الرابط الاجتماعي ونشأة المجتمع من الفلسفة اليونانية إلى فلاسفة العقد الاجتماعي
فئة : أبحاث محكمة
الرابط الاجتماعي ونشأة المجتمع
من الفلسفة اليونانية إلى فلاسفة العقد الاجتماعي
الملخص:
يستهدف هذا المقال عرض التناول الفلسفي لإشكالية الرابط الاجتماعي، ليس بهدف نقده وتجاوزه أو بهدف استلهامه، بل بغاية تحليله ومُناقشته وتتبعِ منطقه داخل المتن الفلسفي. فقبل السوسيولوجيا التي وُلدت من رحِم مُشكلة الرابط والتضامن الاجتماعيين مع نشأة المجتمع الصناعي وتعمق اللامساواة الاجتماعية، ساهمت الفلسفة الاجتماعية والسياسية في معالجة التساؤلات المرتبطة بالاجتماع البشري وأسُسه، سواء في إطار تأملها في علاقة «الفرد» بالكل الاجتماعي والمدينة والدولة، أو في إطار تفكيرها في علاقات السلطة وسيرورة الانتقال من «المجتمع الطبيعي» إلى «المجتمع السياسي»، إلى درجة النظر إلى بعض الفلاسفة أحيانًا (كأفلاطون «Platon» وروسو «Rousseau») كعلماء اجتماع حقيقيين.
تمهيد
إن السؤال عن المجتمع ونشأته، سؤال لا يخصُ علماء الاجتماع فقط؛ إذ تمّت مُقاربة هذا السؤال فلسفيا قبل ولادة السوسيولوجيا؛ فالفلسفة ساهمت بشكل لا يخلو من أهمية في تبلور الفكر السياسي الحديث، وفي تناول التساؤلات المرتبطة بالرابط الاجتماعي وغاياته وأسُسه، وبفكرة البناء الاجتماعي للإنسان، سواء ككائن «مفطور» على الاجتماع، أو ككائن مُجبر على «العيش المشترك» (Vivre Ensemble) مع الأفراد الآخرين.
يُقصد بالرابط الاجتماعي (le lien social) بشكل عام، مجمُوع ما يوحّد الأفراد في اختلافهم كما في تشابههم. إنه ما يحمل الأفراد على الاجتماع؛ لأنه الأساس الذي يرتكز عليه التنظيم الاجتماعي، والمجتمع المُتغير على الدوام، إلى درجة يمكن القول إن تغير الرابط الاجتماعي مُنذر بتغيّر المجتمع؛ أي إن التفكير في المجتمع يقتضي بالضرورة التفكير في حوامل الرابط الاجتماعي ومُحدداته التي تتحول وتتغيّر باستمرار.
لذلك يمكننا الإقرار بأن التفكير في الرابط الاجتماعي هو تفكير في مختلف أبعاد الوجود الاجتماعي؛ وذلك لأن الرابط الاجتماعي بين أفراد مُجتمع ما يتفاعل ويتأثر بكل التغيرات التي يعرفها المجتمع، سواء كانت تغيرات بنيّوية كبرى أو تحولات اجتماعية صغرى؛ إذ يمكن للأعراف والقوانين والتعاقدات والقيم وكذا طبيعة النظم السياسية، وأحوال المعاش الاقتصادية، أو الانتقال المجالي للأفراد ودينامية استقرارهم، أن تلعب كلها دورًا أساسيًا في هذا التحول، فتؤثر بذلك على طبيعة الحياة والتفاعلات اليومية للأفراد، بل وعلى طبيعة الاجتماع الإنساني، وبالتالي على التحديد الأنثروبولوجي «للإنسان»، وعلى معنى «الاجتماعي» (le social) من الزاوية السوسيولوجية.
يستهدف هذا المقال، التوقف عند بعض التصورات الفلسفية التي عالجت مشكلة الرابط الاجتماعي، ليس بهدف نقدها، أو بهدف استلهامها كليًا، بل بغاية تتبعها داخل المتن الفلسفي؛ فقبل السوسيولوجيا التي ستفكر فيها عبر مدخل التضامن مع نشأة المجتمع الصناعي وتعمق اللامساواة الاجتماعية، سيكون من المفيد نظريًا ومنهجيًا وابستيمولوجيا، العودة إلى التصورات الفلسفية التي تناولت الروابط الاجتماعية، سواء في إطار التفكير في مسألة المدينة و"تماسك الكل الاجتماعي"، أو في إطار معالجتها لسيرورة الانتقال من الطبيعة إلى المجتمع، مع محاولة إثرائها بالتحليل والمناقشة.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا