الشكل المثالي لعلاقة المثقف بالسلطة
فئة : مقالات
الشكل المثالي لعلاقة المثقف بالسلطة[1]
مقدمة:
لا شك أنَّ للمثقف دوره الفعال في تنمية وعي المجتمعات وبناء حضاراتها؛ إذ إنَّ لكل حضارة جانبين تقوم عليهما؛ أحدهما مادي تقني والآخر معنوي ثقافي. ويصبح المثقف ضمير الأمة، عندما يكون في علاقة صحيّة وشفافة مع السلطة، وهذه العلاقة الصحيّة لا يمكن أن تكون علاقة تضاد أو احتواء أو حياد كما ذهبت معظم الدراسات الحديثة والراهنة، والتي حصرت علاقة المثقف والسلطة في هذه الأنماط الثلاثة] تضاد- احتواء- حياد[. فهؤلاء الباحثون- من وجهة نظرنا- قد غفلوا عن تلك العلاقة الصحيّة التي تقوم على التفاعل والتكامل بين المثقف والسلطة، إذ إنَّ الشعوب قد سئمت هذه الأنماط الثلاثة معًا والمتمثلة في: المثقف المضاد للسلطة الذي يمتهن الصدام والعداء، ولا يهمه إلا إسقاط السلطة حتى لو كانت النتيجة إسقاط الوطن. كما أدارت الشعوب ظهرها ناحية ذلك المثقف الموالي للسلطة، العائش في كنفها، صاحب التبريرات التي تعطي المشروعية للنظام القائم، وما تقوم به سلطته الحاكمة من اعتداءات وجور وظلم في حق الشعوب، ليصبح المثقف نفسه مساهمًا في الاستلاب والاستغلال والاضطهاد. كما رأت الأمم أنَّ المثقف الحيادي الذي يلتزم الصمت ولا يحرك ساكنًا ويعيش في برج عاجي محلقًا في سماء التجريد والخيال، بعيدًا عما يعانيه الناس من فقر وقهر وظلم وصراع طبقي واجتماعي وإحباط واضطهاد وقمع.... هو مثقف لا طعم له ولا لون ولا رائحة، يتساوى وجوده مع عدمه. ومن ثمَّ كانت مهمة هذا المقال، في المقام الأول، هي البحث عن العلاقة الصحيّة أو عن ذلك الشكل المثالي لعلاقة المثقف بالسلطة، حيث يتهافت معها القول المشهور: إنَّ المثقفين أول من يبيعون قضيتهم؛ فمنهم من يبيع خوفًا من (سيف المعز) ويؤثر السلامة وراحة البال، ومنهم من يبيع طمعًا في (ذهب المعز) الذي من الممكن أن يتمثل في منصب رفيع أو هدايا أو جوائز عينية ومادية.
ومنذ البداية، تتحدد إشكالية هذه المقال عبر مجموعة من الأسئلة التي تتدرج بنا تصاعديًا، حتى تصل إلى ما تهدف إليه وتتغياه؛ وذلك من قبيل: من هو المثقف؟ وما المقصود بالسلطة؟ وما هي أشكال العلاقة التي يمكن أن تربط المثقف بالسلطة؟ وما هو الشكل الأمثل بين هذه العلاقات المتعددة؟ وما هو نظام الحكم المناسب الذي يضمن علاقة رشيدة بين المثقف والسلطة؟ حتى يتسنى لنا الحديث بوضوح متجنبين؛ أي لبس أو غموض من الممكن أن يؤدي إلى الخطأ أو سوء الفهم.
أولًا- من هو المثقف؟
المثقف والثقافة لغةً مشتقان من مادة (ثقف) التي تدل على عدّة معان، منها: الحذق، والضبط، والفطنة، وسرعة الفهم، والذكاء، وسرعة التعلّم، وتقويم المعوج من الأشياء وتسويته، والظفر بالشيء، ويقال ثَقَّفَ الإنسان؛ أي أدَّبه وهذَّبه وعَلّمه([2]). فإذا كانت الثقافة هي كل ما فيه استنارة للذهن وتهذيب للذوق وتنمية لملكة النقد والحكم لدى الفرد أو في المجتمع، وتشتمل على المعارف والمعتقدات، والفن والأخلاق وجميع القدرات التي يسهم بها الفرد في مجتمعه، ولها طرائق ونماذج عملية وفكرية وروحية، ولكل جيل ثقافته التي استمدها من الماضي وأضاف إليها ما أضاف في الحاضر، وهي عنوان المجتمعات البشرية([3]). فإن للمثقف بناء على مفهوم الثقافة تعريفات متعددة، منها:
1- المثقف هو ناقدٌ اجتماعيٌّ، "همُّه أن يحدِّد، ويحلِّل، ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظامٍ أكثر إنسانيّة، وأكثر عقلانيّة"، كما أنّه الممثِّل لقوَّةٍ محرِّكةٍ اجتماعيًّا، "يمتلك من خلالها القدرةَ على تطوير المجتمع، من خلال تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه الضرورية"([4]).
