العلمانيّة ومعوّقاتها في تصور هنري بينا-رويز


فئة :  مقالات

العلمانيّة ومعوّقاتها في تصور هنري بينا-رويز

العلمانيّة ومعوّقاتها في تصور هنري بينا-رويز

ينقسم كتاب (ما العلمانيّة؟) إلى قسمين: قسم أوّل بعنوان «المَثَل الأعلى العَلماني»، تضمّن بحثاً في معنى العلمانيّة وفي أسسها الفلسفيّة. ولكنّ الكاتب لم يقف عند حدود المقاربة النظريّة للمفهوم، بل إنّه تابع مسار تشكّله عبر التاريخ السياسي الحديث لأوروبّا. يطرح الكاتب في هذا القسم أسئلة على غاية من الأهميّة، ويسعى إلى تقديم إجابات عنها: ما المبادئ النظريّة للعلمانيّة؟ هل تتحدّد العلمانيّة بوصفها فصلاً بين الدولة والدين؟ كيف تشكّل مفهوم العلمانيّة من خلال مسار العلمنة؟ ما تحدّيات العلمانيّة في المجتمع المفتوح؟ هل يستطيع المؤمنون تمثل الفكرة العلمانيّة وتملّكها دون التخلّي عن خيارهم الديني أو على الأقلّ دون مراجعته؟ فيمَ تتمثل قيمة المَثَل الأعلى العلماني؟ وأمّا القسم الثاني، فقد خُصّص للمشكلات التي تطرحها وتواجهها «العلمانيّة اليوم».

يرى الكاتب أنّه لا يمكن اختزال العلمانيّة إلى مجرّد علمنة الوظائف المدنيّة التي كانت في السابق حكراً على السلطات الدينيّة. كما أنّها ليست مجرّد حياد عقائدي يميّز موقف الدولة إزاء المجتمع ومكوّناته الطائفيّة أو المذهبيّة. إنّ العلمانيّة تتمثل في تأسيس الحريّة بالنسبة إلى الفرد والمجتمع، وهي طريقة للتنظيم السياسي والاجتماعي «يرفع في الوقت نفسه القوّة العامّة إلى كونيّتها المبدئيّة والمواطنين إلى استقلاليتهم العقليّة، الاستقلاليّة التي تجعلهم سادة أنفسهم ومقتدرين على أن يعيشوا انتماءاتهم بطريقة متحفظة فيعطوا معنى للعالم المشترك»[1]. ولكنّ البُعد العملي الإجرائي للعلمانيّة ليس بلا أساس نظري وليس بلا مرجعيّة معياريّة.

يرى بينا-رويز أنّ العلمانيّة ترتبط بإشكاليّة الجود والسخاء، فالإنسان كائن ذو كرامة؛ أي إنّه يتمتّع بحقوق ذاتيّة ولا يمكن اختزاله إلى ما تصنع به الأقدار والظروف. ولذلك فإنّ رهان العلمانيّة هو تحقيق قيم الحريّة والمساواة والعدالة بين المواطنين في إطار الجمهوريّة الديمقراطيّة. يتحدّث صاحب كتاب (ما العلمانية؟) عن «المَثَل الأعلى العلماني» القائم على مبادئ أساسيّة هي: حريّة الضمير والمساواة بين المواطنين وحياد الدولة والبُعد الكوني[2]. ويؤكّد أنّ «المَثَل الأعلى العلماني» لا ينفصل عن العدالة الاجتماعيّة، فمن دون عدالة اجتماعيّة قائمة على الإنصاف ستبقى تلك المبادئ مجرّد أفكار أو شعارات بلا صدى في الواقع[3].

