العلوم الاجتماعية في موريتانيا بين الصّعوبات التاريخية والبحث عن دورٍ فاعل
فئة : مقالات
العلوم الاجتماعية في موريتانيا
بين الصّعوبات التاريخية والبحث عن دورٍ فاعل([1])
تقديم
على الرغم من الصّعوبات وعدم الاهتمام، والعديد من التحدّيات الأخرى التي واجهتها العلوم الاجتماعية منذ استقلال موريتانيا عام 1960، فإنها شهدت قفزة نوعية على الصعيدين الكمي والكيفي خلال السنوات السبع الأخيرة. وبتزامن مع فجر الثورات العربية (2010) بدأت هذه العلوم، وخصوصا علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والإثنولوجيا، تحتلّ مكانة علمية وأكاديمية، بل وإعلامية أعلى منزلة استندت على قدرات المختصين ومهاراتهم في تنوير الرأي العام وتفسير الظواهر الاجتماعية وتحليلها، ومواكبة التغيرات على كل المستويات والطبقات الاجتماعية والميادين.
لكن بعض الأسئلة لا تزال تطرح نفسها في ظلّ كل هذه التوجهات الجديدة للعلوم الاجتماعية، وهي التالية:
1- ما هو الدور الحقيقي الحالي للعلوم الاجتماعية في موريتانيا؟
2- ما هي الوضعية الحقيقة لهذه العلوم من ناحيتي الأكاديميا والبحث العلمي؟
3- هل حققت النتائج المرجوة وما هي آفاقها المستقبلية؟
في محاولتنا الإجابة عن هذه الأسئلة، اعتمدنا البحث الميداني للوصول إلى المعطيات. حصيلة البحث هي خطة جامعة نواكشوط العصرية الاستراتيجية، وخطة كلية الآداب والعلوم الإنسانية الاستراتيجية، وهما الخطتان اللتان سنعتمد تحليل مضمونهما. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدنا وثائق علمية متخصصة غطت كل ميادين العلوم الاجتماعية في موريتانيا، بالإضافة إلى معطيات كمية حول واقع التدريس والبحث في العلوم الاجتماعية في موريتانيا. وزيادة على هذه المعطيات، تولّينا الاطلاع على عدد من المقالات المنشورة التي اهتمت بوضعية البحث الجامعي في العلوم الاجتماعية في موريتانيا، ودققنا بعض المعطيات من خلال مقابلات أجريناها مع رؤساء مراكز البحث.
بصرف النظر عن بعض الإنجازات الطفيفة، ظلت وضعية العلوم الاجتماعية تراوح مكانها حتى فجر الثورات العربية في 2010
أولا: العلوم الاجتماعية في موريتانيا منذ الاستقلال
منذ استقلال موريتانيا عام 1960، تولدت لدى النخبة العلمية والباحثين في العلوم الاجتماعية رغبة واسعة للبحث في مجال العلوم الاجتماعية كالتاريخ والمجتمع والاقتصاد والسياسة والقانون والجغرافيا... إلخ. واستمرّ هذا التوجه في الاطراد خلال العقود الخمسة الموالية لتاريخ استقلال موريتانيا وصولا إلى فجر الثورات العربية (2010). ويمكن القول بأن وضعية العلوم الاجتماعية في موريتانيا خلال النصف الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من هذا القرن الواحد والعشرين، غير ملائمة لعدة أسباب، نذكر منها خصوصا النقص في تنظيم البحث وتأطير الباحثين، وعدم توجههم إلى القطاعات التنموية ذات العلاقة بالإبداع والتجديد وقضايا المجتمع.
1- فترة تهميش العلوم الاجتماعية:
ظلت العلوم الاجتماعية خلال عقدين كاملين منذ استقلال موريتانيا في 1960 وحتى 1980 تعاني الإهمال والتهميش، فكان الإنتاج العلمي هزيلا، ولم يلق اهتماما يليق بأهميّة تلك العلوم ولا بالمختصين فيها. ولعل السبب الرئيس لهذا التهميش راجع إلى عدم فهم أدوار العلماء الاجتماعيين، وعلى الأخص منهم علماء الاجتماع في تنوير المجتمع وتحسيس أفراده وتوعيتهم حول قضايا مجتمعهم وحول السياسات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد؛ وحتى الطبقة المثقفة، كانت لا ترى دورا للمختصين في العلوم الاجتماعية في تحليل المشكلات الاجتماعية الموريتانية. كما يجب التنبيه إلى أنه خلال تلك الفترة كانت نسبة تمدرس الموريتانيين متدنّية جدّا والأمية منتشرة في شتى شرائحهم السكانية.
2- حلّ مؤقت ومنقوص: تأسيس مساقات متخصصة ضمن جامعة نواكشوط
يمكن القول، إن تأسيس جامعة نواكشوط في 1981 جاء، من بين ما جاء من أجله، لتقويم تدريس العلوم الاجتماعية وتعزيز البحث العلمي فيها، ولكن لم يكن تأسيس جامعة نواكشوط العصرية إلا حلّا مؤقتا لمشكلة انعدام مكانة علمية أو أكاديمية للعلوم الاجتماعية. يعود إنشاء هذه المؤسسة إلى ثلاثة عقود، ورغم التحديات والنواقص فقد شاهدنا في هذه الجامعة إنتاجا علميا ثريا في العلوم الاجتماعية شمل بحوثا طلابية تختم مراحل الدراسة في مستويي "الليسانس" و"الماستر". أما المجالات العلمية التي شملتها هذه البحوث، فهي الفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ والجغرافيا وعلوم إنسانية مثل علوم اللغة والآداب. من جهة أخرى، وخارج نطاق الدراسة الجامعية وما يتعلق بها من بحث علمي مؤسسي، لم تكن هنالك إرادة سياسية واضحة تدفع بالعلوم الاجتماعية قدما أو تمنحها المكانة اللائقة بدورها. وعلى ذلك، ظل صيت العلوم الاجتماعية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية الموريتانية باهتا ودورها في تحسيس وتنوير الرأي العام حول قضايا الساعة ومنقوصا. وبصرف النظر عن بعض الإنجازات الطفيفة، ظلت وضعية العلوم الاجتماعية تراوح مكانها حتى فجر الثورات العربية في 2010
ثانياً: مرحلة جديدة ومنعرج تاريخي
1- تحويرات قانونية تأسيسية:
ابتداء من 2009، تزايد الاهتمام الممنوح من الرأي العام ومن السلطات العمومية في موريتانيا للعلوم الاجتماعية، وانحسر الإهمال والأفكار المسبقة التي كانت ذائعة عنها. وفي الوقت نفسه أخذت النخبة السياسية والثقافية الموريتانية تفهم رويداً رويدا دور العلوم الاجتماعية في تنوير الشعب والتحليل الدقيق لبعض القضايا والظواهر والمشكلات الاجتماعية.
وبالمزاواة مع ذلك، شهدت الساحة الجامعية الموريتانية تطوراً كبيرا من حيث تنوع الشُّعب العلمية وتعدّدها، حيث دخلت المؤسسة الجامعية الموريتانية ابتداء من 2009 مرحلة جديدة. وبالفعل، لقد أُنشئت شعب جديدة متخصصة في العلوم الاجتماعية ضمن نظام الإجازة (ست سداسيات (= ثلاث سنوات) سنوات للتكوين الأساس) والماجستير (أربع سداسيات (= سنتان) للتكوين التكميلي الموجه نحو البحث أو نحو التطبيق والمهنية) والدكتوراه (ثلاث سنوات بحث)[2]، نذكر منها علم الاجتماع والتنمية المستدامة وبعض الشعب المهنية في الاختصاصات الاقتصادية والعلوم الإنسانية والاجتماعية.
وفضلاً عن ذلك، جاءت عدة مراسيم قوانين لتثمين البحث وتأطير الباحثين في العلوم الاجتماعية وتوجيههم إلى المواضيع التي تهم المجتمع الموريتاني بكافة أطيافه من رجل الشارع حتى النخبة والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والمنظمات غير الحكومية... إلخ. فقد جاء مرسوم القانون رقم 164/2009 في 26 أبريل (نيسان) 2009، ليحدد طرق إنشاء وتنظيم المخابر ووحدات البحث في مؤسسات التعليم العالي الموريتانية. وإلى جانب هذا المرسوم صدر قرار رقم 1159/2011 بتاريخ 29 مايو 2011، ليحدد معايير الترشيح لإنشاء وحدة البحث والمخابر في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي الموريتانية، وانضاف إلى ذلك قانون ت0841 بتاريخ 20 مايو (أيار) 2013 والهادف إلى تنظيم مدارس الدكتوراه ولجنة الأخلاقيات المهنية ضمن هذه الهيئات.
2- قفزة كمية ونوعية في البيئة الحاضنة للبحث العلمي:
على إثر صدور مراسيم القوانين، تم إنشاء الهيئات المختصة في البحث العلمي الاجتماعي في موريتانيا. ومن إجمالي 53 مؤسسة موريتانية ما بين مخابر ووحدات بحث في مختلف الاختصاصات العلمية، نجد أن 26 هيئة لها أنشطة تتعلق بالبحث في ميادين اجتماعية، وذلك في كليتي الآداب والعلوم والإنسانية والقانون والاقتصاد، وكذلك في المدرسة الوطنية للإدارة وفي المدرسة العليا للتعليم، وكلها واقعة في نواكشط. وتؤكد الإحصائيات المتوفرة أن هذه الهيئات تشتمل على اختصاصات متنوعة في العلوم الإنسانية والاجتماعية[3]. وفي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنواكشوط، تم إنشاء مراكز متخصصة لدراسة الثقافات والظواهر الثقافية وبعض المشكلات الاجتماعية التي تطرح في المجتمع الموريتاني. ونذكر من ضمن هذه الهيئات، المركز الجامعي للدراسات الصحراوية، الذي يقوم بترقية البحث الجامعي متعدد الاختصاصات حول الفضاء الصحراوي الموريتاني والمجاور.
وإلى جانب مؤسسات البحث الجامعي وهياكله، تم أيضا إنشاء مراكز بحوث مختصة عن طريق باحثين أو شخصيات سياسية لها علاقة بالجامعة أو بالساحة الإعلامية الموريتانيتين؛ من بين هذه المراكز، نذكر مثلا المركز الموريتاني للبحث والدراسات في العلوم الإنسانية (مبدأ) وكذلك المركز المغاربي للدراسات والبحوث الاستراتيجية. وتتولّى هذه المراكز تنظيم الندوات العلمية والمحاضرات حول عدة مواضيع اجتماعية نستعرضها لاحقاً.
وإلى جانب التغطية الإعلامية المكتوبة للكثير من الأنشطة الجامعية، يمكن القول إن المحطات الإذاعية والتلفزيونية الموريتانية اضطلعت بدور بارز في التحسيس بدور مختصي العلوم الاجتماعية والباحثين الاجتماعيين في موريتانيا، سواء أكانت تلك المحطات عمومية أم خاصة، ومنها القناة الوطنية (الموريتانية) وقناة الساحل وقناة المرابطون، وهي قنوات تنظم منذ 2010 حلقات نقاش أسبوعية أو يومية بين مختصين موريتانيين في العلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومنهم كوكبة من علماء الاجتماع.
ثالثا: الإنتاج العلمي في العلوم الاجتماعية
1- تطور الإنتاج البحثي:
يعدّ الإنتاج العلمي العمود الفقري لترقية العلوم عموما، وهذا ما فهمه العديد من الباحثين المتخصصين الموريتانيين في العلوم الاجتماعية التي تعد من أكثر الاختصاصات إنتاجاً ونشرا على صفحات المجلات والدوريات العلمية الوطنية الموريتانية. وحسب معطيات الدليل الإحصائي للتعليم العالي في موريتانيا التي تهمّ السنوات القليلة الماضية، كان 55 % من المقالات العلمية المنشورة في المجلات المحّكمة على المستوى الوطني الموريتاني في تخصصات الفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ والحضارة. وحسب نفس المصدر، تعتبر العلوم الاجتماعية أوسع انتشارا من العلوم الطبيعية والرياضية من حيث كمية نشر الكتب العلمية. وإلى جانب هذا الإنتاج العلمي المكتوب، نظمت داخل الوسط الجامعي، وعلى امتداد السنوات الأخيرة، عدة أنشطة منها اللقاءات الفكرية والندوات العلمية والمحاضرات المختصة حول التحديات الاجتماعية المطروحة على المجتمع الموريتاني.
من الناحية الكمية، وحسب المعطيات التي استقيناها من المقابلات التي أجريناها مع عدد من مديري مراكز البحوث في مؤسسات التعليم العالي التي ذكرناها آنفا [4]، لا تقلّ حصيلة البحوث التي تدخل ضمن إعداد شهادتي الإجازة والماستر منذ تحوير نظام الدراسات وتبني نظام إمد (2009) عن أربعة آلاف عنوان تندرج ضمن العلوم الاجتماعية عامة من علم اجتماع وتاريخ جغرافيا واقتصاد...إلخ. ومن بين هذه البحوث الاجتماعية، ما تمت مناقشته في كلية الآداب والعلوم الإنسانية والمدرسة العليا للتعليم العالي والمدرسة الوطنية للإدارة وكلها واقعة في نواكشوط. ولجلّ هذه البحوث الأخيرة خصوصية، حيث هي ناتجة عن التوجه إلى الميدان لممارسة البحث الإمبريقي، حيث إن جلّها هُيِّئ على صيغة مسح ميداني يهم حيّا أو جهة معينة أو شركة أو مجتمعا أو قبيلة في الوسط الحضري أو في الوسط الريفي الموريتانيين[5].
وفضلا عن ذلك، ونتيجة للقفزتين الكمية والنوعية اللتين شهدتهما مؤسسات البحث، صار بإمكان الجامعة الموريتانية، ومنذ 2010، تنظيم ندوات ولقاءات سنوية في المؤسسات العلمية التابعة لها تعالج القضايا ذات الأهمية بالنسبة إلى حياة الموريتانيين. وعلى سبيل المثال، تمّ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنواكشوط من 2010 إلى 2016 تنظيم 15 محاضرة و17 ندوة علمية اهتمت بالمواضيع والقضايا الاجتماعية ذات الأولوية، وفي ما بين 2016 و2017 تم تنظيم 11 محاضرة و6 ندوات دولية ذات اهتمام اجتماعي. وتدلّ هذه الأرقام على أن ما تمّ تنظيمه من أنشطة علمية خلال العامين الأخيرين يفوق نصف ما تمّ تنظيمه على امتداد ست سنوات.
