الفارابي
فئة : أعلام
اختلف المؤرّخون في نسبه واتفقوا في تسميته وشهرته؛ فهو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان وفق ابن أبي أصيبعة (ابن أبي أصيبعة، د.ت، ص 603)، وفي رواية ابن خلّكان: هو "أبو نصر محمّد بن محمّد بن طرخان بن أوزلغ الفارابي التركي الحكيم" (ابن خلكان، د.ت، مج5، ص 153). اشتُهر بلقب الفارابي نسبةً إلى فاراب، المدينة الواقعة في أرض خراسان، و فيها ولد حوالي سنة 257هـ/870م.
انتقل مع والده إلى بغداد، حيث نهل من علمائها مختلف العلوم (رياضيات، فقه، تفسير، لغات، موسيقى..)، وخاصة الفلسفة والمنطق، وكان من أبرز أساتذته أبو بشر متى بن يونس. ثُمَّ اتّجه إلى حرَّان وفيها تابع تحصيله الفلسفة والمنطق على يد يوحنا بن حيلان. ثُمَّ عاد إلى بغداد، لينكبّ على كتب أرسطو مستخرجا معانيها، دارسا متفحّصا، ومدرّسا، قبل الانتقال إلى حلب، ليعيش في كنف سيف الدولة الحمداني.
وقد لُقّب الفارابي بالمعلّم الثاني (بعد أرسطو المعلّم الأوّل). وكانت كتاباته وترجماته وشروحه منهلا لا محيد عنه للاحقيه من الفلاسفة العرب وغير العرب، إذ شكّلت إلى جانب مصنّفات ابن سينا وابن رشد المهاد النظري للنهضة الأوروبية، بما وفّرته لهم من شروح وإضافات على الفلسفة اليونانيَّة.
وقد عمل الفارابي على التوفيق والتقريب بَيْنَ الفلسفة وتعاليم الدين إيماناً منه بوحدتهما. ويبدو تأثّره واضحا بأفلاطون، خاصة في رسالته "رسالة في آراء أهل المدينة الفاضلة"، فعنده ينبغي أن يكون الممسك بمقاليد الحكم فيلسوفا حكيما، تتوفّر فيه جميع الفضائل التي تتوفّر في الأنبياء.
ولم تقتصر اهتماماته على علم بعينه أو فنّ، فقد كان متميّزا نابغة في علوم شتى، وتروى عنه أخبار أقرب إلى الخيال، من ذلك خبره في مجلس سيف الدولة حين عزف بآلة ابتكرها، وهي القانون، فأضحك الجميع، ثُمَّ عزف ثانية فأبكى الجميع، ثُمَّ عزف ثالثة فأنامهم، وتركهم نياماً وذهب.
وترك الفارابي الكثير من المصنّفات، نذكر منها: "إحصاء العلوم"، و"آراء أهل المدينة الفاضلة، و"التنبيه على سبيل السعادة، و"الجمع بَيْنَ رأيي الحكيمين؛ أفلاطون الإلهي وأرسطو"، و"السياسة المدنية"، و"تحصيل السعادة"، و"عيون المسائل"، و"كتاب الموسيقى الكبير"، و"مقالة في معاني العقل"..
وله من الشروح: "الآثار العلوية لأرسطو"، و"الأخلاق لأرسطو"، و"الألفاظ الأفلاطونية وتقويم السياسة الملوكيَّة والأخلاق"، و"البرهان لأرسطو"، و"الجدل لأرسطو"، و"الخطابة لأرسطو"، و"جوامع كتاب النواميس لأفلاطون"، و"شرح رسالة زينون الكبير اليوناني"، و"كتاب المجسطي لبطلميوس"..
توفّي الفارابي بدمشق سنة 339 هـ/950م.
انظر:
-ابن أبي أصيبعة، موفّق الدين أبو العبّاس أحمد. (د.ت). عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء. (نزار رضا، شرح وتحقيق). بيروت: دار مكتبة الحياة.
-ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد. (د.ت). وفيّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان. (إحسان عبّاس، محقّق). بيروت: دار صادر.
-زايد، سعيد. (2001). الفارابي. (ط.3). القاهرة: دار المعارف.
-طرابيشي، جورج. (2006). معجم الفلاسفة. (ط.3). بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر. ص ص 449-451