العلاقات المسيحية الإسلامية في القرن الواحد والعشرين
فئة : ترجمات
العلاقات المسيحية الإسلامية في القرن الواحد والعشرين
دروس من أندونسيا*
إبراهيم محمد أبو ربيع **
ترجمة: عزالدين غازي[1]
مقدمة:
حين نتحدث عن الإسلام، ولا سيما في الغرب الأوروبي، يذهب كثير من المهتمين، إلى اعتبار أن ما نعنيه بالعالم الإسلامي هو العالم العربي فقط، والحال أن هؤلاء ينسون إسلام جنوب شرق آسيا، مثلا إندونسيا على وجه الخصوص، فهذه الدولة التي تضم نسبة هائلة من المسلمين، ستعطي الدروس لمثيلاتها في العالم؛ وذلك بطرحها لمسألة علاقة الدين بالسياسة للنقاش، وبمعالجتها لأثر هذه العلاقة على التحولات الاجتماعية والثقافية، وتوظيف الدين كوسيلة لهذا التغيير، وهذا ما يتيح العناية الخاصة بعلاقات الغرب مع ما يتصل بمسلمي بلد إندونيسيا؛ وتجربة المسلمين الذين يعيشون في مجتمع متعدد كمجتمع الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذا السياق، برزت وجهة نظر طاهر تارميزي وزير الشؤون الإسلامية الأندونيسي لأهميتها البالغة، وهدفها هو خلق دين جماعي متفق عليه؛ يكون بمثابة عامل أساسي لتوحيد الأمة إذ يقول:
"على الرغم من أن إندونيسيا كانت لا تريد أن تكون دولة إسلامية، فإنها لن تكون بالمقابل دولة دنيوية، لأن لإندونيسيا دينٌ وتصورٌ فلسفيٌ مُرتكِزٌ على الايمان باللّه؛ من خلال مثالية هيمنة الأديان القابلة للتحقق".[2]
في غشت من العام 1997 انعقدت بإندونيسيا أكبر ندوة بفندق أوريزون بجاكارطا؛ في موضوع "العلاقات المسيحية- الإسلامية وتحديات التعدد الديني في إندونيسيا المعاصرة"؛ وذلك بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية لجمهورية إندونيسيا وبرعاية مشتركة لمؤسستين في التعليم العالي في أمريكا الشمالية هما: هارتفورد سيميناري مُمَثلةً بمركز ماكدونالد (دونكان بلاك للدراسات الإسلامية والعلاقات المسيحية)، ومؤسسة جامعة الكنيسة مُمَثلةً بشعبة الدين[3]، وللتذكير فلقد لعبت كِلا المؤسستين المذكورتين؛ الدور الرئيس في العلاقات والحوار المسيحي- الإسلامي. وقد تميزت الندوة التي تطرقت إلى العديد من المواضيع كثيولوجيا الحوار وتاريخ العلاقات المسيحية الإسلامية وواقع الأديان بعد استقلال إندونيسيا؛ ودور الدين في المشهد الثقافي والسياسي العام للأمة الاندونيسية. ومع أن أكثرية المتدخلين هم من جامعات غربية، وباحثون أكاديميون في مجالات الدراسات الإسلامية والعلاقات المسيحية – الإسلامية، لكنهم ليسوا بالضرورة خبراء في شؤون إندونيسيا؛ ومع ذلك؛ لديهم الكثير مما يمكن أن يقدموه، في هذا الموضوع، إما بالإصغاء أو بالنقاش حول مفاهيم الحوار وتاريخه، ولم يكن - هذا الإصغاء- إثرها إلا إندونيسيا محضاً، فهم إما زعماءَ دينيون أو أساتذة أو طلبة الجامعات (خاصة جامعة LAI N بإندونيسيا) بالإضافة إلى جمهور المتتبعين.
أما المحاور التي نوقشت والنتائج المستخلصة فقد وَصَفت؛ بإيجاز؛ الوضع الديني المعقد في البلد، والذي ساهم في أغلب التحولات الصناعية والعمرانية والثقافية والفكرية والسياسية وصورة الدين في الحياة. ويأتي الشعور من كون البلد يكافح بمختلف هويات أديانه منذ مدة، وباعتبار الإيديولوجية الرسمية لإندونيسيا، فإن بانكاسيلا Pancasila[4] يضمن حرية جميع الأديان، وخاصة الإسلام والكاثوليكية والبروتستانت والهندوسية والبوذية. وعلى الرغم من توفر إندونيسيا على أكبر عدد من المسلمين في العالم، فإنها أجهدت نفسها بضرورة فصل الدين عن السياسة، وذلك باحترام الأديان وعدم تشجيع الديانات؛ برغبة من المجموعات في المجتمع الاندونيسي. وعلى الرغم [كذلك] من أن العلمانية ليست هي السياسة الرسمية للدولة؛ ولوزارة الشؤون الإسلامية، فإن الناس يعتقدون أن إندونيسيا علمانية منذ إعلان استقلالها عن هولاندا سنة 1945[5]، ومع ذلك، فهي ليست دولة إسلامية كإيران أو السودان، وبتعبير الرئيس سوهارتو؛ تبنت فلسفة بانكاسيلا القضاء على الفقر والعنف والاستغلال والرجعية والرأسمالية والفيودالية والديكتاتورية والاستعمار والإمبريالية، وبلغة أخرى، تقوم بانكاسيلا على قناعة راسخة في كون إندونيسيا مستقلة في سياستها الخارجية وسياستها الوطنية المتماسكة التي تحفظ الدين والأخلاق والتوازن اللغوي، وإتباع سياسة اندماجية للدولة. وأما المحاور التي لم تعتمد في المؤتمر، فقد اهتم بها بشكل ذكي؛ وببالغ الأهمية مُراقبون في المؤتمر، ومن جملة ذلك؛ نذكر؛ دور الدين في ما بعد استقلال إندونيسيا، ودور وزارة الشؤون الإسلامية الإندونيسية في السهر على وثيرة الحوار؛ بين المعتقدين بمختلف الأديان[6]. علاوة على ذلك، العمل على خلق وعي إسلامي وثقافي جماعي في أوساط الإندونيسيين بكافة أطيافهم وطبقاتهم؛ للمشاركة في مسار تحديث المجتمع بشكل مًثمر وبناء وذي مغزى، والمتمثل في النظام الجديد الذي أطلقته الحكومة سنة 1966، أما المحور الثالث فينظر إلى مسألة خلق ثقافة تحديثية في المجتمع الإندونيسي غير المُستَغْرَب (westernized) في غالبيته، والذي يتناغم مع الأسس والقيم الدينية لدى الأمة الإندونيسية. وتعمّقت هذه المواضيع في القضايا النظرية ذات الاهتمامات الكبرى للإندونيسيين؛ كما هي أمام التحديات والآمال المنتظرة في القرن الواحد والعشرين.
الدين والسياسة:
واجهت إندونيسيا كباقي بلدان العالم الثالث بعد الاستقلال 'مسألة الدين' (مثل، هل الدين والسياسة واحدة من هذه المسائل؟)، بأعين مفتوحة اتجاه الإرث الاستعماري الهولندي؛ والمسار الجديد والخلاق لتصور مستقبل ناشئ للأمة الإندونيسية، آخذة بعين الاعتبار مختلف الديانات والمجتمع والاقتصاد والقوى الثقافية، للمشاركة في ما بعد الاستقلال، وهكذا تبنت إندونيسيا خلق منهج علماني رغم لاهوتية الدولة؛ ذلك أن النظام السياسي للدولة سهر على فصل واضح بين الدولة والدين، حيث وِفْق هذا النظام أضحت الثقة كبيرة لدى كل الناس للمشاركة بالحرية الدينية.
وعلى الرغم من أن الإسلام هو القوة السياسية والاجتماعية الفعالة في إندونيسيا منذ 1945، فإن تيارات دينية مختلفة برزت على السطح في المجتمع، وميز هذا [البروز]، في الحقيقة، بين أربعة تيارات فكرية في إندونيسيا المعاصرة، وهي: الحداثة والحداثة الجديدة والمجتمع الإسلامي الديمقراطي والعالمية الكونية[7] التي دعا إليها كل من 'الحداثي الجديد' المفكر الإسلامي عبد الرحمان وحيد والمفكر مجيد نورشوليش[8] والمفكر أحمد وحيد ودجوهان أفندي[9]؛ وقد ذهب أميان رايس إلى أبعد مدى، إذ اجتهد في دمقرطة المجتمع الإندونيسي من خلال إقصائه لدور الدين في خدمة السياسة؛ بما أنهما يوجدان في حلبة حياة الإندونيسيين. كما نادى صوت آخر بعالمية الإسلام وإرساء دولة دينها الإسلام محذّرا بانكاسيلا؛ وبنوع من الشفقة؛ تعامل المؤسسة الإسلامية مع المبشرين الكاثوليكيين في المجتمع الإندونيسي.
إن تصور الدولة الإندونيسية الحديثة يختلف إلى حد ما بالنسبة [لتصور] المسلمين السلفيين خارج إندونيسيا، فتصور الوطنيين الإندونيسيين؛ يدعو إلى فخر الأمة الإندونيسية بتاريخها المشترك وتجربتها الثقافية والقيمية، وإن معركة الوطنيين ضد الاستعمار الهولندي في النصف الأول من القرن العشرين، خلقت جوا من التناغم الديني القائم على التسامح في كل أرجاء البلاد، مُدعّمة مسار التحديث وماقِتَة كل تدخل خارجي من شأنه التعامل السياسي بنسيج اجتماعي [social fabric] للمجتمع الإندونيسي[10].
وعلى الرغم من تركيز النخبة السياسية في الحفاظ على التعددية وعلى طبيعة الاختلاف في الإيمان داخل المجتمع، فإنه من الواضح أن الإسلام يشغل الحيز الأوحد في بناء التصور المعاصر لإندونيسيا، فعندما لم تعترف فلسفة بانكاسيلا بأن الإسلام دين الدولة؛ فإنما استندت إلى الاعتقاد الرئيس للمؤمنين من المسلمين؛ ألا وهو وحدانية الله؛ وإيتاء الزكاة والقيام بالصلاة؛ والصيام؛ والحج، هذا المجهود الجديد وضع على عاتق الأخلاق الإسلامية والقيم الروحية وخاصة في مجتمع يعيش فترة مخاض في المضي نحو العصرنة والعلمنة، وهكذا برزت مجموعات قرآنية جديدة في إندونيسيا، وشيئا فشيئا، انخرط الشباب في إثراء الحياة الروحية التي زُوّد بها الإسلام، وفي العقدين السالفين شهدت إندونيسيا شعبية ونهضة إسلامية كبيرة تمثلت في تشييد المساجد الكبرى في البلاد، كما شهدت الأعداد الهائلة التي تحج كل عام إلى الأماكن المقدسة في العربية السعودية، وكل هذه [الممارسات] الدينية والاجتماعية حظيت باهتمام من قبل عدد كبير من المراقبين الأمريكيين المختصين في شؤون إندونيسيا والذين لاحظوا أن البلد يتميز حاليا بثقافة شعبية أكثر إسلاما من ذي قبل؛ خلال الخمسينات؛ وذلك بالانتشار الكبير للتقوى العمومية [في المجتمع][11].
التحولات الاجتماعية والثقافية:
وعلى الرغم من الحضور الكبير للقيم الإسلامية والروحية في الفضاء العام للمجتمع الإندونيسي، فإن النخبة بعيدة جدا عن المحافظة كما تم الإعلان عن ذلك، بالمقارنة مع الجيران مثل النخبة الماليزية؛ ذلك أن تصور الوطنيين الإندونيسيين، يعمل ما في وسعه على إعطاء الأهمية للجانب الاجتماعي والثقافي، ويبقى- مع ذلك- مجهودا خجولا أمام المد الإسلامي وعدم الاندماج. وخطاب بانكاسيلا كما صاغه كتاب الدستور الإندونيسي؛ واضحٌ تماما فيما يتعلق بحراسة التركيبة الثقافية المتعددة؛ واختلاف المؤمنين في المجتمع، وتعد التعددية بطبيعتها المرنة والخلاقة والمتفاعلة مع المجتمع عنصرا مهمّا نحو التقدم والعصرنة[12]، وبتعبير آخر، فإن هذا التصور للدولة الحديثة يختلف مع مسلمي السّلفية؛ الذين يريدون ربط العالم الإسلامي بعضه بعضا؛ مع المذاهب الإسلامية، والحال أن هذه العلاقة تجمعهما اللغة والإرث المشترك والتجربة التاريخية، ولكي يتمكن هذا التصور أن يكون مناسبا للأقليات الدينية، وليس للسلفيين[فقط]، فإن هذه الأقليات الدينية تخشى بلوغ؛ مسلمي السلفية؛ الحكم في المستقبل.
دور الدين:
وإن اختار البانكاسيلا خطة للفصل بين الدين والسياسة، فإن الدين يقع في قلب التغيرات الاجتماعية والثقافية؛ في العديد من البلدان الإسلامية المعاصرة؛ بما فيها إندونيسيا ذاتها، وكما قال مجيد نوشوليش"إن تطوير الثقافة في إندونيسيا... هو كنتيجة للحوار بين الإسلام الكوني والمميزات الثقافية للأرخبيل [الاندونيسي]"[13]، وتحتاج حوارات كثيرة بين الإسلام الكوني والمجتمع الإندونيسي إلى سرعة التغير الاجتماعي للبلد، فمثلا تغير العُمران يعكس التحول الاجتماعي، وهو مؤشر لبناء دين جديد وثقافة واقتصاد يلائمان المجتمع في فترة الانتقال، وهكذا نجد مدينة جاكارطا ويوجيكارطا؛ كتجربة للعمران الحديث منذ الاستقلال، كما أن هذا الأخير تجربة للتوسع العمراني في البادية نظرا للتكاثر السكاني، وسيحمل معه القيم البدوية (الدينية وقيم أخرى)، إذ تخاف وتأمل في نفس الآن غازيةً المدينة الكبرى، وهذا يعود إلى الواقع الطبيعي الذي ظهرت فيه الحركات الاجتماعية، مستغلّة الأفكار والرموز الدينية، بهدف ترسيخ التراث في أرجاء المجتمع الإندونيسي، إضافة إلى العمل على دين مشترك كتحدّ آني تجاه الدولة الوطنية، ومن الأجدى التعامل مع الواقع السوسيو- ديني الجديد؛ والثقافي والديني معا، في الوقت الذي تبرز فيه العبارات الإيديولوجية المبتذلة والفارغة بلاغيا.
وكما يظهر، فإن هذا المسار بأبعاده الدينية؛ يعكس رغبة القرويين للانخراط في الاقتصاد الحضري، وفوق كل هذا، لتعيش الأثر الثقافي في المدينة بأفرادها [المتمدنين]. اتجاه هذه الخلفية المتسمة بالتحولات الاجتماعية والثقافية المعاصرة في إندونيسيا، وأما نسخة بانكاسيلا الدينية فيجب[عليها] أن تلعب الدور الكبير في الثقافة الوطنية الجديدة بين الفقراء القرويين، وذلك وفق شروط الفقر الاقتصادي الحاد؛ وشروط التخلف الاجتماعي، ويمكن للدين –هنا- أن يستغل في إزاحة الإحباط لدى الفقراء في ظل الوضع القائم.
تأثير الغرب:
إن تأثير الغرب هو ما يُحيلنا [من جديد] إلى مسالة التركيبة الثقافية المتسمة بالإيمان المتعدد في مجتمع مثل إندونيسيا، والذي يواجه تحديات كثيرة واضحة كدولة من دول العالم الثالث، حيث برَزَ النظام العالمي الجديد سنة 1990 بحدثين هامين هما: 1) هزيمة العراق في الحرب الخليجية الثانية، و2) انهيار نظام الاتحاد السوفياتي، هذا بالإضافة إلى أبرز النّوْبات التي شهدتها التحالفات بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى رئيسة في العالم، وهذان الحدثان، ظهرا مرة أخرى وبشدة كقضية الغرب الأمريكي سالفا، خاصة الهيمنة الثقافية وتأثيرها على ثقافات العالم ومنها العالم الإسلامي، وفي هذا الخِضَمّ؛ نذكر ما جرى من نقاش أوروبي؛ وخاصة من قبل المثقفين الفرنسيين؛ للإجابة على ما اعتبروه هيمنة ثقافية أمريكية لهم؛ وذلك من خلال العمل على الحفاظ على التعدد الثقافي؛ ومراجعة الاستقلال الثقافي إزاء الولايات المتحدة الأمريكية[14]، وأعتقد، بالنظر إلى كثير من المثقفين الإندونيسيين، أنه على الرغم من فرض أمريكا مميزاتها الثقافية على باقي الثقافات والأمم، فإنه على مستوى إندونيسيا؛ لن تستطيع هذه القوة العظمى؛ بالضرورة؛ فرض سيطرتها الأخلاقية. ومنذ القرن التاسع عشر، أي خلال الفترة الاستعمارية، بدأ مثقفو إندونيسيا بطرح السؤال التالي: ما هو الغرب؟[15]، كما اصطلح عليه بتغريب المجتمع الإندونيسي: "حان الوقت الآن أن نوجه أنظارنا إلى الغرب"[16]، وهكذا طرح [هذا] الغرب تحديات كبيرة على "العقل الإندونيسي"، وهذا التحدي جعل المثقفين المعاصرين في إندونيسيا ينقدون الماضي بقوة؛ بهدف محاولة تكييف ذلك مع روح العلم في الغرب المعاصر، ومع ذلك؛ فإن "الغرب" بقي مُحتفظا بغموضِه اتجاه إندونيسيا الحديثة والفكر الإسلامي (فهل الغرب ليبرالي أم كاثوليكي أم رأسمالي أم اشتراكي؟)، إذ رغم بنيته العلمية والسوسيو- ثقافية، فإنه بقي دائما في المواجهة. وقد ذُهِل بعض المفكرين الإندونيسيين بالإمكانات المختلفة "للعقل الغربي" وعلوم الغرب، وهم على يقين بجمود المسلم المعاصر؛ ومجتمعات العالم الثالث؛ نظرا لغياب العلم كما هو ممارس في الغرب.
نحو استقلال ثقافي:
إذا كانت الولايات المتحدة قوة عظمى وأخلاقها أقل من ذلك؛ فكيف يمكن لإندونيسيا المعاصرة أن تتباهى بعلاقاتها الاقتصادية والسياسية معها، وأن تظل دولة خلاّقة ثقافياً ومستقلة عن سيطرة الولايات المتحدة؟.
إن الاستقلال الثقافي عن الغرب هو السؤال التالي! ما هو الاستقلال الثقافي؟، في حين أنه من الممكن قياس وتكميم العوامل الاقتصادية، ولكن من الصعب قياس الثقافة بنفس الطريقة. لقد ترك رحيل الاستعمار الرسمي وراءه إرث ثقافي معقد، والذي لا يمكن التغلب عليه بين عشية وضحاها، حيث وُجدت النخبة المثقفة نفسها في مناصب قيادية، بين مطرقة ثقافتها الأوروبية المعتمدة وسندان ثقافة مجتمعها.
لقد واجه الفكر القومي في إندونيسيا المعاصرة، وخاصة تلك التي تمثلها مؤسسة بانكاسيلا، هذه المعضلة منذ أن رحل الاستعمار رسميا، فما هي [اذن] الآليات الثقافية والفكرية التي تساعد على الخلق والحفاظ على ثقافة فريدة لإندونيسيا في سياق النظام العالمي الجديد؟
ومن الحقائق المؤسفة في عالم اليوم، أنه لا يمكن لأي بلد أن ينافس الهيمنة الاقتصادية والفكرية للولايات المتحدة؛ لأنه يتوفر على موارد اقتصادية ضخمة، وبراعة عسكرية؛ وتكنولوجيا متقدمة، وإرادة [قوية] للسيطرة الفكرية على العالم[17]. ولقد اختُرِقَت إندونيسيا؛ ليس فقط بالرموز الثقافية والاجتماعية الأمريكية؛ مثل انتشار مطاعم ماكدونالد وكنتاكي فرايد تشيكن وبيتزا هاوت، ولكن أيضا، بالواقع المتزايد لشباب الجامعات المصرية أو العربية الذي أصبح حالة مثيرة للانتباه؛ بالنظر للعدد الكبير من الأنتليجينسيا السابقة. لذلك، قد يُطرح السؤال التالي: كيف يمكن تحقيق المجتمع الإندونيسي؛ مع الوفاء بالحقائق القومية والدينية والتاريخية؟، وبدلاً من إعادة كتابة الماضي، يجب على إندونيسيا أن تواجه التحديات الثقافية المعاصرة للغرب، وخاصة الولايات المتحدة، في سياق النظام العالمي الجديد.
المسلمون في الغرب الكاثوليكي:
إن الاستقلال عن الهيمنة الثقافية للولايات المتحدة لا يترجم بالضرورة برفض التعلم من الغرب أو عنه، خاصة وأن هناك الكثير الذي يمكن تعلمه من تجربته التعددية الأخيرة. على سبيل المثال، في الالتقاء المعقد والترابط بين عالم الإسلام وعالم الغرب، يجب على العالم الإسلامي أن يتعلم الكثير عن الغرب. يجب على الغرب أيضا أن يسعى لمعرفة الكثير عن عالم الإسلام. قد يكفي مثال واحد. في نظر الكثيرين في العالم الإسلامي، تم تهميش المسيحية في الغرب. هذه الأطروحة ليست معيارا [حساسية] لقوة الأديان المسيحية والتعليمية والتجارية والمؤسسات الإعلامية؛ ولا لعودة عدد من المثقفين والفنانين إلى مسكن المسيحية. ولا هي حساسة لحقيقة أن النخبة الغربية، على الرغم من العلمانية في طبيعتها؛ هي بمعنى أو آخر، مدينة لقوة الخيال الديني. ومن المستحيل إجراء حوار هادف مع العالم الغربي وعالم المسيحية دون تشكيل نظرة دقيقة موقف المسيحية في المجتمعات الأوروبية والأمريكية المعاصرة. وفي حين أن المجتمعات الغربية علمانية من حيث انفصال الدين والدولة، إلا أن الدين يشكل مع ذلك قوة مهمة في العديد من هذه البلدان.
وعلاوة على ذلك، هاجر عددٌ كبيرٌ من المسلمين من مختلف بلدان العالم الإسلامي واستقروا في الغرب في سنوات الخمسينات الماضية، فهناك بعض المسلمين الذين يعتقدون أن المسلمين في أمريكا فقط لديهم فرصة حقيقية لتشكيل هوية إسلامية حقيقية، ووعيٌ، أو تصورٌ للعالم. هذا الموقف يستند إلى الحقائق التالية:
1) تسامح الفضاء الثقافي والديني الأمريكي؛ الذي تطور على مرِّ القرون، بتشكيل هويات ثقافية ودينية جديدة.
2) بما أن المكون الثقافي للمجتمع الإسلامي في أمريكا الشمالية متنوعٌ جداً، فإن أمريكا هي واحدة من المجتمعات القليلة في العالم التي تمكن المسلمين القادمين من خلفيات ثقافية وعرقية متنوعة، من الاختلاط بحرية مع بعضهم البعض، ما يمهد الطريق لتشكيل ثقافة إسلامية عالمية - ذات خصائص أمريكية فريدة - ضمن حدود العلمانية.
حوّلت الأحداث الداخلية حياة الجالية المسلمة الأميركية (المهاجرون والسكان الأصليين على حد سواء)، إضافة إلى التغيرات الخارجية في النظام العالمي، في السنوات القليلة الماضية، وخاصة انهيار الاتحاد السوفياتي والتورط الأمريكي المتزايد في الشؤون الاقتصادية والسياسية للعالم الإسلامي، وبشكل متزايد المجتمع الإسلامي في البلدان الغريبة، (وأحيانا، مخيف بالنسبة إلى بعض الأمريكيين)، وواضح بالنسبة إلى مجموعة من الناس، مدى اتساع التحديات الحقيقية للعلمانية التي تطرح على العقل الديني.
لا تزال الجالية المسلمة في أميركا تمر بعملية وضع أسسها الفكرية (الدينية) والمؤسسية من خلال مناشدة كل من التقاليد الإسلامية المركزية التي تتطور في النواة الإسلامية (الشرق الأوسط) على الرؤية، مع الحداثة الأمريكية لمكانة الإسلام ضمن هذه الثقافة. المسلمون يعرفون أنه من أجل البقاء على قيد الحياة في هذا البلد والحفاظ على هويتهم الإسلامية، يجب أن تأتي مجموعة جديدة من المثقفين المسلمين؛ وأن تكون مستعدة لمواجهة المهمة المزدوجة المتمثلة في تفسير التقاليد الإسلامية الواسعة في وضع جديد؛ مع إبقاء العين مفتوحة على تعايش الطوائف الدينية الأخرى؛ داخل النظام الاجتماعي والسياسي الحالي.
نحو صياغات جديدة:
يعلم المسلمون أنهم يعيشون في زمن متعدد الثقافات [بوعي] جمعي؛ وفي مجتمع يضمُّ مختلف الديانات، كما يعيش المسلم جانبا من أوجه الحياة التقليدية (دار الحرب ودار الإسلام)، وهو يعلم كذلك بهذه الأوجه؛ أنه غير مُلزمٌ بتغيير وضعه في المجتمع الأمريكي، وهذا الوضع قد ينطبق على الحالة الإندونيسية. وفي الأخير على المسلمين في الغرب كما في العالم الإسلامي إعادة صياغة قوانين ومفاهيم لاهوتية جديدة بغاية التعبير عن الطبيعة الوحدوية للمجتمع الإسلامي؛ ولاندماجه بين المجتمعات الدينية الأخرى، وللتسامح مع الفلسفات ووجهات النظر المختلفة. بمعنى آخر، على المسلمين الإجابة عن الانتقادات التي انتشرت بين الملاحظين والمراقبين للمجتمع الإسلامي في الحالة الأمريكية [مثلا]: "المسلمون الذين اتخذوا دينهم بصرامة لا يمكنهم أن يؤمنوا بالفصل بين الديانات والبلدان، وأن التعدد الديني هو مفهوم أجنبي، وهذا ما يحقق مجتمعا إسلاميا مثاليا، ولذلك على مسلمي الولايات المتحدة أن يمارسوا دينهم ولا يقوموا بمنع أو تهديد الحرية الدينية لدى الآخرين إلى حد ممارسة الجهاد (holy war) ضد المسلمين أنفسهم"[18]، وأعتقد أن التجربة الاندونيسية في تطبيق التسامح الديني والحفاظ على التعدد الديني في المجتمع يناقض ما ذكرناه سالفا.
وعلى المهاجرين من مسلمي الولايات المتحدة الآن، ومن هم في الخارج أيضا، أن يتعلموا من المسلم الأصيل كيفية التعايش والمشاركة في المجتمع الأمريكي، وكذلك على المسلم الأصيل أن يتلقى عن المسلم المهاجر عقيدة الإسلام المركزية. ومع ذلك، فإن على المجموعتين مواجهة التحدي التالي هو: كيف يمكن الإعراب عن وعي إسلامي لا يكون خجولا أمام منطلقات الحداثة؟، وبتعبير آخر، فقد منح المسلم الأمريكي الفرصة التاريخية الوحيدة للدفاع عن القيم الدينية التي قد تكون غير ملائمة للاحتمالات الممكنة للمبادئ الكبرى للمجتمع الحديث ولأخلاق العلمانية. إنه من الممكن تحقيق هذا الوعي دون التضحية بقيم الهوية الإسلامية، ولليهودية وللنصرانية معا، في هذا، مقاربة خاصة للحداثة، وعلى الإسلام أن يستفيد من هذه المقاربة ذات المغزى؛ والتي تتقاطع مع الحداثة. إنه من الأجدر الاستفادة من هذه التجربة؛ حول كيفية الحفاظ وتقوية الهوية الدينية؛ في سياق الحداثة واكتشاف حيوية ربيع الروح وفق هذه الصياغة.
نحو مجتمعات متعددة:
في ظل هذه المقاربة المتعددة للقضية المركزية؛ وللمشكلة التي تحاصر المجتمع الإسلامي، فإن على المسلمين الذين يحبون الآخر في الإيمان أن يحسنوا الملامح المشتركة التي تميز التقاليد الكونية للأديان في العالم مثل المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والانعتاق من العبودية. وبتحسين هذه المميزات فإن المسلمين يبعثون بعض قيمهم الأساسية اتجاه الإيمان وفرضها على الآخرين، وبصياغة وعي متعدد لدى المسلمين، والذي سيصبح قيمة مضافة لتمكين المسلمين من المشاركة بشكل كامل في الحياة الثقافية والدينية للمجتمع الأمريكي، كما سيساعد باقي الأمريكيين المؤمنين بديانات أخرى بتقدير واحترام الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية وبمنهج المسلمين في الحياة بأنوار جديدة، علاوة على هذا فإن هذا الأسلوب سيسهم في تحسيس الأمريكيين بتاريخ المسلمين وبمشاكلهم، وكذلك سيظهر الحاجة لاطلاع أكثر على السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي، واعتقد أن بإمكان مسلمي إندونيسيا أن يستفيدوا من تجربة مسلمي أمريكا بالنسبة إلى المسلمين الأصليين كما المهاجرين على حد سواء.
هذه التجربة تشبه إلى حد بعيد أزمة الكاثوليكية والروحانية في الغرب كما ذهب إليها هاستون سميث، وتبنى آخرون رأي ماكس فيبر الذي يقول إن الكاثوليكية أضحت جزءا مندمجا في المجتمع الغربي، وهذا ما يحتاجه المسلمون فعلا من نقد وتقدير للكاثوليكية؛ من حيث التعابير اللاهوتية المعاصرة المستخدمة؛ وتقاطعاتها مع العقلية الصناعية؛ وعمق التفكير في الحالة الإنسانية في القرن العشرين. وعلى الفكر الإسلامي أن يحفر في القضايا والإشكالات الكاثوليكية كما عليه أن يتدبر بنفس المفاهيم الإشكالية الإسلامية، وبنفس النمطـ، على العالم الغربي أن يتخلص من الإرث الكلونيالي المهيمن؛ وعلى عقلية التبشير؛ وعلى التعامل مع المسلمين ليس باعتبارهم أعداء، بل باعتبارهم طاقات. وهكذا على الاستشراف أن يُستبدل بحوار روحي وبالتعامل بالشفقة تجاه مشاكل العالم الإسلامي.
تأثير هجرة الأدمغة:
تميزت الحضارة المعاصرة بظاهرة مثيرة، وهي النقلة العميقة التي طبعت انتقال الحضارة من ثقافة الإنتاج إلى ثقافة المعلومات والمعرفة العلمية، وهذا أمكن بسبب الاختراق الجدرية العلمية والتكنولوجية، وبسبب التعالي العلمي للغرب وهوة المعلومات الكبيرة والمنيعة بين الشمال والجنوب التي تتضاعف يوما بعد يوم، حيث تمكنت الولايات المتحدة الامريكية من امتلاك ما قدره 56 % من مجموع بنك المعطيات؛ وخاصة فيما يتعلق بالبحث العلمي وقاعدة البيانات. أما الاتحاد الأوروبي، فامتلك نسبة 28% واليابان 12%، وباقي العالم 1%، فهذه الأهمية نتيجة واقع متمثل في قوة الغرب وواقعه الاقتصادي وسياسة الأعمال وانتشار أفكار الغرب بالحصول على التكنولوجيا الغربية؛ وهجرة الأدمغة من العالم الثالث إلى المركز المتقدم. هذا التقدم حاصل بغياب حوار ثقافي أصيل بين الشمال والجنوب، يرجع بالمقابل إلى غياب التواصل والتسامح الثقافي الذي يخاطر بالسلام في السنوات المقبلة[19].
إن العالم الثالث يعاني من نزيف ثقافي متواصل يتمثل في هجرة الأدمغة التي هي عبارة عن نزوح جماعي للموارد البشرية الماهرة: المهنية والثقافية، تهاجر من الشمال إلى الجنوب ومعظمهم يُهاجر ليس بحثا عن اقتصاد ومجتمع أفضل، بل بسبب النواقص التي يشهدها التقدم الاقتصادي والاجتماعي في دول المصدر، وهجرة الأدمغة رؤية مناسبة للاندماج في الإنتاج وفي إطار سيرورة التقدم، وفي أغلب الأحيان يستبدل النقص في الرؤية بتقليد أعمى للشمال المتحضر الذي يساعد على نقل التكنولوجيا، وهذا مسار قاصر من حيث سلوك الإبداع، بلغة أخرى يمكن للجنوب شراء التكنولوجيا؛ ولا يمكن أن يبني أشكالا معاصرة ومتحضرة، ومع ذلك لا يمكن خلق هذه الأشكال في سياق النزيف المتواصل للأيادي العاملة الماهرة.
ويعاني المجتمع الاسلامي من ثلاث حالات أساسية هي: 1) الأمية، و2) غياب البحث العلمي، و3) غياب قيم الديمقراطية. وللأسف لم تواجه دولة إندونيسيا مُشكلة هجرة الأدمغة بنفس المدى الحاصل في بلدان العالم العربي الإسلامي، ولا تنطلق عملية التحديث في هذه البلدان؛ إذ هناك تأكيد على المنافسة في الصناعة التكنولوجيا العليا، وهي سابقة في الداخل كما سنتطرق الى ذلك.
إسهام طاهر ترميزي:
إن السؤال السالف الذكر، والذي يتعلق بمعنى دور الإسلام في المجتمع الإندونيسي المعاصر؛ وخاصة علاقة الدين بالسياسة والثقافة والنقد الديني والتأثير الثقافي والتربوي والعلمي الأمريكي؛ إضافة إلى التحول العميق للمجتمع الإندونيسي في عقود خلت؛ ومع الحفاظ على أهم الأسس الثقافية للأمة الإندونيسية التي تقع في قلب المَسْعى النظري والديني الذي حددته وزارة الشؤون الدينية؛ بإشراف الدكتور طاهر ترميزي[20] الذي خبر لسنوات طويلة العلاقات الإسلامية المسيحية، ولهذا السبب من الضروري تخصيص وقت لفهم الإطار الثقافي والديني للدكتور طاهر ترميزي في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية في العقود الأخيرة بصفة خاصة.
وفي كتابه الحالي (طموح نحو الطريق الأوسط: الانسجام الديني في إندونيسيا) "Aspiring for the Middle Path: Religious Harmony in "Indonesia، قد صرّح طاهر ترميزي بشكل واضح في العديد من القضايا التي حاصرت إندونيسيا منذ الاستقلال؛ وخاصة منها قضايا الفقر والتوتر الديني (بين المسلمين والمسيحيين)[21]؛ والاندماج الوطني والإسلام والغرب ودور الدولة والإنتلجينسيا؛ في تشكيل حركة قابلة للتطبيق كهيئة اجتماعية ودينية في البلاد. ويعتقد ترميزي أن العلاقات المسيحية - الإسلامية الحالية والعلاقات الدينية المشتركة على وجه الخصوص، في دولته تحتاج إلى نوع من الخبرة الاكاديمية في الشؤون الدينية التي يمكن أن تقدمها وزارة التعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية: مثل جامعة هاتفورد سيميناري وجامعة ومعبد جورج تاون؛ على الرغم من الخلفيات العسكرية والتدريبات الطبية؛ والتي تتعامل مع معظم المشاكل النظرية والفكرية؛ التي تحيط بالحوار المتعدد في المعتقدات والمتنوع اجتماعيا، وهي غالبا ما تٌجْهِد ضرورة إدراك الأساس النظري والتاريخي للأسئلة الدينية في المجتمع الإندونيسي، باعتباره تفهُّما لحالة الدّين في إندونيسيا، وأكثر من ذلك؛ لقد أدرك الإندونيسيون؛ إلى جانب ذلك؛ تدريس الحوار باعتباره معرفة أكاديمية، وعليهم ممارسته في إطار متعدد الأديان كفَنٍّ عليهم الانخراط فيه[22].
وفي هذا الإطار، تابع طاهر ترميزي الخطوات المشهورة لسلطات إندونيسيا؛ بخصوص مقارنة الأديان والحوار المتعدد الأديان؛ كما ذهب إلى ذلك الأستاذ علي موكتي[23]، وأكثر من ذلك وجد طاهر ترميزي المشترك بين النظرية والتطبيق بأواصر عالية؛ دعما للفلسفة الوطنية للبانكاسيلا وإقصاؤها لعملية التحويل، ذلك أنه شجّع المسلمين والمسيحيين معاً لإتمام مهمة الدعوة كنموذج؛ وبلغة أخرى؛ فقد اختلف مع الموقف الاسلامي فيما يتعلق بالتحويل؛ ومع الموقف المسيحي فيما يتعلق بالمهام[24]، فالتحويل هو أمر الماضي الاستعماري، وقد ثمّن شجاعة المفكر الديني المسيحي المعاصر الدكتور بربرا براون زيكموند رئيس منتدى هاتفورد سيميناري، ومدير مركز ماكدونالد دانكان بلاك المتخصص في دراسة الإسلام والعلاقات المسيحية الإسلامية؛ وهو من المراكز [من هذا النوع] في الغرب، حيث قال في مؤتمر جاكارطا سنة 1996:
"ونحن نتقوم بهذا [الحوار الديني]، نواجه تحدّيا مع جدول أعمال فكري جديد. في العصور السابقة، عندما كان المسيحيون يعيشون في جيوب متجانسة من الاعتقادات ذات التفكير المماثل، كان هناك نهجان اتخذهما المسيحيون تجاه الناس الذين لم يكونوا مسيحيين – سعينا إلى تحويلهم إلى المسيحية، أو تآمرا منا للتخلص من جميع الناس الذين رفضوا التحول عن طريق قتلهم أو تهميشهم. وإن تاريخ التسامح المسيحي تجاه غير المسيحيين ليس مدعى للافتخار به كمسيحي، ويؤسفني أن العديد من أعمال العنف والشجب قد كانت باسم المسيحية، وإنني أشجب عدم معرفة الإسلام والتقاليد الدينية الأخرى التي لا تزال تميز المجتمع المسيحي المعاصر"[25].
ولعل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه وزارة الشؤون الدينية؛ تتمثل في نقل أتباع مختلف العقائد في البلد؛ من موقع الفتنة والتوتر إلى موقف الوئام والتفاهم، كما ستصبح هذه المهمة أكثر صعوبة عندما يكون المجتمع في قبضة عملية تصنيع وتحديث كبرى، حيث تتحدّى القيم التقليدية الأساسية لأي دين حتى الصّميم. ويُدرك طاهر ترميزي الأعباء الكبيرة التي يتحملها الإندونيسيون بسبب التحديث.
يمر المجتمع الإندونيسي بتغيرات اجتماعية سريعة؛ بسبب التنمية الوطنية، وتقترن وتيرة التغيير الاجتماعي بعملية العولمة التي غزت إندونيسيا [منذ] العقد الماضي. وبالتالي، تعاني شرائح معينة من المجتمع من الارتباك والتفكك والاغتراب، وكلها [تؤدي] إلى اضطرابات اجتماعية[26].
وبعبارة أخرى، هناك مهمة عاجلة لتفسير الأفكار الأساسية للدين، أي الإسلام وغيره من الأديان في إندونيسيا؛ في سياق الحداثة، بدلا من الرد على الحداثة في شكل "الأصولية الدينية". هناك حاجة ملحة لاستيعاب الدروس الرئيسة للحداثة في سياق التعدد الديني والاجتماعي تكاد تكون مبتذلة؛ وإذا كان الإيمان الديني متخلفا عن عملية التحديث؛ فهذا راجع إلى عدم قدرة القادة المثقفين؛ في ذلك الإيمان؛ على التعامل مع إشكالية الحداثة الرئيسية.
ربما لا يوافق طاهر على كل الأفكار التي أُبديت من قبل المدرسة الحداثية الجديدة؛ في الإسلام الإندونيسي التي يمثلها مَجِيد وآخرون. ومع ذلك؛ فهو يذهب خطوة أبعد من معظمهم في البحث عن الإلهام لعمله الفكري والديني من المصادر الغربية، وخاصة الأمريكية، وهو لا يرى الولايات المتحدة كقوة عظمى بالمعنى العسكري التقليدي فقط؛ بل كقوة فكرية وأخلاقية رائدة أيضاً، يجب ألا يترجم ضغطه على التعلم من النماذج الدينية الأمريكية (أي الدين والدولة في مجتمع أمريكي تعددي) على أنه تغريبٌ أو أمْرَكَةٌ للفكر الإندونيسي. وسيكون هذا أقرب إلى الاستعمار الفكري الذي يمكن له؛ ولغالبية الإندونيسيين أن يتعلموا الكثير من عملية التقارب بين الدين والمجتمع في أمريكا الشمالية؛ كما تكشفت في هذا القرن، ويعتقد أن الاقتراض الانتقائي للأفكار من المجتمع الأمريكي، كدولة متقدمة للغاية، ضروري من أجل إعادة النظر في بعض المشاكل التي تواجه المثقفين والمجتمع الإندونيسي.
من الواضح أن الشاغل الرئيس لـطاهر، بالإضافة إلى تجديد الفكر الإسلامي المعاصر في إندونيسيا، هو الاعتقاد بفتح باب الاجتهاد الدولي على نطاق واسع، هو إرساء لأسُسِ الأنشطة الراسخة والمشتركة بين الأديان في المجتمع الإندونيسي المعاصر. هذا لا يعني الادعاء بأن طاهر ليس مشغولاً بالأسئلة المركزية للعقيدة والعقيدة الإسلامية، بل أعتقد أنه يقف في قلب الحركة المشتركة بين الأديان في إندونيسيا؛ كزعيم مسلم؛ وكوزير للشؤون الدينية في جمهورية إندونيسيا.
نحو تجديد العمل الديني المشترك في إندونيسيا
إن العمل بين الأديان؛ هو نوع من الابتكار؛ يتم القيام به في سياق العالم الثالث كعمل مشجع؛ حيثما يُطْلَب من جميع الشرائح الدينية المشاركة في عملية ما بعد هذه الرسالة؛ دون تردد أو مواربة، ومن الواضح أن قلة من المتنافسين في العالم الثالث يهتمون بالنظريات الكامنة وراء العمل بين الأديان أو حريصون على مشاركة جميع اتباع الديانات بشكل كامل في التكوين الثقافي والديني لمجتمعاتهم. وبالتالي، فإن العمل بين الأديان يكتسب معنًى جديدا في ظل البانكاسيلا خلال التسعينات؛ لأنه يدعم وحدة وسلامة الأمة الإندونيسية، فهو لا يقتنع فقط على الاقتناع بالمناقشة والتشوق إلى "الآخر"، بل أيضا بيان "الذات" في سياق التغير السريع والتحديات الحديثة، فالعالم الإسلامي بتعبيره الخاص هو "حضارة حيوية تبحث عن هويتها التاريخية"[27]؛ ويمكن للمرء أن يَضيف الهوية الدينية، وفي سياق الحداثة أيضا، يُضيف الذات المسلمة أيضا والتي يود طاهر ترميزي الترويج لها؛ وهي ذات الأخلاق والروح خاصة في ديانات العالم، لكن التحدي يفرض على طاهر ترميزي بصفته فيلسوفا دينيا للبانكاسيلا؛ وبصفته ممثلا للدولة أيضا، أن يكون قادرا على الحفاظ على الانسجام داخل كل دين؛ وبين جميع الأديان؛ وبين الدولة والأديان في اندونيسيا[28]، ولعلها مهمة صعبة بالفعل.
أولا قد يجادل بأن نقطة انطلاق طاهر ترميزي في تقديره "للآخر" في "الذات المسلمة" والتي يفهمها على أنها معيارية وتاريخية؛ وذلك لاستعادتها من العديد من مراكز التدهور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديني والاستعماري؛ ومراكز تهميش القيم والأبعاد الروحية للإسلام.
هذه الحضارة حسب طاهر ترميزي؛ تتحقق على أفضل وجه تحت رعاية ثقافة قومية منفتحة؛ كان أعظم انجازات الدولة الحديثة هو التوحيد في أمة واحدة عظيمة؛ تظم مئات من المجموعات الوطنية لمختلف الإثنيات والأعراق؛ والثقافات والخلفيات اللسانية؛ الممثلة للمئات من اللغات المحلية[29]. بعبارة أخرى؛ ومن وجهة نظر طاهر ترميزي؛ فإن التصور القومي للدولة الإندونيسية المعاصرة لا ينفي المعطيات الدينية لهذا المجتمع، والذي مهد الطريق لخلق تناغم وجو من التسامح، جوٌّ مضادٌّ للتحول؛ ومنفتحٌ على التأثيرات الخارجية؛ وهي الفلسفة الوحيدة القادرة على ترسيخ التباين الاجتماعي والديني للمجتمع الاندونيسي.
طاهر ترميزي والغرب:
بعد تحليله لضرورية تعزيز مجتمع متعدد الأديان والتعددية في إندونيسيا، يختلف طاهر في تقديره لكل من المسيحية والغرب؛ عن عدد كبير من المفكرين والفلاسفة المسلمين في القرن التاسع عشر والقرن العشرين. على سبيل المثال، لا يشارك محمد عبده أو رشيد رضا أو محمد البهيّ، وبعض أهم المفكرين المسلمين العرب في هذا القرن، بأن المسيحية والغرب يمثلان "الآخر"[30] نقيضاً ومن الناحية اللاهوتية، يعتبر الإسلام، كظاهرة توحيدية ودين إلهي، متشابكاً إلى حد كبير مع المسيحية. كما يناشد المثقفين الإندونيسيين أن يكونوا منفتحين؛ وأن يتعلموا قدر الإمكان عن التجارب الدينية للدول الأخرى. وبعبارة أخرى، يود طاهر أن يرعى تطوير "الذات الجماعية" في الفكر الإندونيسي المعاصر الذي لا ينتمي فقط إلى العالم الثالث - أو العالم الثالث المهمش- باستخدام عبارة الفيلسوف المغربي الراحل محمد عزيز لحبابي[31] لكن 'الذات الجماعية الديناميكية' التي تؤمن بالتعددية الثقافية والدينية مُستعدّة لمواجهة تحديات الحداثة في القرن الحادي والعشرين. هذا النهج مفتوح لجميع شرائح المجتمع ولا يميز "بين "الأغلبية" و"الأقلية" من حيث الحقوق والمسؤوليات"[32]. يقف الطاهر كمتحدث فكري؛ عن النظام الجديد؛ بقوة ضد إحياء المخاوف القديمة من التفكك الوطني أو الاجتماعي، وبالتالي يعارض أي محاولة، من الجانب الإسلامي أو المسيحي، للتخلص من أساس الوحدة الوطنية.
الإجماع الديني المشترك:
الهدف الرئيس، لذلك، هو البحث عن حيوية فكرية حول القضايا والعلاقات بين الأديان؛ مع تجاهل قضية البعثات برمتها من منظور مسيحي؛ أو من منظور قضية الدعوة الإسلامية، لذا؛ يتوقع أن يتم تحويل كل من البعثات ومواقف الدعوة وتوجيهها إلى طاقات جديدة لمساعدة فقراء الحَضَر؛ وبناء توافق ديني مشترك في إندونيسيا في القرن الحادي والعشرين. السؤال ليس حول المعاملة التفضيلية لهذا أو تلك المجموعة الدينية؛ ولكن بناء أسس اجتماعية ودينية قوية للمجتمع المفتوح. ويسعى المنظور الجديد لطاهر إلى إرساء أسس جديدة للحوار والتقارب؛ في مجتمع له إرث استعماري طويل، وهو يتطلع إلى القرن الحادي والعشرين برؤية تعددية، وبلغة طاهر: "الوئام الديني والتسامح هي مفيدة في الحفاظ على وحدة المجتمع التعددي"[33].
تمر في إندونيسيا عملية عميقة من التحديث، وهذا واضح بشكل خاص في جاكرتا. حيث غالبا ما يطرح الناس الاسئلة التالية: "ماذا يعني التحديث في بلد متعدد الأديان؟" و"ما هو النهج الذي يجب اتباعه في التعامل مع العلاقة المتزايدة بين الإسلام المنبعث مجتمع في إندونيسيا؟"، هناك أوقات حرجة تحتاج نوعا من الفلسفة الحرجة والمفتوحة، ربما، هناك إجابة واحدة مقدمة بالفعل من عالم إندونيسي معاصر يعيش في الولايات المتحدة، وهو الاستاذ علوي شهاب، الذي يقول "من منظور ديني، على قادة كل الجماعات الدينية [المسلمة والمسيحية] البحث عن الأسس الثيولوجية المتوفرة في كلا الديانتين، والتي يمكن أن نبني بها التسامح الديني"[34]. ومع ذلك؛ أعطى طاهر ترميزي؛ كمفكر ومخطط للفلسفة الدينية المعاصرة؛ أجوبة عملية للتعدد الديني في مجتمع يمر بعملية تحديث سريعة.
الأسئلة المذكورة أعلاه وغيرها كثير؛ تمكننا من الخوض في مجتمع؛ ناذرا ما يُذكر في الغرب، ويتحدث عن الإسلام الذي لا يشير إلا إلى العالم العربي، مُهمِلا جنوب شرق آسيا. ومن هنا كان إصرار الحكومة على إرسال المزيد من الطلاب والعلماء إلى المؤسسات الأكاديمية والدينية الغربية حتى يُعْرَضَ الوضْعُ على حقيقته في إندونيسيا للعالم الخارجي.
وعلى العموم، فإن علماء المسلمين وحتى الغربيين؛ يكرّسون وقتاً أقل للدراسة في العالم العربي، وقد أدى ذلك إلى ثغرات أساسية في فهم تاريخ إندونيسيا، ولا سيما وضعُها في مرحلة ما بعد الاستقلال، والتغيرات الهائلة التي خضعت إليها؛ في مستوى المعيشة؛ وفي نظرة شعبها.
خلاصة:
ختاما [يمكن القول]، مع اقتراب إندونيسيا من القرن الحادي والعشرين، وما تشهده من عصرنة أسفرت عن نتائج ملموسة في المجتمع، هناك مهمة ملحّة لتفسير ركائز البانكاسيلا الأساسية بطريقة مخلصة للتطورات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة؛ ومقبولة من طرف المجموعات الدينية الرئيسية في البلاد. وهو أمرٌ ضروريٌ في مجتمع أكثر وعياً؛ وبشكل جمعي؛ برسالته الدينية والقومية والتاريخية؛ أكثر من ذي قبل. كما أن إندونيسيا ما بعد النظام الجديد؛ بلدٌ أكثر [تقدما] مما كان من قبل. وبسبب هذا التعقيد؛ فإن إندونيسيا تتمسك بتفسير مفتوح للإسلام، وخاصة على المستوى السياسي، وهي لا تشاطر الإحياء [السلفي] الإسلامي لاعتقادها بأن عليها أن تتبع نظاماً سياسياً إسلامياً[35]. إن إندونيسيا بلدٌ فريدٌ من نوعه؛ ومثيرٌ للاهتمام، ولا تعالج الحلول البسيطة والعبارات المبتذلة المشاكل المثيرة التي واجهتها على مدى العقود الأربعة الماضية.
وبناء على ما سبق، تأخذ العلاقة بين الغرب (وخاصة الولايات المتحدة) وإندونيسيا بعداً خاصاً. وبصرف النظر عن العلاقات الاقتصادية والسياسية مع أمريكا، تتمتع إندونيسيا بعلاقات أكاديمية أيضا. وفي جو من نقص المعلومات والتضليل الإعلامي عن إندونيسيا، هناك حاجة ملحّة إلى الترويج لإندونيسيا على الصعيد الدولي، عن طريق تعيين علماء ومفكرين إندونيسيين للقيام بدور السفراء الثقافيين في العالم. كما يُمكن لإندونيسيا أن تكون نموذجا للعديد من بلدان العالم من خلال رؤيتها التعددية والعملية؛ فيما يتعلق بالعلاقات بين الأديان. وهذه بعض القضايا حول العلاقات المسيحية الإسلامية التي حاول مؤتمر جاكرتا-إندونيسيا معالجتها في شهر غشت 1997.
ملخص:
عندما يتعلق الأمر بالإسلام، يميل العديد من الغربيين إلى الإشارة فقط إلى مسلمي العالم العربي الوحيدين في العالم. ونغفل بلدان جنوب شرق آسيا وخاصة إندونيسيا، البلد الذي يتوفر على عدد كبير من المسلمين في العالم، وأيضا يمكنه أن يعطي بعض الدروس للآخرين. تتناول المقالة العلاقة بين الدين والسياسة، والتغيرات الاجتماعية والثقافية، والدور الذي يلعبه الدين فيها، كما تولى الاهتمام الخاص بالعلاقات مع الغرب: كيف نضمن استقلالا ثقافيا وكيف يعيش المسلمون في "الغرب المسيحي" وخاصة مسلمو الولايات المتحدة؟، وهل يمكننا أن نتصور صيغا جديدة من شأنها أن تنظم الحياة المشتركة في المجتمعات التعددية لتجنب هجرة الأدمغة؟، وفي هذا السياق، تأتي مساهمة الدكتور ترميزي طاهر، وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا، لأهميتها من أجل تجديد مناخ مشترك بين الأديان في بلده يتيح للجميع مناخ "تداخل الاديان" وهي فرصة "للتوافق الديني" الذي يقبله الجميع، كما سيشكل عاملا أساسيا في الوحدة الوطنية.
* مداخلة كان شارك بها الكاتب الفلسطيني الراحل إبراهيم محمد هزاع أبو ربيع في مؤتمر عقد بإندونيسيا ونشرت بمجلة دراسات إسلامية- مسيحية (ISLAMOCHRISTIANA) عدد 24 روما 1998، بعنوان in the twenty-first: Christian - Muslim relations century: Lessons from Indonesia.
** ازداد ابراهيم ابو ربيع سنة 1956 بنازاريت بفلسطين، وعمل مدرسا للدراسات الاسلامية والعلاقات المسيحية –الاسلامية بجامعة هارتفورد سيميناري بالولايات المتحدة الامريكية، كما عمل مديرا لمجلة 'العالم الاسلامي' ونشر في هذا المجال:
Intellectual Origins of Islamic Resurgence in the Modern Arab World (Albany: State University of New York Press, 1996), and the Mystical Teaching of al-shadhili (Albany: State University of New York Press, 1993).
وتوفي بعمان الأردن في يونيو 2011 ..
[1]- أستاذ باحث/ جامعة القاضي عياض مراكش.
[2] أنطوني جونس، "إندونيسيا: الإسلام والتعدد الثقافي"
Anthony Johns, « Indonisia: Islam and Cultural Pluralism » In John L. Esposito, ed., Islam in Asia: religion, Politics and Society (New York: Oxford University Press, 1987), p.208.
[3] قدم مجموعة من العلمانيين بالمؤتمر أوراقا علمية: [منهم] علوي شهاب وريتشارد ولانطاسيس وإبراهيم محمد أبو ربيع من جامعة هاتفورد سيميناري ووجون راينس وليونارد سويدلر وجيرالد سلويان ومحمود أيوب من جامعة تومبل ثم جون اسبوزيطو من جامعة جورج تاون.