يرى بينا-رويز أنّ قانون الفصل بين الدولة والكنائس، الذي صدر عام (1905)، هو الأساس القانوني للجمهوريّة. يتضمّن نصّ القانون المذكور تأكيداً على أنّ البنود الواردة فيه تقوم على مبدأين أساسيين: حريّة الضمير وحياد الدولة إزاء الكنائس. «يوضح البند الأوّل أنّه يجب على الجمهوريّة أن تضمن حريّة الضمير». يجب فهم هذه الحريّة بالمعنى العام للكلمة؛ أي إنّها تخصّ المؤمنين وغير المؤمنين، ولا يمكن اختزالها إلى حريّة التديّن. «تُفهم الحريّة، بالفعل، كحريّة للجميع ومن أجل الجميع وهي لا تنفصل عن المساواة. لذلك لا يمكن أن تستمرّ الجمهوريّة في تفضيلها أشكال الاعتقاد الدينيّة»، وهو ما يؤكّده البند الثاني من القانون نفسه في نفيه الثلاثي للامتيازات والسلطات التي كانت تتمتّع بها الأديان في السابق: الجمهوريّة الجديدة لا «تعترف»، ولا «تؤجّر»، ولا «تموّل» أيّ نشاط ديني، سواء كان تعبديّاً أم تعليميّاً أم دعويّاً. ينبّه بينا-رويز إلى أنّ عدم الاعتراف القانوني بالأديان لا يعني التضييق على المتديّنين، أو العمل على إلغاء كلّ أشكال العبادات، بل يعني حصرها في مجال الحياة الخاصّة للمؤمنين؛ وذلك حماية للحريّة وضماناً للمساواة بين المواطنين في الفضاء العام. «عندما تأخذ ماريان، أي الجمهوريّة المنشغلة بالمساواة بين المواطنين الذين يشكّلونها، مكان قيصر، فإنّها لا يمكن أن تحافظ على الانقسامات، أو أن تديم منطق الهيمنة، فمن مهمّتها القضاء على تلك الانقسامات دون انتهاك لحريّة ممارسة العبادات الدينيّة المدرَجة ضمن حريّة الفضاء الخاص». هكذا، إذن، من صميم وظيفة ماريان[4] أو الجمهوريّة أن تمنع حصول الانقسامات في الجسم السياسي، الانقسامات التي يمكن أن تهيّئ مناخاً ملائماً لتشكّل هيمنة سياسيّة باسم الدين.

لم يغب عن ذهن بينا-رويز خطورة المواقف المعترضة على العلمانيّة في صيغتها الجمهوريّة كما تحققت في فرنسا، وهو اعتراض قد يصل إلى حدّ رفضها تماماً. لقد جرى الاعتراض على العلمانيّة على المستوى المحلّي؛ أي في نطاق الدول القوميّة من قِبل الجماعاتيين (communautariens) المدافعين عن الخصوصيّات الثقافيّة والدينيّة للجماعات أو الطوائف، وعن استقلاليّة المجتمع المدني عن سلطة الدولة، كما وُوجهت بالرفض على المستوى الدولي من خلال مؤسّسات وجمعيّات دوليّة تدافع عن الإيمان والتديّن، وترى في العلمانيّة خطراً على الدين ولذلك يجب مقاومتها بكلّ الوسائل الفكريّة والقانونيّة. يقول بينا-رويز: «هناك مشروع منهجي منظّم على المستوى الوطني (يقصد فرنسا) لتحريف العلمانيّة المدرسيّة التي تُعدُّ خطيرة على الهيمنة الجماعاتيّة»[5].

لا يتناول الكاتب العلمانيّة من منظور نظري وفلسفي بحت، وإن كان البحث المفهومي حاضراً في مختلف فصول كتابه. إنّه يطرح العلمانيّة بوصفها مشكلة اجتماعيّة وسياسيّة وثقافيّة راهنة. يرى بينا-رويز أنّ سعي الجماعات الإسلاميّة في أوروبّا للحصول على مواقع، ليس في الفضاء العام فحسب، بل في المؤسّسات التعليميّة العموميّة، يمثّل خطراً على العلمانيّة التي تمثل، في نظره، ضماناً لوحدة الشعب. ولكنّ رفضه لتدخّل جهات دينيّة في المدرسة العموميّة، وكذلك رفضه لمحاولتها الهيمنة على الفضاء العام، لا يتعلّق بالجماعات الإسلامية فحسب، بل ينسحب على كلّ الجماعات والمنظّمات الدينيّة واللّادينيّة. «تدعو المدرسة العلمانيّة إلى رفض متزامن للتمشّي الدعوي (التبشيري) صريحاً كان أو خفيّاً، بل المُتخفي تحت قناع 'الإرشاد الديني'، وللمسار الجدالي الرامي إلى إبراز تهافت العقيدة. لا مكان للتقييم الإيجابي للدين أو للإلحاد المناضل في مدرسة الجمهوريّة المفتوحة أمام الجميع. لذلك لا يمكن للمدرسة العموميّة في أيّ حال أن تتنازل 'للفاعلين في المجتمع المدني' عن مهمّة التعليم العمومي الموجّه بالمبادئ الجمهوريّة والآدابية (الدينطولوجيا) العلمانيّة التي تمثل المدرسة ترجمة لها. يأخذ واجب التحفّظ هنا معنى خاصّاً، فهو يدلّ على وجود خطر كبير يهدّد المدرسة العموميّة عندما تجتاحها تناقضات المجتمع المدني، بل حرب الآلهة التي تحدّث عنها ماكس فيبر (Max Weber)»[6].

يمكن القول إنّ الفكرة الأساسيّة، التي ينتهي إليها بينا-رويز، من خلال استقصائه النظري لمفهوم العلمانيّة وبحثه التاريخي في سياقات تشكّله وتطبيقه في المجال السياسي، هي أنّ العلمانيّة غير قابلة للاختزال أو التأويل أو التنسيب. إمّا أن توجد العلمانيّة مبدأً سياسياً موحّدا للشعب، ومجموعةَ قيمٍ (الحريّة، المساواة، الكونيّة) منظّمة وموجّهة للوجود الاجتماعي السياسي، وإمّا ألّا توجد. يرفض الكاتب ما يعدّه تحايلاً على العلمانيّة مهما كانت الأسماء أو العناوين التي يمكن أن يختفي وراءها مثل «العلمانيّة المفتوحة» و«العلمانيّة الجزئيّة» و«العلمانيّة المتسامحة» و«مراجعة العلمانيّة» و«ما بعد العلمانيّة». «يريد البعض إعادة تعريف العلمانيّة بوصفها علمانيّة 'منفتحة'، ويقصدون بذلك 'انفتاح' المؤسّسات العموميّة على إحياء الامتيازات الرسميّة للديانات. وهي امتيازات تتعارض مع مبدأ أساسي من مبادئ العلمانيّة: المساواة بين الجميع، مؤمنين مختلفين، ملحدين ولا أدريين. تنطبق هذه المساواة أيضاً على الديانات. فقد ناضل الكاثوليك أنفسهم بهدف الفصل بين الدولة وكلّ كنيسة عندما فُرضت ديانة 'رسميّة' أخرى؛ أي البروتستانتيّة في صيغتها الكالفينيّة في هولندا (القرن التاسع عشر) أو الكنيسة اللوثريّة، كنيسة الدولة، في الدانمارك»[7].

يذهب كثير من الباحثين والفاعلين السياسيين والدينيين إلى أنّ العلمانيّة على الطريقة الفرنسيّة لا تتماشى مع الحقوق والحريّات الأساسيّة للأفراد، وتطبيقها بطريقة صارمة لن يكون إلّا شكلاً من أشكال الاستبداد. تتعارض العلمانيّة الصارمة (الفصل بين السياسي والديني، حياد الدولة، استبعاد الدين من الفضاء العام وخاصّة من المدرسة)، في رأى الكثيرين، مع حريّة الضمير والتديّن، وهما شكلان للحريّة غير قابلين للفصل. ليس من العدل منع الناس من التعبير عن معتقداتهم وممارسة عباداتهم في الفضاء العام بحجّة أنّ ذلك ما تقتضيه المساواة القانونيّة والسلام الاجتماعي. إنّ مبدأ الحياد العقائدي للدولة لا يلزم عنه احتكارها للفضاء العمومي واعتبار تدخّل الدين فيه خطراً على المجتمع والدولة؛ لأنّ الفضاء العمومي هو مجال تبلور الخيارات الروحيّة للمواطنين، بغضّ النظر عن طبيعة عقائدهم. ذلك هو موقف الرافضين للعلمانيّة الصارمة كما عبّر عنها قانون (1905). إنّ هذه القراءة للقانون المذكور تتناقض مع قراءة بينا-رويز. يرى هذا الأخير أنّ قانون الفصل اللّائكي، الذي يُعَدّ اكتمالاً لمسار العلمنة الذي بدأ عام (1881) و(1886) مع قوانين غوبلي (Goblet) وفرّي (Ferry)، رسّخ «قيم التحرّر العلماني الأساسيّة الثلاث: حريّة الضمير التي لا تُردّ إلى 'الحريّة الدينيّة' فقط، المساواة بين جميع المواطنين مهما كانت توجّهاتهم الروحيّة سواء كانت دينيّة أم من طبيعة أخرى، اعتبار المصلحة المشتركة؛ أي اعتبار الكوني محور القانون العام والفضاء العمومي»[8].

تواجه التجربة العلمانيّة، على الرغم من رسوخها في التاريخ والمجتمع الغربيين، معوّقات كثيرة يمكن هنا أن نذكر بعضها بإيجاز: ظهور قوى ضغط جديدة في المجتمع توظّف المجتمع المدني والأدوات القانونيّة للاعتراض على الفصل بين الديني والسياسي، وكذلك للمطالبة بحضور أوسع للمنظّمات والجمعيّات الدينيّة في الفضاء العمومي. كما يسعى الدينيّون إلى تغيير القوانين من أجل استعادة الامتيازات التي كانت تتمتّع بها الأديان في السابق على غرار ما هو موجود في مقاطعة الألزاس- موزال (Alsace-Moselle). ولا شكّ في أنّ تغيّر بنى المجتمعات الغربيّة بسبب الهجرة من دول الجنوب المسلمة مثّل تحدّياً آخر للعلمانيّة على الأقلّ في صيغتها الفرنسيّة. لقد اقترنت العلمانيّة منذ ظهورها بالدولة-الأمّة كياناً محدّدَ المعالم وذي هويّة مميزة. ويمكن القول إنّ التصوّر العلماني الجديد مكّن الدولة الحديثة من التخلّص من القوى التقليديّة المعتمدة على الإيديولوجيا الدينيّة. تغيّر الواقع اليوم، وأصبحت هذه الدولة تصارع من أجل الحفاظ على كيانها في عصر الرأسماليّة المعولمة، التي لا تعترف بالحدود الجغرافيّة أو الثقافيّة أو القانونيّة. هل تستطيع الدولة اليوم أن توفّر لمواطنيها، بالإضافة إلى شروط الحياة الماديّة، مقوّمات الوجود الروحيّة والرمزيّة؟ إنّها عاجزة عن التحكّم في عمليّات إنتاج الأشياء الماديّة والرمزيّة التي أصبحت عالميّة، كما أنّها عاجزة عن التحكّم في حركة الأجساد والأفكار والرموز. كيف لها، إذن، أن تفرض رؤية علمانيّة على مواطنيها وهم ذوو مشارب روحيّة متنوّعة وانتماءات ثقافيّة مختلفة؟ في هذا السياق طرح بعض المفكّرين فكرة تجاوز العلمانيّة.

يجب إيلاء فكرة مراجعة العلمانيّة، وخاصّة في صيغتها الفرنسيّة، الأهميّة التي تستحقّها، فهي لا تدلّ على حيويّة المفهوم وفاعليته فحسب، بل على أهميّة التحوّلات الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة التي تدفع إلى مراجعة المفاهيم والمقولات القديمة، أو نحت أخرى جديدة. إذا رأينا أنّ العلمانيّة نمط حوكمة يقوم على مبدأين أساسيين هما حريّة الضمير والمساواة في الكرامة والاحترام، ويتطلّب نمطين إجرائيين هما الفصل بين الكنيسة والدولة وحياد الدولة العقائدي[9] من أجل ترجمة القيم والمبادئ العلمانيّة إلى واقع اجتماعي وسياسي، فإنّ فكرة الفصل بين الديني والسياسي تصبح غير كافية لتحديد العلمانيّة، وربما فاقدة للصلاحيّة في مجتمع ديمقراطي تعدّدي. قد يكون من الصعب في بعض الحالات إيجاد الانسجام بين غايات العلمانيّة وأنماطها الإجرائيّة، ولذلك يجب البحث عن تسويات لتحقيق التناغم بين تلك المثل العليا. إذا كانت العلمانيّة تقوم على حريّة الضمير والاعتقاد، فهل يحقّ للدولة، أو لأيّ جهة أخرى، أن تحدّ من حريّة العبادة، كأن تمنع إظهار الرموز والعلامات التعبّديّة في الفضاء العمومي؟ هل يمكن تفضيل أحد المبدأين على الآخر أو اعتباره ذا أولويّة؟ تدلّ مثل هذه الأسئلة على أنّ العلمانيّة ليست مفهوماً متكلّساً تحدّدت دلالته بشكل نهائي. في هذا السياق يبدو لنا أنّ فكرة تبنّي «تصوّر موسّع للعلمانيّة»[10] على غاية من الأهميّة.

يندرج تصوّر بينا-رويز للعلمانيّة ضمن المشروع الجمهوري، الذي يراهن على تحقيق قيم المساواة والاستقلاليّة، ويرى أنّ الدين بطبيعته ينزع إلى الهيمنة من خلال تطويع السلطة الزمنيّة وتوظيفها، ولذلك يجب حصره ضمن الفضاء الخاص؛ حيث يتمّ التعبير عن القناعات الدينيّة وتُمارس حريّة العبادات. يتحقّق التحرّر، بحسب التصوّر الجمهوري، قبل كلّ شيء، بمقاومة نزعة الهيمنة اللّاهوتيّة السياسيّة. يبدو هذا المشروع متعارضاً مع المشروع الليبرالي للتحرّر السياسي القائم على التنظيم العقلاني والاستقلاليّة الفرديّة[11].

[1] - Qu'est-ce que la laïcité?, p.43

[2] -Ibid., pp.107-112

[3] -Ibid., p.139

[4] - ماريان (Marianne) رمز لفرنسا التي تحرّرت بعد الثورة من السلطة المَلكيّة المطلقة، التي استعبدت الأمّة طويلاً، وتحوّلت بعد قيام الثورة إلى جمهوريّة. «تقرّماريان، وهي صورة الشعب السيّد الذي يشرّع قوانينه بنفسه، بحقوق الإنسان غير القابلة للتقادم. كما أنّها تُثبّت الحدّ بين العام والخاص بحسب معيار واضح: ينبغي أن يتحدّد مجال القانون بما يمثل مصلحة مشتركة دون تقييد ولا إسراف». (Qu'est-ce que la laïcité ?, p.92). انظر كذلك: Henri Pena-Ruiz, Dieu et Marianne, Paris, Quadrige/Puf, 1999.

[5] -Ibid., p.110

[6] -Ibid., p.239

[7] -Ibid., p.248

[8] -Ibid., 148-149

[9] -Laïcité et liberté de conscience, p.30

[10] -Ibid., p.37

[11] - Roger Monjo, «Laïcité et société post-séculière», Tréma, N°1 avril 2014. [En Ligne]: http://www.journals.openedition.org/trema/2710; DOI: 10.4000/