2- وهو ذلك الفرد الذي "يملك قدرًا من الثقافة التي تؤهله لقدرٍ من النظرة الشمولية، وقدرٍ من الالتزام الفكري والسياسي تجاه مجتمعه، وهو مبدع كل يوم، يستطيع بهذا الإبداع الثقافي أن يفصل بين تهذيبات القول وتجلّيات الفكر، بين الثقافة وعدم الثقافة، بين التحضر والتطور"([5]).
3- والمثقف هو ذلك الشخص الذي يمارس العمل الذهني والتفكير وينتج الآداب والعلوم والفنون ويخترع التكنولوجيا، وهو أيضًا ذلك الشخص الذي ينتج كل الدوال اللفظية والبصرية من شعراء وناثرين وكتاب وموسيقيين وفلاسفة وتشكيليين وسينمائيين ومسرحيين... وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على مدى تعدد فروع الثقافة وكثرة أقطابها ومسالكها وتعدد مزاوليها من البشر([6]).
4- وقد عرَّف جان بول سارتر المثقف بأنَّه "العالم الذي يخرج باهتمامه وعمله من حدود عمله المتخصص، إلى آفاق المصالح الإنسانية المشتركة"([7])، وهو دائمًا – كما عند الفيلسوف الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي- على يسار السلطة.
5- ويعرّف جوليان بندا المثقفين بأنهم عصبة ضئيلة من العلماء والفلاسفة من ذوي المواهب الفائقة والأخلاق الرفيعة الذين يشكلون ضمير البشرية([8]). وتتعدد تعريفات المثقف في اللغات الأوروبيّة الحديثة، حيث يرى "ماكس فير" أنَّ المثقف هو الشخص الذي تمكنه صفاته الخاصة من النفاذ إلى منجزات لها قيمة ثقافية كبرى. ويرى "بارسونز" أنَّ المثقف هو الشخص المتخصص في أمور الثقافة، ويضع اعتباراتها فوق الاعتبارات اليومية المعتادة، بينما يرى "لويس فويي" أنَّ المثقف هو المتعلم والمهني من الطبقة الوسطى الذي يختلف عمن يعمل بالصناعة والتجارة من الطبقة العليا والطبقة الدنيا، بينما يرى "إدوارد شيلز" أنَّ المثقف هو الشخص المتعلم الذي لديه طموح سياسي إمّا مباشرة بالسعي لكي يكون حاكمًا لمجتمعه، أو طموحات غير مباشرة للسعي إلى صياغة ضمير مجتمعه والتأثير على السلطة السياسية في صياغة القرارات الكبرى([9]).
6- والمثقف عند إدوارد سعيد هو ذلك الذي يملك ملكة المعارضة، ملكة رفض الركود، وهو الذي لا يرضى بحالة حتى يغيرها، فإذا غيّرها بدأ يحلم بمواصلة التغيير، وهو يكون راضيًا فقط لحظة الإبداع وفيما عداها يكون غير راض، هو رافض، هو قلق، هو متعطش للتغيير ويحس إحساسًا داخليًا بأنه هو وحده المسؤول عن الإصلاح والتغيير وإلغاء الغبن ورفع الظلم، فهو صاحب رسالة إن لم يمارسها، فإن وجوده يصبح زائدًا أو فائضًا أو غير ضروري([10]).
7- وإذا كان غرامشي يرى أنَّ كل من يعمل في أيّ مجال يتصل بإنتاج المعرفة أو نشرها مثقفًا، فإننا يمكن أن نميز مع أنور عبد الملك بين المثقَفين(بفتح القاف) والمثقِفين (بكسر القاف). فالفئة الأولى من المثقَفين هم المتعلمون العاديون الذي يشتغلون بكل ما هو ذهني ابتداء من المربي والقارئ العادي إلى المرؤوس والمنفذ؛ أي كل من يعرف القراءة والكتابة؛ ولكن غير قادر على قيادة المجتمع وتنويره ثقافيًا بسبب عجز هذا المثقف عن الإبداع والإنتاج الفكري. أما الفئة الثانية، فالمقصود بها "الذين يشتغلون في أعمال تسعى لنشر الثقافة بين الجماهير الواسعة من الناس.. أو إلى تكوين فئة المثقفين العاديين"([11]).
ومما تقدم، يتبين لنا تعدد التعريفات العامة للمثقف نظرًا لأنه ليس من اليسير تعريف هوية المثقف وتحديده بشكل واضح ودقيق، وصعوبة مفهومه من لغة إلى أخرى، فضلا عن تعدد وجهات النظر التي يعالج مفهوم المثقف في ضوئها، إلا أننا نرى أن المثقف صاحب رسالة مقدسة ومسؤولية عظمى، وهو ذلك الشخص الذي يمتلك قدرًا مميزًا من العلوم والمعارف والثقافات التي تؤهله لقدر من النظرة الشمولية، ويكون قادرًا على ممارسة العمل الذهني والتفكير المتجدد والمتطور باستمرار، وعلى إنتاج الآداب والعلوم والفنون والتكنولوجيا، وفي الوقت نفسه يكون قادرًا على حمل هموم جميع الطبقات وقضايا أمته وشعبه، وعلى مجابهة الظلم والمعاناة التي يتعرض لها المواطنون، وعلى تعرية الفكر الاستبدادي والوقوف بوجهه، وعلى تنوير المجتمع وتهذيبه وتعليمه وتوجيهه التوجيه الأمثل، ويستمر في العطاء وإلهام الأجيال المتعاقبة جيل من بعد جيل. وبناءً على هذا التعريف، يمكننا التمييز بين أشكال وصور متعددة للمثقفين، وخاصة في علاقتها بالسلطة، وهو ما سنعرض لها بعد تحديد ما المقصود بالسلطة.
ثانيًا-ما المقصود بالسلطة؟
السلطة ظاهرة عامة من ظواهر الوجود الاجتماعي، وهي تلازم الوجود الإنساني، فحيث توجد سلطة توجد حياة مستقرة تُضبط فيها الأمور، وتتحدد فيها الحقوق والواجبات، ويلتزم بها الجميع. ووجود السلطة أمر مهم في أيّ مجتمع إنساني؛ إذ إنّه ينظم كافة أوجه الحياة، ويشمل الجميع ولا يتحرر منه أحد من خلال مجموعة من القوانين والمبادئ المنظمة والحاكمة. ويُقصد بالسلطة في معناها العام "القوة التي يمكن أن يمارسها شخص ما على شخص آخر، ووجودها يفترض قيام السيطرة والتحكم"([12]). كما تُعرف بأنها "الهيئة الاجتماعية القادرة على فرض إرادتها على الإرادات الأخرى، حيث تعترف بها"([13]). ومن ثم تكون السلطة مجموعة الأوامر والنواهي التواصلية الفوقية التي توجه من الحكام إلى الرعية والجماهير الشعبية لتنفيذها، أو مراقبة الآخرين ومحاسبتهم بشكل يومي، إذ يكون من أخص اهتماماتها إلزام الأفراد وإخضاعهم وفق آليات متنوعة، كالرقابة والعقاب. ومن هنا ينتج الصراع الجدلي والطبقي بين الحاكمين والحكام من خلال الميل الشعوري واللاشعوري إلى امتلاك السلطة وزمام الحكم. وتكتسب السلطة شرعيتها من خلال التأييد أو العقد المتبادل بين الحاكم والمحكوم.
وهناك أنواع عديدة من السلطة، ولعل أهمها السلطة السياسية؛ إذ يرجع تفوقها إلى القوة والسيطرة اللتين تلتصقان بها، وكذلك انفرادها بوضع القواعد القانونية، وسموها على التنظيمات القائمة([14])، وهي تتكون من سلطتين: سلطة الدولة وسلطة الحاكم، كما تأتي السلطة الدينيّة في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، وهي تعني سلطة النص الديني من جهة، وسلطة رجال الدين من جهة أخرى. وهناك سلطات أخرى كثيرة ومتعددة، ومنها التي يتأثر بها المثقف داخل إطار بحثه كالسلطة المعرفيّة التي تفرضها المناهج البحثية المتبعة على الباحث وتلزمه بالانصياع لها. لكن تبقى السلطة السياسية أهم السلطات، فهي محور لكل التفاعلات الخاصة بالأنشطة الإنسانية، وهي التي تمسك بكل خيوط سائر السلطات الأخرى من خلال التنسيق والتعاون، وليس الاخضاع والاستتباع.
كما يتداخل مفهوم السلطة السياسيّة مع عدة مفاهيم أخرى كالحق، والقانون، والحرية، والعدالة، والمؤسسة، والنظام، والشرعية، والتراتبية الهرمية والدستورية، والالتزام بكل ما هو رسمي وسياسي، وتعتمد في التنفيذ على القوة المادية والمالية والمعنوية. ويدخل في نظام السلطة الحاكم سواء أكان ملكًا أم رئيسًا أم أميرًا، ثم الحكومة بطاقمها الوزاري والأطر التنفيذية من قمة الهرم السيادي إلى أدنى مرؤوس مرورًا بمؤسسات التشريع الدستوري والقضائي والبرلماني إلى أصغر موظف حكومي وخلية مؤسساتية، وهي الجماعة المحلية والقيادة([15]).
وفي الغالب، يحدث تفاعل بين السلطتين الأكثر أهمية -السياسيّة والدينيّة- في أغلب العصور، وقد يصل هذا التفاعل بينهما إلى شكل اتحاد، وقد يصل إلى استبعاد تام، وقد تحتوي واحدة منهما الأخرى وتسيطر عليها. ويرجع ذلك إلى موقف السلطة السياسية التي قد تتوافق مع السلطة الدينيّة، فتتحد بها ويصبح الحاكم السياسي هو نفسه الحاكم الديني. وقد تُخضع السلطة السياسية السلطة الدينية خضوعًا تامًا كما هو الحال في الدولة المدنية، وقد يحدث العكس فَتُخضِع السلطة الدينية السلطةَ السياسيّة كما في نظام الحكم الثيوقراطي. لكن من الصعوبة- كما يقول ناصيف نصار- أن يصل الإنسان إلى وضع ينعدم فيه تأثير السياسة في الدين، أو الدين في السياسة([16])، فالعقيدة تمنح الشرعية للسلطة السياسية، وتجعلها واجبة الطاعة والولاء([17]). كما يلعب الدين وظائف مهمة وحيوية في اللعبة السياسية الداخلية؛ فقد كان للدين دور مهم في العديد من التغيرات والانقلابات التي حدثت في كثير من البلاد. وقد استُخدمت السلطة الدينيّة كقناع وغطاء لمنظومة من المصالح المتعددة في كل مرحلة تاريخية، واستُخدم الدين في تأصيل سلطة الحاكم الدنيوية. وكان الارتباط قويًّا بين الدين وبين الممارسات السياسية([18])، عبر تلك العلاقة التي جمعت بين الحكام والفقهاء أو الحكام والمثقفين بشكل عام.
ثالثًا-أشكال العلاقة بين المثقف والسلطة:
وفي ضوء علاقة المثقف بالسلطة، تعددت أشكال العلاقة بينهما واختلفت، وإن سادت تلك الرؤية التي تنظر إلى العلاقة بين المثقف والسلطة عبر قسمة ثنائية؛ ما بين المثقف المستلب والمتحدي، المؤيد والمعارض، المدافع والمهاجم، المداهن والناصح، المتملق والناقد، المستلب والمتمرد. وقد تجلت هذه القسمة الثنائية عبر التصنيفات الإيديولوجيّة لعلاقة المثقف بالسلطة التي نظرت إلى هذه العلاقة من خلال علاقة ثنائية فحواها: إمَّا أن يكون المثقف مواليًا للسلطة، حيث يتصالح مع السلطة، ويتكيف مع الواقع، ويتأقلم مع النظام، ويتحول إلى بوق سياسي ومحام يدافع عن النظام السياسي الحاكم، وعن صاحب السلطة، ولو كان طاغيًا ظالمًا، ويحمل إيديولوجية السلطة القائمة على شؤون البلاد، ويوصلها بعد ذلك في خطاب ديماغوجي إلى الجماهير الشعبية دفاعًا عنها وتبريرًا لها قصد أن يعطي لها المشروعية والصلاحية، ويغطي بغرباله الفكري والسوفسطائي على أخطاء وهفوات الطبقة الحاكمة([19])، أو أن يكون المثقف منشقًّا متمردًا ناقدًا للسلطة ونظامها الحاكم، يقيم مع السلطة علاقة جدلية مبنية على التحدي والنقد والنضال المستميت والصمود والصراع مع الحاكم الذي يهتم بإخراج المثقف من دائرة الضوء لكونه يشكل خطرًا على سلطته وضرورة إبعاده باستخدام مختلف أساليب القمع والاضطهاد. وفي ضوء هذه القسمة الثنائية، تعددت تصنيفات المثقفين بين: مثقف مستلب ومتحدي، أو مثقف رجعي ومثقف ثوري، أو مثقف محافظ ومثقف تقدمي، أو مثقف سلفي ومثقف ليبرالي، أو مثقف يميني ومثقف يساري، أو مثقف مزيف ومثقف حقيقي.
وهنا تسود رؤية عامة فحواها أنَّ المثقف في علاقته المثلى مع السلطة هي علاقة التحدي التي تتمثل في النوع الثاني: المتحدي، الثوري، التقدمي، الليبرالي، اليساري، الحقيقي، أو ذلك المثقف الذي يتخندق –دائمًا- على يسار السلطة. ويستمر هذا هو التصور للمثقف الحق، حتى تتم مساومته، فيبيع نفسه فيتحول إلى يمين السلطة أو يشتريها فيتمرد، لينتهي وجوده جماهيريًا في الموقف الأول، ويستمر وجوده شعبيًا كمناضل في الموقف الثاني. لكنه في الموقف الثاني يبقى أعزلا في مقابل قوة غاشمة تستخدم تجاهه العنف الغاشم فيسجن، أو يطرد من وظيفته، أو يتم تهميشه وإقصاؤه، أو يُنفى، أو يجرد من أسلحته حتى توصد أمامه كل الأبواب فيفقد فاعليته، حتى تطويه صحائف النسيان؛ لكنه يستعيد بريقه ولمعانه إذا سقطت السلطة بفعل الثورات أو الانقلابات أو التغيرات الراديكالية لأنظمة الحكم ورجاله.
وفي الحقيقة، أن تصور علاقة المثقف بالسلطة على هذا النحو في شكل ثنائي الأبعاد هو تصور يُضَيّق العلاقة ويختزلها؛ لأنَّ الأمر في الحقيقة يحتمل القسمة على أكثر من وجهين؛ فعلاقة المثقف بالسلطة علاقة مركبة ومزدوجة، ولها إشكاليات من حيث مستوياتها ووجوهها المتعددة. ومن ثم بدأ النظر إليها من ناحية ثلاثية الأبعاد، حيث أضافت الرؤى الأخيرة للبعدين السابقين بُعدًا ثالثًا تمثل في المثقف المحايد، وهو ذلك المثقف الذي يلتزم الحياد والصمت، ولا يحرك ساكنًا أو جامدًا، وإذا أفصح فإنه يعبر عن مواضيع مجترة عفا عنها الزمن، لا علاقة لها بما يؤرق هموم الجماهير الشعبية الكادحة، فيحلق هذا المثقف في سماء الخيال والتجريد بعيدا عن الواقع ومشكلاته، ويسبح في أحلام يوتوبية واستشراف لآفاق رومانسية وردية بعيدة عما يعانيه الناس من فقر وبطالة وظلم وصراع طبقي واجتماعي وإحباط وقهر وقمع... ويصبح هذا المثقف عبارة عن مخدر أو مسكن يدغدغ عواطف الطبقات الاجتماعية الدنيا([20]).
وفي إطار هذا التصنيف الثلاثي، يميّز عبدالله العروي بين ثلاث صور للمثقف في علاقته بالسلطات السياسية والدينية والمعرفية: المثقف السلفي، والليبرالي، والتقني. الأول (السلفي- الشيخ) هو ذلك الذي يقول بتعارض الشرق مع الغرب، وينحاز لتراثه الشرقي على حساب دعوات العلم والحرية الغربية الزائفة. أما المثقف الذي يمثل النوع الثاني، فهو رجل السياسة الليبرالي الذي يرد الانحطاط إلى عبودية قديمة، مستلهمًا فولتير وروسو، ومستدعيًا الحجج الركيكة والبراعات الذهنية، ثم المثقف التقني الذي يرى أنَّ التقدم يتحدّد بالقوة المادية التي يتم اكتسابها بالعمل والعلم التطبيقي([21]). وتصنيف العروي- في الحقيقة- رغم أنه يبدو ثلاثي الأبعاد في الظاهر، إلا أنه لا يختلف كثيرًا- مثلًا- عن تصنيف جميل حمداوي الثنائي الأبعاد الذي يرى أن المثقف نوعان: مثقف التغريب الذي يرى في الغرب مرجعًا للتقدم والازدهار، ومثقف التأصيل الذي يعتبر التراث محكًّا للحداثة ونقطة للانطلاق للسير نحو آفاق المستقبل، وذلك بالحفاظ على الهوية والذات مع الانفتاح على كل ما هو مستحدث وجديد([22]). ومثل هذا النقد يسري على معظم التقسيمات الثلاثية، سواء تلك التي صنفت المثقف على أساس طبقي ففرقت بين مثقف الطبقة العليا، والطبقة الوسطى، والطبقة الدنيا، أو مثقف حالم، ومثقف متصالح، ومثقف إيجابي؛ إذ إنَّها جميعًا تدور- إذا أردنا تحديد علاقاتها مع السلطة- في فلك التقسيم الثلاثي (مستلب- محايد- معاد)؛ إذ يكون مثقف الطبقة العليا/المتصالح هو المثقف الموالي للسلطة، كما يكون مثقف الطبقة الوسطى/الحالم هو المثقف المحايد، ومثقف الطبقة الدنيا/ الإيجابي هو المعادي للسلطة الباحث عن الحق المتصدي للاضطهاد والفساد.
وفي الحقيقة، تصرّ هذه التصانيف للمثقف في علاقته بالسلطة إصرارًا غريبًا على تحجيم الدور الفعال للمثقف وإبعاده عن الساحة الواقعية ووضعه في موضع حرج باستمرار؛ فهو إمّا موالٍ للسلطة لا يبحث إلا عن مصالحه الشخصيّة عبر الدفاع عن مصالح السلطة الحاكمة إيديولوجيًا وديماغوجيا، وهذا يضعه موضع الخيانة والانتهازية والوصولية والتملق، وهو الأمر الذي لا يليق به قطعًا. وإمّا يجعله في مواجهة وصراع نضالي مع السلطة، الأمر الذي ينتهي بسجنه أو نفيه أو تصفيته معنويًا وجسديًا، وهو هنا أيضًا لا يفيد مجتمعه ولا يؤدي دوره المنوط به، بل يضعه بسهولة في مرمى التشويه الإيديولوجي، ويسهل اتهامه بالعمالة والخيانة والإلحاد.. إلى آخر التهم الجاهزة. والأمر لا يختلف كثيرًا مع النوع الثالث الذي يعيش في برجه العاجي ويصدر أحكامًا مطلقة في الفضاء الطلق.
