذا الكوكب. وندعم كلامنا هذا، بإشارة موجودة بإحدى الموسوعات الفلسفيّة. مفادها الضّمني أنّ "المجتمع المدني"، واقعاً ومصطلحاً جاء بعد ذلك المهاد الفلسفي العلمي الذي عرفته أوروبا. حيث تمّت الدّعوة إلى القطع مع السّماء وتركيز كلّ الجهود على الأرض. وتحدّد هذه الموسوعة تاريخاً دقيقاً هو 1821 قام فيه (هيغل) ببلورة مصطلح "المجتمع المدنيّ" بلورة منهجيّة، وذلك في كتابه "مبادئ فلسفة الحق". (Encyclopédie philosophique Universelle, P. 325)
(ب). لا يفرض "المدنيّ" على الإنسان أن يكون مؤمناً، فهو يترك له حرّية العيش معتنقاً ما شاء من المعتقدات.
(ت). حوّل "المدنيّ" طبيعة التزام الإنسان داخل المجتمع الذّي يعيش فيه. فما عاد مطالباً بأن يظلّ مشدوداً، بصفة دائمة، إلى نصّ منزّل ومقدّس، طامعاً في الجنّة أو خائفاً من جهنّم. وإنّما بات له الحقّ أن يعيش حياته بحرّية، ولكن في كنف المسؤوليّة.
(ث). لا يضع "المدنيّ" داخل المجال التعايشيّ بين الأفراد قصد العمل المشترك حدوداً من نوع دينيّ. فالمصلحة المتبادلة ونفع الذات والغير ومساعدة الآخر تطوّعاً هي أسس التّعامل بين النّاس. وبناء على هذا نشأ منذ أكثر من قرنين تقريباً ما بات يعرف بالمجتمع المدنيّ. وبإمكاننا أن نسند هذا الذي ذهبنا إليه بفكرة سيقت في كتاب بعنوان "الفرديّة والمجتمع المدنيّ". وفحواها أنّ "البلد الأكثر ديمقراطيّة على وجه الأرض هو الذّي يستخدم فيه الرّجال في عصرنا، وفي غاية الإتقان، فن العمل بشكل مشترك لتحقيق أهدافهم المشتركة". (الفرديّة والمجتمع المدنيّ ، 2008، ص 50)
(3). الثّغرة الإنسانيّة :
أقمنا الفهم الدّينيّ للذّات الإنسانيّة على أساسين محوريين:
أولاً: يتطابق أوّلهما مع اعتبار الإنسان عبدا لله، يقول تعالى: "وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الدّاعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلّهم يرشُدون". (سورة البقرة، الآية 186) ويبدو أنّه لزام على الإنسان أن يستبطن هذه الوضعيّة فيذكر الإلاه الخالق ويشكره ولا يكفر به مع الاستعانة بالصبر والصّلاة. جاء في سورة البقرة: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرونِ * يا أيّها الذّين آمنوا استعينوا بالصّبر والصّلاة إنّ الله مع الصّابرين". (سورة البقرة، الآيتان 152،153)
ثانياً: ويتطابق المحور الثاني مع انتفاء أن يكون الإنسان سيّد قدره، وذلك لكون الأقدار بيد الخالق لا المخلوق، والأرزاق ذاتها قد تخرج عن دائرة مسؤولية العبد. فـ "ما أصاب من مصيبة إلاّ بإذن الله (...)". (سورة التغابن، الآية 11) و "قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرّازقين". (سورة سبأ، الآية 39) ومن المنطقي أن تكون مثل هذه القراءة لمنزلة الإنسان في الكون متناقضة مع قراءة ثانية تجعل منه كائناً حرّاً ماسكاً بزمام مصيره. ويسعى، بإصرار، قصد تحسين شروط وجوده على الأرض. ولا أدلّ على ذلك من أنّه تمكّن فعلاً من تطوير ذاته والنّهوض بوضعه فخرج من حالة البدائيّة المتوحّشة التي كان عليها وصار على ما هو عليه الآن. فهو إذن، لم يكسب الأرزاق فقط، بل صنع الآلات والأجهزة وأنتج المعارف والعلوم وأبدع الفنون وحقّق الانتصارات في كلّ الميادين.
(4). الثّغرة المنهجيّة:
تتعامل المنظومة الدّينيّة، حسب رأينا، مع الظواهر الإنسانيّة والاجتماعيّة، إجمالاً، تعاملاً تقويميّاً. فهي تنظر إليها من زاوية وجود مدوّنة تشريعيّة سابقة. تحاول أن تبحث في مدى مواءمتها لها. ثم تحكم عليها فيما بعد حكماً تقويمياً. وهي تتوسّل غالباً بجملة من الأزواج مثل "الحلال والحرام" و"المؤمن والكافر" و"أصحاب الجنّة وأصحاب النّار" و"الحسنات والسيّئات" و"الثواب والعقاب". ومهما كانت درجة جدّة هذه الظواهر فإنّها تجذب دائماً إلى ما هو سابق حتّى يتمّ الحكم عليها. وهي الغاية التي تبدو أنّها الأهمّ بالنسبة إلى هذه الرّؤية. فالظواهر ليست مواضيع للبحث والتحليل قصد التطوير ونفع النّاس، بل هي مواضيع للتقويم الدّيني فحسب. وهو ما يتباين، طبعاً مع الرّؤية المقابلة حيث تعمل المناهج العلميّة على دراسة كلّ الظّواهر الواقعة داخل دائرة نظرها. وتتسلّح هذه المناهج، مثلما هو معروف بآليّات عديدة منها: الاختبار والتجربة والتصنيف والتحليل والمقارنة والتفسير والاستقراء والاستنتاج ... وهذه جميعها، آليات تنتج المعرفة والعلم الضروريين للتنمية والتقدّم باعتبارهما الغاية المرجوّة.
(5). الثّغرة الفنيّة:
يُبنى الموقف العام للمنظومة الدّينيّة من الفن، حسب اعتقادنا، من مواقف فرعيّة ثلاثة:
أ. الموقف الأول:
حرّم الدّين الإسلاميّ عند مجيئه أيّ فن مجسّم. ويفسّر هذا بالخشية من عودة الوثنيّة إلى المجتمع الإسلامي الناشئ. إذ نقرأ في سورة يونس "ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فإن فعلت فإنّك إذا من الظالمين". ( سورة يونس، الآية 106)
ب. الموقف الثاني:
هو أنّ المنظومة الدّينيّة تحرّم، غالباً وعلى نحو غير مباشر ولكن واضح، الفنون التي تحتاج مشاركة المرأة. وذلك لأنّ قيوداً جسديّة ومظهريّة عدّة مفروضة عليها. على رأسها ضرورة تغطية أكثر ما يمكن من جسدها. نجد في سورة النور قوله تعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخُمُرهنّ على جيوبهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ ...". (سورة النور، الآية 31)
ج. الموقف الثالث:
هو ما قد يعتبر احتراس المنظومة عينها من الفن، فخصائصه لا يرضى عنها "الدّينيّ"، لعلّ من أبرزها حرّية التعبير التي عادة ما تصل إلى حدّ طرح الأسئلة المرتبطة بما هو ثابت داخل التعاليم الدّينيّة. يقول (ماكس فيبر) Maxweber (1864-1920) حول علاقة الدّين بالفنّ: "وجه المسألة - ويقصد وجود تجانس في اّلأصل بين الدّين والفنّ - تبدّل يوم برزت فكرة الفن للفن، بعدما أدركت التّعقّلية العقلانية للحضارة خصوصيّة الفن كنشاط إنسانيّ. منذ ذلك الحين بات الفنّ مشبوهاً في نظر الأديان، خصوصاً مع ظهور الطوائف المتشدّدة التّي اعتبرت أنّ التظاهرات الجماليّة الخارجيّة الصرف تابعة لميدان عبادة الأوثان". (فروند.ج، د.ت، ص 90) ونودّ لفت الانتباه، أيضاً، إلى أنّ قلّة عدد الفنون التّي تطوّرت داخل الحضارة العربيّة الإسلاميّة قد تدعم طرحنا. ويتعلّق الأمر بفن الخط وفن المعمار ونوع فحسب من الرّسوم،وهذه الرّسوم هي "الشّارات النباتيّة والمركّبات المعماريّة والنّسوج التشكيليّة تقرّ هندسة وتجسيم الحيوانات، وأخيراً الوصول إلى تصوير الوجه والجسم الإنساني في جداريات القصور وفي فن "تزيين الكتب" كالمقامات ..." (بلحسن، 2000، ص ص 567-568) ويغاير كلّ هذا الذي كنّا بصدد ذكره، موقف المنظومة المدنيّة من الفنّ مغايرة مطلقة، إذ نخال أنّ "المدنيّ" لا يرفض الفن بل يقبل به ويدعمه. فالفن جزء لا يتجزّأ من حياة الإنسان، والدّليل على هذا أنّه ظهر منذ أقدم العصور مثلما هو معلوم، ثمّ إن تطوّر مسيرته واكب تطوّر مسيرة الإنسان، فكلّما تقدّم هذا تقدّم معه ذاك. وبناء عليه يعسر تصوّر أن يعيش الإنسان، راهناً، دون الفنون أو دون بعضها. كما يعدّ الفنّ أداة الإنسان للتعبير عن ذاته بكلّ ما يعتمل فيها من مشاعر وأسئلة ورغبات وأحزان. وهو لهذا السبب، ضرورة حيويّة بالنسبة إليه. وأخيراً يجوز عدّ الفن الجانب الجمالي والأدبيّ المعنويّ لتقدّم الإنسان الحضاري في عمومه.
خلاصة....
وبوسعنا، الآن، أن نتساءل، ماذا يمكن أن نستخلص من كلّ هذا الذّي قدّمنا؟ تمثّل كلّ من منظومتي "الدينيّ" و"المدنيّ" وعيين بالوجود متباينين:
· وعي قوامه الاعتقاد بالمفارق والمنزّل والمقدّس والماضوي والعبودي والأخروي
· وعي آخر قوامه المحايث والأرضي والتطوري والعلمي والمجتمعي
وعساه من الجائز لنا أن نضيف، فيما يتعلّق بالوعي الأوّل أنّ الأمر يزداد سوءاً عند نقل المسألة من مستوى النصّ إلى مستوى الممارسة. إذ أمسى الدّيني الممارس على درجة كبيرة من الخطورة بعد أن اقترن بأشكال عدّة من العنف. ولذلك نرى أنّ هذا الوعي لا يتناسب مع الأهداف التي تنشدها، وليس من المنطق والحكمة في شيء أن يستخدم المرء الوسائل التّي، لا تقوده بطبيعتها، إلى الأهداف المرجوّة. وبالمقابل نعتقد أنّ الوعي الثاني يتّسق مع ما نروم الوصول إليه من تنمية وتقدّم. ولا أدلّ على هذا الاتّساق من تلاقي مضامين كلّ منهما مع المضامين المشكّلة لهذا الوعي. لنقرأ معنى التنمية ثمّ معنى التقدّم.
معنى التنمية:
تعني كلمة "التنمية" عموماً التوسّع أو النمو أو التحسّن في المِلك أو الأوضاع، وهي سياسة تلجأ إليها الدّولة للتخلص من التبعيّة الاقتصادية، والنهوض في جميع القطاعات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة للدّولة، وذلك بتحسين نوعيّة الإنتاج وارتفاع مستوى الدّخل، والتنمية تتطلّب توجيه مجمل الموارد الماديّة والبشريّة نحو زيادة مجمل الإنتاج القومي. والتنمية تعني بالدّرجة الأولى التنمية الاقتصادية التي تؤدّي بالضرورة إلى التنمية الاجتماعيّة الشاملة". (غريغوار وباتشيكو، 2012، ص 207).
معنى التقدم:
أمّا التقدّم فيعني "الحركة التي تسير نحو الأهداف المنشودة والمقبولة، أو الأهداف الموضوعيّة التي تنشد خيراً، وتنتهي إلى نفع، وينطوي التقدّم على مراحل، تكون كلّ مرحلة من مراحله أكثر ازدهاراً وأرقى من المرحلة السّابقة، كما تسيّر الكلمة إلى انتقال المجتمع البشري إلى مستوى أعلى من حيث الثّقافة والقدرة الإنتاجيّة، والسيطرة على الطبيعة". (غريغوار وباتشيكو، 2012، ص 207).
ومن هنا نرى أنّ الأجدى هو التخلّي عن منظومة الدّينيّ ليقع تبنّي منظومة المدنيّ، فقد أدّت تلك دورها التّقدّمي في فترة من تاريخ الإنسان، وحين كانت المرحلة تقتضيها فعلاً، فقد ارتقى من التعقل الأسطوري للكون إلى التعقّل الدّيني له. وما ينبغي أن يكون، الآن، هو استجابة جديدة بوعي جديد لتحديّات المرحلة المعاصرة. يقول (ايميل دوركهايم) Emile Durkheim (1858-1917): "إنّ الأشياء الكبرى من الماضي تلك التي كان يتحمّس لها آباؤنا لم تعد تبعث فينا الحماسة نفسها، سواء لأنّها قد دخلت في الاستعمال اليومي إلى درجة أنّنا أصبحنا لا نعيها كما ينبغي، أو لأنّها لا تستجيب لطموحاتنا الحاليّة.
إنّ الفكرة التي تتبّناها المسيحيّة حول العدالة والأخوّة الإنسانيّة تبدو لنا اليوم كأنّها تترك مكاناً شاسعاً متّسعاً للاّمساواة غير العادلة، وإن رحمة المسيحيّة تجاه المحرومين نعتبرها، مثلاً، أفلاطونيّة، فنحن اليوم نريد رحمة أكثر نجاعة وفعاليّة. وبكلمة إنّ الآلهة القديمة تشيخ وتهرم أو تموت، ولكن هناك آلهة أخرى لم تولد بعد، وسوف يأتي يوم تعرف فيه مجتمعاتنا من جديد ساعات من الغليان الخلاّق، حيث تبرز فيه مثاليّة جديدة وصيغ جديدة. وسوف تقود هذه المثاليّة المجتمعات الإنسانيّة من جديد". (دوركهايم.إ، (د.ت)، ص ص 610-611).
وزبدة الطرح أنّ ما نحتاج إليه، حاضراً، هو، وفق ما نرى، ليس إصلاحاً داخل المنظومة الدّينيّة. وإنّما تغيير جذريّ لكيفيّة تعاملنا معها. أمّا إن كان لابدّ من الدّين، لهشاشة نفسيّة الإنسان ولاتسامه بما يسمّى القلق الميتافيزيقيّ فليكن محافظة على نواته فقط، ونقصد حالة الإيمان بالله. ولتتحيّز هذه الحالة في القلب بصفتها حالة شخصيّة حميميّة لا تُفرض فرضاً. ولتظلّ بعيدة عن رنق السياسي وكدر اليوميّ حرصاً على قداستها وجمالها. وعسانا نلفي أنفسنا حينها مطبّقين، كما فهمنا على الأقلّ، شعار "مؤمنون بلا حدود"
للاطلاع على البحث كاملاً اضغط هنا
* قائمة المصادر والمراجع
1. بواز، ديفيد. (2008، أيار- مايو). الفرديّة والمجتمع المدنيّ مفاهيم اللّيبرتاريّة وروّادها، (ط.1). (عبد الحق، صلاح، مترجم). (حدّادين، فادي، مراجعة وتدقيق). سلسلة مصباح الحريّة. الأردن: رياض الرّيّس للكتب والنشر.
2. الخشن،حسين. (2006). الإسلام والعنف: قراءة في ظاهرة التّكفير. (ط.1). الدار البيضاء-المغرب، بيروت-لبنان: المركز الثقافي العربيّ.
3. دورتيه، جان فرنسوا. (1430 هـ-2009 م). معجم العلوم الإنسانيّة. (كتورة، جورج، مترجم). )ط.1). أبو ظبي، الإمارات العربيّة المتّحدة: كلمة، هيأة أبو ظبيّ للثقافة والتّراث، وبيروت: مجد، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع.
4. فروند،جوليان. (د.ت). سوسيولوجيا ماكس فيبر. (صالح، جورج أبلي، مترجم). بيروت، لبنان: مركز الإنماء القومي.
5. القرآن.
6. مرشو، غريغوار منصور، وباتشيكو،خوان أنطونيو. (2012). العقلانيّة في الفكر العربي المعاصر. (ط.1). سلسلة حوار مع الغرب. دمشق: دار الفكر.
7. مركز دراسات الوحدة العربيّة والجمعيّة العربيّة لعلم الاجتماع. (2000، نيسان/أبريل). الدّين في المجتمع العربي. (ط.2). بيروت.
8. المنجد في اللّغة العربيّة المعاصرة.(د.ت). (ط.1). بيروت، لبنان: دار المشرق.
9. Encyclopédie philosophique Universelle, Les notions philosophiques .Dictionnaire1 Presses Universitaires de France.
10. Le nouveau petit robert 2009, dictionnaire alphabétique et analogique de la langue française .(2009). Nouvelle édition millésime.
11. Remonter le temps et s’approcher du bigbang . (2012). In Sciences et vie, Numéro hors série.
المواقع على الشبكة العنكبوتيّة:
1. Big Bang CNRS-Saga Science www.cnrs.fr/cw/dossiers/dosbig
2. Le Big Bang et l’expansion de l’univers . at. Univers. Free. Fr/univers/bigbang.html.
Wikipédia.org/wiki/origine évolutive de l’homme.