[4] هذا المصطلح ذو الأصل السنسكريتي مركب من كلمتين: بانكا panca: خمسة وسيلا sila: مبادئ (وهي مبادئ بودية في الأصل)، وبانكاسيلا يشير إلى الإعلان الإندونيسي الذي هو فلسفة الدولة الاندونيسية القائمة على وحدانية الله. (المترجم).
[5] يتحدد الوضع الرسمي للحكومة الإندونيسية في كونها غير علمانية وغير ثيوقراطية، انظر طاهر تارميزي H.tarmizi Taher, Aspiring for the Middle path: Religious Harmony in (مركز جاكارطا للدراسات الإسلامية والاجتماعية 1977) ص.55.
[6] يعتقد وزير الشؤون الإسلامية السيد طاهر ترميزي "أن المهام الرئيسية لوزارته هي: تطوبر الحياة الدينية في المجتمع الإندونيسي والسهر على السير الديني والإسهام بقوة في الرفاه الاجتماعي" طاهر ترميزي Aspiring for the Middle Path، ص 23، وزارة الشؤون الإسلامية الاندونيسية Tasks and Functions، (وزارة الشؤون الإسلامية جاكاركا 1996).
[7] عبد الله ماسيكوري،
Responses of Indonesian Muslim Intellectuals to the concepts of Democracy, 1966-1993 (Hamburg: A.V.Meyer 1997) P.19
[8] نورشوليش مجيد، (الإسلام والحداثة والإندونيسية) Islam, Kemoderna dan Keindonesiaan (Bundug: Mizan 1987)
[9] يُعتبر عبد الرحمان وحيد ومُورِيديه؛ من الديمقراطيين الاجتماعيين والليبراليين الدينيين، انظر، ر. ويليام ليديل، the” Islamic turn in Indonesia: apolitical explanation” the journal of Asian Studies, vol 55(3).August1996.p.617.
[10] انظر إبراهيم ابو ربيع، في الفرق بين 'الخيال لدى الوطنيين' و'الخيال لدى الاسلاميين' في العالم الاسلامي، الفصل الثالث من الاصول الفكرية للتجديد الاسلامي في العالم العربي المعاصر (Albany: State University of New York Press, 1996s)
[11] روبرت و. هفنر، "الحداثة وتحديات التعددية: دروس إندونيسية"
Robert W.Hefner, « modernity and the Challenges of Pluralism: Some Indonesian Lessons » Studia Islamika: Indonesian Journal for Islamic Studies, Vol.2(4), 1995, p.37
[12] انظر مجيد نوشوليش، ' الجذور الاسلامية للتعدد الحداثي: التجربة الإندونيسية'
Islamic Roots and Modern Pluralism: [The] Indonissian Experience, Studia Islamika: Indonissian Journal for Islamic Syudies, vol 1(1), 1994, pp.57-77
[13] مجيد نورشوليش، الجذور الاسلامية للتعدد الحداثي، نفس المرجع السابق، ص. 60
[14] انظر بول ماري دو لاجورس، الإمبراطورية الأخيرة، (باريس جراسيت 1996) وانظر، اجناسيو رامونيط، الإمبراطورية الأمريكية، لوموند ديبلوماتيك 1997، ص.1
Paul-Marie de Gorce, le Dernier Empire(Paris: Grasset, 1996), and Ignacio Ramonet, « l’empire americain. »le Monde Diplomatique, February1997, p.1
[15]اندرسون. ب. B.Anderson, Imagined communities (London Routledge, 1992)
[16] تقدير اليسجاهبانا. س.(S.Takdir Alisjahbana) Individualisme en Gemeenschapsbewustzijn in de Moderne Indonesische Letterkunde, Poejangga Baroe march 1941.
[17] انظر، أناسيو رومانيت:
Ignacio Ramonet, « l’empire americain ». le Monde Diplomatique, February1997, p.1.
[18] Dinesh D’Sauza « Solving America’s Multi cultural Dilemma » the world and I, January, 1996
[19] نفس المرجع، راميت Rammet، صص.29-30
[20] ولد الوزير طاهر ترميزي في غرب سومطرة باندونيسا، الاقليم الذي عرف بالإسهامات الاصلاحية في الفكر الاسلامي الحداثي، درس الطب في جامعة إرلانغا Airlangga، سورابايا، حيث كان قائدا للطلبة المسلمين من خلال جمعية تسمى ب HMI، كما كان رئيسا لجمعية الجامعة الطلابية. وبعد تخرجه بكلية الطب التحق بالصحة البحرية. وبعد ذلك، اصبح وزيرا للشؤون الاسلامية الى غاية 1993. (مقابلة مع الدكتور فاثودين، هارتفورد سيميناري، هارتفورد سي تي شتنبر 1997).
"لمعرفة رأي بعض أفراد المجتمع الكاثوليكي حول التوتر الديني في المجتمع الإندونيسي المعاصر، يُرجى زيارة منتدى التواصل الكاثوليكي الاندونيسي" إغلاق وتضرر واحراق حوالي 374 كنيسة في إندونيسيا بين 1945 الى 1997 " منشورات ICCF (سورابايا، 1997).
[21] لمعرفة وجهة نظر بعض الناس في المجتمع الكاثوليكي، حول الاتجاه الديني في إندونيسا المعاصرة، يرجى زيارة المنتدى الإندونيسي الكاثوليكي للتواصل «the Closing Damage and Burning of 374Church Buildings in Indonesia from 1945 to 1997 » ICCF Publications (Surabaya, 1997).
[22] Barbara Brown Zikmund, New Program on Interfaith Relations with the Republic of Indonesia, Praxix: News from Hartford Seminary, Vol.IX, No.1, Jully 1997.
[23] Ali Munhanif, Islam and the Struggle for Religious Pluralism in Indonesia: Political Reading on the ReligiousThought of Mukti Ali, Studia Islamika: Indonesian Journal for Islamic Studies, Vol.3(1), 1996, pp.79-126.
[24] H.Tarmizi Taher, Aspiring for the Middle Path: Religious Harmony in Indonesia (Jakarta Center for the Study of Islam and Society. 1997).
[25] Barbara Brown Zikmund, « Rethinking a Christian theology of Mission » Praxis: News From Hartford SEminary, Vol.IX, No.1, Jully1997, p.4
[26] ترميزي طاهر، ص.44
[27] نفس المرجع، ص.98
[28] "باسم فلسفة بانكاسيلا، يعتقد ممثلو الدولة انه يجب عليهم الحفاظ على الانسجام داخل كل دين، وبين جميع الأديان وبين الدين والدولة" F.Raillon, « Chrétiens et Musulmans en Indonésie: les voies de la tolérence.Islamochristiana(Rome), vol.15, 1989, pp.162-3.
[29] ترميزي طاهر، ص.9
[30] انظر إبراهيم محمد ابو ربيع، "مفهوم 'الآخر' في الفكر العربي المعاصر: من محمد عبدو الى عبد الله العروي" الاسلام والعلاقات المسيحية-الاسلامية مجلد 8 (1) 1997ـ، ص.85-97
[31] انظر، الحبابي محمد، عالم الغد: العالم الثالث المتهم (دار الكتاب، الدار البيضاء 1980)
[32] ترميزي طاهر، ص.5
[33] نفس المرجع، ص.42
[34] شهاب علوي، "اللقاءات الاسلامية-المسيحية في إندونيسيا" أخبار: مركز جامعة هارفارد للدراسات حول العالم الديني، مجلد 4(2)، ربيع 1997، ص.11
[35] يمكن لطاهر ترميزي أن يوافق على الحالة التالية: " تحصل مراجعة الاتهامات عادة عندما تصل الجماعات الإسلامية إلى السلطة وتنكشف رؤيتها، بالمعنى المعجمي الجديد، في محاربة البانكاسيلا. هذه الإمكانية تحيي المخاوف القديمة التي تؤجج عدم الاندماج الوطني، وهو انفجار للعداوة الإسلامية-المسيحية، وبالتالي توقف إندونيسيا كبلد علماني" أدام شوارتز، أمة في الانتظار: إندونيسيا في التسعينيات (Boulder: Westview Press, 1994)، ص.165