إذن كل هذه التقسيمات تغفل عن ذاك الدور الأمثل الذي يجب أن تكون عليه علاقة المثقف بالسلطة، وهي علاقة منتجة لا يعادي فيها المثقف السلطة ولا يواليها ولا يحايدها، وإنَّما يتوخى مصالح الطرفين: الحاكم/ السلطان/ الرئيس/ الملك/ الأمير من ناحية، ومصالح الرعية/الأمة/الشعب/ الجماهير من ناحية أخرى. ولا مانع في هذه العلاقة أن يتقرب المثقف من السلطة كي يحظى بمكانة مرموقة يستطيع أن يخدم أمته من خلالها. وهذا هو الوضع الذي أكد عليه العلامة ابن خلدون(1332-1406م) الذي لم يحدد وظيفة المثقف، وإنما ربطها بالسلطة، وحدد دوره الفعال في المسافة التي تربطه أو تفصله عن السلطان، ولذلك نجد ابن خلدون يسخر من المثقف المستقل عن السلطة الذي لا يجد من يطلب منه العلم أو النصيحة، وفي ذلك يقول عن مقربة المثقفين من السلطة: "فيكون أرباب القلم في هذه الحالة أوسع جاهًا وأعلى رتبة، وأعلم نعمة وثروة، وأقرب من السلطان مجلسًا وأكثر إليه ترددًا، وفي خلواته نجيًا؛ لأنه حينئذ آلته التي بها يستظهر على تحصيل ثمرات ملكه والنظر إلى أعطافه، وتثقيف أطرافه، والمباهاة بأحواله"([23]). ولا شك أن تجربة ابن خلدون الذاتية كانت أصدق دليل على أقواله؛ حيث عاش في كنف السلطة، سواء لدى أبي عنان المريني سلطان فاس في المغرب، أو عند السلطان أبي العباس في تونس، أو عندما حل ضيفًا على السلطان الظاهر برقوق في مصر، وكيف أنه نجح في أداء دوره المنوط به كمثقف على خير وجه.
ولذلك، فإن تلك الصورة لعلاقة المثقف بالسلطة هي علاقة منتجة ومؤثرة يصبح فيها المثقف دائم النصح للحاكم بما فيه خير الشعوب ومصالحها؛ فالمثقف هنا مهموم بقضايا أمته ومشكلات وطنه، يضع مصالح الأمة وطموحاتها دائمًا نصب عينيه، وهو بما يمتلك من علوم ومعارف، وبما أوتي من ملكات إبداعية ورؤى استشرافية، يستطيع أن يحدد المشكلات تحديدًا دقيقا ويعرض الحلول والبدائل الممكنة، ومن ثم يوجه النصح والمشورة إلى الحكام، ليضع أيديهم على كل ما يحقق لشعوبهم الأمن الأمان والرخاء والتقدم والرقي والرفاهية.
والجدير بالذكر أن تاريخنا العربي والإسلامي يزخر بالعديد من أمثال هؤلاء المثقفين؛ الذين وضعوا مصالح الأمم والشعوب نصب أعينهم وجعلوها شغلهم الشاغل فعملوا – وهم في معية السلطان وتحت رعايته- إلى تحقيقها عبر كتابات متعددة تضمنت نصائح، ومواعظ، ووصايا، تهدف جميعها إلى إرشاد الحاكم في حكم الرعية وتبصيره بأمور الدولة وآداب السلوك والمعاملات القائمة على العدل والهداية وحسن السياسة. وقد تعددت الكتابات التي كتبها المثقفون المسلمون إلى الملوك والأمراء والحكام، والتي أُطلق عليها "الآداب السلطانية". فإلى جانب ابن خلدون، يمكننا أن نشير إلى الإمام أبي حامد الغزالي (ت505ه) الذي كتب رائعته "التبر المسبوك في نصيحة الملوك"([24])، إلى السلطان السلجوقي محمد ابن ملكشاه (ت 511ه). كما كتب الإمام أبو الحسن الماوردي (398-450ه) "نصيحة الملوك" بناء على طلب الخليفة القادر بالله، المتوفي 422ه.
ولا يحسبن أحد أنَّ كاتب هذه السطور يبحث عن ملاذٍ آمن للمثقف في أيامنا هذه، فإنَّ من يعتقد ذلك، فإنه لا يقف على المعنى العميق والتاريخي لهذا الوضع للمثقف، فمخطئ من يعتقد أن المثقف في إطار ذلك الوضع يتمتع بالأمان الكامل؛ لأن التاريخ يُكذِّب ذلك؛ إذ أرسل ابن المقفع رسالة إلى أبي جعفر المنصور مؤسس الدولة العباسية يخبره فيها بضرورة أن يُحسن اختيار معاونيه، ثم صنَّف له كتاب "الأدب الكبير" الذي أورد فيه أقوال السابقين في آداب السلطان والحاكم، وهو الأمر الذي لم يستسيغه المنصور حينذاك وعدّه تطاولًا لا يليق، فعاقب ابن المقفع شر العقاب؛ إذ أمر بتقطيع أطرافه قطعة قطعة، ثم تشوى على النار أمام عيني صاحبها ثم يأكلها حتى يموت!