إن العلوم الاجتماعية في موريتانيا دخلت منذ 2009 مرحلة تاريخية جديدة من النواحي القانونية والتنظيمية والأكاديمية والبحثية
2- المواضيع ذات الأهمية الكبرى في البحوث العلمية الاجتماعية:
لقد انصب اهتمام الباحثين الاجتماعيين في موريتانيا، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود، على المواضيع ذات الصبغة الاجتماعية المتعلقة ببعض الظواهر التي تمثل تحدّيات كبرى للمجتمع والسلطات وبعض المنظمات الأهلية في موريتانيا. والآن، وبخصوص البحث العلمي الاجتماعي داخل مؤسسات التعليم العالي، يمكن أن نعدّد ما لا يقلّ عن ثلاثة وعشرين هيئة بحث من بين أولوياتها بحث المواضيع المتعلقة بالعلوم والثقافة والتراث في موريتانيا، كما أن جل البحوث المقدمة لإعداد شهادة الإجازة أو الماستر في العلوم الاجتماعية تتناول مواضيع مختلفة ولكنها كلها ذات صبغة اجتماعية بالغة الأهمية بالنسبة إلى المجتمع الموريتاني، ومن بينها ظواهر البطالة والعنف والطلاق والتسرب المدرسي، ومظاهر التغيرات الاجتماعية والهجرة ومشكلات العلاقة بين الدولة والقبيلة، ومسائل علاقة الدين بالمجتمع بالإرهاب...إلخ. ومنذ تركيز نظام إمد، شملت البحوث الاجتماعية التي تمت مناقشتها في المؤسسات الجامعية مالا يقل عن ثمانين موضوعا اجتماعيا له صبغة اجتماعية أو اقتصادية وثقافية وسياسية.
ومنذ 2010، وفي الأنشطة العلمية التي لها علاقة بقضايا المجتمع الموريتاني، تنظم الجامعة بمختلف هياكلها بصفة دورية سنوية ندوات تعالج القضايا ذات الأهمية الكبرى بالنسبة إلى المجتمع الموريتاني مثل الوحدة الوطنية، والتنوع الثقافي والمساواة، والتنمية المحلية، والتنمية الاجتماعية، والمجتمع والسياسة. وعموما تطرقت هذه الندوات المتخصصة، والتي يحضر فيها علم الاجتماع بصفة مكثفة، إلى ما لا يقل عن 40 موضوع اجتماعي يتم تناولها على صيغة المحاضرات العلمية أو الندوات النقاشية، وهي تنتظم داخل الحرم الجامعي. وعادة ما تختتم هذه الأنشطة، بعد استكمال المناقشات التي تثيرها، بتوصيات وتقارير تنفيذية يتم إيصالها إلى الجهات المعنية بالقضايا المطروقة، ولاسيما السلطات العمومية والمنظمات المدنية والأحزاب السياسية، سواء أكانت من الأغلبية أم من المعارضة.
وقد جعل المركز الموريتاني للبحث والدراسات في العلوم الإنسانية (مبدأ)، وكذلك المركز المغاربي للدراسات والبحوث الاستراتيجية مثلا، من أولوية أنشطتهما تنظيم الندوات العلمية والمحاضرات حول الوحدة الوطنية وقضية الرقّ، والصراع بين المعارضة والسلطة، والتحولات الاجتماعية...إلخ ومختلف قضايا الساعة الاجتماعية في المجتمع الموريتاني. ومنذ بداية الثورات العربية ينظم هذان المركزان ومراكز أخرى شبيهة، لقاءات حول القضايا التي تمس الشباب والمشاركة السياسية في موريتانيا، وذلك بهدف استطلاع الرأي العام حول وضعية الشباب وأولوية التحديات التي تواجه هذه الفئة، ولاسيما قضية التشغيل، وهي من القضايا الحارقة بالنسبة إلى المجتمع الموريتاني.