إذن فمهمة المثقف في هذه الصورة الرابعة ليست سهلة يسيرة أو آمنة كما قد يعتقد البعض، بل إنَّه قد يتم في إطارها التنكيل بالمثقف، إن خانه التعبير أو خانه تحيين الوقت أو الزمان أو الحالة المزاجية المناسبة، فيكلفه ذلك حياته. ولم يكن ابن المقفع هو المثقف الوحيد الذي ناله تنكيل الحاكم، وإنما يشاركه في ذلك الكثير ممن عاشوا في كنف الملوك والحكام، وحاولوا نصح الحاكم بما فيه خير الحاكم والرعية، لكنهم لم ينجحوا في اختيار الظروف والأحايين المناسبة لذلك، ومنهم أبي إسحق الكندي- فيلسوف العرب- الذي كتب "رسالة إلى المعتصم بالله في الفلسفة الأولى"، وكيف غضب عليه الحاكم بعد ذلك وأمر بجلده. ومنهم أيضًا ابن رشد الحفيد -آخر فلاسفة العرب- الذي استعان به الحاكم في البداية ليشرح له فلسفة أرسطو، ورغم ذلك تعرض ابن رشد لنكبته الشهيرة؛ حيث نُفي إلى جزيرة الليسانة، وأُحرقت كتبه أمام الجميع. وهذه مجرد أمثلة لنماذج متعددة ينوء هنا الإطار بحصرها.
ومع ذلك، تبقى هذه العلاقة هي الشكل الأمثل لعلاقة المثقف بالسلطة، وخاصة في تلك البلاد والأقطار التي لم تصل بعد إلى الممارسة الصحيحة للنظام الديمقراطي الذي يمكّن المثقف من أن يتحرر من كافة القيود السياسية والاجتماعية وينطلق نحو الإبداع والإنتاج ونشر الثقافة والمعرفة، حيث إن السلطة السياسية في ظل الدولة الاستبدادية تحاول وباستمرار قهر وإخضاع المثقف وتأطير الثقافة وفق عقيدتها السياسية والفكرية، وإنتاج نوع من الفكر الواحد والتصور الواحد، وتعمل على تعمية الجماهير والاستفادة من الجهل الشعبي. ولذلك، فهي لا تُبقي إلا على المثقف التابع الذي يروج لفكرة الاستبداد، وإشاعة التخلف وإبراز دور (القائد الملهم) و(القائد الضرورة). أمّا في الدول الراسخة ديمقراطيًا، فإنَّ العلاقة بين المثقف والسياسي قد تم حسمها بشكلها التاريخي والمدني بوصفهما مواطنين في ظل دولة متحضرة، دولة قيم مدنيَّة عملت على إنتاج شراكة حقيقية بين المثقف ورجل الدولة السياسي، وأدى ذلك إلى أن تتحرر العلاقة بين المثقف والسياسي من علاقة التضاد والاختلاف إلى علاقة التفاعل والحوار الخلاق([25]).
خاتمة
مما تقدم يتضح لنا أنَّ هذه العلاقة (المثقف القريب من السلطة المهموم بقضايا أمته وهمومها)، والتي تمثل الشكل الرابع بين أشكال العلاقة الممكنة بين المثقف والسلطة تتجاوز نقائص ومثالب الأشكال الثلاثة لعلاقة المثقف بالسلطة مُؤكِدةً- في الوقت ذاته- على أهمية دور المثقف في إرشاد السلطة إلى ما فيه خير البلاد والعباد. كما تُيسر– من ناحية ثانية- مهمة الساسة في الاهتداء بنور الفكر والثقافة، والتفاعل مع المثقفين والاستفادة من معارفهم بقضايا التاريخ والسياسة والقانون دون أن يضطرهم وضع المعاداة (الشكل الأول) إلى تجاهلهم والتنكيل بهم، أو أن يضطرهم وضع الموالاة (الشكل الثاني) إلى أن يُضحي المثقفون بالمبدأ والحقيقة في سبيل المصالح الخاصة، فيبرروا ممارسة العنف والقهر الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي والتعسف السياسي في إفقار الجماهير وتجهيلها. أو أن يضطرهم وضع الحياد (الشكل الثالث) الذي يمثله المثقف الرومانسي الحالم إلى العيش في الأبراج العاجية بعيدًا عن قضايا المجتمعات التي قد يعالجها هذا المثقف بسطحية ورمزية غامضة من أجل ضمان عدم الصدام مع السلطة.
كما أنَّ هذا الشكل الرابع الذي نراه الشكل الأمثل، سيتيح للمثقف أن يؤدي رسالته على الوجه الأفضل؛ إذ سيوفر له ظروف اجتماعية وثقافية وسياسية تتيح له الكتابة والتفكير والإنتاج والإبداع، كما سيمنحه فرصة كاملة لتأمل أحوال مجتمعه ومعرفة مشكلاته وهمومه، ومن ثمَّ يتمكن من تحليلها وتفكيكها ومعرفة سُبل حلها وطرائق معالجتها، ووضع هذه الحلول وتلك المعالجات مباشرة في حيز التنفيذ الفعلي من خلال السلطة السياسية التي ترعى هذا المثقف وتثق في إخلاصه وتفانيه من أجل خدمة الجميع، سواء الحاكم أو الرعية.
[1]- مجلة ذوات – العدد59
([2]) انظر، ابن منظور، لسان العرب، المجلد التاسع، تحقيق مجموعة من الأكاديميين، بيروت، دار صادر، 1968، ص 19-20 (مادة ثقف)، وانظر أيضًا: المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية، القاهرة، طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم، 1426ه-2005م، ص 85، مادة (ثقف).
([3]) انظر، المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية، القاهرة، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1983، ص 58 (مادة: ثقافة).
([4]) انظر، إبراهيم الشافعي، من هو المثقف، على الرابط الإلكتروني:
https://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/13999/#ixzz63XDjcRr9
([6]) انظر، جميل حمداوي، جدلية المثقف والسلطة، مقال منشور بموقع ديوان العرب الإلكتروني بتاريخ الاثنين 22 كانون الثاني (يناير) 2007، على الرابط الإلكتروني:
https://www.diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=7610
([7]) انظر، محمود أمين العالم، معارك فكرية، منشور ضمن الأعمال الكاملة، المجلد الأول، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2015، ص287
([8]) انظر، إدوارد سعيد، المثقف والسلطة، ترجمة وتقديم محمد عناني، القاهرة، دار رؤية، 2006، ص 35
([9]) مصطفى مرتضى، المثقف والسلطة-رؤى فكرية، القاهرة، دار روابط للنشر، 2016، ص 37
([10]) انظر، إدوارد سعيد، المثقف والسلطة، ص 32-59، وانظر أيضا: ريهام عودة، طبيعة دور المثقفين العرب وجدلية علاقتهم مع السلطة، على الرابط الإلكتروني:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=514942&r=0
([11]) انظر، أنور عبد الملك، دراسات في الثقافة الوطنية، دار الطليعة، بيروت، لبنان، 1967، ص 201
([12]) ماهر عبدالهادي، السلطة السياسية في نظرية الدولة، القاهرة، دار غريب للطباعة، 1980، ص 419
([13])عبدالوهاب الكيالي، موسوعة السياسة، ج3، بيروت، المؤسسة العربية للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1991، ص 215
([14]) ماهر عبدالهادي، السلطة السياسية في نظرية الدولة، ص49
([15]) انظر، جميل حمداوي، جدلية المثقف والسلطة، مرجع سبق ذكره.
([16]) ناصيف نصار، منطق السلطة- مدخل إلى فلسفة الأمر، القاهرة، دار أمواج، ط1، 1995، ص 11
([17]) انظر، إبراهيم درويش، علم السياسة، القاهرة، دار النهضة العربية، 1975، ص ص 111-112
([18]) انظر، سامية سلام، السلطة والدولة بين المعتزلة وإخوان الصفاء، القاهرة، دار مصر العربية للنشر والتوزيع، 2015، ص 100
([19]) انظر، جميل حمداوي، جدلية المثقف والسلطة، مرجع سبق ذكره.
([20]) انظر، جميل حمداوي، جدلية المثقف والسلطة، مرجع سبق ذكره.
([21]) انظر، عبدالله العروي، الأيديولوجية العربية المعاصرة، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط1، 1995، ص 39-48، وانظر أيضًا، خالد زيادة، الكاتب والسلطان من الفقيه إلى المثقف، القاهرة، الهيئة العامة للكتاب- مكتبة الأسرة، 2017، ص261
([22]) انظر، جميل حمداوي، جدلية المثقف والسلطة، مرجع سبق ذكره.
([23]) انظر، ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، بيروت، دار القلم، الفصل الخامس والثلاثون، ص 257
([24]) انظر، الغزالي، نصيحة الملوك، تقديم عبدالحميد حمدان، القاهرة، عالم الكتب، الطبعة الأولى، 2000
([25]) انظر، صباح جاسم جبر، جدلية العلاقة بين المثقف والسياسي السلطوي، على الرابط الإلكتروني:
https://www.iraqicp.com/index.php/sections/platform/10565-2018-09-22-19-43-23