خاتمة
يمكن القول، إن العلوم الاجتماعية في موريتانيا دخلت منذ 2009 مرحلة تاريخية جديدة من النواحي القانونية والتنظيمية والأكاديمية والبحثية. وكان من نتائج هذه التحولات الكبرى التي مسّت مجال العلوم الاجتماعية أن صارت هذه العلوم تحتل أهمية أكبر بكثير مما كانت عليه في البحث العلمي وفي المجالين التربوي والتعليمي. وبالتوازي مع تزامن هذه التحولات مع التحولات الاجتماعية والسياسية الكبرى التي مست كل الأقطار العربية من دون استثناء تقريبا منذ 2010، أصبحت المقررات الدراسية الأكاديمية في علم الاجتماع والأنثربولوجيا ومناهجهما تدرّس لطلبة كل اختصاصات العلوم الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية (الاقتصاد، القانون، علم التسويق، الآداب، ... إلخ). ومنذ ذلك التاريخ (2010)، ازداد اهتمام البحوث الاجتماعية التي تنتظم في سياق هذه المساقات الدراسية الأكاديمية، كما زاد اهتمام الأنشطة العلمية الموازية بالقضايا الاجتماعية العامة التي تمس المجتمع الموريتاني ضمن اهتمام أشمل بما تشهده حياة المجتمعات العربية والإفريقية من تحولات تاريخية كبرى، كما يجب أن نذكر بأن المختصين الموريتانيين في علم الاجتماع، يقومون بدور مهم في الدراسات متعددة الاختصاصات، التي يتم إعدادها من طرف مكاتب الاستشارات أو بعض المنظمات الدولية والمحلية في موريتانيا.
أما في ما هو خارج عن المجال الأكاديمي البحت، فقد ازدادت معدلات ظهور المختصين في العلوم الاجتماعية في مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية عارضين وجهات نظرهم وباسطين تحاليلهم، ومستخدمين خبراتهم في تناول قضايا المجتمع بالعرض والتحليل والتفسير، ليُفْهِموا المواطنين والصحفيين والمسؤولين السياسيين والإداريين وغيرهم المشاكل والتحديات المطروحة في المجال، وبذلك ينهض بدوره الساعي إلى تنوير الرأي العام، واطلاعه على وجهة نظر المختص.
قائمة المراجع:
- ABDALLAHI – KHODJA, K., SADEGH, I., KEBAD, I. Éléments d’une stratégie d’action pour la relance de l’industrialisation en Mauritanie. PNUD – ONUDI, Juin 2003, 55 pages. http://www.un.mr/publications/ind-khodja-rapport.pdf
- Direction des Projets Education Formation, Programme National de Développement du Système Educatif II, Plan d’action triennal (2012-2014), Mai 2011, 134 pages. file:///C: /Users/lenovo/Downloads/2011-Mauritania-Education-Sector-Plan.pdf
- Université de Nouakchott Al Asriya (UNA), Plan Stratégique (2017-2121). http://www.una.mr/sites/default/files/PlanStrategique%2020172020.pdf
- Université de Nouakchott Al Asriya, Plan Stratégique de la faculté des Lettres et des Sciences Humaines (2017-2021). Août 2016
- Université des Sciences, de Technologies et de Médicine - Comité de Pilotage, Rapport d’autoévaluation de l’Université des Sciences, de Technologie et de Médecine (USTM) et ses composantes (FST, FM, et IUP), 61pages.
[1] نشر هذا المقال في مجلة ذوات الصادرة عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود، عدد 50
[2] يعرف هذا النظام المستنسخ عن النظام الأوروبي في تسميته العربية باسم إمد (إ= إجازة، م= ماجستير، د= دكتوراه) وبالمختصرات المقابلة في اللسان الفرنسي LMD. كما يعمد البعض إلى تسميته بعدد سنوات الدراسة فيه فيسميه 3، 5، 8 (3 عدد سنوات الإجازة، 5= بإضافة سنتي الماجستير، 8= بإضافة سنوات الدكتوراه الثلاث).
[3] وزارة التعليم العالي، الدليل الإحصائي للتعليم العالي في موريتانيا 2017، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، نواكشوط، 2017
[4] سلسلة مقابلات مع مسؤولي العديد من مراكز البحوث.
[5] حضرت هذا المواضيع ضمن البحوث التي تمت مناقشتها في عدة أقسام ما بين 2008 إلى 2016. إحصاء شخصي.